السبت، 29 ديسمبر 2012

موسوعة إعراب القرآن الكريم : إعراب سورة غافر من الآية 45 إلى الآية 85 ونهاية السورة

إعراب سورة غافر من الآية 45 إلى الآية 85 ونهاية السورة




 
.إعراب الآيات (45- 46):{فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (46)}.
الإعراب:
الفاء استئنافيّة (ما) حرف مصدريّ، (بآل) متعلّق ب (حاق)..
والمصدر المؤوّل (ما مكروا..) في محل جرّ مضاف إليه.
جملة: (وقاه اللّه) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (مكروا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما).
وجملة: (حاق سوء) لا محلّ لها معطوفة على جملة وقاه اللّه.
(46) (النار) مبتدأ مرفوع، والواو في (يعرضون) نائب الفاعل (عليها) متعلّق ب (يعرضون)، (غدوا) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (يعرضون)، (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بفعل مقدّر تقديره يقول اللّه... (أشدّ) مفعول به ثان منصوب بتضمين أدخلوا معنى أذيقوا..
وجملة: (النار يعرضون عليها) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (يعرضون) في محلّ رفع جرّ المبتدأ النار.
وجملة: (تقوم الساعة) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (أدخلوا) في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر أي يقول اللّه للملائكة أدخلوا...
.إعراب الآية رقم (47):
{وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (47)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (إذ) اسم ظرفي في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر، (في النار) متعلّق بحال من فاعل (يتحاجوّن)، الفاء عاطفة (للذين) متعلّق ب (يقول)، (إنّا) حرف مشبّه بالفعل واسمه (لكم) متعلّق ب (تبعا) الفاء عاطفة (هل) حرف استفهام (عنّا) متعلّق ب (مغنون)، (نصيبا) مفعول به لاسم الفاعل مغنون بتضمينه معنى حاملون، (من النار) متعلّق بنعت ل (نصيبا).
جملة: اذكر (إذ يتحاجّون) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (يتحاجّون) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (يقول الضعفاء) في محلّ جرّ معطوفة على جملة يتحاجّون.
وجملة: (استكبروا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (إنّا كنّا) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (كنّا لكم تبعا) في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: (هل أنتم مغنون) في محلّ نصب معطوفة على جملة إنّا كنّا..
.إعراب الآية رقم (48):
{قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (48)}.
الإعراب:
(كلّ) مبتدأ مرفوع، (فيها) متعلّق بخبر المبتدأ كلّ (قد) حرف تحقيق (بين) ظرف منصوب متعلّق ب (حكم).
جملة: (قال الذين) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (استكبروا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (إنّا كلّ فيها) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (كلّ فيها) في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: (إنّ اللّه قد حكم) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (قد حكم) في محلّ رفع خبر إنّ.
الفوائد:
- مسألة وخلاف:
شجر خلاف بين النحويين في إعراب (كلا) في من قرأ (إنا كلّا فيها) مع أن القراءة المشهورة هي الرفع. أما قراءة الرفع فلا إشكال فيها، فقال الأخفش: كلّ:
مرفوع بالابتداء. وأجاز الكسائي والفراء (إنا كلا فيها) بالنصب على النعت والتأكيد للضمير في (إنا). وكذلك قرأ ابن السميقع وعيسى بن عمر. والكوفيون يسمون التأكيد نعتا، ومنع ذلك سيبويه، قال: لأن كلّا لا تنعت ولا ينعت بها، ولا يجوز البدل فيه لأن المخبر عن نفسه لا يبدل منه غيره. وقال معناه المبرد، قال: لا يجوز أن يبدل من المضمر هنا لأنه مخاطب، ولا يبدل من المخاطب ولا من المخاطب لأنهما لا يشكلان فيبدل منهما.
وأجاز الفراء والزمخشري أن تقطع (كل) المؤكد بها عن الإضافة لفظا، تمسكا بقراءة بعضهم (إنا كلا فيها). وخرجها ابن مالك على أن (كلا) حال من ضمير الظرف، وفيه ضعف من وجهين: تقديم الحال على عامله الظرف، وقطع (كل) عن الإضافة لفظا وتقديرا لتصير نكرة فيصبح حالا، والأجود أن تقدر (كلا) بدلا من اسم إنّ، وإنما جاز إبدال الظاهر من ضمير الحاضر، بدل كل، لأنه مفيد للإحاطة، مثل: (قمت ثلاثتكم)، وبدل الكل لا يحتاج إلى ضمير، ويجوز ل (كل) أن تلي العوامل إذا لم تتصل بالضمير نحو: (جاءني كل القوم) فيجوز مجيئها بدلا، بخلاف (جاءني كلهم) فلا يجوز إلا في الضرورة، فهذا أحسن ما قيل في هذه القراءة.
.إعراب الآية رقم (49):
{وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (49)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة- أو عاطفة (في النار) متعلّق بمحذوف صلة الموصول الذين (لخزنة) متعلّق ب (قال)، (يخفّف) مضارع مجزوم جواب الطلب، والفاعل هو (عنّا) متعلّق ب (يخفّف) منصوب (من العذاب) متعلّق ب (يخفّف) ومفعوله محذوف أي شيئا.
