علو الهمة
معنى علو الهمة لغة واصطلاحاً
معنى العلو لغة:
قال ابن منظور: (عُلْو كل شيء وعِلْوه وعَلْوُه وعُلاوَتُه وعالِيه وعالِيَتُه أَرْفَعُه، ... وعلا الشيءُ عُلُوًّا فهو عَليٌّ وعَلِيَ وتَعَلَّى، ... ويقال عَلا فلانٌ الجَبَلَ إذا رَقِيَه يَعْلُوه عُلُوّاً وعَلا فلان فلاناً إذا قَهَرَه والعَليُّ الرَّفيعُ وتَعالَى تَرَفَّع) (1).
معنى الهمة لغة:
الهَمَّةُ والهِمَّةُ ما هَمَّ به من أَمر ليفعله وتقول إِنه لَعظيمُ الهَمّ وإِنه لَصغيرُ الهِمّة وإِنه لَبَعيدُ الهِمَّةِ والهَمّةِ بالفتح والهُمامُ الملكُ العظيم الهِمّة (2).
وقال ابن القيم في تعريف الهمة: (والهمة فعلة من الهم، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصوها بنهاية الإرادة، فالهم مبدؤها، والهمة نهايتها) (3).
معنى علو الهمة اصطلاحاً:
(هو استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور، وطلب المراتب السامية، واستحقار ما يجود به الإنسان عند العطية، والاستخفاف بأوساط الأمور، وطلب الغايات، والتهاون بما يملكه، وبذل ما يمكنه لمن يسأله من غير امتنان ولا اعتداد به) (4).
وقال المناوي: (عظم الهمة عدم المبالاة بسعادة الدنيا وشقاوتها) (5).
وقال الراغب الأصفهاني: (والكبير الهمة على الإطلاق هو من لا يرضى بالهمم الحيوانية قدر وسعه فلا يصير عبد رعاية بطنه وفرجه بل يجتهد أن يتخصص بمكارم الشريعة) (6).
معنى العلو لغة:
قال ابن منظور: (عُلْو كل شيء وعِلْوه وعَلْوُه وعُلاوَتُه وعالِيه وعالِيَتُه أَرْفَعُه، ... وعلا الشيءُ عُلُوًّا فهو عَليٌّ وعَلِيَ وتَعَلَّى، ... ويقال عَلا فلانٌ الجَبَلَ إذا رَقِيَه يَعْلُوه عُلُوّاً وعَلا فلان فلاناً إذا قَهَرَه والعَليُّ الرَّفيعُ وتَعالَى تَرَفَّع) (1).
معنى الهمة لغة:
الهَمَّةُ والهِمَّةُ ما هَمَّ به من أَمر ليفعله وتقول إِنه لَعظيمُ الهَمّ وإِنه لَصغيرُ الهِمّة وإِنه لَبَعيدُ الهِمَّةِ والهَمّةِ بالفتح والهُمامُ الملكُ العظيم الهِمّة (2).
وقال ابن القيم في تعريف الهمة: (والهمة فعلة من الهم، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصوها بنهاية الإرادة، فالهم مبدؤها، والهمة نهايتها) (3).
معنى علو الهمة اصطلاحاً:
(هو استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور، وطلب المراتب السامية، واستحقار ما يجود به الإنسان عند العطية، والاستخفاف بأوساط الأمور، وطلب الغايات، والتهاون بما يملكه، وبذل ما يمكنه لمن يسأله من غير امتنان ولا اعتداد به) (4).
وقال المناوي: (عظم الهمة عدم المبالاة بسعادة الدنيا وشقاوتها) (5).
وقال الراغب الأصفهاني: (والكبير الهمة على الإطلاق هو من لا يرضى بالهمم الحيوانية قدر وسعه فلا يصير عبد رعاية بطنه وفرجه بل يجتهد أن يتخصص بمكارم الشريعة) (6).
(1) ((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 83).
(2) ((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 83).
(3) ((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 83).
(4) ((تهذيب الأخلاق)) للجاحظ (ص: 28).
(5) ((التوقيف)) للمناوي (ص: 517).
(6) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص: 291).
(2) ((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 83).
(3) ((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 83).
(4) ((تهذيب الأخلاق)) للجاحظ (ص: 28).
(5) ((التوقيف)) للمناوي (ص: 517).
(6) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص: 291).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الفرق بين الهمة والهم
الهمة: اتساع الهم وبعد موقعه ولهذا يمدح بها الإنسان فيقال فلان ذو همة وذو عزيمة، وأما قولهم فلان بعيد الهمة وكبير العزيمة، فلان بعض الهمم يكون أبعد من بعض وأكبر من بعض، وحقيقة ذلك أنه يهتم بالأمور الكبار.
والهم: هو الفكر في إزالة المكروه واجتلاب المحبوب ومنه يقال أهم بحاجتي (1).
الهمة: اتساع الهم وبعد موقعه ولهذا يمدح بها الإنسان فيقال فلان ذو همة وذو عزيمة، وأما قولهم فلان بعيد الهمة وكبير العزيمة، فلان بعض الهمم يكون أبعد من بعض وأكبر من بعض، وحقيقة ذلك أنه يهتم بالأمور الكبار.
والهم: هو الفكر في إزالة المكروه واجتلاب المحبوب ومنه يقال أهم بحاجتي (1).
(1) ((الفروق)) لأبي هلال العسكري (ص: 558).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الحث على علو الهمة من القرآن والسنة
الحث على علو الهمة من القرآن الكريم
علو الهمة خلق رفيع وغاية نبيلة، تتعشقه النفوس الكريمة وتهفو إليه الفطر القويمة، وعلو الهمة من الأسس الأخلاقية الفاضلة وإليه يرجع مجموعة من الظواهر الخلقية، كالجد في الأمور، والترفع عن الصغائر والدنايا، وكالطموح إلى المعالي (1). والإسلام يحث على هذا الخلق النبيل، وقد وردت آيات من القرآن الكريم، وأحاديث من السنة النبوية تدل على ذلك، فمن القرآن الكريم:
- قوله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133].
ففي هذه الآية (ندب الله عباده إلى المبادرة إلى فعْل الخيرات والمسارعة إلى نَيْل القُرُبات) (2) وهو أمر من الله بالهمة العالية.
- وقال تعالى: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35].
فهذه الآية فيها ثناء (على أصحاب الهمم العالية، وفي طليعتهم الأنبياء والمرسلون وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل، وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ... وقد تجلت همتهم العالية في مثابرتهم وجهادهم ودعوتهم إلى الله عز وجل، كما أوضحه الله عز وجل في قصص الأنبياء كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) (3)
- وقال تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب: 23].
وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بوصف الرجال الذين هم أصحاب الهمم العالية فصدقوا ما عاهدوا الله (وفوا به، وأتموه، وأكملوه، فبذلوا مهجهم في مرضاته، وسبلوا أنفسهم في طاعته. فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ أي: إرادته ومطلوبه، وما عليه من الحق، فقتل في سبيل الله، أو مات مؤديا لحقه، لم ينقصه شيئا. وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ تكميل ما عليه، فهو شارع في قضاء ما عليه، ووفاء نحبه ولما يكمله، وهو في رجاء تكميله، ساع في ذلك، مجد) (4).
- وقال سبحانه: رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ [النور: 37].
فهؤلاء الرجال هم أصحاب الهمم العالية (ليسوا ممن يؤثر على ربه دنيا، ذات لذات، ولا تجارة ومكاسب، مشغلة عنه، لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وهذا يشمل كل تكسب يقصد به العوض، فيكون قوله: وَلا بَيْعٌ من باب عطف الخاص على العام، لكثرة الاشتغال بالبيع على غيره، فهؤلاء الرجال، وإن اتجروا، وباعوا، واشتروا، فإن ذلك، لا محذور فيه. لكنه لا تلهيهم تلك، بأن يقدموها ويؤثروها على ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم، ونهاية مقصدهم، فما حال بينهم وبينها رفضوه) (5).
- وقال الله سبحانه وتعالى بعد أن ذكر عدداً من الأنبياء ومواقفهم، ودعوتهم لقومهم: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: 90]
الحث على علو الهمة من السنة النبوية
(1) ((الهمة العالية معوقاتها ومقوماتها)) لمحمد الحمد (ص: 81).
(2) ((تفسر القرآن العظيم)) لابن كثير (2/ 117).
(3) ((علو الهمة)) لمحمد إسماعيل المقدم (ص: 128).
(4) ((علو الهمة)) لمحمد إسماعيل المقدم (ص: 128).
(5) ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 569).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عن الحسين بن علي- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يحب معالي الأمور، وأشرافها، ويكره سفسافها)) (1).
قال المناوي: (وهي الأخلاق الشرعية والخصال الدينية لا الأمور الدنيوية فإن العلو فيها نزول (ويكره) في رواية البيهقي ويبغض (سفسافها) بفتح أوله أي حقيرها ورديئها فمن اتصف من عبيده بالأخلاق الزكية أحبه ومن تحلى بالأوصاف الرديئة كرهه وشرف النفس صونها عن الرذائل والدنايا والمطامع القاطعة لأعناق الرجال فيربأ بنفسه أن يلقيها في ذلك وليس المراد به التيه فإنه يتولد من أمرين خبيثين إعجاب بنفسه وازدراء بغيره والأول يتولد بين خلقين كريمين إعزاز النفس وإكرامها وتعظيم مالكها فيتولد من ذلك شرف النفس وصيانتها وقد خلق سبحانه وتعالى لكل من القسمين أهلا لما مر أن بني آدم تابعون للتربة التي خلقهم منها فالتربة الطيبة نفوسها علية كريمة مطبوعة على الجود والسعة واللين والرفق لا كزازة ولا يبوسة فيها فالتربة الخبيثة نفوسها التي خلقت منها مطبوعة على الشقوة والصعوبة والشح والحقد وما أشبهه) (2).
- وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)) (3).
قال ابن بطال: (فيه ندب إلى التعفف عن المسألة، وحض على معالي الأمور، وترك دنيئها، والله يحب معالي الأمور) (4).
- وقال صلى الله عليه وسلم: ((احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)) (5).
(وعامة نصوص الترغيب والترهيب في الوحيين الشريفين إنما ترمي إلى توليد قوة دافعة تحرك قلب المؤمن، وتوجهه إلى إقامة الطاعات، وتجنب المعاصي والمخالفات، وإلى بعث الهمة وتحريكها واستحثاثها للتنافس في الخيرات، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصر) (6).
ومن الأحاديث التي تبعث الهمة بالترغيب قوله صلى الله عليه وسلم:
- لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا.
- وقوله صلى الله عليه وسلم: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارق، ورتل، كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها)) (7).
قال المناوي: (وهي الأخلاق الشرعية والخصال الدينية لا الأمور الدنيوية فإن العلو فيها نزول (ويكره) في رواية البيهقي ويبغض (سفسافها) بفتح أوله أي حقيرها ورديئها فمن اتصف من عبيده بالأخلاق الزكية أحبه ومن تحلى بالأوصاف الرديئة كرهه وشرف النفس صونها عن الرذائل والدنايا والمطامع القاطعة لأعناق الرجال فيربأ بنفسه أن يلقيها في ذلك وليس المراد به التيه فإنه يتولد من أمرين خبيثين إعجاب بنفسه وازدراء بغيره والأول يتولد بين خلقين كريمين إعزاز النفس وإكرامها وتعظيم مالكها فيتولد من ذلك شرف النفس وصيانتها وقد خلق سبحانه وتعالى لكل من القسمين أهلا لما مر أن بني آدم تابعون للتربة التي خلقهم منها فالتربة الطيبة نفوسها علية كريمة مطبوعة على الجود والسعة واللين والرفق لا كزازة ولا يبوسة فيها فالتربة الخبيثة نفوسها التي خلقت منها مطبوعة على الشقوة والصعوبة والشح والحقد وما أشبهه) (2).
- وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)) (3).
قال ابن بطال: (فيه ندب إلى التعفف عن المسألة، وحض على معالي الأمور، وترك دنيئها، والله يحب معالي الأمور) (4).
- وقال صلى الله عليه وسلم: ((احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)) (5).
(وعامة نصوص الترغيب والترهيب في الوحيين الشريفين إنما ترمي إلى توليد قوة دافعة تحرك قلب المؤمن، وتوجهه إلى إقامة الطاعات، وتجنب المعاصي والمخالفات، وإلى بعث الهمة وتحريكها واستحثاثها للتنافس في الخيرات، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصر) (6).
ومن الأحاديث التي تبعث الهمة بالترغيب قوله صلى الله عليه وسلم:
- لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا.
- وقوله صلى الله عليه وسلم: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارق، ورتل، كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها)) (7).
(1) رواه الطبراني في ((الكبير)) (3/ 131) (2894)، القضاعي في ((مسنده)) (2/ 150) (1076). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/ 191): فيه خالد بن إلياس، ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي، وبقية رجاله ثقات. وقال ابن القيسراني في ((ذخيرة الحفاظ)) (2/ 608): خالد هذا متروك الحديث، وتفرد به عنه المغيرة بن عبد الرحمن. وصححه الألباني بشواهده في ((السلسلة الصحيحة)) (1627).
(2) ((فيض القدير)) للمناوي (2/ 375).
(3) رواه البخاري (1427) ومسلم (1034). واللفظ للبخاري.
(4) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (3/ 431).
(5) رواه مسلم (2664).
(6) ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 660).
(7) رواه أبو داود (1464)، الترمذي (2914)، وأحمد (2/ 192) (6799) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (8122).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أقوال السلف والعلماء في علو الهمة
- روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (لا تصغرن همتكم فإني لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمم) (1).
- وقال الإمام مالك (وعليك بمعالي الأمور وكرائمها، واتق رذائلها وما سف منها؛ فإن الله تعالى يحب معالي الأمور ويكره سفسافها) (2).
- وعن دكين الراجز قال: (أتيت عمر بن عبد العزيز بعد ما استخلف أستنجز منه وعدا كان وعدنيه وهو والي المدينة، فقال لي: يا دكين، إن لي نفسا توّاقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلما نلتها تاقت إلى الخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة) (3).
- وقال ابن الجوزي: (من علامة كمال العقل علو الهمة، والراضي بالدون دني) (4).
- وقال ابن القيم: (فمن علت همته وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل ومن دنت همته وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل) (5).
- وقال أيضا: (الهمة العلية لا تزال حائمة حول ثلاثة أشياء تعرف لصفة من الصفات العليا تزداد بمعرفتها محبة وإرادة وملاحظة لمنة تزداد بملاحظتها شكر أو إطاعة وتذكر لذنب تزداد بتذكره توبة وخشية فإذا تعلقت الهمة بسوى هذه الثلاثة جالت في أودية الوساوس والخطرات من عشق الدنيا نظرت إلى قدرها عنده فصيرته من خدمها وعبيدها وأذلته ومن أعرض عنها نظرت إلى كبر قدره فخدمته وذلت له إنما يقطع السفر ويصل المسافر بلزوم الجادة وسير الليل فإذا حاد المسافر عن الطريق ونام الليل كله فمتى يصل إلى مقصده؟) (6).
- وقال أيضاً: (العلم والعمل توأمان أمهما علو الهمة) (7).
- وقال أيضاً: (لا تكون الروح الصافية إلا في بدن معتدل ولا الهمة العالية إلا في نفس نفيسة) (8).
(1) ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص319).
(2) ((ترتيب المدارك)) للقاضي عياض (2/ 65).
(3) ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (334).
(4) ((صيد الخاطر)) لابن الجوزي (28).
(5) ((الفوائد)) لابن القيم (ص: 97).
(6) ((الفوائد)) لابن القيم (ص: 99).
(7) ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (ص: 747).
(8) ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (ص: 750).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
درجات علو الهمة
قسم الهروي درجات علو الهمة على ثلاث:
1 - (الدرجة الأولى: همة تصون القلب عن وحشة الرغبة في الفاني، وتحمله على الرغبة في الباقي، وتصفيه من كدر التواني) (1).
يقول ابن القيم: (الفاني الدنيا وما عليها. أي يزهد القلب فيها وفي أهلها. وسمى الرغبة فيها وحشة لأنها وأهلها توحش قلوب الراغبين فيها، وقلوب الزاهدين فيها.
أما الراغبون فيها: فأرواحهم وقلوبهم في وحشة من أجسامهم. إذ فاتها ما خلقت له. فهي في وحشة لفواته.
وأما الزاهدون فيها: فإنهم يرونها موحشة لهم. لأنها تحول بينهم وبين مطلوبهم ومحبوبهم. ولا شيء أوحش عند القلب مما يحول بينه وبين مطلوبه ومحبوبه. ولذلك كان من نازع الناس أموالهم، وطلبها منهم أوحش شيء إليهم وأبغضه.
وأيضا: فالزاهدون فيها: إنما ينظرون إليها بالبصائر. والراغبون ينظرون إليها بالأبصار فيستوحش الزاهد مما يأنس به الراغب. كما قيل:
وإذا أفاق القلب واندمل الهوى ... رأت القلوب ولم تر الأبصار
وكذلك هذه الهمة تحمله على الرغبة في الباقي لذاته. وهو الحق سبحانه. والباقي بإبقائه: هو الدار الآخرة.
وتصفيه من كدر التواني أي تخلصه وتمحصه من أوساخ الفتور والتواني، الذي هو سبب الإضاعة والتفريط. والله أعلم) (2).
2 - قال الهروي: (الدرجة الثانية: همة تورث أنفة من المبالاة بالعلل، والنزول على العمل والثقة بالأمل) (3).
يقول ابن القيم: (العلل هاهنا: هي علل الأعمال من رؤيتها، أو رؤية ثمراتها وإرادتها. ونحو ذلك. فإنها عندهم علل.
فصاحب هذه الهمة: يأنف على همته، وقلبه من أن يبالي بالعلل. فإن همته فوق ذلك. فمبالاته بها، وفكرته فيها: نزول من الهمة.
