الجمعة، 16 مارس 2012

موسوعة الفقه : باب النفقة

النفقة

سبق أن ذكرنا وجوب نفقة الزوجة على زوجها، وبقي أن نذكر نفقة الوالدين على ابنهما ونفقة الابن على أبيه ونفقة الاقارب ونفقة الحيوان.

.نفقة الوالدين وأخذهما من مال ابنهما:
نفقة الوالدين المعسرين واجبة على الولد متى كان واجدا لها.
فعن عمارة بن عمير عن عمته أنها سألت عائشة قالت: في حجري يتيم أفآكل من ماله؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه».
وأما أخذ الوالدين من مال ابنهما فإنه يجوز لهما أن يأخذا منه سواء أذن الولد أم لم يأذن.
ويجوز لهما أن يتصرفا فيه ما لم يكن ذلك على وجه السرف والسفه، للحديث المتقدم ولحديث جابر أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي مالا وولده وإن أبي يريد أن يجتاح مالي. فقال: «أنت ومالك لابيك».
وذهب الائمة الثلاثة إلى أنه لا يأخذ من مال ابنه إلا بقدر الحاجة.
وقال أحمد: له أن يأخذ من مال ولده ما شاء عند الحاجة وغيرها.

.وجوب النفقة على الوالد الموسر لولده المعسر:
وكما تجب النفقة على الولد الموسر لوالده المعسر فإنها تجب للولد المعسر على والده الموسر، لقوله صلى الله عليه وسلم لهند «خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف».
قال أحمد: إذا بلغ الولد معسرا أو لا حرفة له لا تسقط نفقته عن أبيه إذا لم يكن له كسب ولا مال.

.النفقة للأقرباء:
أما النفقة للاقرباء المعسرين على أقربائهم الموسرين فقد اختلف فيها الفقهاء اختلافا كبيرا.
فمنهم من قال بعدم وجوبها إلا من باب البر وصلة الرحم.
قال الشوكاني: ولا تجب على القريب لقريبه إلا من باب صلة الرحم.
قال: وأما كونها لا تجب نفقة سائر القرابة إلا من باب صلة الرحم فلعدم ورود دليل يخص ذلك، بل جاءت أحاديث صلة الرحم وهي عامة، والرحم المحتاج إلى النفقة أحق الارحام بالصلة وقد قال تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاه سيجعل الله بعد عسر يسرا}. {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره}.
وقالت الشافعية: تجب النفقة على الموسر سواء أكان مسلما أم غير مسلم للاصول من الاباء والاجداد وإن علوا. وللفروع من الابناء وأبناء الابناء وأن نزلوا ولا تجب لغير هؤلاء.
وقالت المالكية: لا تجب النفقة إلا للأب والأم والابن والبنت ولا تجب للاجداد ولا للاحفاد ولا لغيرهما من الاقارب ولا يمنع اختلاف الدين من وجوبها.
والحنابلة: يوجبون النفقة على القريب الموسر الذي يرث القريب المحتاج إذا مات وترك مالا فهي تسير مع الميراث سيرا مطردا لأن الغرم بالغنم والحقوق متبادلة.
وهم يوجبونها للوالدين وإن علوا والولد وان نزل، وعندهم لا تجب النفقة لذوي الارحام وهم من ليسوا بذوي فروض وليسوا بعصبات فلا نفقة لهم ولا علهيم إن لم يكونوا من جهة الاصول والفروع وذلك لضعف قرابتهم وعدم النص في شأنهم من قران وسنة، وقد توسع ابن حزم فقال: إنه يجبر القادر على النفقة على المحتاج من أبويه وأجداده وإن علوا، وعلى البنين والبنات وبنيهم وإن سفلوا. وعلى الاخوة والاخوات والزوجات. كل هؤلاء يسوي بينهم في إيجاب النفقة ولا يقدم منهم أحد على أحد.
فإن فضل هؤلاء عن هؤلاء بعد كسوتهم ونفقتهم شيء أجبر على النفقة على ذوي رحمه المحرمة ومورثيه إن كان من ذكرنا لا شيء لهم ولا عمل بأيديهم تقوم مؤونتهم منه. وهم الاعمام والعمات وإن علوا والاخوال والخالات وان علوا وبنو الاخوة وان سفلوا ومن قدر من كل هؤلاء على معاش وتكسب وان كان خسيسا فلا نفقة له إلا الابوين والاجداد والجدات والزوجات فانه يكلف أن يصونهم عن خسيس الكسب وإن قدر على ذلك.
ويباع عليه في كل ما ذكرنا ما به عنه غنى من عقاره وعروضه وحيوانه.

.نفقة الحيوان:
يجب على الشخص أن ينفق على بهائمه وحيوانه ويقدم لها ما يقيم حياتها من طعام وشراب.
فإن لم يفعل أجبره الحاكم على النفقة عليها أو على بيعها أو على ذبحها. فإن لم يفعل تصرف الحاكم بما هو أصلح.
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملا خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له». قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرا؟ فقال: «في كل كبد رطبة أجر».