الأربعاء، 25 يناير 2012

أماكن ومعالم : المسجد النبوى الشريف والروضة الشريفة


المسجد النبوى الشريف والروضة الشريفة


المسجد النبوي هو مسجد النبي محمد بن عبد الله رسول الإسلام وفيه يوجد قبره، ويعد المسجد النبوي ثاني أقدس دور العبادة بالنسبة للمسلمين بعد المسجد الحرام في مكة. يقع في المدينة المنورة في غرب المملكة العربية السعودية. والمسجد النبوي هو أحد ثلاث مساجد تشد لها الرحال في الدين الإسلامي؛ فقد قال النبي محمد: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا يعتقد المسلمون أن الصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما دونه من المساجد إلا المسجد الحرام؛ فقد قال النبي محمد: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام و يعتبر المسجد النبوي أول مكان في الجزيرة العربية يتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية عام 1327هـ الموافق 1909 م
المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ
إن موضوع هذا الباب هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم - تأسيسه وتوسعاته وتطور بنائه ومدى اهتمام الأمراء والسلاطين والملوك به - وما كتب في بدايته مما يتعلق بالمدينة المنورة بعامة إنما هو مقدمة وتوطئة ضرورية لموضوع الحديث عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا شك أن هذا المسجد الشريف هو من ثمار هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام . ذاك لأن هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تعني نشأة أول دار إسلام إذ ذاك على وجه الأرض , وقد كان ذلك إيذانا بظهور الدولة الإسلامية بإشراف منشئها الأول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .
ولذا فقد كان أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم , أن أقام الأسس الهامة لهذه الدولة , ولقد كانت هذه الأسس ممثلة في الأعمال الثلاثة التالية :
أولا: بناء المسجد . ثانيا: المؤاخاة بين المسلمين عامة والمهاجرين والأنصار خاصة . ثالثا: كتابة وثيقة (دستور) حددت نظام حياة المسلمين فيما بينهم , وأوضحت علاقتهم مع غيرهم بصورة عامة واليهود بصورة خاصة .
وسنقتصر الكلام على الأساس الأول الذي هو بناء المسجد .
عندما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى داخل المدينة بركت ناقته في موضع كان لغلامين يتيمين من الأنصار من بني مالك بن النجار هما سهل وسهيل ابنا رافع بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم , وكانا تحت كفالة معاذ بن عفراء أو أبو أمامة سعد بن زرارة أو كليهما , وكان أسعد بن زرارة قد اتخذه مصلى قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة , فكان يصلي بأصحابه فيه . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى ذلك الموضع مسجدا , ودعا الغلامين فساوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه , فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله , فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ابتاعه منهما بعشرة دنانير . وكان فيه شجر غرقد ونخل وقبور قديمة لبعض المشركين , فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبور فنبشت , وبالنخيل والشجر فقطعت , وصفت في قبلة المسجد , وجعل طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره 70 ذراعا , وفي الجانبين مثل ذلك أو دونه , ثم بنوه باللبن , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر البناء مع أصحابه وينقل معهم الحجارة بنفسه , وجعل قبلته إلى بيت المقدس , وجعل عمده الجذوع , وسقفه بالجريد . وقيل له : ألا نسقفه ؟ فقال : (عريش كعريش موسى : خشيبات وثمام - نبت ضعيف قصير - الشأن أعجل من ذلك أما أرضه فقد فرشت بعد ذلك بالرمال والحصباء .
وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك , أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي حيث أدركته الصلاة ويصلي في مرابض الغنم , قال : ثم إنه أمر ببناء المسجد , فأرسل إلى ملأ من بني النجار فجاءوا , فقال : يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا , فقالوا : لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله . فقال أنس : فكان فيه ما أقول لكم : كانت فيه قبور المشركين , وكانت فيه خرب , وكان فيه نخل . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت ثم بالخرب فسويت وبالنخل فقطع , قال : فصفوا النخل قبلة المسجد قال : وجعلوا عضادتيه حجارة وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم وهو يقول : اللهم لا خير إلا خير الآخرة فانصر الأنصار والمهاجرة . ثم وسعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عودته من خيبر وكثر المسلمون فصار مائة ذراع طولا ومثل ذلك عرضا .
وقد ظل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الشكل دون أي زيادة أو تغيير على عهد أبي بكر رضي الله عنه . وقبل أن نتحدث عن التطور العمراني له نود أن نذكر لفتة جوهرية حول بناء المسجد أول كل شيء لنعرف عبر ودلائل هذا الاتجاه .



نأخذ من هذا الذي ذكرناه دلائل هامة نجملها فيما يلي :
1- مدى أهمية المسجد في المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية : فقد أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجرد وصوله إلى المدينة المنورة واستقراره فيها على إقامة مجتمع إسلامي راسخ متماسك . يتألف من هؤلاء المسلمين , الأنصار والمهاجرين الذين جمعتهم المدينة المنورة . فكان أول خطوة قام بها في سبيل هذا الأمر بناء المسجد .
ولا غرو ولا عجب . فإن إقامة المسجد أول وأهم ركيزة في بناء المجتمع الإسلامي , ذلك أن المجتمع المسلم إنما يكتسب صفة الرسوخ والتماسك بالتزامات نظام الإسلام وعقيدته وآدابه . وإنما ينبع ذلك كله من روح المسجد ووحيه .
إن من نظام الإسلام وآدابه شيوع آصرة الأخوة والمحبة بين المسلمين . ولكن شيوع هذه الآصرة لا يتم إلا في المسجد . فما لم يتلاق المسلمون يوميا على مرات متعددة في بيت من بيوت الله وقد تساقطت مما بينهم فوارق الجاه والمال والاعتبار , لا يمكن لروح التآلف والتآخي أن تؤلف بينهم .
إن من نظام الإسلام وآدابه , أن تشيع روح المساواة والعدل فيما بين المسلمين في مختلف شئونهم وأحوالهم . ولكن شيوع هذه الروح لا يمكن أن يتم ما لم يتلاق المسلمون كل يوم صفا واحدا بين يدي الله عز وجل . وقد وقفوا على صعيد مشترك من العبودية له , وتعلقت قلوبهم بربهم الواحد جل جلاله . ومهما انصرف كل مسلم إلى بيته يعبد الله يركع له ويسجد دون وجود ظاهرة الاشتراك والاجتماع في العبادة , فإن معنى العدالة والمساواة لن يتغلب في المجتمع على معاني الأثرة والتعالي والأنانية .
وإن من نظام الإسلام وآدابه أن ينصهر أشتات المسلمين في بوتقة من الوحدة الراسخة يجمعهم عليها حبل الله الذي هو حكمه وشرعه , ولكن ما لم تقم في أنحاء المجتمع مساجد يجتمع فيها المسلمون على تعلم حكم الله وشريعته ليتمسكوا بها عن معرفة وعلم فإن وحدتهم تئول إلى شتات , وسرعان ما تفرقهم عن بعضهم الشهوات والأهواء , فمن أجل تحقيق هذه المعاني كلها في مجتمع المسلمين ودولتهم الجديدة أسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل كل شيء إلى بناء هذا الصرح الشامخ والأساس المتين (المسجد النبوي الشريف)


تطور التوسعات للمسجد النبوي الشريف
منذ خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحتى التوسعة الفهدية الكبرى
قلنا إن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ظل على شكله دون زيادة أو تغيير فيه على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
أما الزيادات والتوسعات فيه فقد بدأت من عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه , واستمرت حتى عصرنا الحاضر .
وإذا أردنا أن نتحدث عن التطور التفصيلي لعمارة المسجد النبوي الشريف خلال هذه الحقبة التاريخية الطويلة فإن الموضوع يحتاج إلى مؤلف ضخم , ثم لن تكون العملية بعد ذلك أكثر من تكرار لما تناثر في الكتب .
لقد تناولنا معظم الكتب التي اهتمت بموضوع عمارة المسجد النبوي الشريف , فوجدنا منها ما هو مطول في فترة وموجز في أخرى بصفة عامة إيجازا يقصر عن تمام الفائدة , أو مطولا إطالة قد لا يحتاج إليها كثير من القراء . لذا وجدت أنه من المفيد جدا أن أختصر الموضوع على شكل مسرد موجز لتاريخ المسجد النبوي الشريف وما يلحقه من عناصر اختصرته من عدة مراجع , كلها آخذة من بعض , فاقتفيت أثر بعضها وقدمته على غيرها والفضل في جميعها يعود للسابقين .
ووصلت بهذا المسرد الموجز إلى بداية التوسعة الفهدية الكبرى فتوسعت في الحديث عنها , ذلك لأن ما قبل التوسعة الفهدية أوسعته الكتب طرحا وإيضاحا وبحثا وتحقيقا , فكان الواجب أن تأخذ التوسعة الفهدية نفس المساحة من الطرح التاريخي والعمراني . وسنوجز هذا المسرد فيما يلي :