جملة: (قال الذين) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (ادعوا) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (يخفّف) لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء أي: إن تدعوا ربّكم يخفّف...
البلاغة:
وضع الظاهر موضع المضمر: في قوله تعالى: (لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ).
وضع جهنم موضع الضمير، للتهويل والتفظيع، أو لبيان محلهم فيها، بأن تكون جهنم أبعد دركات النار، وفيها الكفرة، أو لكون الملائكة الموكلين بعذاب أهلها أقدر على الشفاعة، لمزيد قربهم من اللّه تعالى.
.إعراب الآية رقم (50):
{قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (50)}.
الإعراب:
الهمزة للاستفهام التوبيخيّ الواو عاطفة (تك) مضارع مجزوم ناقص وعلامة الجزم السكون الظاهر على النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره هم يعود على رسلكم، وفيه تنازع، و(رسلكم) فاعل تأتيكم مرفوع (بالبيّنات) متعلّق بحال من رسلكم (بلى) حرف جواب، والمجاب عنه محذوف، أي: أتونا فكذّبناهم الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر الواو استئنافيّة (ما) نافية مهملة (إلّا) للحصر (في ضلال) متعلّق بخبر المبتدأ دعاء.
جملة: (قالوا) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (لم تك تأتيكم) في محلّ نصب معطوفة على مقول القول المقدّر أي أتركتكم رسلكم ولم تك تأتيكم...
وجملة: (تأتيكم رسلكم) في محلّ نصب خبر تك.
وجملة: (قالوا) الثانية لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (بلى والمجاب عنه) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (قالوا) الثالثة لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (ادعوا) في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن أردتم الدعاء فدعوا... وجملة الشرط وجوابه في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (ما دعاء الكافرين إلّا في ضلال) لا محلّ لها استئنافيّة.
.إعراب الآيات (51- 52):
{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (51) يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)}.
الإعراب:
اللام المزحلقة للتوكيد الواو عاطفة في الموضعين (الذين) موصول في محلّ نصب معطوف على رسلنا (في الحياة) متعلّق ب (ننصر)، (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بفعل محذوف دلّ عليه المذكور أي وننصرهم يوم يقوم..
جملة: (إنّا لننصر) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (ننصر) في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: (آمنوا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (يقوم الأشهاد) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(52) (يوم) بدل من يوم السابق منصوب (لا) نافية الواو عاطفة (لهم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (اللعنة) ومثله (لهم) الثاني..
وجملة: (لا ينفع معذرتهم) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (لهم اللعنة) في محلّ جرّ معطوفة على جملة لا ينفع..
وجملة: (لهم سوء) في محلّ جرّ معطوفة على جملة لهم اللعنة.
.إعراب الآيات (53- 54):
{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (53) هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (54)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة اللام لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (الهدى) مفعول به ثان منصوب وكذلك (الكتاب)، (هدى) مفعول لأجله منصوب، (لأولي) متعلّق بذكرى.
جملة: (آتينا) لا محلّ لها جواب القسم المقدّر... وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (أورثنا) لا محلّ لها معطوفة على جملة آتينا.
.إعراب الآية رقم (55):
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (55)}.
الإعراب:
الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر الواو عاطفة في المواضع الثلاثة (لذنبك) متعلّق ب (استغفر)، (بحمد) متعلّق بحال من فاعل سبّح (بالعشيّ) متعلّق ب (سبّح).
جملة: (اصبر) في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن آذاك قومك فاصبر كما صبر موسى...
وجملة: (إنّ وعد اللّه حقّ) لا محلّ لها استئنافيّة- أو اعتراضيّة-.
وجملة: (استغفر) معطوفة على جملة اصبر.
وجملة: (سبّح) معطوفة على جملة اصبر.
.إعراب الآية رقم (56):
{إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)}.
الإعراب:
(إنّ الذين... أتاهم) مرّ إعرابها، (إن) حرف نفي (في صدورهم) خبر مقدّم للمبتدأ كبر (إلّا) أداة حصر (ما) نافية عاملة عمل ليس (بالغيه) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر (باللّه) متعلّق ب (استعذ)، (هو) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (البصير) خبر ثان مرفوع.
جملة: (إنّ الذين يجادلون) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (يجادلون) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (أتاهم) في محلّ جرّ نعت لسلطان.
وجملة: (إن في صدورهم إلّا كبر) في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: (ما هم ببالغيه) في محلّ رفع نعت لكبر.
وجملة: (استعذ) في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن جاؤوك يجادلونك فاستعذ باللّه.
وجملة: (إنّه هو السميع) لا محلّ لها تعليليّة.
.إعراب الآيات (57- 58):{لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (57) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِي ءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (58)}.
الإعراب:
اللام لام الابتداء (من خلق) متعلّق بأكبر الواو عاطفة (لا) نافية.
جملة: (خلق السموات) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لكنّ أكثر الناس لا يعلمون) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: (لا يعلمون) في محلّ رفع خبر لكنّ.
