أعشق الترحال فى عيونك الباكية
تجرفنى عبراتك متسللة عبر ملابسك البالية حتى تمر بى على دقات قلبك المتقطعة
أيا سيدتى عرضوك مع دجاجاتك وقطتك وكلبك النحيف للبيع
باعوك سيدتى ولم يكلفوا أنفسهم حتى أن يغسلو ثيابك من قذاراتهم
هنت سيدتى وهنّا معك فما عادت لنا بقية من كرامة لما كنا نسميه انسان
فلمن نشتكى يا مصر
لم نشتكى يا مصر
لمن نشتكى يا مصر وقد اهنا فى وطننا
فى كل محنة تمرين بها كنا نضحى بارواحنا وانفسنا ندافع عنك
كنا نمسح دموعك ببقايا أجسادنا المبعثرة ، كنا نلملمها ونصنع منها جسرا لنمر بك الى شاطئ الأمان .. لأن ساعتها كانت أجسادنا حية لم تمت
فالموت يا محبوبتى مصر هو موت الكرامة لا الجسد
............................................................
يتحدثون فى مصر عن ضياع كرامة الإنسان وكانها بضع جنيهات بالية
يا من تتحدون عن الوطنية أين أنتم .. ويا من تتحدون عن الإسلام أين أنتم
لم نسمع لكم حديثا
أيا كل الأحزاب التى باتت تبحث عن كراسى الحكم وتتسابق بافتخار
ما قيمة كل ذلك وكرامة المواطن تداس بالاقدام
وما معنى ان نبرر للجانى ذبحه للضحية وتمزيق جسده والتمثيل به حتى ولو كانت الضحية هى المخطئة
أهكذا يكون فى نظركم هو العقاب ؟ أهكذا هى قيمة المواطن ؟
لو افترضنا ان الابن أخطأ ومهما كان خطأه هل سنقبل لوالده أن يذبحه ويعريه على قارعة الطريق ؟؟ فبئس الأب هذا وبئس أرض تقله وسماء تظله
يا من تتحدون باسم الاسلام ولم نسمع لكم صوتا .. اسمعوا كيف يحافظ الاسلام على كرامة الانسان اسمعوا
لقد كرم الله الانسان لأنه إنسان فقال تعالى ( ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرا ممن خلقنا تفضيلا ) صدق الله العظيم
هذا الانسان سيد الكون الذى أسجد الله له ملائكته تكريما وتشريفا
الذى علمه ومن علمه تعلمت الملائكة وتعلم الكون بأسره ( وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ) صدق الله العظيم
هذا هو الانسان الذى شرف بحمل الأمانة التى عجز الكون بأسره عن حملها ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ) صدق الله العظيم
هذا هو الإنسان يا من تتحدثون عن الإسلام انظروا من هو الإنسان الذى جعل كرامته أساس وقاعدة لكرامة المجتمع
إن حماية كرامة الإنسان، وتحقيق إنسانية الإنسان، هما مقصد الشريعة وغايتها، ذلك أن الشريعة إنما جاءت لتحقيق مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، وأن هذه المصالح ـ كما قرر العلماء وألّفوا في ذلك، استقراءً لواقع النصوص في الكتاب والسنة لا تتحقق إلا بحماية الكليات الخمس، أو الضرورات الخمس، وهي :
العقل
والدين
والنفس
والعِرض
والمال
وهذه الكليات أو الضروريات، إذا أمعنّا النظر فيها، نرى أنها تمثل في الحقيقة حقوق الإنسان الأساس، بحيث لا تحفظ كرامته ولا تتحقق إنسانيته إلا بتوفيرها، كحق الحياة، وحق التدين، وحرية الاختيار، وحق التملك والتصرف، وحق التفكير والتعبير، وحق الأمن الاجتماعي، وحق بناء الحياة الاجتماعية والنسل
ويكفى أن نعلم أن غزوة بنى قينقاع بين المسلمين واليهود كانت من أجل كرامة المرأة يا من تدعون الاسلام اسمعوا ماذا يقول بن هشام :
وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة، عن أبي عون قال: كان من أمر "بني قينقاع" أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها، فباعته بسوق "بني قينقاع"، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبتْ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلمَّا قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا بها، فصاحتْ. فوثب رجلٌ من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهودياً، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهلُ المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين" بني قينقاع".
ويكفى أن نعلم أن مجرد ضرب الوجه حرام شرعا
فلقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه ففي حديث سويد بن مقرن الصحابي أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لطم غلاماً فقال: (أو ما علمت أن الصورة محترمة) رواه مسلم.
وروى الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِذا قاتل أحدكم أخاه فليتجنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته).
ولم يظهر حرص الإسلام على كرامة مواطنيه فقط ولكن تعدى الأمر حتى بلغ الأعداء فى وقت الحرب
لنسمع ونرى ماذا يقول الاسلام
لنسمع وصايا الرسول فى حرب الأعداء ولنسمع وهو يوصي عبد الرحمن بن عوف عندما أرسله في شعبان سنة (6ه) إلى قبيلة كلب النصرانية الواقعة بدومة الجندل؛ قائلا: "اغْزوا جمِيعا فِي سبِيلِ اللهِ، فقاتلوا من كفر بالله، لا تغُلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم
وكذلك كانت وصية رسول الله للجيش المتّجه إلى معركة مؤتة؛ فقد أوصاهم قائلا: "اغزوا باسم الله فى سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثُلوا، ولا تقْتلوا وليدا، أوِ امْرأة، ولا كبِيرا فانِيا، ولا منعزِلا بِصومعة
كان النبي حريصا على أن يغرس في نفوس الصحابة خُلق الوفاء في الحرب؛ فقد كان يودع السرايا موصِيا إياهم: "ولا تغدروا..". وقد وصلت أهمية الأمر عند رسول الله أن يتبرأ من الغادرين ولو كانوا مسلمين، ولو كان المغدورُ به كافرا؛ فقد قال النبي: "من أمن رجلا على دمه فقتله، فأنا برِيء من القاتل، وإِن كان المقْتول كافرا
وأختتم حديثى يحديث خير الخلق وحبيب الحق وسيد من علم الانسانية قيمة الانسان لا لشئ ولكن لأنه إنسان
روى الإمام مسلم أن رسول اللهبعث بعثًا من المسلمين إلى قومٍ من المشركين، وأنهم التقوا، فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وأن رجلاً من المسلمين قصد غفلته قال -أي الراوي: وكنا نُحدّث أنه أسامة بن زيد- فلمّا رفع عليه السيف، قال: لا إله إلا الله. فقتله، فجاء البشير إلى النبي، فسأله فأخبره، حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع، فدعاه فسأله فقال: "لِم قتلْته؟!" قال: يا رسول الله، أوْجع في المسلمين، وقتل فلانا وفلانا. وسمّى له نفرا، وإني حملت عليه، فلما رأى السيف؛ قال: لا إله إلا الله.
قال رسول الله: "أقتلته؟!" قال: نعم. قال: "فكيف تصنع بِلا إِله إِلاّ اللّه إِذا جاءت يوم الْقِيامة؟!" قال: يا رسول الله، استغفر لي. قال: "وكيف تصنع بِلا إِله إِلا اللّه إِذا جاءت يوم الْقِيامة؟" قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: "كيْف تصنع بِلا إِله إِلاّ اللّه إِذا جاءت يوم الْقِيامة؟
دكتور / أحمد كلحى