علم العروض : بحور وأوزان الشعر
الشعر هو تعبير عن مكنون النفوس ، يعكس رقة الشعور ورهافة الحس ، وهو فن أدبي فياض وعالم من العواطف والأخيلة والأفكار. والنظريات في الشعر كثيرة ومتباينة إلا انها تجتمع حول أهمية الموسيقى كعنصر شعري مميز، وللموسيقى هذه أساليب متعددة منها الوزن والقافية .. وغيرها.
أهمية تعلم هذا العلم :
لدراسة علم العروض أهمية كبيرة في معرفة قواعده وأصوله والتمييز بين صحيح الشعر ومكسوره ، فالذين اتصفو برهافة الحس وسلامة الذوق وادراك النغم أصبحوا كذلك بدراسة هذا العلم، لأن الانسان ليس معصوم من الخطأ ولذا فقد يخلط بين وزن وآخر أو بين تفعيلة وتفعيلة أو بين العلل وأخواتها.
فالحاجة إلى هذا العلم ملحة للشعراء و الأفذاذ وغيرهم من الأفراد الذين لا يتمتعون بالأذن الموسيقية والحس الشفاف ، فيكون هذا العلم بمثابة المرشد لهم ومعين على تمييز الصواب من الخطأ.
فعلم العَروض في نهاية المطاف هو الدليلوهو الحكم الذي له القول الفصل في صحة هذا الوزن أو ذاك مهما تشابهت الأوزان أو دقت الحالات.
هنا نجد سؤالاً يطرح نفسه:
هل كان العرب يعرفون هذا العلم وأوزانه من فبل ؟؟؟
الواقع انهم كانوا فبل وصع علم العروص على علم ودراية بأوزان الشعر العربي وبحوره على تباينها، وان لم يسمونها بالأسماء التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي فيما بعد.وقد كانوا بسليقتهم وذوقهم يدركون ما يصيب الاوزان المختلفة من زحافات وعلل وان لم يعطوها أسماء ومصطلحات خاصة .
علم العروض :
" علم يبحث فيه عن أحوال الأوزان المعتبرة "(1) وهو علم أوزان الشعر او ميزان الشعر يشتمل على القواعد والأصول التي وضعها الخليل بن أحمد (100-175 هـ)أحد أئمة اللغة والأدب وصاحب معجم العين الذي ابتكر علم العروض ، ولم تقف عقليته لهذا الحد وانما تجاوزته الى ابتكار علوم أخرى مثل الموسيقى واصناف النغم ووضع أساس علم النحو .
وقد حصر الفراهيدي كل أشعار العرب في البحور الخمسة عشر التي أكتشفها وسماها ثم زاد عليه الأخفش بحراً واحداً وهو الخبب أو المتدارك.
سبب تسمية هذا العلم بالعَروض :-
تعددت الآراء حول أسباب تسمية الخليل علم أوزان الشعر بعلم العروض ، فمن القائل ان من معاني العروض ( مكة ) لاعتراضها وسط البلاد ، ويذكر صاحب لسان العرب أنه سمي عروضاً لأن الشعر يعرض عليه أي يوزن بواسطته وذهب آخرون انه سمي بإسم الجمل الذي يصعب ترويضه وقيل ان العروض هي الخشبة العارضة في الخيمةفسمي بإسمها.
التقطيع الشعري :-
التقطيع هو وزن الكلمات في البيت بما يقابلها من تفاعيل مبنية على نظام للحركات والتسكين، وللتوصل الى معرفة البحر الذي جاء عليه ولابد ان يقتضي معرفة الامور التالية :
1- الكتابة العروضية.
2- المقاطع العروضية.
3- التفعيلات.
4- أوزان البحور.
وسوف نقوم بشرح هذه الأمور كلٍ على حدة وسنبدأها بالكتابة العروضية.
أولاً ..الكتابة العروضية :
المقصود من الكتابة العروضية كتابة حروف البيت حسب ما ينطق من الكلام ، لا حسب القواعد الإملائية المعروفة ، وهذا يقتضي اعتماد القاعدتين الآتيتين :
أ- ما يُنطَق يُكتَب .
ب- مالا يُنطَق لا يُكتب.
