الثلاثاء، 4 مارس 2014

قسم المقالات : الدولة التى تعيش على جهاز تنفس صناعى بقلم دكتور مصطفى محمود


الدولة التى تعيش على جهاز تنفس صناعى
   
بقلم د مصطفى محمود

الزميل محمود عوض كان علي حق حينما أعطي اسرائيل حجمها الحقيقي بقوله أنها دولة صغيرة تعيش علي جهاز تنفس صناعي‏..‏ فهكذا هي في كلمتين‏..‏ وهذا تاريخها بالفعل‏..‏ وهي دائما معتمدة علي مدد ووسائل إنعاش صناعية‏.‏
ومنذ بدايتها وهي تعيش في المحضن الأمريكي علي إرضاع صناعي‏..‏ ولم يكن لها في أي يوم قوة ذاتية‏..‏ وإنما كانت قوتها مستعارة مقترضة من هذا وذاك‏..‏ ومفاعلها النووي استنساخ أمريكي‏..‏ وصواريخها وطائراتها وغواصاتها ودباباتها وتغذيتها بالمال والسلاح والتأييد والمساندة السياسية هي‏..‏ من رحم الدول الاستعمارية عبر حبل سري لايكف عن ضخ المعونات‏..‏ وهي ترضع الخلاصات من كل شيء‏..‏ ثم تصرخ طلبا للمزيد‏..‏
إنها طفيل مدمن للتطفل يعيش علي دماء غيره ولا يكف عن الصراخ والشكوي من الاضطهاد والظلم‏..‏ وهي في ذاتها‏..‏ الظلم الفاجر في ذروته وتبجحه‏.‏
إنها اليهودي اللحوح الذي يستنزف كل من حوله‏..‏ ثم يشكو من الجوع والحرمان والقلب المريض المحتاج دائما الي جهاز تنفس صناعي‏.‏
والذين يعطونها بالمليارات ليسوا أغبياء‏..‏ فهي تؤدي لهم دورا لا غني عنه‏..‏ إنها الفتنة الدائمة في منطقة البترول التي تأتي بالعرب علي الأعتاب الأمريكية مستجيرين يطلبون النصيحة والوساطة والنجدة‏..‏ وأيضا السلاح للدفاع عن أنفسهم اذا دعا الأمر‏..‏ وهم دائما مستعدون للدفع بالمليارات‏.‏
وفي النهاية‏..‏ لا حرب بدون أمريكا‏..‏ ولا سلم دون أمريكا‏..‏
ولكن نقطة ضعف اسرائيل القاتلة‏..‏ أنها تتنفس صناعيا بجهاز تنفس صناعي وفي حاجة دائمة الي مدد وانعاش بوسائل صناعية‏.‏
وهي لا تستطيع أن تحارب إلا من وراء جدر‏..‏ أو من وراء دبابة‏..‏ أو من نافذة طائرة‏..‏ أو من قمرة غواصة‏..‏ أو يمدد من أخرين ولا تستطيع أن تباشر القتال بالأيدي‏.‏
ولا تستطيع أن تشتبك رجلا لرجل‏..‏ ولا تستطيع أن تصمد للمواجهة المباشرة‏.‏
وحينما خرج لها رجال حزب الله في العراء‏..‏ وحينما اشتبك بها رجال المقاومة اللبنانية‏..‏ أطلقت اسرائيل ساقيها للريح واختارت الفرار‏..‏
وتلك هي نقطة ضعفها القاتلة‏..‏ إنها لا تستطيع الحياة بدون عكاز‏..‏ أو تهديد نووي‏..‏ أو دولة قوية تساندها‏..‏ أو مدد يمدها بلا انقطاع‏..‏ أو ظهير أمريكي‏..‏ أو بلطجي تحتمي بقوته‏..‏
وهذا الاحتياج سيكون مقتلها‏..‏
وعلي العرب إذا أرادوا الانتصار أن يكفوا عن الكلام ولا يغرقونا في الحماسيات‏..‏ وأن يكونوا أهل فكر وتخطيط وعمل‏..‏ واذا جنحت اسرائيل للسلم فمرحبا بالسلم وبشروطه‏..‏ واذا جنحت للحرب‏..‏ فالعرب بوحدتهم يمكن أن يردوا عليها كيدها‏..‏
وشارون وصل إلي الحكم أخيرا‏..‏ ولم نألف من الرجل سلاما‏.‏
ولا نستبق الحوادث‏.‏
ولكل حادث حديث‏.‏