(58) الواو عاطفة في المواضع الخمسة (ما) نافية (الذين) اسم موصول في محلّ رفع معطوف على البصير و(لا) زائدة لتأكيد النفي (المسيء) معطوف على (الذين)، (قليلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته عامله تتذكّرون (ما) زائدة لتأكيد القلّة..
وجملة: (ما يستوي الأعمى) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: (آمنوا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (عملوا) لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول.
وجملة: (تتذكّرون) لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(المسيء)، اسم فاعل من الرباعيّ أساء، وزن مفعل بضمّ الميم وكسر العين، وفي اللفظ إعلال بالتسكين بدءا من المضارع، فحقّ الياء أن تكون مكسورة، سكّنت ونقلت حركتها إلى السين قبلها- إعلال بالتسكين-.
البلاغة:
1- فن الإلجاء: في قوله تعالى: (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ).
وهذا الفن هو فن رفيع من فنون البلاغة، وهو أن يبادر المتكلم خصمه بما يلجئه إلى الاعتراف بصحته، وبهذا صح التحاقه مع ما قبله من الكلام، فإن مجادلتهم في آيات اللّه كانت مشتملة على أمور كثيرة من الجدال والمغالطة واللجاج والسفسطة، وفي مقدمتها إنكار البعث. وهو في الواقع أصل المجادلة ومحورها الذي تدور عليه، فبادر سبحانه إلى مبادهتهم بما يسقط في أيديهم، ويقطع عليهم طرق المكابرة والمعاندة، وهو خلق السموات والأرض، وقد كانوا مقرين بأن اللّه خالقها، وبأنها خلق عظيم، فخلق الناس بالقياس شيء هين، ومن قدر على خلقها مع عظمها كان ولا شك على خلق الإنسان الضعيف أقدر، وهو أبلغ من الاستشهاد بخلق مثله. والأولوية في هذا الاستشهاد ثابتة بدرجتين: إحداهما:
أن القادر على العظيم هو على الحقير أقدر. وثانيتهما: أن مجادلتهم كانت في البعث وهو الإعادة، ولا شك أن الابتداء أعظم وأبهر من الإعادة.
2- التفنن وأسلوب الكلام: في قوله تعالى: (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِي ءُ).
حيث قدم سبحانه وتعالى: (الأعمى) لمناسبة العمى ما قبله من نفي العلم، حيث أتى قبله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)، وقدم (الَّذِينَ آمَنُوا) بعد لمجاورة البصير ولشرفهم. وفي مثله طرق أن يجاور كل ما يناسبه كما هنا، وأن يقدم ما يقابل الأول ويؤخر ما يقابل الآخر، كقوله تعالى: (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) وأن يؤخر المتقابلان كالأعمى والأصم والسميع والبصير، وكل ذلك من باب التفنن في البلاغة وأساليب الكلام.
3- الالتفات: في قوله تعالى: (قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ).
العدول من الغيبة إلى الخطاب في مقام التوبيخ، يدل على العنف الشديد.
الفوائد:
1- (ولكنّ) معنى لكنّ: الاستدراك، والتوكيد، والاستدراك، مثل: خالد كريم لكنّه جبان، والتوكيد، مثل: لو زارني خليل لأكرمته لكنّه لم يزرني. وهذا حرف من الحروف التي تدخل على الجملة الاسمية فتنصب الأول ويسمى اسمها وترفع الخبر ويسمى خبرها، وهذه الحروف هي: (إنّ- أنّ- كأنّ- لكنّ- ليت- لعلّ).
فأمّا (إنّ وأنّ) فحرفان يفيدان التوكيد، وكأنّ: تفيد التشبيه، ولعلّ للتوقع، وليت للتمني.
2- (ل) لام الابتداء مفتوحة، معناها التوكيد. ولا تدخل إلّا على الاسم أو الفعل المضارع، مثل: لخلق السموات والأرض، وإنّ ربك ليحكم بينهم.
ودخول لام الابتداء على النكرة يجعلها صالحة للابتداء بها، مثل: لرجل قائم، كما أن لام الابتداء تجعل الخبر واجب التأخير، مثل: لزيد قائم، وتدخل على خبر إنّ، مثل: إنّ إبراهيم لمجتهد، ولا يجوز دخولها على خبر باقي أخوات إنّ، فلا يقال: لعل زيدا لقائم.
3- (الّذين) اسم موصول للجمع المذكّر العاقل مبنيّ على الفتح، يحتاج إلى صلة وعائد ومحل من الاعراب ومحله من الاعراب على حسب موقعه من الكلام.
.إعراب الآيات (59- 60):
{إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (59) وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (60)}.
الإعراب:
اللام المزحلقة للتوكيد (لا) نافية للجنس (فيها) متعلّق بخبر لا الواو عاطفة (لكنّ... لا يؤمنون) مثل ولكنّ... لا يعلمون.
جملة: (إنّ الساعة لآتية) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لا ريب فيها) في محلّ رفع خبر ثان ل (إنّ).
وجملة: (لكنّ أكثر) لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّ الساعة لآتية.
وجملة: (لا يؤمنون) في محلّ رفع خبر لكنّ.