فيترتب على ذلك زيادة بعض الحروف وهي ثمانية أحرف هي:
1- إذا كان الحرف مشدّد فُكّ التشديد وذلك بكتابته حرفين الأول ساكن والثاني متحرك مثل : رقّ تكتب رقق وهزّ تكتب هزز وعلّم تكتب علْلَم.
2- اذا كان الحرف منوّن كتبت التنوين نوناً نحو : جبلٌ تكتب جبلن نصباً ورفعاً وجراً.
3- تزاد ألف في بعض اسماء الإشارة هذا وهؤلاء وكذلك لكن حيث تكتب عروضياً هاذا وهاؤلاء ولاكن .
4- في لفظ الجلالة ( الله ) تكتب عروضياً اللاه وكذلك الرحمن تكتب الرحمان.
5- تزاد واو في بعض الأسماء مثل داود وطاوس تكتبان داوود وطاووس.
6- تزاد واو بعد هاء الضمير المشبعة إذا كانت الهاء مضمومة مثل : له تكتب لهو- ومنه تكتب منهو - وعنه تكتن عنهو.
7- تزاد ياء بعد هاء الضمير المشبعة إذا كانت مكسورة مثل : اليه تكتب اليهي - فيه تكتب فيهي.
8- تمثل الضمة بواو والفتحة بألف والكسرة بياء في أواخر الصدور والقوافي.
الحروف التي تحدف ( مالا ينطق ) وهي ستة أمور :
1- تحذف ألف الوصل في الأسماء كما في ابن واسم وانتصار ، فمثلاً بانتصار تكتب عروضياً بنتصار- من اسم تكتب منسم.
2- تحذف الف الوصل من الافعال إذا سبقت بمتحرك مثل : واسمع ، فاجتهد ، واستعان فتكتب وسمع ،فجتهد ، وستعان.
3- تحذف ألف الوصل من ( ال المعرفة ) اذا كانت اللام قمرية وسبقت بمتحرك مثل : وصل الولد و طلع القمر تكتبان وصللولد و طلعلقمر. أما إذا كانت اللام شمسية فإنها تحذف مثل : جمال الشمس تكتب جمالششمس.
4- تحذف واو عمرو رفعاً وجراً.
5- تحذف الياء والألف في أواخر الحروف التي هي مثل : في وإلى وعلى عندما يليها ساكن مثل : في البيت تكتب فلبيت.
6- تحذف ياء المنقوص وألف المقصور غير المنونين عندما يليها ساكن مثل :القاضي النزيه تكتب القاض ننزيه .
بعد الكتابة العروضية تشكل الحروف بوضع تحت كل حرف متحرك شارة مشابهة للرقم (1) وتحت كل حرف ساكن شارة مشابهة للرقم (5).
وبعد ان تتحول الإلفاظ الى إشارات حركة وسكون ، تُقابل ما تساويها من تفعيلات .
....... مثال على التقطيع .......
ومن هاب أسباب المنايا هنلنه ** وان يرق أسباب السماء بسلّمِ
ومن ها بأسبابل منايا ينلنهو ** وان ير قأسبابس سماءِ بسللمي
//5/5 //5/5/5 //5/5 //5//5 ** //5/5 //5/5/5 //5/ //5//5
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن ** فعولن مفاعيلن فعولُ مفاعلن
/ المقاطع العروضية :
المقطع : هو أصغر جزء في الكلام يمكن نطقه منفصلاً عن غيره حيث يتألف المقطع من حرفين على الأقل وقد يزيد الى خمسة أحرف مع ملاحظة انه لا يمكن الابتداء بساكن . وعلماء العروض يقسمون التفاعيل الى مقاطع عروضية تختلف في حركاتها وفي عددها وحروفها . وأليكم تفصيل ذلك :
1- سبب خفيف : وهو يتألف من حركة وسكون ( /5 ) مثل : كمْ وعنْ وفي.ْ
2- سبب ثقيل : وهو يتألف من حركتين ( // ) مثل : لكَ و بكَ.
3- وتد مفروق : يتألف من حركتين بينهما سكون ( /5/ ) مثل : قامَ و كانَ .
4- وتد مجموع : يتألف من حركتين فسكون ( //5 ) مثل : إلى ، على ، متى .