فلو أنه بدأ بالحسني وآثر التفاهم وقد سبقه بيجين الي ذلك وكان أشد منه وأكثر غلظة‏,‏ كان اتفاق كامب ديفيد علي أيامه‏..‏
وساعتها يمكن أن نقول إن الأحداث يمكن زن تسير بالتاريخ الي نهج مغاير‏..‏ ولكني لا أري لهذا التفاؤل مقدمات‏..‏
ولا أتوسم في شارون إلا الشؤم والخراب‏..‏
ولا أري علي أيام شارون إلا النهج الدموي والقسوة الهمجية والوحشية‏..‏ وقد رأيت جنود باراك يطلقون زخات الرصاص علي أقدام الفلسطينيين حتي تتفجر المففاصل وتتفتت بينما القتلة الاسرائيليون يصرخون في هستيريا ويضحكون‏..‏ حتي تسقط الضحية علي وجهها فيسحبونها ويهرولون بها في لا مبالاة واستهتار وبلادة وضيعة‏..‏ وهذا باراك‏..‏ فما بال شارون‏.‏
ومثل هذه المشاهد المقززة التي يباشرونها أمام عدسات التصوير لا يمكن أن تكون إلا نماذج من الترويع والتخويف لزرع الجبن في قلب أي فلسطيني يفكر في مجاراة الانتفاضة‏..‏ وهي نهج قتالي تعلموه في تدريباتهم‏.‏
وينسي المقاتل الاسرائيلي‏..‏ أن رد فعل يمكن أن يأتي عكسيا تماما‏..‏ ويمكن أن يزرع المشهد المقزز رغبة في الانتقام وإندفاعا جنونيا نحو الفاعل لتمزيقه إربا‏.‏
وبين التجمد المذعور والاندفاع المجنون‏..‏ خيط رفيع‏.‏
ومن يضمن؟‏!!‏
إنها مقامرة تطير فيها رقاب‏.‏
ونزول شارون إلي الميدان‏..‏ هو بلا شك مقامرة كبري‏.‏
وقد نفاجأ بشارون اخرغير الذي نعرفه‏..‏ يفاوض ويتنازل‏..‏ وبيجين الليكودي الأصيل تنازل وتراجع حتي أعاد لنا سيناء كاملة في كامب ديفيد‏..‏ وبيجين الذي لم يكن يتنازل عن شبر أرض‏..‏
أنا شخصيا أستبعد أن يتنازل شارون عن ميلليمتر‏..‏ وأستبعد أن يرد للفلسطينيين حبة رمل وضع يده عليها‏..‏ ولكن يحدث أحيانا أن يكون الواقع أغرب من الخيال‏.‏
شيء واحد يجعلني لا أرجح أي خطوة سلمية واسعة يقدم عليها شارون‏..‏ هي‏..‏ آيات القرآن الكريم التي نزلت في سورة الإسراء‏..‏ لتخاطب اليهود في كلمات قاطعة لا لبس فيها عن المسلمين وما سوف يفعلون بهم في الأيام الأخيرة‏.‏
يقول ربنا‏..‏ فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا‏..‏ أي يدخل عليكم المسلمون القدس ويدمروا كل ما رفعتم من بناء ويجعلونه خرابا‏.‏
هل هذا البناء الذي سوف يرفعونه ليدمره المسلمون هو الهيكل‏..‏ ربما‏..‏
والمعني‏,‏ أنه مازال هناك فسحة زمان‏..‏
ولابد أن يرتفع الهيكل ليأتي فيما بعد من يهدمه‏..‏ والسؤال الثاني هو‏..‏
ما الميقات الذي يطلق عليه ربنا وعد الآخرة؟‏!!‏
يقول ربنا في آية أخري تشرح هذا الميقات في آخر السورة‏:‏
فاذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا أي نكون قد جمعناكم من أطراف الأرض الدنيا وعدنا بكم الي القدس في هجرات متعددة‏..‏ وقد تحققت تلك الهجرات الآن واجتمع شمل اليهود في القدس‏..‏ ونحن إذن في الميقات‏..‏ ووعد الآخرة لا يعني الآخرة وإنما يعني تحقق ذلك الوعد الالهي‏..‏ وقد تحقق بالفعل‏..‏ واجتمع اليهود في بيت المقدس‏..‏ استدعاهم ربنا وجمعهم بقدرته‏..‏
إذن الآية تتحدث عن اليوم‏..‏ وعن الحاضر الذي نعيشه‏..‏
