الأحد، 4 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الجنائز : آداب السنة فى المرض والطب


آداب السنة فى المرض والطب

جاءت الأحاديث مصرحة بأن المرض يكفر السيئات ويمحو الذنوب.
نذكر بعضها فيما يلي:
1- روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يرد الله به خيرا يصب منه».
2- ورويا عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه».
3- روى البخاري عن ابن مسعود، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فقلت يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا، قال أجل: «إني أوعك كما يوعك رجلان منكم» قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: «أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها».
4- وروى عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكفا بالبلاء، والفاجر كالارزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء».

.الصبر عند المرض:
على المريض أن يصبر على ما ينزل به من ضر، فما أعطى العبد عطاء خيرا وأوسع له من الصبر.
1- روى مسلم عن صهيب بن سنان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير - وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن - إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له».
2- وروى البخاري عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله تعالى قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة» يريد عينيه.
3- وروى البخاري ومسلم عن عطاء بن رباح عن ابن عباس قال: ألا أريك امرأة من أهل الجنة فقلت: بلى، فقال هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي فقال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك؟» فقالت: أصبر، ثم قالت، إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها.

.شكوى المريض:
يجوز للمريض أن يشكو للطبيب والصديق ما يجده من الالم والمرض ما لم يكن ذلك على سبيل التسخط وإظهار الجزع.
وقد تقدم قول الرسول صلى الله عليه وسلم، «إني أوعك كما يوعك رجلان منكم» وشكت عائشة فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وارأساه، فقال: «بل أنا، وارأساه» وقال عبد الله بن الزبير لاسماء - وهي وجعة - كيف تجدينك؟ قالت: وجعة.
وينبغي أن يحمد المريض ربه قبل ذكر ما به.
قال ابن مسعود: إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك والشكوى إلى الله مشروعة، قال يعقوب: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} وقال الرسول: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي» الخ.

.المريض يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح:
وروى البخاري عن أبي موسى الاشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا».

.عيادة المريض:
من أدب الإسلام أن يعود المسلم المريض ويتفقد حاله تطبيبا لنفسه ووفاء بحقه، قال ابن عباس: عيادة المريض أول يوم سنة وبعد ذلك تطوع.
وروى البخاري عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أطعموا الجائع وعودوا المريض: وفكوا العاني».
وروى البخاري ومسلم «حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده.وإذا مات فاتبعه».

.فضلها:
1- روى ابن ماجه عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عاد مريضا نادى مناد من السماء طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا».
2- وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني؟ قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي».
3- وعن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع قيل يا رسول الله: وما خرفة الجنة؟ قال: جناها».
4- وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة» رواه الترمذي وقال: حديث حسن
.آداب العيادة:
.يستحب في العيادة أن يدعو العائد للمريض:
بالشفاء والعافية وأن يوصيه بالصبر والاحتمال، وأن يقول له الكلمات الطيبة التي تطيب نفسه، وتقوي روحه، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الاجل، فإن ذلك لا يرد شيئا، وهو يطيب نفس المريض» وكان صلوات الله وسلامه عليه إذا دخل على من يعود قال: «لا بأس طهور إن شاء الله».

.ويستحب تخفيف العيادة وتقليلها:
ما أمكن حتى لا يثقل على المريض إلا إذا رغب في ذلك.

.عيادة النساء الرجال:
قال البخاري: باب: عيادة النساء الرجال وعادت أم الدرداء رجلا من أهل المسجد من الانصار.
وروى عن عائشة أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر، وبلال رضي الله عنهما.
قالت: فدخلت عليهما فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: وكان أبو بكر إذا اخذته الحمى يقول: كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله وكان بلال إذا أقلعت عنه يقول: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل قالت عائشة: فجئت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد. اللهم وصححها وبارك في مدها وصاعها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة».
.عيادة المسلم الكافر:
لا بأس بعيادة المسلم الكافر قال البخاري: باب عيادة المشرك وروي عن أنس رضي الله عنه «أن غلاما ليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده. فقال: أسلم» فأسلم.
وقال سعيد بن المسيب عن أبيه، لما حضر أبو طالب جاءه النبي صلى الله عليه وسلم.

.العيادة في الرمد:
روى أبو داود عن زيد بن أرقم قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني.

.طلب الدعاء من المريض:
روى ابن ماجه عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخلت على مريض فمره فليدع لك فان دعاءه كدعاء الملائكة» قال في الزوائد: واسناده صحيح ورجاله ثقات، إلا أنه منقطع.

