الأحد، 19 فبراير 2012

موسوعة اللغة العربية : التعريب


التعريب

التعريب لفظ مشترك متعدد المعاني، يُقصد منه على وجه الإجمال النقلُ إِلى اللغة العربية من لغةٍ أخرى. أمّا لغةً، فهو كما يعرّفه معجمُ "لسان العرب" لابن منظور الإفريقي، مصدر الفعل عَرَّبَ، وعَرَّبَ منطقَه: هذَّبهُ من اللحن. أمّا اصطلاحاً فالتعريب لَهُ معانٍ عدّة تختلفُ اتساعاً:
  • تعريب الاسمِ الأعجمي هو أن تتفوّهَ به العربُ على منهاجها. أما المعجمُ الوسيطُ فيعرّفُ التعريبَ بِأَنّهُ صبغ الكلمة (المُصطَلح) بصبغة عربية عند نقلها بلفظها الأجنبي إلى اللغة العربية.
  • ترجمة النصوص من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، وإِنّما يكون التركيز هنا على ترجمة المعاني بما يكفل أن يحافظ النص الأصلي علَى خصائِصه قدر الإِمكان.
  • أمّا سياسياً فالتعريب سياسةٌ قد تَتبَعُها الدَولةُ لتشجيع أن تكون اللغة العربية لغة العلم والعمل والفكر والإدارة
  • تعريب الكلمات والحورفة
    يرى الدكتور صفاء خلوصي أن التعريب غير الترجمة. فالترجمةُ كما يقولُ هي نقلُ معنى وأسلوب من لغةٍ إلى أخرى، بينما التعريبُ هوَ رسمُ لفظةٍ أجنبيةٍ بحروفٍ عربية، وهو ما يعرف بالإحراف أو الحَورفَة وهي كتابة ألفاظ لغةٍ ما بأحرفِ لغةٍ أخرى، والطريقةُ المتّبعةُ فيها هي الطريقةُ نفسهاَ التي اتّبَعها قدماءُ العربِ، أي كتابةُ الحروفِ التي لا نظيرَ لها في العربيةِ بما يقاربهاَ في النطقِ: مناظرة الحروف العربية.
    وقد عالج ابن خلدون هذا الموضوع في مقدمته فقال:
    «ولما كان كتابنا مشتملاً على أخبارِ البربر وبعضِ العجمِ وكانت تعرضُ لنا في أسمائهم أو بعضِ كلماتهم حروفٌ ليست من لغةِ كتابنا ولا أصطلاح أوضاعنا, اضطررنا إلى بيانهِ ولم نكتفِ برسمِ الحرفِ الذي يليه كما قلنا لأنّهُ عندنا غير وافٍ للدلالةِ عليه, فاصطلحتُ في كتابيَ هذا على أن أضعَ ذلك الحرف العجمي بما يدل على الحرفينِ الذينِ يكتنفانه ليتوسط القاريءُ بالنطقِ بين مخرجي ذينك الحرفينِ فتحصلُ تأديتهُ وإنما اقتبست ذلكَ من رسمِ أهلِ المصحفِ حروفُ الإشمامِ كالصراطِ في قراءةِ خَلَف فإنّ النطقَ بصادهِ فيها متوسطٌ بينَ الصادِ والزاي، فوضعوا الصادَ ورسموا في داخلهاَ شكلُ الزايِ ودلّ عندهم على التوسطِ بين الحرفينِ.»
اللفظ المعرَّب هو اللفظ الأعجمي الذي دخل العربية وتغير ليوافق صيغها وأصوات حروفها. وذلك هو معنى التعريب في اللغة.
المُعرَّب في اللغة العربية هو ما وقع عليه فعل التعريب، وهو على ثلاثة أوجه
  1. تعريب اللفظ وإلحاقه بالأوزان العربية والمنهاج، وتمثله بها، وهو منهج أبي العباس الجوهري.
  2. إدخال اللفظ في العربية، ونقله بلا مراعاة للوزن العربي ولا اشتراط للتغيير، وهو منهج سيبويه.
  3. إدخال المعنى في العربية، وترجمته، وتوليد مكافئ له في اللغة العربية، وهو شائع عند أكثر العلماء

تعريب مصطلحات العلوم
وهو نقل نصوص أجنبية إلى العربية وإيجاد مقابلاتٍ عربية للمفاهيم الجديدة. التعريب ليس نشاطاً حديث العهد، فقد قام العرب منذ فجر الحضارة العربية الإسلامية بنقل النصوص العلمية إلى اللغة العربية، كما أجريت عملية تعريب الدواوين على أيّام عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي أي تحويل التدوين إلى اللغة العربية.
سياسة تعريب التعليم
وفي أيامنا يجري جدل حول ضرورة ومدى التعريب في التعليم الجامعي.
أهم حجج معارضي التعريب هي أن العالم العربي حالياً لا يسهم في العلوم الحديثة، ولذا من الأفضل أن يتم التدريس باللغة الإنكليزية بصفتها لغة العلوم والفنون، وذلك لكي يعتاد المتعلمون على قراءة أحدث المواد العلمية باللغة التي تم نشرها بها؛ وأن سرعة التطور العلمي لا يترك للغة العربية مجالاً لاستيعاب المصطلحات الحديثة؛ وأن حركة الترجمة لا يمكن أن تلحق بسرعة التطور العلمي.
أما مؤيدو التعريب فيشيرون إلى أن أغلب الطلاب لن يلموا باللغة الأجنبية بالقدر الذي يسمح لهم بالاطلاع على المراجع الأجنبية وفهمها بيسر؛ وأن التعليم باللغة الأجنبية يمكن أن يخلق عند الإنسان ازدواجية في الشخصية ويؤدي إلى انقطاعه عن ثقافته الأم؛ وأن التعليم باللغة الأم يوفر الكثير من الجهد الذي يُهدَر على فهم النص الأجنبي بحد ذاته، ويوجه الجهود إلى فهم المادة العلمية نفسها؛ وأن اللغة العربية قادرة على استيعاب العلوم الحديثة؛ وأن المفاهيم العلمية الأساسية أكثر ثباتاً، ولا ينكرون ضرورة الإلمام باللغات الأجنبية للاطلاع على المستجدات.
يرجع تعريب التعليم الجامعي في العصر الحديث إلى جامعات سوريا حيث تم تعريب جميع المواد العلمية والتدريس في الجامعات السورية يتم باللغة العربية, وكان محمد علي في مصر قد عرب التعليم في ايامه، وأغلب الدول العربية يتم تعليم المواد العلمية، خاصة الطب والهندسة، بلغة أجنبية (إنجليزية أو فرنسية) ويجري التعليم باللغة العربية في جامعات سوريا والمملكة العربية السعودية، كما أجريت تجربة قصيرة الأمد في تعريب التعليم في السبعينات في الجامعات الجزائرية وآخر التسعينات بجامعة سبها في ليبيا، وحالياً يجري تعريب التعليم الجامعي في السودان