الظلم
معنى الظلم لغة واصطلاحاً
معنى الظلم لغة:
يقال ظَلَمَه يَظْلِمُهُ ظَلْماً وظُلْماً ومَظْلِمةً فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ والظُّلمُ الاسمُ يقوم مَقام المصدر وهو ظالمٌ وظَلوم ...وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه (1).
معنى الظلم اصطلاحاً:
هو: (وضع الشيء في غير موضعه المختص به؛ إما بنقصان أو بزيادة؛ وإما بعدول عن وقته أو مكانه،) (2).
وقيل: (هو عبارة عن التعدي عن الحق إلى الباطل وهو الجور. وقيل: هو التصرف في ملك الغير ومجاوزة الحد) (3).
معنى الظلم لغة:
يقال ظَلَمَه يَظْلِمُهُ ظَلْماً وظُلْماً ومَظْلِمةً فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ والظُّلمُ الاسمُ يقوم مَقام المصدر وهو ظالمٌ وظَلوم ...وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه (1).
معنى الظلم اصطلاحاً:
هو: (وضع الشيء في غير موضعه المختص به؛ إما بنقصان أو بزيادة؛ وإما بعدول عن وقته أو مكانه،) (2).
وقيل: (هو عبارة عن التعدي عن الحق إلى الباطل وهو الجور. وقيل: هو التصرف في ملك الغير ومجاوزة الحد) (3).
(2) ((مفردات ألفاظ القرآن)) للراغب (537).
(3) ((التعريفات)) للجرجاني (ص 186).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الفرق بين الظلم ومترادفاته
الفرق بين الجور والظلم:
(الجور خلاف الاستقامة في الحكم، وفي السيرة السلطانية تقول جار الحاكم في حكمه والسلطان في سيرته إذا فارق الاستقامة في ذلك، والظلم ضرر لا يستحق ولا يعقب عوضا سواء كان من سلطان أو حاكم أو غيرهما ألا ترى أن خيانة الدانق والدرهم تسمى ظلما ولا تسمى جورا فإن أخذ ذلك على وجه القهر أو الميل سمي جورا وهذا واضح، وأصل الظلم نقصان الحق، والجور العدول عن الحق من قولنا جار عن الطريق إذا عدل عنه وخلف بين النقيضين فقيل في نقيض الظلم الانصاف وهو إعطاء الحق على التمام، وفي نقيض الجور العدل وهو العدول بالفعل إلى الحق) (1).
الفرق بين الغشم والظلم:
(أن الغشم كره الظلم وعمومه توصف به الولاة لأن ظلمهم يعم، ولا يكاد يقال غشمني في المعاملة كما يقال ظلمني فيها وفي المثل وال غشوم خير من فتنة تدوم، وقال أبو بكر: الغشم اعتسافك الشيء، ثم قال يقال غشم السلطان الرعية يغشمهم، قال الشيخ أبو هلال رحمه الله: الاعتساف خبط الطريق على غير هداية فكأنه جعل الغشم ظلما يجري على غير طرائق الظلم المعهودة) (2).
الفرق بين الهضم والظلم:
(أن الهضم نقصان بعض الحق ولا يقال لمن أخذ جميع حقه قد هضم.
والظلم يكون في البعض والكل، وفي القرآن فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً [طه:112] أي لا يمنع حقه ولا بعض حقه وأصل الهضم في العربية النقصان ومنه قيل للمنخفض من الأرض هضم والجمع أهضام) (3).
(1) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 385).
(2) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 172).
(3) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 557).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،النهي عن الظلم في القرآن والسنة
النهي عن الظلم في القرآن الكريم:
الآيات الواردة في ذم الظلم والظالمين كثيرة ومتنوعة فمنها:
- آيات وردت في تنزيه الله تعالى نفسه عن الظلم، قال تعالى: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ [غافر: 31]، وقال: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ [فصلت: 46]، وقال: وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران: 108]
(أي: ليس بظالم لهم بل هو الحَكَم العدل الذي لا يجور؛ لأنه القادر على كل شيء، العالم بكل شيء، فلا يحتاج مع ذلك إلى أن يظلم أحدا من خلقه؛ ولهذا قال: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ [آل عمران:109] أي: الجميع ملْك له وعبيد له. وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ أي: هو المتصرف في الدنيا والآخرة، الحاكم في الدنيا والآخرة) (1).
- وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً [النساء: 40]، وقال: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس: 44].
قال القرطبي: (أي لا يبخسهم ولا ينقصهم من ثواب عملهم وزن ذرة بل يجازيهم بها ويثيبهم عليها. والمراد من الكلام أن الله تعالى لا يظلم قليلا ولا كثيرا) (2).
- آيات تتحدث عن إهلاك الله تعالى للظالمين وتوعدهم بعقوبات في الدنيا والآخرة. يقول تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102] (يقول تعالى: وكما أهلكنا أولئك القرون الظالمة المكذبة لرسلنا كذلك نفعل بنظائرهم وأشباههم وأمثالهم، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (3).
- وقوله تعالى: وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ [سبأ: 42] وقال الله تعالى مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18]
(أي: ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم، ولا شفيع يشفع فيهم، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير) (4).
- وقال تعالى وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِير [الحج:71] ألا لعنة الله على الظالمين [هود:18] وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ [الزمر:24]
إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام: 21]، وقال: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51].
