السبت، 29 ديسمبر 2012

موسوعة إعراب القرآن الكريم : إعراب سورة الواقعة

إعراب سورة الواقعة

.إعراب الآيات (1- 3):{إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (2) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (3)}.
الإعراب:
(إذا) أداة فيها احتمالات أظهرها أنّها ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب المقدّر، (لوقعتها) متعلّق بخبر ليس (خافضة، رافعة) خبران لمبتدأ محذوف تقديره هي جملة: (وقعت الواقعة) في محلّ جرّ مضاف إليه... وجواب الشرط محذوف تقديره خفضت أقواما ورفعت أقواما وجملة: (ليس لوقعتها كاذبة) لا محلّ لها استئنافيّة- أو اعتراضيّة- وجملة: هي خافضة لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تفسير للجواب.
الصرف:
(الواقعة)، القيامة جاءت على وزن اسم الفاعل، والتاء للمبالغة (وقعة)، مصدر مرّة من الثلاثيّ وقع، وزنه فعلة بفتح فسكون (خافضة)، مؤنّث خافض، اسم فاعل من الثلاثي خفض، وزنه فاعل.
.إعراب الآيات (4- 7):
{إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (7)}.
الإعراب:
(إذا) ظرف بدل من الأول ومتعلّق بما تعلّق به (رجّا) مفعول مطلق منصوب، وكذلك (بسّا)، الفاء عاطفة، واسم (كانت) ضمير يعود على الجبال الواو عاطفة (ثلاثة) نعت لأزواج منصوب...
جملة: (رجّت الأرض) في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة: (بسّت الجبال) في محلّ جرّ معطوفة على جملة رجّت وجملة: (كانت هباء) في محلّ جرّ معطوفة على جملة بسّت وجملة: (كنتم أزواجا) في محلّ جرّ معطوفة على جملة رجّت.
الصرف:
(رجّا)، مصدر سماعي للثلاثيّ رجّ، وزنه فعل بفتح فسكون، وقد جاءت عينه ولامه من حرف واحد (بسّا)، مصدر سماعي للثلاثيّ بسّ أي فتّت وزنه فعل بفتح فسكون، وقد جاءت عينه ولامه من حرف واحد (منبثّا)، اسم مفعول من الخماسيّ انبثّ، وزنه منفعل بضمّ الميم وفتح العين، وعين الفعل ولامه من حرف واحد (ثلاثة)، اسم للعدد المعروف، جاء مؤنّثا لأن المعدود أزواج مذكّر، وزنه فعالة بفتح الفاء.
.إعراب الآيات (8- 26):{فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (19) وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (24) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (26)}.
الإعراب:
الفاء استئنافيّة للتفريع (ما) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ ثان خبره (أصحاب) التي بعدها وذلك في الآيتين...
جملة: (أصحاب الميمنة) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (ما أصحاب) في محلّ رفع خبر المبتدأ أصحاب وجملة: (أصحاب المشأمة) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة وجملة: (ما أصحاب) في محلّ رفع خبر المبتدأ أصحاب (الثاني) 10- 16- الواو عاطفة (السابقون) مبتدأ خبره جملة أولئك المقرّبون، (السابقون) الثاني توكيد للأول مرفوع (المقرّبون) خبر المبتدأ (أولئك)، (في جنّات) متعلّق بخبر ثان للمبتدأ (أولئك)، (ثلّة) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم أي السابقون، (من الأوّلين) متعلّق بنعت لثلّة (من الآخرين) نعت لقليل (على سرر) متعلّق بخبر ثان للمبتدأ هم (متّكئين) حال منصوبة من ضمير الاستقرار الذي هو خبر في قوله: (على سرر)، (عليها) متعلّق ب (متّكئين) (متقابلين) حال ثانية منصوبة وجملة: (السابقون أولئك المقرّبون) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة وجملة: (أولئك المقرّبون) في محلّ رفع خبر المبتدأ (السابقون) وجملة: هم (ثلّة) لا محلّ لها استئناف بيانيّ 17- 18- (عليهم) متعلّق ب (يطوف)، (بأكواب) متعلّق ب (يطوف)، (من معين) نعت لكأس...
وجملة: (يطوف عليهم ولدان) في محل نصب حال من الضمير في متقابلين.
