مستقبل إسرائيل
بقلم د مصطفى محمود
بالرغم من أن دولة إسرائيل تبدو لبعض العيون أنها نجم صاعد لكثرة الفرقعات التي تحدثها في محيطها السياسي إلا إنها تبدو للعيون الناقدة أنها نجم مقدر له الانفجار والزوال في الأجل القريب لأنها لا تملك أسباب هذا البقاء ولا أسباب هذا الغني الذاتي فقواها مستعارة من الحليف الأمريكي وبقاؤها علي السطح مرهون بالمساندة الأمريكية طول الوقت وبدون هذه المساندة لا تملك لنفسها أرجلا ذاتية تقف عليها في محيط العدوان والتهديد الذي تصنعه بالغطرسة والتحدي لجيرانها.
وبانهيار اتفاقات أوسلو ومدريد وكوبنهاجن وافتضاح أكذوبة السلام الملفق وباقتحام شارون للمسجد الأقصي في ثلاثة آلاف من جنوده في مشهد التحدي الذي قلب المائدة وحول المنطقة الي شعلة متقدة من الكراهية والرفض لكل ماهو اسرائيلي.. في مواجهة كل هذا التهور لن تصنع الطائرات المقاتلة التي تقصف الأطفال ولا الصواريخ التي تهدم البيوت ولا القنابل التي تفجرها في الشعب الفلسطيني حلا ولن تجبر هذا الشعب المغدور علي الجلوس الي مائدة سلام ولن تكرهه علي صلح مهين لا يرضاه.
إن الشعب الذي أصبح ظهره الي الحائط لن يرفع يديه مستسلما بل سوف يتحول الي وحش كاسر وسيحول الأمة العربية من ورائه الي شلال هادر والي قوة رافضة والي صوت واحد مدو ضد كل ماهو اسرائيلي فالمصيبة واحدة وما يهدد الفلسطيني سوف يهدد غدا كل العرب, وسوف ينال من أمنهم ومصالحهم وثرواتهم.. وشجرة الكراهية حينما تنمو سوف تمد جذورها في المنطقة كلها ولن تترك بيتا واحدا لا تسقط عليه أوراقها الذابلة الميتة.
لقد زرعت إسرائيل الغل في كل بيت.
وشجرة الغل لا ترتوي الا بالدم.. ولا تثمر الا الكراهية.
لقد أخطأت إسرائيل الحساب تماما.. فقد كشفت كل أوراقها وفضحت مكائدها مبكرا وقبل الأوان.. وصنعت بذلك الطعم المضاد لكل سمومها والجرعة المضادة لكل مكرها وتآمرها في المحيط العربي كله.. وأكثر من ذلك لفتت أنظار العالم كله الي وحشيتها وعدوانها في صورة الطفل محمد الدرة الذي حاول أن يلوذ بحضن أبيه فقتلته برصاصها..
ماذا كان يهدد به هذا الطفل الأعزل أمن الوجود الإسرائيلي؟!! هل كان الاسكندر الأكبر الذي سيدخل تل أبيب؟!!
لقد كشفت إسرائيل للعالم كله عن قبح طويتها ولؤم طبيعتها.. وأنها النذالة مجسدة.. ولا أري في أي رصاصة تطلقها علي طفل فلسطيني لتحفر بها قبره إلا انها تحفر بها قبرها معه وأنها قبرت نفسها بالفعل وأشبعت نفسها موتا قبل أن تموت وآهالت علي رأسها التراب.
ولماذا تستعمل رصاص دمدم المحرم دوليا في قتل الأطفال والشباب.. ألا تثير بعدوانها المفرط العالم كله.. ألا يبدو أنها تفوقت علي هتلر في نازيتها وعنصريتها.
إن إسرائيل حفرت قبرها بالفعل بهذه الجرائم وخسرت قضيتها وتضاءل شأنها الي مجرد فقاعة في مستنقع الزمن الراكد مصيرها أن تنفجر وتتلاشي بلا أثر وبلا ذكر وبلا تاريخ.. فهكذا ينتهي المجرمون مهما صنعوا لأنفسهم من أمجاد ومهما اخترعوا من دعايات مكذوبة.
