الرأسمالية
يرجع أصل كلمة capitale إلى اللفظة اللاتينية caput ومعناها الرأس، واستعملت منذ القرنين الثاني عشر والثالث عشر للدلالة على الأموال ومخازن البضائع، وتطور هذا المصطلح ليعني بشكل أكثر تحديداً، (ثروة مؤسسة أو ثروة تاجر)، ثم اتخذ في القرن الثامن عشر دلالة خاصة ليشير إلى «المال المنتج». وجاءت كلمة الرأسمالية كمصطلح، نسبةً إلى الرأسمالي مالك الثروة. وتعرف الرأسمالية Capitalisme بأنها نظام اقتصادي - اجتماعي تكون فيه معظم وسائل الإنتاج ملكية خاصة ويكون دافع الربح والمنفعة فيه محرك النشاط الاقتصادي.
الرأسمالية، وقد سمي التَمَوّل[1]، في الاصطلاح نظام اقتصادي تكون فيه وسائل الإنتاج بشكل عام مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات، وحيث يكون التوزيع، والإنتاج وتحديد الأسعار محكوم بالسوق الحر والعرض والطلب، ويحق للملاك آن يحتفظوا بالأرباح أو يعيدو استثمارها.
بحسب الحتمية التاريخية بحسب ماركس، فإن الرأسمالية هي ثمرة التطور الصناعي والنقلة النوعية في وسائل الإنتاج المتخلفة في العصر الإقطاعي إلى الوسائل المتطورة في الثورة الصناعية والتي كانت ظهور الرأسمالية فيها كأحد التبعات، عقب التوسع العظيم في الإنتاج بدأت الإمبريالية بالظهور من خلال وجود شركات إحتكارية تسعى للسيطرة على العالم فبدأت الحملات العسكرية الهادفة لاحتلال أراضي الآخرين وتأمين أسواق لتلك الشركات وهذا فيما يعرف بالفترة الاستعمارية، ظلت ذيول هذا الاستعمار على الرغم من استقلال العديد من الدول لاحقا حيث مولت هذه الشركات عدة انقلابات عسكرية في فترة الخمسينات والستينات في دول أمريكا اللاتينية بهدف الحفاظ على هيمنتهأعلى تلك الدول، تؤمن الأنظمة الرأسمالية بالفكر الليبرالي وهو انتهاج الرأسمالية كاقتصاد والديمقراطية كسياسة، تعتبر المقولة الفرنسية (دعه يعمل دعه يمر) هي الشعار المثالي للرأسمالية التي تعمل على حرية التجارة ونقل البضائع والسلع بين البلدان ودون قيود جمركية، كانت الشيوعية بتمسكها المفرط بالحد من الملكية التي بنظرها السبب الرئيسي لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان كرد فعل على التوسع المفرط في الملكية داخل النظام الرأسمالي المنقسم لطبقتين الأولى ثرية والأخرى فقيرة وعاملة اصطلح عليها كارل ماركس بـ (البروليتاريـا).
الرأسمالية نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعاً في مفهوم الحرية. يزداد اهمية مفهوم الملكية الفردية في الموارد النادرة حيث يفتح السوق المنافسة الصرفة بين الافراد لأستاغلالها بكفائة. بما ان الرأس مالية تعزز الملكية الفردية، فأنها تقلص الملكية العالمة، ويوصف دور الحكومة فيه على انه دور رقابي فقط. بيد ان الاقتصادي البريطاني جون كينياس قد جاء بنظربته الاقتصادية المنسوبة الية في مننصف الثلاثيتات اقترح فيها ان الاقتصاد الرأسمالي غير قادر على حل مشاكله بنفسة كما في النظرية الكلاسيكية، بل ان هناك اوقات كساد اقتصادي (كالكساد الاقتصادي في امريكا فالثلاثينات والحالي) تحتم على الحكومة بأن تحفز الاقتصاد. توصف نظريتة -التي يتبعها كبار الرأسماليين كأمريكا- بأنها وضعت الرأسمالية اقرب إلى الاشتراكية.
التأسيس
...........................
كانت أوروبا محكومة بنظام الإمبراطورية الرومانية التي ورثها النظام
الإقطاعي.
- لقد ظهرت ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر الطبقة
- البورجوازية تالية لمرحلة الإِقطاع ومتداخلة معها.
- تلت مرحلة البورجوازية مرحلة الرأسمالية وذلك منذ بداية القرن
- السادس عشر ولكن بشكل متدرج.
