الثلاثاء، 24 أبريل 2012

موسوعة السيرة النبوية : قصة أصحاب الأخدود

قصة أصحاب الأخدود


خبر عبدالله بن الثامر ، و قصة أصحاب الأخدود
 فيميون و عبدالله بن الثامر واسم الله الأعظم
قال ابن إسحاق ‏‏‏:‏‏‏ وحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي، وحدثني أيضا بعض أهل نجران عن أهلها ‏‏‏:‏‏‏
أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأوثان ، وكان في قرية من قراها قريبا من نجران - ونجران ‏‏‏:‏‏‏ القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد - ساحر يعلم غلمان أهل نجران السحر ، فلما نزلها فيميون - ولم يسموه لي باسمه الذي سماه به وهب بن منبه ، قالوا ‏‏‏:‏‏‏ رجل نزلها - ابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التي بها الساحر ، فجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم إلى ذلك الساحر يعلمهم السحر فبعث إليه الثامر ابنه عبدالله بن الثامر ، مع غلمان أهل نجران فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى منه من صلاته وعبادته ، فجعل يجلس إليه ، ويسمع منه ، حتى أسلم ، فوحد الله وعبده ، وجعل يسأله عن شرائع الإسلام ، حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن الاسم الأعظم ، وكان يعلمه ، فكتمه إياه ، وقال له‏‏‏:‏‏‏ يا ابن أخي ، إنك لن تحمله ، أخشى عليك ضعفك عنه ، والثامر أبو عبدالله لا يظن إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان ، فلما رأى عبدالله أن صاحبه قد ضن به عنه ، وتخوف ضعفه فيه ، عمد إلى قداح فجمعها ، ثم لم يبق لله اسما يعلمه إلا كتبه في قدح ، و لكل اسم قدح ، حتى إذا أحصاها أوقد لها نارا ، ثم جعل يقذفها فيها قدحا قدحا، حتى إذا مر بالاسم الأعظم قذف فيها بقدحه ، فوثب القدح حتى خرج منها لم تضره شيئا ، فأخذه ثم أتى صاحبه فأخبره بأنه قد علم الاسم الذي كتمه ؛ فقال ‏‏‏:‏‏‏ وما هو ‏‏‏؟‏‏‏ قال ‏‏‏:‏‏‏ هو كذا وكذا ؛ قال ‏‏‏:‏‏‏ وكيف علمته ‏‏‏؟‏‏‏ فأخبره بما صنع ؛ قال ‏‏‏:‏‏‏ أَيِ ابنَ ‏‏أخي ، قد أصبته فأمسك على نفسك وما أظن أن تفعل ‏‏‏.‏‏‏
 عبدالله بن الثامر يدعو إلى التوحيد
فجعل عبدالله بن الثامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضر إلا قال يا عبدالله ، أتوحد الله وتدخل في ديني وأدعو الله فيعافيك مما أنت فيه من البلاء‏‏‏؟‏‏‏ فيقول ‏‏‏:‏‏‏ نعم ؛ فيوحد الله ويسلم ، ويدعو له فيشفى ‏‏‏.‏‏‏ حتى لم يبق بنجران أحد به ضر إلا أتاه الله فاتبعه على أمره ، ودعا له فعوفي حتى رفع شأنه إلى ملك نجران ، فدعاه فقال له ‏‏‏:‏‏‏ أفسدت علي أهل قريتي ، وخالفت ديني ودين أبائي ، لأمثلن بك ؛ قال ‏‏‏:‏‏‏ لا تقدر على ذلك ‏‏‏.‏‏‏
قال ‏‏‏:‏‏‏ فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح على رأسه فيقع إلى الأرض ليس به بأس ؛ وجعل يبعث به إلى مياه بنجران ، بحُور لا يقع فيها شيء إلا هلك ، فيلقى فيها ‏‏فيخرج ليس به بأس ‏‏‏.‏‏‏
