الخميس، 19 يناير 2012

الصحابة : عبد الله بن عمرو بن العاص


عبد الله بن عمرو بن العاص
(7 ق.هـ ـ 65 هـ/616ـ 684م)

عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل القرشي السَّهْمي، وأمُّه رَيْطة بنت منبه من بني سهم، وُلِدَ في مكة، ولم يكن بينه وبين أبيه عمرو بن العاص (ت43هـ) إلا اثنتا عشرة سنة من العمر.
أسلم عبد الله قبل أبيه، كان يسمى العاصّ تبعاً لاسم جدّه، فسمّاه النبيrعبدَ الله، وقد ترعرع في أسرة ميسورة الحال تعنى بالتجارة الخارجية.
كان عبد الله مثالاً رائعاً للفضيلة والانقطاع للعبادة والنسك، جمع بين العلم والعمل، واشْتُهِرَ بكثرة الحديث والاجتهاد، وصحّ عنه كثرة صيام النهار وقيام الليل والزهد والعمل للآخرة، حتى كبر وضعف وكُفَّ بصرُه، فندم على عدم أخذه برخصة النبي عليه الصلاة والسلام إذ قال له: «بلغني أنك تقول: لأقومَنَّ الليل وأصومَنَّ النهار ما عشت، فقال: لقد قلتُه، فقال له: لاتفعل، فصُمْ وأفطِرْ، وقُمْ ونَمْ»، وهكذا أفنى حياته بين جمع العلم ونَشْرِهِ، والجهاد والتعبد في المسجد.
لم يكن عبد الله متثاقلاً حين يأتي أمر الله بالجهاد، إذ يُرى في مقدمة صفوف المجاهدين متمنّياً الشهادة في الغزوات التي اشترك فيها، وكذلك الفتوحات التي تشرّف بالاشتراك فيها، واشْتْهِرَ بأنه كان يقاتل بسيفين، وشهد فتوح الشام مع أبيه، ولما كانت معركة صِفِّين بين علي بن أبي طالب    (ت40هـ) ومعاوية بن أبي سفيان (ت60هـ)، وقف إلى جانب معاوية خوفاً من أنْ يكون عاقاً لأبيه، ولم يُشْهِر سيفه ثم اعتزل القتال، وفرغ للعبادة والعلم.
حفظ عبد الله القرآن أولاً بأول وتدبرَّ معانيه، وكانت له عناية كبيرة بالحديث النَّبوي، ولما كان يجيد القراءة والكتابة أباح له النبيr كتابة الحديث، قال أبو هريرةt (ت58هـ): «ما كان أحد أكثر مني حديثاً إلا عبد الله فإنه كان يكتب ولم أكن أكتب».
جمع ما كتب في صحيفة سمّاها «الصحيفة الصادقة»، وقيل: إنها اشتملت على ألف حديث، وُجِدَ بعضٌ منها في مسند الإمام أحمد بن حنبل    (ت243هـ)، وكانت صحيفته من الدلائل على كتابة الحديث النبوي منذ البعثة الشريفة، وكان فوق هذا يجيد السريانية فاطلع على التوراة لتفسير قصص القرآن، وقد رُزِق عبد الله تلاميذ كثيرين، أشهرهم التابعي الجليل سعيد بن المُسيَّب (ت96هـ) أحد الفقهاء السبعة.
وقد وصل من مروياته سبعمئة حديث، ورد في الصحيحين منهما خمسة وأربعون حديثاً، وكان لمسند ابن حنبل النصيب الأكبر منها.
اختلف الرواة في مكان وفاة هذا الصحابي الجليل، وذلك لكثرة سعيه في الجهاد ونشر العلم، فقيل: توفي ـ رضوان الله عليه ـ بمصر التي فتحها أبوه عمرو بن العاص، وقيل: توفي في مكة مسقط رأسه، وقيل: توفي في عسقلان بفلسطين، عن عمر يبلغ اثنتين وسبعين سنة.