حديث الجارية
حديث الجاريةنص الحديث الذي فيه قصة الجارية بلفظ « أين الله » كاملاً:
أخرج مسلم في صحيحه قال: « حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح وأبو بكر بن أبي شيبة وتقاربا في لفظ الحديث قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال:بينا أنا أصَلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ عطس رجل من القوم؛ فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم!! فقلت: واثكل أمياهُ ما شأنكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم!! فلمّا رأيتهم يُصَمِّتُونني لكنّي سكتُّ، فلمّا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه؛ فو الله ما كهرني( *) ولا ضربني ولا شتمني؛ قال:« إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن » أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية؛ وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالاً يأتون الكهان؛ قال:
« فلا تأتهم » . قال ومنا رجال يتطيرون؛ قال:« ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم » قال ابن الصباح: فلا يصدنكم.
وقال: قلت: ومنا رجال يخطون؛ قال: « كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك » .
قال: وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية؛ فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون؛ لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعظم ذلك على، قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟! قال:« ائتني بها » فأتيته بها؛ فقال لها: « أين الله؟ » قالت: في السماء قال:
« من أنا » قالت: أنت رسول الله. قال: « أعتقها فأنها مؤمنة » أ.هـ.صحيح مسلم بشرح النووي (5/20).
قال الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه (الأسماء والصفات) عقب روايته للحديث: «وهذا صحيح قد أخرجه مسلم مقطعًا من حديث الأوزاعي وحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية؛ وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه، وقد ذكرت في كتاب الظهار من السنن مخالفة من خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث » أ.هـ ص422.
فهو يصرّح بأن قصة الجارية التي هي قطعة من الحديث:
( أ ) ليست في صحيح مسلم عنده.
(ب) أن هذه القصة اختلف الرواة في ألفاظها.
النقطة الأولى:
يتضح من كلام الحافظ البيهقي أن نسخ صحيح مسلم لم تتفق كلها على هذه القصة فلعل الإمام مسلم قد راجع كتابه في مرحلة تالية وحذفها كما كان الإمام مالك يفعل في الموطأ وكما فعل البخاري عندما أخرجه في كتابه (خلق أفعال العباد) واقتصر على ما يتعلق بتشميت العاطس بدون أي إشارة إلى اختصاره للحديث، أي أنه لم يعتمد صحة ما ورد في قصة الجارية نظرا لاختلاف الألفاظ الواردة فيها والدالة على عدم الضبط.
النقطة الثانية:
اختلاف ألفاظ الحديث بين رواية الصحابي معاوية بن الحكم ورواية غيره قلت: بل اختلفت رواية الصحابي معاوية بن الحكم نفسه!! كما سنوضحه.
أولاً روايتي معاوية بن الحكم:
1- الرواية الأولى التي أخرجها الإمام مسلم في صحيحه وفيها: « فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت أنت رسول الله فقال: اعتقها فإنها مؤمنة » .
2- الرواية الثانية أوردها الذهبي في كتابه (العلو) ص3 وذكر سندها الحافظ المزي في (تحفة الأشراف) 8/427 من طريق سعيد بن زيد عن توية العنبري عن عطاء بن يسار قال: حدثني صاحب الجارية- يشير إلى معاوية بن الحكم- وذكر الحديث وفيه:
« فمدّ النبيُّ يده إليها مستفهما: من في السماء؟ قالت: الله … » .
فكما ترى لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم (أين الله) بل ولم يقل أيضًا (من في السماء)!! وإنما هو أشار فقط والكلام في الروايتين هو من تعبير الراوي وفهمه وليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإسناد هذه الرواية حسن إن شاء الله فسعيد بن زيد ثقة من رجال مسلم وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي وسليمان بن حرب وقال عنه البخاري والدرامي: صدوق حافظ، وإن كان يحيى بن سعيد وآخرون قد ضعفوه لذا: فحديثه لا ينزل عن درجة الحسن.
