الجمعة، 21 ديسمبر 2012

موسوعة إعراب القرآن الكريم : إعراب سورة المائدة من الآية 50 إلى الآية 67

إعراب سورة المائدة من الآية 50 إلى الآية 67




 
.إعراب الآية رقم (50):{أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}.
الإعراب:
الهمزة للاستفهام الانكاريّ الفاء استئنافيّة (حكم) مفعول به مقدّم منصوب عامله يبغون (الجاهليّة) مضاف إليه مجرور (يبغون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل الواو عاطفة (من) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ (أحسن) خبر مرفوع (من اللّه) جارّ ومجرور متعلّق بأحسن (حكما) تمييز منصوب (لقوم) جارّ ومجرور متعلّق بنعت ل (حكما)، (يوقنون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة (يبغون): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (من أحسن...): لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة (يوقنون): في محلّ جرّ نعت لقوم.
الصرف:
(الجاهليّة)، إمّا الملّة الجاهليّة التي هي متابعة الهوى الموجبة للميل والمداهنة في الأحكام، وإمّا أن تكون على حذف مضاف أي أهل الجاهليّة. والكلمة نسبة إلى الجاهل وهو اسم فاعل من جهل يجهل باب فرح أو هي من نوع المصدر الصناعيّ الذي ينتهي بالياء المشدّدة والتاء المربوطة.
(يبغون)، فيه إعلال بالحذف بعد الإعلال بالتسكين، أصله يبغيون بضمّ الياء الثانيّة، استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الضمّة إلى الغين- إعلال بالتسكين- ولمّا التقى ساكنان حذفت الياء وزنه يفعون.
البلاغة:
1- خروج الاستفهام عن معناه الأصلي: في قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ، وقوله: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً) فالأول إنكار وتعجب من حالهم وتوبيخ لهم، وتقديم المفعول للتخصيص المفيد لتأكيد الإنكار والتعجيب لأن التولي عن حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وطلب حكم آخر عجيب، وطلب حكم الجاهلية أقبح وأعجب.
والثاني إنكار لأن يكون أحد حكمه أحسن من حكم اللّه تعالى، أو مساو له، كما يدل عليه الاستعمال وإن كان ظاهر السبك غير متعرض لنفي المساواة.
2- فن الإيغال: في قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) وهو فن طريف، وفحواه أن يستكمل المتكلم كلامه قبل أن يأتي بمقطعه، فإذا أراد الإتيان بذلك أتى بما يفيد معنى زائدا على معنى ذلك الكلام. وهو ضربان: إيغال تخيير وإيغال احتياط. وهو في هذه الآية إيغال تخيير.
فإن المعنى قد تم بقوله: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً) ولما احتاج الكلام إلى فاصلة تناسب ما قبلها وما بعدها، أتت تفيد معنى زائدا، لولاها لم يحصل، وذلك أنه لا يعلم أن حكم اللّه أحسن من كل حكم إلا من أيقن أنه واحد حكيم عادل، ولذلك عدل عن قوله: (يعلمون) إلى قوله: (يوقنون).
.إعراب الآية رقم (51):
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)}.
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها، (لا) ناهية جازمة (تتخذوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (اليهود) مفعول به أوّل منصوب (النصارى) معطوف على اليهود بالواو منصوب مثله وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (أولياء) مفعول به ثان منصوب (بعض) مبتدأ مرفوع و(هم) ضمير مضاف إليه (أولياء) خبر مرفوع (بعض) مضاف إليه مجرور الواو عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يتولّ) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة و(هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من فاعل يتولّى الفاء رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل والهاء ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (منهم) مثل منكم متعلّق بخبر إنّ (إنّ) مثل الأول (اللّه) لفظ الجلالة اسم إنّ (لا) نافية (يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء والفاعل هو (القوم) مفعول به منصوب (الظالمين) نعت للقوم منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة (يأيّها الذين...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (آمنوا): لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة (لا تتخذوا...): لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة (بعضهم أولياء...): لا محلّ لها اعتراضيّة- أو تعليليّة.
وجملة (من يتولّهم...): لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة (يتولّهم منكم): في محلّ رفع خبر المبتدأ (من).
وجملة (إنّه منهم): في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة (إنّ اللّه لا يهدي...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (لا يهدي...): في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(يتولّ)، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يتفعّ.
.إعراب الآية رقم (52):
{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (52)}.
الإعراب:
الفاء عاطفة (ترى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (في قلوب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدم و(هم) ضمير مضاف إليه (مرض) مبتدأ مؤخّر مرفوع (يسارعون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (في) حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يسارعون) على حذف مضاف أي في موالاتهم (يقولون) مثل يسارعون (نخشى) مثل ترى (أن) حرف مصدريّ ونصب (تصيب) مضارع منصوب و(نا) ضمير مفعول به (دائرة) فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّل (أن تصيبنا) في محلّ نصب مفعول به عامله نخشى.
الفاء استئنافيّة (عسى) فعل ماض ناقص جامد (اللّه) لفظ الجلالة اسم عسى مرفوع (أن يأتي) مثل أن تصيب، والفاعل هو (بالفتح) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتي).
والمصدر المؤوّل (أن يأتي) في محلّ نصب خبر عسى.
