الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

موسوعة إعراب القرآن الكريم : إعراب سورة الإسراء من الآية 77 إلى الآية 100

إعراب سورة الإسراء من الآية 77 إلى الآية 100



 


.إعراب الآية رقم (77):{سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (77)}.
الإعراب:
(سنّة) مفعول مطلق لفعل محذوف، والتقدير: سنّنا ذلك سنّة، (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (قد) حرف تحقيق (أرسلنا) فعل ماض وفاعله (قبلك) ظرف زمان متعلّق ب (أرسلنا)، والكاف مضاف إليه (من رسلنا) جارّ ومجرور متعلّق بحال من مفعول أرسلنا المحذوف أي أرسلناه من رسلنا الواو عاطفة (لا تجد.. تحويلا) مثل لا تجد.. نصيرا، (لسنّتنا) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف مفعول به ثان، و(نا) مضاف إليه.
جملة: (قد أرسلنا...) لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: (لا تجد...) لا محلّ لها معطوفة على جملة سنّنا المقدّرة.
.إعراب الآيات (78- 81):
{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (80) وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (81)}.
الإعراب:
(أقم) فعل أمر، والفاعل أنت (الصلاة) مفعول به منصوب (لدلوك) جارّ ومجرور متعلّق ب (أقم)، (الشمس) مضاف إليه مجرور (إلى غسق) جارّ ومجرور متعلّق ب (أقم)، (الليل) مضاف إليه مجرور الواو عاطفة (قرآن) معطوف على الصلاة منصوب، (الفجر) مضاف إليه مجرور (إنّ) حرف توكيد ونصب (قرآن) اسم إنّ منصوب (الفجر) مضاف إليه مجرور (كان) فعل ماض ناقص- ناسخ- واسمه ضمير مستتر تقديره هو (مشهودا) خبر كان منصوب.
جملة: (أقم...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (إنّ قرآن الفجر...) لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: (كان مشهودا) في محلّ رفع خبر إنّ.
79- الواو عاطفة (من الليل) جارّ ومجرور متعلّق بفعل محذوف تقديره اسهر من الليل، الفاء عاطفة (تهجّد) مثل: (أقم) (الباء) حرف جرّ والهاء ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تهجّد) والضمير يعود على القرآن (نافلة) حال منصوبة من المفعول المحذوف أي فصلّ التهجّد حال كونه نافلة، اللام حرف جرّ والكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نافلة) (عسى) فعل ماض تام (أن) حرف مصدريّ ونصب (يبعثك) مضارع منصوب.. والكاف ضمير مفعول به (ربّك) فاعل مرفوع.. والكاف مضاف إليه (مقاما) حال منصوبة بتقدير مضاف أي ذا مقام، (محمودا) نعت ل (مقاما) منصوبا..
والمصدر المؤوّل (أن يبعثك..) في محلّ رفع فاعل عسى.
وجملة: اسهر (من الليل) لا محلّ لها معطوفة على جملة أقم..
وجملة: (تهجّد...) لا محلّ لها معطوفة على جملة (اسهر).
وجملة: (عسى أن يبعثك) لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليل-.
وجملة: (يبعثك ربّك...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
80- الواو عاطفة (قل) مثل أقم (ربّ) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء المحذوفة للتخفيف.. والياء المحذوفة مضاف إليه (أدخلني) فعل أمر، والنون للوقاية، والياء ضمير مفعول به، والفاعل أنت ومفعول أدخلني الثاني محذوف تقديره المدينة (مدخل) مفعول مطلق منصوب (صدق) مضاف إليه مجرور الواو عاطفة (أخرجني مخرج صدق) مثل نظيرها المتقدّمة الواو عاطفة (اجعل) مثل أدخل اللام حرف جرّ والياء ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (من لدنك) جارّ ومجرور متعلّق بالمفعول الثاني.. والكاف مضاف اليه (سلطانا) مفعول به أوّل منصوب (نصيرا) نعت ل (سلطانا) منصوب.
وجملة: (قل...) لا محلّ لها معطوفة على جملة تهجّد.
وجملة: (النداء وجوابها...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (أدخلني...) لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: (أخرجني...) لا محلّ لها معطوفة على جملة أدخلني.
وجملة: (اجعل...) لا محلّ لها معطوفة على جملة أدخلني.
81- الواو عاطفة (قل) مثل السابق (جاء) فعل ماض (الحقّ) فاعل مرفوع الواو عاطفة (زهق الباطل) مثل جاء الحقّ (إنّ الباطل كان زهوقا) مثل إنّ قرآن الفجر كان مشهودا.
