حمزة بن عبد المطلب
(54 ق.هـ-3هـ/568-625م)
أبو عمارة، حمزة بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصّي، عم الرسولr، وأمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة، وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم النبيّ r.
كان حمزة في الجاهلية من ذوي الشرف والعزة في قريش ومن فرسانها المعدودين، ويقال إنه حضر حرب الفجار الثاني مع النبي r وكان أسن من رسول الله r بسنتين وكان أخا الرسولr بالرضاع، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب. وكان لحمزة ولدان وبنت وهم يعلى وعمارة وأمامة .
يُعدّ حمزة من الطبقة الأولى السابقة في الإسلام على تردده في البدء باعتناقه، ويروى أنّ أبا جهل اعترض رسول الله r فآذاه وشتمه فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمّا جاء حمزة إلى القوم وعلم بما أصاب ابن أخيه من الأذى توجه إلى أبي جهل وضربه بقوسه فشج رأسه، وقام بعض رجال من قريش لنصرة أبي جهل فمنعهم واعترف بإساءته إلى محمد، وأظهر حمزة حينئذ إسلامه وذلك في السنة السادسة من البعثة، فقالت قريش: اليوم عزّ محمد وامتنع، وكان إسلام حمزة سبباً في رد بعض الأذى عن محمد r .
هاجر حمزة مع الرسول إلى المدينة وآخى الرسول بينه وبين زيد بن حارثة. وعقد له الرسول أول لواء في الإسلام، وبعثه في سرية من ثلاثين رجلاً حتى يعترضوا عير قريش وهي آتية من الشام متوجهة إلى مكّة، وكانت القافلة في ثلاثمئة رجل، يقودها أبو جهل فلم يحدث قتال بينهم.
حضر حمزة مع الرسول وقعة بدر، وقام بأعمال بطولية، وقد روي أن عتبة بن ربيعة خرج بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبه فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه فتية من الأنصار، فسأل من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار، قال: ما لنا بكم حاجة، ثم نادى منادي قريش: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله r: قم يا حمزة قم يا علي، قم يا حارث، فلما دنوا من القرشيين قالوا لهم: نعم أكفاء كرام، فقتل حمزة شيبه ابن ربيعة وقتل علي الوليد بن عتبة ثم قتل كل من حمزة وعلي عتبة ابن ربيعة وبعد انتهاء المبارزة بدأ القتال بين الفريقين وكان حمزة حامل لواء رسول الله r وكان معلماً بريشة نعامة.
وبعد مقتل عتبة وشيبة والوليد رأت هند بنت عتبة أنها أعظم النساء مصيبة في العرب لمقتل أبيها وعمها وأخيها.
اشترك حمزة مع الرسول r في إجلاء بني قينقاع اليهود من المدينة، ثم اشترك في موقعة أُحد سنة ثلاثة للهجرة، واستشهد فيها بعد أن أبلى فيها بلاءً عظيماً، وكان مقتله على يد وحشي مولى جبير بن مطعم الذي وعد وحشياً بالحرّية إن هو قتل حمزة ثأراً لمقتل عمّه طعيمه في بدر فكمن وحشي لحمزة حتى استطاع أن يرميه بحربته في مقتل، وكانت هند بنت عتبة، قد نذرت لئن قدرت على حمزة لتأكلّن من كبده، ولمّا قتل أخذت قطعة من الكبد مضغتها ثم مثلت بحمزة وبغيره من القتلى المسلمين.
حزن رسول الله r على حمزة حزناً شديداً وبكى عليه وسماه أسد الله وسيد الشهداء، ويقال صلّى عليه سبعين مرّة، إذ كان كلما أتي بشهيد وضع إلى جانب حمزة، صلى عليه رسول الله وعلى حمزة وكبّر.
ودُفن حمزة مع ابن أخته عبد الله بن جحش في حفرة واحدة، وجاء في الروايات أن الرسول قال في حمزة «رحمة الله عليك، فإنك كنت ما علمت، وصولاً للرحم فعولاً للخيرات.. أما والله عليّ ذلك لأمثّلن بسبعين منهم مكانك» فنزلت عليه قوله تعالى: ﴿وإِنْ عَاقَبتُم فَعَاقِبوا بِمثلِ ما عُوقِبتُم به ولئنْ صَبَرْتم لهوَ خيرٌ للصَابرين، واصبرْ وما صَبْرُكَ إلاّ بِاللّه، ولا تَحْزَن عَليهم ولاتَكُ في ضِيقٍ مما يَمْكرون﴾ (النحل 126- 127).
ويروى أن الرسول صلوات الله عليه سمع بكاء نساء بني عبد الأشهل على قتلاهم، فقال: ولكن حمزة لا بواكي له، فاجتمعت نساء الأنصار فبكين على حمزة وسمع رسول الله r فدعا لهن وردّهن ثم نهى عن البكاء على الميت، ويقال إنّ الآية الكريمة: ﴿ولا تَحْسَبنّ الذين قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحيَاءَ عِندَ رَبِّهم يُرزَقون﴾ (آل عمران 169) إنّما نزلت في قتلى أحد.
انقطع عقب حمزة بعد موته وموت أولاده وأحفاده فلم يعقب أحد منهم.