(أو) حرف عطف (أمر) معطوف على الفتح مجرور مثله (من عند) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لأمر والهاء ضمير مضاف إليه الفاء عاطفة سببيّة (يصبحوا) مضارع ناقص منصوب معطوف على (يأتي) وعلامة النصب حذف النون.. والواو اسم يصبح (على) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ، (أسرّوا) فعل ماض مبني على الضمّ والواو فاعل (نادمين) خبر أصبحوا منصوب وعلامة النصب الياء.
والمصدر المؤوّل (ما أسرّوا) في محلّ جرّ ب (على) متعلّق ب (نادمين).
جملة (ترى الذين...): لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّ اللّه لا يهدي.
وجملة (في قلوبهم مرض): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة (يسارعون): في محلّ نصب حال من الموصول.
وجملة (يقولون...): في محلّ نصب حال من فاعل يسارعون.
وجملة (نخشى...): في محلّ نصب مقول القول.
وجملة (تصيبنا دائرة): لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
وجملة (عسى اللّه...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (يأتي...): لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
وجملة (يصبحوا): لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة (أسروا): لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما).
الصرف (دائرة)، مؤنّث دائر وهو اسم فاعل من دار وزنه فاعل، وهو صفة غالبة يحذف معها الموصوف، وفي اللفظ إبدال حرف العلّة همزة لمجيء حرف العلّة بعد ألف فاعل، وهذا القلب مطّرد.
.إعراب الآية رقم (53):
{وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (53)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (يقول) مضارع مرفوع (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ..
والواو فاعل الهمزة للاستفهام (ها) حرف تنبيه (أولاء) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ (الذين) اسم موصول خبر (أقسموا) مثل آمنوا (باللّه) جارّ ومجرور متعلّق ب (أقسموا)، (جهد) مصدر في موضع الحال أي جاهدين، (أيمان) مضاف إليه مجرور و(هم) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و(هم) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ اللام لام القسم (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف خبر إنّ و(كم) ضمير مضاف إليه (حبطت) فعل ماض.. والتاء للتأنيث (أعمال) فاعل مرفوع و(هم) مضاف إليه الفاء عاطفة (أصبحوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم أصبح (خاسرين) خبر مرفوع.
جملة (يقول الذين...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (آمنوا): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة (هؤلاء الذين...): في محلّ نصب مقول القول.
وجملة (أقسموا...): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة (إنهم لمعكم): لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة (حبطت أعمالهم): لا محلّ لها استئنافيّة، وهي من كلام اللّه تعالى لا من كلام المؤمنين.
وجملة (أصبحوا خاسرين): لا محلّ لها معطوفة على جملة حبطت أعمالهم.
الصرف:
(جهد) مصدر سماعيّ لفعل جهد يجهد باب فتح، وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة:
فن الإغراب والطرفة: في قوله تعالى: (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) وهو على ثلاثة أقسام:
1- قسم يكون الإغراب منه في اللفظ وهو كثير.
2- قسم يكون الإغراب منه في المعنى.
3- قسم لا يكون الإغراب في معناه ولا في ظاهر لفظه، بل في تأويله، وهو الذي إذا حمل على ظاهره كان الكلام معيبا وإذا تؤوّل رده التأويل إلى نمط من الكلام الفصيح، فأماط عن ظاهره العيب.
والآية الكريمة منه، فإن لقائل أن يقول: إن لفظة (أصبحوا) في الظاهر حشو لا فائدة فيه، فإن هؤلاء المخبر عنهم بالخسران قد أمسوا في مثل ما أصبحوا، ومتى قلت: أصبح العسل حلوا، كانت لفظة أصبح زائدة من الحشو الذي لا فائدة فيه، لأنه أمسى كذلك. وقد تحيل الرماني لهذه اللفظة في تأويل تحصل به الفائدة الجليلة التي لولا مجيئها لم تحصل، وهي أنه لما قال، لما كان العليل الذي بات مكابدا آلاما شديدة تعتبر حاله عند الصباح، فإذا أصبح مفيقا مستريحا من تلك الآلام رجي له الخير وغلب الظن برؤه وإفاقته من ذلك المرض وإذا أصبح كما أمسى تعيّن هلاكه.. وعلى هذا تكون لفظة (أصبحوا) قد أفادت معنى حسنا جميلا، وخرجت على كونها حشوا غير مفيد.
الفوائد:
المنافقون واليهود..
نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن أبي وأصحابه، حيث كانوا يسارعون في موالاة اليهود والتقرب منهم، مبررين ذلك بأنهم يخافون أن يصيبهم مكروه، ويعنون بذلك ألا يتم أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم فيدور عليهم الأمر كما كان قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم ونستفيد من هذه الآية أن المنافقين لا يعوّل عليهم في شيء ولا يعتمد عليهم في أمر فهم متأرجحون. مرجفون خائفون مضطربون، لا يثبتون على حال ويقولون ما لا يفعلون، فهم أبطنوا الكفر وأظهروا الإسلام وحاربوه في السر وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ.
فهم أصعب من العدو الظاهر وأشد خطرا من غيرهم.
.إعراب الآية رقم (54):{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (54)}.
