السبت، 29 ديسمبر 2012

موسوعة إعراب القرآن الكريم : إعراب سورة الصف

إعراب سورة الصف

.إعراب الآية رقم (1):{سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)}.
الإعراب:
(للَّه) متعلّق بحال من الموصول، (في السموات) متعلّق بمحذوف صلة الموصول، وكذلك (في الأرض) صلة الموصول الثاني الواو حاليّة..
جملة: (سبّح للَّه ما في السموات) لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: (هو العزيز) في محلّ نصب حال من لفظ الجلالة.
.إعراب الآيات (2- 3):
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (3)}.
الإعراب:
(أيّها) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب (الذين) بدل من أيّ في محلّ نصب- أو عطف بيان عليه- (لم) متعلّق ب (تقولون)، و(ما) استفهاميّة حذفت ألفها، (ما) موصول في محلّ نصب مفعول به والعائد محذوف (لا) نافية (مقتا) تمييز منصوب (أن) حرف مصدريّ ونصب (عند) ظرف منصوب متعلّق ب (كبر)...
جملة: (النداء) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (آمنوا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (تقولون) لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: (لا تفعلون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: (كبر) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (تقولوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
والمصدر المؤوّل (أن تقولوا..) في محلّ رفع فاعل كبر.
وجملة: (لا تفعلون) الثانية لا محلّ لها صلة (ما).
البلاغة:
المبالغة والتكرير: في قوله تعالى: (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ).
هذا من أفصح الكلام وأبلغه، ففي معناه قصد إلى التعجب بغير صيغة التعجب، لتعظيم الأمر في قلوب السامعين، لأن التعجب لا يكون، إلا من شيء خارج من نظائره وأشكاله، وأسند إلى (أَنْ تَقُولُوا) ونصب (مقتا) على تفسيره، دلالة على أن قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه، لفرط تمكن المقت منه، واختير لفظ المقت لأنه أشد البعض وأبلغه، ولم يقتصر على جعل البغض كبيرا، حتى جعل أشده وأفحشه، وعند اللَّه أبلغ من ذلك.
وزائد على هذه الوجوه الأربعة وجه خامس: وهو تكراره لقوله: (ما لا تَفْعَلُونَ) وهو لفظ واحد في كلام واحد، ومن فوائد التكرار: التهويل والإعظام. وإلا فقد كان الكلام مستقلا.
.إعراب الآية رقم (4):
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (4)}.
الإعراب:
(في سبيله) متعلّق ب (يقاتلون)، (صفّا) حال من الفاعل في (يقاتلون)..
وجملة: (إنّ اللَّه يحبّ) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (يحبّ) في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: (يقاتلون) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (كأنّهم بنيان) في محلّ نصب حال من الضمير في (صفّا).
الصرف:
(مرصوص)، اسم مفعول من الثلاثيّ (رصّ)، وزنه مفعول.
البلاغة:
اندراج الخاص بالعام: حيث ورد النهي العام أولا في الآية الثالثة، ثم أتى عقب هذا النهي العام مباشرة قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ).
وفي ذكره ذلك، عقب النهي العام مباشرة، دليل على أن المقت قد تعلق بقول الذين وعدوا الثبات في قتال الكفار فلم يفوا، كما تقول للمقترف جرما معينا:
لا تفعل ما يلصق العار بك ولا تشاتم زيدا، وفائدة مثل هذا النظم: النهي عن الشيء الواحد مرتين، مندرجا في العموم، ومفردا بالخصوص، وهو أولى من النهي عنه على الخصوص مرتين، فإن ذلك معدود في حين التكرار، وهذا يتكرر مع ما في التعميم من التعظيم والتهويل.
.إعراب الآية رقم (5):
{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (5)}.
الإعراب:
الواو استئنافية (إذ) اسم ظرفيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر (لقومه) متعلّق ب (قال)، (قوم) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء المحذوفة للتخفيف.
وهي مضاف إليه (لم) متعلّق ب (تؤذونني)، و(ما) للاستفهام حذفت ألفها الواو حاليّة (قد) للتحقيق، (إليكم) متعلّق ب (رسول).
والمصدر المؤوّل (أنّي رسول...) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي تعلمون.
الفاء استئنافيّة (لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب أزاغ الواو استئنافيّة (لا) نافية.
جملة: (قال موسى) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (النداء) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة:
{تؤذونني} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة:
{تعلمون} في محلّ نصب حال من فاعل تؤذونني.
وجملة: (زاغوا) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (أزاغ اللَّه) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: (اللَّه لا يهدي) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لا يهدي) في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللَّه).
الصرف:
(أزاغ)، فيه إعلال قياسه كقياس الإعلال في زاغ.. انظر الآية (17) من سورة النجم.
.إعراب الآية رقم (6):
{وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)}.
