النقد الأدبى
النقد : هو التعبير المكتوب أو المنطوق من متخصص يطلق عليه اسم ناقد عن سلبيات وإيجابيات أفعال أو إبداعات أو قرارات يتخذها الإنسان أو مجموعة من البشر في مختلف المجالات من وجهة نظر الناقد. كما يذكر مكامن القوة ومكامن الضعف فيها، وقد يقترح أحيانا الحلول. وقد يكون النقد في مجال الأدب، والسياسة، والسينما، والمسرح وفي مختلف المجالات الأخرى.
قد يكون النقد مكتوبا في وثائق داخلية أو منشوراً في الصحف أو ضمن خطب سياسية أو لقاءات تلفزيونية وإذاعية.
النظر في قيمة الشيء، التقييم، فالنقد المعرفي مثلاً هو النظر في إمكانية وشروط المعرفة وحدودها، وهو عمومًا عدم قبول القول أو الرأي قبل التمحيص، وينقسم إلى نوعين عامّين: نقد خارجي External وهو النظر في أصل الرأي، ونقد داخلي Internal وهو النظر في الرأي ذاته من حيث التركيب والمحتوَى.
النقد في الأدب
قال جورجي زيدان عن النقد في مجلة الهلال ؛ أن الانتقاد يعني إبراز جوانب الاستحسان والنقص على السواء وأن كلمة ( انتقاد ) ليست تعني إحصاء العيوب وحدها ونريد من باب ( الانتقاد والتقريض ) كلا الجانبين .. بإبداء رأيهم فيما يسمعونه إن حسناً أو قبيحاً فدعوناه لذلك ( باب التقريض ) ، والانتقاد تقريباً من معنى المراد ، وما فتحناه إلا لعلمنا بما يترتب عليه من الفائدة الحاصلة من تناول الآراء وأن العاقل من أعتقد الضعف في نفسه وعلم أن انتقاد ما يكتبه أو يقوله ، لا يحط من قدره ، إذ أننا لا ننتقد إلا ما نراه جديراً بالمطالعة ومستحقاً للانتقاد
النقد الأدبي بمعناه التقليدي نشاط يقوم على عملية انتقاء وتقييم وتحليل وإطلاق أحكام على الأعمال أو المفاهيم الأدبية. يمكن أن يأخذ النقد الأدبي صيغة عرضِ بعض الكتب والأعمال الأدبية في الصحافة ووسائل الإعلام ومراجعتها، وفي هذه الحالة يسمى نقداً صحافياً، كما أنه يمكن أن يأخذ صيغة بحوث ودراسات في الأدب، فيحمل في هذه الحالة طابعاً أكاديمياً يبتعد عن إطلاق الأحكام لينصرف إلى التحليل والوصف والتأويل. هناك أيضاً النقد الأدبي الذي يمارسه الكتاب أنفسهم، وهو مهم لأن هذه الكتابات النقدية تتم بالتوازي مع الأعمال الأدبية، كما في دراسات هنري جيمس Henry James وفورستر E.M.Forster، وبودلير ومالارميه Mallarmé وڤاليري Valéry وبروست Proust وبورخِس Borges.
يعود أصل النقد الأدبي إلى الدراسات الأدبية التي وضعها الفلاسفة اليونانيون مثل أفلاطون[ر] Platon وأرسطو[ر] Aristote، وعلى الأخص إلى التعارض فيما بينهما في النظرة إلى الأدب والمحاكاة والعلاقة بين الأدب والفلسفة، وإلى المتخيل بصورة عامة. وكان هذا الجدل حول الأجناس الأدبية وفنون الشعر وجوهر الأدب ومكانة الشعراء بمنزلة اللبنة الأولى لنقد أدبي يهتم بقواعد التأليف وبجوهر العمل الأدبي وغائيته.
