الخميس، 19 يناير 2012

الصحابة : عبد الله بن سعد بن أبى السرح


عبد الله بن سعد بن أبى السرح

(….ـ 36هـ/… ـ 657م)

عبد الله بن سعد بن أبي السرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري، يُكنَّى أبا يحيى، وكان اخاً لعثمان بن عفان من الرضاعة.
أسلم قبل الفتح، وهاجر إلى المدينة، وكان يكتب الوحي للرسولr، ثم ارتد مشركاً، وصار إلى قريش بمكة، وافترى على الرسولr الكذب؛ فلما كان فتح مكة أمّن الرسولr الناس، إلا أربعةُ نفرٍ أَمَرَ بقتلهم، ولو كانوا تحت أستار الكعبة، وكان عبد الله واحداً منهم، فالتجأ إلى أخيه عثمان.
طلب عثمان من أخيه عبد الله أن يبايع الرسولr فتأخر مخافة من القتل، ثم أُتِيَ به الى الرسولr بعدما اطمأن أهل مكة، فاستأمنه، فبايع، فعاد إلى الإسلام، وحَسُنَ إسلامه، ولم يظهر منه بعد ذلك ما يُنْكَرُ عليه، وغدا أحد العقلاء الكرماء من قريش.
ولاّه الخليفة عمر بن الخطاب قبل وفاته صعيد مصر، وعندما أصبح عثمان خليفة، ولاّه مصر ووَجَّهُهُ إلى شمالي إفريقيا وقال له: «إن فتح الله عز وجل بك إفريقيا فَلَكَ مما أفاء الله على المسلمين خُمُسَ الخُمُسِ من الغنيمة».
سار عبد الله بجيشه من مصر، وعندما وصل إلى إفريقيا تَجَنَّبَ السَّير على الساحل، وتوغل في الداخل، حتى وصل إلى موقع قمونية، حيث بُنِيَتْ فيما بعد مدينة القيروان، وفي تلك المنطقة كانت مدينة سبيطلة ذات الأهمية العسكرية، والتي كانت قد أصبحت عاصمة لحاكم إفريقيا غريغوريوس الذي يسميه العرب جرجير، وبالقرب من سبيطلة جرت المعركة الفاصلة التي انتصر فيها العرب انتصاراً حاسماً، وقُتِلَ فيها جرجير، وأيقن البطارقة عجزهم عن مقاومة العرب، فاشتروا انسحابهم بدفع الجزية التي اختلفت الروايات في مقدار قيمتها مع الإجماع على ضخامتها.
كان عبد الله إدارياً أفضل منه مقاتلاً، نظَّمَ خَرَاجَ مصر وما كان يلي من أمرها، وبعث الجند المسلمين إلى الغرب والجنوب، وصالح أهل النوبة المسلمين، وتم القضاء على انتفاضة قام بها الروم في الاسكندرية بزعامة مانوئيل.
يعود الفضل إلى عبد الله ومعاوية صاحب الشام في إنشاء أول عمارة إسلامية؛ إذ غدت الاسكندرية قاعدة للأسطول المصري.
وفي سنة 35هـ/655م التقى الأسطول الذي جرده معاوية وعبد الله بأسطول بيزنطي مؤلف من خمسمئة مركب في معركة ذات الصواري، وحوَّل العرب قتال البحر إلى قتال برٍّ، وربطوا السفن العربية بالسفن البيزنطية، وصفَّ عبد الله بن سعد المسلمين على نواحي السفن، وجعل يأمرهم بقراءة القرآن الكريم والصبر، فوثب الرجال على الرجال يتضاربون بالسيوف على ظهر السفن، فدارت الدائرة على الروم، وانهزم فيها الامبراطور قسطنطين الثاني، الذي حضر نفسُهُ المعركة، وفرَّ يطلب النجاة. سُمِّيتْ هذه المعركة بذات الصواري لكثرة صواري السفن التي شاركت فيها من الطرفين، وقد عدَّ المؤرخون هذه المعركة يرموكاً ثانية.
وبعد ست سنوات من ولاية الخليفة عثمان أخذ عبد الله بن سبأ يؤلِّبُ الناس عليه، وعلى ولاته في مصر والبصرة والكوفة، واختلف الناس عليه، وتكلم فيه من تكلم، وقالوا: آثرَ الغرباء، وخَمَسَ الخُمُسَ، وآوى الحَكَمَ بن العاص وعبد الله ابن سعد طريدي رسول اللهr، فأرسل الخليفة عثمان إلى معاوية وعبد الله وغيرهما ليشاورهم في الأمر، وما طُلِب منه وما بلغه عنهم.
سارع عبد الله إلى المدينة يريد نصرة الخليفة، وعند عودته منعه المصريون الثائرون بقيادة محمد بن حذيفة من دخول مصر، وكان على تخوم مصر حين علم بمقتل الخليفة عثمان، فمضى إلى عسقلان فاراً من الفتنة، وتوفي فيها، وقيل توفي في الرملة.