الإعراب:
(وإذ قال عيسى) مثل وإذ قال موسى، (ابن) بدل من عيسى مرفوع، (إليكم) متعلّق ب (رسول) (مصدّقا) حال من الضمير في رسول (لما) متعلّق ب (مصدّقا)، (بين) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف صلة ما (من التوراة) متعلّق بحال من الضمير في الصلة المحذوفة (برسول) متعلّق ب (مبشّرا)، (من بعدي) متعلّق ب (يأتي)، (فلما جاءهم) مثل لمّا زاغوا، وفاعل جاءهم ضمير يعود على أحمد، (بالبيّنات) متعلّق بحال من فاعل جاءهم.
جملة: (قال عيسى) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (النداء) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (إنّي رسول) لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: (يأتي) في محلّ جرّ نعت لرسول.
وجملة: (اسمه احمد) في محلّ جرّ نعت ثان لرسول.
وجملة: (جاءهم) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (قالوا) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: (هذا سحر) في محلّ نصب مقول القول.
الصرف:
(أحمد)، اسم علم من أسماء الرسول عليه السلام مأخوذ من الحمد، وهو على صيغة المضارع مبدوءا بهمزة المتكلم، فهو ممنوع من التنوين.
.إعراب الآية رقم (7):{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (من) اسم استفهام بمعنى الإنكار في محلّ رفع مبتدأ، خبره (أظلم)، (ممّن) متعلّق ب (أظلم) (على اللَّه) متعلّق ب (افترى)، (الكذب) مفعول به منصوب، الواو حاليّة (إلى الإسلام) متعلّق ب (يدعى)، الواو استئنافيّة (لا) نافية.
جملة: (من أظلم) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (افترى) لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: (هو يدعى) في محلّ نصب حال.
وجملة: (يدعى) في محلّ رفع خبر المبتدأ (هو).
وجملة: (اللَّه لا يهدي) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لا يهدي) في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللَّه).
.إعراب الآية رقم (8):
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (8)}.
الإعراب:
اللام زائدة (يطفئوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام (بأفواههم) متعلّق ب (يطفئوا) والباء للاستعانة الواو حاليّة في الموضعين (لو) حرف شرط غير جازم.. والمصدر المؤوّل (أن يطفئوا) في محلّ نصب مفعول به لفعل الإرادة.
وجملة: (يريدون) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (يطفئوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: (اللَّه متمّ) في محلّ نصب حال من فاعل يريدون- أو يطفئوا- وجملة: (لو كره الكافرون) في محلّ نصب حال من الضمير في متمّ.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: لو كره الكافرون نور اللَّه فاللَّه باعث نوره ومظهره.
الصرف:
(متمّ)، اسم فاعل من الرباعيّ أتمّ، وزنه مفعل، وعينه ولامه من حرف واحد.
البلاغة:
الاستعارة التمثيلية: في قوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ).
تمثيل حالهم، في اجتهادهم في إبطال الحق، بحالة من ينفخ الشمس بفيه ليطفئها، تهكما وسخرية بهم، كما تقول الناس: هو يطفئ عين الشمس.
وذهب بعض الأجلة إلى أن المراد بنور اللَّه دينه تعالى الحق، على سبيل الاستعارة التصريحية، وكذا في قوله تعالى: (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ).
.إعراب الآية رقم (9):
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)}.
الإعراب:
(بالهدى) متعلّق بحال من فاعل أرسل أو من مفعوله اللام للتعليل (يظهره) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام (على الدين) متعلّق ب (يظهره) بتضمينه معنى يعليه الواو حاليّة (لو كره المشركون) مثل لو كره الكافرون.
جملة: (هو الذي) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (أرسل) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (يظهره) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
والمصدر المؤوّل (أن يظهره..) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (أرسل)، وفاعل يظهر ضمير يعود على لفظ الجلالة.
وجملة: (لو كره المشركون) في محلّ نصب حال من فاعل يظهره.
.إعراب الآيات (10- 13):
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}.
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها، (هل) حرف استفهام (على تجارة) متعلّق ب (أدلّ)، (من عذاب) متعلّق ب (تنجيكم).
جملة: (يأيّها الذين) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (آمنوا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (هل أدلّكم) لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: (تنجيكم) في محلّ جرّ نعت لتجارة.
11- (باللَّه) متعلّق ب (تؤمنون)، (في سبيل) متعلّق ب (تجاهدون) وكذلك (بأموالكم)، والإشارة في (ذلكم) إلى الإيمان والجهاد (لكم) متعلّق ب (خير) (كنتم) ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط.
وجملة: (تؤمنون) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (تجاهدون) لا محلّ لها معطوفة على جملة تؤمنون.
وجملة: (ذلكم خير) لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: (كنتم تعلمون) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (تعلمون) في محلّ نصب خبر كنتم. وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي فآمنوا وجاهدوا...
12- (يغفر) مضارع مجزوم جواب شرط مقدّر (لكم) متعلّق ب (يغفر)، (من تحتها) متعلّق ب (تجري) (مساكن) معطوف على جنّات، ومنع من التنوين لأنه جمع على صيغة منتهي الجموع (في جنّات) متعلّق بنعت ثان لمساكن، والإشارة في (ذلك) إلى الغفران ودخول الجنّات..
