الخميس، 19 يناير 2012

الصحابة : مصعب بن عمير


مصعب بن عمير

مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة القرشي البدري
، كان أعطر أهل مكة ولد في النعمة، وغذيّ بها، وشبّ تحت خمائلها، وكان حديث حسان مكة، ولؤلؤة ندواتها ومجالسها، سمع عن الإسلام والمسلمين في مكة وأنهم يجتمعون في دار الأرقم بن أبي الأرقم، فذهب إلى هناك ودخل الإسلام إلى قلبه وأسلم على يد محمد بن عبد الله رسول الله، وكانت أمه خنّاس بنت مالك تتمتع بقوة فذة في شخصيتها فخشيها مصعب، وقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمرا، حتى علمت أمه وحبسته وأرادت أن ترده عن دينه ولكنها واجهت إصرار أكبر على الإيمان من جانب الابن. فقررت أن تخرجه من بيتها وتحرمه من الأموال.
وقالت له وهي تخرجه من بيتها: اذهب لشأنك، لم أعد لك أمّا. قال: يا أمّه أني لك ناصح، وعليك شفوق، فإشهدي بأنه لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. فأجابته غاضبة مهتاجة: قسما بالثواقب، لا أدخل في دينك، فيزرى برأيي ويضعف عقلي. فتركها واختار الإسلام بدلا عن أمه طاعة لأمر الله تعالى في قوله " وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " [1] ترك مصعب النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا الشظف والفاقة، وأصبح الفتى المتأنق المعطّر، لا يرى إلا مرتديا أخشن الثياب يأكل يوما، ويجوع أياما.
سفير الإسلام
مصعب بن عمير اختاره الرسول أن يكون سفيره إلى المدينة، يفقّه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا الرسول عند العقبة، ويدخل غيرهم في دين الله، ويعدّ المدينة ليوم الهجرة العظيم، وقد أختاره الرسول لرجاحة عقله وكريم خلقه وزهده وبها كان أول سفير للإسلام، وقد جاءها وليس فيها سوى اثني عشر مسلما، كان مصعب يقدر المسؤولية التي أنيطت به ويعلم أنه يجب عليه أن ينهي مهامّه خلال سنة حتى يوافي رسول الله في الموسم القادم ومعه فلول الأوس والخزرج لكي تبايعه على نصرة الإسلام فعليه أن يجتهد في الدعوة وأن لا يهنأ بطعام ولا يغمض له جفن حتى يدخل الناس في دين الله أفواجا, وفي موسم الحج التالي لبيعة العقبة, كان مسلمو المدينة يرسلون إلى مكة للقاء الرسول وفدا يمثلهم وينوب عنهم، وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة، جاءوا تحت قيادة مصعب بن عمير. وقد أسلم على يديه أسيد بن حضير سيد بني عبد الأشهل بالمدينة, فجاء شاهرا حربته ويتوهج غضبا وحنقا على هذا الذي جاء يفتن قومه عن دينهم فلما أقنعه أن يجلس ويستمع, فأصغى لمصعب واقتنع وأسلم، وجاء سعد بن معاذ فأصغى لمصعب واقتنع, وأسلم ثم تلاه سعد بن عبادة، وأسلم كثيرا من أهل المدينة، فقد نجح أول سفراء الرسول صلوات الله عليهم
غزوة أحد
بعد هجرة الرسول وصحبه إلى المدينة، وحدثت غزوة بدر، تلتها غزوة أحد الذي أمر فيها الرسول مصعب ليحمل الراية، وتشب المعركة الرهيبة ويحتدم القتال ويخالف الرماة أمر الرسول، فقد حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد.
فلما جال المسلمون ثبت به مصعب، فأقبل ابن قميئة وهو فارس، فضربه على يده اليمنى فقطعها، ومصعب يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه، فضرب يده اليسرى فقطعها، فحنا على اللواء وضمّه بعضديه إلى صدره وهو يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه وأندق الرمح، ووقع مصعب وسقط اللواء فحمله أحد المسلمين.
يقول خبّاب بن الأرت:هاجرنا مع الرسول في سبيل الله, نبتغي وجه الله، طالباً للأجر من الله. فمنا من مضى ولم يأكل من أجره في دنياه شيئا، منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد. فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة. فكنا إذا وضعناها على رأسه تعرّت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه برزت رأسه، فقال لنا رسول الله : اجعلوها مما يلي رأسه, واجعلوا على رجليه من نبات الاذخر.
وقف الرسول عند مصعب بن عمير وقال: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) ثم ألقى في أسى نظرة على بردته التي كفن بها وقال لقد رأيتك بمكة، وما بها أرق حلة ولا أحسن لمّة منك. ثم ها أنتذا شعث الرأس في بردة.
