الأحد، 19 فبراير 2012

موسوعة اللغة العربية - علم النحو : المجرور من الأسماء - التبعية

علم النحو : المجرور من الأسماء - التبعية

وهي مشاركة بين اسمين، او ما ينوب عنهما في الحكم، وصولا الى الايضاح او التخصيص أو التوكيد أو التعظيم والتهويل أو للاشعار بأن الثاني منهما مستمر متواصل بخلاف الاول الذي قد تحقق وحصل، وذلك ما كان تابعا بوساطة، وللدلالة على أن التابع غير المتبوع، أما الذي بغير وساطة فللدلالة على أن التابع مكمل للمتبوع، او يكون المتبوع توطئة وتمهيدا للتابع، لانه هو المقصود بالنسبة كالبدل وصولا الىالبيان المطلوب، لذلك لم يشترط فيه المطابقة، فقد يبدل الظاهر من المضمر والنكرة من المعرفة، والغرض من المطابقة الدلالة على أن التابع ومتبوعه متممان لبعضهما، كالكلمة الواحدة ، لارتباطهما بنسبة تقييدية كالمضاف والمضاف اليه.
إن التابع يشارك متبوعه في الاعراب، لتسلط العامل عليهما، لانهما اجتمعا في الجهة النحوية، فكانا طرف نسبة تامة، رفعا او نصبا او جرا، وإن لم يتفقا في الحكم، ولا سيما التابع بـ ( بل، ولا، ولكن )، وعلة ذلك أن المخرج بها، منسوب اليه، وإن كانت نسبة مغايرة للاولى، ففي قولنا ما قام زيد بل عمرو، فالنسبة الأولى نفي القيام والثانية اثباتها أو بالعكس نحو قولنا قام زيد لا عمرو، كما جرى الاشعار ببعد تحقق التابع بـ( ثم ) التي تقضي الترتيب والمهلة، نحو قوله تعالى (( يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته واخيه وفصيلته التي تؤيه ومن في الارض جميعا ثم ينجيه – المعارج 11-14 )) فقد عطف ( ينجيه ) على ( لو يفتدي )، وانما عطفه بثم اشعارا ببعد النجاة وامتناعها، ولذلك زجره عن ذلك بقوله (( كلا إنها لظى – 15 ))، وقد تفيد (ثم ) أن الثاني اعظم من الاول، نحو قوله تعالى (( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون – التكاثر 3، 4 ))، لان الزجر والتهديد قد تكررا للتأكيد، فكان العطف بثم مفيدا لعظمة الثاني وثقله، كما أكد الرؤية في قوله (( لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين – التكاثر 6، 7 )) وعطفه بثم للتهويل والتفخيم، لان عين الشيء نفسه وذاته، أي لترونها الرؤية التي هي نفس اليقين بدليل مجيئها للدلالة على أن الثاني أثبت من الاول، نحو قوله تعالى (( انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا – الحجرات 15 ))، فقد عطف بثم اشعارا بثبوت ايمانهم في الازمنة المتراخية المتطاولة، او أن الثاني اشد من الاول، نحو قوله تعالى (( ويتجنبها الاشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى – الاعلى 11-13 ))، فعطف " لا يموت فيها ولا يحيا "، لان هذه الحالة اشد واكثر ايلاما من ( يصلى النار ) ولا سيما اذا كانت متطاولة ودائمة، وفيها وعيد وتخويف مما ينتظره، كحال قريش وما سيلقاه كفرتهم جزاء صدهم وتكذيبهم بما توعدهم الله تعالى في قوله (( ويل يومئذ للمكذبين. الم نهلك الاولين ثم نتبعهم الآخرين – المرسلات 15-17 ))، وهو وعيد لهم ظهر مصداقه يوم بدر وغيره، وتهديد، كما في قوله تعالى (( اولى لك فأولى ثم اولى لك فأولى – القيامة 34، 35 )).
          وقد تأتي ( ثم ) دالة على التراخي في الرتبة لا في الزمان، نحو قوله تعالى (( ثم كان من الذين آمنوا – البلد 17 ))، وفيها اشارة الى أن الايمان اعلى من العتق والاطعام، ولا يصح أن يكون للترتيب في الزمان، لانه لا يلزم أن يكون الايمان بعد العتق والاطعام ولا يقبل عمل إلا من مؤمن، وكذلك المخرج بحروف العطف ( بل، لا، لكن )، فهو منسوب اليه، للاشعار بمعان لا تؤديها غيرها من احرف العطف وكذلك التابع بغير حرف، ولكل دلالته في السياق، ففي قوله تعالى (( بل عجبوا ان جاءهم منذر منهم – ق 2 )) ثم قال (( بل كذبوا بالحق لما جاءهم -  5 ))، فهذا الاضراب أتبع الاضراب الاول، للدلالة على أنهم جاءوا بما هو اقبح من تعجبهم، وهو التكذيب بالحق وقد تخرج ( بل ) عن معنى ابطال الاول، كما يقتضي معنى الاضراب، الى الخروج منه الى ما بعده، دون ابطاله، نحو قوله (( أيحسب الانسان الن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه بل يريد الانسان ليفجر امامه – القيامة 3-5 )) وامامه يفيد المسقبل من الزمان، أي يفجر بقية عمره باتباع شهواته.
