الجمعة، 23 مارس 2012

موسوعة العقيدة - السمعيات : أشراط الساعة وعلامات يوم القيامة الصغرى والكبرى


أشراط الساعة وعلامات يوم القيامة الصغرى والكبرى


تعريف

الأشراط : جمع شرط . وهو العلامة .

والمراد العلامات التي تدل على قرب يوم القيامة . قال تعالى : { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم (18) } [محمد].

أنواع علامات الساعة

علامات صغرى : وهي البعيدة عن اليوم الآخر ، وتحدث خلال فترات طويلة من الزمان .

وعلامات كبرى : وهي القريبة من النفخ في الصور ، وتحدث في فترة وجيزة آخر الزمان . إذا ظهرت إحداها تتابعت كلها ، كأنها خرزات في خيط ، إذا سقطت واحدة تتابع باقيها حتى تسقط جميعا .

وإذا بدأت العلامات الكبرى في الظهور ، عندئذ لا يقبل إيمان من كافر ، ولا توبة من مذنب ، ولا عمل خير من مسئ ، قال تعالى : { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض ءايات ربك يوم يأتي بعض ءايات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } [ الأنعام/158].

العلامات الصغرى   
     
يمكن أن نقسمها قسمين : قسم قد وقع كما جاء في الوحي ، وقسم ينتظر حدوثه .

(1) فمن القسم الأول : ـ

        ( أ ) بعثته صلى الله عليه وسلم : كما جاء في الحديث الصحيح : "بعثت أنا والساعة كهاتين ، وأشار إلى أصبعيه : السبابة والوسطى ، وقرن بينهما " متفق عليه .

        (ب ) انشقاق القمر : قال تعالى : { اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وإن يروا ءاية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر(2) } [ القمر].

        فقد روى الشيخان حديث انشقاق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طلبت قريش منه آية تدل على نبوته . فدعا الله ، فانشق القمر فلقتين على جبل أبي قبيس على مرأى من أهل مكة ، وهم ينظرون إليه .

        ( ج ) قتال علي ومعاوية رضى الله عنهما في صفين حيث قال صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان ، وتكون بينهما مقتلة عظيمة ، ودعواهما واحدة " . رواه الشيخان .

        ( د ) انقطاع ورود الخراج وغيره من الأقطار إلى أهل الحجاز ، قال صلى الله عليه وسلم : " منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت مصر أردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم " . رواه مسلم .

        فأخبر صلوات الله وسلامه عليه في هذا الحديث أن العراق ، والشام ومصر سيدخل أهلها في الإسلام ، ويرسلون الخير لأهل الحجاز ، ثم تستقل هذه البلاد عن الخلافة الإسلامية ، وتمنع ما كانت تقدمه لأهل الحجاز.

        (هـ ) النار التي خرجت بالمدينة المنورة : قال صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز ، تضئ أعناق الإبل ببصرى " . رواه الشيخان .
        وقد حدث ذلك في ليلة الأربعاء ثالث جمادى الأخر سنة 654هـ فقد احترقت الحرة الشرقية من المدينة المنورة ، وظهرت بها البراكين ، وظلت النار مشتعلة مدة طويلة ، وضوء نارها يرى من بصرى الشام ، وما زالت أحجارها سوداء محترقة ، كالفحم إلى وقتنا هذا .

        ( و ) وفي الحديث التالي عدة علامات ، أغلبها قد تحقق ، وينتظر وقوع الباقي : عن عوف بن مالك الأشجعي قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ـ وهو في قبة من أدم ـ فقال : " اعدد ستا بين يدي الساعة : موتي ، ثم فتح بيت المقدس ، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يعطي الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون ، فيأتونكم تحت ثمانين غاية ، تحت كل غاية اثنا عشر ألف " وفي رواية ( راية ) بدل ( غاية ) (1).


(2) ومن القسم الثاني : ـ

        ( أ ) قال صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو " (2).