19- 23- (لا) نافية، والواو في (يصدّعون) نائب الفاعل (عنها) متعلّق ب (يصدّعون) والجارّ للسببيّة (لا) نافية، والواو في (ينزفون) فاعل، (فاكهة) معطوفة على أكواب بالواو مجرور (ممّا) متعلّق بنعت ل (فاكهة)، وفي الثاني بنعت ل (لحم)، الواو عاطفة (حور) مبتدأ مرفوع خبره محذوف مقدّم تقديره لهم، (كأمثال) متعلّق بنعت ثان ل (حور)...
وجملة: (لا يصدّعون عنها) في محلّ نصب حال من كأس وجملة: (لا ينزفون) في محلّ نصب معطوفة على جملة لا يصدّعون وجملة: (يتخيّرون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول وجملة: (يشتهون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني 24- (جزاء) مفعول لأجله منصوب، (ما) حرف مصدري والمصدر المؤوّل (ما كانوا...) في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (جزاء) وجملة: (كانوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) وجملة: (يعملون) في محلّ نصب خبر كانوا 25- 26- (لا) نافية (فيها) متعلّق ب (يسمعون)، (لا) الثانية زائدة لتأكيد النفي (تأثيما) معطوف على (لغوا) منصوب (إلّا) للاستثناء (قيلا) منصوب على الاستثناء المنقطع (سلاما) بدل من (قيلا) منصوب (سلاما) الثاني توكيد لفظيّ للأول منصوب مثله.
وجملة: (لا يسمعون) لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(8) الميمنة: مصدر ميميّ منته بالتاء للمبالغة، من الثلاثيّ يمن، وزنه مفعلة بفتح الميم والعين (9) المشأمة: مصدر ميميّ منته بالتاء للمبالغة، من الثلاثي شأم، وزنه مفعلة بفتح الميم والعين (13) ثلّة: اسم جمع بمعنى الجماعة أو الكثير، وزنه فعلة بضمّ فسكون، والجمع ثلل بكسر الثاء (15) موضونة: مؤنّث موضون، اسم مفعول من الثلاثيّ وضن بمعنى ثنى بعضه على بعض وضاعف نسجه، والدرع الموضونة المتقاربة النسج، أو المنسوجة حلقتين حلقتين (17) ولدان: كصبيان، جمع وليد بمعنى مولود، وهم مخلوقون في الجنّة ابتداء على أصحّ الأقوال...
(مخلّدون)، جمع مخلّد، اسم مفعول من الرباعيّ خلّد، وزنه مفعّل بضمّ الميم وفتح العين المشدّدة (18) أباريق: جمع إبريق، مشتقّ من البريق لصفاء لونه، وزنه إفعيل، إناء له عروة وخرطوم.
البلاغة:
التشبيه المرسل المجمل: في قوله تعالى: (كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ).
حيث شبههم سبحانه وتعالى باللؤلؤ، أي في الصفاء، وقيد بالمكنون- أي المستور- لأنه أصفي وأبعد من التغير. وفي الحديث صفاؤهن كصفاء الدر الذي لا تمسه الأيدي.
.إعراب الآيات (27- 40):
{وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36) عُرُباً أَتْراباً (37) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (ما أصحاب اليمين) مثل ما أصحاب الميمنة، (في سدر) متعلّق بخبر لمبتدأ محذوف تقديره هم، (لا) نافية (مقطوعة) نعت لفاكهة مجرور (لا) الثانية زائدة لازمة (ممنوعة) معطوف على مقطوعة بالواو مجرور..
جملة: (أصحاب اليمين) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (ما أصحاب) في محلّ رفع خبر المبتدأ (أصحاب) وجملة: هم (في سدر) لا محلّ لها استئناف بيانيّ 35- 40- (إنشاء) مفعول مطلق منصوب (أبكارا) مفعول به ثان منصوب (عربا، أترابا) نعتان ل (أبكارا) منصوبان مثله (لأصحاب) متعلّق ب (أنشأهنّ)، (ثلّة) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم (من الأولين) متعلّق بنعت ل (ثلّة)، (من الآخرين) متعلّق بنعت لثلة الثاني.