والهزيمة الكبري التي سوف تنزل بإسرائيل سوف تحدث في هذه السنوات‏.‏
والآيات تحكي عن مواصفات مشهودة وظروف قائمة‏.‏
فاذا صحت هذه القراءة وصدق هذا التفسير فنحن مقبلون علي صدام‏.‏
ولا أدعي علما فقد تخطيء القراءة ويخطيء التفسير كما يخطيء التوقيت أيضا‏..‏ والتروي في هذه المسائل مطلوب‏..‏ والقرآن بحر لا يستطيع أن يدعي أحد أنه سبر أغواره‏.‏
ويبقي في النهاية أننا أمام احتمالات لا غير‏..‏ وأمام زعامة جديدة اشتهرت بالعنف والدموية تظهر علي المسرح‏..‏ وأمام مواقف مستفزة‏..‏ يجب أن نعالجها بحكمة‏..‏ وباجماع عربي‏..‏ وتشاور‏..‏ وجمع الكلمة واعداد واستعداد وتدبر ونظر بعيد‏..‏ وأفضل ان تكون ايران في الصورة وأن يكون لها حضور مع الصف العربي وأن يكون لها رأي‏..‏ وأن يكون المسلمون جميعا جبهة واحدة فهم جميعا أطراف قدر واحد ومصير واحد‏..‏ وايران في قلب الصراع وليست مجرد مشاهد‏.‏
واسرائيل لن تحاربنا وحدها‏..‏ بل سيكون وراءها مكر الغرب كله وجبهة الاستعمار القديم والحديث والأطماع الاقتصادية والبترولية التي يسيل لها لعاب المستغلين من كل لون والدعم الأمريكي الظاهر الخفي‏.‏
والانزلاق الي مثل هذه الحرب الكونية التي يدفع بها الحقد اليهودي ليروي الغل الذي يعشش في ظلمات النفس اليهودية‏..‏ هو أمر له سوابق‏..‏ علي مدار التاريخ‏..‏ والخطر حقيقي وقائم‏.‏
يقول ربنا عنهم‏.‏
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله‏..‏
فهذا دأبهم دائما‏..‏ إشعال الحروب والثورات‏..‏ فهم كانوا وراء الثورة الفرنسية وكانوا وراء الثورة البلشفية وكانوا وراء الحرب العالمية الأولي والثانية‏,‏ وكانوا وراء كمال أتاتورك واليهود الدونمة‏..‏ وكان سقوط الخلافة الاسلامية في تركيا بكيدهم ومكرهم‏..‏ وكانوا يحيطون بالسلطان عبدالحميد إحاطة السوار بالمعصم‏.‏
والدموية التي يمتليء بها شارون لم يأت بها من فراغ‏..‏ فهي ميراث يتوارثه كبارهم في الجينات‏.‏
وهذا دأبهم‏..‏ إشعال الحروب‏..‏ والكيد والتآمر للفوز بالغنائم‏.‏
والمأزق الذي يسير اليه تاريخ المنطقة هو اليوم من صناعتهم وتدبيرهم‏..‏
لقد زرعوا بذوره‏..‏ وهم اليوم يوشكون علي الحصاد الوفير‏..‏ ولكني أري أن الله سوف يطفيء هذه النار التي أوقدوها‏..‏ وأن الحكماء من العرب سوف يخمدون ما تبقي من جذوة تلك النار‏..‏ فإن عادوا الي النفخ في النار‏..‏ فسيكونون هم وقودها‏..‏
والمستقبل مازال في رحم الغيب وجنين الشر يتخلق من سوء نياتهم‏.‏
والله من وراء القصد‏.‏
وهو وحده صاحب الكلمة‏..‏ لا شارون ولا باراك ولا مجلس الحاخامات ولا أنصح بالاستهانة باسرائيل ولا أنصح بالاطمئنان الي هوان شأنها‏..‏ فصغار الفئران تأكل صوامع الغلال عن آخرها‏..‏ فما بالك بفئران تأكي بأسنان أمريكية وتهضم بشهية صهيونية وتمتليء بالغل الأزلي‏..‏ ومعظم النار تأتي من مستصغر الشرر‏..‏ والنار تسكن قلوبهم من الأزل‏.‏
ولا أحب المبالغة‏..‏ ولكن الحذر واجب‏.‏
‏***‏
