الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

موسوعة الأخلاق الإسلامية : الغيرة

الغيرة

معنى الغيرة لغة واصطلاحاً
معنى الغيرة لغة:

الغَيْرة بالفتح المصدر من قولك غار الرجل على أَهْلِه قال ابن سيده: وغار الرجل على امرأَته والمرأَة على بَعْلها تَغار غَيْرة وغَيْراً وغاراً وغِياراً (1).
معنى الغيرة اصطلاحاً:
الغيرة: كراهة الرجل اشتراك غيره فيما هو حقه (2).
وقال الجرجاني: (الغيرة كراهة شركة الغير في حقه) (3).
وقال النووي: (الغيرة بفتح الغين وأصلها المنع والرجل غيور على أهله أي يمنعهم من التعلق بأجنبي بنظر أو حديث أو غيره) (4).

(1) انظر ((مختار الصحاح)) (ص 232). و ((لسان العرب)) (5/ 34).
(2) ((الكليات)) لأبي البقاء الكفوي (ص 671).
(3) ((التعريفات)) للجرجاني (ص 163).
(4) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (10/ 132).

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الغيرة من صفات الله سبحانه وتعالى
قال ابن القيم: (والغيرة من صفات الرب جل جلاله والأصل فيها قوله تعالى قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأعراف: 33]) (1).
(وفي الصحيح عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أحد أغير من الله، ومن غيرته: حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن. وما أحد أحب إليه المدح من الله. ومن أجل ذلك أثنى على نفسه. وما أحد أحب إليه العذر من الله. من أجل ذلك: أرسل الرسل مبشرين ومنذرين)) (2).
وفي الصحيح أيضا، من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ((إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله: أن يأتي المؤمن ما حرم عليه)) (3).
وفي الصحيح أيضا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ((أتعجبون من غيرة سعد؟! لأنا أغير منه. والله أغير مني)) (4).
ومما يدخل في الغيرة قوله تعالى: وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا [الإسراء: 45].
قال السري لأصحابه: أتدرون ما هذا الحجاب؟ حجاب الغيرة. ولا أحد أغير من الله. إن الله تعالى لم يجعل الكفار أهلا لفهم كلامه، ولا أهلا لمعرفته وتوحيده ومحبته. فجعل بينهم وبين رسوله وكلامه وتوحيده حجابا مستورا عن العيون، غيرة عليه أن يناله من ليس أهلا به) (5).
قال ابن القيم: (إنَّ الغيرة تتضمن البغض والكراهة، فأخبر أنَّه لا أحد أغير منه، وأنَّ من غَيْرته حرَّم الفواحش، ولا أحد أحب إليه المدحة منه، والغيرةُ عند المعطلة النفاة من الكيفيات النفسية، كالحياء والفرح والغضب والسخط والمقت والكراهية، فيستحيل وصفه عندهم بذلك، ومعلومٌ أنَّ هذه الصفات من صفات الكمال المحمودة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً، وأضدادها مذمومة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً، فإنَّ الذي لا يغار بل تستوي عنده الفاحشةُ وتركها؛ مذمومٌ غايةَ الذمِّ مستحقٌ للذمِّ القبيح) (6).