.التداوي:
أمر الشارع بالتداوي في أكثر من حديث.
1- روى أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي عن أسامة بن شريك.
قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأن على رؤوسهم الطير فسلمت ثم قعدت فجاء الاعراب من ههنا وههنا فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ فقال: «تداووا فان الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد، الهرم».
2- روى النسائي وابن ماجه والحاكم وصححه عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء فتداووا».
3- وروى مسلم عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ باذن الله».

.التداوي بالمحرم:
ذهب جمهور العلماء إلى حرمة التداوي بالخمر وغيرها من المحرمات، واستدلوا بالأحاديث الاتية:
1- روى مسلم وابو داود والترمذي عن وائل بن حجر الحضرمي، أن طارق بن سويد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر يصنعها للدواء؟. فقال: «إنها ليست بدواء، ولكنها داء» فأفاد الحديث حرمة التداوي بها، وأخبر بأنها داء.
2- وروى البيهقي وصححه ابن حبان، عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» وذكره البخاري عن ابن مسعود.
3- وروى أبو داود عن أبي الدرداء، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء.، فتداووا، ولا تتداووا بحرام.» وفي سنده إسماعيل بن عياش. وهو ثقة في الشاميين، ضعيف في الحجازيين.
4- وروى أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث - يعني السم. والقطرات القليلة غير الظاهرة، والتي لا يكون من شأنها الاسكار، إذا اختلطت بالدواء المركب لا تحرم، مثل القليل من الحرير في الثوب، أفاده في المنار.

.الطبيب الكافر:
وفي كتاب الاداب الشرعية لابن مفلح: وقال الشيخ تقي الدين: إذا كان اليهودي أو النصراني خبيرا بالطب ثقة عند الإنسان جاز له أن يستطب كما يجوز له أن يودعه المال وأن يعامله، كما قال الله تعالى: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما}.
وفي الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر استأجر رجلا مشركا هاديا خريتا وائتمنه على نفسه وماله.
وكانت خزاعة عينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلمهم وكافرهم، وقد روى: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستطب الحارث بن كلدة، وكان كافرا، وإذا أمكنه أن يستطب مسلما، فهو كما لو أمكنه أن يودعه أو يعامله، فلا ينبغي أن يعدل عنه، وأما إذا احتاج إلى ائتمان الكتابي، أو أستطبابه فلم ذلك، ولم يكن من ولاية اليهود والنصارى المنهي عنها، وإذا خاطبه بالتي هي أحسن كان حسنا، فان الله تعالى يقول: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}. اهـ.
وذكر أبو الخطاب في حديث صلح الحديبية وبعث النبي صلى الله عليه وسلم عينا له من خزاعه وقبوله خبره: أن فيه دليلا على جواز قبول المتطبب الكافر فيما يخبر به من صفة العلة ووجه العلاج إذا كان غير متهم فيما يصفه. وكان غير مظنون به الريبة.

جواز استطباب المرأة:
يجوز للرجل أن يداوي المرأة، ويجوز للمرأة أن تداوي الرجل عند الضرورة.
قال البخاري: هل يداوي الرجل المرأة والمرأة الرجل.
ثم روى عن ربيع بنت معوذ بن عفراء.
قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسقي القوم، ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة.
وقال الحافظ في الفتح: يجوز مداواة الاجانب عند الضرورة، وتقدر بقدرها فيما يتعلق بالنظر والجس باليد وغير ذلك.
وقال ابن مفلح في كتاب الآداب الشرعية: فإن مرضت امرأة ولم يوجد من يطبها غير رجل، جاز له منها نظر ما تدعو الحاجة إلى نظره منها حتى الفرجين، وكذا الرجل مع الرجل.
قال ابن حمدان: وان لم يوجد من يطبه سوى امرأة، فلها نظر ما تدعو الحاجة إلى نظرها منه حتى فرجيه.
قال القاضي: يجوز للطيب أن ينظر من المرأة إلى العورة عند الحاجة، وكذلك يجوز للمرأة والرجل، أن ينظرا إلى عورة الرجل عند الضرورة. انتهى.

.العلاج بالرقي والأدعية:
يشرع العلاج بالرقى والادعية إذا كانت مشتملة على ذكر الله، وكانت باللفظ العربي المفهوم لأن مالا يفهم، لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك فعن عوف بن مالك.
قال: كنا نرقى في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: «اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك» رواه مسلم وأبو داود، وقال الربيع: سألت الشافعي عن الرقية فقال: لا بأس أن ترقى بكتاب الله، وبما تعرف من ذكر الله قلت: أيرقى أهل الكتاب المسلمين؟ قال نعم، إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وبذكر الله.