        ( ب ) قال عليه الصلاة والسلام : " لا تقوم الساعة ، حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه " رواه الشيخان.

        ( ج ) وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون ، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم ، يا عبد الله ، هذا يهودي خلفي ، فتعال فاقتله إلا الغرقد ، فإنه من شجر اليهود " رواه البخاري ومسلم .

        ( د ) وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه " رواه مسلم . أي من شدة البلاء والفتن .

        (هـ ) وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ، ويفيض حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه ، وحتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا " رواه مسلم . المروج الرياض والمزارع .

من العلامات الكبرى

" عن حذيفة بن أسيد قال : اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : ما تذاكرون ؟ قالوا : نذكر الساعة . فقال : إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات فذكر : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى ابن مريم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف ، خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، تطرد الناس إلى محشرهم " رواه مسلم .

توضيح بعض العلامات : ـ

أولا ـ الدخان : ـ

وقد ورد ذكر الدخان في قوله تعالى : { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين (10) يغشى الناس هذا عذاب أليم (11)} [ الدخان ].

قال القرطبي : " وممن قال إن الدخان لم يأت بعد : على ، وابن عباس، وابن عمر ، وأبو هريرة ، وزيد بن علي ، والحسن ، وابن أبي مليكة ، وغيرهم.

وروى أبو سعيد الخدري مرفوعا أنه دخان يهيج الناس يوم القيامة ، يأخذ المؤمن منه كالزكمة ، وينفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع منه .

وعن حذيفة قلت : يا نبي الله ، وما الدخان ؟ قال : هذه الآية : { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين } يملأ ما بين المشرق والمغرب . يمكث أربعين يوما وليلة . أما المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام . وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران، يخرج الدخان من فمه ، ومنخره ، وعينيه ، وأذنيه ، ودبره } (3)

وهذا الدخان غير الدخان الذي نال قريشا من القحط أيام الرسول صلى الله عليه وسلم حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان من شدة الجوع.


ثانيا : المسيح الدجال :ـ

سمى المسيح : لأنه ممسوح العين اليمنى ، أو لأنه يمسح الأرض أي يقطعها في أربعين يوما ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامنا هذه . كما ورد في صحيح مسلم .

والدجال من الدجل ، وهو التغطية والكذب ، يقال : دجل البعير بالقطران إذا غطاه ، ودجل الإناء بالذهب إذا طلاه ، وسمى الكذاب دجالا ، لأنه يغطي الحق بباطله.

أخرج مسلم قصة تميم الداري من حديث فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ، فذكر أن تميما الداري ركب في سفينة مع ثلاثين رجلا من قومه ، فلعب بهم الموج شهرا ، ثم نزلوا إلى جزيرة ، فلقيتهم دابة كثيرة الشعر ، فقالت لهم :أنا الجساسة. ودلتهم على رجل في الدير ، قال: فانطلقنا سراعا،فدخلنا الدير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا ، وأشد وثاقا ، مجموعة يداه إلى عنقه بالحديد . فقلنا : ويلك ما أنت ؟ فذكر الحديث .

وفيه أنه سألهم عن نبي الأميين هل بعث ؟ وأنه قال : إن يطيعوه فهو خير لهم ، وأنه سألهم عن بحيرة طبرية ، وعن عين زغر ، وعن نخل بيسان (4).

وفيه أنه قال : إني مخبركم عني . أنا المسيح . وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج ، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة .

وحديث مسلم هذا يدل على أن الدجال كان موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه محبوس ف بعض الجزائر.

وأما وقت خروجه ، فقد روى مسلم في حديث النواس أنه يخرج عند فتح المسلمين القسطنطينية .

وأما سبب خروجه ، فأخرج مسلم في حديث ابن عمر عن حفصة أنه يخرج من غضبة يغضبها .