          وقد يختلف الثاني عن الاول في المعنى، ولكنه يجتمع معه تبيينا وتوضيحا وتكميلا، فيؤتى بالحرف المناسب لذلك، وهو الواو، نحو قوله تعالى (( هو الاول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليهم – الحديد 3 ))، فقد دخلت الواو بين هذه الصفات لتدل على انه تعالى جامع لها مع اختلاف معانيها، كما اختلف المعنى بين المتعاطفين في قوله تعالى (( ياايها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء – الحجرات 11 ))، فلما كان القوم لا يقع، إلا على الذكور عطف النساء عليهم، اما اذا تماثلا وتجانسا فانهما يكونان بالفاء، نحو قوله تعالى (( والمرسلات عرفا، فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا – المرسلات 1-5 ))، فقد عطف المتجانسين بالفاء، فقال ( والمرسلات فالعاصفات ) وهي الرياح، ثم عطف ما ليس من جنسها بالواو، فقال ( والناشرات )، ثم عطف عليه المتجانسين بالفاء وهي الملائكة، او يكون الاول سببا للثاني، فيكون نتيجة له وعلة، نحو قوله تعالى  (( الله الذي يرسل الريح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فاذا اصاب به من يشاء من عباده اذا هم يستبشرون – الروم 48 ))، او يكون الثاني هو الاول في المعنى مع زيادة في الصفة لاختلاف اللفظ، نحو قوله تعالى (( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان – البقرة 53 )) وقوله (( تلك آياتُ الكتاب وقرآن مبين – الحجر 1 )) وكذلك حذف الحرف يكون دالا على معنى مختلف عن ذكره، ففي قوله تعالى (( وقال قرينه هذا ما لدي عتيد – ق 23 )) ثم قال (( قال قرينه ربنا ما أطغيته – 27 )) بلا واو، وانما حذف الواو هنا، لان هذه جملة مستأنفة للدلالة على أنه طغى باختياره، ولم يوقعه في الطغيان والقرين هنا شيطانه الذي وكل به في الدنيا بخلاف قوله ( وقال قرينه ) فانه عطف على قوله (( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد – ق 21 ))، او يكون العطف على المعنى دون  اللفظ، نحو قوله تعالى (( إن المصدقين والمصدقات واقرضوا الله – الحديد 18 ))، وقوله (( اولم يروا الى الطير فوقهم صافات ويقبضن – الملك 19 ))، وقوله (( والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فاثرن به نقعا فوسطن به جمعا – العاديات 1-5 ))، فقد عطف الافعال في الظاهر على الاسماء والمعنى يشرك بينها، لان هذه الاوصاف في حقيقتها افعال، وإن كانت ادوم منها زمنا بدليل انها صلات ( أل ) الموصولة، ومنها ما لحقها تنوين الصفة، وذلك مسوغ لعمل الصفات عمل افعالها. أما التابع بغير الحرف، فانه متمم ومكمل لمتبوعه سواء اكان مفردا ام جملة بنوعيها ام شبه جملة، نحو قوله تعالى (( ليس لهم طعام الا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع – الغاشية 6، 7 )) فجملة ( لا يسمن ولا يغني ) صفة لضريع او لطعام نفي عنه منفعة الطعام وهي التسمين وازالة الجوع، وقوله (( فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم – النساء 103 ))، بمعنى مضطجعين، أي في كل حال، فقد جمعت الواو بين الأحوال المختلفة ولم تكمل صفات متبوع وإنما بينت أحواله المتباينة المؤقتة بحسب زمن عاملها، حيث جمعت المبالغة في القيام لأن الحال تأتي مصدرا مفيدة المبالغة وشبه جملة مفيدة هيئة صاحبها مكانا وزمانا، نحو قوله تعالى: (( فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها طه 130 )).
          فالتسبيح ملتبس بحمده حيث وقعت ( بحمده ) حالاً مبينة هيئة صاحبها زماناً بدليل تقييدها بطلوع الشمس وغروبها، في حين أن شبه الجملة المتعلقة بصفة محذوفة تكون ثابتة دائمة، لأنها مكملة لموصوفها، نحو قوله تعالى: (( وآتيناه أهله ومثلهم معهم رجمة من عندنا وذكرى للعابدين الأنبياء 84 ))، فجاءت ( من عندنا ) صفة لرحمة الله تعالى الدائمة بدليل عطف المصدر ( ذكرى ) عليها، حيث تعلقت ( من عندنا ) بالصفة المحذوفة، لأنه لا يعطف المصدر على جار ومجرور إلا على سبيل التعلق، لأن الأصل عطف المصدر على مثيله، نحو قوله تعالى: (( ليكون لهم عدوا وحزنا القصص 8 ))، ولما كانت المصادر والصفات والفعال كلها مشتركة في أصل الحدث، فقد جاز العطف فيها، نحو قوله تعالى: (( ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله الأنفال 47 )) ، وقوله (( وبدى الذين أوتو العلم الذي أنزل اليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد  -  سبأ 6 ))، حيث عطف ( يصدون ) و ( يهدي ) على ما قبلها من المصادر، وإذا عطف الفعل على اسم الذات فيؤول الجامد بمشتق حتى يتقاربا في الصفة، لأن الفعل وصف لفاعله، نحو قوله تعالى: (( وجعل منهم القردة والخنازير وعَبَدَ الطاغوت المائدة 60 )) أي الممسوخين، لأن المعطوف يشترك مع المعطوف عليه في الحكم بوساطة الحرف، ولا يسلط عليه عامل ما قبله مباشرة، وذلك بخلاف البدل، فإنه المقصود بالحكم، والمبدل منه في حكم المطروح المهمل، لأنه توطئة ونمهيد للبدل حتى لا يلتبس بغيره، فكأن العامل هو للبدل لا للمبدل، نحو قوله تعالى: (( ما يُقالُ لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم فصلت 43 ))، فالجملة ( إن ربك لذو مغفرة ) بدل من (( ما ))، وهي في محل رفع لنيابتها عن الفاعل، وهي التي قيلت للرسل، فجاءت الجملة الأخيرة موضحة ومبينة ومكملة لمتبوعها، وكاشفة لكثير مما شاع في النحو العربي من التقديرات والتأويلات اعرابا وبناءً، وهي تختلف عن غيرها من الأخبار والمفعولات والأحوال والمميزات، لأنها لا تؤلف ركنا في بناء الجملة ولا يقع عليها فعل، لأن المفعول يخصص الحدث وقوعا عليه أو زمانا أو مكانا أو علة أو مصاحبة وليست مؤقتة بحسب زمن عاملها، وليست محولة في النسبة كالتمييز من فاعل أو مفعول أو مضاف وإنما هي منظمة ومرتبة لما يتألف منه الكلام المفيد وجامعة له، وإن تباينت اجزاؤه ففي قوله تعالى: (( وكم من قريةٍ أهلكناها فجاءها بأسنا بياتاً أو هم قائلون العراف 4 )) جاء الهلاك قبل البأس فكأنه قلب الترتيب، لأن الهلاك يأتي بعد مجيء البأس بدليل الغاء الدالة على التسبيب والتعقيب، وكان أصل الترتيب جاءها بأسنا فاهلكناها، ثم عطف الجملة ( هم قائلون ) وهي بمعنى قائلين، لأنها معطوفة على المصدر ( بياتا ) والتقدير بائتين، فتماثلا في التأويل بالمشتق، لأن المعطوف عليه مؤول أيضا بمشتق، وهذا يدل على أن الجمل وأشباهها والمصادر الصريحة تتأول فيكون لها محل من الاعراب، كما تؤول الأفعال المسبوقة بالموصلات الحرفية، فيلحقها المحل الأعرابي، لأن الفعل وحده لا محل له من الأعراب، نحو قوله تعالى: (( ءَأمنتم من في السماء أن يخسق بكم الرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً الملك 16 17 ))، فجاء ( أن يخسف ) و ( أن يرسل ) في محل نصب بدلاً من ( مَن )، فقد وضّح التابع اعراب المتبوع وإن كان مبنياً وكذلك المصدر المؤول، وفي قوله تعالى: (( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهديَ معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم الفتح 25  )) جاء ( الهدى ) منصوبا عطفا على (( كم )) و (( أن يبلغ )) في محل نصب بدلاً من ( الهدى ).
