الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

موسوعة المفاهيم الإسلامية : القول بالموجَب

القول بالموجَب

لغة: الموجب مأخوذ من: أوجب يوجب ، أى: أتى بموجبه من السيئات أو الحسنات ، وأوجب الرجل: إذاعمل عملا يوجب الجنة أوالنار(1).
واصطلاحا: تسليم ما جعله المستدل موجبا لعلته مع استبقاء الخلاف (2).
ومعنى ذلك: أنما يسلم الخصم الدليل الذى اسستدل به المستدل ، إلا أنه يقول: هذا الدليل ليس فى محل النزاع إنما هو فى غيره ، فيبقى الخلاف بينهما كقول الشافعى: المحرم إذا مات لم يغسل ، ولم يمس بطيب ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رجل مات وهو محرم: (لا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا)(3).
فيقول المالكى: سلمنا ذلك فى لك الرجل ، وإنما النزاع فى غيره ،لأن اللفظ لم يرد و بصيغة العموم (4).
والقول بالموجب من قوادح العلة، والموجب بفتح الجيم أى: القول بما أوجبه دليل المستدل واقتضاه ، أما الموجب بكسرها فهو: الدليل المقتضى للحكم ،وهو غير مختص بالقياس ،ومنه الآيه الكريمة {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل}المنافقون:8 ، فقد ذكرها رأس النفاق ابن سلول وقت أن كان المسلمون فى غزوة بنى المصطلق ، فقال: لئن رجعنا إلى المدينة من هذه الغزوة ليخرجن الأعز -يقصد نفسه- منها الأذل يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأجابه الله تبارك وتعالى بموجب قوله مع عدم تسليمه له فقال تعالى {ولله العزه ولرسوله وللمؤمنين}المنافقون:8.
فإنه لما ذكر صفة، وهى العزة، وأثبت لها حكما ، وهو الإخراج من المدينة، رد عليه رب العزة تبارك وتعالى بأن هذه الصفة ثابتة لكن لا لمن أراد ثبوتها له ، فإنها ثابتة لغيره باقية على اقتضائها للحكم وهو الإخراج ، فالعزة موجودة لكن لا له بل لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين (5).
وجمهور الأصوليين على أن القول بالموجب قادح فى العلة مفسد لها، ومن صرح بذلك إمام الحرمين ، وابن السمعانى، والفخر الرازى، والآمدى، لأن المعترض إذا قال بموجب العلة أصبحت فى موضع الإجماع ،ولا تكون متناولة لوضع الخلاف ، ولأنه إذا كان تسليم موجب ما ذكره من الدليل لايرفع الخلاف ، علم أن ما ذكره ليس بدليل الحكم الذى أراد إثباته.
ونقل الرركشى عن ظاهر كلام الجدليين أنه ليس من قوادح العلة، لأن القول بموجب الدليل تسليم فكيف يكون مفسدا(6).
أ.د/على جمعه محمد
__________

الهامش:
1- لسان العرب لابن منظور 6 /4766،4767 دار المعارف ، المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية 2 /1012 ، دار المعارف 1972م.
2- الإيضاح لقوانين الاصطلاح فى الجدل والمناظرة الجوزى ص335 تحقيق محمود الدغيم مدبولى 1995م.
3- هذا الحديث متفق عليه: أخرجه البخارى فى كتاب الجنائز رقم (1265) و(1266) و (1267) و(1268) ، مسلم فى كتاب الحج رقم (1206) من رواية ابن عباس.
4- تقريب الوصول إلى علم الأصول لابن جزى الغرناطى تحقيق محمد المختار الشنقيطى ص385 مكتبة ابن تيمية ط1 ، 1414هـ.
5- تشنيف المسامع بجمع الجوامع للزركشى 4 /361 ومابعدها مؤسسة قرطبة طبعة1 ، 1998م شرح المحلى على جمع الجوامع 2 /316 طبعة مصطفى الحلبى غايه الوصول شرح لب الأصول ، للشيخ زكريا الأنصارى ، ص131 طبعة عيسى الحلبى وشركاه.
6- البحر المحيط للزركشى 5 /297 ومابعدها طبعة وزارة الأوقاف بالكويت 1990م ، تقريب الوصول إلى علم الأصول لابن جزى هامش ص385 ، ص386 مكتبه ابن تيمية 1414هـ.
مراجع الاستزادة:
1- الفائق فى أصول الفقه لصفى الدين الهندى تحقيق د/على العميرين 4 /249 وما بعدها طبعة السعودية.
2- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول تحقيق د/شعبان محمد إسماعيل 2 /222 وما بعدها دار الكتبى طبعة1 ، 1993م.
3- الكافية فى الجدل لأبى المعالى الجوينى تحقيق د/فوقية حسين محمود، ص161 عيسى الحلبى وشركاه 1979م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