إنما ترتفع الأمم بما تخلف من علوم وآثار وفنون وما تترك وراءها من حكمة وما تعطر به التاريخ من خلق رفيع ومبادئ سامية وأفكار خلاقة.. أما الأمم التي لا تترك إلا قنابل وغازات ورصاص فإنها حثالة الأمم.
وهل تركت النازية بعد موتها إلا القبور الجماعية.
وهل سوف تترك الصهيونية بعد موتها إلا ديارا خربة وسيرة كريهة.
هكذا تبدو النهاية من المشاهد القليلة التي رأيناها في هذا الشريط العجيب الذي اسمه اسرائيل.
ولم يعد لأمتنا العربية خيار إلا أن تواجه هذا الطاغوت..
لقد حكمت علي نفسها وما حكمنا عليها.. وكان شأنها كشأن المجرمين يوم القيامة.. يقول لهم ربنا.. ما حكمنا عليكم بل حكمتم علي أنفسكم وحكمت عليكم أفعالكم وكنتم أهل النار من البداية.
لقد اختارت اسرائيل أن تكون خصما لكل العرب.. فلم يبق للعرب خيار الا الدفاع عن أنفسهم ومواجهة العداوة بعداوة.
ولا يوجد طريق ثالث.
ماذا تحاول إسرائيل أن تقوله للعالم بالضبط.
أنها تستطيع أن تسطو علي وطن؟. وأنها تستطيع أن تغتصب أرضا من أصحابها بقوة السلاح؟!! وأنها تستطيع أن تلقي القنابل علي شعب أعزل؟! وأنها تستطيع أن تطلق الرصاص علي الأطفال دون أن يطرف لها جفن؟! وأنها تستطيع أن تباشر الاجرام في وجه استنكار عالمي.. وأنها تستطيع أن تنتهك القانون في وجه مؤسسات القانون ذاتها؟!!
حسنا ياسادة.. لقد استطاعت إسرائيل أن تفعل كل هذا في جرأة وتبجح وشراسة لا مثيل لها واستطاعت أن تثبت أنها بلا ضمير.. وبلا قلب.. وبلا وجدان.. وبلا عقل أيضا.
وماذا بعد؟!!
أي جدارة.. وأي تفوق سجلته لنفسها في موسوعة جينيس
سجلت أعلي رقم في الغدر.
وسجلت أعلي رقم في ظلم الانسان لنفسه وظلمه للآخرين.
وسجلت أعلي رقم في استهتار الانسان بالقيم الانسانية كلها.
وسجلت أعلي رقم في الكذب بدعوي انها فعلت كل هذا لإعادة الاعتبار للدين اليهودي.. مع ان النبي موسي يلعنها ويتبرأ منها في قبره.. فما فعلته لا يدخل تحت أي ملة ولا يتفق مع أي دين.. واليهود قتلوا أنبياءهم في الماضي.. ومازالوا يقتلون تعاليم هؤلاء الأنبياء الي الآن.
وماذا بعد..؟
لا شئ..
إن إسرائيل لن تصل الي شئ.
ولن تحقق العلو الذي تطمح إليه.
وهي لا تعلو الآن بل تسفل.
وتنزل الي دركات بعد دركات.. من الظلم.
وأمريكا تساندها وتشد أزرها.. وهي شريك في الظلم الذي تباشرة.. وفي العدوان الذي تبرره بسياستها وتغطيه باعلامها وتزيفه بأخبارها.
وإذا كانت حقوق الدنيا تضيع علي بعض الناس فان حقوق المظلومين لا تضيع عند الله.. فالملائكة يكتبون.. والحفظة يسجلون.. واحتمال الأخطاءالتي وردت في انتخابات بوش وآل جور.. والتي تحدثت عنها الدنيا.. لا مجال لحدوثها في الآخرة.. فالآخرة هي عالم الحق الذي لا يحق فيه إلا الحق.. ولن يستطيع ظالم أن يحصل علي شميم نسمة من نسيم من الجنة بلا حق.