(60) الواو عاطفة (أستجب) مضارع مجزوم جواب الطلب (لكم) متعلّق ب (أستجب)، (عن عبادتي) متعلّق ب (يستكبرون)، السين حرف استقبال (داخرين) حال منصوبة، وعلامة النصب الياء.
وجملة: (قال ربّكم) لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّ الساعة لآتية.
وجملة: (ادعوني) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (أستجب لكم) لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء أي: إن تدعوني أستجب لكم.
وجملة: (إنّ الذين يستكبرون) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (يستكبرون) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (سيدخلون) في محلّ رفع خبر إنّ.
البلاغة:
المجاز والمشاكلة: في قوله تعالى: (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
مجاز مرسل علاقته السببية، لأن الدعاء سبب العبادة. وفي قوله أستجب لكم مشاكلة، لأن الإثابة مترتبة عليها. وإنما جعلنا الكلام مجازا بقرينة قوله بعد ذلك (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي)، ويؤيد هذا المجاز حديث النعمان بن بشير عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (الدعاء هو العبادة).
وقرأ هذه الآية، وقول ابن عباس: أفضل العبادة الدعاء.
.إعراب الآيات (61- 63):
{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (61) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63)}.
الإعراب:
(الذي) اسم موصول في محلّ رفع خبر المبتدأ اللّه (لكم) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان تقديره سكنا اللام للتعليل (تسكنوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام... والواو فاعل (فيه) متعلّق ب (تسكنوا).
والمصدر المؤوّل (أن تسكنوا..) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (جعل).
الواو عاطفة (النهار مبصرا) معطوفان على المفعولين المتقدّمين بالترتيب اللام المزحلقة، وعلامة الرفع في (ذو) الواو فهو من الأسماء الخمسة (على الناس) متعلّق بفضل الواو عاطفة (لكنّ... لا يشكرون) مثل ولكنّ.. لا يعلمون.
جملة: (اللّه الذي) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (جعل) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (تسكنوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: (إنّ اللّه لذو فضل) لا محلّ لها في حكم التعليل.
وجملة: (لكنّ أكثر) لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّ اللّه لذو...
وجملة: (لا يشكرون) في محلّ رفع خبر لكنّ.
(62) (اللّه، ربكم، خالق) ثلاثة أخبار مرفوعة للمبتدأ ذلكم (لا) نافية للجنس (إلّا) للاستثناء (هو) ضمير في محلّ رفع بدل من الضمير المستتر في الخبر المقدّر أي لا إله موجود إلّا هو الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر (أنّى) اسم استفهام في محلّ نصب على الظرفيّة متعلّق بحال من النائب الفاعل في (تؤفكون).
وجملة: (ذلكم اللّه) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لا إله إلّا هو) في محلّ رفع خبر رابع للمبتدأ (ذلكم).
وجملة: (تؤفكون) لا محل لها جواب شرط مقدّر أي إذا كانت هذه صفات اللّه فأنّى تؤفكون...
(63) (كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله (يؤفك)، (الذين) موصول في محلّ رفع نائب الفاعل (بآيات) متعلّق ب (يجحدون).
وجملة: (يؤفك الذين) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (كانوا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (يجحدون) في محل نصب خبر كانوا...
البلاغة:
1- الاسناد المجازي: في قوله تعالى: (مُبْصِراً).
فقد أسند الإبصار إلى النهار، مع أن الإبصار في الحقيقة لأهل النهار.
وقرن الليل بالمفعول له، والنهار بالحال، لأن كل واحد منهما يؤدي مؤدى الآخر، ولأنه لو قيل لتبصروا فيه، فاتت الفصاحة التي في الاسناد المجازي، ولو قيل:
ساكنا- والليل يجوز أن يوصف بالسكون على الحقيقة ألا ترى إلى قولهم، ليل ساج، وساكن لا ريح فيه- لم تتميز الحقيقة من المجاز.
2- وضع الظاهر موضع المضمر: في قوله تعالى: (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) فقد كان السياق يقتضي أن يقول ولكن أكثرهم، فلا يتكرر ذكر الناس، ولكن في هذا التكرير تخصيص لكفران النعمة بهم، وأنهم هم الذين يكفرون فضل اللّه ولا يشكرونه، كقوله: (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ).
.إعراب الآيات (64- 65):
{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (65)}.
الإعراب:
(اللّه الذي... بناء) مرّ إعراب نظيرها، الواو عاطفة في الموضعين وكذلك الفاء في الموضعين (من الطيّبات) متعلّق ب (رزقكم)، (ذلكم اللّه ربّكم) مرّ إعرابها.
جملة: (اللّه الذي) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (جعل) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (صوّركم) لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: (أحسن) لا محلّ لها معطوفة على جملة صوّركم.
وجملة: (رزقكم) لا محلّ لها معطوفة على جملة جعل.
وجملة: (ذلكم اللّه) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (تبارك اللّه) لا محلّ لها معطوفة على جملة ذلكم اللّه.