ويخرج من قبل المشرق جزما من خراسان ، كما أخرجه أحمد والحاكم من حديث أبي بكر ، أو من أصبهان كما أخرجه مسلم . ولعله يخرج من خراسان ثم يتجه غربا ، فيمر بأصبهان ، فيتبعه من يهودها سبعون ألفا عليهم الطيالسة. كما في صحيح مسلم .

وعندما يخرج يدعي الإيمان والصلاح ، ثم يدعي النبوة ، ثم يدعي الألوهية.

وأما عن وقت هلاكه فأخرج مسلم أنه يهلك بعد ظهوره على الأرض كلها إلا مكة والمدينة ، ثم يقصد بيت المقدس ، فينزل عيسى فيقتله .

ومن صفاته أنه قصير جسيم ، أحمر الوجه ، أعور العين اليسرى ، قد غطتها جلدة عظيمة ، وعينه اليمنى جاحظة . وشعر رأسه شديد الجعودة ، بشع المنظر ، منفرج الرجلين في المشئ.

ومما ورد في صحيح البخاري بشأنه : ـ

* عن أنس بن مالك قال : قال صلى الله عليه وسلم :" يجئ حتى ينزل في ناحية المدينة ، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات ، فيخرج إليه كل كافر ومنافق".
وعن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال ، ولها يومئذ سبعة أبواب ، على كل باب ملكان" .

• وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم ذكر الدجال فقال : " إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه ، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه : إنه أعور ، وإن الله ليس بأعور" .

• وعن عروة أن عائشة رضى الله عنها قالت : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال" .

• وعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال : " إن معه ماء ونارا ، فناره ماء بارد ، وماؤه نار " .

• وعن أبي سعيد قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال ، فكان فيما يحدثنا به أنه قال : " يأتي الدجال ـ وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة ـ فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة ، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس ـ أو من خير الناس ـ فيقول : أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته . هل تشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا . فيقتله ، ثم يحييه ، فيقول : والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم : فيريد الدجال أن يقتله ، فلا يسلط عليه " (5).

ثالثا ـ دابة الأرض : ـ

ورد ذكر الدابة في قوله تعالى : { وإذ وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بءاياتنا لا يوقنون (82)} [ النمل].

قال المفسرون : إنها فصيل ناقة صالح عليه السلام ، لما ذكره أبو داود الطيالسي في مسنده عن حذيفة قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال :

" لها ثلاث خرجات من الدهر : فتخرج في أقصى البادية ، فلا يدخل ذكرها القرية ـ يعني مكة ـ ثم تكمن زمانا طويلا ، ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك ، فيفشو ذكرها في البادية ، ويدخل ذكرها القرية ـ يعني مكة...

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة . خيرها وأكرمها على الله المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام . تنفض عن رأسها التراب . فارفض الناس منها شتى ومعا ، وتثبت عصابة من المؤمنين ، وعرفوا أنهم لن يعجزوا الله . فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري ، وولت في الأرض لا يدركها طالب ، ولا ينجو منها هالك ، حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة ، فتأتيه من خلفه ، فتقول : يا فلان ، الآن تصلي ؟ فتقبل عليه ، فتسمه في وجهه ، ثم تنطلق " ارفض : أي تفرق الناس.

والذي يدل على أنها فصيل ناقة صالح في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم " وهي ترغو " والرغاء إنما هو للإبل.

واختلف من أي موضع تخرج : فقال عبد الله بن عمر : تخرج من جبل الصفا بمكة يتصدع ، فتخرج منه . وقال عبد الله بن عمرو نحوه وقال : لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت .

وروى في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن الأرض تنشق عن الدابة وعيسى عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون من ناحية المسعى، وأنها تخرج من الصفا ، فتسم بين عيني المؤمن : هو مؤمن . سمة كأنها كوكب دري ، وتسم بين عيني الكافر نكتة سوداء : كافر" .