وجملة: (انّا أنشأناهنّ) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (أنشأناهنّ) في محلّ رفع خبر إنّ وجملة: (جعلناهنّ) في محلّ رفع معطوفة على جملة أنشأناهنّ وجملة: هم (ثلة) لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(28) مخضود: اسم مفعول من الثلاثيّ خضد الشجر بمعنى قطع شوكة، وزنه مفعول (29) طلح: اسم لشجر الموز وزنه فعل بفتح فسكون (30) ممدود: اسم مفعول من الثلاثي مدّ، وزنه مفعول (31) مسكوب: اسم مفعول من الثلاثيّ سكب وزنه مفعول (33) ممنوعة: مؤنّث ممنوع، اسم مفعول من الثلاثي منع، وزنه مفعول (35) إنشاء: مصدر قياسيّ للرباعيّ أنشأ، وزنه إفعال (37) عربا: جمع عروب بفتح العين، اسم للمرأة المتحبّبة الى زوجها، ووزن عرب فعل بضمّتين.
.إعراب الآيات (41- 48):
{وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (ما أصحاب...) مثل الأولى، (في سموم) مثل في سدر، (من يحموم) متعلّق بنعت ل (ظلّ)، (لا) نافية (بارد) نعت لظلّ مجرور (لا) الثانية زائدة لازمة (كريم) معطوف على بارد بالواو مجرور.
جملة: (أصحاب الشمال) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (ما أصحاب) في محلّ رفع خبر المبتدأ (أصحاب) الأول وجملة: هم (في سموم) لا محلّ لها استئناف بيانيّ 45- 48- (قبل) ظرف زمان منصوب متعلّق بالخبر (مترفين)، (على الحنث) متعلّق ب (يصرّون)، الهمزة للاستفهام الإنكاري في المواضع الثلاثة (إذا) ظرف للزمن المستقبل في محلّ نصب متعلّق بمحذوف هو الجواب يفسّره خبر إن أي: أإذا متنا... نبعث، اللام المزحلقة للتوكيد (آباؤنا) مبتدأ مرفوع خبره محذوف تقديره مبعوثون.
وجملة: (إنّهم كانوا) لا محلّ لها تعليليّة للعذاب المتقدّم وجملة: (كانوا مترفين) في محلّ رفع خبر إنّ وجملة: (كانوا يصرّون) في محلّ رفع معطوفة على جملة كانوا... مترفين وجملة: (كانوا يقولون) في محلّ رفع معطوفة على جملة كانوا..
مترفين وجملة: (يصرّون) في محلّ نصب خبر كانوا وجملة: (يقولون) في محلّ نصب خبر كانوا الثالث وجملة: (الشرط وفعله وجوابه) في محلّ نصب مقول القول وجملة: (متنا) في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة: (كنّا ترابا) في محل جرّ معطوفة على جملة متنا وجملة: (إنّا لمبعوثون) لا محلّ لها استئناف بيانيّ وجملة: (آباؤنا) مبعوثون لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّا لمبعوثون.
الصرف:
(43) يحموم: اسم للدخان الشديد وزنه يفعول، وقال العكبري هو من الحمم أو من الحميم (46) الحنث: اسم للذنب، والتحنّث التعبد لمجانبة الإثم، وزنه فعل بكسر فسكون، والحنث العظيم هو الشرك.
البلاغة:
فن الاحتراس: في قوله تعالى: (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ).
عند ما قال سبحانه وتعالى: (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) أوهم أن الظل ربما جلب لهم شيئا من الراحة، بعد التعب، فنفي سبحانه صفتي الظل عنه، يريد: أنه ظل، ولكن لا كسائر الظلال، سماه ظلا ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه لمن يأوي إليه من أذى الحرّ، وذلك ليمحق ما في مدلول الظل من الاسترواح إليه والمعنى أنه ظل حارّ ضارّ. وفيه تهكم بأصحاب الشأن، وأنهم لا يستأهلون الظل البارد الكريم الذي هو لأضدادهم في الجنة.
الفوائد:
متى يجب تكرار (لا).
ورد في هذه الآية قوله تعالى: (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) فقد تكررت (لا) وسنوضح فيما يلي متى يجب تكرارها:
إن كان ما بعدها جملة اسمية، صدرها معرفة أو نكرة، ولم تعمل فيها (أي عمل إن أو كان)، أو كان ما بعدها جملة صدرها فعل ماض، لفظا وتقديرا، وجب تكرارها مثال المعرفة: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ).
ومثال الفعل الماضي قوله تعالى: (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) وفي الحديث (فإنّ المنبّت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى).