5- فاصلة صغرى : تتألف من ثلاث حركات فسكون ( ///5 ) مثل : كتَبتْ ، لَعَبَتْ.
6- فاصلة كبرى : تتألف من أربع حركات فسكون ( ////5 ) مثل : سَبَقَنَا ، أملنا.
3/ التفاعيل :
التفعيلة : هي المقياس العروضي الذي تقاس به أبعاد أجزاء البيت وبتتالي التفعيلات وتلاقيها يُعرف نوع البحر وما ينشق عنه من أوزان . والتفعيلة الواحدة لا تقل عادةً من مقطعين ولا تزيد على ثلاثة مقاطع ، وهذه التفاعيل قسمت حسب اشتمالها على المقاطع الى عشر تفاعيل أثنتان خماسيتان وهما ( فاعلن وفعولن ) وثمانية سباعية . وهم كالتالي :
1- فعولن (//5/5) تتكون من وتد مجموع (//5) وسبب خفيف (/5)
2- فاعلن ( /5//5 ) تتكون من سبب خفيف (/5) ووتد مجموع (//5)
3- مفاعيلن (//5/5/5) تتكون من وتد مجموع + سببين خفيفين
4- مفاعلتن (//5///5) تتكون من وتد مجموع وفاصلة صغرى.
5- متفاعلن (///5//5) تتكون من فاصلة صغرى + وتد مجموع.
6- مفعولات (/5/5/5/) تتكون من سببين خفيفين + وتد مفروق.
7- مستفعلن (/5/5//5) تتكون من سببين خفيفين + وتد مجموع.
8- مستفع لن (/5/5/ /5) تتكون من سبب خفيف + وتد مفروق + سبب خفيف.
9- فاعلاتن (/5//5/5) تتكون من سبب خفيف + وتد مجموع + سبب خفيف.
10- فاع لاتن (/5/ /5/5) تتكون من وتد مفروق + سببين خفيفين.
ملاحظة
أ- التشابه بين فاعلاتن وفاع لاتن في النطق والرموز ولكنها تختلف في الأوتاد والأسباب وكذلك مستفعلن ومستفع لن.
ب- ان بعض التفاعيل إذا عكست من حيث الاسباب والأوتاد فأنها مساوية لبعضها البعض ، أعد النظر في التفاعيل التالية:
فعولن .. عكسها .. فاعلن
مفاعيلن .. // .. مستفعلن
مفاعلتن .. // .. متفاعلن
مفعولاتُ .. // .. فاع لاتن
ج- ان الحروف العشرة التي تتكون منها التفاعيل تجمعها عبارة ( لمعت سيوفنا )
مصطلحات عروضية :
1- البيت .. هو الوحدة الشعرية التي تتألف القصيدة من تكرارها ، ويتألف البيت من شطرين أولهما الصدر والثاني العجز.
2- العروض .. هو التفعيلة الأخيرة من الصدر وجمعها أعاريض.
3- الضرب .. هو التفعيلة الاخيرة من العجز وجمعها ضروب.
4- الحشو .. وهو تفعيلات البيت عدا العروض والضرب.
مثال :
العشق كالموت يأتي لا مرد له ** مافيه للعاشق المسكين تدبيرُ
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن ** مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
الحشو العروض الحشو الضرب
5- البيت التام .. هو الذي لم يصبه جزء ولا شطر ولا نهك بل جاء تاماً بشطرين تامين.
6- البيت المجزوء .. هو اسقاط العروض والضرب من البيت أي حذف التفعيلتين من آخر كل شطر.
7- البيت المشطور .. هو اسقاط شطر بأكمله من البيت واعتبار الشطر المتبقي بيتاً كاملاً ، مثل قول حافظ :
تحية كالورد في الأكمامِ
متفعلن مستفعلن مستفعل
هذا البيت من مشطور الرجز والذي اقتصر على ثلاث تفاعيل من أصل ست تفاعيل.
8- البيت المنهوك .. وهو اسقاط ثلثي البيت والاكتفاء بالثلث المتبقي كبيت مستقل ، مثال:
إلهنا ما أعدلك
مستفعلن مستفعلن
9- البيت المدور .. وهو الذي تكون عروضه متصلة مع التفعيلة الاولى من الشطر الثاني أي ان التفعيلة الاخيرة من الشطر الاول والتفعيلة الاولى من الشطر الثاني مشتركتين في كلمة واحدة.
