الأربعاء، 21 مارس 2012

موسوعة العقيدة - الإلهيات - صفات المعانى : أسماء الله الحسنى

أسماء الله الحسنى

وصف الله تعالى لأسمائه
وصف الله أسماءه (1) بالحسنى في أربع آيات من القرآن الكريم :ـ
        • { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون (180) } [ الأعراف ]
        • { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [ الإسراء / 110].
        • { الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى (8) } [ طه ].
        • { هو الله الخالق الباري المصور له الأسماء الحسنى} [الحشر/24]
وقد ورد في سبب نزول الآية الأولى أن أحد الصحابة كان يصلي ، ويقول في صلاته : يا رحمن ، يا رحيم . فسمعه رجل من مشركي مكة فقال : أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا ، فما بال هذا يدعو اثنين ! فأنزل الله سبحانه : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه } (2).
        فبينت الآية أن لله تعالى عدة أسماء ، على المسلم أن يدعو الله بها ويسميه بها ، ويثني عليه بها ، ويناديه بها إذا أراد شيئا منه جل في علاه وهذه الأسماء كلها حسنى ؛ لأنها تدل على أحسن المعاني ، وعلى أكمل الصفات ، ونطلب بكل اسم منها ما يليق به فنقول : يا رحمن ارحمني ، يا هادي اهدني ، يا تواب تب علي ، يا رزاق ارزقني ، وإذا أردت اسما متضمنا جميع صفات الكمال فقل : يا الله .
        وقد ذكر الله تعالى بعض الأسماء في أواخر سورة الحشر حيث قال : {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (22) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون (23) هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم (24) } [ الحشر ].
معنى الإلحاد في أسمائه تعالى : ـ
الإلحاد هو الانحراف والميل عن القصد ، ويكون في أسمائه على النحو التالي :
        1ـ أن يوصف الله بما لا يجوز أن يوصف به ، كوصفه بالأب عند النصارى ، وبالجسمية عند الكرامية ، حيث قالوا : إن الله جسم كالأجسام .
        2ـ أن ينفي عن الله بعض أسمائه التي ثبتت له ، كما يفعله الشيعة الباطنية الغلاة.
        3ـ أن يشتق من أسمائه صفة ، وتطلق على غيره كالأصنام ، كتسمية الصنم باللات من لفظ الجلالة (الله) ، والعزى من اسمه (العزيز) أو مناة من اسمه (المنان).
المراجع والهوامش
ـ
        1ـ الاسم هو اللفظ الموضوع لمعنى المتجرد عن الزمان ، والمسمى هو المعنى الذي وضع الاسم بإزائه ، والتسمية وضع الاسم للمعنى ، فهي أمور ثلاثة متغايرة ـ انظر شرح المقاصد 2/124 ـ وتفسير الرازي1/108
        2ـ تفسير القرطبي ص 2761 ط الشعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدد الأسماء الحسنى
عدد أسمائه الحسنى : ـ
روى الشيخان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن لله تسعة وتسعن اسما ـ مائة إلا واحدا ـ من أحصاها دخل الجنة"(1).
وقد انقسم العلماء تجاه هذا الحديث إلى فريقين : ـ
الفريق الأول : يرى أنه ليس لله تعالى أسماء إلا هذه التسعة والتسعين اسما ، والغرض من الحديث تحديد عدد أسماء الله ، وحصرها في هذا العدد ومن هذا الفريق الإمام ابن حزم .
وهذه الأسماء حسب رواية الترمذي عن أبي هريرة هي :
( هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوي ، المتين ، الولي ، الحميد ، المحصي، المبدئ ، المعيد ، المحي ، المميت ، الحي ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرءوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور ) (2).
الفريق الثاني : يرى أن لله تعالى أسماء أكثر من هذا العدد المذكور في الحديث ،وليس المراد من الحديث الإخبار بعدد الأسماء ، وحصرها في هذا العدد ، إنما المراد من الحديث الإخبار بأن من أحصى هذه الأسماء دخل الجنة .
