سلس البول عذر يبيح الترخص بقدره
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
جمادى الأولى 1372 هجرية - 1 فبراير 1953 م
المبادئ
1 - خروج البول ولو قطرة واحدة ناقض للوضوء لحديث أبى هريرة .
2 - إذا دام خروجه واسترسل ولم يستطع منعه - وهو المعروف باسم سلس البول - كان عذرا يبيح الترخص بقدره .
والضرورات تبيح المحظورات .
3 - جمهور الفقهاء قاسوا أرباب الأعذار على المستحاضة لورود النص فيها .
فالحنفية والحنابلة والظاهرية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لوقت كل صلاة .
والشافعية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لكل فريضة، ولا تصلى به فريضة أخرى حتى تتوضأ لها .
والمالكية ذهبوا إلى أن العذر لا ينقض الوضوء مطلقا . 4 - الثوب الذى تصيبه نجاسة العذر - قيل يجب غسله، وقيل يجب غسل الزائد عن العذر المعفو عنه إذا أفاد الغسل
السؤال
فى شخص يكثر خروج البول منه وخاصة فى فصل الشتاء بغير إرادته فهل ينتقض وضوؤه بذلك وهل يجب عليه تطهير ثوبه كلما أصابه البول فى هذه الحالة
الجواب
خروج البول ولو قطرة واحدة ناقض للوضوء لحديث أبى هريرة قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) غير أنه إذا دام خروجه واسترسل ولم يستطع منعه ( وهو المعروف باسم سلس البول ) كان عذرا يبيح الترخص بقدره والضرورات تبيح المحظورات، والمشقة تجلب التيسير، وحكم من ابتلى بهذا العذر ونحوه كاستطلاق بطن أو انفلات ريح أو رعاف دائم أو جرح لا يرقأ حكم المستحاضة ( وهى ذات دم نقص عن أقل مدة الحيض أو زاد على أكثر مدة النفاس أو زاد على عادتها فى أقل مدة الحيض والنفاس وتجاوز أكثرهما أو حبلى أو آيسة ) وقد نص الحنفية على أنها تتوضأ لوقت كل فرض، لا لكل فرض ولا لكل نفل، وتصلى به ما شاءت من الفرائض والنوافل فى الوقت ويبطل وضوؤها بخروجه عند أبى حنيفة ومحمد ويجب أن تستأنف الوضوء للوقت الآخر وكذلك من سلس البول ونحوه - ويشترط لثبوت العذر ابتداء أن يستوعب وقتا كاملا من أوقات الصلاة بحيث لا ينقطع زمنا يسع الوضوء والصلاة والانقطاع اليسير فى حكم العدم، وشرط بقائه ودوامه بعد ذلك أن يوجد ولو مرة واحدة فى كل وقت كامل من أوقات الصلاة، ولا يعد منقطعا إلا إذا زال وقتا كاملا وأما الثوب الذى تصيبه نجاسة العذر فقيل لا يجب غسله لأن قليل النجاسة يعفى عنه، وقدر فى النجاسة المائعة بقدر مقعر الكف فألحق به الكثير للضرورة، ولأن العذر غير ناقض للوضوء فلم يكن نجسا حكما .
وقيل يجب غسل الزائد عن القدر المعفو عنه إذا أفاد الغسل بأن كان لا يصيبه مرة بعد أخرى وإلا لا يجب مادام العذر قائما واختاره مشايخ الحنفية وصححه فى البدائع - وقال ابن قدامة الحنبلى فى شرحه الكبير على متن المقنع ( إن المستحاضة تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلى ما شاءت من الصلوات، وكذلك من به سلس البول والمذى والريح والجريح الذى لا يرقأ دمه والرعاف الدائم ويجوز لهؤلاء الجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت والتنفل إلى خروج لوقت، فإذا توضأ قبل الوقت وخرج منه شىء من الحدث بطل وضوؤه، وإذا توضأ بعد دخول الوقت صح وارتفع الحدث ولم يؤثر فى الوضوء ما يتجدد من الحدث الذى لا يمكن التحرز منه، وإذا خرج الوقت بطل الوضوء ) - ملخصا - .