والرواية الأولى (رواية الإمام مسلم) فيها هلال بن علي بن أسامة (هلال بن أبي ميمونة) قال عنه أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس به بأس أي أن إسناد الحديث حسن كما أشار إلى ذلك الحافظ يعقوب بن سفيان القسوى وكذا الحافظ ابن عبد البر.
وبهذا يتبين وجود اضطراب في متن الحديث لا مفر من الاعتراف به وكذا ثبوت أن لفظة (أين الله) وكذا (في السماء) هما من تعبير الراوي.
والراوي سيدنا معاوية بن الحكم السلمي لم يكن من علماء الصحابة ولا فقهائهم ولم يكثر من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتعلم دقائق العلم بل كما ورد في حديثه كان (حديث عهد بجاهلية)، و كان لا يدري أن تشميت العاطس والكلام مع الآخرين مبطل للصلاة فمن الظلم البين أن نحملّه مسئولية الألفاظ المروية بناءً على فهمه! وسيتبين ذلك بصورة أوضح بالمقارنة مع الرواية الأخرى للحديث من غير طريقه.
وهناك رواية أخرجها البيهقي في السنن الكبرى في كتاب الظهار باب إعتاق الخرساء إذا أشارت بالإيمان وصلت من طريق عوف بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال: يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة فقال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بأصبعها فقال لها: فمن أنا فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء تعنى أنت رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعتقها فإنها مؤمنة).
فإذا كان الغالب أنها نفس القصة السابقة والتي فيها: « فمد النبي يده إليها مستفهما: من في السماء؟… » فتكون المحادثة بالإشارة من الطرفين ويكون اللفظ ضائعا فكيف يستدل به؟!
ثانيا: روايات غير معاوية بن الحكم لنفس القصة بلفظ (أتشهدين أن لا إله إلا الله؟)
الرواية الأولى: لعطاء بن يسار أيضا في (مصنف الحافظ عبد الرزاق) 9/175:
«عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء: أن رجلاً كانت له جارية في غنم ترعاها، كانت شاة صفين يعني غريزة في غنمه تلك، فأراد أن يعطيها نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاء السبع فانتزع ضرعها فغضب الرجل فصكّ وجه جاريته، فجاء نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر ذلك له، وذكر أنها كانت عليه رقبة مؤمنة وافية، قد هم أن يجعلها إياها حين صكها، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إيتني بها» فسألها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أتشهدين أن لا إله إلا الله» قالت: نعم: «وأن محمدًا عبد الله ورسوله؟» قالت: نعم. «وأن الموت والبعث حق؟» قالت: نعم. «وأن الجنة والنار حق؟» نعم. فلما فرغ قال: «أعتق أو أمسك» وهذا سند صحيح عال إلى عطاء راوي الحديث عن معاوية بن الحكم كما ترى فهذا هو اللفظ الثالث لحديث الجارية من طريق عطاء بلفظ «أتشهدين» وقد تقدم اللفظ الأول وهو «أين الله» والثاني الذي فيه أنه أشار إليها مستفهمًا بيده دون أن ينطق «من في السماء؟» وهذا كله يقرر ويقضي بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل «أين الله» .
وتنبه هنا جيدًا إلى أن هناك اضطرابًا آخر مع باقي الروايات الواردة في حديث الجارية من غير طريق عطاء أكبر وأعظم من هذا الاضطراب الذي بيناه الآن، وهو اضطراب متن عطاء مع متون أخرى.
الرواية الثانية لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة في (الموطأ):
روى مالك في الموطأ ص (777) بسند عال جدًا عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن رجلاً من الأنصار جاء إلى رسول الله بجارية له سوداء. فقال يا رسول الله إن على رقبة مؤمنة؟ فإن كنت تراها مؤمنة أعتقها. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أتشهدين أن لا إله إلا الله؟» قالت: نعم. قال: «أتشهدين أن محمدًا رسول الله؟» قالت: نعم. قال: «أتوقنين بالبعث بعد الموت» قالت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أعتقها». أخرجها البيهقي في السنن الكبرى 10/57.
