الاثنين، 3 ديسمبر 2012

تقدم الأمم بشعوبها لا بحكامها والقرآن لا يكذب

تقدم الأمم بشعوبها لا بحكامها والقرآن لا يكذب

يقول تعالى فى سورة آل عمران ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ) ويقول جلت قدرته فى سورة التوبة ( لقد نصركم الله فى مواطن كثيرة ويوم حنين  ) ويقول تعالى فى سورة محمد ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )
وجاءت كلمة النصر فى القرآن الكريم بلفظ الجمع فى ألفاظ متعددة ( نصرناهم - نصرهم - نصروا - نصروه - نصروهم - لتنصرنه - تنصروا - تنصروه - لننصر -لننصرنكم - ينصركم - ينصرنا - لينصرنه - ينصرهم - ينصرون - ينصرونكم - ينصرونه - ينصرونهم - انصرنا - انصروا - تٌنصرًون - ينصرون - تناصرون - انتصروا - ينتصرون - استنصروكم - نصركم - نصرٌنا - نَصْرَهُم - أنصار - أنصارا - أنصارى - المنصورون -منتصرين )
ولم تأت كلمة النصر بفلظ المفرد الا فى مواضع قليلة وفى معرض الحديث عن انتصار الرسالة ومنهاج النبوة ( نصره - ينصرنى - لينصرنه - انصرنى - منصورا - منتصر - منتصرا ) ،
أرأيتم الفارق بين اللفظين وعددهما فى القرآن الكريم
هذا لأن الله يريد أن ينبهنا أن النصر لا يكون إلا بعمل جماعى للأمة
بل أننا نتعجب حينما نرى تنبيه القرآن لنا فى معرض الحديث عن أسس النهضة والأخذ بأسبابها والاستعداد للعدو فيقول جل فى علاه  فى سورة الأنفال ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) هكذا بصيغة الجمع ولم يقل تعالى وأعد لهم يا محمد ، وإنما توجيه للأمة بلفظ الجمع أعدوا
بل اننا نتعجب حينما نرى القرآن المعجز لا يصف الحبيب المصطفى متفردا عن اصحابه بعلم ولا سياسة ولا فطنة ولا ادارة مع انه صلى الله عليه وسلم أعلمهم علما وأعظمم سياسة وأفضلهم إدارة وأكثرهم فطنة ، لكن مع هذا حينما وصف المصطفى وصفه بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) وصفه بالخلق حتى دون أفعل تفضيل مع أنه الأعظم خلقا بلا شك ، لكنه الإعجاز القرآنى يا عزيزى الذى علم اتباعه كيف تصنع الأمم
لكننا فى مصر بين مؤيد للرئيس معتقدا أنه من سياتى لهم بالنصر المبين وبين معارض للرئيس خوفا من ان ياتى بالنصر وهم كارهون له لكن الجميع لا يعلم أن نصر الأمة بأنواعه  لا يصنعه الحكام وإنما تصنعه روح الجماعة للأمة والقرآن لا يكذب
وإننا نتعجب حنما نرى الكيان الصهيونى وما يسمى بدولة إسرائيل لم تنشأ بفضل حاكم أو رئيس وانما عرفت طريقها للوجود عن طريق عالم فيزياء مشهور يدعى ( ألبرت أينشتاين )
 فالعمل الجماعى فى الإسلام ليس عملا تطوعيا أو هبة أو تفضلا من أحد على أحد وإنما هو ضروة مجتمعية وفريضةشرعية
يقول تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) سورة إل عمران 
ومن آليات العمل الجماعى للدولة أن يشعر كل مواطن أنه مشارك فى نهضة أمته وأن النهضة لا تصنع إلا به ، وجعل الشورى عنوان العمل بلا تحكم من القيادة وبلا ديكتاتورية وبلا محو شخصية الموطن ( وأمرهم شورى بينهم ) ، وحسمها القرآن العظيم بفعل الأمر شاور حينما خاطب حبيبه بصفته حاكما للأمة ( وشاوهم فى الأمر ) صدق من هذا كلامه
لقد علم النبى أصحابه كيف يصنع بهم دولة الإسلام فى المدينة بأن رسم طرق النهضة وحدد معالمها وعلمهم أن النهضة تصنعها عقول
وقلوب وسواعد الأفراد وما الحاكم إلا منظم لرغبات الأفراد
 قال ابن إسحاق مبينا كيف علم النبى أصحابه عمليا المشاركة المجتمعية : فحُدثت عن رجال من بني سلمة ، أنهم ذكروا : أن الحباب بن المنذر بن الجموح - وهو الشاب صغير السن - قال : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ، ولا نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، فقال : يا رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم ، فننزله ، ثم نُغَوِّر ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ، ثم نقاتل القوم ، فنشرب ولا يشربون ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد أشرت بالرأي
هى إذن أسس نتعلمها وشعور يكتنفنا أننا جزء من لوحة فنية يجب أن تكتمل جميع عناصرها وإلا أضحت باهتة لا لون لها حتى وإن أشربتها ألوان الكون بأسره
وفى النهاية هل نفقه قرآننا ونعلم كيف تتقدم الأمم وتنهض الشعوب وتصنع الحضارات ؟؟؟

بقلم /  دكتور أحمد كلحى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