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها، (من يرتدّ منكم) مثل من يتولّهم منكم، (عن دين) جارّ ومجرور متعلّق ب (يرتدّ)، والهاء ضمير مضاف إليه الفاء رابطة لجواب الشرط (سوف) حرف استقبال (يأتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بقوم) جارّ ومجرور متعلّق به (يأتي)، (يحبّ) مثل يأتي و(هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو الواو عاطفة (يحبّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل والهاء ضمير مفعول به (أذلّة) نعت لقوم مجرور مثله (على المؤمنين) جارّ ومجرور متعلّق بأذلّة وقد ضمّن معنى عاطفين، وعلامة الجرّ الياء (أعزّة) نعت ثان لقوم مجرور مثله (على الكافرين) مثل على المؤمنين (يجاهدون) مثل يحبّون (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب (يجاهدون) (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه الواو عاطفة (لا) نافية (يخافون) مثل يحبّون (لومة) مفعول به منصوب (لائم) مضاف إليه مجرور. (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. واللام للبعد والكاف للخطاب (فضل) خبر مرفوع (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (يؤتي) مثل يأتي والهاء ضمير مفعول به، والفاعل هو أي اللّه (من) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به ثان (يشاء) مضارع مرفوع، والفاعل هو أي اللّه الواو استئنافيّة (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (واسع) خبر مرفوع (عليم) خبر ثان مرفوع.
جملة النداء (يأيّها الذين): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (آمنوا): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة (من يرتدّ...): لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة (يرتدّ...): في محلّ رفع خبر المبتدأ (من).
وجملة (يأتي اللّه): في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة (يحبّهم): في محلّ جرّ نعت لقوم.
وجملة (يحبّونه): في محلّ جرّ معطوفة على جملة يحبّهم.
وجملة (يجاهدون...): في محلّ جر نعت آخر لقوم.
وجملة (لا يخافون...): في محلّ جر معطوفة على جملة يجاهدون.
وجملة (ذلك فضل اللّه): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (يؤتيه...): في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ ذا..
وجملة (يشاء): لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة (اللّه واسع...): لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(لومة)، مصدر مرّة من لام يلوم باب نصر، وزنه فعلة بفتح الفاء.
(لائم)، اسم فاعل من لام الثلاثيّ وزنه فاعل، وفيه قلب الواو همزة لمجيئها بعد ألف فاعل وأصله لاوم، وهذا القلب مطّرد في كلّ فعل معتلّ.
البلاغة:
الطباق: بين أذلة وأعزّة..
الفوائد:
اقتران جواب الشرط بالفاء..
في هذه الآية اقترن جواب الشرط بالفاء بقوله تعالى: (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) وهنا وجب اقترانه بالفاء لوقوع سوف في الجواب ولعله من المفيد أن نذكر بحالات وجوب اقتران جواب الشرط بالفاء وهي:
1- إذا كان الجواب جملة أسميه كقوله تعالى: (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى).
2- إذا كان الجواب جمله طلبية فعلها أمر أو مضارع مقترن بلام الأمر أو لا الناهية كقوله تعالى: (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً).
3- أن يكون فعل الجواب جامدا كقولنا: إن أحسنت فعسى أن يحبك الناس.
4- أن يكون مقترنا ب (ما) كقولنا: إن عاقبت المسيء فما قصّرت.
.إعراب الآية رقم (55):
{إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (55)}.
الإعراب:
(إنّما) كافّة ومكفوفة (وليّ) مبتدأ مرفوع و(كم) ضمير مضاف إليه (اللّه) لفظ الجلالة خبر مرفوع الواو عاطفة (رسول) معطوف على لفظ الجلالة مرفوع والهاء ضمير مضاف إليه الواو عاطفة (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع معطوف على لفظ الجلالة (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (الذين) مثل الأول بدل منه- أو نعت له- (يقيمون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (الصلاة) مفعول به منصوب الواو عاطفة (يؤتون الزكاة) مثل يقيمون الصلاة الواو حاليّة (هم) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (راكعون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة (إنما وليّكم اللّه): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (آمنوا): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة (يقيمون...): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة (يؤتون...): لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة الثانية.
وجملة (هم راكعون): في محلّ نصب حال.
الفوائد:
الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل..
دلت هذه الآية على أن الإيمان ليس دعوى يتغنى بها اللسان بل لابد لها من رصيد في السلوك والعمل حتى تكون دعوى صادقة ودل على ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)... فلابد للإيمان من سلوك عملي يترجمه ويكون دليلا عليه، وفيه تمييز للمؤمنين عن المنافقين الذين يدّعون الإيمان ولا يحافظون على الصلاة ولا يؤتون الزكاة.
.إعراب الآية رقم (56):
{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (56)}.
الإعراب:
الواو عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يتولّ) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللّه) لفظ الجلالة مفعول به منصوب الواو عاطفة في الموضعين (رسول، الذين) اسمان معطوفان على لفظ الجلالة بحرفي العطف تبعاه في حالة النصب والهاء ضمير مضاف إليه (آمنوا) مثل المتقدّم في الآية السابقة الفاء رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (حزب) اسم إنّ منصوب (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (هم) ضمير فصل، (الغالبون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة (من يتولّ...): لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة في السابقة.
وجملة (يتولّ اللّه...): في محلّ رفع خبر المبتدأ (من).
وجملة (آمنوا): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة (إنّ حزب اللّه...): في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(يتولّ)، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يتفّع.
(حزب)، اسم جمع لا مفرد له من لفظه، جمعه أحزاب، وزنه فعل بكسر فسكون.
.إعراب الآيات (57- 58):
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (58)}.