- فلقد ظهرت أولاً الدعوة إلى الحرية وكذلك الدعوة إلى إنشاء
- القوميات اللادينية والدعوة إلى تقليص ظل البابا الروحي.
- ظهر المذهب الحر (الطبيعي) في النصف الثاني من القرن الثامن
- عشر في فرنسا حيث ظهر الطبيعيون.
أشهر دعاة هذا المذهب
..............................................
- فرانسوا كيزني (1694 - 1778) ولد في فرساي بفرنسا، وعمل
- طبيباً في بلاط لويس الخامس عشر, لكنه اهتم بالاقتصاد وأسس
- المذهب الطبيعي, نشر في سنة (1756م) مقالين عن الفلاحين
- وعن الجنوب، ثم أصدر في سنة (1758م) الجدول الاقتصادي
- وشبَّه فيه تداول المال داخل الجماعة بالدورة الدموية، قال ميرابو
- حينذاك عن هذا الجدول بأنه: "يوجد في العالم ثلاثة اختراعات
- عظيمة هي الكتابة والنقود والجدول الاقتصادي".
- جون لوك (1632-1704) صاغ النظرية الطبيعية الحرة حيث
- يقول عن الملكية الفردية: "وهذه الملكية حق من حقوق الطبيعة
- وغريزة تنشأ مع نشأة الإِنسان، فليس لأحد أن يعارض هذه
- الغريزة".
- ومن ممثلي هذا الاتجاه أيضاً تورجو وميرابو وساي وباستيا.
-
ظهر بعد ذلك المذهب الكلاسيكي الذي تبلورت أفكاره على أيدي عدد
من المفكرين الذين من أبرزهم:
- آدم سميث (1723-1790) وهو أشهر الكلاسيكيين على
- الإِطلاق، ولد في مدينة كيركالدي في اسكوتلندا، ودرس الفلسفة،
- وكان أستاذاً لعلم المنطق في جامعة جلاسجو, سافر إلى فرنسا
- سنة (1766م) والتقى هناك أصحابَ المذهب الحر. وفي سنة (
- 1776م) أصدر كتابه (بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم) هذا
- الكتاب الذي قال عنه أحد النقاد وهو (أدمون برك): "إنه أعظم
- مؤلف خطه قلم إنسان".
- دافيد ريكاردو (1772-1823) قام بشرح قوانين توزيع الدخل في
- الاقتصاد الرأسمالي، وله النظرية المعروفة باسم "قانون تناقص
- الغلة" ويقال عنه إنه كان ذا اتجاه فلسفي ممتزج بالدوافع
- الأخلاقية لقوله: "إن أي عمل يعتبر منافياً للأخلاق ما لم يصدر
- عن شعور بالمحبة للآخرين".
- روبرت مالتوس (1766-183) اقتصادي إنجليزي كلاسيكي
- متشائم صاحب النظرية المشهورة عن السكان إذ يعتبر أن عدد
- السكان يزيد وفق متوالية هندسية بينما يزيد الإِنتاج الزراعي
- وفق متوالية حسابية مما سيؤدي حتماً إلى نقص الغذاء والسكن.
- جون استيوارت مل (1806-1873) يعدُّ حلقة اتصال بين
- المذهب الفردي والمذهب الاشتراكي فقد نشر سنة (1836م)
- كتابه (مبادئ الاقتصاد السياسي).
- اللورد كينز (1946-1883) صاحب النظرية التي عرفت باسمه
- والتي تدور حول البطالة والتشغيل والتي تجاوزت غيرها من
- النظريات إذ يرجع إليه الفضل في تحقيق التشغيل الكامل للقوة
- العاملة في المجتمع الرأسمالي، وقد ذكر نظريته هذه ضمن كتابه
- (النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود) الذي نشره سنة
- 1936م.
- دافيد هيوم (1711-1776م) صاحب نظرية النفعية التي وضعها
- بشكل متكامل والتي تقول بأن "الملكية الخاصة تقليداتبعه الناس
- وينبغي عليهم أن يتبعوه لأن في ذلك منفعتهم".
- أدمون برك من المدافعين عن الملكية الخاصة على أساس
- النظرية التاريخية أو نظرية تقادم الملكية.
الأفكار والمعتقدات
أســس الرأسماليــة
.................................................
- البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب المشروعة، فلا يكون فيما تمنعه الدولة لضرر عام كالمخدرات مثلاً.
- تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها واطرادها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن.
- المنافسة والمزاحمة في الأسواق.