وعدم هذه المبالاة: إما لأن العلل لم تحصل له؛ لأن علو همته حال بينه وبينها. فلا يبالي بما لم يحصل له. وإما لأن همته وسعت مطلوبه، وعلوه يأتي على تلك العلل، ويستأصلها. فإنه إذا علق همته بما هو أعلى منها تضمنتها الهمة العالية. فاندرج حكمها في حكم الهمة العالية. وهذا موضع غريب عزيز جدا. وما أدري قصده الشيخ أو لا؟
وأما أنفته من النزول على العمل: فكلام يحتاج إلى تقييد وتبيين. وهو أن العالي الهمة مطلبه فوق مطلب العمال والعباد. وأعلى منه. فهو يأنف أن ينزل من سماء مطلبه العالي، إلى مجرد العمل والعبادة، دون السفر بالقلب إلى الله، ليحصل له ويفوز به. فإنه طالب لربه تعالى طلبا تاما بكل معنى واعتبار في عمله، وعبادته ومناجاته، ونومه ويقظته، وحركته وسكونه، وعزلته وخلطته، وسائر أحواله. فقد انصبغ قلبه بالتوجه إلى الله تعالى أيما صبغة.
وهذا الأمر إنما يكون لأهل المحبة الصادقة. فهم لا يقنعون بمجرد رسوم الأعمال، ولا بالاقتصار على الطلب حال العمل فقط.
وأما أنفته من الثقة بالأمل: فإن الثقة توجب الفتور والتواني. وصاحب هذه الهمة: ليس من أهل ذلك، كيف؟ وهو طائر لا سائر.) (4).
3 - قال الهروي: (الدرجة الثالثة: همة تتصاعد عن الأحوال والمعاملات. وتزري بالأعواض والدرجات. وتنحو عن النعوت نحو الذات) (5).
يقول ابن القيم: (أي هذه الهمة أعلى من أن يتعلق صاحبها بالأحوال التي هي آثار الأعمال والواردات، أو يتعلق بالمعاملات. وليس المراد تعطيلها. بل القيام بها مع عدم الالتفات إليها، والتعلق بها.
ووجه صعود هذه المهمة عن هذا: ما ذكره من قوله: تزري بالأعواض والدرجات، وتنحو عن النعوت نحو الذات، أي صاحبها لا يقف عند عوض ولا درجة. فإن ذلك نزول من همته. ومطلبه أعلى من ذلك. فإن صاحب هذه الهمة قد قصر همته على المطلب الأعلى، الذي لا شيء أعلى منه. والأعواض والدرجات دونه. وهو يعلم أنه إذا حصل له فهناك كل عوض ودرجة عالية.
وأما نحوها نحو الذات فيريد به: أن صاحبها لا يقتصر على شهود الأفعال والأسماء والصفات. بل الذات الجامعة لمتفرقات الأسماء والصفات والأفعال.) (6).
قسم الهروي درجات علو الهمة على ثلاث:
1 - (الدرجة الأولى: همة تصون القلب عن وحشة الرغبة في الفاني، وتحمله على الرغبة في الباقي، وتصفيه من كدر التواني) (1).
يقول ابن القيم: (الفاني الدنيا وما عليها. أي يزهد القلب فيها وفي أهلها. وسمى الرغبة فيها وحشة لأنها وأهلها توحش قلوب الراغبين فيها، وقلوب الزاهدين فيها.
أما الراغبون فيها: فأرواحهم وقلوبهم في وحشة من أجسامهم. إذ فاتها ما خلقت له. فهي في وحشة لفواته.
وأما الزاهدون فيها: فإنهم يرونها موحشة لهم. لأنها تحول بينهم وبين مطلوبهم ومحبوبهم. ولا شيء أوحش عند القلب مما يحول بينه وبين مطلوبه ومحبوبه. ولذلك كان من نازع الناس أموالهم، وطلبها منهم أوحش شيء إليهم وأبغضه.
وأيضا: فالزاهدون فيها: إنما ينظرون إليها بالبصائر. والراغبون ينظرون إليها بالأبصار فيستوحش الزاهد مما يأنس به الراغب. كما قيل:
وإذا أفاق القلب واندمل الهوى ... رأت القلوب ولم تر الأبصار
وكذلك هذه الهمة تحمله على الرغبة في الباقي لذاته. وهو الحق سبحانه. والباقي بإبقائه: هو الدار الآخرة.
وتصفيه من كدر التواني أي تخلصه وتمحصه من أوساخ الفتور والتواني، الذي هو سبب الإضاعة والتفريط. والله أعلم) (2).
2 - قال الهروي: (الدرجة الثانية: همة تورث أنفة من المبالاة بالعلل، والنزول على العمل والثقة بالأمل) (3).
يقول ابن القيم: (العلل هاهنا: هي علل الأعمال من رؤيتها، أو رؤية ثمراتها وإرادتها. ونحو ذلك. فإنها عندهم علل.
فصاحب هذه الهمة: يأنف على همته، وقلبه من أن يبالي بالعلل. فإن همته فوق ذلك. فمبالاته بها، وفكرته فيها: نزول من الهمة.
وعدم هذه المبالاة: إما لأن العلل لم تحصل له؛ لأن علو همته حال بينه وبينها. فلا يبالي بما لم يحصل له. وإما لأن همته وسعت مطلوبه، وعلوه يأتي على تلك العلل، ويستأصلها. فإنه إذا علق همته بما هو أعلى منها تضمنتها الهمة العالية. فاندرج حكمها في حكم الهمة العالية. وهذا موضع غريب عزيز جدا. وما أدري قصده الشيخ أو لا؟
وأما أنفته من النزول على العمل: فكلام يحتاج إلى تقييد وتبيين. وهو أن العالي الهمة مطلبه فوق مطلب العمال والعباد. وأعلى منه. فهو يأنف أن ينزل من سماء مطلبه العالي، إلى مجرد العمل والعبادة، دون السفر بالقلب إلى الله، ليحصل له ويفوز به. فإنه طالب لربه تعالى طلبا تاما بكل معنى واعتبار في عمله، وعبادته ومناجاته، ونومه ويقظته، وحركته وسكونه، وعزلته وخلطته، وسائر أحواله. فقد انصبغ قلبه بالتوجه إلى الله تعالى أيما صبغة.
وهذا الأمر إنما يكون لأهل المحبة الصادقة. فهم لا يقنعون بمجرد رسوم الأعمال، ولا بالاقتصار على الطلب حال العمل فقط.
وأما أنفته من الثقة بالأمل: فإن الثقة توجب الفتور والتواني. وصاحب هذه الهمة: ليس من أهل ذلك، كيف؟ وهو طائر لا سائر.) (4).
3 - قال الهروي: (الدرجة الثالثة: همة تتصاعد عن الأحوال والمعاملات. وتزري بالأعواض والدرجات. وتنحو عن النعوت نحو الذات) (5).
يقول ابن القيم: (أي هذه الهمة أعلى من أن يتعلق صاحبها بالأحوال التي هي آثار الأعمال والواردات، أو يتعلق بالمعاملات. وليس المراد تعطيلها. بل القيام بها مع عدم الالتفات إليها، والتعلق بها.
ووجه صعود هذه المهمة عن هذا: ما ذكره من قوله: تزري بالأعواض والدرجات، وتنحو عن النعوت نحو الذات، أي صاحبها لا يقف عند عوض ولا درجة. فإن ذلك نزول من همته. ومطلبه أعلى من ذلك. فإن صاحب هذه الهمة قد قصر همته على المطلب الأعلى، الذي لا شيء أعلى منه. والأعواض والدرجات دونه. وهو يعلم أنه إذا حصل له فهناك كل عوض ودرجة عالية.
وأما نحوها نحو الذات فيريد به: أن صاحبها لا يقتصر على شهود الأفعال والأسماء والصفات. بل الذات الجامعة لمتفرقات الأسماء والصفات والأفعال.) (6).
(1) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/ 6).
(2) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/ 6).
(3) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/ 7).
(4) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/ 7).
(5) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/ 8).
(6) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/ 8).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
صور علو الهمة
مظاهر وصور علو الهمة كثيرة جداً فالأعمال الجادة كلها تحتاج إلى علو الهمة وسنتحدث عن بعض مظاهر علو الهمة وهي كالتالي:
1 - علو الهمة في طلب العلم:
من مظاهر علو الهمة الاهتمام في طلب العلم فبالعلم تعلو الهمة ويُرفع طالبه قال الله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة: 11].
قال الشوكاني في الحث على علو الهمة في طلب العلم: (فإن الله سبحانه قد قرن العلماء في كتابه بنفسه وملائكته فقال شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ [آل عمران:18].
وقصر الخشية له التي هي سبب الفوز لديه عليهم فقال (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر:28].
وأخبره عباده بأنه يرفع علماء أمته درجات فقال يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [المجادلة:11] وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن العلماء ورثة الأنبياء.
وناهيك بهذه المزية الجليلة والمنقبة النبيلة فأكرم بنفس تطلب غاية المطالب في أشرف المكاسب وأحبب برجل أراد من الفضائل ما لا تدانيه فضيلة ولا تساميه منقبة ولا تقاربه مكرمة) (1).
2 - علو الهمة في الدعوة إلى الله:
من مظاهر علو الهمة الدعوة إلى الله فالمسلم يدعو إلى الله سبحانه وتعالى بما علم قال صلى الله عليه وسلم: ((بلغوا عني ولو آية)) (2) والداعية إلى الله سبحانه وتعالى همه هداية الناس ودعوتهم إلى الحق فيقوم ببذل نفسه في سبيل الدعوة إلى الله، قال ابن حزم: (لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها وليس ذلك إلا في ذات الله عز وجل في دعاء إلى حق وفي حماية الحريم وفي دفع هوان لم يوجبه عليك خالقك تعالى وفي نصر مظلوم وباذل نفسه في عرض دنيا كبائع الياقوت بالحصى) ولنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وسلف الأمة القدوة الحسنة، فقد بذلوا كل غال ونفيس في سبيل الدعوة إلى الله.
