علم الصرف ( مقدمة )
يُعرَفُ الصرف أيضا بعلم التشكل ، والصرف لُغَةً هو التغير والتحويل ومنه تصريف الرياح أي تغيير وجهتها من مكان لآخر. أما الصرف اصطلاحاً فيقصد به: تحويل الأصل الواحد إلى أبنية مختلفة لمعانٍ مقصودة مثال على ذلك : شَرِبَ والأصل منه الشُرب وهو الاسم الجامد الدال على حدث ونستطيع أن نأخذ منه اسم مَشُروب للدلالة على الشيء وهكذا........ و لعلم الصرف قواعد وأصول نعرف من خلالها أبنية الكلمة والمقصود بذلك صيغها الأصلية والعارضة وما يطرأ عليها من تغير معنوي في دلالتها كالنسبة (لغة) والتصغير (لغة) والتثنية (لغة) والجمع (لغة) والتأنيث (لغة) والتذكير (لغة) في الأسماء. مثال: (تمر الذكريات سريعة): نرجع الذكريات في هذه الجملة إلى أصلها فتصبح ذكرى فأرى هنا أن ألف التأنيث المقصورة قد قلبت في جمع المؤنث إلى ياء. و كذلك فيما يختص بالأفعال حيث نقوم بتحويل الفعل الماضي إلى فعل مضارع والمضارع إلى فعل أمر. و أيضاً يمكننا بوساطة علم التصريف أن ندرس ما يطرأ على الأفعال من تغيرات صوتية كالتجريد (لغة) والزيادة (لغة) والإبدال (لغة) والإعلال (لغة) والحذف (لغة) والإدغام (لغة) والقلب المكاني (لغة) وهكذا إلى آخر المتغيرات الصوتية التي تصيب الكلام العربي.
غايات التصريف
والتصريف له غايتان
الغاية الأولى (معنوية خالصة)
يقصد بذلك توليد صيغ جديدة تغني اللغة وتقدم ألفاظاً لمعان مختلفة ،فإذا أردت على سبيل المثال أن أدل على حدث مرتبط بالزمن أستخدم فعلاً في إحدى صيغه (ماضي، مضارع، أمر). أما إذا أردت أن أدل على حدث مجرد من الزمن أستخدم مصدراً وإن أردت أن أدل على من قام بالحدث أو من وقع عليه الحدث أو أن أفاضل بين أمرين أو أن أدل على موصوف اتصف بصفة ثابتة أستخدم المشتقات وهكذا نرى من خلال ما استعرضناه ما يوفره علم الصرف للغتنا العربية من سبل الإيجاز والاختصار.فمثلاً: بدل أن أمحمود نبيل
الغاية الثانية (غاية صوتية محضة)
والمراد بها تخفيف ثقل الأصوات حيث نغير بعض الحركات والأحرف كي نـزيل عن اللفظة مظاهر الاستثقال فبدل أن نقول (عَوَدَ) نعمد هنا إلى إعلال الواو المتحركة ألفاً فنقول (عاد) وأيضاً بدلاً من أن يقول المرء اصْتَلح نبدل تاء افتعل بـ (ط) فيصبح الفعل اصْطَلح. و إذا كان التصريف يعني التغير والتحويل فإنه يتجه أكثر ما يتجه إلى الأسماء المعربة والأفعال المتصرفة ويتفادى ما كان جامداً مستعصياً على عملية التصريف ومن هذا الذي يستعصي على التصريف :
- أسماء الأعلام الأجنبية : إبراهيم ـ اسحق ـ يعقوب.
- أسماء الأصوات : قب : وهو صوت وقع السيف، عدس : زجر البغال، غاق : صوت الغراب.
- أسماء الأفعال : صه، هيهات، هيت، شتان.
- حروف المعاني : والمقصود بها :
- أحرف الجر (من، إلى، على).
- أحرف الاستقبال : (سوف ـ السين).
- أحرف التمني والترجي : (لو، ليت، لعل) ويشمل هذا البند جميع الأحرف التي نستخدمها في لغتنا العربية لمعان مختلفة.
- الأسماء المشبهة بالحرف أو (المغرقة بالبناء) مثال عليها: (ما ـ مهما ـ من ـ متى ـ أين ـ هو ـ أنت...)