- آيات جاء فيها وصف المعاصي بالظلم: ومنها قوله تعالى: وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق: 1] وقوله تعالى: إنَّ الَذِينَ يَاًكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إنَّمَا يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً. [النساء: 10]
النهي عن الظلم في السنة النبوية:
- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: قال الله تبارك وتعالى: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً؛ فلا تظالموا ... )) (5).
(1) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/ 93).
(2) ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (5/ 195).
(3) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/ 349).
(4) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (7/ 137).
(5) رواه مسلم (2577).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هذا الحديث قد تضمن من قواعد الدين العظيمة في العلوم والأعمال والأصول والفروع؛ فإن تلك الجملة الأولى وهي قوله: ((حرمت الظلم على نفسي)) يتضمن جل مسائل الصفات والقدر إذا أعطيت حقها من التفسير وإنما ذكرنا فيها ما لا بد من التنبيه عليه من أوائل النكت الجامعة. وأما هذه الجملة الثانية وهي قوله: ((وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)) فإنها تجمع الدين كله؛ فإن ما نهى الله عنه راجع إلى الظلم وكل ما أمر به راجع إلى العدل) (1).
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين)) (2).
- وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)) (3).
قال ابن القيم: (سبحان الله كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة واحترقت كبد يتيم وجرت دمعة مسكين كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ [المرسلات:46] وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص:88] ما ابيض لون رغيفهم حتى اسود لون ضعيفهم وما سمنت أجسامهم حتى انتحلت أجسام ما استأثروا عليه لا تحتقر دعاء المظلوم فشرر قلبه محمول بعجيج صوته إلى سقف بيتك , ويحك نبال أدعيته مصيبة وإن تأخر الوقت , قوسه قلبه المقروح , ووتره سواد الليل , وأستاذه صاحب ((لأنصرنك ولو بعد حين)) (4) وقد رأيت ولكن لست تعتبر احذر عداوة من ينام وطرفه باك يقلب وجهه في السماء يرمي سهاما ما لها غرض سوى الأحشاء منك فربما ولعلها إذا كانت راحة اللذة تثمر ثمرة العقوبة لم يحسن تناولها ما تساوي لذة سنة غم ساعة فكيف والأمر بالعكس كم في يم الغرور من تمساح فاحذر يا غائص ستعلم أيها الغريم قصتك عند علق الغرماء بك
إذا التقى كل ذي دين وماطلة ... ستعلم ليلى أي دين تداينت
من لم يتتبع بمنقاش العدل شوك الظلم من أيدي التصرف أثر ما لا يؤمن تعديه إلى القلب) (5).
- وعن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن الله ليملي للظالم فإذا آخذه لم يفلته ثم قرأ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. [هود:102])) (6).
قال ابن عثيمين في شرحه للحديث: (إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته يملي له يعني يمهل له حتى يتمادى في ظلمه والعياذ بالله فلا يعجل له العقوبة وهذا من البلاء نسأل الله أن يعيذنا وإياكم فمن الاستدراج أن يملي للإنسان في ظلمه فلا يعاقب له سريعا حتى تتكدس على الإنسان المظالم فإذا أخذه الله لم يفلته أخذه أخذ عزيز مقتدر ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102] فعلى الإنسان الظالم أن لا يغتر بنفسه ولا بإملاء الله له فإن ذلك مصيبة فوق مصيبته لأن الإنسان إذا عوقب بالظلم عاجلا فربما يتذكر ويتعظ ويدع الظلم لكن إذا أملي له واكتسب آثاما أو ازداد ظلما ازدادت عقوبته والعياذ بالله فيؤخذ على غرة حتى إذا أخذه الله لم يفلته) (7).
- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)) (8).
(1) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (18/ 157).
(2) رواه البخاري (2453)، ومسلم (1612).
(3) رواه مسلم (2578).
(4) رواه الترمذي (3598)، وابن ماجه (1752)، وأحمد (2/ 445) (9741) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسنه الترمذي، وحسن إسناده العجلوني في ((كشف الخفاء)) (1/ 464)، وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (3520).
(5) ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (3/ 762).
(6) رواه البخاري (4686).
(7) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/ 498).
(8) رواه البخاري (2442)، ومسلم (2580).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقوال السلف والعلماء في ذم الظلم
- قال معاوية رضي الله عنه: (إني لأستحي أن أظلم من لا يجد علي ناصراً إلا الله) (1).
- وقال رجل عند أبي هريرة: (إن الظالم لا يظلم إلا نفسه، فقال أبو هريرة: كذبت، والذي نفس أبي هريرة بيده، إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم) (2).
- (وكتب رجل إلى سلطان: أحق الناس بالإحسان من أحسن الله إليه وأولاهم بالإنصاف من بسطت بالقدرة يداه) (3).
- (وكتب إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعض عماله يستأذنه في تحصين مدينته. فكتب إليه: حصنها بالعدل، ونق طرقها من الظلم) (4).
- (ودخل طاوس اليماني على هشام بن عبد الملك فقال له: اتق يوم الأذان؛ قال هشام.
وما يوم الأذان؟ قال: قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [الأعراف:44] فصعق هشام، فقال طاوس: هذا ذل الصفة فكيف المعاينة؟) (5).