وجملة: (قل...) لا محلّ لها معطوفة على جملة قل الأولى.
وجملة: (جاء الحقّ...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (زهق الباطل...) في محلّ نصب معطوفة على جملة جاء الحقّ.
وجملة: (إنّ الباطل كان...) لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: (كان زهوقا) في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(دلوك)، مصدر فعل دلكت الشمس دلوكا باب نصر أي زالت عن الاستواء أو مالت إلى الغروب، وهو مشتقّ عند الزمخشريّ من الدلك، لأنّ الإنسان يدلك عينيه عند النظر إلى الشمس، وزنه فعول بضمّ الفاء.
(غسق) مصدر الفعل الثلاثيّ غسق يغسق الليل باب ضرب أي اشتدّت ظلمته، وزنه فعل بفتحتين.
(نافلة)، اسم للصلاة الزائدة على الفريضة على وزن فاعلة.
(مقاما)، قد يراد به المصدر الميميّ من قام الثلاثيّ، وقد يراد به اسم المكان.. انظر الآية (125) البقرة.
(محمودا) اسم مفعول من حمد الثلاثيّ على وزن مفعول.
(مدخل) مصدر ميميّ من الرباعيّ أدخل، وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين.
(مخرج) مصدر ميميّ من الرباعيّ أخرج، وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين.
(زهوقا)، صفة مشبهة من الثلاثيّ زهق يزهق باب فتح بمعنى اضمحلّ وزال، ويجوز أن يكون مبالغة اسم الفاعل، وزنه فعول بفتح الفاء.
البلاغة:
1- المجاز المرسل:
في قوله تعالى: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ).
أطلق الجزء على الكل. أي قراءة الفجر، والمراد بها الصلاة، لأن القراءة جزء منها، فالعلاقة الجزئية.
2- الإظهار في مقام الإضمار:
في قوله تعالى: (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) بعد قوله: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ).
فقد حصل الإظهار في مقام الإضمار، ولم يقل سبحانه إنه، لمزيد الاهتمام والعناية.
3- المقابلة اللطيفة:
في قوله تعالى: (أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) و(أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) وبين (جاءَ الْحَقُّ) (وَزَهَقَ الْباطِلُ).
4- في التذييل:
في قوله تعالى: (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).
وهذا الفن هو: أن يذيل الناظم والناثر كلامه، بعد تمامه وحسن السكوت عليه، بجملة تحقيق ما قبلها من الكلام، وتزيده توكيدا، وتجري فيه مجرى المثل، لزيادة التحقيق.
وهذه الآية من أعظم الشواهد عليه، فالجملة الأخيرة هي التذييل الذي خرج مخرج المثل السائر.
الفوائد:
1- اسم المكان واسم الزمان.
1- هما اسمان مصوغان لزمان وقوع الفعل أو مكانه:
2- يصاغان من الثلاثيّ، الذي مضارعه مضموم العين أو مفتوحها، على وزن (مفعل)، وكذلك إذا كان الفعل معتل اللام نحو مرمى ومسعى.
3- ويصاغان من الثلاثي، إذا كان مكسور العين، أو مثالا، على وزن (مفعل) نحو مجلس وموعد وميسر.
4- يستثني من مضموم العين أحد عشر لفظا، جاءت بالكسر، وهي:
منسك ومطلع ومشرق ومغرب ومرفق ومفرق ومجزر ومنبت ومسقط ومسكن ومسجد.
5- يصاغان من غير الثلاثي على وزن اسم المفعول مثل: مدخل ومخرج ومنطلق ومستودع، كما لاحظنا ذلك في الآية التي نحن بصددها.
ملاحظة: إذن صيغة الزمان والمكان والمصدر الميمي واسم المفعول من غير الثلاثي على وزن واحد، وكذلك في بعض أوزان الثلاثي، والتفريق بالقرينة.
6- يصاغ بكثرة، من الاسم الجامد، اسم مكان على (مفعلة)، للدلالة على كثرة الشيء في المكان نحو: (مأسدة) و(مسبعة) و(مقثأة)، للموضع الذي تكثر فيه الأسود أو السباع أو القثاء. ومع كثرة وروده ليس قياسيا، وانما أكثره سماعي.
ملاحظة: كما رأينا قد تلحق اسمي الزمان والمكان تاء مربوطة، نحو مقبرة ومطبعة ومدرسة. وكل ذلك سماعي لا قياس عليه.