ورواه الإمام عبد الرزاق في المصنف (9/175) قال: أخبرني معمر عن الزهري عن عبيد الله عن رجل من الأنصار به ومن طريقه رواه الإمام أحمد في المسند (3/451-452) كما رواه غيرهم أيضًا.
أما عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود فهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين من رجال الستة أيضًا إمام ثقة. قال الحافظ في التقريب عنه: «ثقة فقيه ثبت» ولا يعرف بتدليس؛ وعنعنته محمولة على السماع وقد قال: «عن رجل من الأنصار» .
قال ابن كثير في تفسير (1/547) «إسناده صحيح وجهالة الصحابي لا تضرّه» وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (9/114): «ظاهره الإرسال لكنه محمول على الاتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة»؛ وقال الحافظ الهيثمي في « المجمع » (1/23) «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح» .
فقد تبين بذلك أن حديث قصة الجارية في صحيح مسلم وسؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها مضطرب المتن على أقل تقدير أما إذا أخذنا بجانب الترجيح بالشواهد والأمارات فستكون رواية (أتشهدين … ) وهي الراجحة، لأنها هي المطابقة لعقائد الإسلام اليقينية وكذا أصح إسنادا.
وفي جميع الحالات يمتنع أخذ رواية (أين الله) على ظاهرها لذا أوّلها بعض العلماء كالنووي والقاضي ابن العربي والباجي وغيرهم.
يقول الإمام النووي في تعريف الحديث المضطرب:« المضطرب: هو الذي يروى على أوجه مختلفة متقاربة، فإن رجحت إحدى الروايتين بحفظ راويها أو كثرة صحبة المروي عنه أو غير ذلك فالحكم للراجحة؛ ولا يكون مضطربًا، والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بعدم الضبط ويقع في الإسناد تارة وفي المتن أخرى؛ وفيهما من راوٍ أو جماعة » .
وقال الحافظ ابن دقيق العيد في الاقتراح :« المضطرب : هو ما روى من وجوه مختلفة. وهو أحد أسباب التعليل عندهم، وموجبات الضعف للحديث » .
من شواهد ترجيح لفظ (أتشهدين … ):
1- ما رواه الدارمي في «السنن» (2/187) قال: أخبرنا أبو الوليد الطيالسي ثنا حماد ابن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: إن على أمي رقبة وإن عندي جارية سوداء نوبية أفتجزئ عنها؟ قال: «أدع بها» فقال: «أتشهدين أن لا إله إلا الله» قالت: نعم. قال: «أعتقها فإنها مؤمنة».
2- ما رواه البزار (كشف الأستار 1/14) والطبراني (12/27 في الكبير) عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أتى رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن على أمي رقبة وعندي أمة سوداء، فقال: «ائتني بها» فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « أتشهدين أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟» قالت: نعم. قال: «فأعتقها» .
قال الحافظ الهيثمي في « المجمع » (4/244) عن هذا السند: فيه محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ وقد وثق، وستأتي شواهد متواترة لهذا اللفظ أتشهدين في فصل خاص إن شاء الله تعالى.
الرواية التي جاءت بلفظ « من ربك؟ » صحيحة الإسناد أيضًا:
روى النسائي في السنن الصغرى 6/252 و ابن حبان في صحيحه (1/418-419) وغيرهما عن الشريد بن سويد الثقفي قال: قلت: يا رسول الله، إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء، قال: «أدع بها» فجاءت، فقال: «من ربك؟» قال: الله، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة». وهو بمعنى رواية (أتشهدين).
مناقشة متن الحديث:
هل السؤال بـ (أين) التي يسأل بها عن المكان الحسي، يدل على إلوهية المسئول عنه؟
وبمعنى آخر، والجارية المسئولة من العرب الذين سبق منهم إشراك غير الله في الإلوهية- هل يدل هذا السؤال على أنها لا تعبد معه إلها آخر في الأرض أو في أي مكان آخر؟ ألم يكن بعض العرب يعبدون أصناما آلهة في الأرض مع إقرارهم بإله السماء؟أليس هناك من عبد الشمس والقمر والكواكب –ذكر القرآن ذلك- وهم في السماء أيضًا؟
فالسؤال المذكور (أين الله) لا يدل على الألوهية والإجابة الواردة في الحديث (في السماء) لا تدل على التوحيد!!