- (وقال المهدي للربيع بن أبي الجهم، وهو والي أرض فارس: يا ربيع، آثر الحق، والزم القصد، وابسط العدل، وارفق بالرعية، واعلم أن أعدل الناس من أنصف من نفسه، وأظلمهم من ظلم الناس لغيره) (6).
- (وقال ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال: استعمل ابن عامر عمرو بن أصبغ على الأهواز، فلما عزله، قال له: ما جئت به؟ قال له: ما معي إلا مائة درهم وأثواب. قال: كيف ذلك؟ قال: أرسلتني إلى بلد أهله رجلان: رجل مسلم له ما لي وعليه ما علي، ورجل له ذمة الله ورسوله، فوالله ما دريت أين أضع يدي. قال: فأعطاه عشرين ألفاً) (7).
- وكان شريح القاضي يقول: (سيعلم الظالمون حق من انتقصوا، إن الظالم لينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النصر والثواب) (8).
- وقال جعفر بن يحيى: (الخراج عمود الملك، وما استغزر بمثل العدل، وما استنزر بمثل الظلم) (9).
(1) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 30).
(2) رواه ابن أبي الدنيا في ((العقوبات)) (ص178)، والطبري في ((تفسيره)) (17/ 231).
(3) ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/ 76).
(4) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 31).
(5) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 124).
(6) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 31).
(7) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 31).
(8) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 124).
(9) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 31).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام الظلم
(الظلم ثلاثة: الأول: ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه: الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وإياه قصد بقوله: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18]، وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإنسان:31]، في آي كثيرة، وقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ [الزمر:32]، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الأنعام:93].
والثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد بقوله: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ إلى قوله: إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ الآية: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى: 40]، وبقوله: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ [الشورى:42]، وبقوله: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا [الإسراء:33].
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصد بقوله: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ [فاطر:32]، وقوله: ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل:44]، إذ ظلموا أنفسهم [النساء:64]، فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة:35]، أي: من الظالمين أنفسهم، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة:231].
وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس؛ فإن الإنسان في أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه، فإذا الظالم أبدا مبتدئ في الظلم، ولهذا قال تعالى في غير موضع: وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:33]، وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة:57]، وقوله: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82]) (1).
(1) ((مفردات ألفاظ القرآن)) للراغب (ص537 - 538).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،آثار ومضار الظلم
1 - الظالم مصروف عن الهداية:
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51].
2 - الظالم لا يفلح أبداً:
قال تعالى: إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21].
3 - الظالم عليه اللعنة من الله:
يقول الله عز وجل: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52]
4 - الظالم يحرم من الشفاعة:
قال تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18] ويقول عليه الصلاة والسلام: ((صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وكل غالٍ مارق)) (1).
5 - تصيبه دعوة المظلوم ولا تخطئه:
قال عليه الصلاة والسلام: ((واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) (2).
6 - بالظلم يرتفع الأمن:
قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82]
7 - الظلم سبب للبلاء والعقاب:
وقال تعالى: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ. [الحج:45]
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]
وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا [الكهف:59]
8 - توعد الظالم بدخول النار:
عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة)) (3) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: قوله يتخوضون بالمعجمتين في مال الله بغير حق، أي: يتصرفون في مال المسلمين بالباطل.
(1) رواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (8079)، والخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) (ص286) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3798).
(2) رواه مسلم (19) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.
(3) رواه البخاري (3118) من حديث خولة الأنصارية رضي الله عنها.،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،صور الظلم
لا شك أن الظلم له صور كثيرة ولا ينحصر في نماذج معينة، وسنقوم بذكر بعضها حتى نكون منها على حذر، وهذه الصور هي كالتالي:
أ- ظلم العبد نفسه
1 - أعظمه الشرك بالله:
قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]
قال ابن تيمية رحمه الله: (ومما ينبغي أن يعلم أن كثيرا من الناس لا يعلمون كون الشرك من الظلم، وأنه لا ظلم إلا ظلم الحكام أو ظلم العبد نفسه، وإن علموا ذلك من جهة الاتباع والتقليد للكتاب والسنة والإجماع لم يفهموا وجه ذلك، ولذلك لم يسبق ذلك إلى فهم جماعة من الصحابة لما سمعوا قوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82]، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن مسعود أنهم قالوا: أينا لم يظلم نفسه؟! فقال رسول الله: "ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]؟ ". وذلك أنهم ظنوا أن الظلم- كما حده طائفة من المتكلمين- هو إضرار غير مستحق، ولا يرون الظلم إلا ما فيه إضرار بالمظلوم، إن كان المراد أنهم لن يضروا دين الله وعباده المؤمنين، فإن ضرر دين الله وضرر المؤمنين بالشرك والمعاصي أبلغ وأبلغ) (1).
- 2التعدي على حدود الله:
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229]. والمشار إليه في تلك حدود الأحكام الشرعية التي ذكرت قبل هذه الآية.
- 3الصد عن مساجد الله أن يذكر فيها اسمه:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة: 114]
-4 كتم الشهادة:
قال تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: 140].
5 - الإعراض عن آيات الله بتعطيل أحكامها:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً [الكهف: 57].
6 - الكذب على الله:
قال تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 144].