(1) ((روضة المحبين)) لابن القيم (ص 295).
(2) روى أوله أبو يعلى في ((المسند)) (9/ 59) (5123). والحديث بنحوه رواه مسلم (2760) عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل، من أجل ذلك مدح نفسه. وليس أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش. وليس أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل)).
(3) رواه البخاري (5223) ومسلم (2761) واللفظ له.
(4) رواه البخاري (6846) ومسلم (1499)، واللفظ للبخاري.
(5) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/ 44).
(6) ((الصواعق المرسلة)) لابن القيم (4/ 1497).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ما ورد في الغيرة من السنة النبوية
(جعل اللَّه سبحانه – الغيرة - في الإنسان سببًا لصيانة الماء وحفظًا للإنسان، ولذلك قيل: كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت العفة في نسائها، وقد يستعمل ذلك في صيانة كل ما يلزم الإنسان صيانته) (1).
- فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه)) (2).
(معناه: أن الله يغار إذا انتهكت محارمه، وليس انتهاك المحارم هو غيرة الله؛ لأن انتهاك المحارم فعل العبد، ووقوع ذلك من المؤمن أعظم من وقوعه من غيره. وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق، بل هي صفة تليق بعظمته، مثل الغضب، والرضا، ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها) (3).
- وعن أنس- رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: ((غارت أمكم، ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت فيه)) (4).
- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن يغار والله أشد غيرا)) (5).
(وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة فالمؤمن الذي يغار في محل الغيرة قد وافق ربه في صفة من صفاته ومن وافقه في صفة منها قادته تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وأدنته منه وقربته من رحمته ومن الغيرة غيرة العلماء لمقام الوراثة وهو مقام العلم) (6).
- وعن جابر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من الغيرة ما يحب الله- عز وجل- ومنها ما يبغض الله- عز وجل- ومن الخيلاء ما يحب الله- عز وجل- ومنها ما يبغض الله- عز وجل- فأما الغيرة التي يحب الله- عز وجل- فالغيرة في الريبة. وأما الغيرة التي يبغض الله- عز وجل- فالغيرة في غير ريبة والاختيال الذي يحب الله- عز وجل- اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة. والاختيال الذي يبغض الله- عز وجل- الخيلاء في الباطل)) (7).
قال العظيم آبادي: (فالغيرة في الريبة: نحو أن يغتار الرجل على محارمه إذا رأى منهم فعلا محرما فإن الغيرة في ذلك ونحوه مما يحبه الله ... والغيرة في غير ريبة: نحو أن يغتار الرجل على أمه أن ينكحها زوجها وكذلك سائر محارمه فإن هذا مما يبغضه الله تعالى لأن ما أحله الله تعالى فالواجب علينا الرضى به فإن لم نرض به كان ذلك من إيثار حمية الجاهلية على ما شرعه الله لنا) (8).

(1) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص 347).
(2) رواه البخاري (5223).
(3) ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) لعبد الله الغنيمان (1/ 335).
(4) رواه البخاري (5225).
(5) رواه مسلم (2761).
(6) ((فيض القدير)) للمناوي (6/ 253).
(7) رواه أبو داود (2659)، والنسائي (5/ 78) واللفظ له، وأحمد (5/ 445) (23801)، والدارمي (2/ 200) (2226)، والبيهقي (7/ 308) (15198). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (25/ 108): إسناده جيد، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/ 325)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(8) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (7/ 287).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقوال السلف والعلماء في الغيرة
- كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (لا تكثر الغيرة على أهلك فترامى بالسوء من أجلك) (1).
- وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: ((كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله- عز وجل- تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ [الأحزاب: 51] قالت: قلت: والله! ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك)) (2).
(قولها: ((ما أرى ربك ... )) كناية عن ترك التنفير والتقبيح لما رأت من مسارعة الله تعالى في مرضاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أي: كنت أنفر النساء عن ذلك، فلما رأيت الله جل ذكره يسارع في مرضاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تركت ذلك لما فيه من الإخلال بمرضاته صلى الله تعالى عليه وسلم، والله تعالى أعلم) (3).
- وقال أبو الأسود لابنته: (إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة، وأزين الزينة الكحل؛ وعليك بالطيب، وأطيب الطيب إسباغ الوضوء) (4).
- وقال ابن القيم: (إن أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغيرة تميت القلب، فتموت له الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفع البتة، ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلا، ولم يجد دافعا، فتمكن، فكان الهلاك، ومثلها مثل صياصي الجاموس التي تدفع بها عن نفسه وولده، فإذا تكسرت طمع فيها عدوه) (5).
- وقال الراغب الأصفهاني: (الغيرة ثوران الغضب حماية على أكرم الحرم وأكثر ما تراعى في النساء، وجعل اللَّه سبحانه هذه القوة في الإنسان سببًا لصيانة الماء وحفظًا للإنسان، ولذلك قيل: كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت العفة في نسائها، وقد يستعمل ذلك في صيانة كل ما يلزم الإنسان صيانته) (6).