2- إذا فتحنا مغني اللبيب نجد أن (اللام) الجارة لها اثنان وعشرون معنى، نذكرها لك دون التمثيل تحاشي الإطالة:
الملك، شبه الملك، التعدية، التعليل، التوكيد، وهي المعترضة والمقحمة، ولام المستغاث، ثم تقوية العامل وموافقة إلى، ولام القسم، ولام التعجب، ولام الصيرورة والتعدية، والاستعلاء، وموافقة في، وموافقة عند، وموافقة من، ولام التبليغ، وموافقة عن، والتمليك، والتعليل، والداخلة على المضارع، ولام توكيد النفي، ولام التبيين وهي ثلاثة أقسام: لتبيين المفعول، وتبيين الفاعلية الملتبسة لمفعولين، وبالعكس.
.إعراب الآيات (82- 83):
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً (82) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (83)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (ننزّل) مضارع مرفوع، والفاعل نحن للتعظيم (من القرآن) جارّ ومجرور متعلّق ب (ننزّل) (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (شفاء) خبر مرفوع (رحمة) معطوف على شفاء مرفوع (للمؤمنين) جارّ ومجرور متعلّق ب (شفاء ورحمة)، الواو عاطفة (لا) نافية (يزيد) مضارع مرفوع، والفاعل هو (الظالمين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء (إلّا) للحصر (خسارا) مفعول به ثان منصوب.
جملة: (ننزّل...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (هو شفاء...) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: (لا يزيد...) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
83- الواو عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط متعلّق ب (أعرض)، (أنعمنا) فعل ماض وفاعله (على الإنسان) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنعمنا)، (أعرض) فعل ماض، والفاعل هو الواو عاطفة (نأى) مثل أعرض، والفتح مقدّر على الألف (بجانبه) جارّ ومجرور متعلّق ب (نأى)، والهاء مضاف إليه الواو عاطفة (إذا) مثل الأول (مسّه) فعل ماض..
والهاء ضمير مفعول به (الشرّ) فاعل مرفوع (كان يئوسا) مثل كان مشهودا.
وجملة: (أنعمنا...) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (أعرض...) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: (نأى...) لا محلّ لها معطوفة على جملة الشرط.
وجملة: (مسّه الشرّ) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (كان يئوسا) لا محلّ لها جواب الشرط الثاني.
الصرف:
(خسارا)، مصدر سماعيّ لفعل خسر الثلاثيّ باب فرح، وزنه فعال بفتح الفاء.. وثمّة مصادر أخرى للفعل هي خسر بفتح فسكون أو فتح، وخسر بضمّتين أو ضمّ فسكون، وخسارة بفتح الخاء، وخسران بضمّ الخاء.
(نأى)، فيه إعلال بالقلب، أصله نأي- بياء في آخره- لأنّ المصدر النأي، جاءت الياء متحرّكة بعد فتح قلبت ألفا، وزنه فعل.
البلاغة:
- إسناد الخير إلى الله والشر لغيره:
في قوله تعالى: (أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ.. وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) لتعليم الأدب مع الله تعالى.
إعراب الآية رقم (84):
{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً (84)}.
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت (كلّ) مبتدأ مرفوع، (يعمل) مضارع مرفوع، والفاعل هو (على شاكلته) جارّ ومجرور متعلّق ب (يعمل)، والهاء مضاف إليه الفاء عاطفة (ربّكم) مبتدأ مرفوع..
و(كم) مضاف إليه (أعلم) خبر مرفوع (الباء) حرف جرّ (من) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق ب (أعلم) (هو أهدى) مثل هو شفاء، وعلامة الرفع في أهدى الضمّة المقدّرة على الألف (سبيلا) تمييز منصوب.
جملة: (قل...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (كلّ يعمل...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (يعمل) في محلّ رفع خبر المبتدأ (كلّ).
وجملة: (ربّكم أعلم...) في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: (هو أهدى) لا محلّ لها صلة الموصول (من).
الصرف:
(شاكلة)، مؤنّث شاكل، اسم بمعنى المثل والنظير، وزنه فاعلة.
.إعراب الآية رقم (85):
{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (85)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (يسألونك) مضارع مرفوع.. والواو فاعل، والكاف ضمير مفعول به (عن الروح) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسألونك)، (قل) كالسابق، (الروح) مبتدأ مرفوع (من أمر) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ (ربّي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء.. والياء مضاف إليه الواو استئنافيّة، (ما) نافية (أوتيتم) فعل ماض مبنيّ للمجهول.. و(تم) ضمير نائب الفاعل (من العلم) جارّ ومجرور متعلّق ب (أوتيتم) (إلّا) للحصر (قليلا) مفعول به منصوب.