          و ( أن تطئوهم ) بدلاً من (( هم )) وهما في محل نصب وجاء (( هم )) للمؤمنين والمؤمنات بتغليب الذكور بعد أن جمعت (( الواو  )) المتغايرين، كما دلت على تغاير الطائفتين في قوله تعالى: (( ولا الضالين الفاتحة 7 ))، وجاءت الواو تفسيرا في قوله تعالى: (( والزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها الفتح 26 ))، وأتى ( أهلًها ) منصوبا عطفا على ( أحقَّ ) ، لأن الواو تعطف معمولاً حذف عامله، لأن الأصل ( وكانوا أهلها ) والتبيعة مثل الأضافة في التوضيح والابانة والمبالغة، لأن الأضافة موضحة للمضاف، فهي تركيب بنسبة تقييدية ناقصة مكونة من كلمتين ركنا اسناديا لغرض بيان الملكية أو البعضية أو الظرفية أو المبالغة في الأضافة إلى الأبلغ ويقوم المضاف مقام المضاف إليه، كما يقوم التابع مقام متبوعه، لأن التابع مع متبوعه كالكلمة الواحدة، وكذلك المضاف والمضاف إليه، فالدنيا والآخرة مثلا من الصفات الغالبة التي جاءت بلا مضاف، والأصل أهل قرية وهو كثير، ومن إضافة الموصوف إلى صفته، لأنها أبلغ قوله تعالى: (( وأيدناه بروح القدس البقرة 87 )) أي الروح المقدسة، لأن المقصود هو جبريل عليه السلام لطهارته يسير معه حيث شاء وقوله: (( إن هذا لهو حق اليقين الواقعة 95 ))، فقد أضاف الحق إلى اليقين كاضافة المسجد إلى الجامع في قولهم مسجد الجامع، لأنه بمعنى محض اليقين أو عين اليقين أو يقين اليقين أو صواب الصواب بمعنى أنه نهاية الصواب، كما جاء قوله تعالى: (( ثم لترونها عين اليقين التكاثر 7 ))، وقد تكون الأضافة للمبالغة، لأن اضيف إلى الأبلغ، كما جرت المبالغة في التوابع وذلك في الوصف بالمصدر، نحو قوله تعالى: (( وقولوا للناس حًسْنا البقرة 83 )) وقوله: (( فأضرب لهم طريقاً في البحر يبسا طه 77 )) وقوله: (( وجاءوا على قميصه بدم كذب يوسف 18 )) وقوله : (( يجعل صدره ضيقاً حَرَجا الأنعام 125  ))، وكذلك في العطف حيث يأتي المعطوف أبلغ من المعطوف عليه، كما عطف المصدر على الجمع، لأن المصدر يستوي فيه الواحد والجمع، نحو قوله تعالى: (( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما - الفرقان 64 ))، أو عطف الجمع على  المصدر، نحو قوله تعالى: (( يسبح له فيها لاغدو والآصال - النور 36 )).
    وتعد التبعية من القرائن الفظية التي تحدد الزمن في العبارة، ومن الأدلة القطعية على بيان التقييدات الزمنية، وهي السوابق واللواحق للصيغ الزمنية، نحو قوله تعالى: (( ألم يجدك يتيما فاّوى ووجدك ضالاً فهدى الضحى 6 7 ))، وقوله : (( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الشرح 1-2 ))، حيث بين العطف التقارب الزمني، لأن المعنى تحقيق الوجود والانشراح بدليل الهمزة ولم، وهما قد حولا صيغة المضارع إلى الماضي في المعنى حتى يصح عطف الماضي لفظا ومعنى عليه، كما أكد الضمير المستتر في قوله تعالى: (( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة الأعراف 19 )) أي ولتسكن زوجك، لأنه لا يصح العطف على الضمير المستتر وجوبا باسم ظاهر، فجاء التوكيد ليصح العطف وليكونا مأمورين في وقت واحد بالسكن، كما أكد الضمير المستتر جوازا، لأنه ضمير رفع في قوله تعالى: (( واستكبر هو وجنودُه في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم الينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنلذناهم في اليم القصص 39 40 ))، وقد يصرح بالفعل ليعطف  عليه فعلاً آخر لاجل المبالغة والاستمرار الزمني، نحو قوله تعالى: ((إذ قال لابيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين  - الشعراء 70 71 )) فجاء الفعل ( نظل ) معطوفا على ما قبله للدلالة على إصرارهم وملازمتهم لعبادة الأصنام  طيلة النهار.
          ويأتي البدل بيانا للزمن ولا سيما في الظروف، نحوقوله تعالى: ((وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه الأنبياء 87 )) فقد ابدل ( إذ ) من ( ذا النون ) للدلالة على وقت ذهابه في حال الغضب عقب ظنه.
          إن التبعية توضح الأبعاد الزمنية في العبارة ، وذلك في عطف الأفعال المختلفة زمانا، لأن  الأصل المطابقة، والخروج عنها يفضي إلى حال الحكاية المشاهدة وكأنها حاضرة، ولا سيما الفعل المضارع، وهو يعبر عن الصورة المتجددة المستمرة بخلاف الفعل الماضي الذي يدل على تحقق الحدث ووقوعه وانتهائه، ولإستكمال أدوات الحدث المتجدد يجمع مع المضارع بالتبعية، نحو قوله تعالى: (( واللهُ الذي أرسل الريح فتثيرُ سحابا فسقناه إلى بلد ميّت فأحيينا به الرض بعد موتها - فاطر 9 ))، فجاء الفعل ( تثير ) المرفوع تابعا لما قبله مع اختلاف الزمن فيهما للدلالة على استمرار الأثارة وتجددها في كل وقت، وكذلك الشأن في قوله تعالى: (( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقا تقتلون البقرة 87 ))، فقد جاء ( تقتلون ) مخالفا لمتبوعه للدلالة على تجدد قتلهم برضاهم عما فعل آباؤهم بالأنبياء، لأن الرضا بقتل نبي يعني الرضا بقتل جميع الانبياء، لأنه منهم، لهذا لم يقل قتلتم كما قال كذبتم فكان المضارع بالتبعية للماضي مصورا للإحداث الماضية المستمرة إلى الحاضر وكأنها مشاهدة الآن، وكذلك مع فعل الأمر الدال على الحال والأستقبال يأتي المضارع بالتبعية مصورا لأستمرار الحالة بعد الأمر، نحو قوله تعالى: (( واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه هود 37 38 ))، فجاء المضارع ( يصنع ) بالتبعية مبينا الحكاية حال ماضية استمرت بعد الأمر بالصنع ويعطف الماضي على المضارع لدلالة اخرى، وتعني تحقيق ما قد شرع فيه، نحو قوله تعالى: (( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين الشعراء 3 ))، جاء الفعل ( ظلت ) بالتبعية للمضارع المسبوق بـ ( إن ) الشرطية الدالة على المستقبل للدلالة على تحقق خضوع العناق لخضوع أصحابها نهارا مبالغة في إظهار الذلة لاعراضهم عن الذكر، وكذلك الأمر في قوله تعالى: (( يقدم قومه يوم القيامة فاوردهم النار هود 98 )) فقد دلّ ( اورد ) على تحقق دخول النار يوم القيامة، وكأن الأمر قد وقع فعلاً، كما تحقق الفزع في قوله تعالى: (( ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الرض النمل 87 ))، لأن النفخ سيقع حتما.
