الخميس، 19 يناير 2012

الصحابة : بلال بن رباح


بلال بن رباح مؤذن الرسول

(… - 20هـ/ … - 641م)

أبو عبد الله، بلال بن رباح، مؤذن رسول الله e وخازنه على بيت ماله، أصله من الحبشة. كان عبداً لأناس من بني جمح بمكة، إذ كانت أمه «حمامة» إحدى جواريهم. ويرجح أنه كان عند أمية بن خلف وبعض ولده.
كان بلال أحد السابقين إلى الإسلام، وفي الحديث: «بلال سابق الحبشة». ولمّا أظهر إسلامه لاقى شتى ألوان التعذيب من قريش، إذ كان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له:لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فيقول وهو في ذلك البلاء: أحد أحد. حتى إذا ملوا من تعذيبه جعلوا في عنقه حبلاً أمروا صبيانهم أن يطوفوا به في شعاب مكة، فما بدل كلمته وظل يردد أحد أحد. وبقي يعذب بلا رحمة حتى استنقذه أبو بكر من أيديهم  واشتراه ثم أعتقه، فصار مولى لأبي بكر. ويروى أن أمية بن خلف أراد أن ينغص على أبي بكر شراءه هذا فقال: لو أبيت إلا أوقية لبعناك، فرد أبو بكر: لو أبيتم إلا مئة لاشتريته.
هاجر بلال مع من هاجر من المسلمين إلى المدينة ونزل على سعد بن خيثمة، وآخى الرسول بينه وبين عُبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، ويقال إنه آخى بينه وبين أبي رُويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي وهو الأرجح. ويدل على ذلك أنه لما دوّن عمر الدواوين بالشام سأل بلالا: إلى من تجعل ديوانك يا بلال؟ قال: مع أبي رويحة لا أفارقه أبداً للأخوة التي كان رسول اللهe عقدها بيني وبينه، فضمه إلى أبي رويحة وضم ديوان الحبشة إلى خثعم.
لزم بلال الرسولe طوال حياته، ولما شُرع الأذان جعله النبيe مؤذناً إذ كان ندي الصوت حسنه، ونيط به أيضاً حمل «العَنَزة» أمام النبيr، والعَنَزة عصا أهداها النجاشي إلى الرسول وكان يحملها حين يخطب في الناس، كما شهد معه المشاهد كلها، ولما فتح المسلمون مكة أعطاه النبيe مفاتيح الكعبة وأمره أن يعلو ظهرها ويؤذن ففعل. ولمّا توفي الرسولe أذّن بلال لصلاة الفجر ولم يؤذن بعد ذلك.
كان بلال شديد السمرة، نحيفاً مفرطاً في الطول، خفيف العارضين، كث الشعر، متواضعاً، مع ما بلغه من تقدير المسلمين له، حتى كان عمر بن الخطّاب يقول: «أبو بكر سيّدُنا وأعتق سيّدَنا» ويقصد بلالاً. زَوَّجه الرسولe ابنة أبي البكير بن عبد ياليل الكناني لفضله وحسن إيمانه، وذكر ابن هشام أنه لم يترك عقباً له.
ولما توفي الرسولr استأذن بلال أبا بكر بالخروج مع بعوث المجاهدين فأذن له، وشهد مع أبي عبيدة فتح الشام. ويقال إن عمر طلب إليه أن يؤذن حين زار الجابية في الشام بعد الفتح فأذّن وأبكى الحاضرين. وبقي بلال في الشام مرابطاً مجاهداً في سبيل الله إلى أن وافاه الأجل في دمشق وقد شارف على الستين، ودُفن في مقبرة الباب الصغير، وقبره يزار إلى اليوم.