وذهب الشافعية كما فى المجموع وشرح المنهاج ( أن المدار فى ثبوت العذر على الاستمرار والدوام غالبا ، ويجب فى الاستحاضة وما ألحق بها غسل النجاسة وشد المحل بنحو عصابة عقب الغسل، والوضوء لكل فريضة عقب الشد فى وقت الصلاة لا قبله لأنها طهارة ضرورة فتتقيد به كالتيمم، والمبادرة بالصلاة عقب الوضوء إلا لمصلحة تتعلق بالصلاة كانتظار الجماعة، ويصلى به الفريضة والنوافل القبلية والبعدية ولا يصلى به فريضة أخرى حتى يتوضأ لها - ولا يبطل الوضوء والصلاة بتجدد الحدث أثناءهما ) تلخيص - وفى مذهب المالكية ( كما فى شروح متن خليل ) طريقتان - إحداهما أن العذر لا ينقض الوضوء مطلقا ولا تبطل به الصلاة غير أنه يستحب لمن ابتلى به أن يتوضأ لكل صلاة إلا أن يؤذيه البرد والأخرى وهى التى شهرها ابن رشد أنه لا ينتقض الوضوء ولا تبطل الصلاة إذا لازم نصف وقت الصلاة على الأقل إلا أنه يستحق الوضوء إذا لازم نصف الوقت أو أكثره لا إن لازم كل الوقت، وينتقض الوضوء إذا لازم أقل من نصف الوقت فيتوضأ لكل صلاة - انتهى - ذهب الظاهرية وابن حزم كما فى المحلى إلى أن من غلب عليه خروج البول وهو من به سلس البول ويسميه ابن حزم ( المستنكح ) يعنى من غلب عليه يجب عليه بعد غسل الموضع حسب الطاقة بدون حرج ومشقة الوضوء لكل صلاة فرضا أو نافلة، فيتوضأ للفريضة ويتوضأ وضوءا آخر للنافلة ثم لا شىء عليه فيما خرج منه بعد ذلك فى الصلاة أو فيما بين الوضوء والصلاة ولابد أن يكون الوضوء أقرب ما يمكن من الصلاة - انتهى - ملخصا وجملة القول أن جمهور الفقهاء قاسوا أرباب الأعذار على المستحاضة لورود النص فيها .
فالحنفية والحنابلة ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لوقت كل صلاة .
والشافعية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لكل فريضة والمالكية لم يوجبوا عليها الوضوء مطلقا فى الطريقتين فذهبوا فى أرباب الأعذار إلى ما بيناه بطريق القياس .
ويعلم من هذا أن مجرد خروج البول بكثرة كما فى السؤال لا يعد عذرا مبيحا للترخص المذكور، وإنما يكون كذلك إذا دام واستمر على النحو الذى بيناه فى المذاهب .
ولعل الأرفق بأرباب الأعذار مذهب الحنفية والحنابلة، وللعامى أن يقلده ولو كان من مقلدى المذاهب الأخرى .
والله أعلم
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
جمادى الأولى 1372 هجرية - 1 فبراير 1953 م
المبادئ
1 - خروج البول ولو قطرة واحدة ناقض للوضوء لحديث أبى هريرة .
2 - إذا دام خروجه واسترسل ولم يستطع منعه - وهو المعروف باسم سلس البول - كان عذرا يبيح الترخص بقدره .
والضرورات تبيح المحظورات .
3 - جمهور الفقهاء قاسوا أرباب الأعذار على المستحاضة لورود النص فيها .
فالحنفية والحنابلة والظاهرية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لوقت كل صلاة .
والشافعية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لكل فريضة، ولا تصلى به فريضة أخرى حتى تتوضأ لها .
والمالكية ذهبوا إلى أن العذر لا ينقض الوضوء مطلقا . 4 - الثوب الذى تصيبه نجاسة العذر - قيل يجب غسله، وقيل يجب غسل الزائد عن العذر المعفو عنه إذا أفاد الغسل
السؤال
فى شخص يكثر خروج البول منه وخاصة فى فصل الشتاء بغير إرادته فهل ينتقض وضوؤه بذلك وهل يجب عليه تطهير ثوبه كلما أصابه البول فى هذه الحالة
الجواب
خروج البول ولو قطرة واحدة ناقض للوضوء لحديث أبى هريرة قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) غير أنه إذا دام خروجه واسترسل ولم يستطع منعه ( وهو المعروف باسم سلس البول ) كان عذرا يبيح الترخص بقدره والضرورات تبيح المحظورات، والمشقة تجلب التيسير، وحكم من ابتلى بهذا العذر ونحوه كاستطلاق بطن أو انفلات ريح أو رعاف دائم أو جرح لا يرقأ حكم المستحاضة ( وهى ذات دم نقص عن أقل مدة الحيض أو زاد على أكثر مدة النفاس أو زاد على عادتها فى أقل مدة الحيض والنفاس وتجاوز أكثرهما أو حبلى أو آيسة ) وقد نص الحنفية على أنها تتوضأ لوقت كل فرض، لا لكل فرض ولا لكل نفل، وتصلى به ما شاءت من الفرائض والنوافل فى الوقت ويبطل وضوؤها بخروجه عند أبى حنيفة ومحمد ويجب أن تستأنف الوضوء للوقت الآخر وكذلك من سلس البول ونحوه - ويشترط لثبوت العذر ابتداء أن يستوعب وقتا كاملا من أوقات الصلاة بحيث لا ينقطع زمنا يسع الوضوء والصلاة والانقطاع اليسير فى حكم العدم، وشرط بقائه ودوامه بعد ذلك أن يوجد ولو مرة واحدة فى كل وقت كامل من أوقات الصلاة، ولا يعد منقطعا إلا إذا زال وقتا كاملا وأما الثوب الذى تصيبه نجاسة العذر فقيل لا يجب غسله لأن قليل النجاسة يعفى عنه، وقدر فى النجاسة المائعة بقدر مقعر الكف فألحق به الكثير للضرورة، ولأن العذر غير ناقض للوضوء فلم يكن نجسا حكما .