جملة: (يسألونك...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (قلّ...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (الروح من أمر ربّي) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (أوتيتم...) لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(الروح)، اسم لما يحلّ في البدن إشعارا بحياته، وقال بعض المفسّرين إنّه جبريل..
الفوائد:
- تعنّت اليهود وتعجيزهم للرسل:
روى البخاري ومسلم والترمذي، عن عبد الله قال: بينا أنا مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في حرث وهو متكئ على عسيب إذ مرّ به اليهود، فقال بعضهم لبعض:
سلوه عن الروح. فقال: ما رابكم إليه؟ وقال بعضهم لا يستقبلنكم بشيء تكرهونه، فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فلم يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي).. إلخ.
وقد اختلف الناس في الروح المسؤول عنه.. فذهبوا بذلك مذاهب. الذي نرتاح إليه ما ذهب إليه أهل التأويل:
أنهم سألوه عن الروح الذي يكون به حياة الجسد وقال أهل النظر منهم: انما سألوه عن كيفية الروح ومسلكه في بدن الإنسان، وكيفيّة امتزاجه بالجسم واتصال الحياة به. وهذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل، وهكذا ليعرف الإنسان عجزه عن معرفة حقيقة نفسه مع العلم بوجودها.
وحكمة ذلك، تعجيز العقل عن معرفة مخلوق مجاور له، دلالة على أنه عن معرفة خالقه أعجز..
.إعراب الآيات (86- 87):
{وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (86) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (87)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة- أو عاطفة- اللام موطّئة للقسم (إن) حرف شرط جازم (شئنا) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و(نا) ضمير فاعل اللام لام القسم (نذهبنّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع، والنون للتوكيد، والفاعل نحن للتعظيم (الباء) حرف جرّ (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بفعل نذهبنّ (أوحينا) مثل شئنا لا محلّ له (إلى) حرف جرّ والكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أوحينا)، (ثمّ) حرف عطف (لا تجد.. وكيلا) مثل نظيرها، والجارّ والمجرور (به) متعلّق بالاستقرار الذي تعلّق به الجارّ (لك) وهو المفعول الثاني.
وجملة: (شئنا...) لا محلّ لها استئنافيّة- أو معطوفة على استئناف سابق-.
وجملة: (نذهبنّ...) لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة: (أوحينا...) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (لا تجد...) لا محلّ لها معطوفة على جملة القسم.
87- (إلّا) أداة استثناء (رحمة) منصوبة على الاستثناء المنقطع، (من ربّك) جارّ ومجرور متعلّق ب (رحمة)، والكاف مضاف إليه (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (فضله) اسم إنّ منصوب، والهاء مضاف إليه (كان) فعل ماض ناقص- ناسخ- واسمه ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ الكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (كبيرا) وهو خبر كان منصوب.
وجملة: (إنّ فضله كان...) لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: (كان عليك كبيرا) في محلّ رفع خبر إنّ.
.إعراب الآية رقم (88):
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)}.
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت (لئن) مثل السابق، (اجتمعت) فعل ماض، والتاء للتأنيث وحرّكت بالكسر لالتقاء الساكنين (الإنس) فاعل مرفوع (الجنّ) معطوف على الإنس بالواو مرفوع (على) حرف جرّ (أن) حرف مصدريّ ونصب (يأتوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (بمثل) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتوا)، (ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (القرآن) بدل من ذا- أو عطف بيان- مجرور (لا) نافية (يأتون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بمثله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتون)، والهاء ضمير مضاف إليه..
والمصدر المؤوّل (أن يأتوا...) في محلّ جرّ ب (على) متعلّق ب (اجتمعت).
الواو حاليّة (لو) حرف شرط غير جازم (كان) فعل ماض ناقص (بعضهم) اسم كان مرفوع.. و(هم) ضمير مضاف إليه (لبعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (ظهيرا) وهو خبر كان منصوب.
جملة: (قل...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (إن اجتمعت الإنس...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (لا يأتون...) لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة: (كان بعضهم...) في محلّ نصب حال.
الصرف:
(ظهيرا)، صفة مشبّهة من فعل ظهر الثلاثيّ بمعنى أعان، وزنه فعيل.
الفوائد:
- اجتماع واو العطف و(لو) الشرطية: عند ما يتقدم حرف العطف (الواو) قبل (لو) يكون عاطفا على مقدر، ويكون حذف المعطوف عليه مطردا لدلالة المعطوف دلالة واضحة عليه.
ففي قوله تعالى: (وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) فالعطف هنا على مقدّر أي لا يأتون بمثله.