3 - علو الهمة في الجهاد في سبيل الله:
من مظاهر علو الهمة الاندفاع إلى الجهاد في سبيل الله بثبات فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغى القتل والموت مظانه ... )) (3) والمواقف من الصحابة والسلف كثيرة في اندفاعهم إلى الجهاد في سبيل الله والبذل والعطاء الذي قدموه لهذا الدين.
4 - علو الهمة في العبادة:
من مظاهر علو الهمة الجد والاجتهاد في عبادة الله سبحانه وتعالى والاستقامة على دينه و (لقد فقه سلفنا الصالحون عن الله أمره، وتدبروا في حقيقة الدنيا، ومصيرها إلى الآخرة، فاستوحشوا من فتنتها، وتجافت جنوبهم عن مضاجعها، وتناءت قلوبهم من مطامعها، وارتفعت همتهم على السفاسف، فلا تراهم إلا صوَّامين قوامين، باكين والهين، ولقد حفلت تراجمهم بأخبار زاخرة تشير بعلو همتهم في التوبة والاستقامة، وقوة عزيمتهم في العبادة والإخبات، وهاك طرفاً من عباراتهم ... قال الحسن: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره
وقال وهيب بن الورد: إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل) (4).
ويقول ابن حزم في علو همة من امتحن بمكروه وعاقه عن هذا الطريق: (ووجدت العامل للآخرة إن امتحن بمكروه في تلك السبيل لم يهتم بل يسر إذ رجاؤه في عاقبه ما ينال به عون له على ما يطلب وزايد في الغرض الذي إياه يقصد ووجدته إن عاقه عما هو بسبيله عائق لم يهتم إذ ليس مؤاخذا بذلك فهو غير مؤثر في ما يطلب ورأيته إن قصد بالأذى سر وإن نكبته نكبة سر وإن تعب فيما سلك فيه سر فهو في سرور متصل أبدا) (5).
(1) ((أدب الطلب ومنتهى الأدب)) للشوكاني (ص: 128).
(2) رواه البخاري (3461)
(3) رواه مسلم (1889).
(4) ((علو الهمة)) لمحمد إسماعيل المقدم (ص: 209).
(5) ((الأخلاق والسير)) لابن حزم (ص: 15).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
موانع اكتساب علو الهمة
1 - (الذنوب والمعاصي:
قال ابن القيم – رحمه الله -: (فالذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر، وينكس الطالب، والقلب إنما يسير إلى الله بقوته، فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي ستسيره، فإذا زالت بالكلية انقطع عن الله انقطاعاً يبعد تداركه، فالله المستعان).
2 - الخوف والهم والحزن:
آفات قلبية وعوائق نفسية توهن الهمة وتضعف الإرادة، وتقود إلى الخور والفتور؛ ولهذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستعاذة منها فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال)) (1).
3 - فتنة الفقر أو الغنى:
كلاهما قد يشغل القلب عن غايته والوصول إلى هدفه، وربما يشتت همته، ويفرق جمعيته، ولهذا فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من شر الفتنة بهما فقال: ((اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى، ومن شر فتة الفقر)) (2).
قال الإمام النووي: (وأما استعاذته صلى الله عليه وسلم من فتنة الغنى وفتنة الفقر فلأنهما حالتان تخشى الفتنة فيهما بالتسخط وقلة الصبر، والوقوع في حرام أو شبهة للحاجة، ويخاف في الغنى من الأشر والبطر والبخل بحقوق المال، أو إنفاقه في إسراف أو في باطل أو في مفاخر) (3).
4 - اليأس والتشاؤم:
عندما يرى فريق من الدعاة تفوق الأعداء، وتفرق الأصدقاء، والتضييق على الدعاة، وتشريدهم، والزج بهم في السجون، ونحوها من الابتلاءات، ييأسوا ويتشاءموا ويدب الوهن إلى قلوبهم؛ فتضعف هممهم، ويقعدوا عن العمل، ويفقدوا الأمل .. على الرغم من انتصارات الدعوة والبشائر التي تبدو في الأفق؛ ولكن يأبى بعضهم إلا النظرة المتشائمة.
5 - مجالسة القاعدين:
مجالس البطالين والقاعدين توهن العزائم وتضعف الهمم بما يعلق في القلب من أقوالهم من الشبه، وما يحصل بمجالستهم من ضياع للوقت، وإشغال بتوافه الأمور .. وكلما أردت العمل ثبطك وقال: (أمامك ليل طويل فارقد).
6 - الإكثار من الطعام والنوم والكلام:
لأن الشبع من أسباب موت القلب وصدئه، كما قال أبو سليمان الداراني – رحمه الله -: لكل شيء صدأ، وصدأ القلب شبع البطن.
7 - الانشغال الكثير بالدنيا:
لابد للمرء من اشتغال بشيء من الدنيا ليكف به نفسه عن سؤال الناس، وقد كان أنبياء الله – صلوات الله وسلامه عليهم – يعملون بأيديهم ويتكسبون؛ ولكن الشين هو الانشغال بها والركض وراءها واللهث الدائم عليها ابتغاء المزيد من متاعها (4).
1 - (الذنوب والمعاصي:
قال ابن القيم – رحمه الله -: (فالذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر، وينكس الطالب، والقلب إنما يسير إلى الله بقوته، فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي ستسيره، فإذا زالت بالكلية انقطع عن الله انقطاعاً يبعد تداركه، فالله المستعان).
2 - الخوف والهم والحزن:
آفات قلبية وعوائق نفسية توهن الهمة وتضعف الإرادة، وتقود إلى الخور والفتور؛ ولهذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستعاذة منها فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال)) (1).
3 - فتنة الفقر أو الغنى:
كلاهما قد يشغل القلب عن غايته والوصول إلى هدفه، وربما يشتت همته، ويفرق جمعيته، ولهذا فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من شر الفتنة بهما فقال: ((اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى، ومن شر فتة الفقر)) (2).
قال الإمام النووي: (وأما استعاذته صلى الله عليه وسلم من فتنة الغنى وفتنة الفقر فلأنهما حالتان تخشى الفتنة فيهما بالتسخط وقلة الصبر، والوقوع في حرام أو شبهة للحاجة، ويخاف في الغنى من الأشر والبطر والبخل بحقوق المال، أو إنفاقه في إسراف أو في باطل أو في مفاخر) (3).
4 - اليأس والتشاؤم:
عندما يرى فريق من الدعاة تفوق الأعداء، وتفرق الأصدقاء، والتضييق على الدعاة، وتشريدهم، والزج بهم في السجون، ونحوها من الابتلاءات، ييأسوا ويتشاءموا ويدب الوهن إلى قلوبهم؛ فتضعف هممهم، ويقعدوا عن العمل، ويفقدوا الأمل .. على الرغم من انتصارات الدعوة والبشائر التي تبدو في الأفق؛ ولكن يأبى بعضهم إلا النظرة المتشائمة.
5 - مجالسة القاعدين:
مجالس البطالين والقاعدين توهن العزائم وتضعف الهمم بما يعلق في القلب من أقوالهم من الشبه، وما يحصل بمجالستهم من ضياع للوقت، وإشغال بتوافه الأمور .. وكلما أردت العمل ثبطك وقال: (أمامك ليل طويل فارقد).
6 - الإكثار من الطعام والنوم والكلام:
لأن الشبع من أسباب موت القلب وصدئه، كما قال أبو سليمان الداراني – رحمه الله -: لكل شيء صدأ، وصدأ القلب شبع البطن.
7 - الانشغال الكثير بالدنيا:
لابد للمرء من اشتغال بشيء من الدنيا ليكف به نفسه عن سؤال الناس، وقد كان أنبياء الله – صلوات الله وسلامه عليهم – يعملون بأيديهم ويتكسبون؛ ولكن الشين هو الانشغال بها والركض وراءها واللهث الدائم عليها ابتغاء المزيد من متاعها (4).
(1) رواه البخاري (2893).
(2) رواه البخاري (6377).
(3) ((شرح مسلم)) للنووي (17/ 28).
(4) ((الرائد .. دروس في التربية والدعوة)) لمازن الفريح (4/ 271).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أسباب علو الهمة
(إن الارتقاء بالهمة والعلو بها عن السفاسف يحتاج إلى جهد ومجاهدة وصبر ومصابرة، وهناك بعض الأسباب التي لها أثر كبير في كبر الهمة وارتفاعها:
1 - العلم:
العلم يعلي الهمة، ويرفع طالبه به، قال الله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة: 11]، فهو يرشد طالبه إلى العمل ويحث عليه، كما يعرفه بمخاطر الطريق وعوائق السبيل، ويحذره من آفات القعود وأمراض الجمود.
فكلما ازداد العلم وخلصت النية علت الهمة وازداد العمل؛ ولهذا كانت همم العلماء الصادقين أكبر من غيرهم عملا ودعوة وجهاداً.
2 - الذكر:
من أفضل أسباب قوة القلب، وعلو همته ذكر الله ودوام الصلة به بأنواع العبادات، قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – وهو يعدد فوائد الذكر:
(السادسة عشرة: أنه يورث حياة القلب.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية – قدس الله تعالى روحه – يقول: الذكر للقلب مثل الماء للسمك؛ فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟!