(65)- (لا إله إلّا هو) مرّ إعرابها الفاء عاطفة لربط المسبب بالسبب (مخلصين) حال منصوبة من فاعل ادعوه (له) متعلّق بحال من (الدين)، وهو مفعول اسم الفاعل مخلصين (للّه) متعلّق بخبر المبتدأ الحمد...
وجملة: (هو الحيّ) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لا إله إلّا هو) في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ (هو).
وجملة: (ادعوه) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: (الحمد للّه) لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(صوركم)، جمع صورة، اسم لشكل الإنسان وغيره أو هيئته، وزنه فعلة بضمّ فسكون.
.إعراب الآية رقم (66):{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (66)}.
الإعراب:
(من دون) حال من الضمير العائد المحذوف (لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بالجواب والنون في (جاءني) نون الوقاية (من ربّي) متعلّق بحال من البيّنات.
والمصدر المؤوّل (أن أعبد) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف متعلّق ب (نهيت) أي: نهيت عن عبادة الذين تدعون.
(لربّ) متعلّق ب (أسلم).. والمصدر المؤوّل (أن أسلم) في محلّ نصب مفعول به عامله أمرت.
جملة: (قل) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (إنّي نهيت) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (نهيت) في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: (أعبد) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
وجملة: (تدعون) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (جاءني البيّنات) في محلّ جرّ مضاف إليه...
وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله...
وجملة: (أمرت) في محلّ رفع معطوفة على جملة نهيت.
وجملة: (أسلم) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الثاني.
.إعراب الآية رقم (67):
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67)}.
الإعراب:
(من تراب) متعلّق ب (خلقكم) بحذف مضاف أي خلق أباكم (ثمّ) حرف عطف في المواضع الخمسة (من نطفة) متعلّق بما تعلّق به (من تراب) فهو معطوف عليه، وكذلك (من علقة)، (طفلا) حال من ضمير الخطاب اللام للتعليل (تبلغوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام ومثله (تكونوا)...
والمصدر المؤوّل (أن تبلغوا....) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره يبقيكم.
والمصدر المؤوّل (أن تكونوا...) في محلّ جرّ باللام متعلّق بالفعل المحذوف فهو معطوف على المصدر الأول.
الواو عاطفة (منكم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر (من)، (قبل) اسم ظرفيّ مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ ب (من) متعلّق ب (يتوفّى)، الواو عاطفة (لتبلغوا) مثل الأول الواو عاطفة...
والمصدر المؤوّل (أن تبلغوا...) في محلّ جر معطوف على تعليل مقدّر متعلّق بفعل محذوف تقديره فعل ذلك أي: فعل ذلك لتعيشوا ولتبلغوا...
جملة: (هو الذي) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (خلقكم) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (يخرجكم) لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: (تبلغوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: (تكونوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر الثاني.
وجملة: (منكم من) لا محلّ لها معطوفة على جملة خلقكم.
وجملة: (تبلغوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر الثالث.
وجملة: (تبلغوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر الثالث.
وجملة: (لعلّكم تعقلون) لا محلّ لها معطوفة على تعليل مستأنف مقدّر أي لعلّكم تعلمون ذلك ولعلّكم تعقلون.
وجملة: (تعقلون) في محلّ رفع خبر لعلّ.
.إعراب الآية رقم (68):
{هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)}.
الإعراب:
الفاء عاطفة والثانية رابطة لجواب الشرط (إنّما) كافّة ومكفوفة (له) متعلّق ب (يقول)، الفاء عاطفة.
جملة: (هو الذي) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (يحيي) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (يميت) لا محلّ لها معطوفة على جملة يحيي.
وجملة: (قضى) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (يقول) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: (كن) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (يكون) في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو...
والجملة الاسميّة لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّما يقول...
.إعراب الآيات (69- 76):
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ (74) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76)}.
الإعراب:
الهمزة للاستفهام التعجّبي (إلى الذين) متعلّق ب (تر) بمعنى تنظر (في ايات) متعلّق ب (يجادلون) (أنّي) اسم استفهام بمعنى كيف في محلّ نصب حال عامله يصرفون، والواو في (يصرفون) نائب الفاعل.
جملة: (لم تر) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (يجادلون) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (يصرفون) في محلّ نصب حال من الموصول (الذين).
(70) (الذين) بدل من الموصول الأول في محلّ جرّ، (بالكتاب) متعلّق ب (كذّبوا) وكذلك (بما) فهو معطوف عليه (به) متعلّق بحال من رسلنا الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر (سوف) حرف استقبال.
وجملة: (كذّبوا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (أرسلنا) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: (يعلمون) لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي إذا جاء العذاب فسيعلمون.
(71)- (إذ) ظرف مستعار للمستقبل في محلّ نصب متعلّق ب (يعلمون)، (في أعناقهم) متعلّق بخبر المبتدأ الأغلال (السلاسل) مبتدأ خبره جملة يسحبون والرابط مقدّر أي بها.
وجملة: (الأغلال في أعناقهم) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (السلاسل يسحبون) بها في محلّ جرّ معطوفة على جملة الأغلال.
وجملة: (يسحبون) بها في محلّ رفع خبر المبتدأ السلاسل.