وهذه الدابة تكلم الناس بصوت يسمعه من قرب ومن بعد قائلة : { أن الناس كانوا بءاياتنا لا يوقنون } أي بخروجي . وقرئ : تكلمهم من الكلم وهو الجرح، فهي تكلم المؤمن ، وتكلم الكافر والفاجر ، أي تجرحه (6).

رابعا : طلوع الشمس من مغربها : ـ

ذكر طلوع الشمس من مغربها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا رآها الناس ، آمن من عليها ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها ، لم تكن آمنت من قبل " رواه الشيخان.

وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى ، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها ، فالأخرى على أثرها قريبا " .

أي أول الآيات التي ليست مألوفة ، وإن كان الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام من السماء ، وخروج يأجوج ومأجوج قبل ذلك . فكل ذلك أمور مألوفة ؛ لأنهم بشر ، ومشاهدة مثلهم مألوفة ، أما خروج الدابة بشكل غريب غير مألوف ، ثم مخاطبتها الناس ، ووسمها إياهم بالإيمان أو الكفر، فأمر خارج عن العادة .

وذلك أول الآيات الأرضية ، كما أن طلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة أول الآيات السماوية .

خامسا : نزول عيسى ابن مريم من السماء : ـ

أشار القرآن إلى نزوله فقال : { إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل (59) ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون (60) وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم (61) } [الزخرف]

فقوله : { وإنه لعلم الساعة } أي يعلم قربها بنزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، واضعا كفيه على أجنحة ملكين كما في صحيح مسلم .

وقرئ : { وإنه لعلم للساعة } أي أمارة لها ، فلا تشكن في قيامها.

وروى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة خيرا من الدنيا وما فيها " ثم يقول أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا (159)} [النساء].

أي قبل موت عيسى بعد نزوله من السماء وقبل القيامة .

وفي رواية قال أبو هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "والذي نفس أبي القاسم بيده ، لينزلن عيسى بن مريم إماما مقسطا ، وحكما عدلا ، فيكسرن الصليب ، ويقتلن الخنزير ، وليصلحن ذات البين ، وليذهبن الشحناء ، وليعرضن المال فلا يقبله أحد ، ثم لئن قام على قبري فقال : يا محمد لأجبته " (7).

سادسا ـ يأجوج ومأجوج : ـ

ورد ذكرهم في قول الحق : { قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا(94) قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما(95) ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا (96) فما اسطاعوا أن يظهرون وما استطاعوا له نقبا (97) قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا (98) } (8) [ الكهف ].

وجاء ذكرهم أيضا في قوله تعالى : { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون (96) واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين (97) } 9) [الأنبياء].

وروى البخاري عن زينب ابنة جحش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فزعا يقول : " لا إله إلا الله . ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم منردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها. قالت زينب ابنة جحش : فقلت يا رسول الله ، أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال : " نعم إذا كثر الخبث " (10) أي الزنا والفجور والفواحش.

وأخرج ابن ماجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن يأجوج ومأجوج يحفرون كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فسنحفره غدا ، فيعيده الله أشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم، واراد الله أن يبعثهم على الناس ، حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله تعالى ، فاستثنوا ، فيعودون إليه ، وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ، ويخرجون على الناس ، فينشفون الماء ويتحصن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء، فترجع عليها الدم الذي اجفظ ، فيقولون : قهرنا أهل الأرض ، وعلونا أهل السماء ، فيبعث الله نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها " (11).

وورد في حالهم عند خروجهم ما أخرجه مسلم من حديث النواس بن سمعان بعد ذكر الدجال وقتله على يد عيسى قال :

" ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه ـ أي من الدجال ـ فيمسح عن وجوههم ، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى : إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم ، فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء . ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه ، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدهم اليوم ...

فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل عليهم النغف في رقابهم ، فيصيحون فرسى كموت نفس واحدة ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض ، فلا يجدون في الأرض موضع شبرا إلا ملاءه ذهمهم ونتنهم . فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل طيرا كأعناق البخت فتحملهم ، فتطرحهم حيث شاء الله...

