الجمعة، 10 مايو 2013

الموسوعة الكبرى للفتاوى : كفارة الجماع في نهار رمضان

كفارة الجماع في نهار رمضان


السؤال:
اطلعنا على الطلب الوارد إلينا عن طريق الإنترنت - المقيد برقم 2360 لسنة 2003 المتضمن :- سبق لي وقبل أن يمن الله علي بالزواج أن جامعت فتاة من دبرها في نهار رمضان وبعد أن أنهيت شهوتي ندمت ندما شديدا على ذلك ويشهد الله على هذا وقد تبت إلى الله واسأله القبول والمغفرة وها أنا ذا وبعد مرور خمس سنين على زواجي لم أقع ولله الحمد في الحرام مطلقا واسأله الثبات على ذلك. . ولكن سؤالي هل يكفي ندمي وتوبتي أم يلزمني كفارة ؟ علما بأنني حينها لم اكن اعلم بوجود عقوبة أو كفارة سوى علمي بوجوب قضاء صيام ذلك اليوم فقط ولو كنت اعلم بوجود عقوبة أو كفارة أو خلاف ذلك لما أقدمت على فعله قطعا. . . فهل يعاقب ويجازى المؤمن على شي لا يعلمه أي جاهل به؟؟؟؟؟ وان سبب سؤالي بعد طول هذه المدة هو أنني علمت وبعد زواجي بان الرجل إذا جامع امرأته في نهار رمضان عليه كفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين وهذه إذا واقع زوجته أي حلاله. . وأنا لم أواقع إلا فتاة محرمة علي وفي نهار رمضان. . فهل أعذر بجهلي للحكم؟؟ أو العقوبة ؟؟؟ وهل تكفي توبتي وندمي. . ؟؟؟
المفتي :
فضيلة الاستاذ الدكتور/ علي جمعة.
الجواب:
إتيان الزوجة من دبرها أمر منكر ومحرم شرعاً وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقد روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ملعون من أتى امرأته في دبرها " رواه أحمد وأبو داود ومعلون أي مطرود من رحمة الله وفي لفظ " لا ينظر الله رجل جامع امرأته في دبرها " رواه احمد وابن ماجة وبمقتضى هذه النصوص يحرم إتيان الزوج زوجته في دبرها.
وعلى ذلك وفي واقعة السؤال : فإن ما قام به السائل مع فتاة أجنبية عنه أمر محرم شرعاً سواء كان ذلك في دبرها أو غير ذلك سواء كان ذلك في رمضان أو غيره من الشهور وما دام انك قد أقلعت عن هذا الفعل المحرم وندمت على ما فعلت فلا تيأس من رحمة الله وفضله لقوله تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)
والله سبحانه وتعالى أعلم.

