إحياء الموات
معناه:
إحياء الموات معناه إعداد الأرض الميتة التي لم يسبق تعميرها وتهيئتها وجعلها صالحة للانتفاع بها في السكنى والزرع ونحو ذلك.
.الدعوة إليه:
والإسلام يحب أن يتوسع الناس في العمران وينشروا في الأرض ويحيوا مواتها فتكثر ثرواتهم ويتوفر لهم الثراء والرخاء، وبذلك تتحقق لهم الثروة والقوة.
وهو لذلك يحبب إلى أهله أن يعمدوا إلى الأرض الميتة ليحيوا مواتها ويستثمروا خيراتها وينتفعوا ببركاتها.
1- فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» رواه أبو داودو النسائي والترمذي وقال: إنه حسن.
2- وقال عروة: إن الأرض أرض الله والعباد عباد الله، ومن أحيا مواتا فهو أحق بها.
جاءنا بهذا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، الذين جاؤوا بالصلوات عنه.
3- وقال: «من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر، وما أكله العوافي فهو له صدقة» رواه النسائي وصححه ابن حبان.
4- وعن الحسن بن سمرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «من أحاط حائطا على أرض فهي له» رواه أبو داود.
5- وعن أسمر بن مضرس قال: أتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فبايعته، فقال: «من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له» فخرج الناس يتعادون يتحاطون.
.شروط إحياء الموات:
يشترط لاعتبار الأرض مواتا أن تكون بعيدة عن العمران، حتى لا تكون مرفقا من مرافقه، ولا يتوقع أن تكون من مرافقه.
ويرجع إلى العرف في معرفة مدى البعد عن العمران.
.إذن الحاكم:
اتفق الفقهاء على أن الاحياء سبب للملكية واختلفوا في اشتراط إذن الحاكم في الاحياء.
فقال أكثر العلماء: إن الاحياء سبب للملكية من غير اشتراط إذن الحاكم، فمتى أحياها أصبح مالكا لها من غير إذن من الحاكم.
وعلى الحاكم أن يسلم بحقه إذا رفع إليه الأمر عند النزاع، لما رواه أبو داود عن سعيد بن زيد أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له».
وقال أبو حنيفة: الاحياء سبب للملكية، ولكن شرطها إذن الإمام وإقراره.
وفرق مالك بين الاراضي المجاورة للعمران والأرض البعيدة عنه.
فإن كانت مجاورة فلا بد فيها من إذن الحاكم.
وإن كانت بعيدة فلا يشترط فيها إذنه، وتصبح ملكا لمن أحياها.
.متى يسقط الحق:
من أمسك أرضا وعلمها بعلم أو أحاطها بحائط ثم لم يعمرها بعمل سقط حقه بعد ثلاث سنين.
عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال على المنبر: من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين.
وذلك أن رجالا كانوا يحتجرون من الأرض ما لا يعملون.
وعن طاووس قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«عادي الأرض لله وللرسول، ثم لكم من بعد، فمن أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر بعد ثلاث سنين».
.من أحيا أرض غيره دون علمه:
إن ما جرى عليه عمل عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز: أنه إذا عمر المرء أرضا من الاراضي ظانا إياها من الاراضي الساقطة، أي غير المملوكة لاحد، ثم جاء رجل آخر وأثبت أنها له، خير في أمره: إما أن يسترد من العامر أرضه بعد أن يؤدي إليه أجرة عمله، أو يحيل إليه حق الملكية بعد أخذ الثمن.
وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق».
.إقطاع الأرض والمعادن والمياه:
يجوز للحاكم العادل أن يقطع بعض الافراد من الأرض الميتة والمعادن والمياه ما دامت هناك مصلحة.
وقد فعل ذلك الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما فعله الخلفاء من بعده، كما يتضح من الأحاديث الاتية:
1- عن عروة بن الزبير أن عبد الرحمن بن عوف قال: أقطعني رسول الله، صلى الله عليه سلم، وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، فذهب الزبير إلى آل عمر فاشترى نصيبه منهم فأتى عثمان فقال: إن عبد الرحمن ابن عوف زعم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، وإني اشتريت نصيب آل عمر، فقال عثمان: عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه. رواه أحمد.
2- وعن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقطعه أرضا في حضر موت.
3- وعن عمر بن دينار قال: لما قدم النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة أقطع أبا بكر وأقطع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
4- وعن ابن عباس قال: أقطع النبي، صلى الله عليه وسلم، بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها. أخرجه أحمد وأبو داود.
قال أبو يوسف: فقد جاءت هذه الاثار بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقطع أقواما، وأن الخلفاء من بعده أقطعوا.
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاح فيما فعل من ذلك، إذ كان فيه تأليف على الإسلام وعمارة الأرض.
وكذلك الخلفاء إنما أقطعوا من رأوا أن له غناء في الإسلام ونكاية للعدو، ورأوا أن الافضل ما فعلوا، ولو لا ذلك لم يأتوه، ولم يقطعوا حق مسلم ولا معاهد.
.نزع الأرض ممن لا يعمرها:
وإنما يقطع الحاكم من أجل المصلحة، فإذا لم تتحقق بأن لم يعمرها من أقطع له ولم يستثمرها فإنها تنزع منه.
1- عن عمرو بن شعيب عن أبيه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أقطع لاناس من مزينة أو جهينة أرضا فلم يعمروها فجاء قوم فعمروها، فخاصمهم الجهنيون أو المزنيون إلى عمر بن الخطاب فقال: لو كانت مني أو من أبي بكر لرددتها، ولكنها قطيعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال: من كانت له أرض ثم تركها ثلاث سنين فلم يعمرها فعمرها قوم آخرون فهم أحق بها.
2- وعن الحارث بن بلال بن الحارث المزني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه العقيق أجمع، قال: فلما كان زمان عمر قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحتجره عن الناس، إنما أقطعك لتعمل فخذ منها ما قدرت على عمارته ورد الباقي.
هلاك المبيع قبل القبض وبعده:
1- إذا هلك البيع كله أو بعضه قبل القبض بفعل المشتري، فإن البيع لا ينفسخ، ويبقى العقد كما هو، وعليه أن يدفع الثمن كله لأنه هو المتسبب في الهلاك.
2- وإذا هلك بفعل أجنبي فإن المشتري بالخيار بين الرجوع على هذا الاجنبي وبين فسخ العقد.
3- ويفسخ البيع إذا هلك المبيع كله قبل القبض بفعل البائع أو بفعل المبيع نفسه أو بآفة سماوية.
4- فإذا هلك بعض المبيع بفعل البائع سقط عن المشتري من الثمن بقدر الجزء الهالك.
ويخير في الباقي بأخذه بحصته من الثمن.
5- أما إذا كان هلاك بعض المبيع بفعل نفسه فإنه لا يسقط شيء من ثمنه، والمشتري مخير بين فسخ العقد وبين أن يأخذ ما بقي بجميع الثمن.
6- وإذا كان الهلاك بآفة سماوية ترتب عليها نقصان قدره، فيسقط من الثمن بقدر النقصان الحادث، ثم يكون المشتري بالخيار بين فسخ العقد وبين أخذ الباقي بحصته من الثمن.
هلاك المبيع بعد القبض:
إذا هلك المبيع بعد القبض كان من ضمان المشتري.
ويلزم بثمنه إن لم يكن فيه خيار للبائع، وإلا فيلزم بالقيمة أو المثل.