الأربعاء، 14 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الجهاد : الواجب على قائد الجيش بالنسبة لجنوده


الواجب على قائد الجيش بالنسبة لجنوده


يجب على القائد بالنسبة للجنود ما يأتي:
1- مشاورتهم وأخذ رأيهم، وعدم الاستبداد بالأمر دونهم، لقول الله سبحانه: {وشاورهم في الأمر} وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشاورة لاصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم».
أخرجه أحمد والشافعي رضي الله عنهما.
2- الرفق بهم، ولين الجانب لهم، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به». أخرجه مسلم.
وروى عن معقل بن يسار أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجتهد لهم، ولا ينصح لهم، إلالم يدخل الجنة». وروى أبو داود، عن جابر رضي الله عنه.
قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف عن المسير، فيزجي الضعيف ويردف، ويدلهم».
3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى لا يتورطوا في المعاصي.
4- تفقد الجيش حينا بعد حين، ليكون على علم بجنوده، يمنع من لا يصلح للحرب من رجال وأدوات، مثل المخدل وهو الذي يزهد الناس في القتال، والمرجف الذي يطلق الشائعات، فيقول: ليس لهم مدد، ولا طاقة..
وكذلك من ينقل أخبار الجيش وتحركاته، أو يثير الفتن.
5- تعريف العرفاء.
6- عقد الالوية والرايات.
7- تخير المنازل الصالحة، وحفظ مكانها.
8- بث العيون ليعرف حال العدو.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها وكان يبث العيون ليأتوه بخبر الاعداء، وكان يرتب الجيوش، ويتخذ الرايات والالوية.
قال ابن عباس: وكانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض. رواه أبو داود.
وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قواده عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال: «بشروا، ولا تنفروا، ويسروا، ولا تعسروا».
وعنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذا إلى اليمن، فقال: «يسروا ولاتعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وتطاوعا، ولا تختلفا». رواهما الشيخان.
عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين». رواه أبو داود.

.وصية عمر رضي الله عنه:
وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهما، ومن معه من الاجناد، أما بعد: فإني آمرك ومن معك من الاجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا، لم نغلبهم بقوتنا، فاعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا أن عدونا شرمنا، فلن يسلط علينا، فرب قوم سلط عليهم شر منهم، كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفار المجوس، فجاسوا خلال الديار، وكان وعدا مفعولا، أسألوا الله العون على أنفسكم، كما تسألونه النصر على عدوكم. أسأل الله ذلك لنا ولكم.
وترفق بالمسلمين في سيرهم، ولا تجشمهم سيرا يتعبهم، ولا تقصر بهم عند منزل يرفق بهم يبلغوا عدوهم، والسفر لم ينقص قوتهم، فإنهم سائرون إلى عدو مقيم، حامي الأنفس والكراع، وأقم بمن معك في كل جمعة يوما وليلة، حتى تكون لهم راحة يحيون فيها أنفسهم، ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم، ونح منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة، فلا يدخلها من أصحابك إلامن تثق بدينه، ولا يرزأ أحدا من أهلها شيئا، فإن لهم حرمة وذمة، ابتليتم بالوفاء بها، كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم فنولوهم خيرا، ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح.
وإذا وطئت أرض العدو، فأذك العيون بينك وبينهم، ولا يخفى عليك أمرهم، وليكن عندك من العرب، أو من أهل الأرض من تمطئن إلى نصحه وصدقه، فإن الكذوب لا ينفعك خبره، وإن صدقك في بعضه والغاش عين عليك، وليس عينا لك.
وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلائع، وتبث السرايا بينك وبينهم، فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم وتتبع الطلائع عوراتهم. وانتق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك، وتخير لهم سوابق الخيل، فإن لقوا عدوا كان أول من تلقاهم القوة من رأيك، واجعل أمر السرايا إلى أهل الجهاد، والصبر على الجلاد، ولا تخص بها أحدا بهوى، فتضيع من رأيك وأمرك أكثر مما حابيت به أهل خاصتك، ولا تبعثن طليعة ولا سرية في وجه تتخوف فيه غلبة أو صنيعة ونكاية.
فإذا عاينت العدو فاضمم إليك أقاصيك، وطلائعك، وسراياك، واجمع إليك مكيدتك وقوتك، ثم لا تعاجلهم المناجزة، ما لم يستكرهك قتال، حتى تبصر عورة عدوك ومقاتله، وتعرف الأرض كلها كمعرفة أهلها، فتصنع بعدوك كصنعه بك.
ثم أذك على عسكرك، وتيقظ من البيات جهدك، ولا تمر بأسير له عقد إلا ضربت عنقه، لترهب به عدو الله وعدوك.
والله ولي أمرك ومن معك، وولي النصر لكم على عدوكم، والله المستعان. اهـ.