الأحد، 12 فبراير 2012

شخصيات تاريخية - مسلمون - موسى بن نصير


موسى بن نصير

أحد القادة العظام فى التاريخ الإسلامى

موسى بن نصير هو أبو عبد الرحمن، موسى بن نُصير بن عبد الرحمن اللَّخْمي، فاتح الأندلس.
وهو لخميٌّ بالولاء، إذ كان مولى امرأةٍ من لَخْم. وقيل: إنه مولى لبني أمية.
كان من التابعين، وروى عن الصحابي الجليل تميم الداري (ت40هـ)، وكان أعرج مهيباً ذا رأي وحزم. ويؤخذ من أخباره أنه كان يحب جمع المال واقتناءه.
أصله من عين التّمر في العراق، وهي بُليدة قريبة من الأنبار غربيّ الكوفة، ولكنه ولد في قرية بالشام يقال لها «كَفْر مُثرى» وذلك في خلافة عمر بن الخطاب.
ونشأ في دمشق حيث كان أبوه «نُصير» على حرس والي دمشق معاوية ابن أبي سفيان قبل خلافته، وكان يحظى عنده بمنزلة مكينة.
وترعرع موسى في بيت قوة وبأس، وكان شجاعاً عاقلاً كريماً تقياً لم يُهزم له جيش قطّ منذ الأربعين حتى شارف الثمانين.
ولي أعمالاً عديدة في مقتبل عمره، فقام بها بنجاح إلا أن بعض أخباره وسنوات تنقله لا تخلو من شيء من التداخل والاختلاف، بسبب كثرة تنقله في مسافات شاسعة، وعدم انتظام وصول الأخبار في ذلك الزمن.
وقد بدأت شهرته تعلو أيام ولاية معاوية بن أبي سفيان على الشام، وذلك حين خرج لقتال الإمام علي بن أبي طالب، فلم يخرج معه موسى، فامتعض معاوية من موقفه، ثم رضي عنه وولاّه غزو البحر، فغزا جزيرة قبرص وبنى هناك حصوناً، وعندما انتقلت الخلافة إلى بني مروان لزم عبد العزيز بن مروان (65ـ 85هـ) والي مصر وكان من آثر الناس عنده.
وفي عام سبعة وثمانين للهجرة توجه على رأس جيش كبير من العرب والبربر المسلمين فاجتاح بهم المغرب الأقصى، وصار لا يأتي على مدينة فيبرحها حتى يفتحها أو ينزلون على حكمه، حتى أتمّ فتح الشمال الإفريقي، إلا سبتة فقد صالح حاكمها جوليان على أن يكون جوليان تابعاً له. وولّى موسى على طنجة مولاه طارق ابن زياد البربري وترك عنده تسعة عشر ألف فارس من البربر بالأسلحة والعُدد الكاملة، ثم رجع إلى إفريقية. وهكذا استقرت له الأمور ولم يبق في البلاد من ينازعه من البربر، ولا من الروم.
وما لبث حاكم سبتة أن أغراه بفتح الأندلس أيضاً، فاستشار الخليفة الوليد بن عبد الملك فأذن له بفتحها. فجهّز سرية استطلاع من خمسمئة رجل وسلّم قيادتها إلى طريف بن مالك النخعي سنة 92هـ فاجتاز طريف ومن معه البحر وشنّ سلسلة من الغارات ثم عاد ومعه غنائم كثيرة.
