الأربعاء، 21 مارس 2012

موسوعة العقيدة - الإلهيات - وجود الله : نقاط مهمة حول وجود الله

نقاط مهمة حول وجود الله



بين البحث عن الله والبحث فيه

وإننا لن نمل من التكرار، ولا نيأس من التنبيه إلى قضية هامة، وهي وجوب التفريق بين البحث عن الله والبحث فيه، وهما أمران أدى الخلط بينهما إلى مهاو كثيرة من الضلال انحدر إليها ومازال ينحدر الكثيرون من المفكرين فإذا أراد العاقل أن يبحث عن الله، سيجد أن الله قد يسر له كل سبيل، ومهد أمام عينيه كل طريق يوصله إلى خالقه وبارئه.
ولكن الإنسان هو الإنسان، تغريه بعض النتائج التي أتيح له إدراكها بالتصدي إلى مجالات لا يمكنه أن يسير فيها.
فهو إذا استطاع أن يصل إلى معرفة أن الله موجود بالعقل تجده يظن أنه قادر على القول الفصل في تحديد ما يجب لله من صفات، وما لذاته السامية من مفاهيم، وما يجوز عليها من إطلاق الأسماء أو العبارات، فيتحدث عن ذات الله وصفاته بالعقل، حديث الواثق المطمئن إلى مقدماته ونتائجه، وهو لا يدري أن عقله محجوب عن ذلك، وفكره لا يستقل بالحديث فيما رام أن يتحدث فيه.
ولذا فإننا نقول : إنه ينبغي على العاقل أن يفرق بين البحث عن الله، والبحث فيه، ويتعرف على مدى إمكاناته التي تؤهله إلى هذا المجال أو ذاك، فلا يقحم ذاته على ميدان لا يتأتى له أن يبحث فيه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحقيقة الأولى الله جل جلاله


        هذا الاسم الكريم عَلَم على الذات المقدسة التي نؤمن بها ونعمل لها، ونعرف أن منها حياتنا واليها مصيرنا. والله –تبارك وتعالى- أهل الحمد والمجد – وأهل التقوى والمغفرة، لا نحصي عليه ثناء، ولا نبلغ حقه توقيرا وإجلالا.


        لو أن البشر – منذ كتب لهم تاريخ، و إلى أن تهمد لهم على ظهر الأرض حركة – نسوا الله وكفروا به، ما خدش ذلك شيئا من جلاله – ولا نقص ذرة من سلطانه، ولا كف شعاعا من ضيائه، ولا غض بريقا من كبريائه، فهو –سبحانه- أغنى بحوله، وأعظم بذاته وصفاته، وأوسع في ملكوته وجبروته من أن ينال منه وهم واهم، أو جهل جاهل.