ب - ظلم العباد بعضهم لبعض:
وظلم العباد بعضهم لبعض أنواع، وهو أشهر أنواع الظلم وأكثرها. قال سفيان الثوري - رحمه الله -: (إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنباً فيما بينك وبين الله تعالى؛ أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد) (2) ويمكن تقسيمه إلى ظلم قولي، وظلم فعلي:
من صور الظلم القولي:
التعرض إلى الناس بالغيبة، والنميمة، والسباب والشتم، والاحتقار، والتنابز بالألقاب، والسخرية والاستهزاء والقذف والاتهام بالباطل ... وغيرها.
من صور الظلم الفعلي:
1 - القتل بغير حق:
(1) ((جامع المسائل)) لابن تيمية (6/ 235).
(2) ((تنبيه الغافلين)) للسمرقندي (ص380).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً [الإسراء: 33].
2 - الظلم الواقع على المسلمين بسبب دينهم، الذين قُتِّلوا، وشُرِّدوا، وسُجنوا ...
3 - أخذ أرض الغير أو شيء منها:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ شبراً من الأرض ظلماً؛ فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين)) (1).
4 - الظلم الواقع في الأسر:
ومنه:
- ظلم الأولاد لوالديهما بعقوقهما
- ظلم الأزواج لزوجاتهم في حقهن سواء كان صداقاً، أو نفقة، أو كسوة.
- ظلم الزوجات لأزواجهن في تقصيرهن في حقهم وتنكّر فضلهم.
- ظلم البنات بعضلهن عن الزواج.
- الدعاء على الأولاد والقسوة في التعامل معهم.
- تَفضيلُ بعض الأولاد على بعض.
5 - ظلم أصحاب الولايات والمناصب:
ومنه:
- نبذ كتاب الله وتحكيم القوانين الوضعية.
- عدم إعطاء الرعية حقوقهم.
- تقديم شخص في وظيفة ما وهناك أناس أكفأ منه وأقدر على العمل.
6 - ظلم العمال:
ومنه:
- أن يعمل له عمل ولا يعطيه أجره:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم- ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره)) (2).
- أن يبخسه حقوقَه أو أن يؤخرها عن وقتها:
قال صلى الله عليه وسلم: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عَرقُه)) (3).
- تكليفه بأمور غير ما اتُفق عليها معه، أو بأمور لم تجري العادة تكليفه بها:
قال صلى الله عليه وسلم: في العبيد الأرقاء: ((إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)) (4).
7 - أكل مال الغير بغير حق:
وهو أنواع ومنه:
1 - أكل أموال الناس بالباطل:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً [النساء: 29 - 30]
2 - أكل أموال الضعفاء كاليتامى:
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء: 10].
3 - الربا:
قال تعالى: فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً، وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [النساء: 160 - 161].
4 - السرقة:
قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ... [المائدة:38]
5 - الرشوة:
(1) رواه البخاري (3198)، ومسلم (1610) من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه.
(2) رواه البخاري (2227).
(3) رواه ابن ماجه (3443) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ورواه أبو يعلى (6682)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (8/ 13) (3014)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (7/ 142) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2892): هذا المتن مع غرابته يكتسب بكثرة طرقه قوة. وحسن إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (3/ 75)، وجوَّد إسناده العجلوني في ((كشف الخفاء)) (1/ 161).
(4) رواه البخاري (30).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الراشي والمرتشي)) (1).
6 - الغش في المعاملات:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من غشنا فليس منا)) (2).
7 - الميسر:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90 - 91]
8 - الغلول:
قال تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [آل عمران: 161].
9 - الهدايا التي تهدى للموظف بسبب وظيفته:
عن أبي حميد الساعدي قال ((استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه قال هذا مالكم وهذا هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول اللهم هل بلغت بصر عيني وسمع أذني)) (3).
(1) رواه أحمد (2/ 387) (9019)، وابن حبان (11/ 467) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5093).
(2) رواه مسلم (101).
(3) رواه البخاري (6979)، ومسلم (1832).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نصر المظلوم
لا ريب أن نصر المظلوم واجب على المسلمين وخاصة من ولاه الله أمر المسلمين، فعن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالما، أو مظلوما فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه، أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره)) (1).
قال العلائي: (هذا من بليغ الكلام الذي لم ينسج على منواله وأو للتنويع والتقسيم وسمي رد المظالم نصرا لأن النصر هو العون ومنع الظالم عون له على مصلحته والظالم مقهور مع نفسه الأمارة وهي في تلك الحالة عاتية عليه فرده عون له على قهرها ونصرة له عليها) (2).
وعن البراء رضي الله عنه، قال: ((أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا باتباع الجنائز وعيادة المريض وإجابة الداعي ونصر المظلوم ... )) (3).
قال الحافظ ابن حجر: (نصر المظلوم هو فرض كفاية وهو عام في المظلومين وكذلك في الناصرين بناء على أن فرض الكفاية مخاطب به الجميع وهو الراجح ويتعين أحيانا على من له القدرة عليه وحده إذا لم يترتب على إنكاره مفسدة أشد من مفسدة المنكر فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط الوجوب وبقي أصل الاستحباب بالشرط المذكور فلو تساوت المفسدتان تخير وشرط الناصر أن يكون عالما بكون الفعل ظلما ويقع النصر مع وقوع الظلم وهو حينئذ حقيقة وقد يقع قبل وقوعه كمن أنقذ إنسانا من يد إنسان طالبه بمال ظلما وهدده إن لم يبذله وقد يقع بعد وهو كثير) (4).