فاشتد عزم موسى في السنة نفسها على فتح الأندلس وكتب إلى طارق بن زياد والي طنجة يأمره بغزو بلاد الأندلس، وجهّز له جيشاً معظمه من البربر المسلمين، وعدّته اثنا عشر ألف فارس. فامتثل طارق أمر موسى وركب البحر من سبتة إلى «الجزيرة الخضراء» من برّ الأندلس عن طريق جبل كلبي الذي عرف فيما بعد بجبل طارق؛ لأنه نُسب إلى طارق لما استولى عليه، وكان صعوده إليه يوم الاثنين الخامس من رجب سنة 92 هـ، فتصدت له مقدّمة الإسبانيين بقيادة «تدمير» فهزمهم طارق وفتك بهم. وعلم ملك الأندلس «لُذَريق» بهزيمة تدمير فجهّز جيشاً من القوط والإسبانيين الرومانيين عدده سبعون ألفاً وقابل طارقاً على ضفاف وادي لكّة بقرب «شريش» فألقى طارق في جنوده خطبته المشهورة يحثهم فيها على الجهاد والجدّ في لقاء العدو. ثم التحم الجيشان ودامت المعركة ثمانية أيام وانتهت بمقتل لُذريق بيد طارق، وكان النصر للمسلمين.
ثم تابع طارق سبيله وكتب إلى موسى يخبره بهذا الفتح طالباً منه المدد، وقد فتح كثيراً من مدن الأندلس، الواحدة تلو الأخرى مثل مالَقة وقرطبة، حتى وصل إلى طليطلة دار مملكة القوط.
وكان موسى لا يزال في إفريقية فلما وصل إليه كتاب طارق تاقت نفسه إلى نيل شرف المشاركة في هذا الفتح المبين، وندم على تأخره في المبادرة إلى فتح الأندلس بنفسه، فكتب إلى طارق يأمره بألا يتجاوز مكانه حتى يلحق به، وجهز موسى جيشاً قوامه ثمانية عشر ألفاً وعبر بهم البحر سنة 93هـ وولى ابنه عبد الله على إفريقية.
ودخل الأندلس سالكاً طريقاً غير الذي سلكه طارق. فاستولى على عدد من المدن وتابع السير إلى أن بلغ طليطلة والتقى طارقاً، وكان غاضباً عليه، فترضاه طارق فرضي عنه ووجّهه لإخضاع شرقيّ الأندلس، وزحف هو غرباً حتى تمّ لهما افتتاح مابين جبل طارق وسفوح جبال البرينه في أقل من سنة، وفتح على أيديهما مدائن وحصون كثيرة.
وأراد موسى أن يستمرّ في الفتح موغلاً في شمال البلاد، وأن يعبر جبال البرنة، وأخبر الخليفة الوليد بذلك، إلا أن الوليد كتب إليه يأمره بالتوقف وبالقدوم إلى دمشق ومعه طارق بن زياد. فاستخلف موسى ابنه عبد العزيز على الأندلس، وكان خروجه منها إلى دمشق سنة 94هـ على الأرجح، (وقيل سنة 95 أو 96هـ) وافداً على الوليد ومعه أموال كثيرة وما لا يحصى من الجواهر والطرائف وعدد كبير من أبناء ملوك الإفرنج في هيئة ما سُمع بمثلها، ومرّ في طريقه بإفريقية ومصر حتى وصل إلى دمشق.
وهنا تختلف الروايات في نهاية موسى وخاتمة حياته. والرواية المشهورة أن الخليفة الوليد كان قد مرض وثقل عليه الداء فأرسل سليمان بن عبد الملك، ولي العهد، إلى موسى يأمره بالتريث في دخول دمشق حتى يموت الوليد ويتولى هو مقاليد الخلافة، فيكون له فخر استقبال الموكب الظافر. إلا أن موسى لم يجبه إلى طلبه وواصل السير حتى دخل دمشق سنة 96هـ والوليد في مرض موته، فأحسن وفادة موسى ثم مات بعد أيام. وكان هذا سبب حقد سليمان على موسى، وأراد أن ينتقم منه لما أصبح خليفة ـ وقيل عذّبه ـ ثم عفا عنه وقرّبه من مجلسه.
ومات موسى في وادي القرى أو بمرّ الظهران وهو في طريقه إلى الحج برفقة الخليفة سليمان بن عبد الملك. وقيل كانت وفاته في المدينة المنورة.