الثلاثاء، 4 مارس 2014

قسم المقالات : يا أبناء العم بقلم دكتور مصطفى محمود


يا أبناء العم
   
بقلم د مصطفى محمود

وحشية وفظاعة ما يجري في الأرض الفلسطينية ظاهرة تستوقف النظر‏..‏ هذا الكم الهائل من الكراهية والبغضاء التي تتحول إلي قنابل ورصاص ومتفجرات بأيدي سكان ومستوطني الأرض من اليهود‏..‏ وهدم البيوت علي رؤوس ساكنيها وحصار الأرزاق‏..‏ وقتل الأطفال‏..‏ محفل للقتل والتنكيل تكلله الابتسامة الشيطانية في وجه شارون‏..‏
واللؤم الصفراوي في وجه باراك‏..‏ هذا الكم من الأحقاد يثير الدهشة والتساؤل‏.‏
أهؤلاء هم أبناء الخليل إبراهيم الحليم الأواه صاحب الصفات الرحمانية والخصال النورانية والأخلاق الملائكية‏..!!!‏ ؟ وإمام العابدين المهاجرين الي الله‏.‏
ومن قبل ذلك أبناء يعقوب الذين تآمروا علي أخيهم يوسف الصديق ورموه في الجب؟‏!!‏ كيف خرج من شجرة النبوه كل هذه الكراهية والبغض والإجرام‏.‏
لا نعرف للنبوه جينات ولا للأخلاق موروثات لنجد تفسيرا بيولوجيا ملائما للعصر الذي يرد كل ظاهرة إلي أسباب ماديه بيولوجيه‏.‏
ونعرف الآن أن الأمراض الوراثية والعاهات لها أصل في الجينوم ولكن النبوة من الله وليس لها جين ولا موروث‏!‏
وكذلك العظمة الأخلاقية ليس لها أصل مادي في الجينوم
كما أن السفاله لا نعرف لها مورثا معلوما ولا جينا موصوما‏,‏
ولا غرابة في أن يأتي ابناء العظماء أنذالا‏..‏ ولا هو بمستبعد أن يخرج من ظهر القديسين أجيال من الفسقة‏..‏ والنفس الانسانية لغز‏..‏ بل هي السر الأعظم بعينه‏.‏
وقد تكون النفس نورا ربانيا وقد تكون قبسا من جهنم والله مطلق المشيئة وهو فعال لما يربد
ألم يخلق الله الشياطين والأبالسة والجن والمردة من مارج من نار
ألم يجاهر إبليس بالعصيان والتحدي في وجه خالقه‏..‏ وقال لعنه الله
لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا وأضلنهم وأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله‏(118‏ ــ‏119‏ ــ النساء‏)‏ هكذا في تبجح عجيب‏.‏
وقال بصدد المؤمنين متحديا
فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم‏(16‏ ــ الأعراف‏)‏ وهذا الابليس اللعين هو بعض مما خلق الله‏.‏
وكما خلق الله الأنبياء والصالحين خلق الفراعنة والجبارين والزبانية‏..‏ وكما خلق الفراشات خلق الديناصورات‏..‏ وكما خلق الحياه خلق الموت‏.‏
وما نراه في البقية الإسرائيلية من أبناء الخليل إبراهيم ومن أحفاد أحفاده ليس عجيبا فهم بعض مما خلق من أبالسه في هذا الملك الواسع‏.‏
وما حرم الله المحروم من عباده إلا لكفره وعناده وإجرامه‏.‏
فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية‏(13‏ ــ المائده‏)‏
وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون‏(88‏ ــ البقرة‏)‏ وقالت اليهود يد الله مغلوله غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا‏(64‏ ــ المائدة‏)‏ ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا‏(61‏ ــ الأحزاب‏)‏
ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون علي الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله علي الكافرين‏(89‏ ــ البقرة‏).‏
هذا تاريخهم مدون في السفر الإلهي الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها‏..‏ وما نراه الآن هو مصداق لهذا التاريخ وقد غرهم العلو الذي هم فيه والحماية التي أحاطتهم بها أمريكا فازدادوا فجورا وتجبرا وعنادا‏.‏