وقال النووي: (أما نصر المظلوم فمن فروض الكفاية وهو من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنما يتوجه الأمر به على من قدر عليه ولم يخف ضررا) (5).
وقال العيني: (قال العلماء نصر المظلوم فرض واجب على المؤمنين على الكفاية فمن قام به سقط عن الباقين ويتعين فرض ذلك على السلطان ثم على من له قدرة على نصرته إذا لم يكن هناك من ينصره غيره من سلطان وشبهه) (6).
وقال صاحب مرعاة المفاتيح: (ونصر المظلوم، مسلماً كان أو ذمياً بالقول أو بالفعل. قال في شرح السنة: هو واجب يدخل فيه المسلم والذمي، وقد يكون ذلك بالقول، وقد يكون بالفعل وبكف الظالم عن الظلم) (7).
(1) رواه البخاري (6952).
(2) ((فيض القدير)) للمناوي (5/ 805)
(3) رواه البخاري (1239).
(4) ((فتح الباري)) لابن حجر (5/ 99)
(5) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (14/ 45).
(6) ((عمدة القاري)) للعيني (12/ 290).
(7) ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (5/ 214).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،رد المظالم
من ابتلي بشيء من الظلم والتسلط على الناس سواء كان بأخذ مال، أو بغيره من أنواع الظلم فليتحلل منه في هذه الدنيا الفانية، فليس في الآخرة دينار ولا درهم، وإنما هو عمل صالح يؤخذ منه بقدر مظلمته ويعطى للمظلوم، وإن لم يكن له عمل صالح أخذ من سيئات المظلوم وحمله الظالم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)) (1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)) (2).
وعن عبد الله بن أنيس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما، فيناديهم مناد بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة حتى اللطمة فما فوقها، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى اللطمة فما فوقها وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49] قلنا يا رسول الله كيف وإنما نأتي حفاة عراة غرلا بهما؟ قال بالحسنات والسيئات جزاء وفاقا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)) (3).
وقال أبو الزناد: (كان عمرُ بنُ عبد العزيز يردُّ المظالم إلى أهلها بغير البينة القاطعة، كان يكتفي باليسير، إذا عرف وجه مَظْلمةِ الرَّجُلِ ردَّها عليه، ولم يكلِّفْهُ تحقيقَ البيِّنةِ، لما يعرف مِنْ غشم الوُلاة قبله على الناس، ولقد أنفد بيت مال العراق في ردِّ المظالم حتى حُمِلَ إليها مِنَ الشَّامِ) (4).
وذكر صاحب (العقد الفريد) قصة للمأمون: (وأنه جلس يوماً لرد المظالم، فكان آخر من تقدم إليه - وقد هم بالقيام - امرأة عليها هيئة السفر، وعليها ثياب رثة، فوقفت بين يديه فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم. فقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله، تكلمي بحاجتك. فقالت:
يا خير منتصف يهدى له الرشد ... ويا إماماً به قد أشرق البلد
تشكو إليك عميد القوم أرملة ... عدى عليها فلم يترك لها سبد
وابتز مني ضياعي بعد منعتها ... ظلما وفرق مني الأهل والولد
فأطرق المأمون حيناً، ثم رفع رأسه إليها وهو يقول:
في دون ما قلت زال الصبر والجلد ... عني وأقرح مني القلب والكبد
هذا أذان صلاة العصر فانصرفي ... وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد
فالمجلس السبت إن يقض الجلوس لنا ... ننصفك منه وإلا المجلس الأحد
قال: فلما كان يوم الأحد جلس، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة، فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال: وعليك السلام ثم قال: أين الخصم؟ فقالت: الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين - وأومأت إلى العباس ابنه - فقال: يا أحمد بن أبي خالد، خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم. فجعل كلامها يعلو كلام العباس. فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله، إنك بين يدي أمير المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك. فقال المأمون: دعها يا أحمد، فإن الحق أنطقها والباطل أخرسه. ثم قضى لها برد ضيعتها إليها، وظلم العباس بظلمه لها، وأمر بالكتاب لها إلى العامل الذي ببلدها أن يوغر لها ضيعتها ويحسن معاونتها، وأمر لها بنفقة) (5).
(1) رواه البخاري (6534) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) رواه مسلم (2582).
(3) رواه أحمد (3/ 495) (16085)، والحاكم (2/ 475)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8/ 265). وحسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/ 218)، والهيثمي في ((المجمع)) (10/ 354)، وحسنه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (3608).
(4) ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (ص 241).
(5) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 28).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،التحذير من دعوة المظلوم
قال صلى الله عليه وسلم: ((واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) (1).
(أي: مانع بل هي معروضة عليه تعالى. قال السيوطي: أي ليس لها ما يصرفها ولو كان المظلوم فيه ما يقتضي أنه لا يستجاب لمثله من كون مطعمه حراما أو نحو ذلك، حتى ورد في بعض طرقه (وإن كان كافرا) رواه أحمد من حديث أنس قال ابن العربي: ليس بين الله وبين شيء حجاب عن قدرته وعلمه وإرادته وسمعه وبصره ولا يخفى عليه شيء، وإذا أخبر عن شيء أن بينه وبينه حجابا فإنما يريد منعه) (2).
