باب المسابقة
المسابقة مشروعة وهي من الرياضة المحمودة وقد تكون مستحبة أو مباحة حسب النية والقصد.
وتكون بالعدو بين الاشخاص كما تكون بالسهام والاسلحة وبالخيل والبغال والحمير.
ففي المسابقة بالعدو بين الاشخاص ثبت أن عائشة رضي الله عنها قالت: «سابقت النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته فلما حملت اللحم سابقته فسبقني: قلت: هذه بتلك».
والمسابقة بالسهام والرماح وكل سلاح يمكن أن يرمى به يقول الله تعالى: - {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} الخ.
1- وعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقرأ: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} «ألا إن القوة الرمي. ألا إن القوة الرمي. ألا إن القوة الرمي».
2- ويقول عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالرمي فإنه من خير لهوكم».
3- وبقول صلى الله عليه وسلم: «كل لعب حرام إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، ورميه عن قوسه، وتأديبه فرسه».
ويحرم أثناء الرمي أن يتخذ ما فيه الروح غرضا، فقد رأى عبد الله بن عمر جماعة اتخذوا دجاجة هدفا لهم فقال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا».
والمسابقة بين الحيوانات ثبتت في الأحاديث.
1- فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا سبق الا في خف أو نصل أو حافر».
2- وعن ابن عمر قال: «سابق النبي صلى الله عليه وسلم بالخيل التي قد ضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق وكان ابن عمر فيمن سابق» متفق عليه.
زاد البخاري، قال سفيان: من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة ومن الثنية إلى مسجد بني زريق ميل.
.جواز المراهنة:
المسابقة دون رهان جائزة بإجماع العلماء كما سبق، أما المسابقة برهان فإنها تجوز في الصور الاتية:
1- يجوز أخذ المال في المسابقة إذا كان من الحاكم أو من غيره، كأن يقول للمتسابقين: من سبق منكم فله هذا القدر من المال.
2- أو يخرج أحد المتسابقين مالا فيقول لصاحبه:
إن سبقتني فهو لك. وإن سبقتك فلا شيء لك علي ولا شيء لي عليك.
3- إن كان المال من الاثنين المتسابقين أو من الجماعة المتسابقين ومعهم محلل بأخذ هذا المال إن سبق.
ولا يغرم إن سبق.
قيل لانس: أكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراهن؟ قال: نعم، والله لقد راهن على فرس يقال له سبحة فسبق الناس فهش لذلك وأعجبه.
الصور التي يحرم فيها الرهان:
ولا يجوز الرهان في حالة ما إذا كان من كل واحد على أنه إن سبق فله الرهان وإن سبق فيغرم لصاحبه مثله، لأن هذا من باب القمار المحرم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخيل ثلاثة: فرس للرحمن وفرس للانسان وفرس للشيطان.
فأما فرس الرحمن فالذي يرتبط في سبيل الله، فعلفه وروثه وبوله، وذكر ما شاء الله.
وأما فرس الشيطان: فالذي يقامر أو يراهن عليه.
وأما فرس الإنسان: فالذي يرتبطه الإنسان يلتمس بطنها فهي ستر من الفقر.
.لا جلب ولا جنب في الرهان:
روى أصحاب السنن عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا جلب ولا جنب في الرهان» الجلب: هو أن يتبع فرسه بمن يحثه على سرعة الجري.
والجنب: هو أن يجنب فرسا إلى فرسه إذا فترت تحول إلى المجنوب.
قال ابن أويس: الجلب: أن يجلب حول الفرس من خلفه في الميدان ليحرز السبق.
والجنب: أن يكون الفرس به اعتراض جنوب فيعترض له الرجل بفرسه يقومه فيحوز الغاية.
وقال أبو عبيد: الجنب: أن يجنب الرجل فرسه الذي سابق عليه فرسا عريا ليس عليه أحد، فإذا بلغ قريبا من الغاية ركب فرسه العري فسبق عليه، لأنه أقل عياء أو كلالا من الذي عليه الراكب.
.حرمة إيذاء الحيوان:
ويحرم إيذاء الحيوان وتحميله فوق طاقته.