ولن ينجيهم من اللعنة احتماؤهم بالظهير الأمريكي‏..‏ فالانجليز كانوا أمراء البحر من قبل الأمريكان ودالت دولتهم‏.‏
والروم كانوا سادة الأرض ودالت دولتهم‏..‏ والتتار أحرقوا بغداد ودكوا بنيانها ثم دالت دولتهم وأسلموا وخلعوا عنهم وثنيتهم‏..‏ والزمن دوار‏..‏ وسوف يجري علي الأمريكان ما جري علي غيرهم‏..‏ لا نعرف متي ولا ندري كيف‏..‏ فماذا سيكون حال إسرائيل ساعتها بعد أن رهنت كل مستقبلها بالراية الأمريكية الخفاقة وبالعزة الأمريكية التي لا تغرب عنها الشمس‏..‏ ماذا يفعلون ساعتها بالشمس التي من طبعها الغروب‏..‏ والزمن الدوار الذي لا يكف لحظة عن الدوران ولن يتوقف عن دورانه من أجل مخلوق‏.‏
إلي من سيصرخون تائبين مولولين نادمين مستغفرين؟‏.‏
وأقول لهم سوف تأتي الآتية عليكم من حيث لم تحتسبوا وسوف تدرككم النهاية وأنتم في أوج غروركم وتجبركم‏..‏ لأنكم فجرتم وقست قلوبكم فكانت كالحجارة أو أشد قسوة‏.‏
بل هم الآن أقرب ما يكونون إلي هذه النهاية من حيث لا يشعرون
ومسبب الأسباب ليس في حاجة الي أسباب فهو مالك الكون وصانع قوانينه ويخطيء أكابرهم الذين تصوروا أنهم في أمان من مكر الله وأن الزمن زمانهم والكلمة كلمتهم‏..‏ وستظل دولتهم مزعزعة الأركان تنفجر فيها القنابل والعبوات الناسفة وتهزها الانتفاضة يوميا فلا تدع فيها ركنا آمنا‏..‏ وسوف تستنزف الانتفاضة اقتصادهم أولا بأول فلا تزدهر لهم سياحة ولا تتواصل تنمية ولا يهدأ بال ولا يسلم كبير من رصاصة تخترق قلبه‏.‏
ولن يجدوا الأمان لأنهم لا يعطون الأمان لأحد فالوطن الذي استوطنوا فيه سرقوه والأرض التي اقتحموها بالدبابات أخذوها عنوة واقتدارا من أصحابها‏..‏ والمياه التي يسقون بها زراعاتهم نهبوها من أهلها وقتلوهم عطشا‏..‏ وبعد كل هذا تتعالي صيحاتهم وشكواهم بأنهم لا يجدون الأمان‏..‏ ولا الراحة‏..‏ ولا الاستقرار
كيف؟‏!..‏ وبأي منطق يتكلمون‏.‏
وكيف يصلح منطق اللصوص لتوثيق أي ملكيه‏..‏ وكيف يتهيأ لمن يسرق الأمان أي أمان في أي زمان أو مكان‏.‏
نعم‏..‏ هم يضعون أقدامهم اليوم في الأرض بقوة السلاح هذا صحيح‏.‏
ولكن غدا يرد أصحاب الحق علي السلاح بالسلاح
وبعد غد تولد أجيبال تنازع القوة بقوة مضادة تغالبها
ويستمر الصراع الجدلي بلا نهاية حتي ينتصر الحق علي الباطل‏,‏
وهذا هو قانون التاريخ الذي لا غالب له‏.‏
نعم‏..‏ إسرائيل اليوم تضع أقدامها في فلسطين
ولكن الزمن دوار ياشارون والدنيا لا تدوم لأحد يا باراك
والانتفاضة هي مقدمة الرمح المسموم الذي سوف يأكل اللحم والعظم حتي يخر الفيل علي ركبتيه‏.‏
وقد مضي عصر أفيال التاريخ وانتهي عصر الديناصورات
وإسرائيل ليست فيلا ولا ديناصورا‏..‏ وإنما أهون من ذلك بكثير
بل هي فأر تاريخي يسير مختالا في صحبة ذئب أنجلو أمريكي سعران يرقص علي أنغام ما يكل جاكسون
وهي صحبة ليست مأمونه بالقدر الذي يتصورونه والمصالح تتغير كل يوم واللصوص الكبار يتفقون اليوم ويتقاتلون غدا
هل أعود فأقول أن مسبب الأسباب لا يحتاج الي أسباب‏..‏ وأنه سبحانه جل جلاله ليس مع إسرائيل ولا مع أمريكا ولا مع إنجلترا ولكن مع الحق والعدل‏..‏ وهو لا يرضي بالظلم ولا بالظالمين‏..‏ وقد بشرنا في كتابه بهزيمتكم وزوال ملككم‏.‏