وقال عليه السلام: ((ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب عز وجل وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)) (3).
ولربما تأخرت إجابة الدعوة، ولكن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، قال سبحانه: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [إبراهيم:42 - 43]
وقال ميمون بن مهران: في قوله تبارك وتعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ قال: (تعزية للمظلوم، ووعيد للظالم) (4).
(وقيل لما حبس بعض البرامكة وولده قال: يا أبت بعد العز صرنا في القيد والحبس.
فقال: يا بني دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عز وجل عنها) (5).
(وكان يزيد بن حكيم يقول: ما هبت أحدا قط هيبتي رجلا ظلمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله يقول لي حسبي الله، الله بيني وبينك) (6).
وقيل لإبراهيم بن نصر الكرماني: (إن القرمطي دخل مكة، وقتل فيها، وفعل وصنع، وقد كثر الدعاء عليه، فلم يستجب للداعين؟
فقال: لأن فيهم عشر خصال، فكيف يستجاب لهم؟ فقلت: وما هن؟ قال: أوّلهنّ: أقرّوا بالله وتركوا أمره؛ والثاني: قالوا: نحبّ الرّسول، ولم يتبعوا سنته؛ والثالث: قرؤوا القرآن ولم يعملوا به؛ والرابع: قالوا: نحبّ الجنّة، وتركوا طريقها؛ والخامس: قالوا: نكره النّار، وزاحموا طريقها؛ والسادس: قالوا: إن إبليس عدّونا، فوافقوه؛ والسابع: دفنوا أمواتهم فلم يعتبروا، والثّامن: اشتغلوا بعيوب إخوانهم ونسوا عيوبهم؛ والتّاسع: جمعوا المال ونسوا الحساب؛ والعاشر: نقضوا القبور وبنوا القصور). (7).
(1) رواه البخاري (1496)، ومسلم (19) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.
(2) ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (3/ 260).
(3) رواه الترمذي (3598)، وابن ماجه (1752)، وأحمد (2/ 304) (8030)، وابن حبان (16/ 396)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسنه الترمذي، وضعفه الألباني في ((ضعيف الترغيب)) (583).
(4) ((مساوئ الأخلاق)) للخرائطي (ص220).
(5) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر (2/ 122).
(6) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر (2/ 122).
(7) ((مختصر تاريخ دمشق)) لابن منظور (4/ 169).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الانتصار من الظالم
(رغب الله سبحانه وتعالى على العفو عن الظالم وأثنى على من فعل ذلك فقال: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينتقم لخاصة نفسه، ولكن الله أباح الانتصار من الظالم، قال تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا [النساء:148] وقال سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [الشورى:39]
والانتصار ليس منافياً للعفو، فإنه يكون بإظهار القُدرة على الانتقام، ثم يقعُ العفوُ بعد ذلك، فيكون أتمَّ وأكملَ ...فالمؤمن إذا بُغِي عليه، يُظهر القدرة على الانتقام، ثم يعفو بعد ذلك) (1).
قال سبحانه: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:40 - 43]
(اللام في وَلَمَنِ انْتَصَرَ للتأكيد أي انتقم. قوله بَعْدَ ظُلْمِهِ من إضافة المصدر إلى المفعول قوله َأُولَئِكَ إشارة إلى معنى من دون لفظه مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ للمعاقب والمعنى أخذ حقه بعد أن ظلم فأولئك ما عليهم من سبيل إلى لومه وقيل ما عليهم من إثم إنما السبيل باللوم والإثم على الذين يظلمون الناس يبتدرون الناس بالظلم ويبغون في الأرض يتكبرون فيها ويقتلون ويفسدون عليهم بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم أي مؤلم ولمن صبر على الظلم والأذى ولم ينتصر وفوض أمره إلى الله إن ذلك الصبر والمغفرة منه لمن عزم الأمور أي من الأمور التي ندب إليها والعزم الإقدام على الأمر بعد الروية والفكر) (2).
وقال إبراهيم: (كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفوا) (3).
وروي عن أحمد بن حنبل أنه قال: (قد جعلت المعتصم بالله في حل من ضربي وسجني؛ لأنه حدثني هاشم بن القاسم عن ابن المبارك قال: حدثني من سمع الحسن البصري يقول: إذا جثت الأمم بين يدي رب العالمين يوم القيامة نودي: ليقم من أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا. يصدق هذا الحديث قوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وكان أحمد بن حنبل يقول: ما أحب أن يعذب الله بسببي أحدا) (4).
وقال ابن الأنباري: (كان الحسن البصري يدعو ذات ليلة: اللهم اعف عمن ظلمني، فأكثر في ذلك، فقال له رجل: يا أبا سعيد، لقد سمعتك الليلة تدعو لمن ظلمك حتى تمنيت أن أكون فيمن ظلمك، فما دعاك إلى ذلك؟ قال: قوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (5).
(1) ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (ص 450).
(2) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعيني (12/ 292).
(3) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/ 574).
(4) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/ 575).
(5) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/ 575).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،معاونة الظالم على ظلمه
من يعين الظالم فهو ظالم مثله ومشارك له في الإثم:
قال صلى الله عليه وسلم ((مَن أعان على خصومة بظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع)) (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله)) (2).