  وإذا تغيرت السوابق المؤثرة في الدلالة الزمنية للأفعال، قامت التبعية باستكمال المجالات الزمنية في العبارة، ففي قوله تعالى: (( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار البقرة 24 )) فقد تباينت الاشارة الزمنية بحسب السوابق، فان ( إنْ ) تنقل للمستقبل، و ( لم ) تقلب الزمن الزمن إلى الماضي و ( لن ) تنقله إلى المستقبل البعيد، فجمعت الواو بين الفعلين وإن اختلفا في العامل، لأن دلالة الجزم القطع ودلالة النصب الاستمرار في المستقبل والذي سوغ ذلك التبعية التي جمعت بين الماضي معنى والمضارع لفظاً ومعنى للدلالة على ثبوت عجزهم حاضرا ومستقبلا إلى يوم القيامة بدليل مجيء جواب الشرط آمرا باتقاء النار، كما كانت التبعية مسوغا لنصب ( يوم ) في قوله تعالى: (( لقد نصركم الله في مواطنَ كثيرة ويومَ حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين التوبة 25 ))، لأن قوله ( إذ اعجبتكم كثرتكم ) بحنين ، لأنه بدل منه، ولا يصح في غيره من المواطن فيضعف عطف ( يوم حنين ) على المواطن للأختلاف الذي بينهما في ذلك، لأن ( مواطن ) ظرف مكان و ( يوم حنين ) ظرف زمان، فيضعف عطف أحدهما على الآخر، فهو منصوب بفعل مضمر إلا أن يريد بالمواطن الأوقات، وجاءت ( ثم ) للدلالة على حالهم في الازمان المتراخية إذ ولوا مدبرين، لذلك خص ( يوم حنين ) بالذكر لما أصابهم فيه، كما ورد في قوله تعالى: ((  ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكةَ وهم لا يستكبرون النحل 49 )) فقد خص ( الملائكة ) بالذكر تفضيلاً بدليل بيان حالهم بجملة اسمية دالة على الثبوت والدوام، كما جاء العطف بجملة اسمية على جملة فعلية في قوله تعالى: (( سواء عليكم ادعوتموهم أم أنتم صامتون العراف 193 ))، لأن الصمت أثبت وادوم من الدعوة إلا إذا اقتضت الحاجة لذلك، لأن الوصف أثبت وادوم من الفعل، فإذا بولغ في الفعل تحول إلى وصف، لأن الفعل في حقيقته وصف لفاعله، ودليل ذلك مجيئها في سياق واحد لموصوف واحد ، نحو قوله تعالى: (( إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون فالق الأصياح وجعل الليل سكنا النعام 95 96 ))، لاشتراكها في أصل المادة، وهو الحدث المجرد، فإن عرض للاسناد المباشر مع المزاولة والازجاء جيء بالفعل الصناعي وهو الفعل العام المعروف، وإن نُسب إلى ذات الفاعل أو المفعول بنسبة تقييدية ناقصة جيء به وصفا دالاً على الثبوت دون محاولة الازجاء المقيدة بزمن معين، وهي دلالة الفعل، يدل على ذلك تحويل المرفوع إلى منصوب باضمار فعل في مجرى المرفوعات في سياق واحد، نحو قوله تعالى: (( لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر- النساء 162 )) فقد نصب ( المقيمين ) على المدح ياضمار فعل، وهو جائز في الكلام إذا اريد تفضيل صنف معين، والذي سوغ ذلك دلالة الواو على الجمع مع اختلاف ما تضمنه في السياق، بدليل نصب مدخولها إذا ابتعد عن المشاركة في الحدث، وهي واو المعية وذلك بخلاف الفاء التي تعطف المتجانسين فجاءت للتعقيب والعلة إذا نصب مدخولها بأن مضمرة ، نحو قوله تعالى: (( لولا اخرتني إلى أجل قريب فأصّدقَ وأكن من الصالحين المناقون 10 )) فجاء ( أصدق ) منصوبا للدلالة على المستقبل في حين جزم ( أكن ) للدلالة على قطع الكينونة على الصلاح، لأنه لا تقبل صدقة غير الصالح لهذا لم يقل وأكون عطفا على أصدق، فجاء ( اكن ) معطوفا على المعنى أي أعد وأكن من الذين شهدوا بصلاحهم فاصدق، لأن الصدقة لا تكون عند بدء العودة، ولكن بعدما يعود ويكون صالحا عاملا فيتصدق بما يفيض عن حاجته بدليل نصب الفعل ( اصدق ) ولكن الاصل الأيمان والصلاح، كما جاء في قوله تعالى: (( فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو اطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة البلد 11 16 ))، وليست ( ثم ) هنا للتراخي في الزمن بل لأن مدخولها هو الأول والأهم والأشد للتنبيه والتذكير.
 فالتبعية تعني المطابقة في الاعراب بنسبة تقييدية لبيان حالة من احوال المتبوع توضيحا له او تخصيصا او تاكيدا، سواء اكان التابع اسما ام وصفا بدليل عطف البيان والتوكيد المعنوي، اما المطابقة في التوحيد والتثنية او الجمع، وفي التذكير أو التأنيث فللوصف لا غير، لان حكمه فيها حكم فعله، ولا يدخل الخبر هنا، لانه قائم على نسبة اسنادية، ويخرج من الوصف ( افعل التفضيل ) إن استعمل بـ ( من ) او اضيف الى نكرة افرد مذكرا، ولم يطابق إلا في الاعراب نحو : مررت برجل افضل من زيد وبرجلين افضل من زيد وبرجال افضل من زيد، وكذلك في المؤنث بامرأة وبامرأتين ونساء افضل من هند، وكذلك : مررت برجل افضل شخص، وبرجلين افضل شخصين الى آخر المثل، فان كان ( أفعل ) بال كالافضل، طابق في الاربعة المذكورة من العشرة وإن كان مضافا الى معرفة كأفضل القوم فالافصح المطابقة في الاربعة، ويجوز جعله كالمضاف الى نكرة فيفرد مذكرا مطلقا(1)، وذلك لان المجرد يأتي وصفا للتفضيل، وهو الشيء الزائد للمفضل على المفضل عليه، لان التفضيل اشتراك موصوفين بصفة معينة، مع زيادة احدهما على الآخر بشيء منها، وليس وصفا للذات الصادر منها او الواقع عليها، كما في وصفي الفاعل والمفعول، لان ( من ) معناها هنا الجنسية، وليست البعضية والجنس عام ومذكر، بدليل قولهم (( و( من ) ومجرورها معه بمنزلة المضاف اليه من المضاف ))(2) والمضاف اليه قد يكون جنسا للمضاف، لذلك لا يجوز تقديم الجار والمجرور عليه، كما لا يجوز تقديم المضاف اليه على المضاف، اما المضاف الى نكرة منه، فانه للعموم، لان النكرة عامة متعددة في الجنس، فاكتسب المضاف منها العموم وهو مذكر، لذلك وجب افراده وتذكيره بدليل وجوب جر التمييز الواقع بعد افعل التفضيل إن لم يكن فاعلا في المعنى و(( مثال ماليس بفاعل في المعنى (زيد افضل رجل، وهند افضل امرأة) فيجب جره بالاضافة ))(1)، والتمييز يتضمن