وقيل يجب غسل الزائد عن القدر المعفو عنه إذا أفاد الغسل بأن كان لا يصيبه مرة بعد أخرى وإلا لا يجب مادام العذر قائما واختاره مشايخ الحنفية وصححه فى البدائع - وقال ابن قدامة الحنبلى فى شرحه الكبير على متن المقنع ( إن المستحاضة تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلى ما شاءت من الصلوات، وكذلك من به سلس البول والمذى والريح والجريح الذى لا يرقأ دمه والرعاف الدائم ويجوز لهؤلاء الجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت والتنفل إلى خروج لوقت، فإذا توضأ قبل الوقت وخرج منه شىء من الحدث بطل وضوؤه، وإذا توضأ بعد دخول الوقت صح وارتفع الحدث ولم يؤثر فى الوضوء ما يتجدد من الحدث الذى لا يمكن التحرز منه، وإذا خرج الوقت بطل الوضوء ) - ملخصا - .
وذهب الشافعية كما فى المجموع وشرح المنهاج ( أن المدار فى ثبوت العذر على الاستمرار والدوام غالبا ، ويجب فى الاستحاضة وما ألحق بها غسل النجاسة وشد المحل بنحو عصابة عقب الغسل، والوضوء لكل فريضة عقب الشد فى وقت الصلاة لا قبله لأنها طهارة ضرورة فتتقيد به كالتيمم، والمبادرة بالصلاة عقب الوضوء إلا لمصلحة تتعلق بالصلاة كانتظار الجماعة، ويصلى به الفريضة والنوافل القبلية والبعدية ولا يصلى به فريضة أخرى حتى يتوضأ لها - ولا يبطل الوضوء والصلاة بتجدد الحدث أثناءهما ) تلخيص - وفى مذهب المالكية ( كما فى شروح متن خليل ) طريقتان - إحداهما أن العذر لا ينقض الوضوء مطلقا ولا تبطل به الصلاة غير أنه يستحب لمن ابتلى به أن يتوضأ لكل صلاة إلا أن يؤذيه البرد والأخرى وهى التى شهرها ابن رشد أنه لا ينتقض الوضوء ولا تبطل الصلاة إذا لازم نصف وقت الصلاة على الأقل إلا أنه يستحق الوضوء إذا لازم نصف الوقت أو أكثره لا إن لازم كل الوقت، وينتقض الوضوء إذا لازم أقل من نصف الوقت فيتوضأ لكل صلاة - انتهى - ذهب الظاهرية وابن حزم كما فى المحلى إلى أن من غلب عليه خروج البول وهو من به سلس البول ويسميه ابن حزم ( المستنكح ) يعنى من غلب عليه يجب عليه بعد غسل الموضع حسب الطاقة بدون حرج ومشقة الوضوء لكل صلاة فرضا أو نافلة، فيتوضأ للفريضة ويتوضأ وضوءا آخر للنافلة ثم لا شىء عليه فيما خرج منه بعد ذلك فى الصلاة أو فيما بين الوضوء والصلاة ولابد أن يكون الوضوء أقرب ما يمكن من الصلاة - انتهى - ملخصا وجملة القول أن جمهور الفقهاء قاسوا أرباب الأعذار على المستحاضة لورود النص فيها .
فالحنفية والحنابلة ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لوقت كل صلاة .
والشافعية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لكل فريضة والمالكية لم يوجبوا عليها الوضوء مطلقا فى الطريقتين فذهبوا فى أرباب الأعذار إلى ما بيناه بطريق القياس .
ويعلم من هذا أن مجرد خروج البول بكثرة كما فى السؤال لا يعد عذرا مبيحا للترخص المذكور، وإنما يكون كذلك إذا دام واستمر على النحو الذى بيناه فى المذاهب .
ولعل الأرفق بأرباب الأعذار مذهب الحنفية والحنابلة، وللعامى أن يقلده ولو كان من مقلدى المذاهب الأخرى .
والله أعلم