حدود المسجد النبوي
  • الدرابزينات النحاسية الصفر الآخذة من شرق إلى غرب التي تبعد عن المنبر النبوي ذراعا واحدا أو أكثر قليلا هي في موضع جدار المسجد القبلي الذي بناه صلى الله عليه وسلم .
  • الأساطين الشمالية في عمارة السلطان عبد المجيد العثماني المشرفة على رحبة المسجد النبوي الآخذة من شرق إلى غرب المسامتة لعضادة باب النساء هي موضع الجدار الشمالي الذي بناه الرسول صلى الله عليه وسلم .
  • موقع الحائط الشرقي هو بعد أربعة أذرع من الأسطوانة الخامسة من يمين المنبر الشريف جهة الشرق داخل شباك الحجرة النبوية الشريفة , أي أن جزءا من الروضة داخل في شباك الحجرة النبوية الشريفة .
  • أما الحائط الغربي فموقعه في موضع الأساطين الممتدة من الشمال للجنوب المكتوب في علوها (حد مسجد النبي عليه السلام) داخل عقد مذهب منحوت . . . وهذه الأساطين تسامت الأسطوانة الخامسة بعد المنبر الشريف جهة الغرب .
  • كل ما يزاد في المسجد النبوي هو من المسجد النبوي الشريف .
  • حين بنى الرسول صلى الله عليه وسلم مسجده لأول مرة كانت القبلة إلى بيت المقدس , وجعل له أبوابا ثلاثة شرقيا وغربيا وجنوبيا . ولما تحولت الصلاة إلى الكعبة المشرفة فتح بابا في الشمال وسد الباب الجنوبي .
  • الباب الشرقي ويسمى باب آل عثمان , وباب النبي , وباب جبريل , وموضعه عند دخولك من باب جبريل قبل نهاية ضلع الحجرة الشمالي بأربعة أو خمسة أذرع تقريبا في امتداد شمالي جنوبي .
  • الباب الغربي هذا الباب كان يسمى باب عاتكة قديما ويسمى الآن باب الرحمة , وإذا دخل منه الإنسان من باب الرحمة وسار إلى الشرق مستقيما ووقف بحذاء آخر أسطوانة مكتوب عليها في أعلاها كما تقدم (حد مسجد النبي عليه السلام) كان واقفا في موضع باب عاتكة الذي فتحه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده في الجدار الغربي .
  • الباب القبلي (الجنوبي) اسمه باب آل عمر ويقع في الجدار القبلي في القسم الشرقي منه الواقع بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجرة المطهرة , وقد يكون في مكان الزاوية الغربية الجنوبية لشباك الحجرة اليوم كما وصفه المؤرخون .
  • وقد سد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الباب وفتح بدله بابا في الشمال عند تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة .
  • الباب الشمالي : ذكرت عن الباب القبلي أنه كان في مكان الزاوية الغربية الجنوبية للشباك الدائر على الحجرة النبوية الشريفة , والباب الشمالي فتحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحذاء الباب القبلي في الجدار الشمالي للمسجد الذي سبق وصفه . أي يطل على رحبة الشمسيات الأولى .
  • المحراب النبوي (مصلى الرسول الكريم إلى الكعبة) :
    لا يوجد محراب في المسجد النبوي في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه الراشدين , وأول من أحدث المحراب المجوف في المسجد النبوي الشريف هو عمر بن عبد العزيز في عمارة الوليد بن عبد الملك للمسجد النبوي سنة 88- 91هـ , كما نقله الجلال السيوطي في أوائله ونقل في نزهة الناظرين للسيد البرزنجي .
    والمحراب الموجود الآن هو من عمارة الأشرف قايتباي ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للكعبة , يقع في الطرف الغربي لتجويفه المحراب , فاجعل التجويفة في يسارك وقف بينك وبين المنبر الشريف مقدار 14 ذراعا وشبرا تكن في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة .
  • مصلى النبي إلى بيت المقدس في المسجد النبوي
    صلى - عليه الصلاة والسلام - إلى بيت المقدس مدة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ثم صرفت القبلة إلى الكعبة المشرفة . وليس في المسجد اليوم موضع يعرف بمصلاه عليه السلام إلى بيت المقدس , ونحرص أن نعين ذلك إن شاء الله : ضع أسطوانة السيدة عائشة خلف ظهرك وسر باستقامة جهة الشمال فإذا حاذيت باب جبريل وكان على منكبك الأيمن فقد وقفت في مصلى النبي الكريم إلى بيت المقدس حسبما ذكره المؤرخون .
    مصلى النبي عند أسطوانة السيدة عائشة
    قبل أن يتقدم النبي الكريم إلى مصلاه الدائم عند المحراب الذي وصفناه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تحويل القبلة إلى الكعبة بالمسلمين إلى أسطوانة السيدة عائشة بضعة عشر يوما , ثم تقدم إلى مصلاه عند المحراب . وسيأتي تعيين موقع أسطوانة السيدة عائشة .
الأساطين المعلومة التي لها تاريخ في المسجد النبوي الشريف
- السواري (الأساطين) التي في المسجد النبوي الشريف في القسم القبلي منه أقيمت في عمارة السلطان عبد المجيد العثماني في مكان السواري التي كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من جذوع النخل , فقد تحروا عند البناء مواقعها وإذا أطلق اسم سارية فالمقصود بذلك مكانها .
وفي المسجد النبوي الشريف 8 سواري (أسطوانات) دخلت التاريخ , فقد كان لكل واحدة منها قصة حظيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصيب . . وفيما يلي نذكر هذه الأساطين بشيء من الإيجاز :
1-
الأسطوانة التي هي علم على مصلاه الشريف وتعرف بالأسطوانة المخلقة (المطيبة المعطرة) وكان سلمة بن الأكوع يتحرى الصلاة عندها , ولما سئل قال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها , وقال مالك : أحب مواضع التنفل حيث العمود المخلق , وأما الفريضة ففي أول الصفوف . وقد جرى تقديم هذه الأسطوانة لجهة القبلة قليلا وإدخال بعضها في المحراب النبوي وكتب عليها الأسطوانة المخلقة .
2-
أسطوانة السيدة عائشة وهي الثالثة من المنبر , والثالثة من القبر والثالثة من القبلة وتعرف بأسطوانة المهاجرين . فقد كانوا يجتمعون عندها , وتسمى أسطوانة القرعة لحديث عائشة الذي مفاده لو علم الناس ما لفضل الصلاة عند هذه السارية لاستهموا عليها , ولم تحددها السيدة عائشة لهم ولكن استنبطوها بعد ذلك .
3-
أسطوانة التوبة وهي الرابعة من المنبر والثانية من القبر والثالثة من القبلة , وتعرف بأسطوانة أبي لبابة لأنه ربط نفسه فيها بضع عشرة ليلة بعد الذي أفضى به لحلفائه بني قريظة وبعد أن أنبه ضميره على ما فعل من ذنب حتى كاد لا يسمع وكاد بصره يذهب وكانت ابنته تحل رباطه إذا حضرت الصلاة وإذا أراد أن يذهب لحاجة ثم يعود فترده في الرباط , وحلف أن لا يحل نفسه حتى يحله رسول الله صلى الله عليه وسلم وحله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن نزلت توبته في القرآن الكريم سحرا في بيت أم سلمة , وحلف أن لا يطأ بني قريظة أبدا .
وكان صلى الله عليه وسلم يصلي نوافله إلى هذه الأسطوانة , وينصرف إليها بعد صلاة الصبح ويعتكف وراءها مما يلي القبلة ويسبق إليها الضعفاء والمساكين وضيوف رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤلفة قلوبهم ومن لا بيت له إلا المسجد , فينصرف إليهم النبي من مصلاه ويتلو عليهم ما أنزل عليه ليلته ويحدثهم ويحدثونه .
1 - مقابلة وجه الرسول صلى الله عليه وسلم .
2 - مواجهة أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
3 - مواجهة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
4 - المحراب النبوي الشريف .
5 - باب السيدة فاطمة رضي الله عنها .
6 - باب التوبة .
7 - المنبر النبوي الشريف .
8 - الأسطوانة المخلقة .
9 - أسطوانة السيدة عائشة رضي الله عنها أو أسطوانة المهاجرين .
10- أسطوانة التوبة أو أسطوانة أبي لبابة .
11- أسطوانة السرير .
12- أسطوانة المحرس أو أسطوانة الإمام علي .
13- أسطوانة الوفود أو مجلس القلادة .
14- أسطوانة مربعة القبر .
15- أسطوانة التهجد .
16- محراب سيدنا عثمان رضي الله عنه .
17- محراب التهجد .
18- المكبرية .
19- دكة الأغوات .
20- المنارة الرئيسية .
4-
أسطوانة السرير وهي الأسطوانة اللاصقة بالشباك تلي أسطوانة التوبة (أبي لبابة) من جهة الشرق , وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم سرير من جريد فيه سعفه يوضع قرب هذه الأسطوانة يضطجع عليه , وكان السرير يوضع أيضا عند أسطوانة التوبة .
5-
أسطوانة المحرس وتقع خلف أسطوانة التوبة من جهة الشمال وتسمى أسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد كان مصلاه إليها , وكان يجلس في صفحتها التي على القبر مما يلي باب بيت رسول الله يحرسه وكان أمراء المدينة يصلون عندها .
6-
أسطوانة الوفود وتقع خلف أسطوانة المحرس من الشمال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس إليها لوفود العرب إذا جاءته . . وكانت تعرف بمجلس القلادة يجلس إليها سراة الصحابة وأفاضلهم .
7-
أسطوانة مربعة القبر ويقال لها : مقام جبريل , وتقع في حائز الحجرة عند منحرف صفحته الغربية إلى الشمال بينها وبين أسطوانة الوفود الأسطوانة اللاصقة بشباك الحجرة الشريفة , وقد روى سليمان بن مسلم أن باب بيت فاطمة رضي الله عنها في المربعة , وقد كان صلى الله عليه وسلم يأتيه حتى يأخذ بعضادتيه ويقول : السلام عليكم أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
8-
أسطوانة التهجد وموقعها وراء بيت السيدة فاطمة رضي الله عنها من جهة الشمال , وفيها محراب إذا توجه المصلي إليه كانت يساره إلى جهة باب عثمان المعروف بباب جبريل .

