التطليق لعدم النفقة
ذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد إلى جواز التفريق لعدم النفقة بحكم القاضي إذا طلبته الزوجة، وليس له مال ظاهر، واستدلوا لمذهبهم هذا بما يأتي:
1- أن الزوج مكلف بأن يمسك زوجته بالمعروف أو يسرحها ويطلقها بإحسان، لقول الله سبحانه: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} ولا شك أن عدم النفقة ينافي الإمساك بمعروف.
2- أن الله تعالى يقول: {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا}.
والرسول: يقول: «لا ضرر ولا ضرار».
وأي إضرار ينزل بالمرأة أكثر من ترك الانفاق عليها.
وإن على القاضي أن يزيل هذا الضرر.
3- وإذا كان من المقرر أن يفرق القاضي من أجل الغيب بالزوج فإن عدم الانفاق يعد أشد إيذاءا للزوجة وظلما لها من وجود عيب بالزوج، فكان التفريق لعدم الانفاق أولى.
وذهب الأحناف إلى عدم جواز التفريق لعدم الانفاق سواء أكان السبب مجرد الامتناع ام الاعسار والعجز عنها ودليلهم في هذا:
1- أن الله سبحانه قال: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرا يسرا}.
وقد سئل الإمام الزهري عن رجل عاجز عن نفقة زوجته: أيفرق بينهما؟ قال: تستأني به، ولا يفرق بينهما، وتلا الآية السابقة.
2- أن الصحابة كان منهم الموسر والمعسر، ولم يعرف عن أحد منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وامرأته، بسبب عدم النفقة لفقره وإعساره.
3- وقد سأل نساء النبي صلى الله عليه وسلم النبي ما ليس عنده، فاعتزلهن شهرا، وكان ذلك عقوبة لهن، وإذا كانت المطالبة بما لا يملك الزوج تستحق العقاب، فأولى أن يكون طلب التفريق عند الاعسار ظلما لا يلتفت إليه.
4- قالوا: وإذا كان الامتناع عن الانفاق مع القدرة عليه ظلما، فإن الوسيلة في رفع هذا الظلم هي بيع ماله للانفاق منه، أو حبسه حتى ينفق عليها، ولا يتعين التفريق لدفع هذا الظلم مادام هناك وسائل أخرى، وإذا كان كذلك فالقاضي لا يفرق بهذا السبب لأن التفريق أبغض الحلال إلى الله من الزوج صاحب الحق، فكيف يلجأ القاضي إليه مع أنه غير متعين، وليس هو السبيل الوحيدة لرفع الظلم.
هذا إذا كان قادرا على الانفاق، فإن كان معسرا فإنه لم يقع منه ظلم لأن الله لا يكلف نفسا إلا ما آتاها.
مادة 5: إذا كان الزوج غائبا غيبة قريبة، فإن كان له مال ظاهر نفذ الحكم عليه بالنفقة في ماله، وإن لم يكن له مال ظاهر أعذر إليه القاضي بالطرق المعروفة، وضرب له أجلا، فإن لم يرسل ما تنفق منه زوجته على نفسها، أو لم يحضر للانفاق عليها، طلق عليه القاضي بعد مضي الاجل.
فإذا كان بعيد الغيبة لا يسهل الوصول إليه، أو كان مجهول المحل، أو كان مفقودا، وثبت أنه لا مال له تنفق منه الزوجة، طلق عليه القاضي.
وتسري أحكام هذه المادة على المسبحون الذي يعسر بالنفقة.
مادة 6: تطليق القاضي لعدم الانفاق يقع رجعيا، وللزوج أن يراجع زوجته إذا ثبت إيساره واستعد للانفاق في أثناء العدة فإذا لم يثبت إيساره ولم يستعد للانفاق لم تصح الرجعة.