الأحد، 12 فبراير 2012

شخصيات تاريخية - مسلمون - أبو العباس السفاح


أبو العباس السفاح

عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، أول خلفاء بني العباس، يمت بقرابة إلى رسول اللهr إذ إن العباس بن عبد المطلب هو أحد أعمام الرسول الكريم.
أما والدة أبي العباس السفاح فهي ريطة بنت عبد الله بن عبد المدان الحارثية.
نشأ السفاح في الحميمة من أعمال البلقاء جنوب البحر الميت، حيث أنزل الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك جدّ السفاح علياً بن عبد الله بن عباس فيها. ولما شعر هذا بدنو أجله أوصى ابنه محمد بالعمل لنقل الخلافة إلى بني العباس عام 125هـ/743م.
بدأ محمد بن علي بتنظيم أمور الدعوة تنظيماً دقيقاً فلما توفى سنة 125هـ، صار الأمر لولده إبراهيم الذي سُمي باسم إبراهيم الإمام، وقد عمل إبراهيم على دفع الدعوة قدماً، واستغل أولاده ودعاته أحاديث نُسبت إلى الرسولr تشير إلى أن الخلافة ستؤول إليهم. إلا أن أمر تلك الدعوة انكشف، وسيق إبراهيم إلى حران عاصمة آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد حيث قضى هناك، وكان قد أوصى بالزعامة قبل رحيله إلى أخيه عبد الله بن محمد (أبو العباس السفاح) وطلب من جميع أفراد أسرته وأتباعه السمع والطاعة لأبي العباس كما أوصاه أن ينتقل مع إخوته وأسرته إلى الكوفة التي كانت تُعد معقل شيعة آل البيت.
ارتحل أبو العباس مع أسرته وأقاربه إلى الكوفة، وكان أحد كبار دعاتهم، واسمه حفص بن سلمان المعروف باسم «أبي سلمة الخلاّل»، في استقبالهم، فأنزلهم عند أحد شيعتهم في الكوفة، وذلك عام 132هـ/750م، وعندما تتالت انتصارات أبي مسلم الخراساني على عمال الأمويين، خرج أبو العباس يوم الجمعة في 13 ربيع الأول وصلى بالناس في مسجد الكوفة. وألقى خطاباً، أوضح فيه أحقية العباسيين بالخلافة، وافتخر بقرابته من رسول اللهr وأثنى على أهل الكوفة، وندد ببني أمية واغتصابهم للخلافة. وكان منهكاً وختم خطابه بقوله: «أنا السفاح المبيح، والثائر المنيح» وقد أكسبه ذلك لقب «السفاح»، ثم جلس وأكمل عمه داود مابدأه السفاح من خطاب.
خرج أبو العباس إلى القصر طلباً للراحة، ثم توجه بعدئذ إلى معسكر أتباعه بـ «حمام أعين» وكان قد كلف أخاه أبا جعفر أخذ البيعة من الناس، كما أناب عنه عمه داود بن علي في الكوفة، وأسند أمر قتال مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، إلى عمه عبد الله بن علي، الذي التقى بخصمه في معركة بمنطقة الزاب الأعلى وانتصر عليه، وأخذ يلاحقه إلى عاصمته حران، فقنسرين، فحمص فدمشق فالفسطاط، فبادر السفاح إلى تكليف صالح بن علي بملاحقة مروان وقتله، وقد تم له ذلك في بوصير عام 132هـ/750م وأرسل رأسه إلى السفاح، وما إن رآه حتى سجد لله شاكراً وقال «الحمد لله الذي أظهرني عليك وأظفرني بك، ولم يبق ثأري قبلك وقبل رهطك أعداء الدين» وتمثل:
لو يشربون دمي لم يرو شاربهم
                  ولادماؤهم للغيظ ترويني
وبذلك انتهت دولة بني أمية في المشرق ليحل مكانها دولة بني العباس.
عمل السفاح على توطيد دعائم الدولة الجديدة، وملاحقة الأمويين وأنصارهم والتنكيل بهم بكل قسوة، كما أمر بقتل أبي سلمة الخلال لأنه حاول أن ينقل الخلافة من العباسيين إلى شيعة علي بن أبي طالب.
لم يطل العهد بأبي العباس فأصيب بالجدري، وتوفي عام 136هـ/754م، بعد أن أوصى بولاية العهد لأخيه أبي جعفر المنصور ومن بعده إلى ابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي.
اتخذ أبو العباس مدينة الأنبار مقراً لإقامته بعد أن جددها وأسماها الهاشمية، وبنى فيها قصوراً، وكان حريصاً على إبراز الصفة الدينية لمنصبه، فكان يرتدي بردة الرسولr في الحفلات الرسمية وفي صلاة الجمعة والأعياد، كما اتخذ اللون الأسود لباساً له ولأركان دولته ولرايته، وكان السفاح متواضعاً وفياً لوعوده، وقوراً، عاقلاً سخياً حليماً.