- وإن كان المراد من الكلام الدعاء ترك التكرار، كما في قولنا: لا شلّت يداك، ولا فضّ اللَّه فاك.
- وكذلك يجب تكرارها، إذا دخلت على مفرد خبر أو صفة أو حال، نحو: (زيد لا شاعر ولا كاتب) و(جاء زيد لا ضاحكا ولا باكيا) وكقوله تعالى: (إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ)، (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ)، (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ)، (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ).
أما إن كان ما دخلت عليه فعلا مضارعا، فلا يجب تكرارها، كقوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً).
.إعراب الآيات (49- 56):
{قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56)}.
الإعراب:
اللام المزحلقة للتوكيد (إلى ميقات) متعلّق ب (مجموعون) بتضمينه معنى مساقون جملة: (قل) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (إنّ الأولين لمجموعون) في محلّ نصب مقول القول 51- 56- (أيّها) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب (الضالّون) بدل من أي- أو عطف بيان عليه- تبعه في الرفع لفظا- (لآكلون) مثل لمجموعون (من شجر) متعلّق ب (آكلون)، (من زقّوم) متعلّق بنعت لشجر الفاء عاطفة في المواضع الثلاثة (منها) متعلّق ب (مالئون)، (البطون) مفعول به لاسم الفاعل مالئون (عليه) متعلّق ب (شاربون) وكذلك (من الحميم)، (شرب) مفعول مطلق عامله اسم الفاعل شاربون، منصوب... (يوم) ظرف منصوب متعلّق بحال من
{نزلهم} وجملة: (إنّكم لآكلون) في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول وجملة: (النداء أيّها الضّالون) لا محلّ لها اعتراضيّة وجملة: (هذا نزلهم) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
الصرف:
(51) المكذّبون: جمع المكذّب، اسم فاعل من الرباعيّ كذّب، وزنه مفعّل بضمّ الميم وكسر العين مشدّدة (55) شرب: مصدر سماعيّ للثلاثيّ شرب، وزنه فعل بضمّ فسكون (الهيم)، جمع أهيم- وهو الجمل المصاب بالعطش- وجمع هيماء...
والأصل في جمعه أن يكون على فعل بضمّ فسكون، ولكنّ الهاء كسرت لمناسبة الياء.
البلاغة:
التشبيه التمثيلي: في قوله تعالى:
{ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}.
شبههم في شرابهم بالإبل العطاش، التي لا يرويها الماء، لداء يصيبها يشبه الاستسقاء، فلا تزال تعب في الشراب حتى تهلك، أو تسقم سقما شديدا. ووجه الشبه أن كلا منهما يشرب ولا يرتوي، مما يحثه على طلب المزيد من الشراب.
فن التهكم: في قوله تعالى: (هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) حيث سمّى أنواع العذاب وضربوا الأهوال نزلا، تهكما بهم، لأن النزل في الحقيقة: الرزق الذي يعدّ للنازل تكريما له، وهذا التهكم كما في قوله تعالى: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وكقول أبي الشعراء الضبي:
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ** جعلنا القنا والمرهفات له نزولا

الفوائد:
- الفاء المفردة..
ترد على ثلاثة أوجه..
1- أن تكون عاطفة وتفيد ثلاثة أمور:
1- الترتيب، وهو نوعان: معنوي كما في (قام زيد فعمرو) وذكري، وهو عطف مفصّل على مجمل، كقوله تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ)، (وفَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً).
2- التعقيب: وهو في كل شيء بحسبه، ألا ترى أنه يقال: (تزوّج فلان فولد له) إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل. وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً).
3- السببيّة: وذلك غالب في العاطفة جملة أو صفة. فالجملة مثل قوله تعالى: (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) والصفة: كقوله تعالى: (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ).
2- الوجه الثاني للفاء: أن تكون رابطة للجواب، كقوله تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ويجب اقتران جواب الشرط بالفاء إذا كان جملة اسمية، أو فعلية، فعلها طلبي أو جامد، أو مقترن بما أو لن أوقد أو السين أو سوف، كقوله تعالى: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ).
3- الوجه الثالث للفاء: أن تكون زائدة، دخولها في الكلام كخروجها، وهذا لا يثبته سيبويه، وأجاز الأخفش زيادتها في الخبر مطلقا، وضرب مثالا (أخوك فوجد). وقيّد الفراء والأعلم وجماعة الجواز بكون الخبر أمرا أو نهيا كقوله تعالى: (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) وقولنا: (زيد فلا تضربه).
