الخميس، 19 يناير 2012

الصحابة : زيد بن حارثة


زيد بن حارثة

(…ـ 8 هـ/… ـ629م)

أبو أسامة زيد بن حارثة بن شراحيل (وقيل: شرحبيل) بن عبد العزَّى بن زيد الكلبي (نسبة إلى قبيلة كلب اليمانية) صحابيٌّ جليل، حبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه، وذلك أنَّه اختُطف في الجاهلية وهو فتى صغير، وبيع بسوق عكاظ أو سوق حباشة، فاشتراه حكيم بن حِزام لعمته خديجة بنت خويلد[ر] فوهبته للنبيr حين تزوجها وهو ابن ثمانية أعوام، ثم تبنَّاه النبيُّr وذلك قبل البعثة، حيث كان من خبره أنَّ أهل زيد علموا بوجوده في مكة، فجاء أبوه وعمه كعب لفدائه، وخاطَبَا النبيَّr بشأْنِه، فخيَّر النبيُّr زيدًا بين الالتحاق بأهله أو البقاء عنده، فآثر زيدٌ البقاء معه، فأَعتَقَه النبيُّr وأَعلن أنَّه متبناه يرثان بعضهما على ما كان عليه الأمر في الجاهلية قبل الإسلام، وصار يُطلق عليه زيد بن محمد، وبعد البعثة كان زيدٌ أوَّل من آمن من الموالي، ولازم النبيَّr في حِلِّه وترحاله، وكان معه عند ذهابه إلى الطائف طلبًا للنُّصرة بعد وفاة عمِّه أبي طالب [ر] وزوجِه خديجة، وبعد الهجرة إلى المدينة آخى النبيُّr بينه وبين أُسيدِ بنِ حُضَيْر [ر]، وزوَّجه بنت عمته زينب بنت جحشٍ [ر] التي لم يلبث أن طلَّقها، ونزل قول الله تعالى )وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُُ عِندَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ( (الأحزاب:4ـ5) فأُبْطِلَّ التَّبنِّي ونودي زيد بن حارثة، وزيد هو الصحابيُّ الوحيد الذي ذُكر اسمه في القرآن صريحاً، في قول الله تعالى )فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً( (الأحزاب:23). فقال بعض الناس: تزوَّج حليلة ابنه، فأنزل الله تعالى )ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ( (الأحزاب:40) وتزوَّج مولاة النبيr أم أيمن بركة الحبشية فولدت له أُسامة بن زيد[ر]، وكان يكنى به، كما زوَّجه النبيُّr أُمَّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيط الأموية، وكانت أوَّل صحابيَّة هاجرت إلى المدينة بعد صُلْح الحُديبية وامتحنها النبيُّr بما كان يمتحن النساء: «ما أخرجكن إلا حبّ الله ورسوله والإسلام، لاحبُ زوج ولا مال» وشهد زيد مع النبيِّ r المشاهد، وأولها غزوة بدرٍ [ر] وجاء بشيرًا لأَهل المدينة بالنصر عَقِبها، وقد قال النبيُّr في حقِّه «إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ» (البخاري:3730) ومن ثم فقد تولَّى إِمرة المدينة غير مرَّة عند خروج النبيِّr منها، وكان لا يبعثه صلى الله عليه وسلم في سريَّة إلا أَمَّره عليها، وكانت أهم سراياه تلك التي قادها للنيل من أم قِرْفة، وهي شاعرة من بني فَزارة كان يضرب بها المثل في الجاهلية، فيقال : «أعز من أم قرفة !» و«أمنع من أم قرفة» فلمَّا ظهر الإسلام سبَّت رسول اللهr وأكثرت، وجهَّزت ثلاثين راكبًا من ولَدِها وولدِ ولدها، وقالت لهم: اغزوا المدينة واقتلوا محمدًا، فوجَّه النبيُّr سرية مع زيد بن حارثة فظفِر بهم وأَسر أُم قرفة، وتولى قتلها قيس بن المحسر اليعمري، وعندما أراد النبيُّr غزو الروم في بلاد الشام جهَّز جيشًا قوامه ثلاثة آلاف صحابيٍّ وجعل زيدًا أوَّل الأمراء الثلاثة، حيث قدَّمه على ابنِ عمِّه جعفر بن أبي طالب[ر] وعبد الله بن رواحة[ر]، وكانت وقعة مؤتة [ر] فكان من أوَّل الشهداء فيها، ونعاه النبيُّr لأصحابه في اليوم الذي استشهد فيه، وحزن عليه ودعا له بقوله : «اللهم اغفر لزيد ـ ثلاث مرات ـ».