المنبر النبوي الشريف
روي في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة وللبخاري مثله وزاد " ومنبرى على حوضي " . وروى أحمد برجال الصحيح : " منبري على ترعة من ترع الجنة " . وروى النسائي برجال ثقات عن أبي أمامة بن ثعلبة مرفوعا : من حلف عند منبري هذا يمينا كاذبة استحل بها مال امرئ مسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا
وفي سنن أبي داوود من حديث جابر مرفوعا : لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار أو وجبت له
كيف كان المنبر وكيف تطور
في مسند الإمام الدارمي كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب قام فأطال القيام فكان يشق عليه قيامه فأتى بجذع نخلة فحفر له وأقيم إلى جنبه قائما للنبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا خطب فأطال القيام استند فاتكأ عليه فبصر به رجل ورد المدينة فقال لمن يليه من الناس : لو أعلم أن محمدا يحمدني في شيء يرفق به لصنعت له مجلسا يقوم عليه فإن شاء جلس وإن شاء قام فبلغ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ائتوني به فأتوه به فأمر أن يصنع له هذه المراقي الثلاث أو الأربع فوجد صلى الله عليه وسلم في ذلك راحة فلما فارق الجذع وعمد إلى هذه التي صنعت له جزع الجذع فحن كما تحن الناقة . . وروى أن المنبر صنع من خشب الأثل من الغابة .
حنين الجذع
وفي كتاب يحيى عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حن الجذع حنين الناقة إلى ولدها نزل إليه النبي فضمه فسكن وأمر أن يدفن ويحفر له
وفي كتاب ابن زبالة أن الخشبة (الجذع) دفنت تحت المنبر وقال بعضهم : دفنت شرقي المنبر .
شكل المنبر المصنوع
في صحيح مسلم ما يدل على أن المنبر الذي صنع لرسول الله من ثلاث درجات , وقال الكمال الديري : إن المنبر من ثلاث درجات غير الدرجة التي تسمى : المستراح . وكان صلى الله عليه وسلم يقف على الدرجة الثالثة وهو يخطب , فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه قام على الدرجة الثانية ووضع رجله على الدرجة السفلى ولما ولي عمر رضي الله عنه قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض , فلما ولي عثمان رضي الله عنه فعل مثل عمر ست سنوات ثم علا إلى موضع النبي صلى الله عليه وسلم .
ولقد كان للمنبر عبر التاريخ نصيب كبير من اهتمام الخلفاء والسلاطين حيث جدد حوالي ثماني مرات . ولكن في جميع التجديدات لم يفقد موقعه الأساسي , فهو اليوم على بقعة من الأرض كان منبر النبي صلى الله عليه وسلم عليها أو على بعضها .
الروضة المطهرة
ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة حديث شريف روي في الصحيحين . اعتمد المؤرخون واتفق أكثر العلماء في ظاهر كلامهم أن الروضة المطهرة هي البقعة الواقعة بين بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو بيت السيدة عائشة أيضا- وبين المنبر الشريف . . ووردت عدة أقوال في تحديدها .
وقال صاحب نزهة الناظرين : إن الأولى بالاعتماد وظاهر ما عليه غالب العلماء أن (الروضة) وهي فيما يسامت المنبر من مقدم المسجد جهة القبلة (الجنوب) , وإن لم يسامت الحجرة وفيما يسامت المنبر من جهة الشمال وإن لم يسامت الحجرة كما جاء في خلاصة الوفا .

المنائر . . مآذن المسجد النبوي لم يكن للمسجد النبوي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد خلفائه الراشدين مناير (مآذن) يرقى المؤذن عليها فيؤذن منها .
وأول من أحدث المناير في المسجد النبوي عمر بن عبد العزيز في ولايته على المدينة المنورة من قبل الوليد بن عبد الملك الأموي أثناء عمارته وتوسعته للمسجد النبوي 88- 91هـ , فقد بنى للمسجد أربع مناير في كل ركن من أركانه منارة , ثم فشا بناء المناير في المساجد . روى ذلك المؤرخون والسيد البرزنجي في نزهة الناظرين .
وقد كان في عمارة المسجد النبوي في عمارة السلطان عبد المجيد العثماني قبل العمارة والتوسعة السعودية خمس مآذن هي :
1- المنارة الشامية الغربية وتسمى : الشكيلية والخشبية والمجيدية , وموقعها في الركن الشمالي الغربي للمسجد , وقد جددت في عهد السلطان عبد المجيد العثماني , ثم أزيلت في العمارة السعودية مع ما أزيل وبني بدلها على أجمل وأحدث طراز . 2- المنارة الشامية الشرقية وتسمى : السنجارية , والعزيزية لعمارة السلطان عبد العزيز العثماني لها زمن سلطنته , وموقعها في الركن الشرقي , وقد أزيلت في العمارة السعودية مع ما أزيل وبني بدلها على طراز حديث وشكل رائع مع القوة والمتانة .
3- المنارة الجنوبية الشرقية وتسمى : بالمنارة الرئيسية وتحمل هذا الاسم إلى الآن , وهي المنارة المجاورة للقبة الخضراء والتي تظهر دائما في الصورة معها , وموقعها في الركن الجنوبي الشرقي للمسجد . . عمرها الأشرف قايتباي ثلاث مرات سنة 886 وسنة 888 هـ وسنة 892هـ ونزل في أساسها للماء واتخذ لها أحجارا سوداء متقنة وزاد في طولها إلى 120 ذراعا نحو 60 مترا , وهي الآن على عمارة قايتباي , وصورة القبة الخضراء والمنارة الرئيسية يتخذها أهل المدينة هذه الأيام كشعار للمدينة المنورة , وأول من اتخذها هو جريدة المدينة المنورة عند صدورها سنة 1356هـ .
وكان المؤذنون في الماضي يسمون الرؤساء نظرا لأن المؤذن لا يعتبر قيده رسميا ضمن المؤذنين إلا إذا أذن في هذه المنارة ولو مرة واحدة فيسمى بعد ذلك : ريس ويحق له نصيب من أوقاف المؤذنين . 4- منارة باب السلام الغربية الجنوبية تسمى : بمنارة باب السلام وهي الموجودة الآن وهي من عمارة الناصر ابن قلاوون سنة 706هـ كما رواه الطبري , أما ابن فرحون فقد قال : إن الذي أنشأها شيخ الخدام شبل الدولة كافور المظفري المعروف بالحريري من قناديل الذهب والفضة . وأرسل الصناع الأمير بن سلال وبكير بن سكندر وحفر أساسها إلى الماء ووجدوا بعد حفر قامة برنية فخار مزججة ملآنة دراهم مظفرية , ثم وجدوا تحصيب المسجد النبوي أيام مروان بالرمل الأسود يشبه أن يكون من جبل سلع كما رواه السيد البرزنجي ولا تزال المنارة على بنائها الذي بناه شيخ الخدام رحمه الله . 5- المنارة الغربية وتسمى : منارة باب الرحمة عمرها الأشرف قايتباي سنة 888هـ , وبنيت خارج جدران المسجد النبوي ضمن الدار الملاصقة للمسجد قرب باب الرحمة , وهي الدار التي كانت مخصصة لسكنى مدرسي المدرسة المحمودية , وقد أزيلت في التوسعة السعودية مع الدار والمدرسة لتوسعة ما حول المسجد النبوي وعمل الميدان الموجود الآن .
المنائر السعودية
وفي العمارة والتوسعة السعودية أزيلت المنارتان الشرقية الشمالية , والغربية الشمالية ومنارة باب الرحمة كما تقدم وبني بدلهم منارتان عمق أساس كل منارة 17 مترا وارتفاع كل منارة 70 مترا , وأضيئتا بالأنوار الكهربائية المزأبقة وطوقت الأضواء مطاف المنارتين - الموضع الذي يطوف فيه المؤذن عند الأذان - فبدت جميلة جذابة ومنظرها ليلا كأنها أعمدة من نور توغل في السماء , وكان البناء على أحدث طراز وأحسن شكل ، ثم بعد التوسعة الفهدية الكبرى زيد في المسجد النبوي الشريف ست منائر أخرى وبارتفاع أعلى , فأصبح المجموع عشر منائر .

المقصورة النبوية الشريفة
بنى النبي صلى الله عليه وسلم بيته الشريف المتواضع مثل بنائه للمسجد باللبن وجريد النخل , على مساحة صغيرة وسقفه ينال باليد وله بابان غربي شارع في المسجد وشمالي , والباب ذو مصراع واحد وبدون غلق يقفل به .
قبرالنبي صلى الله عليه وسلم في بيته
دفن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى في حجرة بيته المتواضع , وقد جعل رأسه الشريف إلى المغرب ورجلاه إلى المشرق ووجهه الكريم إلى القبلة , وكان بينه وبين جدار البيت القبلي قدر شبر وقيل بمقدار سوط , وبين الجدار الغربي قدر ذراعين .
وبالقرب منه صلى الله عليه وسلم دفن صاحبه وصديقه ورفيقه في الغار خليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه , وقد جعل رأسه إلى المغرب خلف منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاه للمشرق ووجهه للقبلة , ولما توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه دفن بجوار صاحبيه , وقد جعل رأسه للمغرب خلف منكب أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ورجلاه للمشرق ووجهه للقبلة . وكان دفنه بوصيته رضي الله عنه بعد استئذانه من السيدة عائشة رضي الله عنها وموافقتها على ذلك .
هدم الحجرة وعمارتها في زمن الوليد
كتب الوليد بن عبد الملك لعمر بن عبد العزيز عامله على المدينة - بعد أن اشترى حجرات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن - بهدمها وتوسيع المسجد بها , فقعد عمر في ناحية وأمر بهدمها فلما هدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة وكان الذي عليها قد انهار .
وأراد عمر بن عبد العزيز أن يصلح القبور بنفسه ثم أمر مولاه مزاحما بإصلاحها . وروى عبد الله بن محمد بن عقيل قال : خرجت في ليلة مطيرة حتى إذا كنت عند دار المغيرة بن شعبة لقيتني رائحة لا والله ما وجدت مثلها قط , فجئت المسجد فبدأت بالقبر فإذا جداره قد انهدم من المشرق , فدخلت فسلمت فلم ألبث أن سمعت الحس فإذا عمر بن عبد العزيز قد أمر به فستر بالقباطي .
ولما أصبح دعي وردان البناء فدخل الحجرة وقال لا بد لي من رجل , فكشف عمر بن عبد العزيز ساقه وكشف قاسم بن محمد وسالم بن عبد الله عن سوقهما فقال عمر لهما مالكم فقالوا ندخل معك فقال : لا والله لا نؤذيهم بكثرتنا , وأمر مزاحما مولاه بالدخول لمناولة وردان .
وروى أنه أمر وردان بالكشف عن الأساس , فبينما هو يكشف عنه وإذا به يتنحى واجما , فقام عمر فزعا فقال عبد الله بن عبيد الله : لا يروعنك , فتانك قدما جدك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضاق البيت عنهما فحفر لهما في الأساس فقال لوردان غط ما رأيت . وروى هشام بن عروة أنه لما سقط الجدار زمن الوليد أخذوا في بنائه فبدت لهما قدم ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحدا يعلم ذلك . فقال عروة والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر . . وتؤيد هذه الرواية ما ورد في صحيح البخاري .
عمر بن عبد العزيز يبني الحجرة المطهرة ويبني حظارا حولها
وقد بنى عمر بن عبد العزيز الحجرة المطهرة بالأحجار السوداء المنحوتة يقرب لونها من لون أحجار الكعبة المشرفة على نفس المساحة التي بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته عليها , وجعل عرض الجدار في الجوانب كلها ذراعا ونصفا وقيراطين إلا الجدار الشرقي فعرضه ذراع وربع وثمن ذراع وجعل ارتفاع الجدار في السماء خمسة عشر ذراعا .
ثم بنى حول الحجرة المطهرة حظارا وزواه , وجعل له خمسة أضلاع بخمس زوايا فشكل مثلثا في المؤخرة جهة الشام , وذلك خشية أن يشبه الكعبة في تربيعه وخشية أن يتخذ قبلة فيصلى عليه .
ويمكن أن يستنبط القارئ من المخطط الآتي جميع الأبعاد والمعلومات المتعلقة بالحظار .