(1) ذكره الغزالي في ((إحياء علوم الدين)) (2/ 46).
(2) رواه البخاري (4788) ومسلم (1464) واللفظ له.
(3) ((حاشية السندي على صحيح البخاري)) للسندي (3/ 65).
(4) ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (4/ 76).
(5) ((الجواب الكافي)) لابن القيم (ص 68).
(6) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص 347).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام الغيرة
قسم ابن القيم الغيرة إلى نوعين: (غيرة للمحبوب، وغيرة عليه.
1 - فأما الغيرة له: فهي الحمية له والغضب له إذا استهين بحقه وانتقصت حرمته وناله مكروه من عدوه فيغضب له المحب ويحمى وتأخذه الغيرة له بالمبادرة إلى التغيير ومحاربة من آذاه فهذه غيرة المحبين حقا وهي من غيرة الرسل وأتباعهم لله ممن أشرك به واستحل محارمه وعصى أمره وهذه الغيرة هي التي تحمل على بذل نفس المحب وماله وعرضه لمحبوبه حتى يزول ما يكرهه فهو يغار لمحبوبه أن تكون فيه صفة يكرهها محبوبه ويمقته عليها أو يفعل ما يبغضه عليه ثم يغار له بعد ذلك أن يكون في غيره صفة يكرهها ويبغضها والدين كله في هذه الغيرة بل هي الدين وما جاهد مؤمن نفسه وعدوه ولا أمر بمعروف ولا نهى عن منكر إلا بهذه الغيرة ومتى خلت من القلب خلا من الدين فالمؤمن يغار لربه من نفسه ومن غيره إذا لم يكن له كما يحب والغيرة تصفي القلب وتخرج خبثه كما يخرج الكير خبث الحديد.
2 - وأما الغيرة على المحبوب فهي: أنفة المحب وحميته أن يشاركه في محبوبه غيره وهذه أيضا نوعان: غيرة المحب أن يشاركه غيره في محبوبه، وغيرة المحبوب على محبه أن يحب معه غيره) (1).

(1) ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)) لابن قيم الجوزية (ص 347).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الغيرة المذمومة
قال ابن القيم: (وغيرة العبد على محبوبه نوعان:
1 - غيرة ممدوحة يحبها الله.
2 - وغيرة مذمومة يكرهها الله.
فالتي يحبها الله: أن يغار عند قيام الريبة.
والتي يكرهها: أن يغار من غير ريبة بل من مجرد سوء الظن وهذه الغيرة تفسد المحبة وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه وفي المسند وغيره عنه قال: ((الغيرة غيرتان فغيرة يحبها الله وأخرى يكرهها الله قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيرة التي يحب الله قال أن تؤتى معاصيه أو تنتهك محارمه قلنا فما الغيرة التي يكره الله قال غيرة أحدكم في غير كنهه)) (1)) (2).
(وكما يجب على الرجل أن يغار على زوجته وعرضه، فإنه يطلب منه الاعتدال في الغيرة، فلا يبالغ فيها حتى يسيء الظن بزوجته، ولا يسرف في تقصي حركاتها وسكناتها لئلا ينقلب البيت ناراً، وإنما يصح ذلك إن بدت أسباب حقيقية تستدعي الريبة) (3). قال صلى الله عليه وسلم ((إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يكره الله فالغيرة التي يحبها الله الغيرة في الريبة والغيرة التي يكرهها الله الغيرة في غير ريبة)) (4).
وقد نهى النبي - صلي الله عليه وسلم - أن يطرق الرجل أهله ليلا ًيتخونهم ويطلب عثراتهم (5).