ولا يجوز أن نسمى الله إلا بما ورد في القرآن الكريم ، أو السنة المطهرة (3) ، أو أجمع العلماء على جواز إطلاقه ، حتى ولو كان معناه صحيحا وهذا معنى قول العلماء : " أسماء الله توقيفية ".
فلا يقال : من أسمائه (الموجد) لأنه لم يرد في الشرع ، وإن كان معناه صحيحا . وإنما يقال : هو (الخالق) لوروده في الشرع ، ولا يقال (الله سخي ) بل يقال : ( جواد كريم ) ولا يقال : ( الله شفيق ) بل يقال: (رحيم) وهكذا.
هذا بالنسبة للأسماء ، وقد يتسامح في الصفات ما لا يتسامح في الأسماء فتقول من صفاته تعالى : أنه صانع العالم ، وموجده ، ومدبره . وهكذا . طالما أن الوصف يدل على الكمال.
والدليل على أن أسماء الله أكثر من تسعة وتسعين ما يلي :
أولا : أنه لم يثبت في حديث صحيح سرد وعد هذه الأسماء : فالحديث الذي ورد فيه ذكر الأسماء بروايتيه ضعيف . مع وجود اختلاف بين الروايتين بالزيادة والنقصان (4) . وقد رجح الإمام ابن حجر أن سرد الأسماء ليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من جمع بعض الرواة (5).
ثانيا ـ وردت أسماء لله تعالى في القرآن والسنة لم ترد في هاتين الروايتين منها : ـ
أ ـ اسم ( الرب ) وأغلب الدعاء بهذا الاسم
ب ـ اسم ( الوتر ) ففي الحديث : " وهو وتر يحب الوتر" (6)
ج ـ اسم ( المنان ) عن أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ، ورجل يصلي ، ثم دعا : " اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ـ لا إله إلا أنت المنان . بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام . يا حي يا قيوم " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعى به أجاب ، وإذا سئل به أعطى" (7).
د ـ اسم ( السبوح ) فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : " سبوح قدوس . رب الملائكة والروح"(8).
هـ ـ اسم ( مقلوب القلوب ) عن ابن عمر قال : كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ومقلب القلوب" (9).
و ـ اسم ( الشافي ) عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه . ثم قال : " اذهب الباس . رب الناس ، واشف أنت الشافي" (10).
ثالثا ـ بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يصرح بأن لله أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده ، وله أسماء قد يكشف عنها لبعض أوليائه وأحبابه :
فعن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصاحب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك . عدل في قضاؤك . أسألك بكل اسم هو لك . سميت به نفسك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك. أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي . إلا أذهب الله همه وحزنه ، وأبدله مكانه فرجا . قال : فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ فقال : بلى . ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها " (11).
فهذا الحديث واضح في أن أسماء الله تعالى أكثر من تسعة وتسعين.
المراجع والهوامش
ـ
1ـ رواه البخاري في التوحيد ـ الفتح 13/377 ومسلم في الذكر والدعاء 4/2062
2ـ رواه الترمذي في الدعوات 5/530 ـ المقيت : أي خالق الأقوات ، الحسيب : أي المحاسب عباده ، الواسع : الذي لا حدود لمعاني أسمائه وصفاته . المجيد : أي جميل الأفعال كثير الأفضال ، الحق : أي الثابت الذي لا يزول ، الولي : المتولي أمور خلقه ، الواجد : أي الغني ، الصمد : أي المقصود في الحاجات ، المقسط:العادل في حكمه ، النور: الظاهر وجوده المظهر لوجود غيره. الرشيد : المرشد لعباده . الصبور
الذي لا يعجل العقوبة .
3ـ من العلماء من اشترط ورود (الاسم) في السنة ( المتواترة / لأن هذا الأمر يرجع إلى اعتقاد ما يجوز أو يستحيل على الله تعالى . وبعضهم اكتفى بخبر ( الآحاد ) لأن اطلاق الاسم مسألة عملية يكفي في ثبوتها حديث الآحاد.