.إعراب الآية رقم (89):
{وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (89)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة اللام لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (صرّفنا) فعل ماض وفاعله (للناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (صرّفنا)، (في) حرف جرّ (هذا القرآن) مثل السابقة متعلّق ب (صرّفنا)، (من كلّ) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لمفعول صرّفنا أي صرّفنا عبرة من كلّ مثل- أو مثلا من كل مثل: (مثل) مضاف إليه مجرور الفاء عاطفة (أبى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (أكثر) فاعل مرفوع (الناس) مضاف إليه مجرور (إلّا) أداة حصر، (كفورا) مفعول به منصوب.
جملة: (صرّفنا...) لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.. وجملة القسم المقدّر لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (أبى أكثر...) لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
الصرف:
(كفورا)، مصدر سماعيّ لفعل كفر الثلاثيّ، وزنه فعول بضمّ الفاء.
.إعراب الآيات (90- 93):
{وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (قالوا) فعل ماض وفاعله (لن) حرف نفي ونصب (نؤمن) مضارع منصوب، والفاعل نحن اللام حرف جرّ والكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نؤمن)، (حتّى) حرف غاية وجرّ (تفجّر) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتّى، والفاعل أنت (لنا) مثل لك متعلّق ب (تفجّر)، (من الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (تفجّر)، (ينبوعا) مفعول به منصوب..
والمصدر المؤوّل (أن تفجّر..) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (نؤمن).
جملة: (قالوا...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لن نؤمن...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (تفجّر...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
91- (أو) حرف عطف (تكون) مضارع ناقص منصوب معطوف على (تفجّر)، (لك) مثل الأول متعلّق بخبر تكون، (جنّة) اسم تكون مرفوع (من نخيل) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لجنّة (عنب) معطوف على نخيل بالواو الفاء عاطفة (تفجّر) مثل تفجر معطوف على (تكون)، (الأنهار) مفعول به منصوب (خلالها) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (تفجّر) و(ها) مضاف إليه (تفجيرا) مفعول مطلق منصوب.
وجملة: (تكون لك جنّة...) لا محلّ لها معطوفة على جملة تفجر.
وجملة: (تفجّر) لا محلّ لها معطوفة على جملة تكون.
92- (أو تسقط السماء) مثل تفجّر الأنهار الكاف حرف جرّ، (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول مطلق أي إسقاطا كالذي زعمته (زعمت) فعل ماض وفاعله، والعائد محذوف (على) حرف جرّ و(نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تسقط)، (كسفا) حال منصوبة على حذف مضاف أي ذات كسف (أو تأتي) مثل أو تسقط (باللّه) جارّ ومجرور متعلّق ب (تأتي)، (الملائكة) معطوف على لفظ الجلالة بالواو مجرور (قبيلا) حال منصوبة من لفظ الجلالة والملائكة.
وجملة: (تسقط...) لا محلّ لها معطوفة على جملة تكون..
وجملة: (زعمت...) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: (تأتي...) لا محلّ لها معطوفة على جملة تسقط.
93- (أو يكون لك بيت من زخرف) مثل أو تكون لك جنّة.. (أو ترقى) مثل أو تسقط، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (في السماء) جارّ ومجرور متعلّق ب (ترقى)، الواو عاطفة (لن نؤمن.. علينا كتابا) مثل لن نؤمن... ينبوعا (نقرؤه) مضارع مرفوع.. والهاء ضمير مفعول به، والفاعل نحن.
والمصدر المؤوّل (أن تنزّل..) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (نؤمن).
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت (سبحان) مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب (ربّي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء.. والياء ضمير مضاف إليه (هل) حرف استفهام للنفي (كنت) فعل ماض ناقص واسمه (إلّا) أداة حصر (بشرا) خبر منصوب (رسولا) نعت ل (بشرا) منصوب.
وجملة: (قل...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: أسبّح (سبحان) لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة: (هل كنت إلّا...) في محلّ نصب مقول القول.
الصرف:
(ينبوعا)، اسم جامد بمعنى عين الماء، وزنه يفعول كيعقوب من عبّ الماء إذا زخر وكثر موجه (تفجيرا)، مصدر قياسيّ لفعل فجّر الرباعيّ، وزنه تفعيل.
(كسفا)، جمع كسفة بمعنى قطعة من كسفت الثوب أي قطعته وزنه فعلة بكسر الفاء.
(قبيلا)، إمّا صفّة مشبّهة بمعنى مقابل وزنه فعيل، وإمّا جمع قبيلة اسم جامد.
(ترقى)، فيه إعلال بالقلب، أصله ترقي بالياء في آخره تحركت بعد فتح قلبت ألفا.