.إعراب الآيات (57- 62):{نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (62)}.
الإعراب:
الفاء عاطفة لربط المسبب بالسبب (لولا) حرف تحضيض الفاء الثانية استئنافيّة الهمزة للاستفهام (ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به أوّل الهمزة الثانية للاستفهام الإنكاري (أم) منقطعة بمعنى بل...
جملة: (نحن خلقناكم) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (خلقناكم) في محلّ رفع خبر المبتدأ (نحن) وجملة: (تصدّقون) لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر مسبّب عما قبله أي: تنبّهوا فصدّقوا وجملة: (رأيتم) لا محلّ لها استئناف مقرّر لما سبق وجملة: (تمنون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما) وجملة: (أأنتم تخلقونه) في محلّ نصب مفعول به ثان لفعل الرؤية وجملة: (تخلقونه) في محلّ رفع خبر المبتدأ (أنتم) وجملة: (نحن الخالقون) لا محلّ لها استئنافيّة 60- 61- (بينكم) متعلّق ب (قدّرنا)، الواو عاطفة (ما) نافية عاملة عمل ليس (مسبوقين) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما (أن) حرف مصدري ونصب الواو عاطفة (ننشئكم) مضارع منصوب معطوف على (نبدّل)، (ما) موصول في محلّ جرّ.
والمصدر المؤوّل (أن نبدّل) في محلّ جرّ ب (على) متعلّق ب (مسبوقين) وجملة: (نحن قدّرنا) لا محلّ لها استئناف بيانيّ وجملة: (قدّرنا) في محلّ رفع خبر المبتدأ (نحن) وجملة: (ما نحن بمسبوقين) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة وجملة: (نبدّل) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) وجملة: (ننشئكم) لا محلّ لها معطوفة على جملة نبدّل وجملة: (لا تعلمون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما) 62- الواو استئنافيّة اللام لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق الفاء عاطفة لربط المسبّب بالسبب (لولا تذكّرون) مثل لولا تصدّقون وجملة: (علمتم) لا محلّ لها جواب القسم المقدّر... وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (تذكّرون) لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر مسبّب عما سبق أي تنبهوا فتذكّروا.
الصرف:
(58) تمنون: فيه إعلال بالحذف، حذفت لام الفعل- الياء- لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة (60) مسبوقين: جمع مسبوق، اسم مفعول من الثلاثّي سبق، وزنه مفعول (أمثال) (61): يحتمل أن يكون جمع مثل بكسر فسكون، اسم للنظير، ويحتمل أن يكون جمع مثل- بفتحتين- اسم بمعنى الصفة.
.إعراب الآيات (63- 67):
{أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67)}.
الإعراب:
الفاء استئنافيّة (أرأيتم... الزارعون) مثل أرأيتم...
الخالقون، (لو) حرف شرط غير جازم اللام واقعة في جواب لو (حطاما) مفعول به ثان منصوب الفاء عاطفة (ظلتم) ماض حذف منه احدى اللامين تخفيفا اللام المزحلقة للتوكيد (بل) للإضراب الانتقاليّ...
وجملة: (رأيتم) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (تحرثون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما) وجملة: (أنتم تزرعونه) في محلّ نصب مفعول به ثان لفعل الرؤية وجملة: (تزرعونه) في محلّ رفع خبر المبتدأ (أنتم) وجملة: (نحن الزارعون) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (نشاء) لا محلّ لها استئناف بيانيّ وجملة: (جعلناه) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم وجملة: (ظلتم) لا محلّ لها معطوفة على جملة جعلناه وجملة: (تفكّهون) في محلّ نصب خبر ظلتم وجملة: (إنّا لمغرمون) في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر هو حال من فاعل تفكّهون وجملة: (نحن محرومون) لا محلّ له استئناف في حيّز القول.
الصرف:
(46) الزارعون: جمع الزارع، اسم فاعل من الثلاثيّ زرع، وزنه فاعل (65) ظلتم: فيه حذف إحدى اللامين تخفيفا أصله ظللتم... وزنه فلتم بفتح الفاء وسكون اللام (تفكّهون): فيه حذف إحدى التاءين قياسيا (66) مغرمون: جمع مغرم اسم مفعول من الرباعيّ أغرم، وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين.