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبني على الضمّ في محلّ نصب (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب بدل من أيّ أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (لا) ناهية جازمة (لا تتخذوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون..
والواو فاعل (الذين) مثل الأول في محلّ نصب مفعول به أول (اتّخذوا) مثل آمنوا (دين) مفعول به أوّل عامله اتّخذوا، منصوب و(كم) ضمير مضاف إليه (هزوا) مفعول به ثان منصوب الواو عاطفة (لعبا) معطوف على (هزوا) منصوب (من) حرف جرّ (الذين) مثل الأول في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من فاعل اتّخذوا (أوتوا) فعل ماض مبني على الضمّ، مبني للمجهول.. والواو نائب فاعل (الكتاب) مفعول به منصوب (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (أوتوا)، و(كم) ضمير مضاف إليه الواو عاطفة (الكفار) معطوف على الموصول الثاني تبعه في حالة النصب (أولياء) مفعول به ثان عاملة تتّخذوا، منصوب، وهو ممنوع من التنوين لأنه ملحق بالاسم الممدود على وزن أفعلاء الواو عاطفة (اتّقوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (اللّه) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط. و(تم) ضمير اسم كان (مؤمنين) خبر كنتم منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة النداء (يأيّها الذين...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (آمنوا): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة (لا تتّخذوا...): لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة (اتّخذوا...): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة (أوتوا...): لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثالث.
وجملة (اتّقوا...): لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة (كنتم مؤمنين): لا محلّ لها استئنافيّة، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي فاتّقوا اللّه.
(58) الواو عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبني في محلّ نصب متعلّق ب (اتخذوا) (ناديتم) فعل ماض مبني على السكون.. و(تم) ضمير فاعل (إلى الصلاة) جارّ ومجرور متعلّق ب (ناديتم)، (اتّخذوا) مثل آمنوا و(ها) ضمير مفعول به أوّل (هزوا ولعبا) مثل الأولى (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ والإشارة إلى الفعل منهم.. اللام للبعد والكاف للخطاب الباء حرف جرّ (أنّ) حرف مشبّه بالفعل و(هم) ضمير متّصل مبني في محلّ نصب اسم أنّ (قوم) خبر أنّ مرفوع (لا) نافية (يعقلون) مضارع مرفوع والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أنّهم قوم..) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ذلك.
وجملة (ناديتم...): في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة (اتّخذوها...): لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة (ذلك بأنّهم...): لا محلّ لها استئنافيّة في حكم التعليل.
وجملة (لا يعقلون): في محلّ رفع نعت لقوم.
.إعراب الآية رقم (59):
{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (59)}.
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (يا) أداة نداء (أهل) منادى مضاف منصوب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (هل) حرف استفهام متضمّن معنى النفي (تنقمون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل (من) حرف جرّ و(نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تنقمون) متضمّنا معنى تكرهون (إلّا) أداة حصر (أن) حرف مصدريّ فقط (آمنّا) فعل ماض مبني على السكون وفاعله (باللّه) جارّ ومجرور متعلّق ب (آمنا).
والمصدر المؤوّل (أن آمنّا) في محلّ نصب مفعول به عامله تنقمون أي: تنقمون منّا إيماننا باللّه.
الواو عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ معطوف على لفظ الجلالة (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (إلى) حرف جرّ و(نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل)، الواو عاطفة (ما أنزل) مثل الأولى ومعطوفة عليها (من) حرف جرّ (قبل) اسم مبني على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) الثاني الواو عاطفة (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (أكثر) اسم أنّ منصوب و(كم) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (فاسقون) خبر أنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
والمصدر المؤوّل (أنّ أكثركم فاسقون) في محلّ جرّ معطوف على لفظ الجلالة أي تنقمون منّا إيماننا باللّه وبأنّ أكثركم فاسقون.
جملة (قل): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة النداء (يا أهل الكتاب): في محلّ نصب مقول القول.
وجملة (هل تنقمون): لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة (آمنّا...): لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
وجملة (أنزل إلينا): لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة (أنزل من قبل): لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
البلاغة:
توكيد المدح بما يشبه الذم: فإن الاستثناء بعد الاستفهام الجاري مجرى التوبيخ، على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان، يوهم بأن يأتي بعد الاستفهام ما يجب أن ينقم على فاعله بما يذم به، فلما أتى بعد الاستفهام ما يوجب مدح فاعله كان الكلام متضمنا تأكيد المدح بما يشبه الذم.
.إعراب الآية رقم (60):{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (60)}.
الإعراب:
(قل هل) مرّ إعرابهما، (أنبئ) مضارع مرفوع و(كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (بشرّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنبّئكم)، (من) حرف جرّ (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ متعلّق بشرّ. واللام للبعد والكاف للخطاب (مثوبة) تمييز منصوب، (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بنعت لمثوبة (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (من) اسم موصول مبني في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، (لعن) فعل ماض والهاء ضمير مفعول به (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع الواو عاطفة (غضب) مثل لعن والفاعل هو (على) حرف جرّ والهاء ضمير مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (غضب)، الواو عاطفة (جعل) مثل لعن (من) حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (جعل)، (القردة) مفعول به منصوب الواو عاطفة (الخنازير) معطوف على القردة منصوب مثله الواو عاطفة (عبد) مثل لعن (الطاغوت) مفعول به منصوب (أولئك) اسم إشارة مبني على الكسر في محلّ رفع مبتدأ. والكاف للخطاب (شرّ) خبر مرفوع (مكانا) تمييز منصوب الواو عاطفة (أضلّ) معطوف على شرّ مرفوع (عن سواء) جارّ ومجرور متعلّق ب (أضل) (السبيل) مضاف إليه مجرور.