بعض الادعية الواردة في ذلك:
1- روى البخاري ومسلم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللهم رب الناس أذهب البأس أشف وأنت الشافي، لاشفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما».
2- وروى مسلم عن عثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا بحدة في جسده.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: باسم الله، وقل: سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» قال ففعلت ذلك مرارا فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر به أهلى وغيرهم.
3- وروى الترمذي عن محمد بن سالم قال: قال لى ثابت البناني: يا محمد إذا اشتكيت فضع يدك حيث تشتكي، ثم قل: بسم الله أعوذ بعزة الله من شر ما أجد من وجعي هذا، ثم ارفع يدك، ثم أعد ذلك وترا، فان أنس بن مالك حدثني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه بذلك.

4- وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد مريضا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك. إلا عافاه الله من ذلك المرض» رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن.
وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري.
5- وروى البخاري عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين: «أعيذ كما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة. ومن كل عين لامة ويقول: إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق».
6- وروى مسلم عن سعد بن أبي وقاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاده في مرضه فقال: «اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا».

.النهي عن التمائم:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التمائم.
1- فعن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من علق تميمة فلا أتم الله له ومن علق ودعة فلا أودع الله له» رواه أحمد والحاكم.
وقال: صحيح الاسناد.
والتميمة: هي الخرزة التي كان العرب يعلقونها على أولادهم يمنعون بها العين في زعمهم، فأبطله الإسلام ونهى عنه.
ودعا رسول الله على من علق تميمة بعدم التمام، لما قصده من التعليق.
1- وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه دخل على امرأته، وفي عنقها شيء معقود، فجذبه فقطعه.
ثم قال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا.
ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» قالوا: يا أبا عبد الله هذه التمائم والرقى قد عرفناها، فما التولة؟ قال: شيء يصنعه النساء يتحببن الى أزواجهن رواه الحاكم وابن حبان وصححاه.
3- وعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة أراه قال: من صفر فقال: «ويحك ما هذه؟ قال: من الواهنة قال أما إنها لا تزيد إلا وهنا، انبذها عنك، فانك لومت وهي عليك ما أفلحت ابدا» رواه أحمد.
والواهنة: عرق يأخذ في المنكب وفي اليد كلها، وقيل: مرض يأخذ في العضد.
وقد علق الرجل حلقة من نحاس، ظنا منه أنها تعصمه من الالم، فنهاه الرسول عنها، وعدها من التمائم.
4- وروى أبو داوود عن عيسى بن حمزة قال: دخلت على عبد الله بن حكيم وبه حمرة، فقلت ألا تعلق تميمة؟ فقال: نعوذ بالله من ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من علق شيئا وكل إليه».
هل يجوز تعليق الادعية الواردة في الكتاب والسنة؟ روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا فزع أحدكم في النوم فليقل: اعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، من همزات الشياطين وأن يحضرون فانها لن تضره» وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبها في صك ثم علقها في عنقه رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن غريب، والحاكم وقال: صحيح الاسناد.
وإلى هذا ذهبت عائشة ومالك وأكثر الشافعية ورواية عن أحمد.
وذهب ابن عباس وابن مسعود، وحذيفة والأحناف وبعض الشافعية ورواية عن أحمد: إلى أنه لا يجوز تعليق شيء من ذلك لما تقدم من النهي العام في الأحاديث السابقة
.منع المريض من السكن بين الأصحاء:
ومن كان مبتلى بأمراض معدية، يجوز منعه من السكن بين الاصحاء ولا يجاور الاصحاء، فان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يوردن ممرض على مصح» فنهى صاحب الإبل المراض أن يوردها على صاحب الإبل الصحاح مع قوله «لا عدوى ولا طيرة» وكذلك روي انه لما قدم رجل محذوم ليبايعه، أرسل إليه بالبيعة، ولم يأذن له في دخول المدينة.

.النهي عن الخروج من الطاعون أو الدخول في أرض هو بها:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخروج من الأرض التي وقع بها الطاعون أو الدخول فيها، لما في ذلك من التعرض للبلاء وحتى يمكن حصر المرض في دائرة محددة، ومنعا لانتشار الوباء وهوما يعبر عنه بالحجر الصحي.
روى الترمذي وقال: حسن صحيح عن أسامة بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الطاعون فقال: «بقية رجز أو عذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها» وروى البخاري عن ابن عباس: أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الاجناد، أبو عبيدة ابن الجراح وأصحابه.
فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام.
قال ابن عباس فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا.
فقال بعضهم قد خرجنا لامر ولا نرى أن نرجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال: ارتفعوا عني ثم قال: ادع لي الانصار فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا نرى أن ترجع بالناس، ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه قال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة، والاخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجاته، فقال: إن عندي في هذا علما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه» قال فحمد اللهَ عمرُ ثم انصرف.