معنى ( من )، ويجوز جره بمن إن لم يكن فاعلا في المعنى، لبيان جنس ما قبله لذلك اشترك ( أفعل التفضيل ) المجرد والمضاف الى نكرة في الافراد والتذكير، اما المضاف الى معرفة فيجوز فيه  جعله كالمضاف  الى النكرة فيفرد مذكرا، نحو قوله تعالى (( ولتجدنهم احرص الناس على حياة – البقرة 96 ))، للعموم الذي في ( أل ) الجنسية، لان المفضل زاد بشيء من الوصف على عموم جنسه، وتجوز فيه المطابقة، لاجرائه مجرى المقترن بـ ( أل )، لانه اضيف الى معرفة، فاكتسب التعريف منها، نحو قوله تعالى (( وكذلك جعلنا في كل قرية اكابر مجرميها – الانعام 123 ))، لان ( أفعل التفضيل ) اذا كان مقترنا بـ ( ال )، لزمت مطابقته لما قبله في الافراد والتذكير وغيرهما، لغلبة الوصفية عليه، فيجري مجرى وصف الفاعل والمفعول، بدليل تحمله الضمير العائد، لانه يجمع جمع تصحيح والوصف مثل فعله في التثنية والجمع والتذكير والتأنيث، ولزوم المطابقة دليل قوة الوصفية فيه، وغلبتها على معنى الاسمية، لان الوصف مع ( أل ) يعمل في كل حال، لانه صلة، نحو قوله تعالى (( والقاسية قلوبهم – الحج 53 )) وقوله (( قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا – الكهف 103 ))، فقد طابق بين المميز وبينهم، بقوله (( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا – الكهف 104 ))، وإن رفع الوصف اسما ظاهرا في النعت السببي وكان في التثنية والجمع مفردا، فيجري مجرى الفعل إذا رفع ظاهرا، فتقول : ( مررت برجل حسنة أمه، كما تقول ( حسنت أمه ) و ( بامرأتين حسن ابواهما وبرجال حسن آباؤهم )، كما تقول ( حَسُن ابواهما، وحَسُنَ آباؤهم )(2)، لانه في المعنى للاسم الذي بعده فاسند اليه، وصار جملة وصفية ركنها الاول، وهو المسند تابع لما قبله تذكيرا وتأنيثا وركنها الثاني، وهو المسند اليه معمول للاول، للدلالة على  الثبوت، نحو قوله تعالى (( ثم يخرج به زرعا مختلفا الوانه – الزمر 21 ))، فهي اقوى في المعنى من الفعلية الدالة على الحدوث، نحو قوله تعالى (( وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى – يس 20 ))، والاسمية اقوى منهما، لان الاسم اثبت من الوصف على مدلوله، نحو : مررت برجل لبوه قائم، لأن، الخبر هنا، وإن كان وصفا، إلا انه نكرة معرفة بالاسناد، كما يعرف النكرة بالاضافة الى معرفة كغلام زيد والاضافة نسبة واسناد الا أن نسبتها تقييدية بخلاف الجملة فإن نسبتها اسنادية تامة، لانها اتحادية، اذ الخبرهو المبتدأ في المعنى، بدليل  تضمنه الضمير العائد في المشتق او المؤول به، لذلك فهي اثبت في المعنى من قولنا : مررت برجل قائم ابوه، لانها في معنى الفعلية الدالة على الحدوث بدليل صحة الوقوف على قائم لتضمنه الضمير كفعله، ورفعه لما بعده على الفاعلية، لذلك تعددت الصفات للموصوف الواحد، لان الذات الواحدة لها احوال متعددة، منها الثابت في الخلق كقصير وطويل ومنها الحادث المتجدد، وبينهما ما هو كالخلقة والسجية، وجاءت الجمل واشباهها معبرة عن ذلك بالتأويل، نحو قوله تعالى ((  بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الانهار – الحديد 12 ))، وقوله (( سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله – الحديد 21 ))، وقوله (( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب – الحديد 13 )) وقد لازمت النكرة، لابهامها وتعددها وعمومها وشيوعها في جنسها، لذلك اعربت الجمل بعد اسماء الجنس المقترنة بال صفات لعموم الجنس وتعدد افراده، ولثبات نوعه، لان الصفة  ثابتة في الغالب بخلاف الحال المؤقتة بزمن عاملها، بدليل خروجها عن المطابقة، وعمل الفعل وما اشبهه فيها، نحو قوله تعالى (( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار – يس 37 ))، لان انسلاخ النهار مستمر دائم وقوله (( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا – الجمعة 5 ))، فشأن هذا الجنس وديدنه حمل ما لايفقه وقول الشاعر:
          ولقد امر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
لانه (( يجوز نعت المعرف بالالف واللام الجنسية بالجملة ))(1)، وقد تاتي الواو بين الصفة وموصوفها لتأكيد التصاقهما ببعضهما، كما تأتي بين الحال وصاحبها لبيان توقيتها، نحو قوله تعالى (( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم – البقرة 216 )) وقوله (( او كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها – البقرة 259 )) وقوله (( وما اهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم – الحجر 4 ))، كما أكد العطف خسران ( ابي لهب ) في قوله تعالى (( تبت يدا ابي لهب وتب – المسد 1 )) فقد جاءت جملة ( وتب ) كقولهم اهلكه الله وقد هلك، وذلك، لاشتراك الصفة والحال في الوصف، وهو المتضمن نسبة الحدث الى الذات إما على وجه الثبوت، كما في الصفة المشبهة واسم الفاعل المضاف الى فاعله، نحو طاهر الثوب، واسع العينين، معتدل القامة، او يضاف الى مفعوله اضافة غير لفظية، وذلك إذا غلب الوصف وصار دالا على الثبوت، فيقرب من الاسمية، ويكون علما على موصوفه، بالنقل، كما تنقل الحقيقة الى المجاز والمجاز الى الحقيقة، لان العبرة بالمعنى، وليس باللفظ، نحو قوله تعالى (( مالك يوم الدين – الفاتحة 4 ))وقوله (( إن الله بالغ امره – الطلاق 3 )) وقوله (( تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول – غافر 2، 3 )) وقوله (( الحمد لله فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلا – فاطر 1 ))، بدليل وصفها لاعرف المعارف وهو الله تعالى، والاضافة اللفظية تصف النكرة و(( النعت يجب فيه أن يتبع ما قبله في اعرابه وتعريفه أو تنكيره، نحو : ( مررت بقوم كرماء ) و( مررت بزيد الكريم ) فلا تنعت المعرفة  بالنكرة، فلا تقول ( مررت بزيد كريم ) ولا تنعت النكرة بالمعرفة، فلا تقول ( مرت برجل الكريم )(1).