يعدّ كتاب أرسطو «فن الشعر» Art Poétique خطاباً في الأدب أو علم الأدب، ميّز فيه أرسطو بين النظرية والممارسة، وبين الشعرية poétique التي تنصبُ في الإبداع وطريقة التأليف، وبها ربط الشعر بصورة خاصة. وقد وصف أرسطو في «فن الشعر» كذلك قوانين السرد الملحمي والدرامي وشكل تأليف المأساة (التراجيديا). ولم تكن نظرية الوحدات الثلاث في مجال المسرح واضحة في أعمال أرسطو في البداية ولم تظهر إلا في عصر النهضة مع التفسيرات العديدة التي قدمها الإنسانيون[ر: النزعة الإنسانية] لكتابه، وكانت اللبنة الأولى للنقد الأدبي الحديث.
يعدّ القرن السابع عشر مرحلة حاسمة في تاريخ النقد الذي بدأ ينفصل عن النحو والبلاغة ليقترب مما يسمى بفن الشعر Poétique. ففي تلك المرحلة وما تلاها وضمن ما يُسمّى في فرنسا بمعركة القدماء والمحدثين نُوقشت القواعد التي وضعها القدماء، كما ظهرت في القرن الثامن عشر ردود أفعال على النظرية العقلانية أو الأرسطوطالية للأدب التي تضع قوانين أبدية وعالمية للحكم الجمالي وعلى تقاليد الاتباعية[ر] Classicisme والاتباعية الجديدة Néo-classicisme التي كانت تحكم على كل عمل استناداً إلى معايير خارجة عن الزمن. كذلك بدأ بعض المنظّرين يدافعون عن ذاتية subjectivité الحكم القائم على الذائقة معياراً بديلاً لمقاربة الأدب، وهو ما يمثله الفيلسوف إيمانويل كانْت [ر] E.Kant في مؤلفه «نقد ملكة الحكم». وفي نهاية القرن الثامن عشر صار النقد حالة وسيطة بين ذاتية الحكم الجمالي وموضوعية الحكم العام. وانصبّ اهتمام النقّاد في القرن التاسع عشر على أدب القرون الوسطى ثم على الأدب الكلاسيكي والمعاصر، وكان عملهم يقوم على تحقيق النص كمخطوطة ودراسة الأصول اللغوية للنص الأدبي وتحولاته، أي البحث عن النص الأصلي والتغيرات التي طرأت عليه وكل المعلومات الممكنة حول الحالات المختلفة التي يأخذها النص في تحولاته وصولاً إلى حالته النهائية. وهنا يراوح موقف النقد بين احترام النفحة الإبداعية الأولى وبين النظر إلى النية الأخيرة للمؤلف عند مراجعته نصه واختيار وضعه النهائي. إضافة إلى ذلك هناك نوع آخر من النقد كان يعيد تكوين السياق الذي ظهر النص داخله انطلاقاً من فكرة أن معنى النص يكمن في الظروف التي أدت إلى ظهوره.
ظهر مع الإبداعية[ر] Romantisme في القرن التاسع عشر مفهوم النقد الإبداعي الذي يقوم على تأمل كل عمل أدبي في فرادته، ويبرز دور الحدس في تناول العمل الفني. ويمثل هذا التيار كل من الألماني هردر الذي كان موقفه رداً على العقلانية الكلاسيكية، وغوته Goethe الذي كان يرى في نقد الجمال أمراً مُنتجاً، وبودلير الذي رأى في النقد تعبيراً عن الذات.
وعندما ظهر في تلك الفترة النقد التاريخي المتأثر بالإبداعية كان نسبياً ووصفياً مرتبطاً بتأكيد القيم الوطنية والتاريخية، كما في كتاب «عن ألمانيا» De l’Allemagne الذي كتبته مدام دي ستال[ر] Mme de Staël. أما سانت بوڤ Sainte-Beuve فقد أسّس لخطاب في الأدب يفسره انطلاقاً من سياقه الأصلي ومن حياة المؤلفين. وساد التمييز بين طريقتين في التعامل مع الأدب: الماضي بتفسيره والمعاصر بالحكم عليه، وهذا ما أدى إلى ظهور منهجين متمايزين في النقد، أحدهما وصفي والثاني تقييمي.