السؤال الثانى

السؤال:
اطلعنا على الطلب الوارد إلينا عن طريق الإنترنت - المقيد برقم 2339 لسنة 2003 المتضمن :-
1- هل إيداع مبلغ من المال في أحد البنوك الإسلامية مثل البنك الأهلي الفرع الإسلامي يجوز ؟
2- إذا دخلت في المسجد وهم يصلون العشاء وأنا أريد صلاة المغرب أولا ، ماذا أفعل ؟
3- هل قضاء رمضان يلزمه تبيت النية قبل الفجر أم يجوز إيقاع النية بعد الفجر ؟
4- إذا جامع الرجل زوجته أثناء قضاء الفريضة لأحدهما فما الحكم ؟
المفتي : فضيلة الاستاذ الدكتور/ علي جمعة.
الجواب:
1- اختلف الفقهاء منذ ظهور البنوك في العصر الحديث في تصوير شأنها طبقاً لاختلاف أهل القانون والاقتصاد في ذلك التصوير فيما إذا كانت العلاقة بين العملاء والبنك هي علاقة القرض كما ذهب إليه القانونيون أو هي علاقة الاستثمار كما ذهب إليه الاقتصاديون ، والاختلاف في التصوير ينبني عليه اختلاف في تكييف الواقعة ؛ حيث إن مَن كيّفها قرضاً عده عقد قرض جر نفعاً فكان الحكم بناء على ذلك أنه من الربا المحرم ، ثم اختلفت الفتوى فرأى بعضهم أن هذا من قبيل الضرورات التي يجوز للمسلم عند الاضطرار إليها أن يفعلها بناء على قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" أخذاً من عموم قوله تعالى : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (البقرة:173) ، ورأى بعضهم أنه ليس من باب الضرورة ؛ حيث إن الضرورة تعرف شرعاً بأنها ما لم يتناولها الإنسان هلك أو قارب على الهلاك ، وبعض هؤلاء رأى الجواز من قاعدة الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة ، ومن سلك في التكييف مسلك الاستثمار فبعضهم عدها من قبيل المضاربة الفاسدة التي يمكن أن تصحح بإجارة وبعضهم ذهب إلى أنها معاملة جديدة وعقد جديد غير مسمى في الفقه الإسلامي الموروث فاجتهد فيه اجتهاداً جديداً كما اجتهد فقهاء سمرقند في عقد بيع الوفاء باعتباره عقداً جديداً ،وكما اجتهد شيخ الإسلام أبو السعود في عقد المعاملة وحكم بحلها كما حكم الأولون بحل الوفاء ؛ وذلك لمراعاة مصالح الناس ولشدة الحاجة إليها ، ولاستقامة أحوال السوق بها ، ولترتب معاش الخلق عليها ، ولمناسبتها لمقتضيات العصر من تطور المواصلات والاتصالات والتقنيات الحديثة وزيادة السكان وضعف الروابط الاجتماعية وتطور علوم المحاسبة وإمساك الدفاتر واستقلال الشخصية الاعتبارية عن الشخصية الطبيعية وغير ذلك كثير .
فالحاصل أن الخلاف قد وقع في تصور مسألة التعامل في البنوك ومع البنوك وفي تكييفها وفي الحكم عليها وفي الإفتاء بشأنها . والقواعد المقررة شرعاً :-
أولاً : أنه إنما ينكر ترك المتفق على فعله أو فعل المتفق على حرمته ، ولا ينكر المختلف فيه .
ثانياً : أن الخروج من الخلاف مستحب .
ثالثاً : أنه من ابتلي بشيء من المختلف فيه فليقلد من أجاز .
ومن المعلوم من الدين بالضرورة حرمة الربا حيث وردت حرمته في صريح الكتاب والسنة وأجمعت الأمة على تحريمه ، قال تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ( 275 من سورة البقرة )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه " رواه البخاري ومسلم .
ولكن الخلاف حدث فيما إذا كان هذا الحاصل في واقع البنوك من قبيل الربا المحرم شرعاً ، أو أنه من قبيل العقود الفاسدة المحرمة شرعاً أيضاً ، أو أنها من قبيل العقود المستحدثة والحكم فيها الحل إذا حققت مصالح أطرافها ولم تشتمل على ما حرم شرعاً .
وبناء على ما سبق: فإنه يجب على كل مسلم أن يدرك أن الربا قد حرمه الله سبحانه وتعالى وأنه متفق على حرمته ، ويجب عليه أن يدرك أن أعمال البنوك اختلف في تصويرها وتكييفها والحكم عليها والإفتاء بشأنها ، وأن يدرك أن الخروج من الخلاف مستحب ، ومع ذلك فله أن يقلد من أجاز ولا حرمة عليه حينئذ في التعامل مع البنك بكافة صوره أخذاً وإعطاءً وعملاً وتعاملاً ونحوها وكذلك ما يترتب على هذا من معاملات كالتأمينات .
2- إذا دخل السائل المسجد فوجد قوما يصلون العشاء وهو يريد أن يصلي المغرب أولا فيمكنه أن يصلي العشاء معهم ثم بعد السلام من العشاء يصلي المغرب الذي فاته ، وعندئذ يكتفي بذلك ، يأتي بالعشاء مرة أخرى ليتم له الترتيب بين الصلوات على رأي من اشترط ذلك .
ويمكنه أيضاً أن يدخل معهم بنية المغرب فإذا كان مسبوقا بركعة سلم معهم ، وإذا كان مسبوقا بأكثر من ذلك قام بعد سلام الإمام ليأتي بما بقي عليه ، وإن كان موافقا للإمام وليس مسبوقا فيجلس بعد الثالثة ولا يقوم مع الإمام في رابعته بل ينتظره جالسا على هيئة التشهد إلى أن يتشهد الإمام بعد رابعته ويسلم مع الإمام ، وفي أثناء هذا الانتظار له أن يذكر الله تعالى أو يدعو أو يقرأ القرآن أو يسكت . ثم بعد ذلك بأتي بصلاة العشاء بعد الانتهاء من المغرب .
3- يلزم لقضاء رمضان تبييت النية كما يلزم لأدائه ، وهكذا كل صيام فريضة : أداء وقضاء ونذرا يلزم فيه تبييت النية ، أي إيقاعها قبل الفجر .
4- إذا جامع الرجل في نهار رمضان فعليه الكفارة العظمى مع قضاء اليوم الذي أفطره ، أي يقضي اليوم ثم عليه صيام ستين يوما متتابعة وعلية التوبة من هذا الإثم بالندم والعزم على عدم العودة إليه أبدا . هذا إذا كان هو صائما ، أما إن كانت هي فقط الصائمة فلا كفارة عليه ولا قضاء ، أما المرأة فإن كانت صائمة وأفطرت بالجماع في صيام الفريضة ( أداء رمضان أو قضائه أو نذر ) فعليها القضاء فقط ولا كفارة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من جامع في رمضان بالكفارة عن نفسه ولم يأمره أن يخبر زوجته أيضًا بأن عليها الكفارة ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، فعلم من ذلك أن عليها القضاء فقط ، مع التوبة ، أما إن لم تكن صائمة فليس عليها قضاء ولا كفارة .
والله سبحانه وتعالى أعلم