          وهي تفيد الحدوث، لانها على نية الانفصال لغلبة معنى الفعلية عليها، لتضمنها الزمن النحوي وهو المستقبل، نحو قوله تعالى (( ربنا انك جامع الناس ليوم لا ريب فيه – آل عمران 9 )) وقوله (( فلما رأوه عارضا مستقبل اوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا – الاحقاف 24 ))، والواو في الاصل للعطف، لانها لمطلق الجمع والعطف لا يكون إلا بين متغايرين في حقيقتهما فتجمع بينهما، وتوحدهما، جاعلة الثاني تبعا للاول في الاعراب اذا كان مفردا، بدليل انها تكون مسوغا لعطف المعرفة المكرر بلفظه، نحو قوله تعالى (( هذا فراق بيني وبينك – الكهف 78 )) وقول الشاعر:
ألاتسألون الناس أيّي وأيّيكم          غداة التقينا كان خيرا وأكرما
، لان ( أي ) من الاسماء الملازمة للاضافة معنى ولاتضاف الى مفرد معرفة إلا اذا تكررت بالعطف بالواو، اما اذا كان جملة فتتبع بالمحل، لاستقلالها، بدليل وجوب الرابط إن عريت الجملة من الضمير العائد واختيرت الواو رابطا، لافادتها معنى الضم والجملة تقع " نعتا كما تقع خبرا وحالا، وهي مؤولة بالنكرة، ولذلك لا ينعت بها إلا النكرة )(2)، والخبر تابع ايضا، وهو في حقيقته وصف، لتضمنه الضمير العائد، ولم تأت معه الواو رابطة اذا كان جملة، لقيام الاسناد بذلك بدليل تنكيره، اما الحال فقدد خرجت عن التبعية في الاعراب، واشترط فيها التنكير، ( لشبهها بالتمييز في كونهما مبينين ابهاما، فالتمييز يبين ذاتا والحال تبين وصفا، وكان تشبيه الحال بالتمييز اولى من العكس، لان تبيين الذوات متقدم على تبيين الاوصاف، وهذه العلة لا تتم إلا على مذهب من اوجب تنكير التمييز )(3)، إن التبيين توضيحا كان أو تخصيصا لا يختص به الحال والتمييز فحسب، بل جميع التوابع والمفعولات ولكن الفرق فيما كان قيدا للذات كالخبر والتوابع وما كان قيدا للحدث كالمنصوبات، لان الذي يتبع ذاتا يكون مطابقا لها، ولا سيما اعرابا، فالخبر مرفوع، لانه تابع للمبتدأ بالاسناد بدليل تنكيره، والنعت تابع للمنعوت، وان كان مشتقا، وعطف البيان تابع، وان كان جامدا، والتوكيد المعنوي تابع، وان كان اسما، بدليل اضافته الى ضمير عائد، والمعطوف تابع بحرف رابط بالمعطوف عليه، والبدل تابع وإن كان المبدل منه توطئة له وتمهيدا، اما الحال والتمييز، فانهما قيدان للعامل وليس للذات، لان حد التمييز (( هو كل اسم، نكرة متضمن معنى ( من ) لبيان ما قبله من اجمال نحو ( طاب زيد نفسا وعندي شبر ارضا ). واحترز بقوله ( متضمن معنى من ) من الحال، فانها متضمنة معنى ( في ) ))(1).
          وحروف الجر من العوامل المعنوية التي تتضمن معنى الفعل دون حروفه كاسماء الاشارة وحروف التمني والتشبيه وغيرها، والظرف نصب، لانه تضمن ( في ).
قال ابن مالك :
الظرف وقت او مكان ضمنا          ( قي ) باطراد كهنا امكث ازمنا
و( احترز بقوله : ( ضمن معنى في ) مما لم يتضمن من اسماء الزمان او المكان معنى
( في )، كما إذا جعل اسم الزمان او المكان مبتدأ، او خبرا، نحو : يوم الجمعة يوم مبارك، وعرفة يوم مبارك، والدار لزيد فانه لا يسمى ظرفا والحالة هذه، وكذلك ما وقع منهما مجرورا، نحو: (( (سرت في يوم الجمعة) و(جلست في الدار) ))(2)، لان ظهور الحرف يوجب الكسر، بخلاف التضمن، فانه يوجب النصب، بدليل النصب على نزع الخافض، نحو قوله تعالى (( لاقعدن لهم صراطك المستقيم – الاعراف 16 )) أي على صراطك وقوله (( ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون – العنكبوت 7 )) أي بأحسن، وقوله (( واختار موسى قومه سبعين رجلا – الاعراف 142 )) وقوله (( أأسجد لمن خلقت طينا – الاسراء 61 )) أي من طين، وقوله (( سنعيدها سيرتها الاولى- طه 21 )) أي الى حالتها، وقوله (( واقعدوا لهم كل مرصد – التوبة 5 )) أي في كل مرصد و (( لا يألونكم خبالا – آل عمران 128 )) أي في الفساد، وحرف الجر اذا حذف من الكلام، فان الاسم الذي كان مجرورا به ينصب، كما في قول الشاعر :

تمرون الديار ولم تعوجوا      كلامكم علىَّ اذا حــرام

لان حرف الجر إنما عمل لنيابته عن الفعل، بدليل نصب محل المجرور به، والعطف عليه بالمنصوب، نحو قوله تعالى (( وامسحوا برءوسكم وارجلكم – المائدة 6 )) وقوله (( يحلون فيها من اساور من ذهب ولؤلؤا – الحج 23 ))، وعطفه على المنصوب، نحو قوله تعالى (( فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم – النساء 102 )) أي مضطجعين وقوله (( يسعى نورهم بين ايديهم وبايمانهم – الحديد 12 ))، فالمجرور بالحرف منصوب المحل، لانه تعدى اليه الفعل بالحرف، بدليل البدل المنصوب من المحل في قوله تعالى (( قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما – الانعام 161 ))، والمضاف اليه مجرور لفظا ومحلا وليس على تقدير حرف جر ( اللام، من، في )، لان حرف الجر لا يعمل وهو محذوف، واذا تضمن الاسم حرفا من حروف الجر نصب، والمضاف لا يكون إلا اسما او ما نقل الى الاسمية، ينسب معناه، لان الاضافة  في الاسماء كالاسناد في الأفعال والاسم لا يعمل، ولا يصف ما قبله إلا على التوكيد اللفظي او المعنوي او البدل، لانه مقصود بالنسبة، وانما يذكر المبدل منه توطئة وتمهيدا، لان الاسم جامد ، ولا يدل إلا على ذات مسماه سواء اكان جسما، أي ( جثة ) أو حدثا، وهو اسم المعنى، وعطف البيان جامد تفريقا له عن الصفة، ويمكن اعرابه بدلا، و(( كل ما جاز أن يكون عطف بيان، جاز أن يكون بدلا، نحو : ضربت ابا عبد الله زيدا ))(1)، وبذلك اختص الاسم في التبعية من بين سائر الاقسام ولا سيما البيان، والاسم الظاهر لا يقع من حيث التعليق نعتاً إلا على التوسع، ولا يقع توكيدا معنويا منه إلا النفس والعين وكل، ولكنه يقع توكيدا لفظيا، ويقع معطوفا ومعطوفا عليه ويقع في موقع ضمير الغائب المتصل والمنفصل، المرفوع والمنصوب والمجرور إلا في النداء فربما كان الاجود فيه ان يعد واقعا موقع ضمير المخاطب بقرينة نداء ضمير المخاطب دون غيره من الضمائر. فالتابع في الغالب يكون وصفا، لان فيه نسبة الحدث الى الذات المبهمة، التي تتوضح وتتبين وتتخصص وتتعين بالاسناد الى المعلوم في ذاته سواء اكان مبتدا أم فاعلا أم نائبا عنه، وهذا سر رفع الخبر، لان فيه تمام الفائدة ببيان حالة من حالات الذات المتعددة. اما المنصوب منه، فهو معمول لفعل أو ما اشبهه أو ما تضمن معنى الفعل دون حروفه.