(72) (في الحميم) متعلّق ب (يسحبون)، (في النار) متعلّق ب (يسجرون)، والواو في الفعلين نائب الفاعل.
وجملة: (يسجرون) في محلّ جرّ معطوفة على جملة الأغلال....
(73)- (لهم) متعلّق ب (قيل)، (أين) اسم استفهام في محلّ نصب ظرف مكان متعلّق بمحذوف خبر مقدم للمبتدأ (ما)، وهو اسم موصول والعائد محذوف.
وجملة: (قيل) في محلّ جرّ معطوفة على جملة يسجرون.
وجملة: (أين ما كنتم) في محلّ رفع نائب الفاعل.
وجملة: (كنتم) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: (تشركون) في محلّ نصب خبر كنتم.
(74)- (من دون) متعلّق بحال من العائد المحذوف (عنّا) متعلّق ب (ضلّوا) بتضمينه معنى غابوا (بل) للإضراب الانتقاليّ (قبل) اسم ظرفيّ مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب (ندعو)، (شيئا) مفعول به منصوب (كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله يضلّ.
وجملة: (قالوا) لا محلّ لها استئناف بياني.
وجملة: (ضلّوا) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (لم نكن ندعو) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (ندعو) في محلّ نصب خبر نكن.
وجملة: (يضل اللّه) لا محلّ لها استئنافيّة.
(75)- (بما) متعلّق بخبر المبتدأ (ذلكم)، والإشارة فيه إلى العذاب (في الأرض) متعلّق ب (تفرحون)، (بغير) حال من فاعل تفرحون الواو عاطفة (بما كنتم تمرحون) مثل بما كنتم تفرحون.
وجملة: (ذلكم بما كنتم) في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر.
وجملة: (كنتم تفرحون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: (تفرحون) في محلّ نصب خبر كنتم.
وجملة: (كنتم تمرحون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة: (تمرحون) في محلّ نصب خبر كنتم.
(76)- (خالدين) حال منصوبة من فاعل ادخلوا (فيها) متعلّق بخالدين الفاء استئنافيّة، والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره هي أي جهنّم.
وجملة: (ادخلوا) لا محلّ لها استئناف في حيّز القول المقدّر.
وجملة: (بئس مثوى المتكبّرين) لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(71)- السلاسل: جمع السلسلة، اسم معروف، وزنه فعللة بكسر الفاء واللام الأولى، ووزن سلاسل فعالل.
الفوائد:
- الجواب وشبه الجواب:
كما أن الفاء تربط الجواب بشرطه، كذلك تربط شبه الجواب بشبه الشرط، وذلك في نحو قولنا (الذي يأتيني فله درهم). وبدخولها فهم ما أراده المتكلم من ترتّب لزوم الدرهم على الإتيان، ولو لم تدخل احتمل ذلك وغيره، وكذلك ورد مثال ذلك في الآية التي نحن بصددها في قوله تعالى: (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)، فالاسم الموصول في الآية الكريمة حمل معنى الشرط، لذا جاءت الفاء لتربط شبه الجواب بشبه الشرط، لأن الاسم الموصول ليس شرطا خالصا. وهذه الفاء بمنزلة لام التوطئة في قوله تعالى: (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ) في إيذانها بما أراده المتكلم من معنى القسم، وقد قرئ بالإثبات قوله تعالى: (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أي قرئ بإثبات الفاء وحذفها.
ويقول أبو البقاء العكبري: ومن حذف الفاء من القراء حمله على قوله تعالى: (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) وعلى ما جاء من قول الشاعر، وينسب البيت لعبد الرحمن بن حسان:
من يفعل الحسنات اللّه يشكرها ** والشر بالشر عند اللّه مثلان

ويجوز أن تجعل (ما) على هذا المذهب بمعنى (الذي)، وفيه ضعف. واللّه أعلم.
.إعراب الآية رقم (77):
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (77)}.
الإعراب:
الفاء استئنافيّة في الموضعين (إن) حرف شرط جازم (ما) زائدة (نرينّك) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط (بعض) مفعول به ثان منصوب (الذي) موصول في محلّ جرّ مضاف إليه (أو) حرف عطف (نتوفّينّك) مثل: (نرينّك) بالعطف الفاء رابطة لجواب الشرط (إلينا) متعلّق ب (يرجعون)، والواو فيه نائب الفاعل.
جملة: (اصبر) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (إنّ وعد اللّه حقّ) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (إمّا نرينّك) لا محلّ لها استئنافيّة... وجواب الشرط محذوف أي فذاك أمر بيّن.
وجملة: (نعدهم) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (نتوفّينّك) لا محلّ لها معطوفة على جملة نرينّك.
وجملة: (إلينا يرجعون) في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم، والجملة الاسميّة في محلّ جزم جواب الشرط الثاني.
.إعراب الآية رقم (78):{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة اللام لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (من قبلك) متعلّق ب (أرسلنا) (منهم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (من) (عليك) متعلّق ب (قصصنا)، الواو عاطفة في الموضعين (ما) نافية (لرسول) متعلّق بمحذوف خبر كان (بآية) متعلّق ب (يأتي)، (إلّا) للاستثناء (بإذن) متعلّق بمحذوف حال مستثنى من عموم الأحوال.
