الأربعاء، 14 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الجهاد : الكذب والخداع عند الحرب


الكذب والخداع عند الحرب

يجوز في الحرب الخداع والكذب لتضليل العدو ما دام ذلك لم يشتمل على نقض عهد أو إخلال بأمان.
ومن الخداع أن يخادع القائد الاعداء بأن يوهمهم بأن عدد جنوده كثرة كاثرة وعتاده قوة لا تقهر.
وفي الحديث الذي رواه البخاري عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحرب خدعة».
وأخرج مسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، قالت:
لم أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب مما يقول الناس إلا في الحرب، والاصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها الفرار من المثلين تقدم انه يحرم الفرار أثناء الزحف إلا في إحدى الحالتين: التحرف للقتال، أو التحيز إلى فئة.

وبقي أن نقول: إنه يجوز الفرار أثناء الحرب إذا كان العدو يزيد على المثلين، فإن كان مثلين فما دونهما فإنه يحرم الفرار، يقول الله عزوجل: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين}.
قال في المهذب: إن زاد عددهم على مثلي عدد المسلمين، جاز الفرار.
لكن إن غلب على ظنهم أنهم لا يهلكون، فالافضل الثبات.
وإن ظنوا الهلاك، فوجهان: الأول يلزم الانصراف، لقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}.
الثاني فيستحب ولا يجب، لأنهم أن قتلوا فازوا بالشهادة.
وإن لم يزد عدد الكفار على مثلي عدد المسلمين، فإن لم يظنوا الهلاك لم يجز الفرار، وإن ظنوا فوجهان:
يجوز لقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}.
ولايجوز، وصححوه، لظاهر الآية.
وقال الحاكم: إن ذلك يرجع إلى ظن المقاتل واجتهاده، فإن ظن المقاومة لم يحل الفرار، وإن ظن الهلاك جاز الفرار إلى فئة وإن بعدت، إذا لم يقصد الاقلاع عن الجهاد.
وذهب ابن الماجشون ورواه عن مالك إلى: أن الضعف إنما يعتبر في القوة لا في العدد، وأنهيجوز أن يفر الواحد عن واحد إذا كان أعتق جوادا منه، وأجود سلاحا، وأشد قوة وهذا هو الاظهر.