          واختص الوصف بكونه عاملا، لانه يجري مجرى فعله، ومعمولا، لانه صالح للنقل الى الاسمية، بقبول علاماتها والدلالة على الثبوت، كما ينقل الى العلمية، وبذلك يأخذ الوصف مكانة كبيرة في ابواب النحو، لجمعه بين معاني الفعلية والاسمية، وتردده بينهما بحسب السوابق واللواحق والسياق والقرائن ويتضمن الزمن النحوي، ويبالغ فيه بتكرار الحدث، كما يبالغ باستعمال المصدر نعتا، ولكن بجعل الذات عين الحدث، فتكون قيدا له وليس الحدث قيدا للذات، كما في الاوصاف، نحو قوله تعالى (( وجاءوا على قميصه بدم كذب – يوسف 18 )) وقوله (( يجعل صدره ضيقا حرجا – الانعام 125 )) وقوله (( وكانوا قوما بورا – الفرقان 18 )) وقوله (( وقولوا للناس حُسنا – البقرة 83 )) فقد وصف بالمصدر مبالغة، ويلزم الافراد والتذكير، لدلالته على الحدث لا على صاحبه، والحدث يكون للواحد، والجمع بلفظ واحد، كما يأتي للفاعل والمفعول بلفظ واحد، ، نحو قوله تعالى (( شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى – البقرة 185 )) أي هاديا وقوله (( والملائكة صفا – النبأ 38 )) أي مصطفين، وقوله (( واذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا – الفرقان 41 )) أي مهزوءا به وقوله (( ليتخذ بعضهم بعضا سُخريا – الزخرف 32 )) أي مسخرا، وقوله (( وقص عليه القصص – القصص 25 )) أي المقصوص. قال سيبويه (( وقد يجيء المصدر على المفعول  وذلك قولك : لبن حلب، انما يريدون محلوب، كقولهم الخلق انما يريدون المخلوق، ويقولون للدرهم ضرب الامير، انما يريدون مضروب الامير … وقالوا معشر كرم، فقالوا هذا كما يقولون هو رضى، وانما يريدون المرضي، فجاء للفاعل كما جاء للمفعول، وربما وقع على الجميع ))(1)، نحو قوله تعالى (( وهم من بعد غلبهم سيغلبون – الروم 3 )) فجاء (غلبهم ) ( للغالبين والمغلوبين جميعا، كما تقول : الشهداء من بعد قتلهم سيرزقون، أي من بعد أن قتلوا )(2) فمجيء المصدر بمعنى الفاعل او المفعول للمبالغة في وصف الذات اولى من جعله على حذف مضاف، واقامته مقامه، كما قيل (( والنعت به على خلاف الاصل ؛ لانه يدل على المعنى لا على صاحبه، وهو مؤول إما على وضع ( عدل ) موضع عادل، او على حذف مضاف، والاصل : مررت برجل ذي عدل، ثم حذف ( ذي ) واقيم مقامه، واما على المبالغة بجعل العين نفس المعنى مجازا، او ادعاء ))(3)، وليس في المبالغة مجاز، لانه لم يكن من باب اطلاق المعنى وارادة محله، او من باب اطلاق اللازم وارادة الملزوم، وانما من باب تقييد الحدث بالذات بجعلها كأنها هو، كما جاء خبرا عن الذات في قوله تعالى
(( انه عمل غير صالح – هود 46 ))، وقوله (( اكان للناس عجبا أن اوحينا – يونس 2 )) والخبر هو المبتدأ في المعنى، لانه تابع له، والتابع متمم ومكمل لمتبوعه بالاسناد او بالنسبة، وهما قيدان لطرفيهما، نحو قوله تعالى (( أرأيتم إن اصبح ماؤكم غورا – الملك 30 ))، وقوله (( حتى تكون حرضا – يوسف 85 )) وقوله (( فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا – طه 77 ))، وقوله (( فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا – يوسف 80 )) والمصدر يصلح للواحد وغيره، وقوله (( ولا تخزوني في ضيفي – هود 78 )) أي اضيافي، وفي النعت المقطوع يصبح التابع خبرا لمبتدأ محذوف وجوبا أو معمولا لفعل محذوف وجوبا وهذا يعني أن المتبوع إما أن يكون مرفوعا أو منصوبا لفظا أو محلا، كما في المجرور بحرف، وحينئذ يكون التابع مرفوعا أو في محل رفع إن كان جملة أو منصوبا أو في محل نصب، إن كان جملة، أو كان معطوفا على المحل إذا كان المعطوف عليه شبه جملة لانها تتعلق بمحذوف يقع معطوفا عليه، أو يكون مجرورا تابعا للفظ دون المحل إذا كان المتبوع مجرورا بحرف، او يكون تابعا للفظ والمحل إن كان المتبوع مضافا اليه، لان المضاف اليه في الاضافة المحضة مجرور لفظا ومحلا، لان التابع قد يأخذ حكم المضاف او المضاف اليه، والترجيح للمضاف، لانه هو الذي يكتسب التعريف والتنكير والاعراب والبناء والتذكير والتأنيث من المضاف اليه، فالتبعية تكون له من باب اولى، نحو قوله تعالى (( وواعدناكم جانبَ الطورِ الايمنَ – طه 80 )) وقوله (( وناديناه من جانب الطورِ الايمنِ – مريم 52 )) فقد تبع المضاف دون المضاف اليه، بدليل تابع المنادي المبني اذا كان مضافا اضافة محضة، فانه يجب نصبه، نحو يازيدُ أبا عبد الله ويازيدُ وأبا عبد الله، لانه تعّرف بالاضافة، وفي غير الاضافة يجوز أن يتبع المحل او اللفظ، نحو يازيدُ الظريفُ والظريفَ و(( حكم عطف البيان والتوكيد حكم الصفة فتقول : يارجل زيدٌ وزيداً بالرفع والنصب و ياتميم اجمعون واجمعين. واما عطف النسق والبدل ففي حكم المنادى المستقل، فيجب ضمه اذا كان مفردا، نحو يارجل زيدُ ويارجل وزيدُ، كما يجب الضم لو قلت : يازيد، ويجب نصبه إن كان مضافا نحو يازيد أبا عبد الله ويازيدُ وأبا عبد الله، كما يجب نصبه لو قلت يا أبا عبد الله ))(1)، وانما جعل ذلك، لان التابع كغيره من الكلم له معنيان، معنى افرادي ذاتي، ومعنى تركيبي وظيفي يبين علاقته بغيره، كالتبعية او الاسناد او النسبةاو التخصيص وغيرها. ولما كان موضحا ومكملا ومخصصا  لغيره بالتبعية شاركه لفظا ومحلا، لانه كالجزء منه، وليس طرفا مستقلا كالمسند اليه او المسند او مخصصا للحدث كالمنصوبات، سواء أكان مفردا أم جملة بنوعيها لتأويلها بالمفرد، فيكون لها المحل الاعرابي، ام شبه جملة من الظرف والجار والمجرور، لتعلقها بمحذوف وهو الحدث الذي تكمله تقييدا له، فيتم معناهما بهذا التعلق المقيد، بارتباطهما معنى ولفظا لذلك لا تؤول بمفرد كالجملة، اذ لا يتم معنى المفرد بدونها، وهما معمولان له، لانهما في محل نصب، وقد يكون هو مرفوعا او منصوبا أو مجرورا فلا يتسلط عليهما عاملان، ولهذا يكون المحل الاعرابي للمتعلق به، وليس لهما في التبعية وغيرها، وحكم شبه الجملة مع المعارف والنكرات هو حكم الجملة إلا أن الجملة لها المحل الاعرابي في حين أن شبه الجملة يكون المحل الاعرابي لمتعلقها المحذوف، عندما تكون النكرة او المعرفة غير عاملة فيها، فاذا قيدت نكرة قبلها تعلقت بصفة لها مقدرة، نحو قوله تعالى (( وآتيناه اهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا – الانبياء 84 ))، ونحو هذا عدو امامك او في دارك، واذا قيدت نكرة مقترنة بأل الجنسية، فالاولى أن تتعلق بصفة، اما اذا كانت النكرة بعدها فانها تتعلق بحال محذوفة، لوجود المسوغ، لان الصفة كالفعل لا تتقدم على موصوفها، نحو قوله تعالى (( يريدالله بكم اليسر – البقرة 155 )) وقوله (( ولا يريد بكم العسر )) وقوله (( واذا القوا منها مكانا ضيقا – الفرقان 13 )) وقوله (( إنما يخشى الله من عباده العلماء – فاطر 28 )) وقوله (( ولا يلتفت منكم احد – هود 81 )) وقوله (( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين – الانفال 65 )).
