المتن
لغة: متن كل شىء، غايته ، وجلد له متن: صلابة وقوة، ومتنت الكبش: إذا شققت جلدة بيضته واستخرجتها ، والمتن: ماصلب وارتفع عن الأرض(1).
واصطلاحا: مرَّ بمرحلتين:
1- الأولى فى بداية القرن الثانى الهجرى، ظهر مصطلح المتن كقسيم للسند فى الصناعة الحديثة، وذلك ضمن كلام لمحمد ابن سيرين المتوفى سنة (110هـ/728م) حين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة ، قالوا: سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظرإلى أهل البدع فلا يؤخد حديثهم (3) وكانوا أحيانا فى تلك الفترة يطلقون على المتن لفظ الخبز والمروى والمتن.
2- وفى القرون المتأخرة فى القرن السابع الهجرى وما بعده ، حاول العلماء أن يضعوا تعريفا محددا للمتن ، ويربطوا بينه وبين المعنى اللغوى، فقال الطيبى المتوفى (743هـ/1343م): المتن: ألفاظ الحديث التى تقوم بها المعانى(3).
وقال ابن جماعة المتوفى سنة (767هـ/1367م): ما ينتهى إليه غاية السند من الكلام (4).
ووجه الترابط بين المعنى الاصطلاحى والمعنى اللغوى السابق ، أنه إما مأخوذ من المماتنة أى المباعدة فى الغاية، لأنه غاية السند، أو من المتن وهو: ما صلب وارتفع من الأرض ، لأن المسند يقويه بالسند ويرفعه إلى قائله ، أو من متنت الكبش إذا شققت جلدة بيضته واستخراجتها، فكأن المسند استخرج المتن بسنده.
ولقد قسم العلماء المتن إلى ثلاثة أقسام:
1- مرفوع: وهو ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة من قول أو فعل.. مثل: (إنما الأعمال بالنيات)(5)، ويدخل فى المرفوع: المتصل والمنقطع ، والمرسل والمعضل والمعلق.
2- موقوف وهو ما يروى عن الصحابى من أقوال وأفعال وتقريرات ، ونحو ذلك ،فيوقف عليهم لا يتجاوز به إلى الرسول عليه السلام مثل قولى أبى بكر رضى الله عنه عنه (والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه)(6).
3- مقطوع وهو ما جاء عن التابعين فمن دونهم ، موقوفا عليهم من أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم مثل قول الحسن البصرى: (رحم الله رجلا لم يغره ما يرى من كثرة الناس ، ابن آدم ، إنك تموت وحدك ،وتدخل القبر وحدك ، وتبعث وحدك. 00)(7).
والفرق بين المقطوع والمنقطع أن المقطوع من أقسام المتن ، والمنقطع من أقسام السند.
أ.د/مصطفى محمد أبو عمارة
__________
الهامش:
1- لسان العرب لابن منظور، طبعة دار المعارف ، تحقيق الأستاذ/عبدالله على الكبير وآخرين ، القاهرة ، 5 /4130.
2- صحيح مسلم ، مسلم بن الحجاج النيسابورى، المطبعة المصرية، المقدمة 1 /84.
3- الخلاصة، للطيبى، مطبعة الإرشاد ، 1391هـ ، بغداد ، ص34.
4- المنهل الروى، لابن جماعة، تحقيق محيى الدين عبد الرحمن ، دار الفكر، ط2 سنة 1406هـ ، ص37.
5- صحيح البخارى، محمد بن إسماعيل البخارى، طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، ط3.
6- صحيح البخارى، محمد بن إسماعيل البخارى، طبعة عيسى الحلبى 13 /311.
7- الحلية لأبى نعيم ، الطبعة الأولى 1409هـ/1988م دار الكتب العلمية، بيروت ، 2 /155.
مراجع الاستزادة:
1- مقدمة ابن الصلاح ، عثمان بن عبد الرحمن بن موسى بن أبى نضر الكردى الشهرزورى.
2- تدريب الراوى، السيوطى، ط3 مكتبة الكوثر الرياضى.
3- فتح المغيث للسخاوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