جملة (قل...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (أنبّئكم...): في محلّ نصب مقول القول.
وجملة (هو) من لعنه اللّه): لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة (لعنه اللّه): لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة (غضب...): لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة (جعل...): لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة (عبد الطاغوت): لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة (أولئك شرّ...): لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(أضلّ)، اسم تفضيل من ضلّ يضلّ باب ضرب، وزنه أفعل.
البلاغة:
1- وضع الظاهر موضع المضمر: في قوله تعالى: (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ) فوضع الاسم الجليل موضع الضمير لتربية المهابة وإدخال الروعة وتهويل أمر اللعن.
2- التهكم: في قوله: (مثوبة) فاستعمالها هنا في الشر على طريقة التهكم كقوله: (تحية بينهم ضرب وجيع).
3- الكناية: في قوله تعالى: (أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً) فإثبات الشرارة لمكانهم ليكون أبلغ في الدلالة على شرارتهم، فقد صرحوا أن إثبات الشرارة لمكان الشيء كناية عن إثباتها له، كقولهم: سلام على المجلس العالي والمجد بين برديه، فكأن شرهم أثر في مكانهم، أو عظم حتى صار مجسما.
ويجوز أن يكون الاسناد مجازيا كمجرى النهر.
الفوائد:
فائدة حول اسم التفضيل..
1- نحن نعلم بأن اسم التفضيل يصاغ من الفعل الثلاثي- التام (أي غير الناقص) المثبت (غير المنفي) المتصرف (غير الجامد) المبني للمعلوم، القابل للتفاوت، ليس الوصف منه على وزن أفعل. يصاغ اسم التفضيل من الفعل المستوفي لهذه الشروط على وزن أفعل، وهو يدل على أن شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما على الآخر، كقوله تعالى: (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً) وقد شذ ثلاثة أسماء ليست على هذا الوزن وهي: (أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً) وكلمة حبّ كقول الشاعر:
وحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا

مع العلم أنه يجوز في هذه الأخيرة استعمالها على أصلها في القاعدة فيجوز أن أقول أنت أحب إليّ من زيد.
2- أوجه القراءة بقوله تعالى: (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ).
أورد أبو البقاء العكبري الأوجه المختلفة لقراءة (عبد الطاغوت) الواردة في الآية الكريمة نوردها على سبيل شد انتباه القارئ إلى هذه الوجوه:
1- يقرأ بفتح العين والباء ونصب الطاغوت، على أنه فعل معطوف على لعن والطاغوت مفعول به.
2- يقرأ بفتح العين وضم الباء وجر الطاغوت، وعبد هنا اسم، وهو في معنى الجمع، وما بعده مجرور بإضافته إليه وهو منصوب بجعل.
3- ويقرأ بضم العين والباء ونصب الدال وجر ما بعده، وهو جمع عبد مثل سقف وسقف، أو عبيد مثل قتيل وقتل أو، عابد مثل نازل ونزل، أو عباد مثل كتاب وكتب، فيكون جمع جمع مثل ثمار وثمر.
4- ويقرأ عبّد الطاغوت، بضم العين وفتح الباء وتشديدها، مثل ضارب وضرّب.
5- ويقرأ عبّاد الطاغوت مثل صائم وصوّام.
6- ويقرأ عباد الطاغوت، وهو ظاهر، مثل صائم وصيام.
7- ويقرأ وعابد الطاغوت وعبد الطاغوت على أنه صفة مثل حطم.
8- ويقرأ وعبد الطاغوت، على بنائه للمجهول، والطاغوت نائب فاعل.
9- ويقرأ وعبد الطاغوت مثل ظرف ويقرأ وعبدوا على أنه فعل والواو.
والطاغوت مفعول به منصوب.
10- ويقرأ وعبدة الطاغوت وهو جمع عابد مثل قاتل وقتلة.

.إعراب الآية رقم (61):
{وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (61)}.
الإعراب:
الواو عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبني في محلّ نصب متعلّق ب (قالوا) (جاؤوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل و(كم) ضمير مفعول به (قالوا) مثل جاؤوا (آمنا) فعل ماض وفاعله الواو حاليّة (قد) حرف تحقيق (دخلوا) مثل جاؤوا (بالكفر) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل دخلوا، والباء للمصاحبة الواو عاطفة، (هم) ضمير مبني في محلّ رفع مبتدأ (قد خرجوا به) مثل قد دخلوا بالكفر الواو استئنافيّة (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (أعلم) خبر مرفوع الباء حرف جرّ (ما) اسم موصول في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (أعلم)، (كانوا) فعل ماض ناقص مبني على الضمّ والواو اسم كان (يكتمون) مضارع مرفوع والواو فاعل.
جملة (جاؤوكم): في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة (قالوا...): لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة (آمنا): في محلّ نصب مقول القول.
وجملة (قد دخلوا...): في محلّ نصب حال من فاعل قالوا.
وجملة (هم قد خرجوا...): في محلّ نصب حال معطوفة على جملة قد دخلوا.
وجملة (قد خرجوا...): في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم).