4ـ سنن ابن ماجه ك الدعاء 2/1269
5ـ فتح الباري 11/215
6ـ رواه البخاري في الدعوات ـ الفتح 11/214
7ـ رواه أبو داود في الصلاة 2/167
8ـ رواه مسلم في الصلاة 1/353
9ـ رواه البخاري في الأيمان والنذور ـ الفتح 11/522
10ـ رواه مسلم في السلام 4/1721
11ـ أخرجه أحمد في المسند 1/391 والحاكم في المسند ك1/509
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى إحصاء الأسماء : ـ
ذكر العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم " من أحصاها دخل الجنة " عدة معاني : ـ
1ـ المراد من الإحصاء العد والحفظ : أي من عدها وحفظها ، ودعا الله بها كلها ، ولم يقتصر على الدعاء ببعضها استحق الثواب الموعود به ، وذلك بشرط إيمانه . قال البخاري : ( أحصيناه حفظناه )(1).
2ـ المراد بالإحصاء الإطاقة : كما في قوله تعالى : { علم أن لن تحصوه } أي لن تطيقوه ، فمن أحصاها أي من أطاق القيام بحق هذه الأسماء ، فإذا قال : (الحكيم) سلم جميع أوامره ، لأنها على مقتضى حكمته ، وإذا قال (القدوس) نزه الحق عن جميع النقائص والمعايب ، وإذا قال : ( الرازق ) وثق بالرزق ، وهكذا ..
3ـ المراد بالإحصاء الإحاطة : من قول العرب : فلان ذو حصاة أي عقل ومعرفة ، فعلى المسلم أن يبذل غاية جهده بأسمائه تعالى من الكتاب والسنة.
4ـ المراد بالإحصاء العمل بمقتضى الأسماء : فما يسوغ الاقتداء بمعناه اقتدى به ، كالرحيم والكريم والعفو ، وما يختص منها به تعالى، يقر العبد به ويخضع له ، كالجبار والمتكبر والأحد ، وما كان فيه معنى الوعد ، رغب العبد فيه ، وتطلع إليه ، كالوهاب والولي واللطيف ، وما فيه معنى الوعيد ، خشى منه وخاف ، كالمنتقم والمذل والقهار.
المرجع والهوامش
ـ
1ـ الفتح 13/377
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمور مهمة تتعلق بأسمائه الحسنى : ـ
الأمر الأول : ـ
ثبوت الأسماء الحسنى يدل على ثبوت صفاته العليا دون العكس ، فلا يلزم من ثبوت الصفة أن له اسما من جنسها .
فثبوت اسمه ( العليم ) يدل على ثبوت صفة العلم . قال تعالى : {والله بكل شئ عليم (282) } [ البقرة ] وقال : { ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء } [ البقرة /255] فالآية الأولى أثبتت الاسم ، والثانية الصفة.
وقال تعالى : { وهو الغفور الرحيم (107)} [ يونس ] وقال : {وربك الغفور ذو الرحمة} [ الكهف /58] فدلت الآية الثانية على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة . وأجمع أهل اللغة على أنه لا يقال عليم إلا لمن له علم . ولا رحيم إلا لمن له رحمة .
لكن إذا وردت الصفة . فلا يلزم أن يكون له اسم من جنسها . قال تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} [ التوبة /6] فالآية دلت على ثبوت صفة الكلام ، لكن لم يرد ضمن أسمائه الحسنى : المتكلم .
الأمر الثاني : ـ
سمى الله نفسه بأسماء ، وسمى بها بعض خلقه ، وسمى صفاته بأسماء ، وسمى ببعضها صفات خلقه ، وليس المسمى كالمسمى :
1ـ فسمى نفسه : حيا ، عليما ، حليما ، رءوفا ، رحيما ، سميعا ، بصيرا ، عزيزا ، ملكا ، مؤمنا ، جبارا ، متكبرا .