(1) رواه الخرائطي في ((اعتلال القلوب)) (717). من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه.
(2) ((روضة المحبين)) لابن القيم (ص 297).
(3) ((خلق المؤمن)) لمصطفى مراد (ص 109).
(4) رواه أبو داود (2659)، والنسائي (5/ 78)، وأحمد (5/ 445) (23801)، والدارمي (2/ 200) (2226)، والبيهقي (7/ 308) (15198). من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (25/ 108): إسناده جيد، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/ 325)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(5) رواه البخاري (1801) ومسلم (715) واللفظ له.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،فوائد الغيرة
1 - الغيرة دليل على قوة الإيمان بالله.
2 - خصلة يحبها الله سبحانه وتعالى ما دامت من أجل حفظ أعراض المسلمين.
3 - هي السياج المعنوي لحماية الحجاب، ودفع التبرج والسفور والاختلاط (1).
4 - الغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغيرة تميت القلب، فتموت له الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفع البتة (2).
5 - وهي مظهر من مظاهر الغضب لله إذا رأى حرمات الله تنتهك.
6 - وهي من الأسباب الدافعة لإنكار المنكر.
7 - تطهر المجتمع من الرزائل.
8 - الغيرة سبب لصون الأعراض.

(1) ((حراسة الفضيلة)) لبكري أبو زيد (ص: 87).
(2) ((الجواب الكافي)) لابن القيم (ص: 68).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أسباب ضعف الغيرة
من الناس من ضعفت غيرتهم في ما حرم الله وذلك لأسباب عديدة، ومن هذه الأسباب:
1 - ضعف الإيمان:
وذلك لأن قوي الإيمان يغار في دين الله وله قلب حي مفعم بالإيمان، بخلاف ضعيف الإيمان الذي مات قلبه ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يغار وإن المؤمن يغار)) (1).
2 - كثرة الذنوب:
قال ابن القيم: (ومن عقوبات الذنوب: أنها تطفئ من القلب نار الغيرة التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن، فالغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة) (2).
3 - الجهل بالدين:
الجهل بالدين الإسلامي قد انتشر بين كثير من أبنائه فأصبحوا لا يفرقون بين الحق والباطل والحلال والحرام حتى أرداهم إلى المعاصي والآثام، ونزع منهم باعث الغيرة بسبب هذا الجهل المطبق.
4 - قلة الحياء:
الحياء فضيلة من فضائل الفطرة, وهو مادة الخير والفضيلة وبهذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((الحياء خير كله)) (3).
ومن مظاهر قلة الحياء، المجاهرة بالذنوب والمعاصي وعدم الخوف من الله، ولبس النساء الملابس الكاسية العارية وضعف الغيرة على دين الله وحرماته.
5 - التقليد للكفار والمفسدين:
حينما ضيعنا ديننا صرنا نستورد من أعدائنا كل عادة قبيحة وخلق ذميم، ونشرها في المجتمع حتى نشأ فيها الصغير واعتادها الكبير، فأماتت فيه خلق الغيرة، وأصبحت العادات السيئة سنة تتبع، وقد حذر الإسلام من التقليد والتشبه بالكفرة، قال صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) (4).
6 - وسائل الإعلام الفاسدة:
إن لوسائل الإعلام دور كبير في إفساد الناس كالإذاعة والتلفاز والصحف والشبكة العنكبوتية وغيرها، فالكثير من هذه الوسائل مليء بالأغاني الفاحشة، والصور الخليعة، والمسلسلات الماجنة التي اعتاد الناس مشاهدتها، فزرع فيهم انعدام الغيرة.
7 - انتشار المنكرات:
إن انتشار المنكر بين المجتمع الإسلامي يصبح مألوفا لديه إذا لم يوجد من ينكره، وعدم القيام بواجب إنكار المنكر دليل على ضعف الغيرة.