وجملة (اللّه أعلم...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (كانوا يكتمون): لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة (يكتمون): في محلّ نصب خبر كانوا.
الصرف:
(أعلم)، صفة مشتقّة بمعنى عالم وليس فيه معنى التفضيل.
.إعراب الآية رقم (62):
{وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (62)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (ترى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (كثيرا) مفعول به منصوب (من) حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (كثيرا)، (يسارعون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (في الإثم) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسارعون) بتضمينه معنى يقعون سريعا (العدوان) معطوف على الإثم بالواو مجرور مثله الواو عاطفة (أكل) معطوف على الإثم مجرور و(هم) ضمير مضاف إليه (السحت) مفعول به للمصدر أكل منصوب اللام لام القسم لقسم مقدّر (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذمّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل بئس، (كانوا يعملون) مثل كانوا يكتمون.
جملة (ترى): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (يسارعون...): في محلّ نصب حال من كثيرا أو نعت ثان له.
وجملة (بئس ما كانوا...): لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة (كانوا يعملون): لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة (يعملون): في محلّ نصب خبر كانوا.
الفوائد:
من أسرار البيان في القرآن الكريم..
ورد في الآية قوله تعالى: (يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) نحن نعلم بأن المسارعة في الشيء المبادرة إليه بسرعة ولكن لفظة المسارعة إنما تستعمل في الخير، ومنه قوله تعالى: (يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ)، وضدها العجلة وتقال في الشر في الأغلب، وإنما ذكرت لفظة المسارعة في الآية لفائدة، وهي أنهم كانوا يقدمون على هذه المنكرات كأنها خيرات في نظرهم فجاء التعبير موافقا لحالهم ومفهومهم.
.إعراب الآية رقم (63):
{لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (63)}.
الإعراب:
(لولا) أداة تحضيض بمعنى هلّا فيها معنى التوبيخ (ينهى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدرة على الألف و(هم) ضمير مفعول به (الربّانيّون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو الواو عاطفة (الأحبار) معطوف على قبله مرفوع مثله (عن قول) جارّ ومجرور متعلّق ب (ينهى)، و(هم) ضمير مفعول به (الإثم) مفعول به للمصدر قول منصوب الواو عاطفة (أكلهم السحت) مثل قولهم الإثم (لبئس ما كانوا يصنعون) مثل السابقة.
جملة (ينهاهم الربانيّون): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (بئس ما كانوا...): لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة (كانوا يصنعون): لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة (يصنعون): في محلّ نصب خبر كانوا.
الفوائد:
قوله تعالى: (لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ).
- لولا في هذه الآية بمعنى هلا وتعرب أداة حض، وسنعرض أهم ما يتعلق بهذه الأداة.
1- تأتي حرف امتناع لوجود، وتدخل على جملة اسمية، يليها جملة فعلية نحو لولا زيد لأكرمتك فقد امتنع الإكرام لوجود زيد. ويعرب الاسم بعدها مبتدأ والخبر محذوف تقديره كائن، هذا إن كان الخبر كونا عاما أما إن كان كونا خاصا فيجب ذكره نحو: لولا قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة، لولا العدو سالمنا لما توقفنا عن القتال.
2- إذا ولي لولا ضمير فحقه أن يكون ضمير رفع نحو قوله تعالى: (لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) وسمع قليلا لولاي ولولاك ولولاه خلافا للمبرد.
ثم قال سيبويه والجمهور: هي جارة للضمير مختصة به كما اختصت حتى والكاف بالظاهر، ولا تتعلق لولا بشيء، وموضع المجرور بها رفع بالابتداء والخبر محذوف، فإذا عطفت عليه اسما ظاهرا نحو لولاك وزيد تعين رفعه لأنها لا تخفض الظاهر.
3- وتأتي أداة حض وعرض فتختص في المضارع أو ما في تأويله نحو: (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ) (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ).
4- وتأتي للتوبيخ فتختص بالماضي نحو: (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ).
5- الاستفهام: كقوله تعالى: (لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) وهذا وجه ضعيف قاله الهروي والأقوى أنها للتوبيخ.
2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
اشتملت هذه الآية على قاعدة عظيمة، وهي وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما بينت بأن العلماء أول من يحمل هذه المسؤولية، وأن تخلي العلماء عن ذلك إثم كبير وهي تدل على أن تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه. قال ابن عباس ما في القرآن أشد توبيخا من هذه الآية ويقول الضحاك ما في القرآن آية أخوف عندي منها.
.إعراب الآية رقم (64):{وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (قال) فعل ماض والتاء للتأنيث (اليهود) فاعل مرفوع (يد) مبتدأ مرفوع (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (مغلولة) خبر مرفوع (غلّت) فعل ماض مبني للمجهول. والتاء للتأنيث (أيدي) نائب فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء و(هم) ضمير مضاف إليه الواو عاطفة (لعنوا) ماض مبني للمجهول مبني على الضمّ.. والواو نائب فاعل الباء حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ، (قالوا) فعل فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (ما قالوا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (لعنوا)، والباء سببيّة.