الفوائد:
- حجاج قريش:
حفظ لنا التاريخ أن رجال قريش، مثل عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبي سفيان والنضر بن الحارث، وأبي جهل وعبد اللّه بن أمية، وأمية بن خلف وأبي البختري، والوليد بن المغيرة وغيرهم، لما عجزوا عن معارضة القرآن، ولم يرضوا به معجزة، اجتمعوا- فيما ذكر ابن إسحاق وغيره- بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، ثم قال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه، فبعثوا إليه: أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلمونك فأتهم.
فجاءهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بدو، وكان حريصا، يحب رشدهم، ويعز عليه عنتهم، حتى جلس إليهم. فقالوا له:
يا محمد، إنا قد بعثنا إليك لنكلمك، وإنا واللّه ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وشتمت الآلهة، وسفّهت الأحلام، وفرقت الجماعة، فما بقي أمر قبيح الا قد جئته فيما بيننا وبينك. أو كما قالوا له، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالا، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا، فنحن نسوّدك علينا وان كنت تريد به ملكا، ملكناك علينا وان كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه، قد غلب عليك- وكانوا يسمون التابع من الجن رئيا- فربما كان ذلك، بذلنا أموالنا في طلب الطلب لك حتى نبرئك منه، أو نعذر فيك.
فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
ما بي ما تقولون. ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن اللّه بعثني إليكم رسولا، وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالات ربي، ونصحت لكم، فان تقبلوا مني ما جئتكم به، فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليّ، أصبر لأمر اللّه، حتى يحكم اللّه بيني وبينكم، أو كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: يا محمد، فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك، فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا، ولا أقل ماء، ولا أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به، فليسيّر عنا هذه الجبال التي ضيّقت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليخرق لنا فيها أنهارا كأنهار الشام، وليبعث لنا ما مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا قصيّ بن كلاب، فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول، أحق هو أم باطل، فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك، وعرفنا به منزلتك من الله تعالى، وأنه بعثك رسولا كما تقول، فقال لهم صلّى اللّه عليه وسلّم ما بهذا بعثت إليكم، إنما جئتكم من الله تعالى بما بعثني به، وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله، حتى يحكم اللّه بيني وبينكم. قالوا: فإذا لم تفعل هذا لنا فخذ لنفسك، سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، واسأله، فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة، يغنيك بها عما نراك تبغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك، إن كنت رسولا كما تزعم، فقال لهم صلّى اللّه عليه وسلّم ما أنا بفاعل، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت بهذا إليكم، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر اللّه، حتى يحكم اللّه بيني وبينكم. قالوا: فأسقط علينا كسفا من السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ذلك إلى اللّه عز وجل، إن شاء أن يفعله بكم فعل.
قالوا يا محمد: أفما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك، ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك فيعلمك بما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذا لم نقبل منك ما جئتنا به؟ انما بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل من اليمامة، يقال له الرحمن، وإنا واللّه لن نؤمن بالرحمن أبدا، فإنا أعذرنا إليك يا محمد، وانا واللّه لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلك أو تهلكنا.
فلما قالوا ذلك: قام عنهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وانصرف حزينا آسفا إلى أهله، لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه.
فنزل من القرآن ما نزل بحق هؤلاء المعاندين الظالمين المشركين.
.إعراب الآيات (94- 96):{وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (94) قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (95) قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (96)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (ما) نافية (منع) فعل ماض (الناس) مفعول به مقدّم منصوب (أن) حرف مصدريّ ونصب (يؤمنوا) مضارع منصوب، وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب متعلّق ب (يؤمنوا)، (جاءهم) مثل منع.. و(هم) ضمير مفعول به (الهدى) فاعل جاء مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (إلّا) أداة حصر (أن) حرف مصدريّ (قالوا) فعل ماض وفاعله الهمزة للاستفهام التعجبّي (بعث) مثل منع (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بشرا) حال من (رسولا) منصوبة (رسولا) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن يؤمنوا...) في محلّ نصب مفعول به ثان عامله منع.
والمصدر المؤوّل (أن قالوا..) في محلّ رفع فاعل منع.
جملة: (منع...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (يؤمنوا...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
وجملة: (جاءهم الهدى...) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (قالوا...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الثاني.
وجملة: (أبعث اللّه...) في محلّ نصب مقول القول.
