الجمعة، 16 مارس 2012

موسوعة الفقه : وسائل الإجتهاد

وسائل الإجتهاد

الاجتهاد كما يقول الاصوليون هو ااستنباط الاحكام واستخلاصها من مداركها التى هى اساس النصوص اللفظية للشريعة ( واللفظ اما ان يدل على الحكم بطبيعته ومنظومه ، او بفحواه ومفهومه ، او بمعناه ومعقوله وهو الاقتباس الذى يسمى قياسا ، فهذ ثلاثة فنون : المنظوم ، والمفهوم ، والمعقول ) المستصفى للغزالى
واللفظ الذى يستخلص الحكم مباشرة من منطوقه او مفهومه او عن طريق القياس عليه هو اللفظ الدال على معنى خاص ومحدد بمقتضى الوضع اللغوى ، فاءنه لا يشمل : الاتى
اولا اللفظ الدال على معنى عقلى عام لا ينصرف بحكم وضعه اللغوى الى واقعة او وقائع محددة فى العالم الخارجى ، وهو ما يطلق عليه : النصوص العامة ، او كليات الشريعة مثل (( وما جعل عليكم فى الدين من حرج )) (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) (( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل )) (( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة )) صدق الله العظيم
ثانيا اللفظ الدال على معنى خاص ولكن تحقيقه فى وقائع الحياة يتم عن طريق التجربة والخبرة والتخصص المعرفى فى المجال المعنى . مثل اّيات (( ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف )) (( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة )) (( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن اّنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم )) (( ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن )) صدق الله العظيم
فكل من الموسع ، والمقتر، والمعروف ، والعسرة ، والميسرة ، واهلية الزواج ( بلغوا النكاح ) ، والاهلية المدنية ( اّنستم منهم رشدا ) ، والتصرفات التى تعتبر اضرارا بالزوجة - لا يكفى فهم دلالتها اللغوية لتحديد الوقائع التى تطبق عليها ، وإنما يتعين الالتجاء الى التجربة والخبرة بالواقع الاجتماعى الذى له تأثير بين على تحديد مفاهيمها ، وكذلك التخصص المعرفى ، ، فأهلية الزواج مثلا يتوقف تحققها على التمييز المؤهل لتوفر الرضا بالعقد وعلى النضوج الجنسى والبيولوجى بالنسبة للمرأة ، حتى لا تضار باّثار المعاشرة الزوجية من حمل وولادة وهو ما كان ينبغى أن تكون الكلمة الفصل فيه من قبل للتجربة واليوم للتجربة وللاطباء المختصين
على ان اللفظ الدال بالوضع اللغوى على معنى محدد ، يرتبط الحكم الشرعى المقرر فيه بالغاية او الحكمة التى شرع لتحقيقها ، ومن ثم فإن اغلبية الاحكام المنظمة للعلاقات الاجتماعية قابلة مبدئيا لان يؤثر عليها تطور حياة المجتمع وتجدد حاجاته ومصالحه ، وهذا ما يعبر عنه الاصوليون بوجوب مراعاة ماّلات الافعال ، وبمبدأ الحكم يدور مع علته وجودا وعدما
وتقدير ماّل الفعل ، والظروف المؤثرة على تحقيق الحكم الشرعى لحكمته - ليس بالامر البسيط الذى يسهل على الفرد التقرير فيه ، فضلا عما قد يؤدى إليه ذلك من الاضطراب والفوضى ، فمن المحقق أن يختلف الافراد فى التقرير ، وهو ما يؤدى حتما إلى التناقض فى الاحكام الاجتهادية
ولنضرب مثلا بالحديث المروى عن امتناع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من التسعير متى كان يحقق مصلحة ، مع بقاء اصل المنع فى حالة انتقاء المصلحة
وسوق التعامل اليوم تتداول فيه مئات الانواع من البضائع والخدمات ، ومن اليقين الذى لا ريب فيه ان من هذه الانواع ما يتعين فيه التسعير ، ومنها ما تتحقق المصلحة العامة فى إخضاعه للمنافسة الحرة بدل التسعير
فهل يتصور ان يقوم ( مجتهد ) بوضع قائمة بالمواد والخدمات التى ينبغى او يجب فيها التسعير ، واخرى بالمواد والخدمات التى تقتضى المصلحة عدم التسعير فيها ؟ أترك الجواب للقارئ الكريم
يتأكد من هذه الملاحظات التى أشرنا إليها ، ان الفقه المقيد باستعمال وسائل التفسير المحددة فى الاصول من المنطوق والمفهوم والقياس .. يتسم بالقصور ، ويتعذر عليه النمو ومسايرة تطور الحياة ، وعلاقات الناس