(بل) للإضراب الإبطاليّ وللابتداء (يدا) مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الألف وحذفت النون للإضافة والهاء مضاف إليه (مبسوطتان) خبر مرفوع وعلامة الرفع الألف (ينفق) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (كيف) اسم شرط غير جازم مبني في محلّ نصب حال (يشاء) مضارع مرفوع، والفاعل هو. الواو استئنافيّة اللام لام القسم لقسم مقدّر (يزيدنّ) مضارع مبني على الفتح في محلّ رفع.. والنون نون التوكيد، (كثيرا) مفعول به أوّل منصوب (من) حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (كثيرا) (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل (أنزل) مثل غلّت، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (إلى) حرف جرّ والكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل)، (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل)، والكاف مضاف إليه (طغيانا) مفعول به ثان منصوب عامله يزيدنّ الواو عاطفة (كفرا) معطوف على (طغيانا) منصوب الواو عاطفة (ألقينا) فعل ماض مبني على السكون وفاعله (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (ألقينا)، و(هم) مضاف إليه (العداوة) مفعول به منصوب (البغضاء) معطوف على العداوة بالواو منصوب مثله (إلى يوم) جارّ ومجرور متعلّق ب (ألقينا)، (القيامة) مضاف إليه مجرور (كلّما) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب (أوقدوا) مثل قالوا (نارا) مفعول به منصوب (للحرب) جارّ ومجرور متعلّق بنعت ل (نارا)، (أطفأ) فعل ماض و(ها) ضمير مفعول به (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع الواو عاطفة (يسعون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسعون)، (فسادا) مصدر في موضع الحال أي يسعون مفسدين، الواو استئنافيّة (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (لا) نافية (يحبّ) مثل ينفق (المفسدين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة (قالت اليهود): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (يد اللّه مغلولة): في محلّ نصب مقول القول.
وجملة (غلّت أيديهم): لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة (لعنوا): لا محلّ لها معطوفة على الاعتراضيّة.
وجملة (قالوا...): لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما).
وجملة (يداه مبسوطتان): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (ينفق...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (يشاء): لا محلّ لها استئنافيّة وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: كيف يشاء أن ينفق ينفق.
وجملة (يزيدنّ...): لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة (أنزل إليك): لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة (ألقينا...): لا محلّ لها معطوفة على جملة قالت اليهود.
وجملة (أوقدوا...): في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة (أطفأها اللّه): لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة (يسعون): لا محلّ لها معطوفة على جملة ألقينا...
وجملة (اللّه لا يحبّ...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (لا يحبّ...): في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللّه).
الصرف:
(يد) اسم جامد حذفت لامه وهي الياء، جمعه أيدي ويدي بضمّ الياء الأولى.
(مغلولة)، مؤنّث مغلول، اسم مفعول من غلّ الثلاثيّ، وزنه مفعول.
(مبسوطتان)، مثّنى مبسوطة مؤنّث مبسوط، اسم مفعول من بسط الثلاثيّ على وزن مفعول.
(العداوة)، الاسم من المعاداة مأخوذة من عاداه، وزنه فعالة بفتح الفاء.
(البغضاء)، الاسم من التباغض أو المباغضة، وزنه فعلاء بفتح الفاء.
البلاغة:
1- المشاكلة: في قوله تعالى: (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) فهو دعاء عليهم بالبخل المذموم والمسكنة أو بالفقر والنكد أو بغل الأيدي حقيقة بأن يكونوا أسارى مغلولين في الدنيا ويسحبوا إلى النار بأغلالها في الآخرة فتكون المطابقة حينئذ من حيث اللفظ وملاحظة المعنى الأصلي كما في سبني سب اللّه دابره.
2- الكناية: في قوله تعالى: (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ) فإيقاد النار كناية عن إرادة الحرب، وقد كانت العرب إذا تواعدت للقتال جعلوا علامتهم إيقاد نار على جبل أو ربوة ويسمونها نار الحرب، وإطفاؤها عبارة عن دفع شرهم، وإضافة الإطفاء إليه تعالى إضافة المسبب إلى السبب الأصلي.
3- الطباق: بين الإيقاد والإطفاء...
الفوائد:
- لؤم اليهود وعنادهم..
نزلت هذه الآية في (فنحاص) اليهودي قال ابن عباس إن اللّه كان قد بسط على اليهود حتى كانوا أكثر الناس أموالا وأخصبهم ناحية فلما عصوا اللّه ومحمدا صلى اللّه عليه وسلم وكذبوا به كف عنهم ما بسط عليهم من السعة، فعند ذلك قال فنحاص يد اللّه مغلولة يعني محبوسة مقبوضة عن الرزق، وعند ما لم ينهه بقية اليهود ورضوا بقوله لا شك أن اللّه تعالى أشركهم معه في هذه المقالة.
- كيد اليهود في تضليل..
أكدت الآية بأن كيد اليهود وتدبيرهم لن يكتب له النجاح وأنهم كلما ساروا في طريق الحرب والمعارك فإنهم سيرجعون خائبين. وتأكد ذلك بقوله تعالى: (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ) ولا يغترنّ أحد بربحهم بعض الجولات في قتالنا فالأمور بعواقبها وخواتيمها وستكون الخاتمة وبالا عليهم وخسرانا، فهذه بشارة الآية الكريمة، وإلى جانبها بشارة النبي صلى اللّه عليه وسلم في حديثه الوارد في صحيح مسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، فينطق الحجر والشجر فيقول: يا مسلم إن ورائي يهوديا تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود».