ولن يعني هذا أن إسرائيل سوف تفوز بالدنيا.. بل حتي هذه لن تفوز بها.. بل سوف تشهد هزيمتها في الدنيا قبل الآخرة.. وسوف تنتكس أعلامها علي مشهد من العالمين.. وقبل أن يسدل الستار علي الدنيا ومافيها.
وموعدنا السنوات القليلة المقبلة ياشارون.
لقد شاهدتك علي شاشات التليفزيون في طليعة الثلاثة آلاف من جنودك وأنت تخوض في هذا البحر من الحراسة وتدوس بحذائك رحبات المسجد الأقصي المطهرة وأنت تتلفت في أبهة ولا مبالاة وتطوف نشوانا معتزا بالألوف الذين يشدون أزرك وقد تماسكت الأيدي بالأيدي في سياج حصين وكأنك الفرعون العظيم في جنده.
ولن أنسي هذا المشهد ونظرات الاستفزاز تلمع في عينيك وأنت تتلفت مختالا تفيض خطواتك الواثقة بالتحدي والغرور وكأنك امتلكت الدنيا ومافيها فهكذا كان يبدو لك.. وهكذا كان يبدو لمن يراك.. ويأتيني بعد ذلك مشهد عرب فلسطين.. يركعون ويسجدون في هذه الرحبات نفسها ومن خلفهم بنادق جنود اسرائيل مشهرة وأسأل نفسي.
هل تصورت أنك امتلكت كل شئ يا شارون وأن المسجد أصبح مسجدك تسمح أو لا تسمح فيه بالصلاة لمن تشاء.
وتأتيني خطوات صاحبك باراك المسرعة دائما تنهب الأرض.. يريد أن يلحق بشئ يخشي دائما أن يفوته.. وهو الآخر يتلفت يمنه ويسره في قلق الي جمهور خيالي لا وجود له وينتظر تصفيقا لا يحدث.
وأسأل نفسي..
أين تذهب به أحلامه..؟!
ولا أراني أملك فصاحة التعبير.. ولا ملكة التنبؤ بالمستقبل.. ولا معرفة الغيب.
ولكني التفت ورائي.. الي الاسكندر المقدوني.. والي هانيبال.. والي أمثال هتلر وموسوليني.. والي كوكبة الغزاة عبر التاريخ.. فهل يحلم أن يكون منهم..؟!
أم أنه يتطلع الي فوق.. ويتصور أنه يسير علي خطي الأنبياء. وأنه داود.. أو سليمان الذي حكم ممالك الجن.. وأن مفاتيح رقاب الخلق في يده يفعل بهم ما يشاء.. وأن له أن يحيي وأن يميت.. وأن له الحكم والتصريف.. والكل رهن أمره.
هكذا يبدو وهو يسير في خطاه الواثقة في يده اليمني أمريكا وفي يده اليسري مصائر أطفال فلسطين.. هل تدرك أمريكا الي أي منحدر يقودها.. والي اي هوة من المظالم يهودي بها.
هل تدرك أمريكا الي أي منحدر تسير.. والي أي مهلك يقودها شراذم اليهود.
أي نعمة كبري أن يكون الواحد منا علي الشاطئ ينظر ويتأمل دون أن تنزلق قدمه الي الدوامة.. وأن يكون حظه مجرد ا لنظر.. واستخراج العبرة.. دون أن تزل قدمه الي وادي المهالك.
ان مايجري أمامنا شئ فظيع.. وما تفعله إسرائيل أشبه بالجريمة الكاملة.. والفاعل.. والشهود.. والعالم الذي يتفرج.. الكل مسئول.
وما تفعله اسرائيل ليس انتصارا.. وإنما جريمة.. مع سبق الاصرار والترصد.
والشاهد الساكت فيها شيطان أخرس.. وما أكثر الشهود الساكتين.