(1) رواه البخاري (5223) ومسلم (2761) واللفظ له.
(2) ((الجواب الكافي)) لابن القيم (ص 66).
(3) رواه مسلم (37).
(4) رواه أبو داود (4031) واللفظ له، وأحمد (2/ 50) (5114)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (2/ 75) (1199). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال ابن حبان في ((بلوغ المرام)) (437): صحيح، وصحح إسناده الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (15/ 509)، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (1/ 359)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (10/ 282): ثابت [و]، إسناده حسن، (8593)، وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (8593)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح. والحديث روي من طرق عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أسباب الغيرة المذمومة
1 - قلة الإيمان ونسيان الله عز وجل
2 - وسوسة الشيطان.
3 - أمراض القلوب.
4 - إحساس البعض بنقص ما.
5 - عدم إنصاف الرجل لزوجته وهضمه لحقوقها.
6 - ذكر الزوج لمحاسن زوجة له عند الأخرى (1).

(1) انظر ((أحكام التعدد)) لإحسان محمد العتيبي (ص: 140) نقلا عن (تهذيب الغيرة عند المرأة)) لمازن الفريح.،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نتائج الغيرة المذمومة
1 - الغيبة والسخرية.
2 - الإحجام عن بذل الخير للآخرين.
3 - الإضرار بالغير وإفساد حاجاته أو إتلافها.
4 - بغض أقارب الزوج وهضم حقوقهم والضيق بهم.
5 - الحسد والحقد.
6 - التجسس ومراقبة الزوج ومتابعته.
7 - الظهور بالمظاهر المزيفة.
8 - الآلام النفسية والأمراض البدنية والكهولة المبكرة.
9 - الاحتيال والكيد.
10 - السحر، وهو ما تفعله بعض الجاهلات لزوجها أو ضرتها أو كليهما حتى يصفو لها زوجها أو تنتقم منه.
11 - القتل، وهو ما فعلته بعض النسوة بزوجها ... وهو مشاهد عند النساء إما نية وإما فعلا.
12 - الكفر، إذ قد تقود الغيرة إلى الكفر بالقول أو بالفعل (1).

(1) انظر ((أحكام التعدد)) لإحسان محمد العتيبي (ص 140) نقلا عن (تهذيب الغيرة عند المرأة)) لمازن الفريح.،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،علاج الغيرة المذمومة
1 - تقوى الله.
2 - تذكر الأجر العظيم لمن يصبر.
3 - الابتعاد عن مجالس السمعة والرياء.
4 - حسن الظن.
5 - القناعة.
6 - تذكر الموت واليوم الآخر.
7 - الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: ((وأدعو الله أن يذهب بالغيرة)) (1) (2).

(1) رواه مسلم (918).
(2) انظر ((أحكام التعدد)) لإحسان محمد العتيبي (ص 141) نقلا عن (تهذيب الغيرة عند المرأة)) لمازن الفريح.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الوسائل المعينة لتنمية الغيرة
يمكن أن تنمى الغيرة بأمور كثيرة ومنها:
1 - تربية البنات الصغار على الحشمة والحياء في اللباس وغيره.
2 - تربية الأولاد على الغيرة
3 - عدم ترك الأسباب التي تدمر الغيرة، فنخرج الأطباق والشاشات والمجلات الهابطة من البيوت وغيرها من وسائل الهدم.
4 - الرجوع إلى قيم الدين وغرسها في نفوس الناس.
5 - التأكيد على دور الرجل.
6 - توعية المجتمع توعية شاملة بجميع وسائل الإعلام والخطب والمحاضرات.
7 - تعظيم قدر الأعراض والتوضيح أن المساس بها هلاك وضياع (1).