- نظام حرية الأسعار وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب، واعتماد قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها.
أشكال رأسمــالية
.......................................
- الرأسمالية التجارية التي ظهرت في القرن السادس عشر إثر إزالة الإِقطاع، إذ أخذ التاجر يقوم بنقل المنتجات من مكان إلى آخر حسب طلب السوق فكان بذلك وسيطاً بين المنتج والمستهلك. - الرأسمالية الصناعية التي ساعد على ظهورها تقدم الصناعة وظهور الآلة البخارية التي اخترعها جيمس وات سنة 1770م والمغزل الآلي سنة 1785م مما أدى إلى قيام الثورة الصناعية في إنجلترا خاصة وفي أوروبا عامة إبان القرن التاسع عشر. وهذه الرأسمالية الصناعية تقوم على أساس الفصل بين رأس المال وبين العامل، أي بين الإِنسان وبين الآلة. - نظام الكارتل الذي يعني اتفاق الشركات الكبيرة على اقتسام السوق العالمية فيما بينها مما يعطيها فرصة احتكار هذه الأسواق وابتزاز الأهالي بحرية تامة. وقد انتشر هذا المذهب في ألمانيا واليابان. - نظام الترست والذي يعني تكوين شركة من الشركات المتنافسة لتكون أقدر في الإِنتاج وأقوى في التحكم والسيطرة على السوق. بالإضافة إلى الرأسمالية المالية التي ظهرت بعد تطور وظيفة البنوك، حيث انتقلت هذه الأخيرة من دور إيداع وخفظ الأموال إلى المساهمة بشكل فعال في الاقتصاد، إن لم نقل العمود الفقري الرئيسي لكل الاقتصاد العالمي.
أفــكار ومعتقـدات أخــرى
...................................................
- إن المذهب الطبيعي الذي هو أساس الرأسمالية يدعو إلى أمور منها: - الحياة الاقتصادية تخضع لنظام طبيعي ليس من وضع أحد حيث يحقق بهذه الصفة نمواً للحياة وتقدماً تلقائياً لها. - يدعو إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وأن تقصر مهمتها على حماية الأفراد والأموال والمحافظة على الأمن والدفاع عن البلاد. - الحرية الاقتصادية لكل فرد حيث إن له الحق في ممارسة واختيار العمل الذي يلائمه وقد عبروا عن ذلك بالمبدأ المشهور: "دعه يعمل دعه يمر". - إن إيمان الرأسمالية بالحرية الواسعة أدى إلى فوضى في الاعتقاد وفي السلوك مما تولدت عنه هذه الصراعات الغربية التي تجتاح العالم معبرة عن الضياع الفكري والخواء الروحي. - إن انخفاض الأجور وشدة الطلب على الأيدي العاملة دفع الأسرة لأن يعمل كل أفرادها مما أدى إلى تفكك عرى الأسرة وانحلال الروابط الاجتماعية فيما بينها. - من أهم آراء سميث أن نمو الحياة الاقتصادية وتقدمها وازدهارها إنما يتوقف على الحرية الاقتصادية. - وتتمثل هذه الحرية في نظره بما يلي: - الحرية الفردية التي تتيح للإِنسان حرية اختيار عمله الذي يتفق مع استعداداته ويحقق له الدخل المطلوب. - الحرية التجارية التي يتم فيها الإِنتاج والتداول والتوزيع في جو من المنافسة الحرة. - يرى الرأسماليون بأن الحرية ضرورية للفرد من أجل تحقيق التوافق بينه وبين المجتمع، ولأنها قوة دافعة للإِنتاج، لكونها حقاً إنسانياً يعبر عن الكرامة البشرية.
الإِصلاحات التي طرأت على الرأسمالية
...................................................................
- كانت إنجلترا حتى سنة 1875م من أكبر البلاد الرأسمالية تقدماً. ولكن في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ظهرت كل من الولايات المتحدة وألمانيا، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت اليابان. - في عام 1932م باشرت الدولة تدخلها بشكل أكبر في إنجلترا، وفي الولايات المتحدة زاد تدخل الدولة ابتداء من سنة 1933م، وفي ألمانيا بدءاً من العهد النازي وذلك في سبيل المحافظة على استمرارية النظام الرأسمالي. - لقد تمثل تدخل الدولة في المواصلات والتعليم ورعاية حقوق المواطنين وسن القوانين ذات الصبغة الاجتماعية، كالضمان الاجتماعي والشيخوخة والبطالة والعجز والرعاية الصحية وتحسين الخدمات ورفع مستوى المعيشة. - لقد توجهت الرأسمالية هذا التوجه الإِصلاحي الجزئي بسبب ظهور العمال كقوة انتخابية في البلدان الديمقراطية وبسبب لجان حقوق الإِنسان، ولوقف المد الشيوعي الذي يتظاهر بنصرة العمال ويدعي الدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم.
