العوض في الخلع
الخلع - كما سبق - إزالة ملك النكاح في مقابل مال.
فالعوض جزء أساسي من مفهوم الخلع.
فإذا لما يتحقق العوض لا يتحقق الخلع.
فإذا قال الزوج لزوجته: خالعتك، وسكت.
لم يكن ذلك خلعا، ثم إنه إن نوى الطلاق، كان طلاقا رجعيا.
وإن لم ينو شيئا لم يقع به شئ، لأنه من ألفاظ الكتابة التي تفتقر إلى النية.
.كل ما جاز أن يكون مهرا جاز أن يكون عوضا في الخلع:
ذهبت الشافعية إلى أنه لافرق في جواز الخلع، بين أن يخالع على الصداق،
أو على بعضه، أو على مال آخر، سواء كان أقل من الصداق أم أكثر.
ولافرق بين العين، والدين والمنفعة.
وضابطه أن كل ما جاز أن يكون صداقا جاز أن يكون عوضا في الخلع لعموم قوله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به}.
ولأنه عقد على بضع فأشبه النكاح.
ويشترط في عوض الخلع أن يكون معلوما متمولا، مع سائر شروط الاعواض، كالقدرة على التسليم، استقرار الملك وغير ذلك، لأن الخلع عقد معاوضة، فأشبه البيع والصداق، وهذا صحيح في الخلع الصحيح.
أما الخلع الفاسد فلا يشترط العلم به، فلو خالعها على مجهول، كثوب غير معين، أو على حمل هذه الدابة، أو خالعها بشرط فاسد.
كشرط ألا ينفق عليها وهي حامل، أو لاسكنى لها، أو خالعها بألف إلى أجل مجهول ونحو ذلك - بانت منه بمهر المثل.
أما حصول الفرقة، فلان الخلع، إما فسخ أو طلاق، فإن كان فسخا فالنكاح لا يفسد بفساد العوض، فكذا فسخه، إذ الفسوخ تحكي العقود.
وإن كان طلاقا، فالطلاق يحصل بلا عوض، وماله حصول بلا عوض فيحسن مع فساد العوض، كالنكاح، بل أولى، ولقوة الطلاق وسرايته.
أما الرجوع إلى مهر المثل، فلان قضية فساد العوض ارتداد العوض الآخر.
والبضع لا يرتد بعد حصول الفرقة، فوجب رد بدله.
ويقاس بما ذكرنا ما يشبهه، لأن ما لم يكن ركنا في شيء لا يضر الجهل به كالصداق.
ومن صور ذلك ما لو خالعها على ما في كفها، ولم يعلم، فإنها تبين منه بمهر المثل.
فإن لم يكن في كفها شئ.
ففي الوسيط أنه يقع طلاقا رجعيا، والذي نقله غيره أنه يقع بائنا بمهر المثل.
أما المالكية فقالوا: يجوز الخلع بالغرر كجنين ببطن بقرة أو غيره، فلو نفق الحمل فلا شيء له، وبانت.
وجاز بغير موصوف، وبثمرة لم يبد صلاحها، وبإسقاط حضانتها لولده.
وينتقل الحق له.
وإذا خالعها بشئ حرام كخمر، أو مسروق علم به، فلا شيء له، وبانت، وأريق الخمر، ورد المسروق لربه، ولا يلزم الزوجة شيء بدل ذلك، حيث كان الزوج عالما بالحرمة، علمت هي أم لا.
أما لو علمت هي بالحرمة دونه فلا يلزمه الخلع.
الزيادة في الخلع على ما أخذت الزوجة من الزوج: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجوز أن يأخذ الزوج من الزوجة زيادة على ما أخذت منه، لقول الله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به}.
وهذا عام يتناول القليل والكثير.
روى البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: «كانت أختي تحت رجل من الانصار، فارتفعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتردين حديقته؟ قالت: وأزيد عليها، فردت عليه حديقته وزادته».
ويرى بعض العلماء: أنه لا يجوز للزوج أن يأخذ منها أكثر مما أخذت منه، لما رواه الدارقطني بإسناد صحيح: «أن أبا الزبير قال: إنه كان أصدقها حديقة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته التي أعطاك قالت: نعم وزيادة فقال النبي صلى الله وسلم: أما الزيادة فلا، ولكن حديقته قالت: نعم».
وأصل الخلاف في هذه المسألة الخلاف في تخصيص عموم الكتاب بالأحاديث الآحادية.
فمن رأى أن عموم الكتاب يخصص بأحاديث الآحاد: قال لا تجوز الزيادة، ومن ذهب إلى أن عموم الكتاب لا يخصص بأحاديث الآحاد، رأى جواز الزيادة.
وفي بداية المجتهد قال: فمن شبهه بسائر الاعواض في المعاملات، رأى أن القدر فيه راجع إلى الرضا، ومن أخذ بظاهر الحديث لم يجز أكثر من ذلك، فكأنه رآه من باب أخذ المال بغير حق.
الخلع دون مقتض: والخلع إنما يجوز إذا كان هناك سبب يقتضيه.
كأن يكون الرجل معيبا في خلقه، أو سيئا في خلقه، أو لايؤدي للزوجة حقها، وأن تخاف المرأة ألا تقيم حدود الله، فيما يجب عليها من حسن الصحبة، وجميل المعاشرة كما هو ظاهر الآية.
فإن لم يكن ثمة سبب يقتضيه فهو محظور، لما رواه أحمد والنسائي من حديث أبي هريرة: «المختلعات هن المنافقات».
وقد رأى العلماء الكراهة.