الثلاثاء، 13 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الجهاد : فضل الجهاد والشهادة


فضل الجهاد والشهادة

الجهاد أفضل نوع من أنواع التطوع:
الجهاد: إعلاء لكلمة الله، وتمكين لهدايته في الأرض، وتركيز للدين الحق، ومن ثم كان أفضل من تطوع الحج، والعمرة، وأفضل من تطوع الصلاة، والصوم.
وهومع ذلك ينتظم كل لون من ألوان العبادات، سواء منها ما كان من عبادات الظاهر أو الباطن، فإن فيه من عبادات الباطن الزهد في الدنيا، ومفارقة الوطن، وهجرة الرغبات، حتى سماه الإسلام الرهبنة.
فقد جاء في الحديث: «رهبانية أمتي: الجهاد في سبيل الله».
وفيه من التضحيه بالنفس، والمال، وبيعهما لله، ما هو ثمرة من ثمرات الحب، والايمان، واليقين، والتوكل.
{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}.
وقد عظم الإسلام أمره، ونوه به في عامة السور المدنية وذم التاركين له، والمعرضين عنه، ووصفهم بالنفاق ومرض القلب.

.المجاهد خير الناس:
المجاهد خير الناس عن ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ألا أخبركم بخير الناس؟ رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله ألا أخبركم بالذي يتلوه: رجل معتزل في غنيمة له يؤدي حق الله فيها. ألا أخبركم بشر الناس: رجل يسأل باللهولا يعطي به».
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم، أي الناس أفضل؟ قال: «مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله».
قالوا: ثم من؟ قال: «مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره».
فقوله صلى الله عليه وسلم: «ثم مؤمن في شعب بن الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره» فيه دليل لمن قال بتفضيل العزلة عن الاختلاط، وفي ذلك خلاف مشهور.
فمذهب الشافعي، وأكثر العلماء، أن الاختلاط أفضل بشرط رجاء السلامة من الفتن.
ومذهب طوائف أن الاعتزال أفضل.
وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأنه محمول على الاعتزال في زمن الفتن والحروب، أو هو فيمن لا يسلم الناس منه ولا يصبر عليهم، أو نحو ذلك من الخصوص.
وقد كانت الانبياء صلوات الله عليهم، وجماهير الصحابة والتابعين والعلماء والزهاد مختلطين، فيحصلون منافع الاختلاط، كشهود الجمعة، والجماعة، والجنائز، وعيادة المرضى، وحلق الذكر، وغير ذلك.
وأما الشعب، فهو: ما انفرج بين جبلين، وليس المراد نفس الشعب خصوصا، بل المراد: الانفراد والاعتزال، وذكر الشعب مثالا، لأنه خال من الناس غالبا.
وهذا الحديث نحو الحديث الآخر، حين سئل صلى الله عليه وسلم عن النجاة، فقال: «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك».
الجنة للمجاهد روى الترمذي: أن رجلا مالت نفسه إلى العزلة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: «لا تفعل، فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة: اغزوا في سبيل الله. من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة».

.المجاهد يرتفع مائة درجة في الجنة:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أبا سعيد، من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا وجبت له الجنة».
فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعدها علي يا رسول الله، ففعل.
ثم قال: «وأخرى يرفع بها العبد مائة درحة في الجنة ما بين كل درجتين، كما بين السماء والأرض».
قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: «الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، مابين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة».
الجهاد لا يعد له شئ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله عزوجل؟ قال: «لا تستطيعونه».
فأعاد عليه مرتين، أو ثلاثا، كل ذلك يقول «لا يستطيعونه».
وقال في الثالثة: «مثل المجاهد في سيبل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لايفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله» رواه الخمسة.