وإذا ظن الجناة الكبار أنهم سوف يفلتون.. فانهم يحلمون.. فهناك شاهد الشهود الذي لا ينام والذي بيده مقاليد الأمر كله.. هناك رب الكون الذي خلقه.
والقصة لم تنته بعد.
ومازالت عجلة الحوادث تتداعي.. والعرض مستمر كل يوم.. والدبابات تحصد أطفالا ليس في أيديهم إلا الحجارة.. ومنظار الرشاش يوجه الطلقات الي الرأس دائما.. فيسقط الطفل لفوره.
الا يخشي هذا الجندي أن تشل يده وهو يقتل.
ألا يعلم أن الله هو الذي أودع في الجهاز العصبي هذه القدرة علي النشان وإصابة الهدف.
ألا يدرك أنه يستخدم هذه النعمة الإلهية في عمل إجرامي.. وأن الله يمكن أن يسلبه تلك القدرة الي الأبد.. أم أنه أسكت عقله وأصم أذنيه وأغلق منافذ فكره وعطل ضميره وتحول الي مجرد آلة بلا روح.. ومسخ بشري بلا شعور.
أليست هذه الحالة هي الهزيمة بعينها.
ألا يعلم باراك أنه يهزم أشرف المشاعر في جنوده وأنه يشوه جنوده بهذه المعارك وأنه سوف يفقدهم واحدا بعد آخر ويحكم عليهم بالإدمان والإنهيار والضياع.. ويحولهم الي كتيبة من الحيوانات.
ان القصة ستكون لهانهاية مأسوية ياسيادة المارشال.. وما تظنه انتصارا ليس انتصارا بالمرة.. والرصاصة التي ستقتل الطفل سوف تصيبك أنت أيضا في مقتل. وسوف تدرك هذا بعد زمن وبعد فوات الأوان.
إن الانسان لا يمكن أن يتحول الي مجرد آلة قتل عمياء إلا إذا فقد روحه.
وإذا فقد الإنسان روحه فقد كل شئ.
وسوف تدرك هذا قريبا.
اقتل يا سيادة المارشال.. أقتل.. فأنت مجرد قاتل لا أكثر.
بالرغم من أن دولة إسرائيل تبدو لبعض العيون أنها نجم صاعد لكثرة الفرقعات التي تحدثها في محيطها السياسي إلا إنها تبدو للعيون الناقدة أنها نجم مقدر له الانفجار والزوال في الأجل القريب لأنها لا تملك أسباب هذا البقاء ولا أسباب هذا الغني الذاتي فقواها مستعارة من الحليف الأمريكي وبقاؤها علي السطح مرهون بالمساندة الأمريكية طول الوقت وبدون هذه المساندة لا تملك لنفسها أرجلا ذاتية تقف عليها في محيط العدوان والتهديد الذي تصنعه بالغطرسة والتحدي لجيرانها.
وبانهيار اتفاقات أوسلو ومدريد وكوبنهاجن وافتضاح أكذوبة السلام الملفق وباقتحام شارون للمسجد الأقصي في ثلاثة آلاف من جنوده في مشهد التحدي الذي قلب المائدة وحول المنطقة الي شعلة متقدة من الكراهية والرفض لكل ماهو اسرائيلي.. في مواجهة كل هذا التهور لن تصنع الطائرات المقاتلة التي تقصف الأطفال ولا الصواريخ التي تهدم البيوت ولا القنابل التي تفجرها في الشعب الفلسطيني حلا ولن تجبر هذا الشعب المغدور علي الجلوس الي مائدة سلام ولن تكرهه علي صلح مهين لا يرضاه.
إن الشعب الذي أصبح ظهره الي الحائط لن يرفع يديه مستسلما بل سوف يتحول الي وحش كاسر وسيحول الأمة العربية من ورائه الي شلال هادر والي قوة رافضة والي صوت واحد مدو ضد كل ماهو اسرائيلي فالمصيبة واحدة وما يهدد الفلسطيني سوف يهدد غدا كل العرب, وسوف ينال من أمنهم ومصالحهم وثرواتهم.. وشجرة الكراهية حينما تنمو سوف تمد جذورها في المنطقة كلها ولن تترك بيتا واحدا لا تسقط عليه أوراقها الذابلة الميتة.