(1) انظر ((الغيرة على المرأة)) لعبد الله المانع (ص: 235) نقلا عن شريط (الغيرة على الأعراض)) لخالد السبت، بتصرف.،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،صور الغيرة
1 - غيرة الله على محارمه:
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل، من أجل ذلك مدح نفسه. وليس أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش. وليس أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل)) (1).
قال العيني: (وأما معنى غيرة الله تعالى فالزجر عن الفواحش والتحريم لها والمنع منها لأن الغيور هو الذي يزجر عما يغار عليه وقد بين ذلك بقوله ومن غيرته حرم الفواحش أي زجر عنها ومنع منها وقال غيرة الله أن لا يأتي المؤمن ما حرم الله عليه) (2).
2 - الغيرة لله سبحانه وتعالى:
ومن صور هذه الغيرة:
1 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فإن القيام بهذه الشعيرة من أعظم الواجبات، وهو دليل على الغيرة على دين الله سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) (3).
2 - عدم تعظيم الكفار والركون إليهم:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51].
قال ابن كثير: (نهى تعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى، الذين هم أعداء الإسلام وأهله، قاتلهم الله، ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض، ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك فقال: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (4).
3 - الفرح بزوال الظلم والظلمة:
إن المسلم الغيور ليفرح إذا أزيل منكر، وقمعت فاحشة، وأخمدت فتنة، كيف لا، وربنا يقول: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النور: 19].
(بل إن الفرح بما يصيب الناس من البلاء وإن كان مذموماً فإنه حين يكون لإصابة مفسد أو ظالم ببلاء يمنعه من فساده وظلمه، ويجعله لغيره من الظلمة عبرة، فلا يكون مذموماً، بل غيرة في الدين، والغيرة من الإيمان، ففرحه حينئذ بزوال الفساد والظلم لا بإصابة البلاء والمصيبة، كما ذكره بعض العلماء (5)) (6). وكيف لا يفرح المسلم إذا رأى الظلمة والمستبدين يزولون ويتساقطون كأوراق الخريف!!.
3 - الغيرة للمخلوق والغيرة عليه
والغيرة للمخلوق كما قال ابن القيم: (إما أن تكون غيرة للمحبوب، أو غيرة عليه. فالغيرة للمحبوب هي الحمية له والغضب له إذا استهين بحقه وانتقصت حرمته وناله مكروه من عدوه فيغضب له المحب ويحمى وتأخذه الغيرة له بالمبادرة إلى التغيير ومحاربة من آذاه فهذه غيرة المحبين حقا وهي من غيرة الرسل وأتباعهم لله ممن أشرك به واستحل محارمه وعصى أمره وهذه الغيرة هي التي تحمل على بذل نفس المحب وماله وعرضه لمحبوبه حتى يزول ما يكرهه.
وأما الغيرة على المحبوب فهي: أنفة المحب وحميته أن يشاركه في محبوبه غيره) (7).

(1) رواه مسلم (2760).
(2) ((عمدة القاري)) للعيني (20/ 205).
(3) رواه مسلم (49).
(4) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (3/ 132).
(5) ((بريقة محمودية)) (2/ 266/238).
(6) ((الغيرة على المرأة)) لعبد الله المانع (ص: 72).
(7) ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)) لابن قيم الجوزية (ص: 347).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام الناس في الغيرة على محارم الله
عد ابن تيمية أقسام الناس في الغيرة على محارم الله بعد أن بين الغيرة التي يحبها الله والغيرة التي يبغضها الله فقال: (وهنا انقسم بنو آدم أربعة أقسام:
1 - قوم لا يغارون على حرمات الله بحال ولا على حرمها مثل الديوث والقواد وغير ذلك ومثل أهل الإباحة الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ومنهم من يجعل ذلك سلوكا وطريقا وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء [الأعراف: 28].
2 - وقوم يغارون على ما حرمه الله وعلى ما أمر به مما هو من نوع الحب والكره يجعلون ذلك غيرة فيكره أحدهم من غيره أمورا يحبها الله ورسوله ومنهم من جعل ذلك طريقا ودينا ويجعلون الحسد والصد عن سبيل الله وبغض ما أحبه الله ورسوله غيرة.
3 - وقوم يغارون على ما أمر الله به دون ما حرمه فنراهم في الفواحش لا يبغضونها ولا يكرهونها بل يبغضون الصلوات والعبادات كما قال تعالى فيهم: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم: 59]
4 - وقوم يغارون مما يكرهه الله ويحبون ما يحبه الله هؤلاء هم أهل الإيمان) (1).