        ولئن كنا في عصر عكف على هواه، وذهل عن أخراه، وتنكر لربه؛ إن ضير ذلك يقع على أم رأسه ولن يضر الله شيئا.
(ومن الناس من يجادل في الله بغير علم . ويتبع كل شيطان مريد. كُتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) (الحج 3-4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل لهذا العالم من إله
ولقد تعرض هذا العالم " روبرت موريس ميج " .إلى بعض العوامل التي تؤدي إلى ضلال العقول، وانحرافها عن التفكير السليم من جهة أنها قد تهمل بعض قواعد المنهج في الوصول إلى بعض الحقائق الكونية، وسعد من هذه المقدمة إلى القول بأن الإنسان يخطئ منهجياً أحياناً حين يتعرض إلى قضية وجود الله ، فيؤدي به هذا الخطأ إلى إنكار هذا الوجود في نفس الوقت الذي لا يستطيع أن يتخذ من العلم شاهداً لهذا الإنكار، ولا من المنهج الصحيح معضداً للرفض أو الإلحاد.
يقول الأستاذ "روبرت موريس بيج " جواباً عن السؤال الذي وجه إليه وطلب منه أن يجيب عنه ـ هل لهذا العالم من إله ؟ تحت عنوان : "اختيار شامل".
يتطلب اختيار صحة فرض من الفروض تهيئة ظروف معينة مناسبة، وذلك للحصول على نتائج يوصل إليها هذا الفرض، على أساس أنه فرض سليم. وعلى ذلك فإنه لاختبار صحة فرض معين ينبغي أن تتوافر شروط ثلاثة:
1ـ ظروف معينة.
2ـ تحقيق نتائج تتفق مع سلامة هذا الفرض.
3ـ التسليم بصحة هذا الفرض حتى يثبت عكس ذلك.
أما الشرطان الأولان فلا يدور حولهما جدال، وأما الشرط الثالث فإنه كثيراً ما يهمل عند اختيار صحة الفرض رغم أهميته البالغة.
وفي بعض الأحيان يتطلب صحة بعض العروض ملاحظات قد لا تتوافر أو تتيسر لشخص معين، فإذا فرضنا مثلاً أن شخصاً لا يستطيع أن يلاحظ إلا الأشياء التي تكون كافية على وجه المحيط، فإن مثل هذا الشخص يعجز عن مشاهدة الأشياء التي تطير في الهواء أو تغوص في الماء، فبينما هو يدرك التي تسبح على سطح الماء كالسفن الكبيرة والصغيرة والبقايا العضوية الطافية والطيور عندما تحلق فوق سطح الماء، فإن الطيور والطائرات التي تطير في الهواء، والأسماك والغواصات التي تسبح في جوف الماء، تعتبر غير موجودة بالنسبة إليه فإذا ظهر لهذا الشخص طائر يكون قد هبط من الهواء إلى سطح الماء، أو جسم مغمور خرج من جوف الماء إلى سطحه، فإن ذلك يعتبر بالنسبة لهذا الشخص بمثابة ظهور شئ جديد من العدم، وبالعكس إذا اختفى جسم كان على سطح الماء بأن طار في الهواء أو غاص في الماء، فإن هذا الشخص يعتبر هذه الظاهرة فناء أو زوالاً . وهو سوف يجد أن هناك بعض الظواهر يستطيع أن يفهمها فهما واضحاً وتلك الظواهر التي تتصل بالأجسام الطافية على سطح الماء. ولكن سوف تصادفه ظواهر أخرى لا يستطيع لها فهماً أو إدراكاً، وتلك هي التي تتعلق بظهور بعض الأجسام فجأة على سطح الماء أو اختفائها فجأة من فوق سطحه.
فإذا قابل هذا الشخص شخصاً آخر يستطيع بطريقة ما أن يلاحظ الأشياء التي تطير في الهواء، أو تتحرك في جوف الماء ، فإن كثيراً من الظواهر التي شاهدها الشخص الأول، وعجز عن أن يجد لها تفسير يمكن شرحها وإدراك أسرارها بمساعدة الشخص الثاني، ومع ذلك فإن الشخص الأول قد يواجه بعض الصعوبات في إدراك بعض المعاني الأساسية التي تعينه على فهم الموضوع مثل الطيران في الهواء أو الغوص في الماء، وسوف يميل هذا الشخص بطبيعة الحال إلى التشكك في قول صاحبه حتى يتبين له بطريقة من الطرق صحة المعلومات التي يقدمها له. وقد لا يكون ذلك أمراً هيناً، ورغم ذلك فإن صاحبه يستطيع أن يثبت له صدقه بأن يتنبأ له في ضوء ما يراه " مما يعجز الشخص الأول عن ملاحظته" ببعض الظواهر والأشياء التي تتحقق فعلاً .
ولننتقل بعد هذه المقدمة الموجزة إلى فكرة وجود الله، ودعنا نعتبرها الآن كما يعتبرها البعض مجرد فرض، فإذا أردنا أن نختبر صحة هذا الفرض، فلابد أن نسلم أولاً، ولو مؤقتاً بأنه فرض صحيح سواء أكنا نعتقد في ذلك أم لا نعتقد فإذا لم نسلم بصحة هذا بأنه الفرض فإننا نعجز عن الوصول إلى اختبار حقيقي له.
ولابد لنا أن نسلم فوق ذلك بما يسلم به الكثيرون من أن قدرتنا على الملاحظة لا تستطيع أن تمتد لغير جزء ضئيل نسبياً من الحقيقة الكلية فالإله الذي نسلم بوجوده لا ينتمي إلى عالم الماديات ولا تستطيع حواسنا المحدودة أن تدركه، وعلى ذلك فمن العبث أن نحاول إثبات وجوده باستخدام العلوم الطبيعية لأنه يشغل دائرة غير دائرتها المحدودة الضيقة، فإذا لم يكن للإله وجود مادي فلابد أن يكون ذلك الإله روحانياً، أو هو يوجد في عالم من الحقيقة غير ذلك العالم الفيزيقي على أية حال، وبذلك فإنه لا يمكن أن نجده تلك الأبعاد الثلاثة، أو أن يكون خاضعاً للقيود التي نعرفها. ولابد لنا أن نسلم أن هذا الكون المادي الذي يخضع لقيود الزمان والمكان ليس إلا جزءاً يسيراً من الحقيقة الكبرى التي ينطوي عليها هذا الوجود.
فإذا سلمنا بوجود الله فلابد أن نسلم بقدرته على أن يكشف لنا بعض الحقائق الغيبية التي لا نستطيع أن ندركها لقصورنا (1).
=================================
(1) راجع مقال " روبرت موريس بيج " فذي كتاب " الله يتجلى في عصر العلم " ترجمة د/ الدمرداش عبد المجيد سرحان ، تحت عنوان : " اختبار شامل " ص 11 ـ 15.
عقيدتنا وصلتها بالكون والإنسان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل العالم خلق صدفة؟نشوء حياتنا هذه ودوامها يقومان على جملة ضخمة من القوانين الدقيقة يحكم العقل باستحالة وجودها هكذا جزافاً !!