.إعراب الآيات (68- 70):
{أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (70)}.
الإعراب:
(أفرأيتم الماء. نحن المنزلون)، مثل أفرأيتم ما تمنون...
الخالقون، (من المزن) متعلّق ب (أنزلتموه)، والواو في (أنزلتموه) زائدة إشباع حركة الميم (لو... أجاجا) مثل لو نشاء... حطاما (فلولا تشكرون) مثل لولا تصدّقون.
الصرف:
(المزن)، جمع مزنة، اسم بمعنى السحابة، وزنه فعلة بضمّ فسكون، وكذلك المزن فعل.
.إعراب الآيات (71- 74):
{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (72) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)}.
الإعراب:
(أفرأيتم... المنشئون) مثل أفرأيتم... الخالقون (تذكرة) مفعول به ثان منصوب (للمقوين) متعلّق ب (متاعا)، الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر (باسم) متعلّق بحال من فاعل سبّح...
وجملة: (نحن جعلناها) لا محلّ لها استئناف بياني وجملة: (جعلناها) في محلّ رفع خبر المبتدأ (نحن) وجملة: (سبّح) جواب شرط مقدّر أي: إن كانت قدرة اللّه في الخلق والإنشاء والتنظيم كما ذكر فسبّح باسم.
الصرف:
(71) تورون: فيه إعلال بالحذف بعد الإعلال بالتسكين... أصله توريون- بياء بعد الراء- ثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الراء قبلها- إعلال بالتسكين- ثمّ حذفت الياء لالتقاء الساكنين فأصبح تورون- إعلال بالحذف- وزنه تفعون.
(72) المنشئون: جمع المنشئ، اسم فاعل من الرباعيّ أنشأ، وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين (73) المقوين: جمع المقوي بمعنى المسافر الذي ينزل بالقوى أو القواء بكسر القاف في كليهما، وهي الأرض الخالية البعيدة عن العمران، اسم فاعل من الرباعيّ أقوى... فيه إعلال بالحذف أصله المقويين- بياءين- التقى ساكنان حذفت الياء لام الكلمة فأصبح المقوين، وزنه المفعين...
.إعراب الآيات (75- 80):
{فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (80)}.
الإعراب:
الفاء استئنافيّة (لا) زائدة، (بمواقع) متعلّق ب (أقسم)، الواو اعتراضيّة اللام للتوكيد (لو) حرف شرط غير جازم (عظيم) نعت لقسم مرفوع (لقرآن) مثل لقسم (في كتاب) متعلّق بنعت ثان ل (قرآن)، (لا) نافية (إلّا) للحصر (تنزيل) نعت لقرآن مرفوع مثله، (من ربّ) متعلّق بتنزيل...
جملة: (أقسم) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (إنّه لقسم) لا محلّ لها اعتراضيّة بين القسم وجوابه وجملة: (لو تعلمون) لا محلّ لها اعتراضيّة بين النعت والمنعوت...
وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله وجملة: (انّه لقرآن) لا محلّ لها جواب القسم وجملة: (لا يمسّه إلّا المطهّرون) في محلّ رفع نعت لقرآن.
الصرف:
(75) مواقع: جمع موقع، اسم مكان من الثلاثيّ وقع، وزنه مفعل بفتح الميم وكسر العين لأنه معتلّ مثال، ووزن مواقع مفاعل...
(76) قسم: اسم مصدر من الرباعيّ أقسم، وزنه فعل بفتحتين (79) المطهّرون: جمع المطهّر... اسم مفعول من الرباعي طهّر، وزنه مفعّل بضمّ الميم وفتح العين المشدّدة.
الفوائد:
- (لا) الزائدة...
وهي تدخل في الكلام لمجرد تقويته وتوكيده، كقوله تعالى: (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ)، (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) ويوضحه الآية الأخرى: (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) ومن زيادتها قوله تعالى: (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) أي ليعلموا...
وقد اختلف علماء النحو في (لا) الواردة في التنزيل في مثل قوله تعالى: (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) فقيل: هي نافية، واختلف هؤلاء في منفيها على وجهين: أحدهما، هو شيء مقدم، وهو جحودهم وإنكارهم. فقيل لهم: ليس الأمر كذلك، ثم استؤنف القسم. أما الوجه الثاني: أن منفيّها أقسم، وذلك على أن يكون إخبارا لا إنشاء، واختاره الزمخشري، قال: والمعنى في ذلك أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له، بدليل (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) فكأنه قيل: إن إعظامه بالإقسام به كلا إعظام، أي إنه يستحق إعظاما فوق ذلك.