فإن حمله إنسان ما يعجز عنه كان للحاكم أن يمنعه من حمل ما لا يطيق.
وإذا كان الحيوان حلوبا وله ولد فلا يجوز الاخذ من اللبن إلا بالقدر الذي لا يضر ولده، لأنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام لا لحيوان ولا لانسان.
.وسم البهائم وخصاؤها:
يجوز وسم البهائم في أي جزء من بدنها ما عدا الوجه.
فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا قد وسم في وجهه فقال: «أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها».
وعن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم فيه».
وقد استنبط العلماء من هذا النهي حرمة ضرب الوجه ووسمه من غير تفرقة بين إنسان وحيوان. لأن الوجه أكرمه الله. وهو مجمع المحاسن.
وأما وسم غير الوجه من الحيوان فهو جائز بل يستحب لأنه قد يحتاج إليه في التمييز بين الحيوانات.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسم بالميسم إبل الصدقة. كما رواه مسلم.
وقال أبو حنيفة بكراهته لأنه تعذيب ومثلة، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنهما، ويرد على كلام أبي حنيفة: أن هذا عام مخصوص.
وأن التخصيص ثابت بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
أي أن التعذيب والمثلة حرام في كل حال إلا في حالة وسم الحيوان فإنه يجوز.
أما خصاء البهائم: فرخص فيه جماعة من أهل العلم إذا قصد به المنفعة إما لسمن أو لغيره.
وخصى عروة بن الزبير بغلا له. ورخص في خصاء الخيل عمر بن عبد العزيز. ورخص مالك في خصاء ذكور الغنم.
.خصاء الآدمي:
وهذا بخلاف الآدمي فإنه لا يجوز لأنه مثلة وتغيير لخلق الله وقطع للنسل وربما أفضى إلى الهلاك.
.التحريش بين البهائم:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم وإغراء بعضها ببعض لتتصارع، فعن ابن عباس قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم».
كما نهى عن اتخاذ شيء منها غرضا.
1- ودخل أنس بن مالك دار الحكم بن أيوب فإذا قوم قد نصبوا دجاجة يرمونها فقال لهم: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم».
2- وعن جابر قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيء من الدواب صبرا».
3- وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا». وانما نهى عن ذلك لأنه تعذيب للحيوان واتلاف لنفسه وتضييع لماليته وتفويت لذكاته إن كان مذكى ولمنفعته إن لم يكن مذكى.
.اللعب بالنرد:
ذهب جمهور العلماء إلى حرمة اللعب بالنرد واستدلوا على الحرمة بما يأتي:
1- روى بريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه».
2- وعن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله».
وكان سعيد بن جبير إذا مر على أصحاب النردشير لم يسلم عليهم.
قال الشوكاني: روي أنه رخص في النرد ابن غفل وابن المسيب على غير قمار.
ويبدو أنهما حملا الحديث على من لعب بقمار.
.اللعب بالشطرنج:
ورد في الأحاديث تحريم لعب الشطرنج. ولكن هذه الأحاديث لم يثبت منها شئ.
قال الحافظ بن حجر العسقلاني: لم يثبت في تحريمه حديث صحيح ولا حسن.
ولهذا اختلف الفقهاء في حكمه. فمنهم من حرمه. ومنهم من أباحه.
فمن حرمه: أبو حنيفة ومالك وأحمد.
وقال الشافعي وبعض التابعين بكره ولا يحرم: فقد لعبه جماعة من الصحابة ومن لا يحصى من التابعين.
قال ابن قدامة في المغني: فأما الشطرنج فهو كالنرد في التحريم.
إلا أن النرد آكد منه في التحريم لورود النص في تحريمه لكن هذا في معناه فيثبت فيه حكمه قياسا عليه.
وروي عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير اباحته. واحتجوا بأن الاصل الاباحة.
ولم يرد بتحريمها نص ولا هي في معنى المنصوص عليه فتبقى على الاباحة.اه.
والذين أباحوه اشترطوا لاباحته الشروط الاتية:
1- أن لا يشغل عن واجب من واجبات الدين.
2- أن لا يخالطه قمار
3- أن لا يصدر أثناء اللعب ما يخالف شرع الله.