- قول في اليد:
قالوا اليد في اللغة تذكر على وجوه، أحدها الجارحة وهي معلومة، وثانيها النعمة يقال لفلان عندي يد أشكره عليها، وثالثها القدرة، قال اللّه تعالى: (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) فسّروها بذوي القوى والعقول، ويقال لا يد لك بهذا الأمر، والمعنى سلب كمال القدرة، ورابعها الملك، يقال هذه الضيعة في يد فلان، أي في ملكه، ومنه قوله تعالى: (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) أي يملك ذلك.
.إعراب الآيات (65- 66):
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (66)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (لو) حرف شرط غير جازم (أنّ) حرف مشبّه بالفعل (أهل) اسم أنّ منصوب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل الواو عاطفة (اتّقوا) مثل آمنوا اللام واقعة في جواب لو (كفّرنا) فعل ماض مبني على السكون وفاعله (عن) حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (كفّرنا)، (سيّئات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و(هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أنّ أهل الكتاب آمنوا) في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت أي: لو ثبت إيمان أهل الكتاب.
الواو عاطفة (لأدخلنا) مثل لكفّرنا و(هم) ضمير مفعول به أوّل (جنّات) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الكسرة (النعيم) مضاف إليه مجرور.
جملة (ثبت) إيمان أهل الكتاب): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (آمنوا): في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة (اتّقوا): في محلّ رفع معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة (كفّرنا...): لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة (أدخلناهم...): لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
(66) الواو عاطفة (لو أنّهم أقاموا التوراة) مثل نظيرتها المتقدّمة الواو عاطفة (الإنجيل) معطوف على التوراة منصوب الواو عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب معطوف على التوراة (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على ما (إليهم) مثل عنهم متعلّق ب (أنزل)، (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل)، و(هم) ضمير مضاف إليه اللام واقعة في جواب لو (أكلوا) مثل آمنوا (من فوق) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من مفعول أكلوا المقدّر، و(هم) ضمير مضاف إليه الواو عاطفة (من تحت) مثل من فوق ويتعلّق بما تعلّق به (أرجل) مضاف إليه مجرور و(هم) ضمير مضاف إليه (منهم) مثل عنهم متعلّق بخبر مقدّم (أمّة) مبتدأ مؤخّر مرفوع (مقتصدة) نعت لأمّة مرفوع الواو عاطفة (كثير) مبتدأ مرفوع، (منهم) مثل عنهم متعلّق بمحذوف نعت لكثير (ساء) فعل ماض لإنشاء الذمّ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو (ما) نكرة موصوفة في محلّ نصب تمييز لضمير الفاعل، (يعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة (ثبت) إقامتهم التوراة): لا محلّ لها معطوفة على جملة ثبت إيمان....
وجملة (أقاموا): في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة (أنزل إليهم): لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة (أكلوا...): لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة (منهم أمّة...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (كثير منهم ساء...): لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة الأخيرة.
وجملة (ساء...): في محلّ رفع خبر المبتدأ (كثير).
وجملة (يعملون): في محلّ نصب نعت ل (ما).
الصرف:
(النعيم)، اسم بمعنى رغد العيش، وزنه فعيل.
(مقتصدة)، مؤنّث مقتصد، اسم فاعل من اقتصد الخماسّي، وزنه مفتعل بضمّ الميم وكسر العين.
البلاغة:
1- الإيجاز بالحذف: وهو هنا في موضعين..
أ- حذف المضاف في قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) أي أقاموا أحكامها وحدودها وما فيهما من نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
ب- حذف المفعول به في قوله تعالى: (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) فمفعول أكلوا محذوف لقصد التعميم، أو للقصد إلى نفس الفعل كما في قوله: فلان يعطي ويمنع.
.إعراب الآية رقم (67):
{يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (67)}.
الإعراب:
(يأيّها) مرّ إعرابها، (الرسول) نعت لأيّ تبعه في الرفع لفظا، أو بدل منه (بلّغ) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى) حرف جرّ والكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل)، والكاف مضاف إليه الواو عاطفة (إن) حرف شرط جازم (لم) حرف نفي (تفعل) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت الفاء رابطة لجواب الشرط (بلّغت) فعل ماض مبني على السكون.. والتاء فاعل (رسالة) مفعول به منصوب والهاء ضمير مضاف إليه الواو عاطفة (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يعصم) مضارع مرفوع، والكاف ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من الناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (يعصم)، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (اللّه) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (لا) نافية (يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل هو (القوم) مفعول به منصوب (الكافرين) نعت للقوم منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة (يأيّها الرسول...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (بلّغ...): لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة (أنزل إليك): لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة (لم تفعل....): لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة (بلّغت...): في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة (اللّه يعصمك...): لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة (يعصمك...): في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللّه).
وجملة (إنّ اللّه...): لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة (لا يهدي...): في محلّ رفع خبر إنّ.
البلاغة:
قوله تعالى: (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) أي وإن لم تفعل فما فعلت.
ففي اتحاد الشرط والجواب سرّ منقطع النظير، حيث أراد المولى سبحانه وتعالى أن يتحدا، لأن عدم تبليغ الرسالة أمر معلوم عند الناس، مستقر في الأفهام أنه عظيم شنيع ينقم على مرتكبه، ولأن عدم نشر العلم في العالم أمر يستوجب المذمة، فما بالك بالرسالة؟ فجعل الجزاء عين الشرط ليتضح مدى الاهتمام بالتبليغ.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