السابعة عشرة: أنه قوت القلب والروح، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته).
3 - الدعاء:
وهو من خير الأسلحة التي يقاوم بها فتور الهمة وضعف العزيمة.
ولذلك كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل ... )) (1).
4 - تذكر اليوم الآخر:
تذكر الموت وسكراته، والقبر وضمته، والحشر وكربته والصراط وزلته. هذه المواقف تبعث في القلب الهمة .. توقظه عن غفلته، وتبعثه من رقدته وسكرته؛ ولذا كان من أسلوب القرآن للحث على العمل وبعث الهمم التذكير باليوم الآخر وبالجنة والنار. تدبر قوله – عز وجل - وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133]، وكان صلى الله عليه وسلم يذكر أصحابه بالجنة والنار كما روى ذلك الإمام مسلم في صحيحه عن طلحة الأسدي) (2).
5 - طبيعة الإنسان:
(فهناك من الناس من جبل على علو الهمة، فلا يرضى بالدون، ولا يقنع بالقليل، ولا يلتفت إلى الصغائر، ولا تغدو بلبه الدنايا ومحقرات الأمور.
ولهذا قيل: ذو الهمة إن حط فنفسه تأبى إلا علواً، كالشعلة في النار يصوبها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعاً (3).
قال عمر بن عبد العزيز: إن لي نفساً تواقة؛ لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلما نلتها تاقت إلى الخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة! (4)
6 - أثر الوالدين، ودورهما في التربية الصحيحة:
فأثر الوالدين في التربية عظيم، ودورهما في إعلاء همم الأولاد خطير وجسيم؛ فإذا كان الوالدان قدوة في الخير، وحرصا على تربية الأولاد، واجتهدا في تنشئتهم على كريم الخلال وحميد الخصال، مع تجنيبهم ما ينافي ذلك من مساوئ الأخلاق ومرذول الأعمال – فإن لذلك أثراً عظيماً في نفوس الأولاد؛ لأن الأولاد سيشبون – بإذن الله – متعشقين للبطولة، محبين لمعالي الأمور، متصفين بمكارم الأخلاق، مبغضين لسفساف الأمور، نافرين عن مساوئ الأخلاق.
7 - النشأة في مجتمع مليء بالقمم:
فمن بواعث الهمة، ومهيئات النبوع – أن يشب الناشئ الذكي في مجتمع مليء بالقمم الحقيقية من الأبطال المجاهدين، والعلماء العاملين؛ فهذا مما يحرك همته، ويبعث عزمته؛ كي يحذو حذوهم، ويسير على نولهم.
8 - تقديم النوابغ، ورعاية المواهب:
(1) رواه البخاري (6369).
(2) من 1 - 4 من كتاب ((الرائد .. دروس في التربية والدعوة)) (4/ 265) باختصار.
(3) ((عيون الأخبار)) (1/ 233).
(4) ((عيون الأخبار)) (1/ 231).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
فالنوابغ يحتاجون إلى توجيه مستمر، وإلى رعاية وصيانة، وإلى أن تهيء لهم مقومات النبوغ والألمعية.
فإذا نشأ الألمعي النابغة في مجتمع يقدره قدره، وينظر إليه بعين الإكبار والتجلة – هفت نفسه لكل فضيلة، ورنت عينه إلى كل بطولة، فيزداد بذلك جدا في الطلب، وسعياً إلى أقصى درجات الكمال.
9 - وجود المربين الأفذاذ، والمعلمين القدوات:
الذين يستحضرون عظم المسؤولية، ويستشعرون ضخامة الأمانة، والذين يتسمون ببعد النظرة، وعلو الهمة، وسعة الأفق وحسن الخلق، والذين يتحلون بالحلم والعلم، والصبر والشجاعة، وكرم النفس والسماحة.
10 - الأحداث التي تمر بالأمة:
فالأحداث الجسام التي مرت بالأمة هي مما يبعث الهمم، ويوقظ العزائم؛ لأن تلك الأحداث بمثابة جرس الإنذار، وناقوس الخطر الذي يؤذن بهلاك الأمة وفنائها.
فإذا رأت الأمة ما هي عليه من الضعف، والتردي، وتسلط الأعداء – بدأت في التفكير السليم، والعمل الجاد، الذي ترد به المعتدي، وتستعيد به عزها ومجدها.
11 - المواقف التي تمر بالإنسان:
فكما أن الأحداث والمواقف التي تمر بالأمة تكون سبباً من أسباب علو الهمة – فكذلك الفرد نفسه إذا مرت به أحداث ومواقف، وتقلبات في حياته، من محن، وبلايا وغير ذلك – فإنها تؤثر فيه، وتترك أثرها في نفسه، وقد تكون سبباً لنهوضه ورفعته.
12 - مطالعة سير الأبطال والمصلحين والنابغين:
فإن مطالعة سيرهم، وقراءة تراجمهم، المحررة بأقلام تشرح نواحي العظمة فيهم، وتصف آثارهم، وتبين ما يخصه بهم عظماء الرجال من تقدير وتمجيد – كل ذلك مما يبعث الهمة، ويوقظ العزمة؛ ذلك أن حياة أولئك تتمثل أمام القارئ، وتوحي بالاقتداء بهم، والسير على منوالهم.
13 - استشعار المسؤولية:
وذلك بأن يستشعر الإنسان مسؤوليته، ويعمل ما في وسعه ومقدوره، ويحذر كل الحذر من التهرب من المسؤولية، والإلقاء باللائمة والتبعة على غيره؛ ذلك أن المسؤولية في الإسلام عامة، تشمل كل فرد من المسلمين؛ فهم جميعاً داخلون في عموم قوله – صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته)) (1).
فالمسؤولية مشتركة، كل امرئ بحسبه، هذا بتعليمه وكلامه، وهذا بوعظه وإرشاده، وهذا بقوته وماله، وهذا بجاهه وتوجيهه إلى السبيل النافع وهكذا.
14 - السلامة من الغرور ومن المبالغة في احتقار النفس:
فهذان الأمران من أعظم الأسباب لدنو الهمم، والسلامة منهما من أعظم الأسباب لعلوها.
أما الغرور فهو أن يحتقر المرء كل من عداه، وأن يتطاول إلى ما ليس في قدرته، وأن يتدخل فيما ليس من شأنه، وأن يحكم على ما لم يخط به علمه ... أما المرض الثاني فهو المبالغة في احتقار النفس؛ فتجد من الناس من هو محطم النفس، مسلوب الإرادة، فاقد الأمل، قليل الثقة بنفسه وبأمته، لا يرى أن باستطاعته أن يقوم بشيء في هذه الحياة.
وما أقسى هذا الداء، وما أمره على الأمة؛ إذ يشل حركتها، ويجعلها ذليلة أمام كل جبار، ضعيفة أمام كل قوي) (2).
فإذا نشأ الألمعي النابغة في مجتمع يقدره قدره، وينظر إليه بعين الإكبار والتجلة – هفت نفسه لكل فضيلة، ورنت عينه إلى كل بطولة، فيزداد بذلك جدا في الطلب، وسعياً إلى أقصى درجات الكمال.
9 - وجود المربين الأفذاذ، والمعلمين القدوات:
الذين يستحضرون عظم المسؤولية، ويستشعرون ضخامة الأمانة، والذين يتسمون ببعد النظرة، وعلو الهمة، وسعة الأفق وحسن الخلق، والذين يتحلون بالحلم والعلم، والصبر والشجاعة، وكرم النفس والسماحة.
10 - الأحداث التي تمر بالأمة:
فالأحداث الجسام التي مرت بالأمة هي مما يبعث الهمم، ويوقظ العزائم؛ لأن تلك الأحداث بمثابة جرس الإنذار، وناقوس الخطر الذي يؤذن بهلاك الأمة وفنائها.
فإذا رأت الأمة ما هي عليه من الضعف، والتردي، وتسلط الأعداء – بدأت في التفكير السليم، والعمل الجاد، الذي ترد به المعتدي، وتستعيد به عزها ومجدها.
11 - المواقف التي تمر بالإنسان:
فكما أن الأحداث والمواقف التي تمر بالأمة تكون سبباً من أسباب علو الهمة – فكذلك الفرد نفسه إذا مرت به أحداث ومواقف، وتقلبات في حياته، من محن، وبلايا وغير ذلك – فإنها تؤثر فيه، وتترك أثرها في نفسه، وقد تكون سبباً لنهوضه ورفعته.
12 - مطالعة سير الأبطال والمصلحين والنابغين:
فإن مطالعة سيرهم، وقراءة تراجمهم، المحررة بأقلام تشرح نواحي العظمة فيهم، وتصف آثارهم، وتبين ما يخصه بهم عظماء الرجال من تقدير وتمجيد – كل ذلك مما يبعث الهمة، ويوقظ العزمة؛ ذلك أن حياة أولئك تتمثل أمام القارئ، وتوحي بالاقتداء بهم، والسير على منوالهم.
13 - استشعار المسؤولية:
وذلك بأن يستشعر الإنسان مسؤوليته، ويعمل ما في وسعه ومقدوره، ويحذر كل الحذر من التهرب من المسؤولية، والإلقاء باللائمة والتبعة على غيره؛ ذلك أن المسؤولية في الإسلام عامة، تشمل كل فرد من المسلمين؛ فهم جميعاً داخلون في عموم قوله – صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته)) (1).