10- البيت المقفى .. وهو البيت الذي يساوي عروضه وضربه في الوزن والروي دون تغيير في العروض.
11- البيت المصرع .. وهو البيت الذي غيرت عروضه لتناسب الضرب.
12- الزحاف .. هو تغيير ثواني الاسباب الخفيفة والثقيلة بتسكين متحرك أو حذف ساكن ويقع في ايٍ من التفاعيل ولا يلزم في سائر ابيات القصيدة.
13- العلة .. هو التغيير الذي يصيب الاسباب والاوتاد في الاعاريض والضرب وهو ملزم في جميع ابيات القصيدة ، ويلاحظ ان العلة تصيب اكثر من حرف بخلاف الزحاف الذي يصيب حرفأ واحداً.
الضرورات الشعرية
ينبغي لطالب الشعر أن يكون ملماً بقواعد اللغة العربية من صرف ونحو ومعاني وبيان وبديع ولغة واشتقاق وتاريخ وعروض وقافية وإنشاء ... الخ.
لأنه نستطيع أن نقسم النظم إلى ثلاتة أنواع :
أ- نظم خالٍ من العيب والضرورة .
ب- نظم فيه عيب وهو غير لائق شعرياً .
ج- نظم فيه ضرورة مقبولة يجوز للشاعر ارتكابها بدون مؤاخذة عليه وهي أنواع :-
1- صرف مالا ينصرف كقول الشاعر:
في أرض أندلسٍ تلتذّ نعماء
ولا يفارق فيها القلب سراء
حيث صرف كلمة أندلس في حين انها ممنوعة من الصرف.
2- قصر الممدود ومد المقصور .
3- ابدال همزة القطع وصلاً ، مثل وصل همزة "أم" .
4- ابدال همزة الوصل قطعاً ، مثل قطع همزة الوصل من فعل الامر من " بنى " .
5- تخفيف المشدد وقد كثر وقوعه في القوافي المقيدة المختومة بحرف صحيح ساكن .
6- تثقيل المخفف مثل تشديد الميم في " دم " .
7-تسكين المتحرك وتحريك الساكن .
8-تنوين العلم المنادى مثل:
سلام الله يا " مطرٌ " عليها
9- اشباع الحركة حتى يتولد منها حرف مد .
10- جواز تحريك ميم الجمع مثل " همُ ".
11- كسر آخر الكلمة إن كانت ساكنة .
أوزان البحور
مفاتيح البحور:-
1/ البحر الطويل :
طويلٌ له دون البحور فضائلٌ *** فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
2/ البحر المديد:
لمديد الشعر عندي صفاتُ *** فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
3/ البحر البسيط:
إن البسيط لديه يبسط الأملُ *** مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
4/ البحر الوافر:
بحور الشعر وافرها جميل *** مفاعلتن مفاعلتن فعولن
5/ البحر الكامل:
كمل الجمال من البحور الكامل *** متفاعلن متفاعلن متفاعلن
6/ البحر الهزج:
على الأهزاج تسهيل *** مفاعيلن مفاعيلن
7/ البحر الرجز:
في أبحر الأرجاز بحرٌ يسهل *** مستفعلن مستفعلن مستفعلن
8/ البحر الرمل:
رمل الأبحر ترويه الثقات *** فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
9/ البحر السريع:
بحرٌ سريع ماله ساحل *** مستفعلن مستفعلن فاعلن
10/ البحرالمنسرح:
منسرح فيه يضرب المثل *** مستفعلن مفعولات مفتعلن
11/ البحر الحفيف:
يا خفيفاً حفّت به الحركات *** فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
12/ البحر المضارع :
تعدّ المضارعات *** مفاعيلُ فاعلاتن
13/ البحر المقتضب:
أقتضب كما سألوا *** مفعلات مفتعلن
14/ البحر المجتث:
أن جثت الحركات *** مستفعلن فاعلاتن
15/ البحر المتقارب:
عن المتقارب قال الخليل *** فعولن فعولن فعولن
16/ البحر المتدارك أو الخبب أو المحدث:
حركات المحدث تنتقل *** فعلن فعلن فعلن فعلن