إحداث المقصورة على الحجرة وعلى دار السيدة عائشة
كان المسلمون عندما يزورون قبر النبي صلى الله عليه وسلم يستطيعون أن يقفوا ليس بينهم وبين الوجه الشريفة إلا ثلاثة أذرع تقريبا , وكانوا يقفون عند جدار حظار عمر بن عبد العزيز مباشرة . وفي سنة 668هـ أحدث الظاهر بيبرس صاحب مصر مقصورة بدرابزين من خشب نصبه بين الأساطين التي تلي الحجرة الشريفة من جهة الشمال , وقد زاد فيه إلى متهجد النبي صلى الله عليه وسلم حيث أدخل في المقصورة بيت السيدة فاطمة رضي الله عنها , وجعل لهذه المقصورة ثلاثة أبواب بابا في القبلة وبابا في الشرق وبابا في الغرب , وجعل ارتفاع الدرابزين نحو قامتين , وقد أخذ مساحة المقصورة بنفسه وقاس ما حولها بيده وبحبال في حج عام 667هـ . وبعد إحداث المقصورة - الشباك - صار الزائر يقف بعد الشباك متجها بوجهه إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أول من أحدث القبة على الحجرة الشريفة
لم يكن على الحجرة الشريفة قبة وكان سطح المسجد على ما يوازي الحجرة حظير من الآجر بمقدار نصف قامة تمييزا للحجرة المطهرة عن بقية سطح المسجد , والسلطان قلاوون الصالحي هو أول من أحدث على الحجرة المطهرة قبة عام 678هـ مربعة من أسفلها مثمنة من أعلاها بأخشاب أقيمت على رءوس السواري المحيطة بالحجرة المشرفة , وسمر عليها ألواحا من الخشب وصفحها بألواح الرصاص وجعل محل حظير الآجر حظيرا من خشب .
وجددت القبة زمن الناصر حسن بن محمد قلاوون , ثم اختلت ألواح الرصاص عن موضعها وجددت وأحكمت أيام الأشرف شعبان بن حسين بن محمد سنة 765هـ , وحصل بها خلل وأصلحت زمن السلطان قايتباي سنة 881هـ .
عمارة القبة بعد الحريق الثاني
وقد احترقت المقصورة الشريفة والقبة في حريق المسجد النبوي الثاني , وفي سنة 886هـ في عهد السلطان قايتباي في سنة 887هـ , جددت القبة وأسست لها دعائم عظيمة في أرض المسجد النبوي وبنيت بالآجر بارتفاع متناه , وقد حصل بين الجدار الشرقي للمسجد وبين الدعائم المحدثة ضيق , فهدم جدار المسجد الشرقي وزحف به إلى البلاط ناحية مصلى الجنائز بمقدار ذراع ونصف , ولم يسقط شيء من حريق القبة على الحجرة المطهرة فقد كانت القبة الصغرى التي بناها قايتباي على الحجرة والقبور الشريفة مانعة لذلك .
أما المقصورة فقد جعلوا لها شبابيك من النحاس من جهة القبلة , وجعلوا في أعلاها شبكة من شريط النحاس كالزرد بين أخشاب متصلة بعقود الحجرة المحيطة بها , وجعلوا لبقية المقصورة من جهة الشمال والشرق والغرب شبابيك من الحديد وبأعلاها أشرطة من النحاس لمنع الحمام .
تصدع القبة وتجديدها
بعد ما تم بناء القبة بالصورة الموضحة تشققت من أعاليها , ولما لم يجد الترميم فيها أمر السلطان قايتباي بهدم أعاليها وأعيدت محكمة البناء بالجبس الأبيض فتمت محكمة متقنة سنة 892هـ .
تجديد القبة زمن السلطان محمود العثماني
بعد عدة قرون ظهرت شقوق في أعلى القبة زمن السلطان محمود بن عبد المجيد العثماني , فأصدر أمره بتجديدها فهدموا أعاليها وأعادوها في غاية الإحكام والاتقان , وكان ذلك سنة 1233هـ ولا تزال على تلك الحال حتى الآن .
أول من صبغ القبة الخضراء باللون الأخضر
في سنة 1253هـ صدر أمر السلطان عبد الحميد العثماني بصبغ القبة المذكورة باللون الأخضر , وهو أول من صبغ القبة بالأخضر , ثم لم يزل يجدد صبغها بالأخضر كلما احتاجت لذلك إلى يومنا هذا .
وسميت بالقبة الخضراء بعد صبغها بالأخضر , وكانت تعرف بالبيضاء والفيحاء والزرقاء .
إصلاح في الحجرة في العهد السعودي
ونمى إلى مسامع الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله وجود ما يدعو للإصلاح داخل الحجرة الشريفة فجرى الكشف عليه , وصدر الأمر بإصلاحه ولم يكن الخراب ذا بال فقد كان عبارة عن قشور وتشققات في اللياسة في بعض الأسطوانات وتم الإصلاح ليلا .
توسعات المسجد النبوي الشريف
بعد الزيادة النبوية الشريفة زاد في مساحة المسجد النبوي الخليفتان عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما , ثم الوليد بن عبد الملك ثم المهدي العباسي , ثم الأشرف قايتباي , ثم السلطان عبد المجيد العثماني , ثم الملك عبد العزيز آل سعود ثم خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبد العزيز .
زيادة عمر بن الخطاب وعمارته
في سنة 17هـ زاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد النبوي من الناحية القبلية بمقدار أسطوانة , ومن الغرب بمقدار أسطوانتين , وزاد في الشمال نحو ثلاثين ذراعا فصار طول المسجد 140 ذراعا , وعرضه 120 ذراعا وبناه كما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد والسعف وجذوع النخل , وجعل ارتفاع سقفه 11 ذراعا وجعل له سترة بارتفاع ذراعين أو ثلاثة . وقدر مكتب توسعة المسجد النبوي زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بـ 1100 متر مربع .
زيادة عثمان بن عفان وعمارته
وفى سنة 28- 30هـ زاد فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه في جهة القبلة قدر أسطوانة وفي جهة الغرب قدر أسطوانة أيضا , وفي جهة الشمال نحو عشرة أذرع , وبناه بالحجارة المنقوشة والجص وجعل في أعمدته قضبانا من الحديد مثبتة بالرصاص وسقفه بالساج . . وقدر مكتب توسعة المسجد النبوي زيادة عثمان بـ 496 مترا مربعا .
زيادة الوليد بن عبد الملك الأموي
وفي سنة 88 - 91هـ زاد فيه الوليد بن عبد الملك الأموي وقيل : إنه بدأ العمارة سنة 88هـ وانتهى بنهاية 93 هـ وقام بالعمارة في عهده عمر بن عبد العزيز واليه على المدينة , وأحدث في العمارة المناير والمحراب والشرفات وأدخل في المسجد حجرات أمهات المؤمنين بعد أن هدمها , وكانت زيادته في الشرق والغرب والشمال , وقال بعض المؤرخين إن مساحة المسجد بلغت بعد زيادة الوليد 200 ذراع طولا وعرضه في المقدمة 200 ذراع وفي المؤخرة 180 ذراعا , وقدر مكتب توسعة الحرم النبوي زيادة الوليد بـ 2369 مترا مربعا .
زيادة المهدي العباسي
وفي سنة 161 - 165هـ زاد في المسجد النبوي الشريف المهدي العباسي في الجهة الشمالية فقط , وقالوا إن الزيادة كانت مائة ذراع , وقال بعض المؤرخين إنه بهذه الزيادة صار طول المسجد النبوي 300 ذراع وعرضه 180 ذراعا .
وعمره وزخرفه بالفسيفساء وأعمدة الحديد في سواريه كما فعل الوليد . . وقدر مكتب توسعة الحرم النبوي زيادة المهدي بـ 2450 مترا مربعا .
زيادة الأشرف قايتباي وعمارته
احترق المسجد النبوي سنة 654هـ ثم احترق مرة أخرى سنة 886هـ فبعد الحريق الأول أسهم في عمارة المسجد النبوي عدد من الملوك والرؤساء المسلمين , وأول من أسهم المستعصم بالله فأرسل من بغداد المؤن والصناع وبدئ في العمل سنة 655هـ , ثم استولى التتار على بغداد فتبارى ملوك ورؤساء المسلمين في عمارة المسجد , وهم صاحب مصر المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك الصالحي , وصاحب اليمن المظفر شمر الدين يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول , وصاحب مصر الظاهر ركن الدين بيبرس البندقاري , والناصر محمد بن قلاوون الصالحي , والأشرف برسباي , والظاهر جقمق والسلطان قايتباي وكان ذلك حوالي سنة 879هـ وقد كملت عمارة المسجد في أواخر القرن التاسع ثم كانت إصلاحات وتوسعات في السقوف وما إلى ذلك . . كانت هذه العمارة بدون توسعة بعد الحريق الأول . وبعد الحريق الثاني كتب أهل المدينة للأشرف قايتباي صاحب مصر فأرسل المؤن والعمال وكل المواد والنقود , وعمره وتم تسقيف المسجد سنة 888هـ وتمت العمارة حوالي سنة 890هـ , وبنى للمصلى النبوي محرابا , كما بنى المحراب العثماني في الزيادة القبلية .
وعند بناء القبة الخضراء على الحجرة المطهرة ظهر ضيق جهة الشرق , فخرجوا بالجدار الشرقي بنحو ذراعين وربع ذراع فيما حاذى ذلك , وهذه التوسعة هي آخر توسعة جرت إلى العهد العثماني والعهد السعودي . . وقدر مكتب توسعة الحرم الشريف مساحتها بـ 120 مترا .
زيادة السلطان عبد المجيد وعمارته
مرت على عمارة السلطان قايتباي للمسجد النبوي بعد الحريق الثاني نحو 387 سنة , وهذه المدة كافية لأن تجعل كثيرا من أجزائه يعتريها الخراب , وقد آلت بعض سقوفه للسقوط فرفع شيخ الحرم وقتئذ داود باشا الأمر إلى السلطان عبد المجيد خان العثماني في إستانبول سنة 1263هـ , فاهتم بالأمر كثيرا وبعد أن أمر بالكشف وتحقق من الخراب صدر أمره بإرسال المهندسين والخبراء والنجارين والصناع والمؤن , وبعد إعداد ما يلزم بدأت العمارة لكامل المسجد في سنة 1265هـ وانتهت سنة 1277هـ , واستغرقت العمارة نحو 13 سنة , وكانت العمارة من الحجر الأحمر من جبل في غرب الجماوات بذي الحليفة , والجبل معروف اليوم ويسمى : جبل الحرم وبه آثار تدل على ما أخذ من أحجار للمسجد النبوي الكريم . . وكانت من أضخم العمارات التي جرت في مسجد رسول الله وأتقنها وأجملها , وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الجزء القبلي ويبدو هذا الجزء حتى الآن قويا متماسكا جميلا رائعا وقد سقف بالقباب بدل الخشب وزينت بطون القباب بصور طبيعية جذابة , كما كتب في جدار المسجد القبلي سور من القرآن الكريم وأسماء النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك بخط جميل بقلم الثلث الممتاز , وذهبت الحروف بالذهب الوهاج وبنيت أبوابه بشكل جميل جذاب أبدعت يد الفن في إنشائها . وأبواب القسم القبلي الباقية هي باب النساء وباب جبريل وباب السلام وباب الرحمة , وهدم في القسم الشمالي باب المجيدي وباب مخزن الزيت .
وقد لوحظ في العمارة أن يكون بناء أعمدة السقف القبلي في موضع جذوع النخل التي كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد زاد السلطان عبد المجيد في المسجد الكتاتيب لتعليم القرآن والمستودعات في الجهة الشمالية , كما زاد في الشرق نحو خمسة أذرع وربع من المنارة الرئيسية إلى ما يلي باب جبريل لضيق المسجد في ذلك المحل , وبلغت توسعة السلطان عبد المجيد بالأمتار 1293 مترا مربعا . . كما قدرها مكتب توسعة المسجد النبوي .
توسعة الملك عبد العزيز آل سعود وعمارته
وشعر الناس بضيق في المسجد النبوي ولا سيما أيام المواسم بعد توسعته من العهد العثماني , وفي حوالي 1365هـ لوحظ تصدع في بعض العقود الشمالية وتفتت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل يلفت النظر .