والمصدر المؤوّل (أن يأتي...) في محلّ رفع اسم كان.
الفاء عاطفة (بالحقّ) نائب الفاعل، (هنالك) اسم إشارة في محلّ نصب ظرف مكان متعلّق ب (خسر).
جملة: (أرسلنا) لا محلّ لها جواب القسم... وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (منهم من قصصنا) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (قصصنا) لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: (منهم من لم نقصص) لا محلّ لها معطوفة على جملة منهم من قصصنا.
وجملة: (لم نقصص) لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
وجملة: (ما كان لرسول) لا محلّ لها معطوفة على جملة أرسلنا.
وجملة: (يأتي) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
وجملة: (جاء أمر) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (قضي بالحقّ) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: (خسر المبطلون) لا محلّ لها معطوفة على جملة قضي بالحقّ.
.إعراب الآيات (79- 81):
{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81)}.
الإعراب:
(لكم) متعلّق ب (جعل) بتضمينه معنى خلق، اللام للتعليل (تركبوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام (منها) متعلّق ب (تركبوا)، ومن للابتداء أو تبعيضيّة، الواو استئنافيّة (منها) متعلّق بفعل تأكلون (لكم) خبر مقدّم (فيها) متعلّق بحال من منافع- أو بالخبر المحذوف- (منافع) مبتدأ مؤخّر مرفوع (لتبلغوا) مثل لتركبوا (عليها) متعلّق بحال من فاعل تبلغوا..
والمصدر المؤوّل (أن تركبوا) في محلّ جرّ ب اللام متعلّق ب (جعل).
والمصدر المؤوّل (أن تبلغوا) في محلّ جرّ ب اللام متعلّق ب (جعل) معطوف على المصدر الأول.
(عليها، على الفلك) متعلّقان ب (تحملون)، والواو فيه نائب الفاعل (في صدوركم) نعت لحاجة.
(آياته) مفعول به ثان منصوب الفاء استئنافيّة (أيّ) اسم استفهام للتوبيخ مفعول به مقدّم منصوب.
جملة: (اللّه الذي) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (جعل) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (تركبوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: (تأكلون) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لكم فيها منافع) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة الأخيرة.
وجملة: (تبلغوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر الثاني.
وجملة: (تحملون) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (يريكم) لا محلّ لها معطوفة على جملة تحملون.
وجملة: (تنكرون) لا محلّ لها استئنافيّة.
.إعراب الآيات (82- 85):
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (85)}.
الإعراب:
الهمزة للاستفهام بمعنى التخويف والتوبيخ الفاء عاطفة في المواضع الثلاثة (في الأرض) متعلّق ب (يسيروا)، (ينظروا) مضارع مجزوم معطوف على (يسيروا)، (كيف) اسم استفهام في محلّ نصب خبر كان (من قبلهم) متعلّق بمحذوف صلة الموصول الذين (منهم) متعلّق بأكثر (قوّة) تمييز أشدّ منصوب (في الأرض) متعلّق بنعت لآثار (ما) نافية والثانية مصدريّة، (عنهم) متعلّق ب (أغنى).
جملة: (لم يسيروا) لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي أعجزوا فلم يسيروا.
وجملة: (ينظروا) لا محلّ لها معطوفة على جملة يسيروا.
وجملة: (كان عاقبة) في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلّق بالاستفهام على تقدير الجارّ..
وجملة: (كانوا) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (ما أغنى) لا محلّ لها معطوفة على جملة كانوا...
وجملة: (كانوا) الثانية لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
(ما).
والمصدر المؤوّل (ما كانوا يكسبون) في محلّ رفع فاعل أغنى.
وجملة: (يكسبون) في محلّ نصب خبر كانوا.
(83) الفاء عاطفة (لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بالجواب فرحوا (بالبيّنات) متعلّق بحال من رسلهم (بما) متعلّق ب (فرحوا)، (عندهم) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف صلة الموصول ما (من العلم) حال من الضمير العائد في الصلة المقدّرة (بهم) متعلّق ب (حاق)، (به) متعلّق ب (يستهزئون).
وجملة: (جاءتهم رسلهم) في محلّ جرّ مضاف إليه..
وجملة: (فرحوا) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: (حاق بهم ما كانوا) لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة: (كانوا) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: (يستهزئون) في محلّ نصب خبر كانوا.
(84) (فلمّا) مثل الأول (رأوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. والواو فاعل (باللّه) متعلّق ب (آمنّا)، (وحده) حال منصوبة (بما) متعلّق ب (كفرنا)، (به) متعلّق بمشركين.
وجملة: (رأوا) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (قالوا) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: (آمنّا) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (كفرنا) في محلّ نصب معطوفة على جملة آمنا..
