الأحد، 12 فبراير 2012

شخصيات تاريخية - مسلمون - مروان بن الحكم


مروان بن الحكم

أبو عبد الله، مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، الخليفة الأموي، وأول من ملك من بني الحكم بن أبي العاص، وإليه ينسب بنو مروان، ودولتهم المروانية، بعدما انتهت الأسرة السفيانية سنة 64هـ.
أمه آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية الكناني من سادات قريش، ولد بمكة ونشأ بالطائف وسكن المدينة المنورة، وروى عن عمر وعثمان وعلي وزيد، وعنه روى سعيد بن المسيب وعلي ابن الحسين، وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبد الله بن عبيد الله، ومجاهد بن جبير وابنه عبد الملك.
كان كاتب ابن عمه عثمان ووزيره ومشيره ومدبره وإليه الخاتم، مما أثار الانتقاد على عثمان، فلما بدأت الفتنة وحوصر عثمان، قاتل مروان قتالاً شديداً للدفاع عنه، وخَرج مع طلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين، إلى العراق مطالبين بدم عثمان بعد اغتياله، وشهد صفين مع معاوية، فلما آلت الخلافة إلى معاوية، ولاَّه على المدينة سنة 42هـ ثم عزله عنها سنة 49، ثم عاد فاستعمله عليها ثانية سنة 54هـ.
توفي معاوية سنة 60هـ وآلت الخلافة إلى يزيد بن معاوية، وفي عهده ثار أهل المدينة، ووثبوا على بني أمية ومواليهم فيها وعلى من رأى رأيهم وحاولوا الاعتداء عليهم، فاجتمع الأمويون إثر ذلك ومن يواليهم في دار شيخ بني أمية، مروان بن الحكم، فحاصرها الناس، فكتب مروان بواقع الأمر إلى الخليفة وطلب إليه إنجاده، فعهد يزيد إلى مسلمة بن عقبة المرّي بقيادة الجيش الذي سيتوجه إلى المدينة ويخضع العصاة، وكان أهل المدينة في هذه الأثناء، قد رفعوا الحصار عن بني أمية وسمحوا لهم بالخروج منها بعد أن أخذوا منهم العهود والمواثيق بأنهم لن يساعدوا عدوهم ولن يفشوا سرَّهم.
توفي يزيد بن معاوية سنة 64هـ ومن بعده ابنه معاوية، فانتشرت الفوضى في الأقاليم المختلفة، وظهرت الفتن واستشرى أمر العصبية، واتجهت الأنظار في الشام كلها تقريباً في بادئ الأمر إلى عبد الله بن الزبير لأنه رجل كامل السن وابن حواري رسول اللهr وابن بنت أبي بكرt ذات النطاقين حتى إن مروان بن الحكم نفسه رأى في بادئ الأمر أن ينطلق إلى ابن الزبير فيبايعه بالخلافة ولكن قدوم عبيد الله بن زياد من العراق أدّى إلى تغيير في الموقف إذ منعه قائلاً: «استحييت لك مما تريد، وأنت كبير قريش وسيدها تصنع ما تصنع»، وفي رواية ابن أعثم الكوفي أن روح بن زنباع الجذامي هو الذي أشار على مروان أن يطلب هذا الأمر لنفسه «لأنه شيخ، وكبير بني أمية وابن عم أمير المؤمنين عثمان».
قرر الأمويون عقد مؤتمر الجابية ودعوا إليه الضحاك بن قيس الفهري الذي كان تولى إمارة دمشق بتكليف من عبد الله بن الزبير، ومع أن المجتمعين في الجابية من بني أمية كانوا يمثلون أكثر من هوى، إلا أنهم قرروا أن تكون الخلافة لمروان بن الحكم أولاً على أن يخلفه خالد بن يزيد بن معاوية، وأن تكون من بعدهما لعمرو بن سعيد بن العاص الملقب بالأشدق، وعلى الرغم من أن الضحاك قد مال بمن معه من الناس يريد الجابية، إلا أنه لم يلبث أن غير موقفه ومال بمن معه من الناس حتى نزل مرج راهط، وتوجه مروان بن الحكم بعد أن بويع بالخلافة إلى مرج راهط في أهل الأردن من كلب، وأتته السكاسك والسكون وغسان وربع حسان ابن مالك بن بحدل، وكان مع مروان 13 ألف مقاتل كلهم يمانية قضاعية، ومع الضحاك 22 ألفاً أكثرهم من قبائل قيس.
انتصر مروان بن الحكم في معركة مرج راهط في أواخر سنة 64هـ وكانت النتيجة البارزة الأولى لهذه المعركة وصول مروان إلى منصب الخلافة كما ثبتت انتصاره على خصومه أنصار عبد الله بن الزبير، وقد جرت له بعد انتهاء المعركة بيعة ثانية أوسع وأضخم في دمشق وذلك في أول سنة 65هـ.
بعد أن وصل مروان إلى الخلافة عمل جاهداً للإبقاء على سلطانه، وتوريث هذا السلطان لأولاده من بعده، ومن أجل ذلك تزوج من أرملة يزيد، فاختة بنت هشام بن عقبة، أم خالد، واستطاع مروان بهذا الزواج أن يستميل آل يزيد وأن يتخلص بالتالي من مرشحهم للخلافة خالد بن يزيد، إذ إنه ما لبث فترة حتى خلعه وأخذ البيعة لابنيه عبد الملك ثم عبد العزيز ابن مروان من بعده، وفي المصادر ذكر للأسلوب الذي اتبعه مروان في خلع خالد بن يزيد، والطريقة التي اتبعها في تصغير شأنه أمام الناس، وكيف شكا خالد إلى أمه فاختة ما صنع مروان، وكيف انتقمت أم خالد لابنها بأن خنقت مروان بوسادة غطته بها وأمسكتها عليه حتى مات، وكان ذلك في رمضان سنة 65هـ بعد حكم دام عشرة أشهر.
كان أول ما فعله مروان بعد أن بويع بالخلافة أن استعاد مصر من سلطة ابن الزبير وولى عليها ابنه عبد العزيز، فقال عبد العزيز: يا أمير المؤمنين كيف المقام ببلد ليس فيه أحد من بني أبي؟ فقال له مروان: «يا بني، عمهم بإحسانك يكونوا كلهم بني أبيك، واجعل وجهك طلقاً تَصْفُ لك مودتهم، وأوقع إلى كل رئيس منهم أنه خاصتك دون غيره يكن عيناً لك على غيره وينقاد قومه إليك». وقد ترك مروان مع عبد العزيز أخاه بشراً مؤنساً وموسى بن نصير وزيراً ومشيراً.
بعد عودة مروان إلى دمشق بعث بعثين أحدهما بقيادة حبيش بن دلجة القيني إلى المدينة التي كان ابن الزبير قد ولاّها أخاه عبيدة بن الزبير، وأرسل بعثاً إلى العراق بقيادة عبيد الله بن زياد لاستعادته من سلطان ابن الزبير، ولكن المنية عاجلته قبل أن ينفذا ما أُرسلا من أجله.