والله سبحانه وتعالى أمر بالتعاون على البر والتقوى ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان فقال: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] وعن جَابِرٍ رضي الله عنه قال: ((لَعَنَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وموكله وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وقال: هُمْ سَوَاءٌ)) (3).
قال النووي: (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين والشهادة عليهما وفيه: تحريم الإعانة على الباطل) (4).
وقال ميمون بن مهران: (الظالم، والمعين على الظلم، والمحب له سواء) (5).
(1) رواه ابن ماجه (2320) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (8473)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (6049).
(2) رواه أبو داود (3598)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (11443) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. قال الرباعي في ((فتح الغفار)) (4/ 2061): لا بأس بإسناده. وصححه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2/ 270).
(3) رواه مسلم (1598).
(4) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (11/ 36).
(5) ((مساوئ الأخلاق)) للخرائطي (ص220).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،هل للظالم توبة؟
باب التوبة مفتوح لكل من عصى الله إذا توفرت شروطها، قال تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:110] وقال تعالى فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:39]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدواوين ثلاثة فديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئاً: فالإشراك بالله عز وجل، قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء: 48]،
وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً قط: فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه،
وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئاً: فمظالم العباد بينهم، القصاص لا محالة)) (1).
وشروط التوبة كما ذكرها العلماء:
- أن يقلع عن الذنب، بأن يتركه نهائياً.
- وأن يندم على ما قد مضى.
- وأن يعزم في المستقبل على ألا يعود إليه.
- وإذا كان الأمر يتعلق بحقوق الآدميين، سواء بأموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم فعليه أن يطلب المسامحة ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها.
قال ابن القيم: (والظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له
دواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وهو الشرك به، فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به. وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئاً، وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً، فإن الله تعالى يستوفيه كله. وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وهو ظلم العبد نفسه بينه
وبين ربه عز وجل، فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محواً، فإنه يُمحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ونحو ذلك. بخلاف
ديوان الشرك؛ فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد. وديوان المظالم لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها) (2).
(1) رواه أحمد (6/ 240) (26073)، والحاكم (4/ 619)، والبيهقي في ((الشعب)) (9/ 540). قال الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 351):فيه صدقة بن موسى، وقد ضعفه الجمهور، وقال مسلم بن إبراهيم: حدثنا صدقة بن موسى وكان صدوقا، وبقية رجاله ثقات. وضعفه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3022).
(2) ((الوابل الصيب)) لابن القيم (1/ 24).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قصص في الظلم ... عبر وعظات
1 - من القصص في الظلم التي حدثت في زمن الصحابة، قصة الرجل الذي ظلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فدعا عليه سعد وقد كان مستجاب الدعوة، فاستجاب الله دعاءه، وتفصيل القصة كما رواها البخاري في (صحيحه) عن جابر بن سمرة، قال: (شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر , رضي الله عنه , فعزله , واستعمل عليهم عمارا، فشكوا، حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه , فقال: يا أبا إسحاق , إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي؟ قال أبو إسحاق: أما أنا والله , فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أخرم عنها، أصلي صلاة العشاء، فأركد في الأوليين، وأخف في الأخريين، قال: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق , فأرسل معه , رجلا، أو رجالا , إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجدا إلا سأل عنه، ويثنون معروفا، حتى دخل مسجدا لبني عبس، فقام رجل منهم , يقال له: أسامة بن قتادة , يكنى أبا سعدة، قال: أما إذ نشدتنا , فإن سعدا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية , قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث، اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا، قام رياء وسمعة , فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه بالفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد , قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن) (1).
2 - ومنها أيضاً: قصة سعيد بن زيد رضي الله عنه فقد روى مسلم في (صحيحه): ((أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم. فقال سعيد أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال وما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين. فقال له مروان لا أسألك بينة بعد هذا. فقال اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها واقتلها في أرضها. قال فما ماتت حتى ذهب بصرها ثم بينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت)) (2).
3 - قصة أوردها الهيثمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) قال:
(وقال بعضهم: رأيت رجلا مقطوع اليد من الكتف وهو ينادي من رآني فلا يظلمن أحدا، فتقدمت إليه وقلت له: يا أخي ما قصتك؟ فقال يا أخي قصتي عجيبة، وذلك أني كنت من أعوان الظلمة، فرأيت يوما صيادا قد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني، فجئت إليه فقلت: أعطني هذه السمكة، فقال لا أعطيكها أنا آخذ بثمنها قوتا لعيالي، فضربته وأخذتها منه قهرا ومضيت بها، قال: فبينما أنا ماش بها حاملها إذ عضت على إبهامي عضة قوية فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت علي إبهامي وآلمتني ألما شديدا حتى لم أنم من شدة الوجع وورمت يدي فلما أصبحت أتيت الطبيب وشكوت إليه الألم فقال هذه بدو أكلة اقطعها وإلا تلفت يدك كلها فقطعت إبهامي ثم ضربت يدي فلم أطق النوم ولا القرار من شدة الألم، فقيل لي اقطع كفك فقطعتها وانتشر الألم إلى الساعد وآلمني ألما شديدا ولم أطق النوم ولا القرار وجعلت أستغيث من شدة الألم، فقيل لي: اقطعها من المرفق فانتشر الألم إلى العضد وضربت علي عضدي أشد من الألم فقيل لي: اقطع يدك من كتفك وإلا سرى إلى جسدك كله فقطعتها فقال لي بعض الناس: ما سبب ألمك فذكرت له قصة السمكة، فقال لي: لو كنت رجعت من أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة فاستحللت منه واسترضيته ولا قطعت يدك، فاذهب الآن إليه واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك.