وقد برز في فترة لاحقة موقف الناقد تين الذي أسس حكمه على العمل الأدبي على عوامل ثلاثة هي: الأصل العرقي للكاتب، والوسط المحيط، والفترة التي كُتب فيها المؤلَف، جاعلاً بذلك من الأدب والفن انعكاساً للوضع الاقتصادي، وقد كان ذلك بداية النقد الاجتماعي Critique sociologique الذي تطور فيما بعد ضمن منظور ماركسي ماركس . ثم جاء فردينان برونتيير Ferdinand Brunetièreليضيف إلى المؤثرات الحياتية (البيوغرافية) والاجتماعية معايير التقاليد الأدبية بحد ذاتها مُمَثلة بالنوع الأدبي الذي يؤثر في عمل ما أو الذي يتأثر به عمل ما. لكن النقد التاريخي لم يلبث أن أثار حفيظة الكتّاب فقد اعترض فلوبير على تين؛ لأنه رأى في الفن أموراً أخرى مغايرة لظروف ظهوره. وقد أبرز بروست هذا الاعتراض حين أكّد التمايز الأساسي ما بين الأنا الإبداعية والأنا الاجتماعية، منطلقاً من فكرة أن الفنان لا علاقة له بالإنسان، وأن الحدس الإبداعي الذي يتأسس على الذاكرة والأحاسيس لا علاقة له بالفهم.
في الخمسينيات من القرن العشرين وبتأثير من الفلسفة الوضعية Positivisme قام غوستاڤ لانسون Gustave Lanson بصياغة فكرة النقد الوضعي Critique positiviste رداً على الانطباعية Impressionnisme التي كانت تميز النقد في زمنه. وكان موقفه أكثر مرونة من موقف سانت بوڤ وتين وبرونتيير. وفي هذا المجال تُجمَع المواد المرتبطة بالعمل الأدبي وصاحبه وزمنه، وبهذا تصير المصادر والمؤثرات الخارجية الأساس الذي يُبنى عليه النقد. وفي ردة فعل واضحة على التوجه الوضعي للنقد وعلى جفاف الخطاب النقدي الصارم تبرز الكتابات الرافضة لتقييم الفن والتي حملت توقيع نقاد مثل برغسون Bergson وڤاليري وكروتشه Croce.
في الستينيات من القرن العشرين اندلعت معركة نقدية حامية داخل جامعة السوربون في فرنسا ما بين ريمون بيكار Raymond Picard الذي يمثل التوجه التقليدي للنقد ورولان بارت Roland Barthes الذي أطلق ما سُمي بالنقد الجديد La Nouvelle critique، وكان موضوع المعركة يتمحور على نحو أساسي حول كتابات المسرحي الفرنسي راسين Racine والخطاب التقليدي المتكرر حول أعماله. وكان النقاش بداية لتوجّه نقدي جديد يقوم على مبدأ القراءة والتأويل واستقراء النص بحد ذاته بمعزل عن الأفكار المتداولة عن صاحبه، مما يسمح بتعدد وجهات النظر حول العمل وينسف الخطاب الأحادي المسيطر حول عمل ما.
ولا شك في أن هذه التفاعلات الجديدة في الخطاب النقدي تدين في غناها للعلوم الإنسانية التي عرفت منذ بداية القرن العشرين تطوراً سريعاً وفعالاً، وتداخلاً مثمراً أدى إلى ظهور مقاربات جديدة للتحليل الأدبي تتكئ على علم الظاهراتية Phénoménologie، وعلم التأويل Herméneutique، والماركسية، وعلم النفس، والبنيوية[ر] Structuralisme، وما بعد البنيوية Post-structuralisme.