فالمسؤولية مشتركة، كل امرئ بحسبه، هذا بتعليمه وكلامه، وهذا بوعظه وإرشاده، وهذا بقوته وماله، وهذا بجاهه وتوجيهه إلى السبيل النافع وهكذا.
14 - السلامة من الغرور ومن المبالغة في احتقار النفس:
فهذان الأمران من أعظم الأسباب لدنو الهمم، والسلامة منهما من أعظم الأسباب لعلوها.
أما الغرور فهو أن يحتقر المرء كل من عداه، وأن يتطاول إلى ما ليس في قدرته، وأن يتدخل فيما ليس من شأنه، وأن يحكم على ما لم يخط به علمه ... أما المرض الثاني فهو المبالغة في احتقار النفس؛ فتجد من الناس من هو محطم النفس، مسلوب الإرادة، فاقد الأمل، قليل الثقة بنفسه وبأمته، لا يرى أن باستطاعته أن يقوم بشيء في هذه الحياة.
وما أقسى هذا الداء، وما أمره على الأمة؛ إذ يشل حركتها، ويجعلها ذليلة أمام كل جبار، ضعيفة أمام كل قوي) (2).
(1) رواه البخاري (893)، ومسلم (1829).
(2) من 5 - 14 من كتاب ((الهمة العالية)) لمحمد إبراهيم الحمد (ص: 101) باختصار.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نماذج من علو همة النبي صلى الله عليه وسلم:
(الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة، والقدوة الرائعة، في علو الهمة والشجاعة والإقدام، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا حمي الوطيس في الحرب كان أكثر الناس شجاعة، وأعظمهم إقداماً، وأعلاهم همة، وقد قاد صلوات الله عليه بنفسه خلال عشر سنين سبعاً وعشرين غزاة، وكان يتمنى أن يقوم بنفسه كل البعوث التي بعثها والسرايا التي سيرها، ولكن أقعده عن ذلك أنه كان لا يجد ما يزود به جميع أصحابه للخروج معه في كل بعث، وكان أكثرهم لا تطيب نفسه أن يقعد ورسول الله قد خرج إلى الجهاد.
- روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لولا أن رجالاً من المسلمين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيى، ثم أقتل ثم أحيى، ثم أقتل ثم أحيى، ثم أقتل)) (1). فأية همة علية أعلى من هذه الهمة النبوية) (2).
- وكان صلى الله عليه وسلم القدوة في الهمة العالية في العبادة فعن عائشة رضي الله عنها قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يارسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ((أفلا أكون عبداً شكوراً)) (3).
- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فأطال القيام، حتى هممت بأمر سوء، قيل وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه (4).
فعلو همته صلى الله عليه وسلم لا تنحصر بالأمثلة فحياته كانت مليئة بالهمم العالية.
(1) رواه البخاري (2797).
(2) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (2/ 480).
(3) رواه البخاري (4837) ومسلم (2819) واللفظ للبخاري.
(4) رواه مسلم (773).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نماذج للصحابة في علو الهمة:
الصحابة رضي الله عنهم قد ضربوا لنا أروع الأمثلة في الهمة العالية والتضحية في سبيل هذا الدين سواء كان في الجهاد في سبيل الله أو في طلب العلم وكذا سار التابعون على منوالهم وإليك بعض من النماذج.
علو الهمة في طلب العلم:
1 - عبد الله بن مسعود:
- عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فقال: ((يا غلام، هل من لبن؟ قال: قلت: نعم، ولكني مؤتمن، قال: فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟ فأتيته بشاة، فمسح ضرعها، فنزل لبن، فحلبه في إناء، فشرب، وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع: اقلص فقلص، قال: ثم أتيته بعد هذا، فقلت: يا رسول الله، علمني من هذا القول، قال: فمسح رأسي، وقال: يرحمك الله، فإنك غليم معلم)) (1).
- وعنه أيضاً قال: (والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم) (2)، قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك
2 - أبو هريرة رضي الله عنه:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: يقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث، والله الموعد، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه؟ وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينا، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوما: ((لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا أبدا فبسطت نمرة ليس علي ثوب غيرها، حتى قضى النبي صلى الله عليه وسلم مقالته، ثم جمعتها إلى صدري، فوالذي بعثه بالحق، ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا، والله لولا آيتان في كتاب الله، ما حدثتكم شيئا أبدا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى [البقرة: 159] إلى قوله الرَّحِيمُ [البقرة: 160])) (3).
- وعنه أيضاً قال: إنه لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس الودي، ولا صفق بالأسواق إني إنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يعلمنيها وأكلة يطعمنيها، فقال له ابن عمر: أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه (4).
3 - جابر بن عبد الله الأنصاري:
الصحابة رضي الله عنهم قد ضربوا لنا أروع الأمثلة في الهمة العالية والتضحية في سبيل هذا الدين سواء كان في الجهاد في سبيل الله أو في طلب العلم وكذا سار التابعون على منوالهم وإليك بعض من النماذج.
علو الهمة في طلب العلم:
1 - عبد الله بن مسعود:
- عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فقال: ((يا غلام، هل من لبن؟ قال: قلت: نعم، ولكني مؤتمن، قال: فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟ فأتيته بشاة، فمسح ضرعها، فنزل لبن، فحلبه في إناء، فشرب، وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع: اقلص فقلص، قال: ثم أتيته بعد هذا، فقلت: يا رسول الله، علمني من هذا القول، قال: فمسح رأسي، وقال: يرحمك الله، فإنك غليم معلم)) (1).
- وعنه أيضاً قال: (والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم) (2)، قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك
2 - أبو هريرة رضي الله عنه:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: يقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث، والله الموعد، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه؟ وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينا، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوما: ((لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا أبدا فبسطت نمرة ليس علي ثوب غيرها، حتى قضى النبي صلى الله عليه وسلم مقالته، ثم جمعتها إلى صدري، فوالذي بعثه بالحق، ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا، والله لولا آيتان في كتاب الله، ما حدثتكم شيئا أبدا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى [البقرة: 159] إلى قوله الرَّحِيمُ [البقرة: 160])) (3).
- وعنه أيضاً قال: إنه لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس الودي، ولا صفق بالأسواق إني إنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يعلمنيها وأكلة يطعمنيها، فقال له ابن عمر: أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه (4).
3 - جابر بن عبد الله الأنصاري:
(1) رواه أحمد (1/ 379) (3598)، وابن حبان (15/ 536) (7061)، والطبراني في ((الكبير)) (9/ 79).
(2) رواه البخاري (5000).
(3) رواه البخاري (2350).
(4) رواه البخاري (118)، ومسلم (2492)،وأحمد (2/ 2) (4453) واللفظ له.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عن عبد الله بن محمد بن عقيل، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرا، حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني، واعتنقته، فقلت: حديثا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص، فخشيت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يحشر الناس يوم القيامة - أو قال: العباد - عراة غرلا بهما. قال: قلنا: وما بهما؟ قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان، ولا ينبغي لأحد من أهل النار، أن يدخل النار، وله عند أحد من أهل الجنة حق، حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولأحد من أهل النار عنده حق، حتى أقصه منه، حتى اللطمة قال: قلنا: كيف وإنا إنما نأتي الله عز وجل عراة غرلا بهما؟ قال: بالحسنات والسيئات)) (1).
4 - عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
- عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبا لك يا ابن عباس، أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم، قال: فتركت ذاك وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلي فآتيك؟، فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك، قال: فأسأله عن الحديث، فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني) (2).
علو الهمة في الجهاد:
1 - أنس ابن النضر رضي الله عنه:
- عن أنس، رضي الله عنه قال: ((غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر فقال يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد قال سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع قال أنس فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه قال أنس كنا نرى، أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [الأحزاب: 23] إلى آخر الآية (3).
2 - سعد بن خيثمة رضي الله عنهما:
- عن سليمان بن بلال- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى بدر أراد سعد بن خيثمة وأبوه جميعا الخروج معه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أن يخرج أحدهما، فاستهما، فقال خيثمة بن الحارث لابنه سعد- رضي الله عنهما-: إنه لابد لأحدنا من أن يقيم، فأقم مع نسائك، فقال سعد: لو كان غير الجنة لأثرتك به، إني أرجو الشهادة في وجهي هذا، فاستهما، فخرج سهم سعد، فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فقتله عمرو بن عبد ود ... الحديث (4).
3 - عمير بن أبي وقاص رضي الله عنه:
- عن سعد- رضي الله عنه- قال: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يتوارى، فقلت: ما لك يا أخي؟، قال: إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني، وأنا أحب الخروج لعل الله أن يرزقني الشهادة، قال: فعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده، فبكى فأجازه، فكان سعد- رضي الله عنه- يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره فقتل وهو ابن ست عشرة سنة (5).
(1) رواه أحمد (3/ 495) (16085)، والحاكم (2/ 475)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8/ 265). وحسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/ 218)، والهيثمي في ((المجمع)) (10/ 354)، وحسنه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (3608).