(1) ((الاستقامة)) لابن تيمية (2/ 10).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من غيرة الأنبياء عليهم السلام:
غيرة داود عليه السلام:
- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان داود النبي فيه غيرة شديدة وكان إذا خرج أغلقت الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع قال فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار فإذا رجل قائم وسط الدار فقالت لمن في البيت من أين دخل هذا الرجل الدار والدار مغلقة والله لتفتضحن بداود فجاء داود فإذا الرجل قائم وسط الدار فقال له داود من أنت قال أنا الذي لا أهاب الملوك ولا يمتنع مني شيء فقال داود أنت والله ملك الموت فمرحبا بأمر الله فرمل داود مكانه حيث قبضت روحه حتى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشمس فقال سليمان للطير أظلي على داود فأظلت عليه الطير حتى أظلمت عليهما الأرض فقال لها سليمان اقبضي جناحا جناحا قال أبو هريرة يرينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف فعلت الطير وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلبت عليه يومئذ المضرحية)) (1).
غيرة موسى عليه السلام:
- قال الله تعالى: وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى [طه: 9 - 10]
قال ابن عباس وغيره: (هذا حين قضى الأجل وسار بأهله وهو مقبل من مدين يريد مصر، وكان قد أخطأ الطريق، وكان موسى عليه السلام رجلا غيورا: يصحب الناس بالليل ويفارقهم بالنهار غيرة منه، لئلا يروا امرأته فأخطأ الرفقة لما سبق في علم الله تعالى وكانت ليلة مظلمة) (2).

(1) رواه أحمد (2/ 419) (9422). قال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (2/ 16): إسناده جيد قوي رجاله ثقات، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/ 209): فيه المطلب بن عبد الله بن حنطب وثقه أبو زرعة وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح.
(2) ذكره القرطبي في ((الجامع لأحكام القرآن)) (11/ 171).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من غيرة النبي صلى الله عليه وسلم:
- غيرته على حرمات الله: النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس غيرة لله فكان يغضب إذا انتهكت حرمات الله، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء يؤتى إليه حتى ينتهك من حرمات الله، فينتقم لله)) (1) والنماذج والصور على غيرته على محارم الله كثيرة جداً.
- غيرته على نسائه: كان أعدل البشر غيرة على نسائه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، قالت: فقال: انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة)) (2).
قال الحافظ بن حجر: (والمعنى تأملن ما وقع من ذلك هل هو رضاع صحيح بشرطه من وقوعه في زمن الرضاعة ومقدار الارتضاع فإن الحكم الذي ينشأ من الرضاع إنما يكون إذا وقع الرضاع المشترط قال المهلب معناه انظرن ما سبب هذه الأخوة فإن حرمة الرضاع إنما هي في الصغر حتى تسد الرضاعة المجاعة) (3).
- وعن أم سلمة رضي الله عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها، وفي البيت مخنث، فقال المخنث لأخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية: إن فتح الله لكم الطائف غدا، أدلك على بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخلن هذا عليكن)) (4).

(1) رواه البخاري (6853).
(2) رواه البخاري (2647) ومسلم (1455).
(3) ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 148).
(4) رواه البخاري (5235) ومسلم (2180)، واللفظ للبخاري.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من غيرة الصحابة
غيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص: ((أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: لا يدخلن رجل، بعد يومي هذا، على مغيبة، إلا ومعه رجل أو اثنان)) (1).
غيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
- كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أعظم الصحابة غيرة على النساء، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم غيرته في الرؤيا التي رأى فيها قصر عمر بن الخطاب في الجنة والمرأة التي كانت بجانب القصر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر، فذكرت غيرته، فوليت مدبرا. فبكى عمر، وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!)) (2).
- وعن ابن عمر قال: ((كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد فقيل لها لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار قالت وما يمنعه أن ينهاني قال يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) (3).
- وقد أشار على الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يحجب نساءه ثم نزل القرآن موافقاً له، فعن أنس رضي الله عنه قال: (قال عمر وافقت ربي في ثلاث، فقلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] وآية الحجاب قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت هذه الآية) (4).
غيرة عائشة رضي الله عنها:
- فعن عائشة- رضي الله عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا. قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع. فقال: ((ما لك؟ يا عائشة! أغرت؟. فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقد جاءك شيطانك؟. قالت: يا رسول الله! أو معي شيطان؟. قال: نعم. قلت: ومع كل إنسان؟ قال: نعم. قلت: ومعك؟ يا رسول الله! قال: نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم)) (5).
- وعنها أيضاً رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة على عائشة وحفصة فخرجنا معه جميعا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الليل سار مع عائشة يتحدث معها فقالت حفصة لعائشة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك فتنظرين، وأنظر قلت: بلى فركبت حفصة على بعير عائشة وركبت عائشة على بعير حفصة فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم، ثم سار معها حتى نزلوا، فافتقدته عائشة فغارت فلما نزلت جعلت تجعل رجليها بين الإذخر وتقول يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني، رسولك ولا أستطيع أقول له شيئا) (6).