وقد كانت نقطة الانطلاق في هذه التفاعلات الجديدة بين العلوم الإنسانية والخطاب النقدي على مستوى العالم بأسره الدراسات اللسانية التي قام بها فردينان دي سوسور F. de Saussure، والتي غيّرت أبعاد العلاقة بين اللغة والكلام، وأطلقت مفهوم العلامة signe والدلالات المتولدة من العلاقة فيها ما بين الدالّ signifiant والمدلول signifié. وقد كان لدراسات سوسور أثرها في إطلاق المنهج السميولوجي Sémiologie الذي كان لرولان بارت دور كبير في بلورته وتطبيقه على منظومات ثقافية وفنية وأدبية. كما أن دراسات سوسور كانت الأساس الذي أُنشئت عليه البنيوية التي طبّقها كلود ليڤي شتراوس Claude Lévi-Strauss على جميع العلاقات البشرية في كتابه الشهير «الأنتروبولوجيا البنيوية» Anthropologie Structurale (1958). كذلك طُبِقت البنيوية على الحكايات وكل الأعمال السردية بما فيها الرواية والقصة، مما أدى إلى ظهور علم السرد Narratologie الذي أطلقه ڤلاديمير بروب Vladimir Propp في روسيا وطوّره من بعده آلغيرداس جوليان غريماس Algirdas-Julien Greimas وأُمبرتو إيكو Umberto Eco وتْزڤيتان تودوروڤ Tzvetan Todorov وجيرار جينيت Gérard Genette ورولان بارت وجوليا كريستيڤا Julia Kristeva.
من جانب آخر كان الشكلانيون الروس Formalistes russes [ر. الشكلانية] قد أطلقوا منذ بدايات القرن العشرين مفهوماً نقدياً جديداً حين أبعدوا التحليل الأدبي عن دراسة المضمون ليصبّوا اهتمامهم على الشكل الذي صارت دراسته نقطة الانطلاق لمقاربة المعنى. وقد كان تأثير هؤلاء كبيراً في أعمال ميكائيل ريفاتير Michael Riffaterre حول إنتاجية النص ضمن توجه الأسلوبية stylistique، وفي توجه معاكس مثله ياكبسون وليڤي شتراوس. وكذلك برزت أعمال حلقة براغ Cercle de Prague التي أطلقت دراسة منهجية للأدب؛ والنقد الجديد New Criticism الذي تطور في أمريكا وكان يقوم على رفض الإيهام وعلى تفسير العمل من خلال الانفعالات التي يوقظها لدى المتلقي. يمثل هذا التوجه في إنكلترا الناقد رتشاردز I.A.Richards، وفي الولايات المتحدة جون كرو رانسوم John Crowe Ransom وألن تيت Allen Tate وكلينث بروكس Cleanth Brooks والشاعر روبرت بِن وورين Robert Penn Warren.
وقد كان للتداخل بين العلوم الإنسانية وبين المقاربات المختلفة للعمل الأدبي والفني أثر كبير في ظهور صيغ مركبة من مناهج التحليل: فقد حاول جان روسيه Jean Rousset وجان ستاروبينسكي Jean Starobinski إدخال البنيوية والتحليل النفسي على النقد الإبداعي، ولذا ظهر ما يُسمّى بالنقد النفساني Psychocritique الذي اتكأ على علم النفس وعلى دراسات فرويد[ر] Freud ثم لاكان[ر] Lacan، رابطاً النقد النفساني بمقاربة سياقية للعمل ولمؤلفه. وفي المنحى نفسه أطلق غاستون باشلار Gaston Bachelard وجان بيير ريشار Jean Pierre Richard مفهوم سيكولوجية الأعماق الذي يتأسس على دراسة الأحاسيس والمتخيل فرضية أولى لبحث الوعي الإبداعي ضمن مجموعة أعمال كاتب ما. يندرج في هذا التوجه المركّب لتحليل النص نقّاد مثل جان بيلُمان نويل Jean Bellemin-Noël وكريستيڤا التي أطلقت ما يسمى بتحليل المعنى Sémanalyse.
مع جورج لوكاتش Lukacs وعلى ضوء النقد الماركسي الذي يجعل من الفن والأدب انعكاساً للوضع الاقتصادي، ظهر توجه نقدي ينظر إلى الأدب على أنه نتاج جماعة لا نتاج أفراد، وينادي بالاستقلالية النسبية للأشكال الجمالية بالنسبة إلى المكوّنات الاجتماعية والاقتصادية. يمثل هذا الاتجاه بيير بورديو Pierre Bourdieu الذي نادى باستقلالية المجال الأدبي عمّا لا يدخل في نطاقه، وتيودور أدورنو Theodor Adorno ومدرسة فرنكفورت في ألمانيا، وريموند وليمز Raymond Williams، والمادية الثقافية في إنكلترا، ولوي آلتوسر Louis Althusser الذي ربط في فرنسا بين الإيديولوجية وبين دراسات فرويد حول اللاوعي؛ وكذا الأمر بالنسبة إلى ڤالتر بنيامين Walter Benjamin الذي قارب ما بين النظرية الماركسية والنقد الإيديولوجي.