البدء في توسعة المسجد النبوي السعودية
وأخذت الدراسة مكانها في المشروع مدة ثم صدر أمر جلالة الملك عبد العزيز آل سعود على المعلم محمد بن لادن بإجراء العمارة والتوسعة لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيد أو شرط مع توسيع الطرق التي حول المسجد , وأخذ المعلم محمد بن لادن يعد العدة ويستقدم المهندسين والخبراء والفنيين ومواد البناء ويرسل ذلك للمدينة وبعد استكمال ما يلزم للمشروع بدئ في التنفيذ في شوال 1370هـ , وانتهت العمارة والتوسعة سنة 1375هـ , وكان المشرف العام على أعمال العمارة والتوسعة المعلم الشيخ محمد بن لادن والمدير العام لمكتب مشروع التوسعة هو سعادة الشيخ محمد صالح قزاز , أما السيد جعفر فقيه فكان الرجل الثالث في المشروع وقطب الرحى الميدانية فيه .
وكانت العمارة قوية جميلة رائعة بالأسمنت المسلح والمزايكو , وقد أسس المعلم ابن لادن مصنعا خاصا بصنع المزايكو الممتاز في آبار علي لتموين العمارة , وقد مونها كأنجح مصنع لأنبل غرض , ومكان المصنع خارج حرم المدينة .

أرقام هامة عن العمارة السعودية الأولى
وقد اتصلت العمارة والتوسعة السعودية مع عمارة السلطان عبد المجيد الباقية وشكل هذا الاتصال منظرا رائعا مشرقا . والقسم الذي أزيل من العمارة المجيدية مساحته 6247 مترا , وعمر مع المساحة التي وسع بها المسجد وقدرها 6024 مترا . وإذا أضفنا المساحة التي أزيلت وعمرت على المساحة التي زيدت في المسجد وعمرت تبلغ جميع العمارة السعودية 12271 مترا مسطحا , أما الذي بقي من عمارة السلطان عبد المجيد - وهو القسم القبلي المسقوف - فمساحته 4056 مترا مربعا حسب نشرة مكتب توسعة الحرم النبوي الشريف . وفي هذا القسم الحجرة المطهرة وعليها القبة الخضراء ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنبر الشريف والروضة المطهرة والأسطوانات الأثرية , وفيها المنارة الرئيسية ومنارة باب السلام ومصلى الرسول صلى الله عليه وسلم لبيت المقدس . وقد نشر مكتب توسعة الحرم النبوي بيانا مساحيا عن مساحة المسجد النبوي الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم والتوسعات التي جرت فيه بالمتر المسطح وهو كالآتي :
متر مربع

2475
مساحة المسجد النبوي حينما بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 7 هـ بعد فتح خيبر .
1100
زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17هـ .
496
زيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 29 - 30هـ
2369
زيادة الوليد بن عبد الملك الأموي سنة 88 - 91هـ
2450
زيادة المهدي العباسي سنة 161 - 165هـ .
120
زيادة الأشرف قايتباي سنة 888هـ .
1293
زيادة السلطان عبد المجيد العثماني سنة 1265 - 1277هـ .
6024
زيادة الملك عبد العزيز آل سعود سنة 1370 - 1375هـ . متر مربع
16327
-


إحصاءات عن العمارة السعودية الأولى
كما نشر المكتب إحصاء عن العمارة السعودية هو :
عدد عدد
474 عمود مربع متصل بجدار التوسعة 2 (الحصاوى) رحبتا المسجد المحصبة .
232 عمود مستدير . 689 العقود .
128 متر طولي للجدار الشرقي - -
91 متر طولي للجدار الشمالي . 44 النوافذ .
5 الأروقة الشمالية . 5 أمتار عمق أساسات الجدران والأعمدة .
3 الأروقة الشرقية 2 المآذن .
3 الأروقة الوسطى . 70 متر ارتفاع كل مئذنة .
3 الأروقة الغربية . 17 متر عمق أساس كل مئذنة .
ما صرف في العمارة
وفي حديث لمدير عام مكتب توسعة الحرم النبوي الشيخ صالح قزاز قال : إن الذي صرف على عمارة وتوسعة المسجد النبوي هو 30 مليونا من الريالات . وكان حديثه والعمارة على وشك الانتهاء , وإن ما صرف على التعويضات لنزع ملكيات الدور ولإحداث الشوارع الجديدة حول المسجد النبوي نحو 40 مليون ريال سعودي .
امتداد التوسعة المساحية
وامتدادا للشعور بمسئولية خدمة الإسلام والمسلمين من خلال مقدساتهم فقد أسهم الملك فيصل رحمه الله في توسعة المسجد النبوي الشريف بإنشاء ساحة في الجهة الغربية بلغت مساحتها 4000 م2 أربع وتسعون ألف متر مربع تقريبا وهيأها للمصلين على شكل مظلات أوصل إليها الخدمات الضرورية . كما ألحقت بهذه الساحة ما أضافه الملك خالد رحمه الله بعد حريق سويقة المشهور حيث تم نزع ملكيات تلك المنطقة وأضيفت إلى ساحة التوسعة الفيصلية بمساحته 43000 م2 ثلاث وأربعون ألف متر مربع تقريبا
وكلتا المساحتين دخلت في بناء مشروع التوسعة الكبرى للمسجد النبوي وساحاته الخارجية .