لقد زرعت إسرائيل الغل في كل بيت.
وشجرة الغل لا ترتوي الا بالدم.. ولا تثمر الا الكراهية.
لقد أخطأت إسرائيل الحساب تماما.. فقد كشفت كل أوراقها وفضحت مكائدها مبكرا وقبل الأوان.. وصنعت بذلك الطعم المضاد لكل سمومها والجرعة المضادة لكل مكرها وتآمرها في المحيط العربي كله.. وأكثر من ذلك لفتت أنظار العالم كله الي وحشيتها وعدوانها في صورة الطفل محمد الدرة الذي حاول أن يلوذ بحضن أبيه فقتلته برصاصها..
ماذا كان يهدد به هذا الطفل الأعزل أمن الوجود الإسرائيلي؟!! هل كان الاسكندر الأكبر الذي سيدخل تل أبيب؟!!
لقد كشفت إسرائيل للعالم كله عن قبح طويتها ولؤم طبيعتها.. وأنها النذالة مجسدة.. ولا أري في أي رصاصة تطلقها علي طفل فلسطيني لتحفر بها قبره إلا انها تحفر بها قبرها معه وأنها قبرت نفسها بالفعل وأشبعت نفسها موتا قبل أن تموت وآهالت علي رأسها التراب.
ولماذا تستعمل رصاص دمدم المحرم دوليا في قتل الأطفال والشباب.. ألا تثير بعدوانها المفرط العالم كله.. ألا يبدو أنها تفوقت علي هتلر في نازيتها وعنصريتها.
إن إسرائيل حفرت قبرها بالفعل بهذه الجرائم وخسرت قضيتها وتضاءل شأنها الي مجرد فقاعة في مستنقع الزمن الراكد مصيرها أن تنفجر وتتلاشي بلا أثر وبلا ذكر وبلا تاريخ.. فهكذا ينتهي المجرمون مهما صنعوا لأنفسهم من أمجاد ومهما اخترعوا من دعايات مكذوبة.
إنما ترتفع الأمم بما تخلف من علوم وآثار وفنون وما تترك وراءها من حكمة وما تعطر به التاريخ من خلق رفيع ومبادئ سامية وأفكار خلاقة.. أما الأمم التي لا تترك إلا قنابل وغازات ورصاص فإنها حثالة الأمم.
وهل تركت النازية بعد موتها إلا القبور الجماعية.
وهل سوف تترك الصهيونية بعد موتها إلا ديارا خربة وسيرة كريهة.
هكذا تبدو النهاية من المشاهد القليلة التي رأيناها في هذا الشريط العجيب الذي اسمه اسرائيل.
ولم يعد لأمتنا العربية خيار إلا أن تواجه هذا الطاغوت..
لقد حكمت علي نفسها وما حكمنا عليها.. وكان شأنها كشأن المجرمين يوم القيامة.. يقول لهم ربنا.. ما حكمنا عليكم بل حكمتم علي أنفسكم وحكمت عليكم أفعالكم وكنتم أهل النار من البداية.
لقد اختارت اسرائيل أن تكون خصما لكل العرب.. فلم يبق للعرب خيار الا الدفاع عن أنفسهم ومواجهة العداوة بعداوة.
ولا يوجد طريق ثالث.
ماذا تحاول إسرائيل أن تقوله للعالم بالضبط.
أنها تستطيع أن تسطو علي وطن؟. وأنها تستطيع أن تغتصب أرضا من أصحابها بقوة السلاح؟!! وأنها تستطيع أن تلقي القنابل علي شعب أعزل؟! وأنها تستطيع أن تطلق الرصاص علي الأطفال دون أن يطرف لها جفن؟! وأنها تستطيع أن تباشر الاجرام في وجه استنكار عالمي.. وأنها تستطيع أن تنتهك القانون في وجه مؤسسات القانون ذاتها؟!!