(2) رواه الحاكم (1/ 188)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (2/ 367). قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. ووافقه الذهبي. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (1/ 212): إسناده رجاله ثقات.
(3) رواه البخاري (2805).
(4) رواه الحاكم (3/ 209).
(5) رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (3/ 149)، وذكره الحافظ ((الإصابة)) (4/ 603).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نماذج للسلف في علو الهمة:
علو الهمة في طلب العلم:
1 - سفيان الثوري:
- عن أبي شهاب الحناط قال: بعثت أخت سفيان الثوري معي بجراب إلى سفيان وهو بمكة فيه كعك وخشكنانج. فقدمت مكة فسألت عنه فقيل لي إنه ربما قعد دبر الكعبة مما يلي باب الحناطين. قال فأتيته هناك. وكان لي صديقا. فوجدته مستلقيا فسلمت عليه فلم يسائلني تلك المسائلة ولم يسلم علي كما كنت أعرف منه. فقلت له: إن أختك بعثت إليك معي بجراب فيه كعك وخشكنانج. قال: فعجل به علي. واستوى جالسا.
فقلت: يا أبا عبد الله أتيتك وأنا صديقك فسلمت عليك فلم ترد علي ذاك الرد. فلما أخبرتك أني أتيتك بجراب كعك لا يساوي شيئا جلست وكلمتني. فقال: يا أبا شهاب لا تلمني فإن هذه لي ثلاثة أيام لم أذق فيها ذواقا. فعذرته (1).
وعن سفيان بن عيينة، قال: جاع سفيان الثوري جوعا شديدا مكث ثلاثة أيام لا يأكل شيئا فمر بدار فيها عرس فدعته نفسه إلى أن يدخل فعصمه الله ومضى إلى منزل ابنته فأتته بقرص فأكله وشرب ماء فتجشى ثم قال:
سيكفيك عما أغلق الباب دونه ... وضن به الأقوام ملح وجردق
وتشرب من ماء فرات وتغتدي ... تعارض أصحاب الثريد الملبق
تجشى إذا ما هم تجشوا كأنما ... ظللت بأنواع الخبيص تفتق
2 - القاضي شريك بن عبد الله النخعي:
- عن يزيد بن يحيى قال: (مر شريك القاضي بالمستنير بْن عَمْرو النخعي، فجلس إليه فَقَالَ: يا أبا عَبْد اللهِ، من أدبك؟ قال: أدبتني نفسي والله، ولدت ببخارى من أرض خراسان، فحملني ابن عم لنا حتى طرحني عند بني عم لي بنهر صرصر، فكنت أجلس إِلَى معلم لهم تعلق بقلبي يعلم القرآن؛ فجئت إِلَى شيخهم فقلت: يا عماه الذي كنت تجري علي ها هنا أجره علي بالكوفة أعرف بها السنة والجماعة وقومي، ففعل؛ قَالَ: فكنت بالكوفة أضرب اللبن وأبيعه فأشتري دفاتر وطروساً فأكتب فيها العلم والحديث ثم طلب الفقه فقلت: ما نرى ? فَقَالَ المستنير بْن عَمْرو لولده: قد سمعتم قول ابن عمكم وقد أكثرت عليكم، فلا أراكم تفلحون فِيْهِ فليؤدب كل رجل نفسه ثم من أحسن فلها، ومن أساء فعليها) (2).
- وعن عمر بن الهياج بن سعيد: قال: (كنت من صحابة شريك، فأتيته يوما وهو في منزله باكرا، فخرج إلي في فرو ليس تحته قميص، عليه كساء.
فقلت له: قد أضحت عن مجلس الحكم، فقال: غسلت ثيابي أمس فلم تجف، فأنا أنتظر جفوفها، اجلس.
فجلست فجعلنا نتذاكر باب العبد يتزوج بغير إذن مواليه، فقال: ما عندك فيه؟ ما تقول فيه؟ ... ) (3).
علو الهمة في طلب العلم:
1 - سفيان الثوري:
- عن أبي شهاب الحناط قال: بعثت أخت سفيان الثوري معي بجراب إلى سفيان وهو بمكة فيه كعك وخشكنانج. فقدمت مكة فسألت عنه فقيل لي إنه ربما قعد دبر الكعبة مما يلي باب الحناطين. قال فأتيته هناك. وكان لي صديقا. فوجدته مستلقيا فسلمت عليه فلم يسائلني تلك المسائلة ولم يسلم علي كما كنت أعرف منه. فقلت له: إن أختك بعثت إليك معي بجراب فيه كعك وخشكنانج. قال: فعجل به علي. واستوى جالسا.
فقلت: يا أبا عبد الله أتيتك وأنا صديقك فسلمت عليك فلم ترد علي ذاك الرد. فلما أخبرتك أني أتيتك بجراب كعك لا يساوي شيئا جلست وكلمتني. فقال: يا أبا شهاب لا تلمني فإن هذه لي ثلاثة أيام لم أذق فيها ذواقا. فعذرته (1).
وعن سفيان بن عيينة، قال: جاع سفيان الثوري جوعا شديدا مكث ثلاثة أيام لا يأكل شيئا فمر بدار فيها عرس فدعته نفسه إلى أن يدخل فعصمه الله ومضى إلى منزل ابنته فأتته بقرص فأكله وشرب ماء فتجشى ثم قال:
سيكفيك عما أغلق الباب دونه ... وضن به الأقوام ملح وجردق
وتشرب من ماء فرات وتغتدي ... تعارض أصحاب الثريد الملبق
تجشى إذا ما هم تجشوا كأنما ... ظللت بأنواع الخبيص تفتق
2 - القاضي شريك بن عبد الله النخعي:
- عن يزيد بن يحيى قال: (مر شريك القاضي بالمستنير بْن عَمْرو النخعي، فجلس إليه فَقَالَ: يا أبا عَبْد اللهِ، من أدبك؟ قال: أدبتني نفسي والله، ولدت ببخارى من أرض خراسان، فحملني ابن عم لنا حتى طرحني عند بني عم لي بنهر صرصر، فكنت أجلس إِلَى معلم لهم تعلق بقلبي يعلم القرآن؛ فجئت إِلَى شيخهم فقلت: يا عماه الذي كنت تجري علي ها هنا أجره علي بالكوفة أعرف بها السنة والجماعة وقومي، ففعل؛ قَالَ: فكنت بالكوفة أضرب اللبن وأبيعه فأشتري دفاتر وطروساً فأكتب فيها العلم والحديث ثم طلب الفقه فقلت: ما نرى ? فَقَالَ المستنير بْن عَمْرو لولده: قد سمعتم قول ابن عمكم وقد أكثرت عليكم، فلا أراكم تفلحون فِيْهِ فليؤدب كل رجل نفسه ثم من أحسن فلها، ومن أساء فعليها) (2).
- وعن عمر بن الهياج بن سعيد: قال: (كنت من صحابة شريك، فأتيته يوما وهو في منزله باكرا، فخرج إلي في فرو ليس تحته قميص، عليه كساء.
فقلت له: قد أضحت عن مجلس الحكم، فقال: غسلت ثيابي أمس فلم تجف، فأنا أنتظر جفوفها، اجلس.
فجلست فجعلنا نتذاكر باب العبد يتزوج بغير إذن مواليه، فقال: ما عندك فيه؟ ما تقول فيه؟ ... ) (3).
(1) ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (6/ 350).
(2) ((أخبار القضاة)) لوكيع (3/ 150).
(3) ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (9/ 288).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نماذج للعلماء المتقدمين في علو الهمة:
1 - أبو الفرج ابن الجوزي:
يصف ابن الجوزي علو همته في طلب العلم وهو يخاطب ابنه فيقول:
(وانظر يا بني إلى نفسك عند الحدود، فتلمَّح كيف حِفظُكَ لها؟ فإنه من راعى رُوعي، ومن أهملَ تُرِك ... فإني أذكر نفسي ولي همةٌ عالية وأنا في المكتب ولي نحو من ست سنين، وأنا قرينُ الصبيان الكبار قد رُزِقتُ عقلاً وافرًا في الصغر يزيدُ على عقلِ الشيوخ، فما أذكر أني لعبتُ في طريقٍ معَ صبيٍ قط، ولا ضحِكتُ ضحكًا جارحًا، حتى إني كنتُ ولي سبعُ سنين أو نحوُها أحضرُ رحبةَ الجامع، ولا أتخيّرُ حلقةَ مشعبذٍ، بل أطلب المحدّث، فيتحدث بالسند الطويل، فأحفظُ جميعَ ما أسمع، وأرجع إلى البيت فأكتبه.
ولقد وُفِّقَ لي شيخنا أَبُو الفضل ابن ناصر رحمه الله، فكان يحملني إلى الأشياخ، وأسمعني (المسندَ) وغيرَه من الكتب الكبار، وأنا لا أعلم ما يُراد مني، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت، فناولني ثبتها، ولازمته إلى أن توفي رحمه الله، فأدركتُ به معرفة الحديث والنقل.
ولقد كان الصبيان ينزلون دِجلة، ويتفرجون على الجسر، وأنا في زمن الصغر آخذ جزءًا، وأقعد حُجزةً من الناس إلى جانب الرِّقة فأتشاغلُ بالعلم) (1).