من الآفاق المهمة التي فتحتها العلوم الإنسانية أيضاً أمام النقد الأدبي الدراسات التي تمت حول التلقي reception، والتي تجعل من قراءة العمل وتلقيه فعالية منتجة تقوم على ما يسميّه هانس روبرت ياوس Hans Robert Jauss أفق التوقع Horizon d’attente. ضمن هذا المنظار لا يمكن عزل قراءة النص وتقييمه عن سياق محدد هو الفترة الزمنية التي يتم تلقيه فيها.
بعد تلك الفترة المثمرة والفعّالة في مجال الدراسات النقدية للأدب والفن، ظهرت التفكيكية Déconstructionnisme التي يمثلها جاك ديريدا Jacques Derrida في تأملاته حول البنية، والتي تنطلق من فكرة أن الكلمات شفافة، وأن التواصل ممكن والصوت ليس أوّليّاً وإنما يفترض ما قبله a priori، سواء كان كتابة أم مؤسسة أم أي منظومة اختلاف. يلتقي ديريدا بذلك مع التفكيكية الأمريكية التي تقول بعدم محدودية المعنى وبأن النص واللغة لا يسيران كما يريد الإنسان، والمعنى يظل غير ثابت ولا يمكن التحكم فيه. ومن هذا المنظور لا يمكن إلا تكرار فعل التفكيك ولعبة الاختلاف في العمل وفي النص من دون الوصول إلى فهم أو إلى شرح. لا تعدّ التفكيكية الأمريكية تحليلاً واضح المعالم ولا منهجاً وإنما مدرسة ظهرت في جامعة ييل Yale يمثلها بول دو مَن Paul de Man وهيليس ميلّر Hillis Miller وجفري هارتمَن Geoffrey Hartman.
بتأثير من الشكلانيين الروس كان باختين Bakhtine حالة خاصة في الدراسات الأدبية ترتبط على نحو كبير بنظرية التواصل Théorie de la communication؛ ذلك أنه كان يصف العمل اللغوي كفعل اجتماعي وكموقف تواصلي. فقد تصور النص من خلال آلية إنتاجه، مع تأكيده عدم حتمية المعنى وتولده من المعاني التي سبقته في أعمال أقدم، وهذا ما عملت عليه كريستيڤا حين أطلقت في فرنسا مفهوم التناص intertextualité الذي عنت به أن النص ـ أي نص ـ إنما هو نتاج لنصوص سابقة ومنتج لنصوص لاحقة.
لا شك في أن الغنى الذي عرفه النقد الأدبي على مدى تاريخه وعلى الأخص في القرن العشرين لا يسمح بالإحاطة بكل توجهاته وبكل من كان علماً من أعلامه. فقد كان لتسارع النظريات النقدية ولكثرة التوجهات في هذا العصر ما كوّن حالة استثنائية تبيّن إلى أي درجة يمكن للفكر البشري أن يكون خلاقاً ومبدعاً حين يتناول الأدب، تماماً كما هو الأدب حالة خلق وإبداع تستند إلى أسس فكرية.
-الانتقادية أو الفلسفة النقدية :هي مذهب الفيلسوف الألماني العقلاني إيمانويل يوحنا جورج كانط(1724-1804)م، والقائل بثنائية المعرفة بين الشيء في ذاته Ding an Sich أو النومين والظاهرة ،والقائل بثلاثية قوى المعرفة(صورتا الحساسية: الزمان والمكان/الفهم Verstand/العقل Vernunft)، والقائل ببناء التصديق النظري في الموضوعات المتعالية Transendental Objects على أساس مسلمات العقل العملي Practical Reason (وجود الله/خلود الروح/حرية الإرادة).