95- (قل) فعل أمر والفاعل أنت (لو) حرف شرط غير جازم (كان) فعل ماض ناقص- ناسخ- (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بخبر مقدّم (ملائكة) اسم كان مرفوع (يمشون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (مطمنّين) حال منصوبة من فاعل يمشون اللام واقعة في جواب لو (نزّلنا) فعل ماض وفاعله (على) حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نزّل) (من السماء) جارّ ومجرور متعلّق ب (نزّلنا)، (ملكا) حال منصوبة من (رسولا) المفعول به لفعل نزّلنا.
وجملة: (قل...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (كان في الأرض ملائكة...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (يمشون...) في محلّ رفع نعت لملائكة.
وجملة: (نزّلنا...) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
96- (قل) مثل الأول (كفى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (باللّه) مجرور لفظا بالباء ومرفوع محلّا فاعل كفى (شهيدا) تمييز منصوب، (بيني) ظرف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء متعلّق ب (شهيدا).. والياء مضاف إليه الواو عاطفة (بينكم) معطوف على الظرف الأول ويعرب مثله، ويتعلّق بما تعلّق به وعلامة النصب الفتحة الظاهرة، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل والهاء ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (بعباده) جارّ ومجرور متعلّق ب (خبيرا- بصيرا).. والهاء مضاف إليه (خبيرا) خبر كان منصوب (بصيرا) خبر ثان منصوب.
وجملة: (قل...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ آخر.
وجملة: (كفى باللّه...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (إنّه كان...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (كان بعباده خبيرا...) في محلّ رفع خبر إنّ.
.إعراب الآيات (97- 98):
{وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (97) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ نصب مفعول به مقدّم (يهد) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع الفاء رابطة لجواب الشرط (هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (المهتد) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء- وقد حذفت من الرسم تخفيفا- الواو عاطفة (من يضلل) مثل من يهد، والسكون ظاهر، والفاعل هو الفاء مثل الأولى (لن) حرف نفي ونصب (تجد) مضارع منصوب، والفاعل أنت اللام حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمفعول ثان مقدّر (أولياء) مفعول به منصوب، ومنع من التنوين لانتهائه بألف التأنيث الممدودة على وزن أفعلاء (من دونه) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لأولياء والهاء مضاف إليه الواو استئنافيّة (نحشرهم) مضارع مرفوع.. و(هم) ضمير مفعول به، والفاعل نحن للتعظيم (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (نحشرهم)، (القيامة) مضاف إليه مجرور (على وجوههم) جارّ ومجرور متعلّق بحال من ضمير المفعول في (نحشرهم) أي ماشين.. و(هم) ضمير مضاف إليه (عميا) حال ثانية من الضمير منصوبة الواو عاطفة (بكما) معطوف على (عميا) وكذلك (صمّا)، (مأواهم) مبتدأ مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف.. و(هم) ضمير مضاف إليه (جهنّم) خبر المبتدأ مرفوع، ومنع من التنوين للعلميّة والتأنيث (كلّما) ظرف مبنيّ متضمّن معنى الشرط متعلّق ب (زدناهم)، (خبت) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. والتاء للتأنيث، والفاعل هي (زدناهم) فعل ماض وفاعله، و(هم) ضمير مفعول به أوّل (سعيرا) مفعول به ثان منصوب.
جملة: (يهد اللّه...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (هو المهتدي...) في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: (يضلل...) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: (لن تجد...) في محلّ جزم جواب الشرط الثاني مقترنة بالفاء.
وجملة: (نحشرهم...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (مأواهم جهنّم...) استئناف بيانيّ.
وجملة: (خبت...) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (زدناهم...) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
98- (ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ، والإشارة إلى العذاب، واللام للبعد، والكاف للخطاب (جزاؤهم) خبر مرفوع.. و(هم) مضاف إليه (الباء) حرف جرّ للسببيّة (أنّهم) حرف توكيد ونصب.. و(هم) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (كفروا) فعل ماض وفاعله (بآيات) جارّ ومجرور متعلّق ب (كفروا)، و(نا) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أنّهم كفروا..) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بالمصدر جزاؤهم.. أو بحال منه والعامل الإشارة.
الواو عاطفة (قالوا) مثل كفروا الهمزة للاستفهام التعجّبيّ- أو الإنكاريّ- (إذا) ظرف للزمن المستقبل مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجواب (كنّا) فعل ماض ناقص واسمه (عظاما) خبر كان منصوب الواو عاطفة (رفاتا) معطوف على (عظاما) منصوب الهمزة مثل الأولى (إنّا) حرف مشبّهة بالفعل.. و(نا) ضمير اسم إنّ اللام هي المزحلقة للتوكيد (مبعوثون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو (خلقا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر فهو مرادفه والعامل مبعوثون أي: مبعوثون بعثا جديدا، (جديدا) نعت ل (خلقا) منصوب.