وقد سمى بعض عباده بهذه الأسماء فقال:{ يخرج الحي من الميت} [ الأنعام /95 والروم /19] ، { وبشروه بغلام عليم (28)} [الذاريات] ، { فبشرناه بغلام حليم (101)} [ الصافات ] ، { بالمؤمنين رءوف رحيم (128) } [ التوبة ] { فجعلناه سميعا بصيرا (2)} [الإنسان] ، {قالت امرأت العزيز } [ يوسف/ 51] ، { وكان وراءهم ملك } [الكهف/79] ، { أفمن كان مؤمنا } [ السجدة /18] ، { كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار (35) } [ غافر].
ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي ، ولا العليم العليم ، ولا العزيز العزيز ، وكذلك سائر الأسماء.
2ـ وسمى بعض صفاته علما وقوة . فقال : { أنزله بعلمه } [النساء /166] ، وقال : { أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة } [فصلت /15] ، وقال : { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (58)} [الذاريات ].
وأطلق هذه الصفات على خلقه . فقال عن يعقوب عليه السلام : {وإنه لذو علم لما علمناه } [ يوسف / 68] وقال تعالى : { ويزدكم قوة إلى قوتكم } [ هود/52] وقال : { إنه لقول رسول كريم (19) ذي قوة عند ذي العرش مكين (20)} [ التكوير]
ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم ، ولا القوة كالقوة .
الأمر الثالث : ـ
الاسم إذا كان جامدا ، لا يتضمن معنى حسنا ، فليس من أسمائه الحسنى مثل ( الدهر) . فهو اسم جامد للوقت والزمن . قال تعالى عن منكري البعث : { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية /24] يريدون مرور الليالي والأيام .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : { يؤذيني ابن آدم . يسب الدهر . وأنا الدهر . بيدي الأمر،أقلب الليل والنهار}(1) فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى . وذلك أن الذين يسبون الدهر ، إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث : لا يريدون الله تعالى . فيكون معنى قوله : ( وأنا الدهر) ما فسره بقوله : ( بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار) فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه ، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار ، وهما الدهر ، ولا يمكن أن يكون المقلب ـ بكسر اللام ـ هو المقلب ـ بفتحها ـ وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مرادا به الله تعالى ؛ لأن في الحديث مجازا بالحذف.
الأمر الرابع : ـ
من أسمائه تعالى ما هو مخصوص به ، لا يجوز إطلاقه على غيره ، كالرازق ، والمحي ، والمميت ، والقدوس ، والرحمن ، ومالك الملك، وذي الجلال والإكرام .
ومنها ما يجوز إطلاقه على غيره مع اختلاف المعنى ـ كما سبق ـ مثل : الحي ، الرحيم ، الحليم .
ومن أسمائه ما يوصف به مطلقا ، ويوصف به غيره مقيدا ، كالرب ، والقابض ، والباسط ، والخافض ، والرافع .
ومن أسمائه ما يوصف الله به مدحا ، ويوصف به غيره ذما ، كالجبار ، والمتكبر.
ومن أسمائه ما لا يطلق عليه إلا مقترنا بمقابله ؛ لأنه إن أطلق وحده أوهم نقصا ، فلا نقول : ( الضار) وحده . بل نقول : الضار النافع ، ولا نقول : ( المانع ) وحده ، بل المعطي المانع ، ولا نقول : (المذل ) وحده بل : المعز المذل ، ولا نقول : ( الخافض ) وحده ، بل : الخافض الرافع .
وأسماؤه المضافة لا تطلق عليه بدون الإضافة . مثلم : { أرحم الراحمين (64) } [ يوسف ] ، { خير الغافرين (155)} [الأعراف] ، { أحسن الخالقين (14) } [ المؤمنون ] ، { مــلك يوم الدين (4) } [الفاتحة ] ، { بديع السموات والأرض } [ البقرة /117] ، { غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول } [ غافر /3] ، { جامع الناس ليوم لا ريب فيه } [ آل عمران /9] ، "مقلب القلوب"(2).