        فوضع الأرض أمام الشمس مثلا .. ثم على مسافة معينة لو نقصت –بحيث ازداد قربها من الشمس- لاحترقت أنواع الأحياء من نبات وحيوان. ولو بعدت المسافة لعم الجليد والصقيع وجه الأرض، وهلك كذلك الزرع والضرع.. أفتظن إقامتها في مكانها ذاك لتنعم بحرارة مناسبة جاء خبط عشواء؟ وحركة المد والجزر التي ترتبط بالقمر!! أفما كان من الممكن أن يقترب القمر من أمه أكثر، فيسحب أمواج المحيطات سحبا يغطي به وجه اليابسة كلها، ثم ينحسر عنها وقد تلاشى كل شيء؟ من الذي أقام القمر على هذا المدى المحدود ليكون مصدر ضوء لا مصدر هلاك؟


        إننا على سطح هذه الأرض نستنشق "الأكسجين" لنحيا به ونطرد "الكربون" الناشئ من احتراق الطعام في جسومنا. وكان ينبغي أن يستفيد الأحياء – وما أكثرهم- هذا العنصر الثمين في الهواء، فهم لا ينقطعون عن التنفس أبدا. لكن الذي يقع أن النبات الأخضر يأخذ "الكربون" ويعطي بدله "أوكسجين" وبهذه المعاوضة الغريبة يبقى التوازن في طبيعة الغلاف الهوائي الذي يحيا في جوفه اللطيف الحيوان والنبات جميعا!! أفتحسب هذا التوافق حدث من تلقاء نفسه؟! إني أحيانا اسرح الطرف في زهرة مخططة بعشرات الألوان. التقطها بأصابع عابثة من بين مئات الأزهار الطالعة في إحدى الحدائق..
ثم اسأل نفسي: بأي ريشة نسقت هذه الألوان؟ إنها ليست ألوان الطيف وحدها. إنها مزيج رائق ساحر من الألوان التي تبدو هنا محففة، وهنا مظللة، وهنا مخططة، وهنا منقطة..
        وانظر إلى أسفل، إلى التراب الاعفر الذي اطلع على هذه الألوان انه –بيقين- ليس راسم هذه الألوان ولا موزع أصباغها.