الجــذور الفكرية والعقـائــدية
..................................................
- تقوم الرأسمالية الكلاسيكية في جذورها على شيء من فلسفة
- الرومان القديمة، يظهر ذلك في رغبتها في امتلاك القوة وبسط
- النفوذ والسيطرة.
- لقد تطورت متنقلة من الإِقطاع إلى البورجوازية إلى الرأسمالية
- وخلال ذلك اكتسبت أفكاراً ومبادئ مختلفة تصب في تيار التوجه
- نحو تعزيز الملكية الفردية والدعوة إلى الحرية.
-*قامت في الأصل على أفكار المذهب الحر والمذهب الكلاسيكي.
- لا يهم الرأسمالية الكلاسيكية من القوانين الأخلاقية إلا ما يحقق
- لها المنفعة ولاسيما الاقتصادية منها على وجه الخصوص.
- كان للأفكار والآراء التي تولدت نتيجة للثورة الصناعية في
- أوروبا دور بارز في تحديد ملامح الرأسمالية.
- تدعو الرأسمالية إلى الحرية وتتبنى الدفاع عنها، لكن الحرية
- السياسية تحولت إلى حرية أخلاقية واجتماعية.
- تطورت الرأسمالية من عدم الاهتمام بالقوانين الأخلاقية إلى
- الدعوه لها والحرص على حقوق العمال، وإلى توزيع أكثر عدلا
- للثروات.
تناقضات الرأسمالية
....................................................
تعاني الرأسمالية من عدة تناقضات نابعة من طابع أسلوب الإنتاج ذاته، وأهم هذه التناقضات على الإطلاق التناقض الأساسي المتمثل بالتناقض بين الطابع الاجتماعي المتطور لوسائل الإنتاج والطابع الفردي لتملك المنتجات. فمع التقدم التقني يصبح عمل الاقتصاد الوطني متأثراً بعمل أي من وحدات الإنتاج الكبيرة. وفي ضوء اتساع أحجام الشركات المتعددة الجنسية قد يؤثر اضطراب العمل في إحداها على الاقتصاد العالمي. وينتج عن التناقض الأساسي في الرأسمالية سلسلة من التناقضات الفرعية مثل التناقض بين مصلحة الرأسماليين الذين يديرون وسائل الإنتاج لتأمين أعلى ربح ممكن وبين مصلحة الطبقة العاملة التي ترغب في الحصول على نسبة أعلى من عوائد الإنتاج. وكذلك التناقض بين الاتجاه نحو زيادة الإنتاج وتناقص الاستهلاك فالرأسماليون سعياً منهم لزيادة أرباحهم يحولون قسماً من القيمة الزائدة إلى استثمارات جديدة تعتمد تقنيات عالية قليلة الطلب على اليد العاملة مما يقود إلى تخفيض حصة العمال من الناتج القومي فينخفض الطلب الاستهلاكي في الوقت الذي يزداد فيه إنتاج الخيرات المادية. ويمكن ملاحظة التناقض بين الطابع المخطط للعمل على مستوى المشروع بهدف الاستثمار الأمثل لموارده والفوضى في السوق التي تؤدي إلى إفلاس الكثير من المشروعات وهدر الأموال المستثمرة فيها إضافة إلى إحالة العاملين فيها على البطالة.في الواقع فإن الرأسمالية تولد في داخلها سلسلة من التناقضات التي تفسر أسباب تعاقب الدورات الاقتصادية[ر] في الرأسمالية.
خصائص الرأسمالية فى الوطن العربى
.......................................................................
رزحت البلدان العربية تحت نير الاستعمار لأكثر من 500 عام، وسط صراعات وتناقضات دولية غلب عليها اقتران الاستعمار بالرأسمالية التجارية والصناعية. وبعد استقلالها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كان على هذه البلدان أن تتكون وتنمو وأن توطد استقلالها السياسي والاقتصادي في ظل نظامين اقتصاديين عالميين متناقضين، ومعوقات إمبريالية - صهيونية مصطنعة على مختلف الأصعدة وتناحر عسكري ما زال قائماً، بدءً من حرب احتلال فلسطين عام 1948م، ومروراً بحرب السويس عام 1956م وبقية الحروب اللاحقة المعروفة التي مرت بها المنطقة العربية.