فعلى أي شيء ذكرت هذه الرواية- الشاذة المردودة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بالإيمان؟ والنماذج السابقة والآتية توضح وتؤكد أن المطلوب هو (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله) وليس شهادة أن لله- تعالى عما يقولون- مكان هو في السماء!! فالسؤال إذا كان قد حدث هو عن العلو المعنوي وليس الحسي، كما ذكر النووي.
==================================
( *) الكَهْرُ: القهر، والانتهار واستقبالك إنسانًا بوجه عابس تهاونًا به. كما في القاموس المحيط.
دعوة للإنصاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصريح بعض الأئمة من الحفاظ والمحدثين باضطراب حديث الجارية:1- الإمام الحافظ البيهقي:
تقدم أن الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى قال في « الأسماء والصفات » ص(422):
« وهذا صحيح قد أخرجه مسلم مقطعًا من حديث الأوزاعي وحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية؛ وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه، وقد ذكرت في كتاب الظهار من السنن مخالفة من خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث» (أنظر السنن الكبرى 7/388).
فالبيهقي يرى بكل صراحة ووضوح أن قصة الجارية ليست في صحيح مسلم.
ومن جهة أخرى هناك أمر آخر مهم أيضًا وهو أن الحافظ البيهقي صرح باضطراب الحديث أي باختلاف الرواة في لفظة !! فعلى تسليم أنه في صحيح مسلم فهو مضطرب بلا شك لما أثبتاه في الفصول التي تقدمت عند عرض طرقه.
ومن جهة ثالثة أيضًا لم يذكر الإمام مسلم قصة عتق هذه الجارية في كتاب العتق ولا في كتاب الأيمان والنذور، وهذا مما يؤكد كلام الحافظ البيهقي وغيره.
2- الإمام الحافظ البزّار:
لقد صرح الإمام البزار باضطراب الحديث أيضًا في مسنده، فقال بعد أن روى الحديث من طريق من طرقه (كما في كشف الأستار 1/14):
« وهذا قد روى نحوه بألفاظ مختلفة » .
3- الحافظ ابن حجر العسقلاني:
صرح الحافظ ابن حجر باضطرابه أيضًا إذ قال في « التلخيص الحبير » (3/223) ما نصه:
« وفي اللفظ مخالفة كثيرة » اهـ.
وقد صرّح الحافظ ابن حجر بأنه لا يجوز اعتقاد «الأين» في حق المولى سبحانه وتعالى فلم يعمل بهذا الحديث رغم صحة سنده بنظره وذلك لاضطرابه !! لأن الاضطراب موجب للضعف مع كون الإسناد صحيحًا لذلك قال الحافظ في «فتح الباري» (1/221):
« فإنّ إدراك العقول لأسرار الربوبية قاصر فلا يتوجه على حكمه لم ولا كيف؛ كما لا يتوجه عليه في وجوده أين وحيث.. » اهـ.
وبهذا ثبت ثبوتًا لا شك فيه عندنا حسب قواعد المصطلح وتصريحات أهل الحديث في القديم والحديث اضطراب متن حديث الجارية بحيث لا يمكن التعويل على لفظ من ألفاظه؛ وأصح أسانيده كما رأيت بلفظ «أتشهدين أن لا إله إلا الله …»؛ فإن كان هناك مجال للترجيح بين هذا الروايات فالرواية الراجحة بلا شك ولا ريب هي رواية «أتشهدين … » لأنها الأصح، ولأن المعهود من حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم الثابت عنه بالتواتر أنه كان يأمر الناس ويقاتلهم ويختبر إيمانهم بالشهادتين فتكون رواية «أين الله» شاذة أو منكرة