ولن أدع القراء غرقي الهم الإسرائيلي وما سوف يتفاقم إليه الموقف التصادمي علي أرض فلسطين وربما علي الأرض العربية كلها بمجيء شارون وعصابته‏..‏ وسوف أنقلكم معي الي أجواء أكثر تفاؤلا بهذا التقرير الذي جاءني من رئيس وزرائنا الهمام الدكتور عاطف عبيد بما أنجزته وزارته في الأربعة عشر شهرا منذ ألقي إليه الرئيس مبارك بمقاليد الوزارة‏.‏
وهو تقرير مشرق يفيض بالأمل والتفاؤل‏.‏
وكان أول بنوده‏..‏ سداد المديونيات المتأخرة علي الحكومة والتي بلغت‏15‏ مليار جنيه حتي تاريخ‏2000/6/30‏ وتحجيم الواردات بقيمة اجمالية‏2‏ مليار وزيادة الصادرات بنسبة‏42,8%‏ مع تسهيل وتيسير ورفع معوقات التصدير واصلاح النظام الضريبي والجمركي‏.‏
واستمرار دعم الرغيف والسكر والسلع الأساسية ودعم الأدوية الرئيسية وبلغ الدعم غير المباشر للبوتاجاز‏2,8‏ مليار جنيه‏.‏
تشغيل المرحلة الرابعة من الخط الثاني لمترو الانفاق‏..‏ واصلاح الطرق الرئيسية بطول‏2370‏ كيلومترا وتشغيل‏16‏ قطارا جديد‏..‏ وانشاء‏16‏ محطة سكة حديد جديدة‏.‏
دعم القوات المسلحة ورفع كفاءتها القتالية ودعم أجهزة الشرطة‏.‏
والبدء في تنفيذ ساحة تبريد في مطار القاهرة تنتهي في سبتمبر‏2001‏ وزيادة الصادرات الزراعية بنسبة‏35%‏ من عقود تصدير مع العراق واليمن وتونس والجزائر وسوريا‏.‏
تعيين‏150‏ ألف خريج وتدبير‏129740‏ فرصة عمل عن طريق الصندوق الاجتماعي‏.‏
واصلاح نظم الري والصرف في القري وداخل الكتل السكنية‏..‏ واقامة الأسواق المتطورة في القري والمدن بما يغطي‏234‏ مدينة وقرية‏.‏
افتتاح مدينة مبارك العلمية وتطوير علوم البرمجيات والكمبيوتر والتفاوض مع الشركات العالمية للتكنولوجيا الفائقة لافتتاح مراكز انتاج لها في مصر‏.‏
زيادة المدخرات الوطنية الي‏20‏ مليارا واستحداث سوق متخصصة في الأسهم والسندات‏.‏
ترشيد استخدامات مياه الري وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة‏.‏
تنمية واستغلال الثروة المعدنية‏..‏ خاصة خامات الفلسبار والكاولين والرمال البيضاء‏.‏
‏16‏ كشفا بتروليا جديدا وزيادة الاحتياطي العام من الثروة البترولية بنسبة‏25%.‏
انشاء‏851‏ مدرسة ومشروعا للزيادة الي‏30000‏ مدرسة علي مدي عشر سنوات‏.‏
بناء مائة مجمع طبي لتقديم خدمة طبية متميزة في القري‏.‏
تنمية جنوب الصعيد بزراعة‏500‏ ألف فدان في توشكي‏230‏ ألف فدان في العوينات واستصلاح‏400‏ ألف فدان في شمال ووسط سيناء‏.‏
مشروع الأسمنت للتصدير بطاقة سنوية‏100‏ طن‏.‏
مشروعات لصناعة الحديد بطاقة‏1,2‏ مليون طن سنويا ومشروعات لانتاج البتروكيماويات‏.‏
مشروع ميناء شرق بورسعيد وتم الانتهاد من المرحلة الأولي من رصيف الميناء بطول‏350‏ مترا‏.‏
إنشاء مطارات في أبورماد ورأس بنياس وتطوير ميناء الطور ونويبع‏.‏
تشجيع الاستثمار في مصر بنظام الـ
‏BOT.‏
توسيع قاعدة الملكية والخصخصة وبلغت حصيلة البيع‏12658‏ مليون جنيه‏.‏
انجازات عظيمة كانت أحلاما وأصبحت حقائق‏.‏
وعمار يامصر‏.