الأمر الخامس : ـ
اختلف العلماء في موضوع ( اسم الله الأعظم ) الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى . وإليك بعض ما قالوه :
1ـ أنكر بعضهم تخصيص أحد أسمائه تعالى بأنه الاسم الأعظم . وقالوا : إن كل اسم من أسمائه ، يذكره العبد مستغرقا فيه . فذلك الاسم هو الاسم الأعظم ، وحملوا ما ورد من ذكر الاسم الأعظم في السنة على أن المراد به العظيم ، وقالوا : لا يجوز تفضيل بعض أسمائه على بعض ، وممن ذهب هذا المذهب : الطبري ، والأشعري ، وابن حبان ، والباقلاني.
2ـ وذهب بعض العلماء إلى وجود الاسم الأعظم ، وانقسموا إلى فريقين :
أ ـ فريق يرى أنه غير محدد ، ولا معلوم للخلق ، مع الاعتراف بوجوده وقد استأثر الله بعلمه .
ب ـ وفريق يرى أنه معلوم للخلق ، وهؤلاء اختلفوا في تحديده على نحو أربعين قولا ، لاختلافهم في ترجيح بعض الأحاديث النبوية على بعض .
فمن قائل أنه : ( الله ) أو (الحي القيوم ) أو ( ذو الجلال والإكرام) أو ( الحنان المنان).
والذي يظهر لي أن الله قد أخفاه ضمن الأسماء الحسنى ، كي يجتهد العبد بالذكر بها كلها ، وقد يكون مركبا من أكثر من اسم من أسمائه ، فالمهم حضور القلب عند الذكر ، واستكمال شروط الدعاء، وذلك كما أخفى ليلة القدر، ليجتهد العبد في إحياء ليالي رمضان ، وكما أخفى الصلاة الوسطى ، وساعة الإجابة يوم الجمعة ، والله أعلم .

المراجع والهوامش
ـ
1ـ رواه البخاري في التوحيد ـ الفتح 13/472 رقم 7491
2ـ حديث " يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك " رواه الترمذي في الدعوات 5/538
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض الأحاديث النبوية التي وردت في اسم الله الأعظم
1ـ عن بريدة رضى الله عنه قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو ، وهو يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله ، لا إله إلا أنت ، الأحد ، الصمد ، الذي لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد.
قال : فقال : ( والذي نفسي بيده ، لقد سأل الله باسمه الأعظم ، الذي إذا دعى به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ) (1) .
قال الحافظ ابن حجر : هذا الحديث أرجح ما ورد في هذا الباب من حيث السند.
2ـ عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ، ورجل قد صلى ، وهو يدعو ، ويقول في دعائه : اللهم لا إله إلا الله ، أنت المنان ، بديع السموات والأرض ، ذو الجلال والإكرام.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتدرون بما دعا الله ؟ دعا الله باسمه الأعظم ، الذي إذا دعى به أجاب ، وإذا سئل به أعطى " (2)
3ـ عن أسماء بنت يزيد رضى الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين :
• { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم (163) } [البقرة]
• { ألم (1) الله لا إله إلا هو الحي القيوم (2) } (3) [ آل عمران]
4ـ عن سعد بن مالك رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هل أدلكم على اسم الله الأعظم ، الذي إذا دعى به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ؟ الدعوة التي دعا بها يونس : حيث نادى في الظلمات الثلاث :
* { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (87) } [الأنبياء]
فقال رجل : يا رسول الله ، هل كانت ليونس خاصة ، أم للمؤمنين عامة ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسمع قول الله عز وجل:
• { ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين (88) } (4) [الأنبياء]


المراجع والهوامش
ـ
1ـ رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .
2ـ روه كذلك أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .
3ـ رواه أبو داود والترمذي . وقال عنه : حديث حسن صحيح.
4ـ رواه الحاكم في المستدرك