.فضل الشهادة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يكلم أحد في سيبل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيل الله - إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك».
قال محمد بن إبراهيم: أملى علي عبد الله بن المبارك حين ودعته للخروج هذه الابيات، وأرسلها معي إلى الفضيل بن عياض:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ** لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه ** فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ** فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ** وهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ** قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبار أهل الله ** في أنف امرئ ودخان نارٍ تَلهبُ
هذا كتاب الله ينطق بيننا ** ليس الشهيد بميت لا يكذب
قال: فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام، فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن، ونصحني، ثم قال: أأنت ممن يكتب الحديث؟ قلت: نعم.
قال: فاكتب هذا الحديث، أجر حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا.
وأملى علي الفضيل بن عياض: حدثنا منصور بن المعتمر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: «يا رسول الله علمني عملا أنال به ثواب المجاهدين في سبيل الله فقال: هل تستطيع أن تصلي فلاتفتر، وتصوم فلا تفطر؟ فقال: يا رسول الله، أنا أضعف من أن أستطيع ذلك ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: فوالذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله أو ما علمت أن المجاهد ليستن في طوله فيكتب له بذلك الحسنات».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه: «لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من نمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب، معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم، ومشربهم، ومقيلهم، قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق، لئلا يزهدوا في الجهاد، فقال الله تعالى: أنا أبلغهم عنكم وأنزل: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}».
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أرواح الشهداء في حواصل طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت».
وقال صلى الله عليه وسلم: «الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة».
وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد أن يعقر جوادك، ويراق دمك».
عن جابر بن عتيك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشهادة سبع - سوى القتل في سبيل الله -: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة».
روه أحمد، وأبو داود، والنسائي بسند صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ما تعدون الشهيد فيكم»؟ قالوا: يا رسول الله: من قتل في سبيل الله، فهو شهيد. قال: «إن شهداء أمتي إذن لقليل».
قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: «من قتل في سبيل الله، فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله، فهو شهيد، ومن مات في الطاعون، فهو شهيد، ومن مات في البطن، فهو شهيد، والغريق شهيد». رواه مسلم.
وعن سعيد بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من قتل دون ماله، فهو شهيد، ومن قتل دون دمه، فهو شهيد، ومن قتل دون دينه، فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، فهو شهيد» رواه أحمد، والترمذي، وصححه.
قال العلماء: المراد بشهادة هؤلاء كلهم، غير المقتول في سبيل الله، أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء، وأما في الدنيا، فيغسلون، ويصلى عليهم.
وبيان هذا، أن الشهداء ثلاثة أقسام: شهيد في الدنيا والآخرة، وهو المقتول في حرب الكفار، وشهيد في الآخرة دون أحكام الدنيا، وهم هؤلاء المذكورون هنا، وشهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو من غل من الغنيمة أو قتل مدبرا.
وعن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يغفر الله للشهيد كل ذنب، إلا الدين».
ويلحق بالدين مظالم العباد، مثل: القتل، وأكل أموال الناس بالباطل، ونحو ذلك.

الجهاد لاعلاء كلمة الله:
إن الجهاد لا يسمى جهادا حقيقيا إلا أذا قصد به وجه الله، وأريد به إعلاء كلمته، ورفع راية الحق، ومطاردة الباطل، وبذل النفس في مرضاة الله، فإذا أريد به شيء دون ذلك من حظوظ الدنيا، فإنه لا يسمى جهادا على الحقيقة.
فمن قاتل ليحظى بمنصب، أو يظفر بمغنم، أو يظهر شجاعة، أو ينال شهرة، فإنه لانصيب له في الاجر، ولاحظ له في الثواب.
فعن أبي موسى، قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله».
وروى أبو داود، والنسائي: أن رجلا قال: يا رسول الله: أرأيت رجلا غزا يلتمس الاجر والذكر، ماله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لاشئ له».
فأعادها عليه ثلاث مرات: فقال: «لاشئ له، إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا، وابتغي به وجهه».
إن النية: هي روح العمل، فإذا تجرد العمل منها، كان عملا ميتا، لاوزن له عند الله.
روى البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
وإن الاخلاص هو الذي يعطي الاعمال قيمتها الحقيقية، ومن ثم فإن المرء قد يبلغ بالاخلاص درجة الشهداء، ولو لم يستشهد.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:
«من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداءوإن مات على فراشه».
ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم العذر».
وإذا لم يكن الاخلاص هو الباعث على الجهاد، بل كان الباعث شيئا آخر من أشياء الدنيا وأعراضها لم يحرم المجاهد الثواب والاجر فقط، بل إنه بذلك يعرض نفسه للعذاب يوم القيامة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه: رجل استشهد. فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جرئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيهالك قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار» رواه مسلم أجر الاجير ومهما كان المجاهد مخلصا، وأخذ من الغنيمة، فإن ذلك ينقص من أجره.
فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من غازية، أو سرية تغزو، فتغنم، وتسلم، إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم وما من غازية أو سرية تخفق أو تصاب، إلا تم أجورهم» رواه مسلم.
قال النووي: وأما معنى الحديث فالصواب الذي لا يجوز غيره.
أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم، أو سلم ولم يغنم.
وأن الغنيمة هي في مقابلة جزء من أجر غزوهم، فإذا حصلت لهم، فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المترتب على الغزو، وتكون هذه الغنيمة من جملة الاجر.
وهذا موافق للاحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة كقوله: منا من مات ولم يأكل من أجره شيئا.
ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها: أي يجتنيها فهذا الذي ذكرنا هو الصواب.
وهو ظاهر الحديث، ولم يأت حديث صريح صحيح يخالف هذا.
فتعين حمله على ذكرنا.
وقد اختار القاضي عياض معنى هذا الذي ذكرناه.
وروى أبو داود عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«ستفتح عليكم الأمصار، وستكونون جنودا مجندة، يقطع عليكم فيها بعوث، فيكره الرجل منكم البعث فيها، فيتخلص من قومه، ثم يتصفح القبائل يعرض نفسه عليهم، يقول: من أكفه بعث كذا، وذلك الاجير، إلى آخر قطرة من دمه».