توسعة خادم الحرمين الشريفين الكبرى للمسجد النبوي الشريف

كان هناك تفاوت كبير بين مساحتي الحرمين الشريفين , رغم أن عدد المترددين عليهما يكاد يكون واحدا , فالمسجد الحرام كانت مساحته قبل توسعة خادم الحرمين الشريفين 168 , 160 متر مربع , بينما كان المسجد النبوي بعد التوسعة السعودية الأولى 16.327 متر مربع , ومساحته هذه تمثل 10.19 % من مساحة الحرم المكي الشريف قبل التوسعتين اللتين أمر بهما خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز .
ورغم أن الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله قد أضاف مساحة فضاء إلى المسجد النبوي من الناحية الغربية , إلا أنها كانت ساحات للصلاة مؤقتة ظللت بالمظلات , وجهزت بالأضواء وفرشت بالرخام بينما ظل المسجد النبوي كما هو بعد العمارة السعودية الأولى , وإن زادت مساحات الصلاة فيه بزيادة الملك فيصل رحمه الله المؤقتة , ولكن لم تحدث فيه عمارة .
وقد لفت هذا التفاوت في المساحة بين المسجدين الشريفين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز , فأمر حفظه الله بإجراء دراسات لتوسعة كبرى في الحرم النبوي الشريف , تعد التوسعة الأكبر من نوعها في التاريخ الإسلامي كله , وكان دافعه إلى ذلك أن يكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية , كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في أرجاء العالم .
وقد تم عمل دراسة وتصميم معماري لمبنى التوسعة الجديدة ليحقق ذلك التوازن المشار إليه وفي إطار التوجيهات السامية , فجاء التصميم محيطا بالمسجد النبوي من الشمال , والشرق والغرب , وعلى مساحة طابق أرضي قدرها 82000 متر مربع , وذلك لتوزيع عدد المداخل المطلوبة على محيط التوسعة تسهيلا للمصلين والزائرين , كما تمت الاستفادة من السطح لإضافة مساحات أخرى للصلاة , مع إمكانية مستقبلية لتسقيفها لإضافة طابق علوي , وتم تزويد مبنى التوسعة بعدد من السلالم الكهربائية المتحركة والثابتة موزعة بشكل مدروس لتسهيل الحركة صعودا وهبوطا دون التعارض مع الحركة الأفقية للطابق الأرضي .
وقد أتاح هذا التصميم طاقة استيعابية ضخمة , مما أدى إلى تنفيذ أفكار مبتكرة لاحتواء كل المشاكل الممكن حدوثها من خلال هذا التجمع , وقد أدت هذه الأفكار إلى خلق خصائص معمارية وإنشائية تميز المشروع وتتمثل في الآتي :
1-
تم الاعتماد على التهوية الطبيعية , واعتمد في هذا على فتحات في الأسقف , وتمت تغطيتها بقباب متحركة آليا , وسرعة فتحها وغلقها في مدة زمنية واحدة جميعها أو منفصلة حسب الضرورة .
2-
تم اعتماد نظام نداء بواسطة مكبرات الصوت يعمل على أحدث النظم الإلكترونية المتطورة , وموزعا على المساحة الداخلية والخارجية والعلوية بشكل مدروس لمنع أي تداخلات في الأصوات , وأن يكون واضحا ومسموعا في كل جزء من التوسعة .
3-
نظام دوائر تلفزيونية مغلقة تعمل وفق أحدث الأنظمة العالمية , وبالأجهزة الإلكترونية المتطورة , وذلك لدواعي الأمن والسلامة , ولتوجيه المصلين في حالة الضرورة إلى المخارج المناسبة .
4-
اعتماد نظام للإنذار من الحريق , ونظام إطفاء للحريق لمواكبة هذه الطاقة الاستيعابية الضخمة من المصلين والزائرين , وخاصة أوقات الذروة .
5-
نظام متطور لتلطيف الهواء .
6-
اعتماد نظام التغذية بالمياه للوضوء , ونظام آخر لمياه الشرب المبردة من مبنى المبردات المركزي , ومقابل ذلك نظام للصرف الصحي ذو طاقة استيعابية مناسبة لحجم التوسعة , ولصرف مياه الأمطار .
7-
نظام طاقة كهربائية أساسي واحتياطي , وهو نظام يعمل على أساس بنك للبطاريات الحديثة يعتمد في تشغيله والتحكم فيه بواسطة حاسب آلي ضخم وغاية في التطور .
8-
مواقف سيارات تستوعب إلى 4500 سيارة وقت الذروة , مع ما تحتاجه من خدمات مساندة لهذا العدد الكبير من المصلين والزائرين من ضمنها عدد كبير من دورات المياه , ومراكز صحية , ومراكز خدمات اجتماعية , مراكز إطفاء حريق , مراكز شرطة , سلالم كهربائية , سلالم اعتيادية , منحدرات لدخول السيارات وخروجها , منحدرات للحركة الداخلية .