آل ياسر
هم ياسر وزوجته سمية وابنهما عمار...وهذه هي اول اسرة اسلمت بالكامل..واول عائلة جهرت بالإسلام..وكانوا هم سابع من جهر بالإسلام في الدنيا..وهم في الرتبة الثلاتين من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في دخولهم الإسلام و كانت سمية اول من قتل في سبيل الله وكانت رضي الله عنها اول امراة تسلم بعد السيدة خديجة رضي الله عنها وارضاها. وعندما جهرت السيدة سمية بإسلامها ظل أبو جهل يعذبها اشد التعذيب لايام طويلة ويقال"لم يشهد التاريخ امراة عذبت كما عذبت سمية من طرف ابي جهل "كان يضربها ضربا شديدا وياذيها اشد الاذى..وكان يريد منها كلمة واحدة وهي ان تكفر بدين محمد عليه الصلاة والسلام..ولكن المراة لم تنطق الا بالشهادتين لدرجة انها استطاعت ان تقهره بصبرها وايمانها وقوة احتمالها..فلجا أبو جهل للقوة الغاشمة فحمل حربته واغرسها فيها..ضربها بالحربة إلى مكان عفتها وهي مقيدة مكبلة..فسقطت رضي الله عنها وارضاها شهيدة.. بل كانت اول من استشهدت في الإسلام....ماتت بين زوجها وابنها المكبلين..وقبرها لا يعلم مكانه الا الله...ولكن هل ينفع معرفة مكان القبر إذا كان المصير في الاخرة معروف...وهل يهم القبر ان كان صاحبه في الجنة..؟! وبعد ايام قليلة يموت زوجها ياسر بعد صبره الكبير على العذاب وقتل زوجته امام عينين...ويبقى بعدهما ابنهما عمارابن ياسر..و كان سنه بضعا وعشرين سنة..وكان الم الفراق شديد عليه لانهما قتلا امام ناظريه وبطريقة شنيعة على يد ابي جهل...ولكن الشاب ظل ثابتا..ولكن ايذاء أبو جهل كان يزيد شدة يوما بعد يوم..إلى ان خارت قوى عمار ولم يعد يقوى على التحمل وبعد شدة العذاب وفي يوم من تلك الايام قيل له " سب محمدا"فسب رسول الله عليه الصلاة والسلام وذلك لان طاقته نفدت وركض إلى رسول الله يبكي ويقول :"و الله يا رسول الله مازالوا بي حتى فعلت"ورد عليه الصلاة والسلام وقال :"يا عمار فكيف تجد قلبك " قال :"مطمان بالايمان يا رسول الله "فقال له رسول الله :"يا عمار فان عادوا فعد"وبشر النبي عليه الصلاة والسلام ال ياسر وقال:"صبرا ال ياسر فان موعدكم الجنه" و يظل سيدنا عمار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ان يهاجر إلى المدينة وكان رسول الله يحبه حبا شديدا لدرجة انه كان كتيرا ما يقول لعمار:"تعال يا عمار واجلس معي" فيقول عمار :"لما يا رسول الله"فيقول له عليه الصلاة والسلام :"احب ان ادعو لابويك فتعال واجلس يا عمار" وياتي عمار ويجلس فيرفع رسول الله يداه إلى السماء ويقول "اللهم اغفر لال ياسر وقد فعلت... اللهم اغفر لال ياسر وقد فعلت " فقيل لما إذا رسول الله يدعو لال ياسر بالمغفرة وهو يعلم ان الله فعل ذلك وغفر لهم..فقيل وفاءا وحبا لهذه العائلة وتذكرة لاجيال أخرى بفظل هذه العائلة وتاتي غزوة بدر.. وفي شدة المعركة وقلبها كان رسول الله يتابع المعركة في اضطراب شديد ياتي لرسول الله عليه الصلاة والسلام خبر يقول ان أبا جهل قد قتل..واول ما فعل عليه السلام ولان أبو جهل هو من قتل سمية وياسر وكان ذلك قبل اربعة عشر سنة..قال:"الله أكبر اين عمار**فجاء عمار وقال له الحبيب المصطفى **ابشر يا عمار ثار الله لابيك وامك " و لكثرة حبه صلى الله عليه وسلم كان دائما يقول:"ان الجنة تشتاق إلى ثلات منهم عمار" و المشهد الأخير في قصة سيدنا عمار ابن ياسر.. وكان ذلك في حرب بين سيدنا علي ابن ابي طالب ومعاوية ابن ابي سفيان..ففي أثناء المعركة كان الجيش يقاتل وسيدنا عمار مع جيش سيدنا علي فقتل رضي الله عنه...و اول ما قتل توقفت المعركة بسبب موته... وذلك لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد قال حديثا وكلهم كانوا يتذكرونه والحديث يقول: "عمار ابن ياسر تقتله الفئة الباغية" و بموت عمار عرفت الفئة الباغية فتوقفت المعركة توفي رضي الله عنه وعمره اربعة وتسعين سنة..مات بالعراق ودفن هناك وهكذا يكون رضي الله عنه الشهيد الذي يكمل هذه العائلة العظيمة عند الله مكانة..و التي تستبشر بالجنه