(1) رواه مسلم (2173).
(2) رواه البخاري (3242) ومسلم (2395)، واللفظ للبخاري.
(3) رواه البخاري (900) ومسلم (442) واللفظ للبخاري.
(4) رواه البخاري (402).
(5) رواه مسلم (2815).
(6) رواه البخاري (5211) ومسلم (2445) واللفظ له.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،وعنها رضي الله عنها، قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلواء، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر، فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغرت، فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة من عسل، فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة، فقلت: أما والله لنحتالن له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلت مغافير، فإنه سيقول لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد منك، فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: جرست نحله العرفط، وسأقول ذلك، وقولي أنت يا صفية ذاك، قالت: تقول سودة: فوالله ما هو إلا أن قام على الباب، فأردت أن أباديه بما أمرتني به فرقا منك، فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ قال: لا. قالت: فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال: سقتني حفصة شربة عسل. فقالت: جرست نحله العرفط، فلما دار إلي قلت له نحو ذلك، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حفصة قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لي فيه. قالت: تقول سودة: والله لقد حرمناه، قلت لها: اسكتي)) (1).
غيرة سعد بن عبادة رضي الله عنه:
- وقال سعد بن عبادة رضي الله عنه: (لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (2).
غيرة الزبير رضي الله عنه:
- وعن أسماء رضي الله عنها، تزوجني الزبير، وما له في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شيء غير ناضح، وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأسقى الماء، وأخرز غربه، وأعجن ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه النبي على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومعه نفر من الأنصار، فدعاني، ثم قال: (إخ، إخ، ليحملني خلفه)، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته - وكان أغير الناس - فعرف النبي (صلى الله عليه وسلم) أني قد استحييت، فمضى، فجئت الزبير، فقلت: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه، وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلى أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني (3).

(1) رواه البخاري (5268) ومسلم (1474) واللفظ للبخاري.
(2) رواه البخاري (7416) ومسلم (1499).
(3) رواه البخاري (5224) ومسلم (2182) واللفظ للبخاري.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الغيرة في واحة الشعر ..
قال الخريمي:
ما أحسن الغيرة في حينها ... وأقبح الغيرة في كلّ حين
من لم يزل متّهما عرسه ... مناصبا فيها لريب الظّنون
أو شك أن يغريها بالّذي ... يخاف أن يبرزها للعيون
حسبك من تحصينها وضعها ... منك إلى عرض صحيح ودين
لا تطّلع منك على ريبة ... فيتبع المقرون حبل القرين (1)
وقال آخر في غيرته على زوجته:
أغار عليك من نفسي ومني ... ومنك ومن مكانك والزمان
ولو أني خبأتك في عيوني ... إلى يوم القيامة ما كفاني (2)
وقال ابن مطروح:
ولو أمسى على تلفي مصرّا ... لقلت معذبي بالله زدني
ولا تسمح بوصلك لي فإني ... أغار عليك منك فكيف منّي (3) ...

(1) ((الشعر والشعراء)) لابن قتيبة (9/ 148).
(2) ((المستطرف في كل فن مستظرف)) للأبشيهي (ص: 433).
(3) ((المستطرف في كل فن مستظرف)) للأبشيهي (ص: 433).