ثم يرسل الله مطرا ، لا يكن منه بيت مدر ولا وبر ، فيغسل الأرض ، حتى يتركها كالزلفة ، ثم يقال للأرض انبتي ثمرتك ، وردي بركتك ، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ، ويستظلون تحتها بقحفها ، ويبارك في الرسل : حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس ، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس . فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة ، فتأخذهم تحت آباطهم ، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر ، فعليهم تقوم الساعة " (12).
==================
المراجع والهوامش :
1ـموتان : بضم الميم وفتحها مع سكون الواو : الموت الكثير . القعاص: داء يصيب الدواب ، فيسيل من أنوفها شئ ، فتموت فجأة . يقال أن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر ، وكان بعد فتح بيت المقدس ، واستفاضة المال كان في خلافة عثمان . بنو الأصفر : الروم
2ـرواه مسلم في الفتن 4/2219 ( يحسر ) ينكشف لذهاب مائه .
3ـ تفسير القرطبي 16/130
4زغر وبيسان : قريتان بالشام ، وما أخبر به تميم وافق ما سبق أن أخبرهم به النبي صلى الله عليه وسلم .
5ـ فتح الباري : كتاب الفتن 13/89 ـ 101
6ـ تفسير القرطبي 13/235 بتصرف ، وانظر تفسير ابن كثير 3/374
7ـ رواه أبو يعلي ، ورجاله رجال الصحيح ـ مجمع الزوائد 8/211
8ـ يأجوج ومأجوج : قبيلتان من ذرية يافث بن نوح عليه السلام . خرجا أي : جعلا من المال ـ سدا : أي حاجزا ، فلا يصلون إلينا ـ ردما : أي حاجزا حصينا متينا ـ زبر الحديد : قطعه العظيمة ـ الصدفين : جانبي الجبلين ـ قطرا : أي نحاسا مذابا ـ أن يظهروه : أن يعلوا ظهره ـ نقبا : خرقا وثقبا ـ جعله دكاء : أي أرضا مستوية.
9ـ الحدب : المرتفع من الأرض ـ ينسلون : يسرعون النزول ـ شاخصة أبصارهم : أي مرتفعة لا تكاد تطرف.
10ـ ورواه مسلم في الفتن 4/2208
11ـ سنن ابن ماجه 2/1364 ( ينشفون الماء ) أي يشربونه (اجفظ ) أي ملأها ( النغف) دود يكون في أنوف الإبل والغنم .
12ـ رواه مسلم في الفتن 4/2253 ( فيمسح على وجوههم) : إما تبركا ، أو إشارة إلى كشف ما هم فيه من الشدة والخوف ( لا يدان لأحد بقتالهم ) : تثنية يد ، أي لا قدرة ولا طاقة لأحد . ( فحرز عبادي إلى الطور) : حصنهم واحفظهم . (الحدب) : الموضع المرتفع. ( ينسلون ) : يسرعون . ( يرغب) : يبتهل ويدعو . (فرسى ) : قتلى . مفرده فريس . كقتلى وقتيل . (زهمهم) : دسمهم . (البخت) : الجمال طوال الأعناق . ( لا يكن ) : لا يمنع . ( المدر) : الطين الصلب. (الزلفة): المرآة . (العصابة ) : الجماعة . (قحفها ) : مقعر قشرها . (الرسل) : اللبن . (اللقحة) : حديثة الولادة . جمعها : لقح . كبركة وبرك . ( الفئام ) : الجماعة الكثيرة . ( الفخذ) : الجماعة من الأقارب . دون البطن ، والبطن دون القبيلة . (تهارج الحمر) : أي يجامع الرجال النساء علانية أمام الناس . والهرج : الجماع. يقال : هرج زوجته : أي جامعها . يهرجها بتثليث الراء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قيام الساعة وحشر الناس