وجملة: (كنّا) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
(85) الفاء عاطفة (يك) مضارع ناقص مجزوم وعلامة الجزم السكون على النون المحذوفة للتخفيف، واسم (يك) ضمير مستتر وجوبا تقديره هو يعود على (إيمانهم) بحسب قاعدة التنازع، ففاعل (ينفعهم) هو إيمانهم (لمّا) مثل الأول ومتعلّق بمضمون الجواب (سنّة) مفعول مطلق لفعل محذوف، (التي) اسم موصول في محلّ نصب نعت لسنّة (في عباده) متعلّق ب (خلت)، الواو عاطفة (خسر هنالك الكافرون) مرّ إعراب نظيرها.
وجملة: (لم يك ينفعهم إيمانهم) لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا.
وجملة: (ينفعهم إيمانهم) في محلّ نصب خبر يك.
وجملة: (رأوا) في محلّ جرّ مضاف إليه... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: لمّا رأوا بأسنا لم يك ينفعهم إيمانهم إذا آمنوا....
وجملة: سنّ اللّه ذلك (سنّة) لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو اعتراضيّة- وجملة: (قد خلت) لا محلّ لها صلة الموصول (التي).
وجملة: (خسر هنالك الكافرون) لا محلّ لها معطوفة على جملة لم يك...
الصرف:
(سنّت)، رسمت التاء مبسوطة في المصحف، وحقّها أن تكون مربوطة.
البلاغة:
فن التهكم: في قوله تعالى: (فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ).
فقد أظهروا الفرح بذلك، وهو ما لهم من العقائد الزائفة، والشبه الداحضة.
وتسميتها علما للتهكم بهم.
الفوائد:
- أنواع التنوين:
1- تنوين التمكين: وهو اللاحق للاسم المعرب المنصرف إعلاما ببقائه على أصله، وأنه لم يشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيمنع الصرف، ويسمى أيضا (تنوين الصرف) وذلك (كزيد ورجل ورجال) وقوله تعالى في الآية التي نحن بصددها: (كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ).
2- تنوين التنكير: وهو اللاحق لبعض الأسماء: المبنية، فرقا بين معرفتها ونكرتها، ويقع في باب اسم الفعل بالسماع ك (صه ومه وإيه)، وفي العلم المختوم ب (ويه) بقياس نحو: (جاءني سيبويه وسيبويه آخر). والفرق بين (إيه) و(إيه) أن الأولى غير المنونة فتعني زدني من حديثك المعهود الذي تسمعني إياه، ومعنى (إيه) بالتنوين زدني من أي حديث تشاء.
وأما تنوين (رجل) ونحوه من المعربات فتنوين تمكين، لا تنوين تنكير، كما قد يتوهم بعض الطلبة، ولهذا لو سميت به رجلا بقي ذلك التنوين بعينه مع زوال التنكير.
3- تنوين المقابلة: وهو اللاحق لنحو: (مسلمات) جعل في مقابلة النون في (مسلمين). وقيل: هو عوض عن الفتحة نصبا، ولو كان كذلك لم ينون في حالة الرفع والجر، وقيل: هو تنوين التمكين، ويرده ثبوته مع التسمية به كعرفات، كما تبقى نون مسلمين مسمى به، وتنوين التمكين لا يجامع العلتين، ولهذا لو سمي ب (مسلمة أو عرفة) زال تنوينهما.
4- تنوين العوض: وهو اللاحق عوضا من حرف أصلي: مثل: (جواز وغواش) فإنه عوض من الياء المحذوفة، أو عوضا من حرف زائد: كجندل، فإن تنوينه عوض من ألف جنادل، قال ذلك ابن مالك، والذي يظهر خلافه، وأنه تنوين الصرف وليس ذهاب الألف كذهاب الياء من (جوار وغواش).
أو عوضا من المضاف إليه مفردا أو جملة، فالمفرد، هو التنوين اللاحق ل (بعض وكل) إذا قطعتا عن الإضافة كقوله تعالى: (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ)، (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ). وقيل هو تنوين التمكين رجع لزوال الإضافة التي كانت تعارضه.
وأما تنوين الجملة، فهو اللاحق ل (إذ) كقوله تعالى: (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) والتقدير (فهي يوم إذ انشقت) ثم حذف الجملة المضاف إليها للعلم بها، وجيء بالتنوين عوضا عنها.
5- تنوين الترنّم: وهو اللاحق للقوافي المطلقة، بدلا من حرف الإطلاق، وهو (أي حرف الإطلاق) الألف والواو والياء، وذلك في إنشاد بني تميم، ولا يختص هذا التنوين بالاسم بدليل قول جرير:
أقلي اللوم عاذل والعتابا ** وقولي إن أصبت فقد أصابن

الأصل: أصابا، الألف للإطلاق وأبدلت بنون للترنم.
6- تنوين الضرورة: وهو اللاحق لما لا ينصرف كقول امرئ القيس:
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ** فقال لك الولايات إنك مرجلي

نون الشاعر (عنيرة) وهي ممنوعة من الصرف للضرورة، وللمنادى المبني على الضم، كقول الأحوص:
سلام اللّه يا مطر عليها ** وليس عليك يا مطر السلام

نون الشاعر (مطر) وهو منادى مبني على الضم لا يجوز تنوينه إلا لضرورة.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