- وقيل: هي زائدة، واختلف هؤلاء في فائدتها على قولين:
1- أنها زيدت تمهيدا لنفي الجواب، والتقدير: لا أقسم بيوم القيامة لا يتركون سدى، ومثله قوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ).
2- أنها زيدت لمجرد التوكيد وتقوية الكلام، كما في قوله تعالى: (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ).
الموضع الثاني: قوله تعالى: (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) قيل: إنّ (لا) نافية. وقيل: ناهية وقيل: زائدة. والجميع محتمل.
حكم مس القرآن..
كان ابن عباس ينهى أن يمكّن غير المسلم من مس القرآن وقراءته. قال الفراء لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به، وقال قوم: معنى الآية: لا يمسه إلا المطهرون من الأحداث والجنابات. وظاهر الآية نفي، ومعناها نهي. قالوا: لا يجوز للجنب ولا للحائض ولا للمحدث (غير المتوضئ) حمل المصحف ولا مسه. وهذا قول عطاء وطاووس وسالم والقاسم وأكثر أهل العلم. وبه قال مالك والشافعي وأكثر الفقهاء، ويدل عليه ما روى مالك في الموطأ، عن عبد اللّه بن أبي بكر، أن في الكتاب الذي كتبه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعمرو بن حزم: (أن لا تمس القرآن إلا طاهرا) أخرجه مالك مرسلا. وقد جاء هذا الحديث موصولا، عن أبي بكر بن محمد عن أبيه عن جده، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بهذا.
والصحيح الإرسال، وقد نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو وقال الحكم وحماد وأبو حنيفة: يجوز للمحدث والجنب حمل المصحف ومسه بغلافه، وقد أجاز الفقهاء للمحدث والجنب والحائض حمل تفسير للمصحف إذا كان كلام التفسير أكثر من كلام المصحف. وعلى هذا يجوز لهؤلاء حمل تفسير (الجلالين) أو (تفسير وبيان مفردات القرآن) لأن كلام التفسير أكثر من كلام المصحف.
كما أنه لا يجوز للجنب والحائض قراءة القرآن ولو غيبا دون مسه، ويجوز لهما إجراؤه على ذهنهما وفكرهما، دون النطق وتحريك اللسان والأصح عند الحنفية أنه لا بأس للحائض والنفساء بتعلم القرآن، إذا كان كلمة كلمة. أما عند المالكية، فقد أجازوا للحائض والنفساء قراءة القرآن ومسّ المصحف للقراءة، لحاجة التعليم، أو لخوف النسيان أما غير المتوضئ، فيجوز له قراءة القرآن، ما لم يمسّه.
.إعراب الآيات (81- 82):
{أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}.
الإعراب:
الهمزة للاستفهام الإنكاري الفاء استئنافيّة (بهذا) متعلّق بالخبر (مدهنون)، (رزقكم) مفعول به أول منصوب بحذف مضاف أي شكر رزقكم...
والمصدر المؤوّل (أنكم تكذّبون) في محلّ نصب مفعول به ثان...
جملة: (أنتم مدهنون) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (تجعلون) في محلّ رفع معطوفة على الخبر (مدهنون) وجملة: (تكذّبون) في محلّ رفع خبر أنّ.
الصرف:
(مدهنون)، جمع مدهن، اسم فاعل من الرباعيّ أدهن بمعنى داهن وداري ولاين، وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين.
إعراب الآيات (83- 87):
{فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (87)}.
الإعراب:
الفاء استئنافيّة (لولا) حرف تحضيض، وفاعل (بلغت) محذوف دلّ عليه سياق الآية الكريمة أي الروح أو النفس (إذا) ظرف مجرّد من الشرط على الأرجح متعلّق بفعل مقدّر أي ترجعونها الواو حاليّة (حينئذ) ظرف مضاف إلى ظرف مبنيّ في محلّ نصب متعلّق ب (تنظرون)، الواو حاليّة- أو اعتراضيّة- (إليه) متعلّق ب (أقرب) وكذلك (منكم)، الواو عاطفة (لكن) للاستدراك لا عمل لها (لا) نافية الفاء استئنافيّة (لولا) مثل الأول (كنتم) ماض مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط في الموضعين...