المراحل التنفيذية
بدأت المراحل التنفيذية لمبنى التوسعة بإزالة المباني القائمة في مخطط التوسعة , والذي تقدر مساحته بـ (100) ألف م2 , تم تعويض مالكيها تعويضا عادلا , واستغرق العمل في هذه المرحلة ثلاث سنوات ما بين عام (1405 - 1408هـ) , وسبب استمرار المرحلة هذه السنوات أن خادم الحرمين الشريفين أمر بإتاحة الفرصة للسكان ليتدبروا أمرهم , ويجدوا البدائل المناسبة لهم , وعدم قطع خطوط الخدمات عنهم إلا بعد أن ينتقل الجميع
طريقة مبتكرة
وقد استخدمت طريقة مبتكرة في إزالة ما يزيد على (390) عمارة في تلك المنطقة , روعيت فيها شروط السلامة , مع عدم استخدام المتفجرات مراعاة لحرمة المكان , وتتلخص هذه الطريقة في إضعاف دعامات المباني بطريقة فنية , ثم ربطت كل دعامة من هذه الدعامات بكابل فولاذ إلى آلة جر ذات قدرة عالية , وبتنسيق حسابي وهندسي دقيقين تحركت كل آلات الجر في وقت واحد . وفي اتجاهات محسوبة وسرعان ما يتداعى المبنى في الاتجاه المحدد له هندسيا دون حوادث , أو إلحاق ضرر بالآلات والمعدات .
ثم أزيلت أنقاض المباني والمنشآت , وتم تجهيز وإعداد الموضع للعمل , وتمت الاستفادة من هذه الأنقاض التي تقدر كمياتها بحوالي (500) ألف م3 من الردميات , في ردم وتسوية عدد من الوديان في ضواحي المدينة المنورة في إطار خطة تطوير المدينة عمرانيا , كما استفيد من كميات الأتربة الناتجة عن الحفريات , وقدرت كمياتها بـ (443) ألف م3 , في ردم وتسوية بعض الأودية لنفس الغرض .
التربة والأساسات
وقد أجريت اختبارات عملية دقيقة على تربة الموقع , ومن أماكن مختلفة , ودرست أفضل الطرق المناسبة للأساسات تراعي التربة غير المستقرة في المنطقة , والأحمال على الأساسات , سواء كانت الأحمال الحالية أو المستقبلية , وكل الاحتمالات المتوقعة التي يمكن أن تؤثر في الأساسات , وتضعف من قوة تحملها , إضافة إلى الاختبارات المعملية على الخرسانة .
واختيرت طريقة الأساسات على أوتاد مغلفة بأسطوانات فولاذية تصل إلى الطبقة الصخرية , إلى عمق يتراوح ما بين (30 - 50) م , وهي عملية عملاقة من الناحية الهندسية .
ويتم غرس هذه الأوتاد بواحدة من طريقتين , إما بالدق , أو الحفر واستخدمت في عملية الحفر معدات خاصة مجهزة لتصحيح أي انحراف عن المسار المفروض حتى 0.2 % أما بالنسبة للدق فتتم العملية بدفع أسطوانة الفولاذ التي تمثل الغلاف الخارجي بواسطة مطرقة تذبذبية عالية القوة للوصول إلى الطبقة الصخرية الحاملة , وسواء كانت عملية الغرس بالدق أو الحفر فقد تم استخدام أفضل الطرق الهندسية تطورا وملاءمة لإيصال الأوتاد إلى المناسيب المطلوبة . ولامتصاص الصدمات الناتجة عن عمليات الحفر أو الدق تدفع أسطوانة أخرى داخل أسطوانة الغلاف , وتملأ هذه الأسطوانة بمادة الامتصاص , يلي هذه العملية إنزال قفص تسليح فولاذي إلى داخل الأسطوانة الثانية , ثم تبدأ عمليات الاختبار الصوتي لهذا القفص بعدها تصب الخرسانة الداخلية المشتملة على القفص وتسوى تمهيدا لصب خرسانة الغطاء التي تشكل ركيزة الأساس .
وبهاتين الطريقتين تم غرس (8500) خازوق من مختلف الأقطار , وعلى مختلف الأعمال , وبلغت كميات الخرسانة المسلحة فيها أكثر من (9600) م2 , وأعماقها أكثر من 70 كلم , بلغت كمية المادة التي تزيد عن مقاومة الأوتاد للاهتزازات والصدمات أكثر من (42) ألف طن , وبلغت أطوال الأسطوانات الفولاذية المستخدمة في تنفيذ الأوتاد حوالي (28) ألف مترا طوليا .
وباستكمال الأوتاد تبدأ عملية صب قواعد رءوس الخوازيق , وكمرات الربط , حيث يتم إظهار رءوس الخوازيق , والحفر حولها بما يناسب حجم القاعدة المطلوبة , يلي ذلك إظهار حديد هذه الرءوس بتكسير الخرسانة وتنظيف ما حولها , وإحاطة موقع القاعدة , سواء كان ذلك فوق خازوق واحد أو سبعة خوازيق لبناء الأعمدة عليها , أو فوق من ستة عشر إلى اثنين وثلاثين خازوقا تحت المنارات , ويتم ربط حديد تسليح هذه الخوازيق مع حديد تسليح القاعدة وفق موازين دقيقة ثم تصب الخرسانة المسلحة . وترتبط القاعدة مع القواعد المجاورة بكمرات ربط من الخرسانة المسلحة وبنفس ارتفاع القواعد وأحجامها , وقد بلغت قواعد رءوس الخوازيق لمبنى التوسعة حوالي (1877) قاعدة استخدمت في إنشائها هي وكمرات الربط أكثر من (66000) م3 من الخرسانة المسلحة .
وهكذا ترتكز توسعة المسجد النبوي الشريف على قواعد وأسس بلورتها أفضل المواصفات الهندسية , ضمانا لبقاء المسجد شامخا على مر العصور , مع إمكانية بناء دور ثان في المستقبل إذا تطلب الأمر .
البنية الأساسية
مع منتصف عام (1410هـ - 1990م) كانت البنية الأساسية قد اكتملت , وبدأت معالم مبنى التوسعة المعمارية تتبلور وتظهر , وارتفع البنيان قائما من الأساسات الضاربة في العمق , والممتدة على مساحة (280) ألف م2 حول المسجد النبوي , وارتفعت فيها (2104) أعمدة تؤلف (95) ساحة , منها (27) ساحة مفتوحة , و (68) ساحة مقفلة بصورة دائمة , وتتباعد الأعمدة عن بعضها ما بين (6) أمتار , و (18) مترا لتشكل أروقة وأفنية داخلية تنسجم مع الإطار العام للتوسعة . ويبلغ ارتفاع الطابق الأرضي (12.55 م) بينما الدور السفلي المخصص للخدمات يبلغ ارتفاعه (4) أمتار , وعدد أعمدته (2414) عمودا وبلغت مساحته (83482) م2 شاملة مجاري تصريف المياه والحوائط .
وقد أعطي الدور السفلي عناية كبرى من جميع النواحي الهندسية والفنية , فقد صبت أرضياته بعد تقسيمها إلى (95) بلاطة , أصغرها بمساحة (480) م2 وأكبرها بمساحة (1527) م2 بسمك (10) سم , مع مراعاة تحديد مسارات شبكات الصرف والتغذية والتمديدات الكهربائية قبل عملية الصب , يتبعها طبقة عازلة للرطوبة فوقها تم صب طبقة أخرى من الخرسانة بسمك (5) سم , وفوق هذه الطبقة تم تمديد المواسير الكهربائية وغيرها من الخدمات , ثم صب طبقة من الخرسانة بسمك (25) سم .
وتقوية لأرضية الطابق السفلي وركائز الأعمدة وحمايتها من الحركة الأفقية لطبقات الأرض تم عمل جدار استنادي يحيط بمساحة مبنى التوسعة , وتم عزلها بمادة عازلة للرطوبة , وبني خلفها جدار من البلوك الأسمنتي المصمت , وأضيفت أيضا مادة عازلة لضمان أعلى مستوى من الحماية .
وعند صب سقف الدور السفلي وهو أرضيه الدور الأرضي روعيت جميع العوامل الضرورية من تمديدات وغيرها , إضافة إلى تحديد الفتحات الأربع لمرور الهواء المبرد حول كل عمود , وكذلك تم تركيب الحوامل التي تحمل تمديدات وقنوات ومجاري الهواء والتصريف والتمديدات الكهربائية المعلقة في سقف الدور السفلي , وبعد كل هذه العمليات تم الصب على الأسس الإنشائية وقسم إلى (95) بلاطة بنفس العدد في أرضية الدور السفلي , كذلك عدد البلاطات في سقف الدور الأرضي , وتم الصب الخرساني في كل المراحل ليلا إذا كان الطقس حارا , وذلك لضمان أعلى مستوى من الجودة اللازمة , ومطابقتها للمواصفات الفنية , ويستعمل في صب كل بلاطة ما معدله (895) م3 من الخرسانة .
المآذن
المئذنة رمز للمسجد في الإسلام , وهي السمة الشخصية الأبرز في كل بيوت الله , وتعد فن العمارة الإسلامية الحدود الفضائية لأركان المسجد , وعلى هذا الأساس روعي في تصميم مبنى التوسعة أن تحدد أركان مبنى التوسعة مآذن جديدة تتفق وتتلاءم مع الرونق العام للمبنى , الذي ضم ست مآذن جديدة , منها اثنتان على بوابة الملك فهد , وهي المدخل الرئيسي وتعلوها سبع قباب , ويحدها من كل جانب مئذنة .
والمآذن الست تعلو أركان مبنى التوسعة وبوابة الملك فهد , وترتفع من الأرض إلى نهاية الهلال الذي ينتصب في أعلاها (104) أمتار , وقد روعي في تصميمها أن تقوم على أساسات قوية , حيث أنشئت كل مئذنة على قاعدة خرسانية ترتكز على عدد من الأوتاد الضاربة في جذور الأرض , وبعمق ما بين (30 و 50) م , ويتراوح عدد الأوتاد الخرسانية والمغلفة بأسطوانات فولاذية ما بين (16 و 32) وتدا , وتعد الخرسانة المسلحة هي مادة البناء الرئيسية وتتكون المئذنة من خمسة طوابق :
الطابق الأول :
ويمثل القاعدة , وهي مربعة الشكل ويستمر المربع بطول ارتفاع مبنى الحرم ويعلو السطح ويلاحظ وجود شريط طولي محفور به عدة نوافذ صغيرة على الجانبين الظاهرين , وقد تمت زخرفة هذا الشريط بزخارف , وتم تكسية جزء القاعدة بنفس التكسية الخارجية للحرم , وتأتي الأحزمة المزخرفة مكونة بداية النهاية للقاعدة , فنجد حزاما عريضا به زخارف هندسية يليه حزام آخر بزخارف نباتية , ثم تبدأ الكرنشة لتنسيق المقرنصات التي تهيئ إطلالة الشرفة الأولى , وبالتأمل في المقرنصات نجد أنها جعلت من طبقات واضحة تتخللها تجاويف مزينة بزخارف نباتية , وقد زينت الشرفة المربعة بحاجز مزخرف بمربعات تحتوي على مثمنات ظاهرة تناسقت مع الزخارف أسفل منها .
الطابق الثاني :
مثمن يبدأ من أعلى الشرفة السابقة , وبالتأمل في هذا الجزء يمكن ملاحظة المثمن على درجات مختلفة من الظهور , فالجزء السفلي منه مثمن مضلع بسيط في تكسيته , ويوجد في هذا الجزء فتحة إلى الشرفة , والجزء الأوسط وهو يمثل جزء العقود المحمولة على أعمدة رقيقة , ويمثل مجموعة الأعمدة الثلاثة في ركن المثمن عنصرا يعكس التحول القادم في الطابق الثالث المستدير , ويتمثل تزيين هذا الجزء في العقود التي تنتهي بشكل مثلثات , ويظهر في خلفية العقود أرضية داكنة ونوافذ زجاجية طويلة جملت بحلوق بيضاء مزركشة , وقد حليت مرة أخرى مع وجود فتحات دائرية في كل ضلع محاطة بإطار بارز , وقد تمت تكسية هذا الجزء بأرضية بيضاء , وينتهي بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة مثمنة , والمقرنصات في حد ذاتها مكونة من ثلاث طبقات بدون أي فراغات فيها , وقد زينت الشرفة المثمنة بحاجز مزخرف بمربعات تحتوي على مثمنات ظاهرة .
الطابق الثالث :
وهو مستدير وقد تمت تكسية أرضيته بلون رصاصي داكن , وحليته بدالات بارزة مموجة تقوم بعمل الأحزمة ويبلغ عددها اثني عشر حزاما , وينتهي هذا الطابق بمقرنصات مكونة من طابقين تحمل شرفة مستديرة وقد زينت الشرفة بحاجز مزخرف بمربعات تحتوي على مثمنات ظاهرة أيضا , ويعتبر هذا الطابق من الأجزاء المصمتة والتي تعكس قوة تحمل الأجزاء العلوية .
الطابق الرابع :
ويشكل العنق حيث الأعمدة الرخامية والأقواس الثمانية المثلثة الرءوس البارزة , وجموع تشكيلها يحيط بعصب السلم الدائري , ويعلو هذا الجزء أيضا مقرنصات من طابقين تحمل شرفة دائرية أصغر من سابقتها وعولجت بنفس الزخارف السابقة .
الطابق الخامس :
ويبدأ من أعلى الشرفة السابقة , ويمكن تقسيمه إلى عدة عناصر , حيث يبدأ بناء أسطواني مضلع ينتهي بتاج مشرشف يكون شرفة صغيرة تحمل الجزء العلوي , والذي يبدأ ببناء مخروطي تعلوه قبة بصلية هي أساس قاعدة الهلال البرونزي المطلي بالذهب عيار (24) قيراط .
وبالنظر إلى المآذن في الحرمين الشريفين نجد أن لمسة جمالية أخرى أضيفت إليها باستخدام الإنارة الصناعية , والتي أضفت تأثيرا ما بعده تأثير على البناء الشامخ , حيث أن الضوء المشع إلى أعلى يحيط بالمئذنة وكأنه يصعد بها إلى أعالي الفضاء