حسنا ياسادة.. لقد استطاعت إسرائيل أن تفعل كل هذا في جرأة وتبجح وشراسة لا مثيل لها واستطاعت أن تثبت أنها بلا ضمير.. وبلا قلب.. وبلا وجدان.. وبلا عقل أيضا.
وماذا بعد؟!!
أي جدارة.. وأي تفوق سجلته لنفسها في موسوعة جينيس
سجلت أعلي رقم في الغدر.
وسجلت أعلي رقم في ظلم الانسان لنفسه وظلمه للآخرين.
وسجلت أعلي رقم في استهتار الانسان بالقيم الانسانية كلها.
وسجلت أعلي رقم في الكذب بدعوي انها فعلت كل هذا لإعادة الاعتبار للدين اليهودي.. مع ان النبي موسي يلعنها ويتبرأ منها في قبره.. فما فعلته لا يدخل تحت أي ملة ولا يتفق مع أي دين.. واليهود قتلوا أنبياءهم في الماضي.. ومازالوا يقتلون تعاليم هؤلاء الأنبياء الي الآن.
وماذا بعد..؟
لا شئ..
إن إسرائيل لن تصل الي شئ.
ولن تحقق العلو الذي تطمح إليه.
وهي لا تعلو الآن بل تسفل.
وتنزل الي دركات بعد دركات.. من الظلم.
وأمريكا تساندها وتشد أزرها.. وهي شريك في الظلم الذي تباشرة.. وفي العدوان الذي تبرره بسياستها وتغطيه باعلامها وتزيفه بأخبارها.
وإذا كانت حقوق الدنيا تضيع علي بعض الناس فان حقوق المظلومين لا تضيع عند الله.. فالملائكة يكتبون.. والحفظة يسجلون.. واحتمال الأخطاءالتي وردت في انتخابات بوش وآل جور.. والتي تحدثت عنها الدنيا.. لا مجال لحدوثها في الآخرة.. فالآخرة هي عالم الحق الذي لا يحق فيه إلا الحق.. ولن يستطيع ظالم أن يحصل علي شميم نسمة من نسيم من الجنة بلا حق.
ولن يعني هذا أن إسرائيل سوف تفوز بالدنيا.. بل حتي هذه لن تفوز بها.. بل سوف تشهد هزيمتها في الدنيا قبل الآخرة.. وسوف تنتكس أعلامها علي مشهد من العالمين.. وقبل أن يسدل الستار علي الدنيا ومافيها.
وموعدنا السنوات القليلة المقبلة ياشارون.
لقد شاهدتك علي شاشات التليفزيون في طليعة الثلاثة آلاف من جنودك وأنت تخوض في هذا البحر من الحراسة وتدوس بحذائك رحبات المسجد الأقصي المطهرة وأنت تتلفت في أبهة ولا مبالاة وتطوف نشوانا معتزا بالألوف الذين يشدون أزرك وقد تماسكت الأيدي بالأيدي في سياج حصين وكأنك الفرعون العظيم في جنده.
ولن أنسي هذا المشهد ونظرات الاستفزاز تلمع في عينيك وأنت تتلفت مختالا تفيض خطواتك الواثقة بالتحدي والغرور وكأنك امتلكت الدنيا ومافيها فهكذا كان يبدو لك.. وهكذا كان يبدو لمن يراك.. ويأتيني بعد ذلك مشهد عرب فلسطين.. يركعون ويسجدون في هذه الرحبات نفسها ومن خلفهم بنادق جنود اسرائيل مشهرة وأسأل نفسي.
هل تصورت أنك امتلكت كل شئ يا شارون وأن المسجد أصبح مسجدك تسمح أو لا تسمح فيه بالصلاة لمن تشاء.
وتأتيني خطوات صاحبك باراك المسرعة دائما تنهب الأرض.. يريد أن يلحق بشئ يخشي دائما أن يفوته.. وهو الآخر يتلفت يمنه ويسره في قلق الي جمهور خيالي لا وجود له وينتظر تصفيقا لا يحدث.
وأسأل نفسي..
أين تذهب به أحلامه..؟!