وجملة: (يغفر) لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء أي إن تفعلوه يغفر.
وجملة: (يدخلكم) لا محلّ لها معطوفة على جملة يغفر.
وجملة: (ذلك الفوز) لا محلّ لها استئنافيّة.
13- الواو عاطفة (أخرى) مفعول به لفعل محذوف تقديره يؤتكم نعمة أخرى، مجزوم عطفا على (يغفر)، (نصر) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي أي النعمة الأخرى (من اللَّه) متعلّق ب (نصر)، الواو استئنافيّة- أو عاطفة- وجملة: يؤتكم (أخرى) لا محلّ لها معطوفة على جملة يغفر..
وجملة: (تحبّونها) في محلّ نصب نعت لأخرى.
وجملة: هي (نصر) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (بشر المؤمنين) لا محلّ لها استئنافيّة.
الفوائد:
- عطف الخبر على الإنشاء، وبالعكس، منع ذلك أكثر العلماء، ومنهم ابن مالك وابن عصفور، وأجاز ذلك الصفّار وجماعة، مستدلين بقوله تعالى: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وقوله تعالى في سورة الصف في الآية التي نحن بصددها: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
ويؤيد هذا المذهب، وهو جواز عطف الخبر على الإنشاء، قول امرئ القيس:
وإن شفائي عبرة مهراقة ** وهل عند رسم دارس من معوّل

ورد الزمخشري على آيتي البقرة والصف، نافيا جواز عطف الخبر على الإنشاء بقوله: أما آية البقرة ليس المعتمد بالعطف الأمر حتى يطلب له مشاكل، بل المراد عطف جملة ثواب المؤمنين على جملة عذاب الكافرين، كقولك: (زيد يعاقب بالقيد وبشر فلانا بالإطلاق)، وجوّز عطفه على اتقوا، وأتم من كلامه في الجواب الأول أن يقال: المعتمد بالعطف جملة الثواب كما ذكر، ويزاد عليه فيقال: والكلام منظور فيه إلى المعنى الحاصل منه، وكأنه قيل: والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات فبشرهم بذلك، وأما الجواب الثاني، ففيه نظر، لأنه لا يصح أن يكون جوابا للشرط، إذ ليس الأمر بالتبشير مشروطا بعجز الكافرين عن الإتيان بمثل القرآن. ويجاب: بأنه قد علم أنهم غير المؤمنين، فكأنه قيل: فإن لم يفعلوا فبشر غيرهم بالجنات، ومعنى هذا فبشر هؤلاء المعاندين بأنه لا حظ لهم في الجنة.
وقال في آية الصف: إن العطف على (تؤمنون) لأنه بمعنى آمنوا، ولا يقدح في ذلك أن المخاطب ب (تؤمنون) المؤمنون، وب (بشر) النبي عليه الصلاة والسلام، ولا أن يقال: في (تؤمنون): إنه تفسير للتجارة لا طلب، وإن (يغفر لكم) جواب الاستفهام تنزيلا للسبب منزلة المسبب، لأن تخالف الفاعلين لا يقدح، كقولنا (قوموا واقعد يا زيد) ولأن (تؤمنون) لا يتعين للتفسير، سلّمنا، ولكن يحتمل أنه تفسير مع كونه أمرا، وذلك بأن يكون معنى الكلام السابق اتجروا تجارة تنجيكم من عذاب أليم كما كان (فهل أنتم منتهون) في معنى انتهوا، أو بأن يكون تفسيرا في المعنى دون الصناعة، لأن الأمر قد يساق لإفادة المعنى الذي يتحصل من المفسرة يقول:
(هل أدلك على سبب نجاتك؟ آمن باللَّه) كما تقول: (هو أن تؤمن باللَّه) وحينئذ فيمتنع العطف لعدم دخول التبشير في معنى التفسير.
.إعراب الآية رقم (14):
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (14)}.
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها، (ما) حرف مصدريّ (للحواريّين) متعلّق ب (قال)..
والمصدر المؤوّل (ما قال..) في محلّ جرّ بالكاف متعلّق بفعل محذوف تقديره قلنا ذلك كقول عيسى.
(من) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ، خبره (أنصاري)، (إلى اللَّه) متعلّق بحال من ضمير المتكلّم أي متوجّها إلى نصرة اللَّه، أي: بحذف مضاف الفاء استئنافيّة (من بني) متعلّق بنعت لطائفة الفاء الثانية عاطفة (على عدوّهم) متعلّق ب (أيّدنا) بتضمينه معنى قوّينا الفاء عاطفة...
جملة: (النداء) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (آمنوا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (كونوا) لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: قلنا ذلك كقول لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (قال عيسى) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما).
وجملة: (من أنصاري) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (قال الحواريّون) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (نحن أنصار اللَّه) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (آمنت طائفة) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (كفرت طائفة) لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنت طائفة.
وجملة: (أيّدنا) لا محلّ لها معطوفة على جملة كفرت طائفة.
وجملة: (آمنوا) الثانية لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: (أصبحوا) لا محلّ لها معطوفة على جملة أيّدنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