السبت، 21 أبريل 2012

موسوعة السيرة النبوية : أخبار عن المنافقين فى المدينة

أخبار عن المنافقين فى المدينة


شقاء عبدالله بن أبي ، وأبي عامر بن صيفي
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة - كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة - وسيد أهلها عبدالله بن أبي بن سلول العوفي ، ثم أحد بن الحبلى ، لا يختلف عليه في شرفه من قومه اثنان ، لم تجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين ، حتى جاء الإسلام ، غيره ، ومعه في الأوس رجل ، هو في قومه من الأوس شريف مطاع ، أبو عامر عبد عمرو بن صيفي بن النعمان ، أحد بني ضبيعة بن زيد ، وهو أبو حنظلة ، الغسيل يوم أحد ، وكان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح ، وكان يقال له ‏‏:‏‏ الراهب ‏‏.‏‏ فشقيا بشرفهما وضرَّهما ‏‏.‏‏
نفاق ابن أبي
فأما عبدالله بن أُبي فكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ثم يملكوه عليهم ، فجاءهم الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم ، وهم على ذلك ‏‏.‏‏ فلما انصرف قومه عنه إلى الإسلام ضغن ، ورأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استلبه ملكا ‏‏.‏‏ فلما رأى قومه قد أبوا إلا الإسلام دخل فيه كارها مصرا على نفاق وضغن ‏‏.‏‏
 كفر أبي عامر بن صيفي
وأما أبو عامر فأبى إلا الكفر والفراق لقومه حين اجتمعوا على الإسلام ، فخرج منهم إلى مكة ببضعة عشر رجلا مفارقا للإسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما حدثني محمد بن أبي أمامة عن بعض آل حنظلة بن أبي عامر - ‏‏:‏‏ لا تقولوا ‏‏:‏‏ الراهب ، ولكن قولوا ‏‏:‏‏ الفاسق ‏‏.‏‏
 جزاء بن صيفي لتعريضه به صلى الله عليه وسلم
قال ابن اسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني جعفر بن عبدالله بن أبي الحكم ، وكان قد أدرك وسمع ، وكان راوية ‏‏:‏‏ أن أبا عامر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ، قبل أن يخرج إلى مكة ، فقال ‏‏:‏‏ ما هذا الدين الذي حئت به ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ جئت بالحنيفية دين إبراهيم ، قال ‏‏:‏‏ فأنا عليها ؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ إنك لست عليها ؛ قال ‏‏:‏‏ بلى ، قال ‏‏:‏‏ إنك أدخلت يا محمد في الحنيفية ما ليس منها ، قال ‏‏:‏‏ ما فعلت ، ولكني جئت بها بيضاء نقية ؛ قال ‏‏:‏‏ الكاذب أماته الله طريدا غريبا وحيدا - يعرض برسول الله صلى الله عليه وسلم - أي أنك جئت بها كذلك ‏‏.‏‏
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ أجل ، فمن كذب ففعل الله تعالى ذلك به ‏‏.‏‏ فكان هو ذلك عدو الله ، خرج إلى مكة ، فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة خرج إلى الطائف ‏‏.‏‏ فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام ‏‏.‏‏ فمات بها طريدا غريبا وحيدا ‏‏.‏‏
 الاختصام في ميراثه إلى قيصر
وكان قد خرج معه علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب ، وكنانة بن عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفي ، فلما مات اختصما في ميراثه إلى قيصر ، صاحب الروم ‏‏.‏‏ فقال قيصر ‏‏:‏‏ يرث أهل المدر أهل المدر ، ويرث أهل الوبر أهل الوبر ، فورثه كنانة ابن عبد ياليل بالمدر دون علقمة ‏‏.‏‏
فقال كعب بن مالك لأبي عامر فيما صنع ‏‏:‏‏
معاذ الله من عمل خبيث * كسعيك في العشيرة عبد عمرو
فإما قلت لي شرف ونخل * فقد ما بعتَ إيمانا بكفر
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويروى ‏‏:‏‏
فإما قلت لي شرف ومال
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وأما عبدالله بن أُبي فأقام على شرفه في قومه مترددا ، حتى غلبه الإسلام ، فدخل فيه كارها ‏‏.‏‏
 تعرض ابن أبي له صلى الله عليه وسلم ، وغضب قومه منه
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني محمد بن مسلم الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن أسامة بن زيد بن حارثة ، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ‏‏:‏‏ ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة يعوده من شكو أصابه على حمار عليه إكاف ، فوقه قطيفة فدكية مختطمة بحبل من ليف ، وأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فمر بعبدالله بن أبي ، وهو في ظل مزاحم أُطُمِه ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ مزاحم ‏‏:‏‏ اسم الأطم ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحوله رجال من قومه ، فلما رآه رسول الله تذمم من أن يجاوزه حتى ينزل ، فنزل فسلم ثم جلس قليلا فتلا القرآن ودعا إلى الله عز وجل ، وذكر بالله وحذر ، وبشر وأنذر قال ‏‏:‏‏ وهو زام لا يتكلم ، حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقالته ، قال ‏‏:‏‏ يا هذا ، إنه لا أحسن من حديثك هذا إن كان حقا فاجلس في بيتك فمن جاءك له فحدثه إياه ، ومن لم يأتك فلا تغُتَّه به ، ولا تأته في مجلسه بما يكره منه ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فقال عبدالله بن رواحة في رجال كانوا عنده من المسلمين ‏‏:‏‏ بلى ، فاغشنا به ، وائتنا في مجالسنا ودورنا وبيوتنا ، فهو والله مما نحب ، ومما أكرمنا الله به وهدانا له ، فقال عبدالله بن أبي حين رأى من ‏‏(‏‏ خلاف قومه ما رأى ‏‏:‏‏
متى ما يكن مولاك خصمك لا تزل * تذل ويصرعْك الذين تُصارع
وهل ينهض البازي بغير جناحه * وإن جُذ يوما ريشه فهو واقع
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ البيت الثاني عن غير ابن إسحاق ‏‏.‏‏
 غضبه صلى الله عليه وسلم من قول ابن أبي
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن أسامة ، قال ‏‏:‏‏ وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل على سعد بن عبادة ، وفي وجهه ما قال عدو الله ابن أبي ، فقال ‏‏:‏‏ والله يا رسول الله إني لأرى في وجهك شيئا ، لكأنك سمعت شيئا تكرهه ؛ قال ‏‏:‏‏ أجل ، ثم أخبره بما قال ابن أبي ، فقال سعد ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، ارفق به ، فوالله لقد جاءنا الله بك ، وإنا لننظم له الخرز لنتوِّجه ، فوالله إنه ليرى أن قد سلبته ملكا