        هل الصدفة هي التي اشرفت على ذلك؟ أي صدفة؟ إن المرء يكون غبيا جدا عندما يتصور الأمور على هذا النحو.. وألوان الزهرة هذه ملاحظة شكلية ساذجة بالنسبة إلى ملاحظة قصة الحياة في أدنى صورها. إن إنشاء الحياة في اصغر خلية يتطلب نظاما بالغ الأحكام. ومن الحمق تصور الفوضى قادرة على خلق "جزيء" في جسم دودة حقيرة؛ فضلا عن خلق جهازها الهضمي أو العصبي. فما بالك بخلق هذا الإنسان الرائع البنيان الهائل الكيان. ثم ما بالك بخلق ذلكم العالم الرحب..؟؟


        لماذا يطلب مني –إذا رأيت ثويا مخيطا أنيقا- أن أتصور خيطا قد دخل من تلقاء نفسه في ثقب إبرة، اشتبكت من تلقاء نفسها في نسيج الثوب، أو أخذت تعلو وتهبط صانعة الصدر والذيل والوسط والأكمام والأزرار والفتحات والزركشة والمحاسن إلخ.
إن إحالة الأمور على المصادفات ضرب من الدجل العلمي يرفضه أولو الألباب. لنفرض أن الآلة الكاتب في احد الدواوين وجدت بجوارها ورقة مكتوب عليها اسم عمر ماذا يعني هذا..؟


        أحد أمرين: اقربهما إلى البداهة وهو أن خبيرا في الكتابة طبع الاسم على الورقة. والأمر الثاني: أن حروف الاسم تجمعت وترتبت وتلاقت هكذا جزافا.
إن الفرض الأخير معناه من الناحية العلمية ما يأتي:
الابتداء بكتابة العين، أو سقوط حرفها وحده على الورقة دون وعي يجوز بنسبة 1 إلى 28 – وهو عدد حروف الهجاء العربية-. وسقوط حرفي العين والميم يجوز بنسبة 1 إلى 28 × 28 ونزول الحروف الثلاثة بعوامل الصدفة المحضة يجوز بنسبة 1 إلى 28 × 28 × 28 أي بنسبة 1 إلى 21952..
وليس أغبى فكرا ممن يترك الفرض الوحيد المعقول ويؤثر عليه فرضا آخر لا يتصور وقوعه إلا مرة بين اثنتين وعشرين ألف مرة..
والصدف حين تخط على القرطاس كلمة عمر اقرب إلى الذهن من تصور الصدف هذه تخلق قطرة ماء في المحيطات الغامرة، أو حبة رمل في الصحاري الشاسعة..
إن العلم بريء من مزاعم الإلحاد، ومضاد لما يرسل من أحكام بلهاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا ريب في وجود الله