ثم قال: (ولم أقنع بفن واحد من العلم، بل كنت أسمع الفقه والوعظ والحديث وأتّبع الزهاد. ثم قرأت اللغة ولم أترك أحدًا ممن قد انزوى أو يعظ، ولا غريبًا يقدُمُ إلا وأحضره وأتخيّر الفضائل ... ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطع نفَسي من العَدْوِ لئلا اُسبَق، وكنت أصبح وليس لي ما آكل، وأمسي وليس لي شيء، وما أذلني الله لمخلوق، ولكنه ساق رزقي لصيانة عِرضي، ولو شرحتُ أحوالي لطال الشرح) (2).
2 - يحيى بن شرف النووي:
كان النووي عالي الهمة في طلب العلم منذ صغره، فقد ذكر ابن داود العطار عن ياسين بن يوسف المراكشي قال: (رأيت الشيخ محيي الدين، وهو ابن عشر سنين بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم، ويبكي، لإكراههم، ويقرأ القرآن في هذه الحالة فوقع في قلبي محبته، وجعله أبوه في دكان فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: فأتيت الذي يقرئه القرآن، فوصيته به، وقلت له: هذا الصبي يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال لي: أمنجم أنت؟ فقلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك، فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه، إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام (3).
(1) ((لفتة الكبد في نصيحة الولد)) لابن الجوزي (ص10).
(2) ((لفتة الكبد في نصيحة الولد)) لابن الجوزي (ص11) بتصرف.
(3) ((طبقات الشافعية الكبرى)) للسبكي (8/ 396 - 397).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
دلائل عالي الهمة
توجد هناك دلائل لأهل الهمم العالية تظهر تلك الهمم نذكرها على شكل نقاط وهي كالتالي:
1 - الزهد في الدنيا.
2 - المسارعة في الخيرات والتنافس في الصالحات.
3 - الحياء.
4 - التطلع إلى الكمال والترفع عن النقص.
5 - الترفع عن محقرات الأمور وصغائرها ونشدان معالي الأمور وكمالاتها (1).
6 - الأخذ بالعزائم.
7 - الاستدراك على ما فات.
8 - أداء الواجبات وتحمل المسؤوليات.
9 - الاهتمام بواقع الأمة والسعي لإصلاحه.
10 - حسن إدارة الأوقات (2).
توجد هناك دلائل لأهل الهمم العالية تظهر تلك الهمم نذكرها على شكل نقاط وهي كالتالي:
1 - الزهد في الدنيا.
2 - المسارعة في الخيرات والتنافس في الصالحات.
3 - الحياء.
4 - التطلع إلى الكمال والترفع عن النقص.
5 - الترفع عن محقرات الأمور وصغائرها ونشدان معالي الأمور وكمالاتها (1).
6 - الأخذ بالعزائم.
7 - الاستدراك على ما فات.
8 - أداء الواجبات وتحمل المسؤوليات.
9 - الاهتمام بواقع الأمة والسعي لإصلاحه.
10 - حسن إدارة الأوقات (2).
(1) انظر للتوسع في هذه النقاط ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبد الرحمن الميداني (2/ 480 - 508).
(2) انظر للتوسع ((الرائد .. دروس في التربية والدعوة)) مازن الفريح (4/ 261 - 265).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أوصاف عالي الهمة
يقال: فلان خطير النفس، رفيع الأهواء، بعيد الهمة، وبعيد مرتقى الهمة، وإن له همة بعيدة المرمى، ونفسا رفيعة المصعد، وإنه ليسمو إلى معالي الأمور، ويصبو إلى شريف المطالب، وتطمح نفسه إلى خطير المساعي، وتنزع همته إلى سني المراتب، وتحفزه إلى بعيد المدارك، وتحثه على طلب الأمور العالية، وتوقل الدرجات الرفيعة، وبلوغ الأقدار الخطيرة. وإن فلانا لطلاع ثنايا، وطلاع أنجد، أي يؤم معالي الأمور، وإنه ليجري في غلاء المجد، ويتوقل في معارج الشرف (1).
(1) ((مجمع الأمثال)) لليازجي (1/ 295).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
علو الهمة في واحة الشعر ..
قال علي رضي الله عنه:
إذا أظمأتك أكف الرجال ... كفتك القناعة شبعاً وريا
فكن رجلاً رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا
وقال:
ما اعتاضَ باذلُ وجهٍ بسؤالهِ ... عِوَضاً ولو نالَ المنى بسؤالِ
وإِذا السؤالُ معَ النوالِ وزنتَه ... وجَحَ السؤالُ وخفَّ كُلُّ نوالِ
وإِذا ابتُليْتَ ببذلِ وجهِكَ سائلاً ... فابذلْهِ للمتكرمِ المفضالِ
وقال:
ومحترسٍ من نفسِه خوفَ ذلةٍ ... تكونُ عليه حجةً هي ماهي
فقَلِّصَ بُرْدَيهِ وأفضى بقلبهِ ... إِلى البِرِّ والتقوى فنالَ الأمانيا
وجانب أسبابَ السفاهةِ والخَنا ... عفافاً وتنزيهاً فأصبحَ عاليِا
وصانَ عن الفحشاءِ نفساً كريمةً ... أبتْ همةً إلا العلى والمعاليا
تراهُ إِذا ما طاشَ ذو الجهلِ والصَّبا ... حليماً وقوراً ضائنَ النفسِ هاديا
له حِلْمُ كهلٍ في صرامةِ حازمٍ ... وفي العينِ إِن أبصرتَ أبصرتَ ساهياً
يروقُ صفاءُ الماءِ منه بوجهِه ... فأصبحَ منه الماءُ في الوجهِ صافياً
ومن فضلِه يرعى ذِماماً لجارهِ ... ويحفظُ منه العهد إِذا ظلَّ راعيا
صَبوراً على صَرْفِ اليالي ودرئِها ... كَتوماً لأسرارِ الضميرِ مُداريا
له هِمَّةُ تعلو على كُلِّ همةٍ ... كما قد علا البَدرُ النجومَ الداريا (1)
وقال المتنبي:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والإقدام قتال
وله أيضا:
وإذا كانت النفوس كبارا ... تعبت في مرادها الأجسام (2)
وقال أيضاً:
ولم أر في عيوب الناس عَيْبًا ... كنقص القادرين على التَّمامِ
وقال ابن هانئ الأندلسي:
ولم أجِد الإِنسانَ إِلا ابن سعيِه ... فمن كان أسعى كان بالمجدِ أجدرا
وبالهمةِ العلياءِ يرقى إِلى العلا ... فمن كان أرقى هِمَّةٍ كان أظهرا
ولم يتأخرْ من يريد تقدماً ... ولم يتقدمْ من يريدُ تأخراً (3) ...
قال علي رضي الله عنه:
إذا أظمأتك أكف الرجال ... كفتك القناعة شبعاً وريا
فكن رجلاً رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا
وقال:
ما اعتاضَ باذلُ وجهٍ بسؤالهِ ... عِوَضاً ولو نالَ المنى بسؤالِ
وإِذا السؤالُ معَ النوالِ وزنتَه ... وجَحَ السؤالُ وخفَّ كُلُّ نوالِ
وإِذا ابتُليْتَ ببذلِ وجهِكَ سائلاً ... فابذلْهِ للمتكرمِ المفضالِ
وقال:
ومحترسٍ من نفسِه خوفَ ذلةٍ ... تكونُ عليه حجةً هي ماهي
فقَلِّصَ بُرْدَيهِ وأفضى بقلبهِ ... إِلى البِرِّ والتقوى فنالَ الأمانيا
وجانب أسبابَ السفاهةِ والخَنا ... عفافاً وتنزيهاً فأصبحَ عاليِا
وصانَ عن الفحشاءِ نفساً كريمةً ... أبتْ همةً إلا العلى والمعاليا
تراهُ إِذا ما طاشَ ذو الجهلِ والصَّبا ... حليماً وقوراً ضائنَ النفسِ هاديا
له حِلْمُ كهلٍ في صرامةِ حازمٍ ... وفي العينِ إِن أبصرتَ أبصرتَ ساهياً
يروقُ صفاءُ الماءِ منه بوجهِه ... فأصبحَ منه الماءُ في الوجهِ صافياً
ومن فضلِه يرعى ذِماماً لجارهِ ... ويحفظُ منه العهد إِذا ظلَّ راعيا
صَبوراً على صَرْفِ اليالي ودرئِها ... كَتوماً لأسرارِ الضميرِ مُداريا
له هِمَّةُ تعلو على كُلِّ همةٍ ... كما قد علا البَدرُ النجومَ الداريا (1)
وقال المتنبي:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والإقدام قتال
وله أيضا:
وإذا كانت النفوس كبارا ... تعبت في مرادها الأجسام (2)
وقال أيضاً:
ولم أر في عيوب الناس عَيْبًا ... كنقص القادرين على التَّمامِ
وقال ابن هانئ الأندلسي:
ولم أجِد الإِنسانَ إِلا ابن سعيِه ... فمن كان أسعى كان بالمجدِ أجدرا
وبالهمةِ العلياءِ يرقى إِلى العلا ... فمن كان أرقى هِمَّةٍ كان أظهرا
ولم يتأخرْ من يريد تقدماً ... ولم يتقدمْ من يريدُ تأخراً (3) ...
(1) ((مجمع الحكم والأمثال)) لأحمد قبش (165).
(2) ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص: 318).
(3) ((مجمع الحكم والأمثال)) لأحمد قبش (217).