.فضل الرباط في سبيل الله:
توجد ثغور يمكن أن تكون منافذ ينطلق منها العدو إلى دار الإسلام ومن الواجب أن تحصن هذه الثغور تحصينا منيعا، كي لا تكون جانب ضعف يستغله العدو ويجعله منطلقا له.
وقد رغب الإسلام في حماية هذه الثغور، بإعداد الجنود ليكونوا قوة للمسلمين.
وأطلق على لزوم هذه الثغور، لاجل الجهاد في سبيل الله لفظ الرباط، وأقله ساعة، وتمامه أربعون يوما، وأفضله ما كان بأشد الثغور خوفا.
وقد اتفق العلماء على أنه أفضل من المقام بمكة.
وقد جاء في فضله من الأحاديث ما يلي: روى مسلم عن سلمان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان».
قال: «كان ميت يختم على عمله، إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله، فإنه ينمى عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر».

.فضل الرمي بنية الجهاد:
رغب الإسلام في تعلم الرمي والمناضلة بنية الجهاد في سبيل الله، وحبب في التدريب على ذلك ورياضة الاعضاء بممارسة الرمي والمناضلة.
1- عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» رواه مسلم.
2- وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستفتخ عليكم أرضون، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه، إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة نفر: صانعه والممد به والرامي به في سبيل الله» وقد شدد الإسلام تشديدا عظيما في نسيان الرمي بعد تعلمه، وأنه مكروه كراهة شديدة لمن تركه بلا عذر.
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من علم الرمي ثم تركه فليس منا، أو قد عصى» رواه مسلم.
4- وقال صلى الله عليه وسلم: «كل شيء يلهو به الرجل باطل، إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنه من الحق».
قال القرطبي: ومعنى هذا والله أعلم: أن كل ما يتلهى به الرجل، مما لا يفيده في العاجل ولا في الآجل فائدة، فهو باطل والاعراض عنه أولى.
وهذه الأمور الثلاثة، فإنه وإن كان يفعلها على أنه يتلهى بها وينشط، فإنها حق لاتصالها بما قد يفيد، فإن الرمي بالقوس، وتأديب الفزس جميعا من تعاون القتال، وملاعبة الاهل قد تؤدي إلى ما يكون عنه ولد يوحد الله ويعبده، فلهذا كانت هذه الثلاثة من الحق.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني إسماعيل، أرموا فإن أباكم كان راميا».
وتعلم الفروسية واستعمال الاسلحة فرض كفاية وقد يتعين.

.الحرب في البحر أفضل من الحرب في البر:
لما كان القتال في البحر أعظم خطرا كان أكثر أجرا.
1- روى أبو داود عن أو حرام، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المائد في البحر له أجر شهيد، والغرق له أجر شهيدين».
2- وروى ابن ماجه عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«شهيد البحر مثل شهيدي البر والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر وما بين الموجبتين كقاطع الدنيا في طاعة الله، وإن الله وكل ملك الموت بقبض الارواح، إلا شهيد البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم. ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين، ويغفر لشهيد البحر الذنوب والدين».