ولا أراني أملك فصاحة التعبير.. ولا ملكة التنبؤ بالمستقبل.. ولا معرفة الغيب.
ولكني التفت ورائي.. الي الاسكندر المقدوني.. والي هانيبال.. والي أمثال هتلر وموسوليني.. والي كوكبة الغزاة عبر التاريخ.. فهل يحلم أن يكون منهم..؟!
أم أنه يتطلع الي فوق.. ويتصور أنه يسير علي خطي الأنبياء. وأنه داود.. أو سليمان الذي حكم ممالك الجن.. وأن مفاتيح رقاب الخلق في يده يفعل بهم ما يشاء.. وأن له أن يحيي وأن يميت.. وأن له الحكم والتصريف.. والكل رهن أمره.
هكذا يبدو وهو يسير في خطاه الواثقة في يده اليمني أمريكا وفي يده اليسري مصائر أطفال فلسطين.. هل تدرك أمريكا الي أي منحدر يقودها.. والي اي هوة من المظالم يهودي بها.
هل تدرك أمريكا الي أي منحدر تسير.. والي أي مهلك يقودها شراذم اليهود.
أي نعمة كبري أن يكون الواحد منا علي الشاطئ ينظر ويتأمل دون أن تنزلق قدمه الي الدوامة.. وأن يكون حظه مجرد ا لنظر.. واستخراج العبرة.. دون أن تزل قدمه الي وادي المهالك.
ان مايجري أمامنا شئ فظيع.. وما تفعله إسرائيل أشبه بالجريمة الكاملة.. والفاعل.. والشهود.. والعالم الذي يتفرج.. الكل مسئول.
وما تفعله اسرائيل ليس انتصارا.. وإنما جريمة.. مع سبق الاصرار والترصد.
والشاهد الساكت فيها شيطان أخرس.. وما أكثر الشهود الساكتين.
وإذا ظن الجناة الكبار أنهم سوف يفلتون.. فانهم يحلمون.. فهناك شاهد الشهود الذي لا ينام والذي بيده مقاليد الأمر كله.. هناك رب الكون الذي خلقه.
والقصة لم تنته بعد.
ومازالت عجلة الحوادث تتداعي.. والعرض مستمر كل يوم.. والدبابات تحصد أطفالا ليس في أيديهم إلا الحجارة.. ومنظار الرشاش يوجه الطلقات الي الرأس دائما.. فيسقط الطفل لفوره.
الا يخشي هذا الجندي أن تشل يده وهو يقتل.
ألا يعلم أن الله هو الذي أودع في الجهاز العصبي هذه القدرة علي النشان وإصابة الهدف.
ألا يدرك أنه يستخدم هذه النعمة الإلهية في عمل إجرامي.. وأن الله يمكن أن يسلبه تلك القدرة الي الأبد.. أم أنه أسكت عقله وأصم أذنيه وأغلق منافذ فكره وعطل ضميره وتحول الي مجرد آلة بلا روح.. ومسخ بشري بلا شعور.
أليست هذه الحالة هي الهزيمة بعينها.
ألا يعلم باراك أنه يهزم أشرف المشاعر في جنوده وأنه يشوه جنوده بهذه المعارك وأنه سوف يفقدهم واحدا بعد آخر ويحكم عليهم بالإدمان والإنهيار والضياع.. ويحولهم الي كتيبة من الحيوانات.
ان القصة ستكون لهانهاية مأسوية ياسيادة المارشال.. وما تظنه انتصارا ليس انتصارا بالمرة.. والرصاصة التي ستقتل الطفل سوف تصيبك أنت أيضا في مقتل. وسوف تدرك هذا بعد زمن وبعد فوات الأوان.
إن الانسان لا يمكن أن يتحول الي مجرد آلة قتل عمياء إلا إذا فقد روحه.
وإذا فقد الإنسان روحه فقد كل شئ.
وسوف تدرك هذا قريبا.
اقتل يا سيادة المارشال.. أقتل.. فأنت مجرد قاتل لا أكثر.