وأولي بإسرائيل ورجالها أن تأرق ولا يواتيها نوم ولا راحة وهي تقتل الأطفال وتهدم البيوت علي ساكنيها وتتصيد القيادات الفلسطينية بالصواريخ وتباشر الظلم اليومي والجبروت كوجبة رئيسية وكرياضة منشطة لحالة الشيخوخة التي تعانيها‏..‏ ولن ينفعها كل هذا التهريج القاتل‏.‏
وأسال باراك مخلصا وأسأل شارون وأسأل بيريز واسأل حكماء وعلماء ودهاقنة إسرائيل‏.‏
هل تعتقدون حقا بأن ما تصنعونه هو الحق
هل تعتقدون بأن هذا العنف والجبروت هو السبيل لإستعادة ما تسمونه أرضكم‏..‏ ومتي كانت هذه الأرض المزعومة ملككم‏..‏ وأين صك الملكية الإلهي الذي تزعمونه‏..‏ لقد طرحتم التوراة وراءكم واتخذتم التلمود الذي كتبه شياطينكم دليلا وملهما وبين دفتيه أحقاد ألف عام وعبر سطوره أودعتم دستور الهدم البطييء لهذا العالم الذي آواكم وأكرمكم وأعطاكم الأمن والأمان‏..‏
وكيف نأمن لكم وأنتم تقتلون أنبياءكم وتطفئون شموعكم بأيديكم
وإذا كان علمكم لم ينفعكم فما هو النفع الذي سيرجي منكم
أنتم مشكلة العالم
وإذا صدقتم مع الله ومع أنفسكم يمكن أن تكونوا الخلاص الحقيقي لهذا العالم المنكوب‏.‏
ولن تبلغوا هذا الهدف بالغزو والاحتلال وإعلان الحروب علي الآخرين وإنما بإعلان الحرب علي أنفسكم أولا‏..‏ والعودة الي أصول توراتكم والسجود لله شكرا لأنه مازال يعولكم ويطعمكم ويأويكم ويتجاوز عن زلاتكم وجرائمكم‏..‏ ولكن لكل شيء نهاية حتي صبر الصبور الذي بلغ اللانهاية‏..‏ وأوفي علي الغاية‏..‏ واستوفي البداية والنهاية‏..‏ ولم يبق إلا الزلزال الذي سيجعل عاليها سافلها‏..‏ ومكانكم فيه تحت الردم إن شاء الله ومقامكم فيه أسفل سافلين مع المحرومين حيث يسكن إلي الأبد كل من أحب نفسه وحرم غيره ونسي مولاه وقطع حبل نجاته واستراح للظلمة وعميت عيناه عن النور‏..‏ فهو تحت الردم من الأزل وذلك اختياره‏..‏ وذلك منتهي ذله وعاره‏.‏
ياأولاد العم مازال في العمر بقية فالتمسوا النجاة قبل أن يأتي عليكم الطوفان أو يطمركم الزلزال أو يخسف بأمريكا الأرض كما فعل بقوم عاد تقاسموا الأرض كإخوة وتعايشوا كأبناء رحماء أوفياء لكم القدس الغربية ولنا القدس الشرقية لاقدم لكم فيها وافتحوا الأبواب لعودة اللاجئين الفلسطينيين في كل بلاد العالم الي أرضهم ووطنهم إخوانا متحابين‏.‏
إن حياتنا الدنيا علي طولها هي بالنسبة لله ومضة سراج ماتلبث أن تنطفيء ويأتي بعدها الحساب ونعيم الأبد أو عذاب الأبد‏..‏ وساعتها لن يفلت ظالم‏.‏
لقد ظننتم بأنفسكم العبقرية وإعجابكم بأنفسكم أرداكم‏..‏ وما أنتم في الحقيقة إلا قطيع متخلف يقودكم الرعاة الأمريكان لأغراضهم الاستعمارية‏..‏ومن قبل ذلك استعملكم الانجليز في مشروعهم الاستعماري ومن قبل ذلك الهكسوس الغزاة في مصر‏..‏ أنتم الجوييم العميان المربوطون بالساقية‏..‏ لا نحن‏..‏ وأنتم خدم الظالمين وأعوان المستغلين في كل مكان وزمان وأنتم تحرثون لغيركم وإن كان الظاهر هو العكس
وتحرثون في البحر بلا أمل‏..‏ حتي يفجر أحد الفلسطينيين نفسه فيكم وتنتهي القصة بيأس عقيم ونهاية عبثية لا معني لها‏..‏ وجثة ينهشها الدود تحت التراب
يا أبناء العم أفيقوا من هذا الخبال‏.‏
واذكروا أباكم الأواه الحليم إبراهيم أبو الأنبياء ومنارة العابدين المهاجرين إلي الله‏.‏
وتفكروا‏..‏ فيما تصنعون‏..‏ وفي عمركم الذي تضيعونه في قتال غبي
ولا أقطع الأمل‏..‏ فرحمة الله غالبة رغم كل شيء‏.