فلما غلبه قال له عبدالله بن الثامر ‏‏‏:‏‏‏ إنك والله لن تقدر على قتلي حتى توحد الله فتؤمن بما آمنت به ، فإنك إن فعلت ذلك سلطت علي فقتلتني ‏‏‏.‏‏‏ قال ‏‏‏:‏‏‏ فوحد الله تعالى ذلك الملك ، وشهد شهادة عبدالله بن الثامر ، ثم ضربه بعصا في يده فشجه شجة غير كبيرة ، فقتله ، ثم هلك الملك مكانه؛ واستجمع أهل نجران على دين عبدالله بن الثامر ، وكان على ما جاء به عيسى بن مريم من الإنجيل وحكمه ، ثم أصابهم مثل ما أصاب أهل دينهم من الأحداث ، فمن هنالك كان أصل النصرانية بنجران ، والله أعلم بذلك‏‏‏.‏‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏‏:‏‏‏ فهذا حديث محمد بن كعب القرظي ، وبعض أهل نجران عن عبدالله بن الثامر ، والله أعلم أي ذلك كان ‏‏‏.‏‏‏
 ذو نواس يدعو أهل نجران إلى اليهودية
فسار إليهم ذو نواس بجنوده ، فدعاهم إلى اليهودية ، وخيرهم بين ذلك والقتل ، فاختاروا القتل ، فخد لهم الأخدود ، فحرق من حرق بالنار ، وقتل من قتل بالسيف ومثل بهم حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا ، ففي ذي نواس وجنده تلك أنزل الله تعالى على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ‏‏‏:‏‏‏ ‏‏‏(‏‏‏ قتل أصحاب الأخدود ، النار ذات الوقود ، إذ هم عليها قعود ، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ‏‏‏)‏‏‏ ‏‏‏.‏‏‏
 تفسير الأخدود
قال ابن هشام ‏‏‏:‏‏‏الأخدود ‏‏‏:‏‏‏ الحفر المستطيل في الأرض ، كالخندق والجدول ونحوه ، وجمعه أخاديد ‏‏‏.‏‏‏
قال ذو الرمة ، واسمه غيلان بن عقبة ، أحد بني عدي بن عبد مناف بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر ‏‏‏:‏‏‏
من العراقية اللاتي يحيل لها * بين الفلاة وبين النخل أخدود
يعني جدولا ‏‏‏.‏‏‏ وهذا البيت في قصيدة له ‏‏‏.‏‏‏ قال ‏‏‏:‏‏‏ ويقال لأثر السيف والسكين في الجلد وأثر السوط ونحوه ‏‏‏:‏‏‏ أخدود ، وجمعه أخاديد ‏‏‏.‏‏‏
 نهاية عبدالله بن الثامر
قال ابن إسحاق ‏‏‏:‏‏‏ ويقال ‏‏‏:‏‏‏ كان فيمن قتل ذو نواس عبدالله بن الثامر ، رأسهم وإمامهم ‏‏‏.‏‏‏
 ما يروى عن ابن الثامر في قبره
قال ابن إسحاق ‏‏‏:‏‏‏ حدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه حدث ‏‏‏:‏‏‏
أن رجلا من أهل نجران كان في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حفر خربة من خرب نجران لبعض حاجته ، فوجدوا عبدالله بن الثامر تحت دفن منها قاعدا ، واضعا يده على ضربة في رأسه ، ممسكا عليها بيده ، فإن أخرت يده عنها تنبعث دما ، وإذا أرسلت يده ردها عليها ، فأمسكت دمها ، وفي يده خاتم مكتوب فيه ‏‏‏:‏‏‏ ‏‏‏(‏‏‏ ربي الله ‏‏‏)‏‏‏ فكتب فيه إلى عمر بن الخطاب يخبر بأمره ، فكتب إليهم عمر رضي الله عنه ‏‏‏:‏‏‏ أن أقروه على حاله ، وردوا عليه الدفن الذي كان عليه ، ففعلوا