لذلك نشأت أنظمة اقتصادية عربية مشوهة في أحد الأطر الآتية:
ـ أنظمة مقلدة للنظام الرأسمالي وتدور عشوائياً في فلكه.
ـ أنظمة ذات ميول اشتراكية، استوردت بعض المفاهيم من دول الكتلة الشرقية.
ـ أنظمة متأرجحة، ما بين ملكية الدولة لقطاع عام مسيطر، وبين الدور الاقتصادي الهام للقطاع الخاص، وهي بالنهاية لا رأسمالية ولا اشتراكية.
فلا توجد رأسمالية واضحة المعالم في البلدان العربية، بالمفهوم المعروف للنظام الرأسمالي، وإن وجدت بعض الملامح الشبيهة بالرأسمالية في بعض هذه البلدان، فإنها تتصف بما يأتي:
ـ تابعة وتدور في فلك دول المركز الرأسمالي.
ـ تغلب عليها الأنشطة التجارية.
ـ تسيطر على أهم أنشطتها بعض الفئات المتنفذة و/أو الحاكمة.
ـ متلكئة، تحميها أحياناً، وتعرقل عملها أحيانا أخرى سلطة الدولة، في محيط من البيروقراطية والقوانين المتناقضة والمتقادمة وغير المستقرة.
عموماً، وكما هي حال دول العالم الثالث، تبقى البلدان العربية في مخططات الغرب الرأسمالي، وبحسب تقسيم العمل الإمبريالي، ذلك الجزء من العالم، الذي يجب أن يبقى، كما هُيِّئ له، سوقاً لتصريف بضائع دول المركز الرأسمالي، ومصدراً للطاقة والمواد الأولية، ومستورداًً لتصريف أزمات العالم الرأسمالي. إن النظام الاقتصادي في البلدان العربية شبه رأسمالي وليس رأسمالياً أو شبه اشتراكي وليس اشتراكياً
مرت البشرية في تطورها بالنظم الاجتماعية - الاقتصادية الآتية: النظام البدائي المشاعي والنظام العبودي والنظام الإقطاعي والنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي الذي لم يصمد طويلاً على الصعيد العالمي. والرأسمالية كمرحلة تاريخية، نشأت على أنقاض النظام الإقطاعي الذي أدى إلى تطور تقنيات الإنتاج في الزراعة، فتحسنت مجالات تربية الماشية والإنتاج الحيواني، كما تعمق التخصص وتقسيم العمل ضمن الحرفة الواحدة، وتطورت التجارة بين البلدان الأوربية وكذلك ما بين الشرق والغرب، مما أضاف عوامل حاسمة أدت إلى نشوء بذور العلاقات الرأسمالية.
إن جذور الرأسمالية منغرسة بالحروب والاستعمار وبتراكم الثروات والأموال، وبدافع الرغبة الجامحة بالربح. مع الحملة الصليبية الأولى، استفاقت أوربا المتخلفة المفككة الأوصال على ثروات الشرق الغني، وتوالت حملات حكامها على رؤوس جيوش من فلاحيهم الفقراء الطامحين بالتحرر من نير الإقطاع والفقر الشديد.لقد حققت الحروب الصليبية لأوربة مزايا جلية هيأت الظروف لإحداث انقلابات جذرية وعميقة وبيئة مناسبة لقيام الثورة الصناعية فيما بعد.
وفي القرن الخامس عشر توحدت مقاطعات إنكلترا وكذلك فرنسا وإسبانيا، وفيما بعد هولندا، وساعد في تقويتها، الاكتشافات الجغرافية وغزو المستعمرات، مما فتح لها أسواقاً خارجية ومصدراً للحصول على المواد الأولية وعلى كميات هائلة من الذهب والفضة أدت إلى التراكم «الأولي» لرأس المال، ساعد بدوره لاحقاً على الانتقال إلى أسلوب الإنتاج الرأسمالي.
وتعدّ الثورة الصناعية، التي بدأت في إنكلترا ومن ثم انتقلت إلى بقية دول أوربا ثم إلى الولايات المتحدة واليابان، المفصل الأساسي في تطور النظام الرأسمالي، إذ أدت إلى إثراء الطبقة البرجوازية وتمركز رؤوس الأموال، وبالتالي إلى تدعيم أسلوب الإنتاج الرأسمالي.