(1) رواه البخاري (755).
(2) رواه مسلم (1610).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته فوقعت على رجليه أقبلهما وأبكي وقلت: يا سيدي سألتك بالله إلا ما عفوت عني، فقال لي: ومن أنت؟ فقلت أنا الذي أخذت منك السمكة غصبا، وذكرت له ما جرى وأريته يدي فبكى حين رآها ثم قال: يا أخي قد حاللتك منها لما قد رأيت بك من هذا البلاء، فقلت له: بالله يا سيدي هل كنت دعوت علي لما أخذتها منك؟ قال: نعم.
قلت: اللهم هذا تقوى علي بقوته على ضعفي وأخذ مني ما رزقتني ظلما فأرني فيه قدرتك، فقلت له: يا سيدي قد أراك الله قدرته في وأنا تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه) (1).
4 - قصة تبين نهاية الظالمين، وهي أن أحمد ابن أبي دؤاد، ومحمد بن عبد الملك بن الزيات، وهرثمة، كانوا ممن ظلموا الإمام أحمد في محنة القول بخلق القرآن، فكانت نهايتهم كما ذكرها ابن كثير في (البداية والنهاية) قال: (دخل عبد العزيز بن يحيى الكتاني - صاحب كتاب الحيدة - على المتوكل وكان من خيار الخلفاء لأنه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإنهم أساؤوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة وغيرهم، فأمره أن ينزل جثة أحمد بن نصر ويدفنه ففعل، وقد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل إكراما زائدا جدا.
والمقصود أن عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة قال للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو ما رئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن.
فوجل المتوكل من كلامه وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر.
فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك فقال: قطعني الله إربا إربا إن قتله إلا كافرا.
ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافرا.
قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار.
وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال: يا معشر خزاعة هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه. فقطعوه إربا إربا. وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفالج - ضربه الله قبل موته بأربع سنين، وصودر من صلب ماله بمال جزيل جدا) (2).
(1) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (2/ 124).
(2) ((البداية والنهاية)) لابن كثير (10/ 337).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الظلم في واحة الشعر ...
قال أبو العتاهية:
أما والله إنّ الظّلم لؤم ... وما زال المسيء هو الظلوم
إلى ديّان يوم الدّين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا ... غدا عند الإله من الملوم
وقال آخر:
وما من يد إلّا يد الله فوقها ... وما ظالم إلا سيبلى بأظلم
اصبر على الظلم
قال محمود الورّاق:
اصبر على الظّلم ولا تنتصر ... فالظّلم مردود على الظّالم
وكل إلى الله ظلوما فما ... ربّي عن الظّالم بالنّائم
الظلم نار
الظلم نار فلا تحقر صغيرته ... لعل جذوة نار أحرقت بلدا
إياك من ظلم الكريم
إياك من ظلم الكريم فإنه ... مر مذاقته كطعم العلقم
إن الكريم إذا رآك ظلمته ... ذكر الظلامة بعد نوم النوَّم
فجفا الفراش وبات يطلب ثأره ... أنِفَاً وإن أغضى ولم يتكلم
اتق دعوة المظلوم
توق دعا المظلوم إن دعاءه ... ليرفع فوق السحب ثم يجاب
توق دعا من ليس بين دعائه ... وبين إله العالمين حجاب
وقال آخر
كذا دعا المضطر أيضا صاعد ... أبدا إليه عند كل أوان
وكذا دعا المظلوم أيضا صاعد ... حقا إليه قاطع الأكوان
وقال ابن الوردي رحمه الله تعالى:
إياك من عسف الأنام وظلمهم ... واحذر من الدعوات في الأسحار
وقال علي رضي الله عنه:
أد الأمانة والخيانة فاجتنب ... واعدل ولا تظلم يطيب المكسب
واحذر من المظلوم سهما صائبا ... واعلم بأن دعاءه لا يحجب
وقال آخر
يا أيّها الظّالم في فعله ... فالظّلم مردود على من ظلم
إلى متى أنت وحتّى متى ... تسلو المصيبات وتنسى النّقم
وقال آخر
لا تظلمنّ إذا ما كنت مقتدرا ... فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين الله لم تنم
ولا تعجل على أحد بظلم ... فإن الظلم مرتعه وخيم
عاقبة الظالم
إذا الظالمُ استحْسن الظلمَ مذهبا ... ولجّ عتوّا في قبيح اكتسابِهِ
فكِلْه إلى ريْب الزمان فإنّهُ ... سيُبدي له ما لم يكنْ في حسابِه
فكمْ قد رأينا ظالماً متجبرَا ... يرى النجم تيْها تحت ظِل ركابِه
فلما تمادى واستطال بظلمِه ... أناخَت صروف الحادثات ببابِه
وعوقب بالظلم الذي كان يقْتفي ... وصَب عليه الله سوطَ عذابِه ...