        نيويورك –رويتر- استفتت مجلة "كوليرز" المعروفة، عددا كبيرا من علماء الذرة والفلك، وعلم الأحياء "البيولوجيا" والرياضة.
        "فأكدوا أن لديهم أدلة وقرائن كثيرة تثبت وجود كائن أعظم ينظم هذا الوجود ويرعاه بعنايته ورحمته وعلمه الذي لا حد له".
        ويقول الدكتور "راين" انه ثبت من أبحاثه في المعامل: ان في الجسم البشري روحا أو جسما آخر غير منظور.
وقال عالم آخر: " انه لا يشك في أن الكائن الأعظم –وهو ما تسميه الأديان السماوية"الله" – هو الذي يسيطر على الطاقة الذرية وغيرها من الظواهر والقوانين الخارقة في هذا الوجود".
        ونشرت جريدة (المصري) هذا التلغراف الذي أذاعته (رويتر) على العالم كله. وقد قرأته كغيري، وشعرت بعاطفة من السرور تغمرني، لان أولي العلم وأرباب البحث لمسوا –ولا أقول عرفوا- أثرا الحقيقة العليا، وبدأ إيمانهم بالله يتركز على أساس من التجربة المادية والإحساس النفسي.
أتعرف ما هو الإلحاد؟ أن يسفه المرء نفسه، ويركب رأسه، ويغمض عينيه عن كل ما حوله، ثم يصدر الأحكام جزافا، لا تخضع لمنطق، ولا يربطها فكر سليم.
وعندما جاء القرآن ليأخذ بأيدي الناس إلى الحق المبين لم يكلفهم عسرا . ولم يزد أن طلب إليهم فتح أبصارهم على آفاق السماء، وفجاج الأرض، وخواص الأشياء.
(قل انظروا ماذا في السموات والأرض..) (يونس:101)
(أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء..) (الأعراف:185)
(أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق واجل مسمى..) (الروم:8).
        فإذا أرسل المرء نظراته الفاحصة يستقصي بها أنباء الوجود ويستكنه أسرار الحياة، فسيرجع –بعد جولة قريبة- بهذه الحقيقة المشرقة اللامعة.
        الحقيقة التي أجملتها الآية الكريمة: (الله خالق كل شيء، وهو على كل شيء وكيل * له مقاليد السموات والأرض، والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون* قل أفغير الله تأمرونيّ اعبد أيها الجاهلون) (الزمر:62-64)؟
إن للإلحاد شبابا ممسوخا في بلادنا، يعرف قشورا من العلم، ويتعلق بأوهام لا وزن لها عند أولي الألباب. تراه يتكلم عن الألوهية والدين والوحي فيلوي لسانه بعبارات مشحونة بالغرور الادّعاء.
        وليس وراءها إلا ما يذكرك بقول الله: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله) (الحج:8-9)
        إلى هؤلاء الشباب ممن يظنون العلم طريق الإلحاد، نسوق إليهم نتائج البحوث التي وصل إليها سادتهم عن اصل الحياة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برهان التمانع

        ويقال لـه برهان التّطارد، وتقريره:لو وجد على جهة الفرض فردان متّصفان بصفات الألوهيّة، لأمكن التمانع بينهما، بأن يريد أحدهما صحّة زيد والآخر سقمه مثلا، وحينئذ: إمّا أن يحصل مرادهما وهو محال لاستلزامه اجتماع الضدّين، أو لا يقع مرادهما وهو محال أيضا لاستلزامه عجزهما مع اتصافهما بصفات الألوهيّة، أو يقع مراد أحدهما دون الآخر وهو محال أيضا لاستلزامه الترجيح بلا مرجّح، واستلزامه عجز من فرض قادرا، ويلزم منه عجز الآخر لانعقاد المماثلة.
        وفي قولـه تعالى:* (لو كانَ فيهِما آلِهَةٌ إلاّ اللـهُ لَفَسَدَتا) إشارة إلى هذا البرهان. وتكملة الاستدلال بناء على منطوق الآية، ولم تفسد السّماوات والأرض، هذه هي المقدّمة التّالية، فدلّ على أنّه لا يوجد أكثر من إلـه، وهو اللـه تعالى.
- برهان التّوارد، وتقريره:
        لو وجد إلـهان متّصفان بصفات الألوهيّة، فإذا قصدا إيجاد مقدور معيّن، فوقوعه إمّا بكلّ منهما، فيلزم اجتماع مؤثّرين على أثر واحد، وهو محال، لأنّ الجوهر الفرد مخلوق أيضا ولو تواردت عليه قدرتان وإرادتان، صار أثرين، فيلزم انقسام ما لا يقبل القسمة، إن قدّر أنّ الذي أوجده أحدهما غير الذي أوجده الآخر، وهو لا يعقل، لأنّ الفرض أنّه شيء لا يقبل القسمة، فليس لـه إلاّ وجود واحد لا يمكن انقسامه، وإمّا تحصيل الحاصل إن قدّر الذي أوجده كلّ واحد هو ما أوجده الآخر، وهو محال أيضا. وإن كان الإيجاد لأحدهما فيلزم الترجيح بلا مرجّح، لأنّ المقتضي للقادريّة ذات الإلـه وللمقدوريّة إمكان الممكن، فنسبة الممكنات إلى الإلـهين المفروضين على السّويّة من غير رجحان.
        هذه هي بعض الأدلّة التي شرحها علماء الإسلام تثبيتا لعقائد الدّين. فعلى أصحاب الـهدى التّمسّك بها وفهمها، وتعقّل ما تحتوي عليه من معان راقية