جملة: (بلغت الحلقوم) في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة: (أنتم تنظرون) في محلّ نصب حال وجملة: (تنظرون) في محلّ رفع خبر المبتدأ (أنتم) وجملة: (نحن أقرب) في محلّ نصب حال وجملة: (لا تبصرون) في محلّ رفع معطوفة على جملة تنظرون وجملة: (كنتم غير مدينين) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (ترجعونها) لا محلّ لها تفسيريّة لجواب الشرط المقدّر الأول أي: إن كنتم غير مدينين فأرجعوا الروح المحتضرة.
وجملة: (كنتم صادقين) لا محلّ لها استئنافيّة... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي إن كنتم صادقين في ما تزعمون من عدم البعث فردّوا روح المحتضر إلى جسده لينتفي عنه الموت.
الصرف:
(83) الحلقوم: اسم للعضو المعروف، وزنه فعلول بضمّ الفاء واللام بينهما ساكن (86) مدينين: جمع مدين، اسم مفعول من (دان، يدين) فهو على وزن مبيع، فيه إعلال بالحذف، حذفت واو مفعول لالتقاء الساكنين بعد نقل ضمّة الياء إلى الدال، ثمّ كسرت الدال للمناسبة...
البلاغة:
الاستعارة المكنية: في قوله تعالى: (فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ).
حيث شبه الروح بشيء مجسم يبلغ الحلقوم في حركة محسوسة.
.إعراب الآيات (88- 91):
{فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (91)}.
الإعراب:
الفاء استئنافيّة تفريعيّة (أمّا) حرف شرط وتفصيل (كان) ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط ل (إن) واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي الميّت (من المقرّبين) متعلّق بخبر كان الفاء رابطة لجواب الشرط، (روح) مبتدأ مرفوع خبره محذوف مقدّم عليه أي له روح، الواو عاطفة في المواضع الثلاثة (أمّا إن... اليمين) مثل نظيرها الفاء رابطة لجواب الشرط، (سلام) مبتدأ مرفوع خبره (لك)، (من أصحاب) متعلّق بالاستقرار المقدّر.
جملة: (كان من المقرّبين) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (له روح) لا محلّ لها جواب الشرط (أمّا)... وجواب إن محذوف دلّ المذكور عليه وجملة: (كان من أصحاب) لا محلّ لها معطوفة على جملة كان من المقرّبين.
وجملة: (سلام لك) لا محلّ لها جواب الشرط أمّا... وجواب إن محذوف دلّ عليه المذكور.
الصرف:
(89) روح: مصدر بمعنى الاستراحة، وزنه فعل بفتح فسكون، وفي القاموس: الروح بالفتح الراحة والرحمة ونسيم الريح (الريحان)، اسم بمعنى الرحمة والرزق- كما في المختار- وزنه فعلان بقلب الواو ياء على غير قياس... أو فيعلان أي ريوحان لأنّ تصغيرها رويحين، فلمّا اجتمعت الياء والواو، والأول ساكن قلبت الواو ياء، ثمّ أدغمت في الياء الثانية فأصبح ريّحان- بتشديد الياء- ثمّ خفّفت الياء لتسهيل اللفظ فأصبح ريحان- وقال بعضهم إن الكلمة لا تشتمل إلا على ياء واحدة وليس هناك قلب أو إدغام بدليل جمعها على رياحين وتصغيرها رييحين.
.إعراب الآيات (92- 94):
{وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (أمّا إن كان... من حميم) مرّ اعراب نظيرها، (من حميم) متعلّق بنعت ل (نزل)، الواو عاطفة...
الصرف:
(تصلية)، مصدر قياسيّ من الرباعيّ صلّى بمعنى احترق:
والتاء فيه عوض من ياء تفعيل المحذوفة للثقل، وزنه تفعلة.
.إعراب الآيات (95- 96):
{إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)}.
الإعراب:
اللام المزحلقة للتوكيد الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر (سبّح... العظيم) مرّ إعرابها، (العظيم) نعت لاسم، أو لربّك، مجرور جملة: (إنّ هذا لهو) لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: (هو حقّ) في محلّ رفع خبر إنّ وجملة: (سبّح) في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كان أمر اللّه في الثواب والعقاب كما ذكر فسبّح باسم...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