القباب المتحركة
استدعى المفهوم الحضاري للتوسعة استخدام أسلوب جديد في التهوية الطبيعية التي تساعد على توفير جو طبيعي فكان التفكير في إيجاد فتحات في الأسقف يمكن التحكم في فتحها وغلقها حسب الحاجة إليها في الظروف المناخية المتغيرة . وقد عملت في التصاميم سبع وعشرون فتحة , وكانت الفكرة أن تنصب على هذه الفتحات قباب , لكن المعضلة كانت في تحريك هذه القباب التي تزن كل واحدة منها (80) طنا , ومدى استجابتها للفتح والغلق في الظروف المطلوبة وبالسرعة المناسبة .
وقد شارك الكثير من المكاتب الهندسية المتخصصة من مختلف بلدان العالم بالأفكار , وقدموا التصاميم المقترحة , وبعد فحص الدراسات والأفكار والتصاميم تمت الترسية على مؤسسة ألمانية متخصصة , تضم مجموعة من المهندسين المسلمين , وقد عمل هؤلاء بالتشاور مع مهندسي مشروع التوسعة للوصول إلى التصميم الهندسي الأمثل الذي يتغلب على كل المشاكل التي تعترض طريق ابتكار قبة انزلاقية ذات محرك .
ولصعوبة هذا العمل هندسيا تم استنباط الوسيلة التكنيكية لحركة القبة باستخدام أحدث تقنيات الحاسب الآلي , حيث أسفر هذا الاستخدام عن تصميم حقق المعادلة الصعبة في عمل القبة , وهي التوازن بين سهولة الحركة وثقل وزن القبة , وقد صممت القباب بأبعاد هندسية متعددة , ودقيقة تماما , وقام الحاسب الآلي بالتصنيع الفعلي الميكانيكي لنموذج التصميم الأول .
ويبلغ عدد القباب سبعا وعشرين قبة , تركب كل واحدة منها على السطح على مساحة (18*18) م , وعلى ارتفاع (3.55) م فوق منسوب السطح , وعلى ارتفاع (16.65م) من منسوب الطابق الأرضي , ويبلغ نصف قطرها الداخلي (7.375) م , وارتفاعها (4) أمتار .
والقبة لها خاصية الانزلاق على مجار حديدية مثبتة فوق السطح ومدعمة بحوالي (17) هيكلا معدنيا ويتم تحريكها بطريقتين إما يدويا ويستغرق زمن هذه الطريقة نصف ساعة أو آليا عن طريقة التحكم عن بعد , ولا يزيد زمن فتحها عن نصف دقيقة . وإلى جانب إسهام هذه القباب في توفير جو طبيعي للتهوية فقد أضافت إلى التوسعة بعدا جماليا من الداخل والخارج , وقد صنعت الأسطح الداخلية للقباب من خشب الأرز المغربي , وقام بأعمال الحفر فيه حرفيون مغاربة يمارسون فنا تقليديا يدويا عريقا , واجتمعت فيها التقنية المتقدمة والحرفية التقليدية , فصنعت شكلا أخاذا , ويغلفها من الخارج بلاط زخرفي مشدود إلى زجاج ليفي من عدة رقائق , أما الحلقة السفلية من البطانة الداخلية فهي عبارة عن أفريز مزين بحجر أمازوني ضارب للزرقة , وهو من الحجارة شبه الكريمة .
والقبة بحركتها المهيبة على القضبان لقفل فتحات التهوية , عندما يصل النصفان إلى حالة التئام كامل تتجلى الروعة , وتبدو القبة بزخارفها وكأنها قطعة لم تنفصم قط .

الحصوات والساحات
لم تغفل الحصوات الداخلية من وجود وسيلة تظليل فاعلة تتم الاستفادة منها كمظلة عند الحاجة , وتغلق في المناخ غير المناسب , وعلى هذا فقد أقيمت مظلة ضخمة بارتفاع السقف نفسه , يتم فتحها وغلقها آليا لحماية المصلين من وهج الشمس أو الاستفادة من الجو الطبيعي حينما تسمح الظروف المناخية , وهذه المظلات معمولة من قماش مناسب يتحمل كل العوامل الطبيعية التي تتسم بها المدينة المنورة .
أما الساحات الخارجية , فقد تضمن تصميم المشروع توفير ساحات خارجية تحيط بالمسجد النبوي الشريف من الجهات الأربع , وتبلغ المساحة الإجمالية (235000 م2) وعرض هذه الساحات (207) م من الجهة الجنوبية من المسجد و (154 م) في الجهة الغربية و (144 م) في الجهة الشمالية و (27) م في الجهة الشرقية .
وقسمت هذه الساحات إلى قسمين , قسم مخصص للصلاة , ومساحته (135000) م2 وقسم آخر للخدمات , ومساحته (100000) م2 , وقد زودت هذه الساحات بحوالي (30) مدخلا , بها سلالم كهربائية وأخرى عادية تؤدي إلى مباني الخدمات , ومواقف السيارات التي تقع أسفل الساحات .
نفق الخدمات
وهو أحد الأعمال الهندسية البارعة في مشروع التوسعة , فرغم أن طوله حوالي (7) كلم , وعرضه (6.10) م إلا أنه يمثل تحديا هندسيا , لأنه يبدأ من مبنى المحطة المركزية ويمر تحت طريق الجامعات , ثم تحت وادي العقيق , ثم تحت الطريق الدائري الثاني , فأسفل طريق السكة الحديد , ويمر أسفل نفق المناخة ليصل إلى الطابق السفلي بالمسجد النبوي .
ويمر إلى جواره مجرى شبكات الخدمات العامة (الكابلات) وعلى بعد (13) م منه , وهذا المجرى يعتمد على (9) مواسير مصنوعة من كلوريد البولي فينيل قطر الواحد (125) مم .
ويرتبط نفق الخدمات مع المجرى بعبارات صندوقية مزدوجة ومفردة تحيط بالمسجد النبوي الشريف .

الأبواب ومراحل التصنيع
ولو أخذنا الأبواب الرئيسة في المسجد النبوي , والنوافذ , والمشربيات كنماذج للجهد والعلم والفن والتقنية , لرأينا عملا راقيا بكل المعايير , تم اختيار أفضل خام موجود , وأفضل تقنية متوفرة في أي مكان في العالم , فصنع الأبواب الضخمة كان أكثر العمليات تعقيدا , فقد تطلبت هذه العملية كميات ضخمة من خشب الساج , وتم الحصول على كل ما هو متوفر منه في أنحاء العالم وشحنه إلى اختصاصيي الخشب في المملكة المتحدة , ليجفف في أفران خاصة يتحكم فيها الحاسب الآلي , وقد كان عامل الزمن هو الذي دفع إلى عملية التجفيف الآلية , لأن التجفيف بالطريقة التقليدية يحتاج إلى سنوات عديدة .
واستغرقت عملية التجفيف خمسة شهور بسبب سمك الخشب غير الاعتيادي .
وبعد فحص دقيق للعملية تم شحنه إلى برشلونة في أسبانيا حيث صنعت منه الأبواب الضخمة , واستخدمت المناشير والأدوات المتقدمة التي توجهها وتتحكم بها أشعة الليزر في إعداد الألواح الخشبية على حسب المقاسات المطلوبة , وتم صنع هذه الأبواب بأساليب تقليدية عريقة في القدم , ولم تستعمل المسامير أو الغراء , إذ حفرت أخاديد في جوانب الألواح لتتداخل في بعضها ثم ثبتت بواسطة أسافين خشبية .
وفي الوقت الذي كانت الأعمال الراقية تشكل الأبواب في برشلونة , كانت هناك أعمال أخرى متممة في مدينة (رواه) الفرنسية , حيث كانت تصب العناصر الزخرفية النحاسية المصممة على نسق الفن الزخرفي الإسلامي , والتي ستزين الأبواب .
وقد شكلت هذه العملية امتحانا صعبا قياسا لفن صقل المعادن , فإلى جانب حجم الأبواب وأوزانها , فإن عملية الصقل كان من الضروري أن ترقى إلى أعلى مستويات الجودة , لأن كل عنصر زخرفي سيتم طلاؤه بالذهب , وهذه العملية تجعل أي عيب في الصقل مهما كان ضئيلا ظاهرا للعيان .
وفصلت أجزاء هذه العناصر بعضها عن بعض من أجل طلائها في أفضل المصانع المتخصصة , وتطلب هذا تصميم مغاطس لطلاء المعادن بحجم فوق الاعتيادي لتتسع للعناصر الزخرفية المصممة على شكل نصف دائري , ثم شحنت العناصر الزخرفية المصقولة إلى برشلونة لتثبت على الأبواب , وتوجب من بعد التوصل إلى توازن دقيق عند تركيب الأبواب في أماكنها في المسجد النبوي , لأن كل باب منها يزن (2.5) طن .

نوافذ الزجاج المزخرفة
أعمال الزجاج الملون هي حرفة إسلامية تبرز في توسعة خادم الحرمين الشريفين في المسجد النبوي , ولكنها على عكس الحرف الأخرى ظلت تعتمد على العمل اليدوي الحرفي الماهر , فقد قام الحرفيون بخرط خشب الساج لتشكيل القطع اللازمة لنوافذ وسواتر المشربيات التقليدية , والأبواب الداخلية , ثم قام الزجاجون الذين تمتد جذور حرفتهم إلى قرون عديدة بصنع النوافذ من زجاج خاص مغشى تمت زخرفتها على أيدي فنانين حاذقين , وكانت النتيجة قالبا بديعا يجمع بين خصائص مهارية , وخامات راقية وصناعة متفوقة , ومنظرا مستوحى من التراث الإسلامي .
وقد أضفت هذه الأعمال الخشبية المطعمة بالنحاس والزخارف , وتيجان الأعمدة , والثريات المطلية بالذهب , وأعمال تكسية الرخام وغيرها , أضفت كل هذه الأعمال جلالا ومهابة وجمالا .


لغة الأرقام في خلاصة عامة للمسجد النبوي الشريف
جزئيات المشروع قبل التوسعة السعودية الأولى التوسعة السعودية الأولى توسعة وعمارة خادم الحرمين الشريفين الإجمالي ملاحظات مساحة المسجد (م2) 10303 6024 - 016327 قبل توسعة خادم الحرمين الشريفين مساحة المبنى الجديد - - 082000 - - مساحة سطح التوسعة - - 067000 - - الساحات المحيطة - - 235000 - - مجموع المساحات(م2) 10303 6024 384000 400327 بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين مجموع المصلين 58000 95000 577000 730000 يصلون في الذروة إلى مليون مصل عدد المآذن 5 4 6 10 - ارتفاع المآذن 36 مترا 72 مترا 104 أمتار - - عدد السلالم الثابتة - - 18 18 - عدد مباني السلالم المتحركة - - 6- 6- - عدد الأبواب والمداخل 5 17 64 81 - عدد السقوف المتحركة - - 27 27 -
1-
أضيفت في مبنى التوسعة الجديدة (27) قبة متحركة بمساحة (300) م2 تقريبا للواحدة .
2-
يحتوي مبنى التوسعة على سبعة مداخل رئيسة بالجهة الشمالية والشرقية والغربية , يحتوي كل مدخل رئيسي بدوره على خمس بوابات متجاورة بالإضافة إلى بوابتين جانبيتين , وهناك أيضا مدخلان رئيسان بالجهة الجنوبية , يحتوي كل مدخل على ثلاث بوابات متجاورة بالإضافة إلى ست بوابات جانبية , وعشر بوابات لمداخل ومخارج السلالم الكهربائية المتحركة , وفي وسط الناحية الشمالية للتوسعة بوابة الملك فهد , وهي المدخل الرئيسي , يعلوه سبع قباب , وتحده من كل جانب مئذنة