وجملة: (ذلك جزاؤهم...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (كفروا...) في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: (قالوا...) في محلّ رفع معطوفة على جملة كفروا.
وجملة: (الشرط وفعله وجوابه...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (كنّا...) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (إنّا لمبعوثون...) لا محلّ لها تفسير للجواب المقدّر أي: أإذا كنّا عظاما.. نبعث من جديد.
الصرف:
(خبت)، فيه إعلال بالحذف، أصله خبات، التقى ساكنان فحذف حرف العلّة، وزنه فعت.
البلاغة:
- الالتفات:
في قوله تعالى: (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ).
فيه التفات من الغيبة إلى التكلم للإيذان بكمال الاعتناء بأمر الحشر.
.إعراب الآية رقم (99):
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (99)}.
الإعراب:
الهمزة للاستفهام الواو استئنافيّة (لم) حرف نفي وجزم (يروا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (أنّ) حرف توكيد ونصب (اللّه) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوب (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت للفظ الجلالة (خلق) فعل ماض، والفاعل هو (السموات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (الأرض) معطوف على السموات بالواو منصوب (قادر) خبر مرفوع (على) حرف جرّ (أن) حرف مصدريّ ونصب (يخلق) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (مثلهم) مفعول به منصوب.. و(هم) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أنّ اللّه.. قادر) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يروا..
والمصدر المؤوّل (أن يخلق) في محلّ جرّ ب (على) متعلّق ب (قادر).
الواو عاطفة (جعل) فعل ماض، والفاعل هو اللام حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (أجلا) مفعول به منصوب (لا) نافية للجنس (ريب) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب (في) حرف جرّ الهاء ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا الفاء عاطفة (أبي) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر (الظالمون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو (إلّا) للحصر (كفورا) مفعول به منصوب.
جملة: (لم يروا...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (خلق...) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (يخلق...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
وجملة: (جعل...) لا محلّ لها معطوفة على استئنافيّة.
وجملة: (لا ريب) في محلّ نصب نعت ل (أجلا).
وجملة: (أبى الظالمون...) لا محلّ لها معطوفة على جملة جعل.
.إعراب الآية رقم (100):
{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (100)}.
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت (لو) حرف شرط غير جازم (أنتم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف يفسّره ما بعده، (تملكون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (خزائن) مفعول به منصوب (رحمة) مضاف إليه مجرور (ربّي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء.. والياء ضمير مضاف إليه (إذا)- بالتنوين- حرف جواب اللام واقعة في جواب لو (أمسكتم) فعل ماض وفاعله (خشية) مفعول لأجله منصوب (الإنفاق) مضاف إليه مجرور الواو استئنافيّة (كان) فعل ماض ناقص (الإنسان) اسم كان مرفوع (قتورا) خبر كان منصوب.
جملة: (قل...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (تملكون) المقدّرة في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (تملكون الظاهرة) لا محلّ لها تفسيريّة.
وجملة: (أمسكتم...) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: (كان الإنسان قتورا) لا محلّ لها استئنافيّة فيها معنى التعليل.
الصرف:
(قتورا)، صفة مشبّهة من (قتر) الثلاثيّ باب نصر وباب ضرب، وزنه فعول بفتح الفاء.
الفوائد:
1- يرى النحاة، أن الشرط لا يتعلق الا بالأفعال، لأن الفعل يتصف بالحدوث، ولذلك يتعلق الشرط على وقوع الحدث أما الاسم، فهو ثابت ومجرد عن معنى الحدوث.
لذلك رأوا أنه إذا دخل اسم الشرط أو حرفه على الاسم، فنحن بحاجة أن نقدر فعلا محذوفا يقع بين أداة الشرط والاسم المباشر لها.
وقد ورد عن بعضهم قوله: (لو ذات سوار لطمتني) والتقدير (لو لطمتني ذات سوار).
2- بعض المتأخرين من النحاة، رأى أن يعامل (إذا) عند ما تنون معاملة (إذ) عند ما تنون أيضا. وكلا التنوينين في (إذا) و(إذ) هو تنوين العوض وهو عوض عن جملة محذوفة، حلّ التنوين محلها، وتفهم من سياق الكلام.
وأتبعوا كلامهم هذا بأن (إذا) المنونة ليست الناصبة للفعل المضارع، لأنها تدخل على الفعل الماضي، كما تدخل على الاسم.
وممن رأى هذا الرأي أبو حيان والزركشي وغيرهما وليس ذلك ببعيد.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