- الأفعال الجامدة:مثل (نعم-بئس-عسى-ليس).
و من الجدير ذكره هنا أن التصريف في لغتنا تختلف درجات ابتعاده عن ما أشرنا إليه سابقاً ما بين إعراض تام أو اتصال محدود أو تناول ظاهري.
- إن التصريف يعرض إعراضاً تاماً عن كل من الألفاظ التالية : بله ـ ليس ـ خلا ـ نعم ـ قلما ـ أيان وأيضاً اسم فعل الأمر (هيت) والذي يعني خذ المال القليل.
- وأما ما يتصل به التصريف اتصالاً محدوداً فهي أسماء كـ (إبراهيم) حيث نستطيع التصغير إلى أبيره وأيضاً يوسف الذي شاعت النسبة إليه بيوسفي وقالوا حثيثة من حيث وهوية من هو...
- وأخيراً فقد تناول علم الصرف بعض الألفاظ تناولاً ظاهرياً فقيل مثلاً "تأفف الأستاذ" وهنا نرى أن الفعل تأفف تمت صياغته انطلاقاً من اسم الفعل (أف) بمعنى إضجر حيث جئنا بالمصدر ثم صغنا منه فعلاً وكذلك قولنا (حَبَّذْتُ رأيك) فقد صيغ الفعل الماضي هنا من الفعل الجامد حبذا لإنشاء المدح، ويقال أيضاً (أمن المصلون) وذلك إذا قالوا (آمين) وآمين هو اسم فعل بمعنى استجب.
و لا بد من الإشارة في النهاية أن واضع هذا العلم هو مسلم بن الهراء وهناك من يقول أنه الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. الصرف أيضاً: هو علم بقواعد تعرف بها أحوال أبنية الكلمة التي ليست بإعراب، ولا بناء
تعريف الصرف :
الصرف في اللغة :
الصرف لغوينا مأخوذ من المادة المعجمية ( ص ر ف ) ومن ذلك قولهم : لا يقبل منه صرف ولا عدل … وقولهم : لأنه ليتصرف في الأمور … وصرْف الدهر حدثانه ونوائبه . والصريف : اللبن ينصرف به عن الضرع حارا إذا حلب … والصيرف المحتال المتصرف في الأمور … والصيرفي : الصراف من المصارفة ، وغيرها من التراكيب اللغوية التي تدل على معنى التحويل والتغيير والانتقال من حال إلى حال .
أما في الاصطلاح :
فهو تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعان مقصودة ، لا تحصل تلك المعاني إلا بهذا التغيير . وذلك كتحويل المصدر " قطْع " إلى الفعل الماضي " قطع " ، والمضارع " يقطع " ، والأمر : اقْطَعْ " ، وغيرها مما يمكن أن نتوصل إليه من مشتقات تتصرف عن الكلمة الأصل كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، وغيرها ، وهو إلى جانب ذلك علم يبحث فيه عن المفردات من حيث صورها وهيئاتها ، أو من حيث ما يعرض لها من صحة ، أو إعلال ، أو إبدال . ولم يرد عن النحاة الأوائل تعريفا جامعا مانعا لعلم الصرف ، وغاية ما عرف به هذا العلم ما ورد عن ابن الحاجب في حاشيته حيث قال : " التصريف علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب " 1 . وقد ناقش شارح ( الرضي ) في شرحه للشافية التعريف السابق وبين أوجه قصوره ، كما عرفه ابن جني بقوله " أن تأتي إلى الحروف الأصول فتتصرف فيها بزيادة حرف ، أو تحريف بضرب
ــــــــــــ
1 ـ شرح الشافية ج1 ص1 .
من ضروب التغيير ، فذلك هو التصرف فيها والتصريف لها " 1 .
ولم يصب ابن جني أيضا في حده لمفهوم الصرف ، لأن علم الصرف ليس الغرض منه " إنتاج الكلم بمعنى الأتيان إلى الحروف الأصول والتصرف فيها " على نحو ما ذكر ابن جني ، بل هو " معرفة القوانين التي تمكن من إنتاج الكلم ، والقوانين المفسرة للتغيير فيها " 2 .
وباختصار " إنه علم بقواعد تعرف بها أحوال أبنية الكلمة التي ليست بإعراب ، ولا بناء " .