الشفاعة
الشفاعة : طلب الخير من الغير للغير ، وقد تنسب إلى الله تعالى كما في قوله تعالى : { قل لله الشفاعة جميعا } فيكون معناها قبولها وعفوه تعالى عمن يشاء .
وقد ثبتت الشفاعة بالقرآن والسنة ، قال تعالى : { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا (109) } [طه]
والشفاعة نوعان : شفاعة سيدنا محمد ، وشفاعة غيره .
(1) أما شفاعته صلى الله عليه وسلم ، فهى عامة وخاصة :
( أ ) أما شفاعته العامة : التي هي من خصائصه ، فيتكون حين يشتد الكرب يوم القيامة ، ويتمنى الخلق أن ينصرفوا من الموقف ولو إلى النار، ويقولون : من يشفع لنا عند ربنا ليبدأ الفصل بين العباد ؟ ويذهبون إلى الأنبياء ليشفعوا ، ولكن كل نبي يعتذر ، ويتجه الجمع إلى خاتم الأنبياء ،
فيقول : أنا لها . أنا لها . فيشفع إلى الله ، فيقبل شفاعته ، ويبدأ في الفصل بين العباد .
وهذه هي الشفاعة العظمى التي اختص بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي المذكورة في حديث : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي" .
وقال صلى الله عليه وسلم : " ألا وأنا حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول شافع ، وأول مشفع ، يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة ، فيفتح الله لي ، فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر " .
ويقول صلى الله عليه وسلم : " لكل نبي دعوة قد دعاها لأمته ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي".
( ب ) وأما شفاعته الخاصة : فتكون بإدخال قوم الجنة بغير حساب، وتكون لمرتكب الكبيرة كما قال : " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" (1) ولرفع درجات بعض المؤمنين في الجنة فوق ما يقتضيه ثواب أعمالهم : وتخفيف العذاب عمن يستحق كعمه أبي طالب . فقد قال عنه صلى الله عليه وسلم : " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح من نار . يبلغ كعبيه ، يغلي منه دماغه"(2).
2ـ وأما شفاعة غيره صلى الله عليه وسلم : فقد ذكرها في قوله : "يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء " (3).
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : " في حديث الشفاعة الطويل : "فيشفع النبيون والملائكة والمقربون " (4).
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس ، فيدخلون الجنة بشفاعته ، وإن الرجل ليشفع للقبيلة من الناس ، فيدخلون الجنة بشفاعته،وإن الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته، فيدخلون الجنة بشفاعته"(5).
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : " ما من رجل مسلم يموت ، فيقوم على جنازته أربعون رجلا ، لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " (6).
وكل من هؤلاء يشفع على قدر درجته عند الله . قال صلى الله عليه وسلم : "إن من أمتي من يشفع للفئام حتى يدخلوا الجنة " رواه الترمذي.
وأما قوله : { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة } [البقرة /48] فقد استثنى من ذلك العموم الشفاعة بإذنه في قوله تعالى : { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا (109)} [طه] وقوله : { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } [ سبأ/23].
وأما قوله تعالى : { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } فالمقصود بهم الكفار كما يظهر من الآيات التي قبلها قال تعالى : { ما سلككم في سقر (42) قالوا لم نك من المصلين (43) ولم نك نطعم المسكين (44) وكنا نخوض مع الخائضين(45) وكنا نكذب بيوم الدين (46) حتى أتانا اليقين (47) فما تنفعهم شفاعة الشافعين(48) } [المدثر].
=================
المراجع والهوامش :
1ـ رواه الترمذي في ك صفة القيامة ب ما جاء في الشفاعة 4/625
2ـ رواه مسلم في الإيمان 1/195 وأصل الضحضاح : مارق من الماء على وجه الأرض إلى الكعبين استعير في النار.
3ـ رواه ابن ماجه ك الزهد ب ذكر الشفاعة 2/1443
4ـ رواه البخاري في التوحيد ـ الفتح 13/431
5ـ مسند الإمام أحمد 3/63 و (الفئام ) الجماعة الكبيرة ، و(القبيلة) الجماعة من أب واحد.
6ـ مسلم في الجنائز 2/615 .