          وإن فصل بينها بـ ( إلا ) فالراجح أن تتعلق بصفة، لانها اثبت من الحال، والحصر يفيد ايجاب الصفة لموصوفها، نحو قوله تعالى (( وما ارسلنا من رسول إلا بلسان قومه – إبراهيم 4 )) وقوله (( ليس لهم طعام إلا من ضريع – الغاشية 6 )) وقوله (( وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم. وفي موسى – الذاريات 37-38 )) وقوله (( فلما اتاها نودي من شاطيء الوادِ الايمن في البقعة المباركة من الشجرة – القصص 30 )) باعادة الجار لنيابة ( من الشجرة ) فيه عن قوله ( من شاطيء )، وقوله (( ما اصاب من مصيبة إلا باذن الله – التغابن 11 )) وقوله (( ما نُنزّل الملائكة إلا بالحق – الحجر 8 ))، كما تقع شبه الجملة تبعا في عطف او بدل او توكيد، نحو قوله تعالى (( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن – الاحزاب 21 )) ومنه قولك : للقلب وللنفس حاجات، ولك الحق باللسان وباليد، ونسافر غدا صباحا طلوع الشمس، والعلم في الصدور في الصدور، واثبتوا امام العدو امام العدو.
          والتعلق يكون للمتبوع دون التابع، لارتباط الحدث بالمتبوع، وهو لا يتعدد، فجاء التابع تكرارا للمتبوع توكيدا، وهو لا محل له من الاعراب، لانه بمنزلة الحرف الزائد فانتقلت شبه الجملة من التعدية والتقييد، والتعلق بمحذوف يكون له محل من الاعراب الى التبعية الخارجة عن المحل الاسنادي كالجمل التي لا محل لها من الاعراب، فلا تتعلق، كما شبهت ( على ) بالاسم، فاجريت مجراه وادخل عليها حرف الجر، والاصل أن تكون حرفا فكثر استعمالها بمعنى ( فوق )، فشبهت في بعض الاصول بالاسم وشبهت بالفعل فقلبت الفها ياءا مع المضمر (( تشبيها بألف رمي إذا اتصل بالمضمر، نحو رميت، وانما شبه الضمير المجرور بالمرفوع دون المنصوب، نحو رماك، لان الجار مع الضمير المجرور كالكلمة الواحدة كالرافع مع الضمير المرفوع بخلاف الناصب مع المنصوب ))(1)، وتنوب عن الفاعل مع مجرورها، ولا تتعلق، نحو : هذا رجل يُغضب عليه، كما تقول : هذا رجل يُنصت اليه، لان المرفوع هو فاعل لشبه الجملة، لنيابتها عن الفعل الناصب لها والمحذوف قبلها، والجملة ظرفية، كما جاء في قوله تعالى (( صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم – الفاتحة 7 )) فعليهم الاولى في محل نصب والثانية في محل رفع، لنيابتها عن الفاعل، بدليل مجيء المرفوع فاعلا للفعل المقدر، اذا اعتمدت شبه الجملة، نحو قول زهير بن ابي سلمى(2) :
            أمِن أمّ أوفى دمنة لم تكلم بحومانـة الدراج فالمتثــلم
لان شبه الجملة اذا اعتمدت اصبحت نائبة عن الفعل اللازم : استقر، او كان، او حصل، فكان لها فاعل صريح أو مضمر فيها.
 النتـائـج
            1.                 التبعية نسبة تقييدية رابطة للكلم توضيحا وتخصيصا وتكميلا للمتبوع.
            2.                 المطابقة في الاعراب تعني الاشتراك في الوظيفة للاسماء والاوصاف اما في التوحيد والتذكير فخاص للاوصاف، لعملها عمل افعالها.
   3.    افعل التفضيل إن استعمل بـ ( من ) او اضيف الى نكرة افرد مذكرا، لانه جاء وصفا للشيء الزائد وليس لذات الموصوف، او للعموم بسبب الاكتساب.
            4.                 الواو مع جملة الصفة رابطة توكيدية ومع جملة الحال توقيتية، لتضمن الحال معنى ( في ).
            5.                 ماكان قيدا للذات يتبع في الاعراب، و ما كان قيدا للحدث ينصب كالحال والتمييز والمفعولات.
   6.    المجرور بالحرف منصوب المحل، والمضاف اليه مجرور لفظا ومحلا، لانه معمول لنسبة تقييدية، وهما تركيب لغوي تختص به الاسمية.
            7.                 شبه الجملة مع المعارف والنكرات يكون المحل الاعرابي لمتعلقها، وليس لها كالجمل، لارتباطها المعنوي واللفظي به، لانها مقيدة له.
            8.                 إن اتفق اللفظان لفظا ومعنى ثنيا وإن اختلفا جمع بينهما بالتبعية، وإن تجاوزت الاثنين جمعت، لان التثنية جمع.
   9.    يجمع بين المترادفين بـ ( أي ) التفسيرية وهي لا تعطف ما بعدها على ما قبلها، لان العطف هو الجمع بين متغايرين لفظا ومعنى، والجملة المفسرة لا محل لها من الاعراب.
        10.            التبعية تضم جميع اقسام الكلم وتراكيبه، لانها نسبة تقييدية وليست اسنادية